التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان

3 - ذكر بِشَارَة كَعْب الْأَحْبَار عمر رض = بِالشَّهَادَةِ
روى أَبُو بكر الْآجُرِيّ فِي كتاب الشَّرِيعَة بِإِسْنَادِهِ عَن الْمسور بن مخرمَة عَن أمه عَاتِكَة بنت عَوْف قَالَت خرج عمر بن الْخطاب رض = يَوْمًا

(1/35)


يطوف فِي السُّوق فَلَقِيَهُ أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعدني على الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَإِن عَليّ خراجا كثيرا قَالَ فكم خراجك قَالَ دِرْهَمَانِ فِي كل يَوْم قَالَ وَأي شَيْء صناعتك قَالَ نجار نقاش حداد قَالَ مَا أرى خارجك بِكَثِير على مَا تصنع من الْأَعْمَال ثمَّ قَالَ لقد بَلغنِي أَنَّك تَقول لَو أردْت أَن أعمل رحى تطحن بِالرِّيحِ فعلت قَالَ نعم قَالَ فاعمل لي رحى قَالَ لَئِن سلمت لأعملن لَك رحى يتحدث بهَا من بالمشرق وَالْمغْرب قَالَ ثمَّ أنصرف عمر رض = إِلَى منزله فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَ كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إعهد فَإنَّك ميت فِي ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ وَمَا يدْريك قَالَ أَجِدهُ فِي = كتاب الله التَّوْرَاة قَالَ عمر رض = إِنَّك تَجِد عمر بن الْخطاب فِي التَّوْرَاة قَالَ اللَّهُمَّ لَا وَلَكِن أجد صِفَتك وحليتك وَإنَّهُ فني أَجلك قَالَ وَعمر لَا يجد وجعا وَلَا ألما قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَهُ كَعْب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهب يَوْم وَبَقِي يَوْمَانِ قَالَ ثمَّ جَاءَهُ من الْغَد فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهب يَوْمَانِ وَبَقِي يَوْم وَلَيْلَة وَهِي لَك إِلَى صبيحتها قَالَ فَلَمَّا كَانَ الصُّبْح خرج عمر بن الْخطاب إِلَى الصَّلَاة وَكَانَ يُوكل بالصفوف رجَالًا فَإِذا اسْتَووا دخل هُوَ فَكبر قَالَ وَدخل أَبُو لؤلؤة فِي النَّاس وَفِي يَده خنجر لَهُ رأسان نصابه فِي وَسطه فَضرب عمر سِتّ ضربات إِحْدَاهُنَّ تَحت سرته فَهِيَ الَّتِي قتلته فَلَمَّا وجد عمر رض = حر السِّلَاح سقط وَأمر عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فصلى بِالنَّاسِ وَعمر مطروح قَالَ ثمَّ أحتمل فَأدْخل إِلَى دَاره وَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ ثمَّ قَالَ يَا عبد الله بن عمر ائْذَنْ للنَّاس فَجعل يدْخل عَلَيْهِ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يسلمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُم أعن مَلأ مِنْكُم كَانَ هَذَا فَيَقُولُونَ معَاذ الله قَالَ وَدخل فِي النَّاس كَعْب الْأَحْبَار فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عمر رض = أنشأ يَقُول ... وواعدني كَعْب ثَلَاثًا أعدهَا ... وَلَا شكّ أَن القَوْل مَا قَالَه كَعْب ...

(1/36)


.. وَمَا بِي حذار الْمَوْت إِنِّي لمَيت ... وَلَكِن حذار الذَّنب يتبعهُ الذَّنب ...
فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لودعوت طَبِيبا فدعي طَبِيب من بني الْحَارِث ابْن كَعْب فَسَقَاهُ نبيذا فَخرج مَعَ الدَّم فسقوه لَبَنًا فَخرج أَبيض فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعهد قَالَ قد فرغت ثمَّ توفّي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لثلاث لَيَال بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ فَخَرجُوا بِهِ بكرَة الْأَرْبَعَاء فَدفن فِي بَيت عَائِشَة رض = مَعَ صَاحِبيهِ وَكَانَت ولَايَته عشر سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَإِحْدَى وَعشْرين لَيْلَة وَهُوَ إِبْنِ ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة
4 - ذكر نوح الْجِنّ على عمر رض = قَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْآجُرِيّ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس سهل بن أبي سهل الوَاسِطِيّ قَالَ حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنَا أَيُّوب عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ ناحت الْجِنّ على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فوصف ذَلِك فَقَالَ ... عَلَيْك سَلام من أَمِير وباركت ... يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق
قضيت أمورا ثمَّ غادرت بعْدهَا ... بوائج فِي أكمامها لم تفتق
فَمن يسع أَو يركب جناحي نعَامَة ... ليدرك مَا قدمت بالْأَمْس يسْبق
أبعد قَتِيل بِالْمَدِينَةِ أظلمت ... لَهُ الأَرْض يَهْتَز الْعضَاة بأسوق ...

وَفِي رِوَايَة عَن حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنَا عَاصِم بن بَهْدَلَة بِأَصْلِهِ وَزَاد فِيهِ

(1/37)


.. وَمَا كنت أخْشَى أَن تكون وَفَاته ... بكفي سبنتي أَزْرَق الْعين مطرق ...

وَفِي رِوَايَة عَن زيد الْعمي قَالَ لما مَاتَ عمر بن الْخطاب رض = سمعُوا نوح الْجِنّ عَلَيْهِ وهم يَقُولُونَ ... جزى خيرا من أَمِير وباركت ... يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق ...
وَزَاد فِي أخر هَذِه الأبيات ... فلقاك رَبِّي فِي الْجنان تَحِيَّة ... وَمن كسْوَة الفردوس لَا تتمزق ...

5 - ذكر قتل الهرمزان
روى سيف بن عمر التَّمِيمِي عَن سهل بن يُوسُف عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ لما مَاتَ عمر رض = قَامَ على النَّاس صُهَيْب فَلَمَّا جهز عمر رض = صلى عَلَيْهِ صُهَيْب وَدفن فِي بَيت عَائِشَة رض = مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر رض = وَقيل لِعبيد الله بن عمر رض = بَعْدَمَا فرغ من دفن عمر رض = قد رَأينَا أَبَا لؤلؤة والهرمزان نجيا والهرمزان يقلب هَذَا الخنجر بِيَدِهِ ومعهما جفينة وَهُوَ رجل من الْعباد جَاءَ بِهِ سعد بن أبي وَقاص رض = يعلم الْكتاب بِالْمَدِينَةِ وَابْن فَيْرُوز وَابْنَته وَكلهمْ مُشْرك إِلَّا الهرمزان فَعدا عَلَيْهِم عبيد الله بن عمر بِسيف فَقتل الهرمزان وجفينة فَنَهَاهُ النَّاس فَلم ينْتَه فَقَالُوا وَقَالَ وَالله لأقتلن من يصير هَؤُلَاءِ من جنبه فانصرفوا إِلَى صُهَيْب وَأَخْبرُوهُ فَبعث إِلَيْهِ صُهَيْب عَمْرو بن الْعَاصِ فَلم يزل بِهِ حَتَّى أعطَاهُ السَّيْف ووثب عَلَيْهِ سعد بن أبي وَقاص فتناصيا وَقَالَ قتلت جاري وأخفرتني وأتى بِهِ صهيبا فحبسه على الشورى حَتَّى دَفعه إِلَى عُثْمَان

(1/38)


يَوْم اسْتخْلف فأقاده
وروى أَيْضا عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رض = غَدَاة طعن عمر رض = قَالَ مَرَرْت على أبي لؤلؤة لَعنه الله تَعَالَى عصر أمس وَمَعَهُ جفينة والهرمزان وهم نجي فَلَمَّا رهقتهم ثَارُوا وَسقط مِنْهُم خنجر لَهُ رأسان نصابه فِي وَسطه فانظروا بِأَيّ شَيْء قتل وَقد تخَلّل أهل الْمَسْجِد وَخرج رجل من بني تَمِيم فَرجع إِلَيْهِم التَّمِيمِي وَقد كَانَ ألظ بِأبي لؤلؤة مُنْصَرفه عَن عمر رض = حَتَّى أَخذه فَقتله وَجَاء بالخنجر الَّذِي وصف عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رض = فَسمع بذلك عبيد الله فَأمْسك حَتَّى مَاتَ عمر ثمَّ أشتمل على السَّيْف فَأتى الهرمزان فَضَربهُ فَقتله فَلَمَّا عضه السَّيْف قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مضى حَتَّى أَتَى جفينة وَكَانَ نصارنيا من أهل الْحيرَة ظِئْرًا لسعد بن مَالك أقدمه الْمَدِينَة للملح الَّذِي بَينه وَبَينه ليعلم بِالْمَدِينَةِ الْكِتَابَة فَلَمَّا علاهُ بِالسَّيْفِ صلب بَين عَيْنَيْهِ وَبلغ ذَلِك صهيبا فَبعث إِلَيْهِ عَمْرو بن الْعَاصِ فَلم يزل بِهِ وَيَقُول لَهُ السَّيْف بِأبي أُمِّي حَتَّى نَاوَلَهُ إِيَّاه وثاوره سعد فَأخذ بِشعرِهِ وجاؤوا إِلَى صُهَيْب
وَعَن أبي الشَّهِيد الحَجبي عَن ابْن سابط قَالَ لما بُويِعَ عُثْمَان رض = دَعَا الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَبَدَأَ بالسابقين الْأَوَّلين فَخَطب لَهُم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّمَا أعتبر النَّاس بكم حَتَّى لَا أجد مِنْكُم أحدا فَإِن كُنْتُم على الْأَمر عرفت أَن الله فِي خلنقه نظرة وَإِن حلتم عَن الْأَمر عرفت أَن قد دُلي

(1/39)


بكم النَّاس وَعلمت كَيفَ أصنع وبمنزلتكم صالحي أهل زمَان وحكمائهم فَقولُوا فِيمَا أحدث عبيد الله بن عمر فَقَالُوا الْقود الْقود ونادى جُمْهُور النَّاس وهم من وَرَاء ذَلِك لَعَلَّكُمْ تُرِيدُونَ أَن تتبعوا عمر أبنه الله الله أبعد الله الهرمزان وجفينة فَقَالَ عُثْمَان رض = متمثلا وَلم يقل لهَؤُلَاء وَلَا لهَؤُلَاء شَيْئا
... من ذَا يندد عني النَّاس معذرة ... أَن رد جَار أبي وَهُوَ مقتول
يُنَازع اللَّيْل بالبطحاء طعمته ... يُقَال من جَار هَذَا غاله غول ...
فَتفرق النَّاس وهم موقنون بِأَن سيقيده
وَعَن سعيد بن عبد الله عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ لما ولي عُثْمَان رض = قَالَ لَهُ صُهَيْب مَا تَقول فِي عبيد الله بن عمر فتمثل بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ثمَّ حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ أَيهَا النَّاس كتاب الله بَيْنكُم فِيهِ حَلَاله وَحَرَامه فَمن أَتَى حدا من حُدُود الله فِيهِ وَالله فَتفرق النَّاس وهم على الْيَقِين من قَتله فأقاده
وَالصَّحِيح أَن عبيد الله بن عمر لم يقد مِنْهُ وَأَنه قتل يَوْم صفّين مَعَ مُعَاوِيَة كَذَا ذكره مُحَمَّد بن سعد فِي كتاب الطَّبَقَات
وَذكر أَيْضا سيف بن عمر فِي = كتاب الْفتُوح بِإِسْنَادِهِ عَن أبي مَنْصُور قَالَ سَمِعت القماذيات بن الهرمزان يحدث عَن قتل أَبِيه قَالَ قد كَانَت الْعَجم بِالْمَدِينَةِ يستروح بَعْضهَا إِلَى بعض فَمر فَيْرُوز بِأبي وَمَعَهُ خنجر لَهُ رأسان فتناوله مِنْهُ وَقَالَ مَا تصنع بِهَذَا فِي هَذِه الْبِلَاد فَقَالَ آنس بِهِ فَرَآهُ رجل فَلَمَّا أُصِيب عمر رض = قَالَ قد رَأَيْته يَعْنِي الخنجر وَهُوَ مَعَ

(1/40)


الهرمزان دَفعه إِلَى فَيْرُوز فَأقبل عبيد الله فَقتله فَلَمَّا ولي عُثْمَان رض = دَعَاني فأمكنني مِنْهُ ثمَّ قَالَ يَا بني هَذَا قَاتل أَبِيك وَأَنت أولى بِهِ منا فَاذْهَبْ بِهِ فأقلته قَالَ فخرجته بِهِ وَمَا فِي الأَرْض أحد إِلَّا معي إِلَّا أَنهم يطْلبُونَ إِلَى فِيهِ الْعَفو فَقلت لَهُم أَلِي قَتله قَالُوا نعم وَسبوا عبيد الله وَقلت أفلكم أَن تمنعوه قَالُوا لَا وَسبوا عبيد الله فتركته الله عز وَجل وَلَهُم فاحتملوني فوَاللَّه مَا بلغت الْمنزل إلاعلى رُؤُوس الرِّجَال وأكفهم فَقَالَ النَّضر بن الْحَارِث السَّهْمِي ... آلا يَا عبيد الله مَالك ملْجأ ... وَلَا مهرب إِلَّا ابْن أروى وَلَا خفر
أصبت دَمًا وَالله فِي غير كنهه ... حَرَامًا وَقتل الهرمزان لَهُ خطر
عدوت عَلَيْهِ ظَالِما فَقتلته ... بأبيض مصقول صفاصقه ذكر على غير شَيْء غير أَن قَالَ قَائِل ... أتتهمون الهرمزان على عمر فَقَالَ سَفِيه والحوادث جمة ... نعم نتهمه قد أَشَارَ وَقد أَمر
وَكَانَ سلَاح الْمَرْء فِي جَوف بَيته ... يقلبها وَالْأَمر بِالْأَمر يعْتَبر ...

وَقَالَ زِيَاد بن لبيد البياضي ... أَبَا عَمْرو عبيد الله رهن ... فَلَا تشكك بقتل الهرمزان
فَإنَّك إِن حكمت بِغَيْر حق ... فَمَا لَك بِالَّذِي حدثت يدان
كَذَلِك إِن فعلت وَذَاكَ يجْرِي ... وَأَسْبَاب الخطا فرسا رهان ...

وَعَن عبد الله بن سعيد بن ثَابت قَالَ بلغ عُثْمَان خوض النَّاس فِي

(1/41)


الهرمزان قبل أَن يُقيد عبيد الله فَقَامَ فَقَالَ أَيهَا النَّاس الْقَتْل على وَجْهَيْن وَالْإِمَام ولي قتل الْبَاغِي والعادي والمفسد دون الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَسَائِر الْإِخْوَة والأوليا وُلَاة مَا كَانَ فِي النائرة إِن شاؤوا تركُوا وَإِن شاؤوا باعوا وَإِن شاؤوا قتلوا لَيْسَ للْإِمَام إِلَّا المعونة وَحبس الْجَانِي ثمَّ دفع عبيد الله إِلَى ابْن الهرمزان
6 - ذكر مَا صنع عُثْمَان حِين اسْتخْلف وى صَاحب الْفتُوح عَن خُلَيْد بن زفر ومجالد قَالَا اسْتحْلف عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين بَين الصَّلَاتَيْنِ وَزَاد النَّاس مائَة مائَة وَهُوَ أول من زَاد النَّاس ووفد أهل الْأَمْصَار وَهُوَ أول من وفدهم وصنع فيهم الْمَعْرُوف وَعَن عَاصِم بن سُلَيْمَان عَن الشّعبِيّ قَالَ اسْتخْلف عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين فَخرج فصلى بِالنَّاسِ الْعَصْر وَزَاد ووفد فاستن بِهِ وَعَن عمر وَعَن الشّعبِيّ قَالَ اجْتمع أهل الشورى على عُثْمَان رض = لثلاث مضين من الْمحرم وَقد دخل وَقت الْعَصْر وَقد أذن مُؤذن صُهَيْب واجتمعوا بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة فَخرج فصلى بِالنَّاسِ وَزَاد النَّاس مائَة ووفد أهل الْأَمْصَار وصنع ذَلِك فيهم وَهُوَ أول من صنع ذَلِك
وَعَن الْفَيْض بن مُحَمَّد بن عون بن عبد الله بن عتبَة قَالَ خطب عُثْمَان رض = النَّاس بعد مَا بُويِعَ فَقَالَ أمابعد فَإِنِّي قد كلفت وَقد قبلت أَلا وَإِنِّي مُتبع وَلست بِمُبْتَدعٍ أَلا وَإِن لكم عَليّ بعد كتاب الله وَسنة نبيه وكرم ثَلَاثًا اتِّبَاع من كَانَ قبلي فِيمَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ وسننتم وَسن أهل الْخَيْر فِيمَا لم تسنوا عَن مَلأ والكف عَنْكُم إِلَّا فِيمَا استوجبتم الْعقُوبَة وَإِن الدُّنْيَا خضرَة وَقد شهيت إِلَى النَّاس وَمَال إِلَيْهَا كثير مِنْهُم فَلَا تركنوا إِلَى الدُّنْيَا وَلَا تثقوا بهَا فَإِنَّهَا لَيست بِثِقَة وَاعْلَمُوا أَنَّهَا غير تاركة إِلَّا من تَركهَا

(1/42)


7 - ذكر ولَايَة سعد بن أبي وَقاص رض = الْكُوفَة
عَن مجاليد عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ عمر رض = قَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي أَن يسْتَعْمل سَعْدا فَإِنِّي لم أعزله عَن سوء وَقد خشيت أَن يلْحقهُ من ذَلِك فَكَانَ أول عَامل بَعثه عُثْمَان رض = سعد بن أبي وَقاص رض = على الْكُوفَة وعزل الْمُغيرَة بن شُعْبَة والمغيرة يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فَعمل عَلَيْهَا سعد سنة وَبَعض أُخْرَى وَأقر أَبَا مُوسَى سنوات وَعَن مبشرين سَالم قَالَ كَانَ أول عَامل أستعمله عُثْمَان سعد بن أبي وَقاص رض = عَن وَصِيَّة عمر رض = فأقرهم على أَعْمَالهم وَتقدم إِلَيْهِم وحذرهم ثمَّ ان عُمَيْر بن سعد طعن فَصَارَت طعنته ترى فِيهِ فأضني مِنْهَا فاستعفى عُثْمَان رض = واستأذنه فِي الرُّجُوع إِلَى أَهله فَأذن لَهُ وَضم حمص وقنسرين إِلَى مُعَاوِيَة رض = وَعَن أبي حَارِثَة وَأبي عُثْمَان عَن خَالِد بن معدان قَالَ لما ولي عُثْمَان رض = أقرّ عُمَّال عمر رض = على الشَّام فَلَمَّا مَاتَ عبد الرَّحْمَن ابْن عَلْقَمَة الْكِنَانِي وَكَانَ على فلسطين ضم عمله إِلَى مُعَاوِيَة وَمرض عُمَيْر بن سعد فِي إِمَارَة عُثْمَان رض = مَرضا فطال بِهِ فاستعفا وأستأذنه فَأذن لَهُ وَضم عمله إِلَى مُعَاوِيَة فَاجْتمع الشَّام على مُعَاوِيَة لِسنتَيْنِ من أَمارَة عُثْمَان رض = وَكَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ على مصر زمَان عمر رض = مجتمعة لَهُ فأقره عُثْمَان رض = صدر إمارته
8 - ذكر وُلَاة خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر
عَن مُحَمَّد وَطَلْحَة بإسنادهما قَالَا لما ولي عُثْمَان رض = عزل الْمُغيرَة عَن الْكُوفَة وَأمر سعد بن أبي وَقاص رض = وَأقر أَبَا مُوسَى وَبعث

(1/43)


على خُرَاسَان عمر بن عُثْمَان بن سعد فَلم يدع كورة دون النَّهر إِلَّا ونالها بعد الْأَحْنَف وَصَالح من لم يجب الْأَحْنَف وَأمر النَّاس بعبور النَّهر فَصَالحه من وَرَاء النَّهر وَكَانَ صلحهم مِمَّا جرى على يَد عُثْمَان رض = وَبعث عبد الله ابْن عَامر إِلَى كَابر وَهِي عمالة سجستان فَبلغ كابل حَتَّى استفرعها وَكَانَت عمالة سجستان أعظم من خُرَاسَان حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَة
9 - كتب عُثْمَان فِي أول خِلَافَته
وَكَانَ أول = كتاب كتبه عُثْمَان رض = إِلَى عماله أما بعد فَإِن الله أَمر الْأَئِمَّة أَن يَكُونُوا رُعَاة وَلم يتَقَدَّم إِلَيْهِم فِي أَن يَكُونُوا جباة وَإِن صدر هَذِه الْأمة خلقُوا رُعَاة وَلم يخلقوا جباة وليوشكن أئمتكم أَن يصيروا جباة فَلَا يَكُونُوا رُعَاة فَإِذا أعادوا كَذَلِك أتقطع الْحيَاء وَالْأَمَانَة وَالْوَفَاء أَلا وَإِن أعدل السِّيرَة أَن تنظروا فِي أُمُور الْمُسلمين وَفِيمَا عَلَيْهِم فتعطفوهم مَالهم وتأخذوهم بماعليهم ثمَّ تثنوا بِأَهْل الذِّمَّة فتعطوهم الَّذِي لَهُم وتأخذوهم بِالَّذِي عَلَيْهِم الْعَدو الَّذِي تنتابون فاستفتحوا عَلَيْهِم بِالْوَفَاءِ
وَكَانَ أول كتاب كتبه إِلَى أُمَرَاء الْجنُود فِي الْفروج أما بعد فَإِنَّكُم حماة الْمُسلمين وذادتهم وَقد وضع لكم عمر رض = مالم يغب عَنَّا بل كَانَ عَن مَلأ منا وَلَا يبلغنِي عَن أحد مِنْكُم تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل فيغير الله مَا بكم ويستبدل بكم غَيْركُمْ فانظروا كَيفَ تَكُونُونَ فَإِنِّي أنظر فِيمَا الزمني الله النّظر فِيهِ وَالْقِيَام عَلَيْهِ

(1/44)


وَكَانَ أول كتاب كتبه عُثْمَان رض = إِلَى عُمَّال الْخراج أما بعد فَإِن الله خلق الْخلق بِالْحَقِّ وَلَا يقبل إِلَّا الْحق خُذُوا الْحق وأعطوا بِهِ وَالْأَمَانَة الْأَمَانَة قومُوا عَلَيْهَا وَلَا تَكُونُوا أول من يسلبها فتكونوا شُرَكَاء من بعدكم إِلَى مَا إكسبتم وَالْوَفَاء الْوَفَاء وَلَا تظلموا الْيَتِيم وَلَا الْمعَاهد فَإِن الله وَرَسُوله خصم لمن ظلمهم
وَكَانَ كِتَابه إِلَى الْعَامَّة أما بعد فَإِنَّكُم إِنَّمَا بَلغْتُمْ مَا بَلغْتُمْ بالاقتداء والأتباع فَلَا تلفتكم الدُّنْيَا عَن أَمركُم فَإِن أَمر هَذِه الْأمة صائر إِلَى الابتداع بعد إجتماع ثَلَاث فِيكُم تَكَامل النعم وبلوغ أَوْلَادكُم من السبايا وَقِرَاءَة الْأَعْرَاب والأعاجم الْقرَان فَإِن رَسُول الله قَالَ {الْكفْر فِي العجمة فَإِذا استعجم عَلَيْهِم أَمر تكلفوا وابتدعوا} وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رض = إِن أَمر بني إِسْرَائِيل لم يزل معتدلا حَتَّى كثر فيهم المولودون أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم فَقَالُوا فيهم بِالرَّأْيِ فضلوا وَضَلُّوا بني إِسْرَائِيل
وَعَن عَاصِم بن سُلَيْمَان عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ أول خَليفَة زَاد فِي أعطيات النَّاس مائَة عُثْمَان رض = فجرت وَكَانَ عمر رض = فرض لكل نفس منفوسة من أهل الْفَيْء فِي رَمَضَان درهما فِي كل يَوْم وَفرض لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِرْهَمَيْنِ فَقيل لَهُ لَو وضعت لَهُم طَعَاما وجمعتهم عَلَيْهِ فَقَالَ أشبعوا النَّاس فِي بُيُوتهم فاقر عُثْمَان رض = الَّذِي كَانَ عمر رض = صنعه وَزَاد فَوضع طَعَاما فِي رَمَضَان فَقَالَ للمتعبد الَّذِي يتَخَلَّف فِي الْمَسْجِد وَلابْن السَّبِيل والمعترين بِالنَّاسِ فِي رَمَضَان

(1/45)


10 - ذكر اتِّخَاذ عُثْمَان رض = دور الضِّيَافَة بِالْكُوفَةِ
عَن النَّضر بن قَاسم عَن عون بن عبد الله قَالَ كَانَ مِمَّا أحدث عُثْمَان رض = بِالْكُوفَةِ إِلَى مَا كَانَ من الْخَيْر أَنه بلغه أَن أَبَا السماك الْأَسدي فِي نفر من أهل الْكُوفَة يُنَادي مُنَاد لَهُم إِذا قدم الميار من كَانَ هَهُنَا من كلب أَو بني فلَان وَلَيْسَ لقومهم بهَا منزل فمنزله على أبي فلَان فَاتخذ مَوضِع دَار أبي عقيل دَار الضيفان وَدَار غبن هَبَّار مُؤخر الْمَسْجِد وَكَانَ منزل عبد الله بن مَسْعُود رض = فِي هُذَيْل فِي مَوضِع الزِّيَادَة الْيَوْم بَين ثَقِيف والزياتين فتباعد عَلَيْهِ فَاسْتَأْذن فِي مَوضِع دَاره وَقَالَ أَنا من أضياف الْمُسلمين فَنزل مَوضِع دَاره وَترك دَاره دَار الضِّيَافَة وَكَانَ الأضياف ينزلون دَاره فِي هُذَيْل إِذا ضَاقَ عَلَيْهِم مَا حول الْمَسْجِد وَعَن المغير بن مقسم عَمَّن أدْرك من عُلَمَاء أهل الْكُوفَة أَن أَبَا سماك كَانَ يُنَادي مناديه فِي السُّوق والكناسة من كَانَ هَهُنَا من بني فلَان وَفُلَان مِمَّن لَيست لَهُ بهَا خطة فمنزله على أبي سماك فَاتخذ عُثْمَان رض = للأضياف منَازِل /

(1/46)