فضائل الصحابة للنسائي

مَنَاقِب فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنْهَا

260 - أخبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء بن دِينَار قَالَ حَدثنِي زيد بن حباب قَالَ حَدثنِي إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن ميسرَة ابْن حبيب النَّهْدِيّ عَن الْمنْهَال بن عَمْرو الْأَسدي عَن زر بن حُبَيْش عَن حُذَيْفَة هُوَ ابْن الْيَمَان أَن أمه قَالَت لَهُ مَتى عَهْدك برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا لي بِهِ عهد مُنْذُ كَذَا فهمت أَن تنَال مني فَقلت دعيني فَإِنِّي أذهب فَلَا أَدَعهُ حَتَّى يسْتَغْفر لي ويستغفر لَك وَصليت مَعَه الْمغرب ثمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى صلى الْعشَاء ثمَّ خرج فَخرجت مَعَه فَإِذا عَارض قد عرض لَهُ ثمَّ ذهب فرآني فَقَالَ حُذَيْفَة فَقلت لبيْك يَا رَسُول الله هَل رَأَيْت الْعَارِض الَّذِي عرض لي قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ ملك من الْمَلَائِكَة اسْتَأْذن ربه ليسلم عَليّ وليبشرني أَن الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب الْجنَّة وَأَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيدة نسَاء أهل الْجنَّة
261 - أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ أَنا عبد الْوَهَّاب قَالَ أَنا مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَت فَاطِمَة فأكبت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسارها فَبَكَتْ ثمَّ أكبت عَلَيْهِ فسارها فَضَحكت فَلَمَّا توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلتهَا فَقَالَت لما أكبت عَلَيْهِ أَخْبرنِي أَنه ميت من وَجَعه ذَلِك فَبَكَيْت ثمَّ أكبيت عَلَيْهِ فَأَخْبرنِي أَنِّي أسْرع أَهله بِهِ لُحُوقا وَأَنِّي سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان فَرفعت رَأْسِي فَضَحكت

(1/76)


262 - أَخْبرنِي مُحَمَّد بن رَافع قَالَ أَنا سُلَيْمَان بن دَاوُود قَالَ أَنا إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا فَاطِمَة ابْنَته فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فسارها بِشَيْء فَبَكَتْ ثمَّ دَعَاهَا فسارها فَضَحكت قَالَت فسألتها عَن ذَلِك فَقَالَت أَخْبرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يقبض فِي وَجَعه هَذَا فَبَكَيْت ثمَّ أَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله لحَاقًا بِهِ فَضَحكت
263 - أخبرنَا عَليّ بن حجر قَالَ أَنا سَعْدَان بن يحيى عَن زَكَرِيَّا عَن فراس عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت اجْتمع نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم تغادر مِنْهُنَّ امْرَأَة قَالَت فَجَاءَت فَاطِمَة تمشي كَأَن مشيتهَا مشْيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله مرْحَبًا بِابْنَتي ثمَّ أَجْلِسهَا فَأسر إِلَيْهَا حَدِيثا فَبَكَتْ فَقلت حِين بَكت خصك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحَديثه دُوننَا ثمَّ تبكين ثمَّ أسر إِلَيْهَا حَدِيثا فَضَحكت فَقلت مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ فَرحا قطّ أقرب من حزن فسألتها عَمَّا قَالَ لَهَا فَقَالَت مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا قبض سَأَلتهَا فَقَالَت إِنَّه كَانَ حَدثنِي قَالَ كَانَ جِبْرِيل يعارضني كل عَام مرّة وَإنَّهُ عارضني الْعَام مرَّتَيْنِ وَلَا أَرَانِي إِلَّا وَقد حضر أَجلي وَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي وَنعم السّلف أَنا لَك فَبَكَيْت ثمَّ إِنَّه سَارَّنِي أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ أَو نسَاء هَذِه الْأمة قَالَت فَضَحكت لذَلِك
264 - أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ أَنا عُثْمَان بن عمر قَالَ أَنا إِسْرَائِيل عَن ميسرَة بن حبيب عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن عَائِشَة بنت طَلْحَة

(1/77)


أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت مَا رَأَيْت أحدا أشبه سمتا وهديا ودلا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قِيَامهَا وقعودها من فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت وَكَانَت إِذا دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ إِلَيْهَا وَقبلهَا وأجلسها فِي مَجْلِسه وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل عَلَيْهَا قَامَت من مجلسها فقبلته وأجلسته فِي مجلسها فَلَمَّا مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلت فَاطِمَة فأكبت عَلَيْهِ وقبلته ثمَّ رفعت رَأسهَا فَبَكَتْ ثمَّ أكبت عَلَيْهِ ثمَّ رفعت رَأسهَا فَضَحكت فَقلت إِن كنت لأَظُن أَن هَذِه من أَعقل النِّسَاء فَإِذا هِيَ من النِّسَاء فَلَمَّا توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت أَرَأَيْت حِين أكبيت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفعت رَأسك فَبَكَيْت ثمَّ أكبيت عَلَيْهِ فَرفعت فَضَحكت مَا حملك على ذَلِك قَالَت أَخْبرنِي تَعْنِي أَنه ميت من وَجَعه هَذَا فَبَكَيْت ثمَّ أَخْبرنِي أَنِّي أسْرع أهل بَيْتِي لُحُوقا بِهِ فَذَلِك حِين ضحِكت
265 - أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ أَنا اللَّيْث عَن ابْن أبي مليكَة عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أما فَاطِمَة بضعَة مني يريبني مَا أرابها وَيُؤْذِينِي مَا أذاها
266 - الْحَارِث بن مِسْكين قِرَاءَة عَلَيْهِ عَن سُفْيَان عَن عَمْرو ابْن أبي مليكَة عَن الْمسور بن مخرمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن فَاطِمَة بضعَة مني من أغضبها أَغْضَبَنِي
267 - أخبرنَا عبيد الله بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن سعد قَالَ أَنا عمي قَالَ أَنا أبي عَن الْوَلِيد بن كثير عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة أَنه حَدثهُ أَن ابْن شهَاب حَدثهُ أَن عَليّ بن حُسَيْن حَدثهُ أَن الْمسور ابْن مخرمَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب وَأَنا يَوْمئِذٍ محتلم إِن فَاطِمَة مني

(1/78)


سارة رَضِي الله عَنْهَا

268 - أخبرنَا عمرَان بن بكار قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَيَّاش قَالَ ثَنَا شُعَيْب قَالَ حَدثنِي أَبُو الزِّنَاد مِمَّا حَدثهُ عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج مِمَّا ذكر أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَاجر إِبْرَاهِيم بسارة فَدخل بهَا قَرْيَة فِيهَا ملك من الْمُلُوك أَو جَبَّار من الْجَبَابِرَة فَقيل دخل إِبْرَاهِيم اللَّيْلَة بِامْرَأَة هِيَ أحسن النِّسَاء فَأرْسل إِلَيْهِ أَن يَا إِبْرَاهِيم من هَذِه الَّتِي مَعَك قَالَ أُخْتِي ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ لَا تكذبِينِي قد أَخْبَرتهم أَنَّك أُخْتِي فوَاللَّه إِن على الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك فَأرْسل إِلَيْهِ أَن أرسل بهَا فَأرْسل بهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي فَقَالَت اللَّهُمَّ إِن كنت آمَنت بك وبرسولك وأحصنت فَرجي إِلَّا على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ هَذَا الْكَافِر فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ
قَالَ عبد الرَّحْمَن قَالَ أَبُو سَلمَة إِن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَت اللَّهُمَّ إِنَّه إِن يمت يقل هِيَ قتلته فَأرْسل ثمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي وَتقول اللَّهُمَّ إِن كنت آمَنت بك وبرسولك وأحصنت فَرجي إِلَّا على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ هَذَا الْكَافِر فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ قَالَ عبد الرَّحْمَن قَالَ أَبُو سَلمَة إِن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَت اللَّهُمَّ إِن يمت يُقَال هِيَ قتلته فَأرْسل فِي الثَّانِيَة وَفِي الثَّالِثَة فَقَالَ وَالله مَا أرسلتم إِلَيّ إِلَّا شَيْطَانا ارْجعُوا إِلَى إِبْرَاهِيم وأعطوها آجر فَرجع إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَت أشعرت أَن الله كبت الْكَافِر وَأَخْدَم وليدة
269 - أخبرنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى قَالَ أَنا أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن إِبْرَاهِيم لم يكذب إِلَّا فِي ثَلَاث ثِنْتَيْنِ فِي ذَات الله قَوْله إِنِّي سقيم

(1/79)


وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا قَالَ وبينما هُوَ يسير فِي أَرض جَبَّار من الْجَبَابِرَة إِذْ نزل منزلا فَأتى الْجَبَّار رجل فَقَالَ إِنَّه قد نزل هَا هُنَا فِي أَرْضك رجل مَعَه امْرَأَة من أحسن النَّاس فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذِه الْمَرْأَة مِنْك قَالَ هِيَ أُخْتِي قَالَ اذْهَبْ فَأرْسل لَهَا قَالَ فَانْطَلق إِلَى سارة فَقَالَ لَهَا إِن هَذَا الْجَبَّار سَأَلَني عَنْك فَأَخْبَرته أَنَّك أُخْتِي فَلَا تكذبِينِي عِنْده فَإنَّك أُخْتِي فِي كتاب الله عز وَجل وَإنَّهُ لَيْسَ فِي الأَرْض مُسلم غَيْرِي وَغَيْرك فَانْطَلق بهَا وَقَامَ إِبْرَاهِيم يُصَلِّي فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ فرآها أَهْوى إِلَيْهَا فَتَنَاولهَا فَأخذ أخذا شَدِيدا فَقَالَ ادْع الله لي وَلَا أَضرّك فدعَتْ لَهُ فَأرْسل فَأَهوى إِلَيْهَا فَتَنَاولهَا فَأخذ بِمِثْلِهَا أَو أَشد مِنْهَا ثمَّ فعل ذَلِك الثَّالِثَة فَأخذ فَذكر مثل الْمَرَّتَيْنِ الْأَوليين وكف فَقَالَ ادْع الله لي وَلَا أَضرّك فدعَتْ لَهُ فَأرْسل ثمَّ دعى أدنى حجابه فَقَالَ إِنَّك لم تأتني بِإِنْسَان وَلَكِنَّك أتيتني بِشَيْطَان أخرجهَا واعط هَاجر قَالَ فَخرجت وَأعْطيت هَاجر فَأَقْبَلت فَلَمَّا أحس إِبْرَاهِيم بمجيئها انْفَتَلَ من صلَاته فَقَالَ مَهيم فَقَالَت قد كفى الله كيد الْكَافِر وَأخذ مني هَاجر
وَقفه عبد الله بن عَمْرو
270 - أخبرنَا سُلَيْمَان بن سلم قَالَ أَنا النَّضر قَالَ أَنا ابْن عون عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لم يكذب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قطّ إِلَّا ثَلَاث كذبات ثِنْتَانِ فِي ذَات الله {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم} وَقَوله فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} قَالَ وأتى عَليّ ملك من بعض ملك الْمُلُوك وَمَعَهُ امْرَأَة فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأخْبرهُ أَنَّهَا أُخْته قَالَ قل لَهَا تَأتِينِي أَو مرها أَن تَأتِينِي فَأَتَاهَا فَقَالَ لَهَا أَن هَذَا قد سَأَلَني عَنْك وَإِنِّي أخْبرته أَنَّك أُخْتِي فِي كتاب الله عز وَجل وَإنَّهُ لَيْسَ على الأَرْض مُؤمن وَلَا مُؤمنَة غَيْرِي وَغَيْرك وَإنَّهُ قد أَمرك أَن تَأتيه قَالَ فَأَتَت فَنظر إِلَيْهَا فضغط فَقَالَ ادْع لي وَلَك أَن لَا أَعُود قَالَ فخلي عَنهُ فَعَاد قَالَ فضغط مثلهَا أَو أَشد

(1/80)


قَالَ ادْع لي وَلَك أَلا أَعُود قَالَ فخلي عَنهُ فَأمر لَهَا بِطَعَام وأخدمها جَارِيَة يُقَال لَهَا هَاجر فَلَمَّا أَتَت إِبْرَاهِيم قَالَ مَهيم فَقَالَت كفى الله كيد الْكَافِر الْفَاجِر وَأَخْدَم جَارِيَة
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة تِلْكَ أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء وَمد بهَا ابْن عون صَوته
هَاجر رَضِي الله عَنْهَا

271 - أخبرنَا أَحْمد بن سعيد قَالَ أَنا وهب بن جرير قَالَ أَنا أبي عَن أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جِبْرِيل حِين ركض زَمْزَم بعقبه فنبع المَاء فَجعلت هَاجر تجمع الْبَطْحَاء حول المَاء لِئَلَّا يتفرق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله هَاجر لَو تركتهَا لكَانَتْ عينا معينا
272 - أخبرنَا أَبُو دَاوُود قَالَ أَنا عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ أَنا وهب بن جرير قَالَ ثَنَا أبي قَالَ سَمِعت أَيُّوب يحدث عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نزل جِبْرِيل إِلَى هَاجر وَإِسْمَاعِيل فركض عَلَيْهِ مَوضِع زَمْزَم بعقبه فنبع المَاء قَالَ فَجعلت هَاجر تجمع الْبَطْحَاء حوله لَا يتفرق المَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله هَاجر لَو تَركهَا كَانَ عينا معينا
قَالَ فَقلت لأبي حَمَّاد لَا يذكر أبي بن كَعْب وَلَا يرفعهُ قَالَ أَنا أحفظ لذا هَكَذَا حَدثنِي بِهِ أَيُّوب قَالَ وهب وَحدثنَا حَمَّاد ابْن زيد عَن أَيُّوب عَن عبد الله بن سعيد بن جُبَير عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس نَحوه وَلم يذكر أَبَيَا وَلَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وهب فَأتيت سَلام بن أبي مُطِيع فَحَدثني هَذَا الحَدِيث فروى لَهُ عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن عبد الله بن سعيد بن جُبَير فَرد ذَلِك ردا شَدِيدا ثمَّ قَالَ لي

(1/81)


فأبوك مَا يَقُول قلت أبي يَقُول أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير قَالَ الْعجب وَالله مَا يزَال الرجل من أَصْحَابنَا الْحَافِظ قد غلط إِنَّمَا هُوَ أَيُّوب عَن عِكْرِمَة بن خَالِد
هَاجر رَضِي الله عَنْهَا

273 - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَ أَنا مُحَمَّد بن ثَوْر عَن معمر عَن أَيُّوب وَكثير بن كثير بن عبد الْمطلب بن أبي ودَاعَة يزِيد أَحدهمَا على الآخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ ابْن عَبَّاس أول مَا اتخذ النِّسَاء الْمنطق من قبل أم إِسْمَاعِيل اتَّخذت منطقا لتعفي أَثَرهَا على سارة ثمَّ جَاءَ بهَا إِبْرَاهِيم وَابْنهَا إِسْمَاعِيل وَهِي ترْضع حَتَّى وَضعهَا عِنْد الْبَيْت وَلَيْسَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أحد وَلَيْسَ بهَا مَاء فوضعها هُنَالك وَوضع عِنْدهَا جرابا فِيهِ تمر وسقاء فِيهِ مَاء ثمَّ قفى إِبْرَاهِيم فاتبعته أم إِسْمَاعِيل فَقَالَت يَا إِبْرَاهِيم أَيْن تذْهب وتتركنا بِهَذَا الْوَادي الَّذِي لَيْسَ بِهِ أنيس وَلَا شَيْء فَقَالَت لَهُ ذَلِك مرَارًا وَجعل لَا يلْتَفت إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ آللَّهُ أَمرك بِهَذَا قَالَ نعم قَالَت إِذا لَا يضيعنا ثمَّ رجعت فَانْطَلق إِبْرَاهِيم اسْتقْبل بِوَجْهِهِ الْبَيْت ثمَّ دَعَا بهؤلاء الدَّعْوَات وَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم إِلَى لَعَلَّهُم يشكرون فَجعلت أم إِسْمَاعِيل ترْضع إِسْمَاعِيل وتشرب ذَلِك المَاء حَتَّى إِذا نفذ مَا فِي ذَلِك السقاء عطشت وعطش ابْنهَا وجاع وَانْطَلَقت كَرَاهِيَة أَن تنظر إِلَيْهِ فَوجدت الصَّفَا أقرب جبل يَليهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ واستقبلت الْوَادي هَل ترى أحدا فَلم تَرَ أحدا فَهَبَطت من الصَّفَا حَتَّى إِذا بلغت الْوَادي رفعت طرف درعها ثمَّ سعت سعي المجهد ثمَّ أَتَت الْمَرْوَة فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنظرت هَل ترى أحدا فَلم تَرَ أحدا فعلت ذَلِك سبع مَرَّات قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلذَلِك سعى النَّاس بَينهمَا فَلَمَّا نزلت عَن الْمَرْوَة سَمِعت صَوتا فَقَالَت صه تُرِيدُ نَفسهَا ثمَّ تسمعت فَسمِعت أَيْضا قَالَت قد أسمعت إِن كَانَ عنْدك غوث فَإِذا هِيَ بِالْملكِ عِنْد مَوضِع زَمْزَم يبْحَث بعقبه أَو بجناحه

(1/82)


حَتَّى ظهر المَاء فَجَاءَت تحوضه هَكَذَا وَتقول بِيَدِهَا وَجعلت يَعْنِي تغرف من المَاء فِي سقائها وَهُوَ يفور بِقدر مَا تغرف
قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرحم الله أم إِسْمَاعِيل لَو تركت زَمْزَم أَو قَالَ لَو لم تغترف من المَاء لكَانَتْ عينا معينا فَشَرِبت وأرضعت وَلَدهَا فَقَالَ الْملك لَا تخافي الضَّيْعَة فَإِن هَاهُنَا بَيت الله يبنيه هَذَا الْغُلَام وَأَبوهُ وَإِن الله لَا يضيع أَهله وَكَانَ الْبَيْت مرتفعا من الأَرْض كالرابية تَأتيه السُّيُول عَن يَمِينه وشماله فَكَانُوا كَذَلِك حَتَّى مرت رفْقَة أَو قَالَ بَيت من جرهم مُقْبِلين فنزلوا فِي أَسْفَل مَكَّة فَرَأَوْا طائرا عارضا فَقَالُوا إِن هَذَا الطَّائِر ليدور على مَاء ولعهدنا بِهَذَا الْوَادي وَمَا فِيهِ مَاء فأرسلوا فَإِذا هم بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبرُوهُمْ بِالْمَاءِ وَأم إِسْمَاعِيل عِنْد المَاء فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لنا أَن ننزل عنْدك قَالَت نعم وَلَا حق لكم فِي المَاء
قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألفى ذَلِك أم إِسْمَاعِيل وَهِي تحب الْإِنْس فنزلوا وَأَرْسلُوا إِلَى أَهَالِيهمْ فنزلوا مَعَهم وشب الْغُلَام وَتعلم الْعَرَبيَّة مِنْهُم وأعجبهم حِين شب فَلَمَّا أدْرك زوجوه امْرَأَة مِنْهُم وَمَاتَتْ أم إِسْمَاعِيل
274 - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ أَنا أَبُو عَامر وَعُثْمَان بن عمر عَن إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن كثير بن كثير عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ بَين إِبْرَاهِيم وَبَين أَهله مَا كَانَ خرج هُوَ وَإِسْمَاعِيل وَأم إِسْمَاعِيل وَمَعَهُمْ شنة يَعْنِي فِيهَا مَاء فَجعلت تشرب المَاء ويدر لَبنهَا على صبيها حَتَّى إِذا دخلُوا مَكَّة وَضعهَا تَحت دوحة ثمَّ تولى رَاجعا وتتبع أم إِسْمَاعِيل أَثَره حَتَّى إِذا بلغت كدا نادته يَا إِبْرَاهِيم إِلَى من تتركنا قَالَ أَبُو عَامر إِلَى من تكلنا قَالَ إِلَى الله عز وَجل قَالَت رضيت بِاللَّه ثمَّ رجعت فَجعلت تشرب مِنْهَا ويدر لَبنهَا على صبيها فَلَمَّا فني بلغ من الصَّبِي الْعَطش قَالَ لَو ذهبت

(1/83)


فَنَظَرت لعَلي أحس أحدا فَقَامَتْ على الصَّفَا فَإِذا هِيَ لَا تحس أحدا فَنزلت فَلَمَّا حاذت بالوادي رفعت إزَارهَا ثمَّ سعت حَتَّى تَأتي الْمَرْوَة فَنَظَرت فَلم تحس أحدا فَفعلت ذَلِك أشواطا ثمَّ قَالَت لَو اطَّلَعت حَتَّى أنظر مَا فعل فَإِذا هُوَ على حَاله فَأَبت نَفسهَا حَتَّى رجعت لَعَلَّهَا تحس أحدا فصنعت ذَلِك حَتَّى أتمت سبعا ثمَّ قَالَت لَو اطَّلَعت حَتَّى أنظر مَا فعل فَإِذا هُوَ على حَاله وَإِذا هِيَ تسمع صَوتا فَقَالَت قد سَمِعت فَقل تجب أَو يَأْتِي مِنْك خير قَالَ أَبُو عَامر قد سَمِعت فأغث فَإِذا هُوَ جِبْرِيل فركض بقدميه فنبع فَذَهَبت أم إِسْمَاعِيل تحفر
قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو تركت أم إِسْمَاعِيل المَاء كَانَ ظَاهرا فَمر نَاس من جرهم فَإِذا هم بالطير فَقَالُوا مَا يكون هَذَا الطير إِلَّا على مَاء فأرسلوا رسولهم وكريهم فَجَاءُوا إِلَيْهَا فَقَالُوا أَلا نَكُون مَعَك قَالَت بلَى فسكنوا مَعهَا وَتزَوج إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة مِنْهُم ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدا لَهُ قَالَ إِنِّي مطلع تركتي فجَاء فَسَأَلَ عَن إِسْمَاعِيل أَيْن هُوَ فَقَالُوا يصيد وَلم يعرضُوا عَلَيْهِ شَيْئا قَالَ إِذا جَاءَ فَقولُوا لَهُ يُغير عتبَة بَيته فجَاء فَأَخْبَرته فَقَالَ أَنْت ذَلِك فانطلقي إِلَى أهلك ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدا لَهُ فَقَالَ إِنِّي مطلع تركتي فجَاء أهل إِسْمَاعِيل فَقَالَ أَيْن هُوَ قَالُوا ذهب يصيد وَقَالُوا لَهُ إنزل فاطعم واشرب قَالَ وَمَا طَعَامكُمْ وشرابكم قَالُوا طعامنا اللَّحْم وشرابنا المَاء قَالَ اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي طعامهم وشرابهم قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تزَال فِيهِ بركَة بدعوة إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدا لَهُ فَقَالَ إِنِّي مطلع تركتي فجَاء فَإِذا إِسْمَاعِيل وَرَاء زَمْزَم يصلح نبْلًا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيل إِن رَبك عز وَجل قد أَمرنِي أَن أبني لَهُ بَيْتا قَالَ أطع رَبك قَالَ وَقد أَمرنِي أَن تعينني عَلَيْهِ قَالَ فَجعل إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يناول إِبْرَاهِيم الْحِجَارَة ويقولان رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم فَلَمَّا أَن رفع الْبُنيان وَضعف الشَّيْخ عَن رفع الْحِجَارَة فَقَامَ على الْمقَام وَجعل إِسْمَاعِيل يناوله الْحِجَارَة ويقولان رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم

(1/84)