السير لأبي إسحاق الفزاري

بَابُ الرِّكَازِ يُصَابُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَالدَّوَابُّ

19 - قُلْتُ: فَمَا أُصِيبَ بَيْنَ الْمِصِّيصَةِ إِلَى دَرْبِ الرُّومِ مِنْ هَذَا وَنَحْوِهِ، وَالْفُسَيْفِسَاءُ وَالرُّخَامُ وَالرَّصَاصُ وَالْحَدِيدُ؟ قَالَ: مَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَغْلَبُ، مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا ثَمَنَ لَهُ، وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ أَحَدٌ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ لَا خُمُسَ عَلَيْهِ فِيهِ، إِنْ أَصَابَهُ وَحْدَهُ، أَوْ كَانَ مَعَ جَيْشٍ قُلْتُ: إِنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ عَلَيْهِ أَغْلَبُ، وَهُوَ مَعَ الْجَيْشِ، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُمْ ثَمَنٌ، وَإِنْ جَاءَ بِهِ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ. قَالَ: لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَصَابَ حَجَرًا، لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، فَبَاعَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطَبِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنَ الْعُمُدِ مِنَ الرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ، قَدْ ظَهَرَ بَعْضُهُ؟ قَالَ: مَا كَانَ مِنْهُ يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ فَلَيْسَ بِرِكَازٍ.

20 - قُلْتُ: الْمُعَاهَدُ يَجِدُ الرِّكَازَ؟ قَالَ: هُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ

(1/109)


21 - قُلْتُ: فَالْمَرْأَةُ وَالْغُلَامُ؟ قَالَ: هُوَ لَهُمَا بَعْدَ الْخُمُسِ قُلْتُ: فَالْعَبْدُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ، إِلَّا أَنْ يُرْضِخَ لَهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ لَهُ، لَكَانَ لِمَوْلَاهُ، وَلَيْسَ مَوْلَاهُ وَجَدَهُ. قُلْتُ: فَلَوْ قُلْتُ لِعَبْدِي: احْتَفِرْ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَجِدَ رِكَازًا، فَاحْتَفَرَ، فَوَجَدَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَا وَجَدَ لَكَ قُلْتُ فَإِنِ اسْتَأْجَرْتُ رَجُلًا يَحْفِرُ لِي فِي دَارِي فَوَجَدَ كَنْزًا؟ قَالَ: هُوَ لَهُ قُلْتُ: فَإِنْ قُلْتُ لَهُ: أَسْتَأْجِرُكَ تَحْفِرُ لِي هَاهُنَا رَجَاءَ أَنْ أَجِدَ كَنْزًا، وَسَمَّيْتُ لَهُ؟ قَالَ: يَكُونُ لَهُ أَجْرُهُ، وَلَكَ مَا وَجَدَ قُلْتُ: فَإِنْ قُلْتُ لَهُ: أَسْتَأْجِرُكَ تَحْفِرُ لِي فِي دَارِي عَلَى أَنْ مَا وَجَدْتَ فَهُوَ لِي؟ قَالَ: يَكُونُ لَكَ قُلْتُ: اسْتَعَنْتُ رَجُلًا يَحْفِرُ لِي فِي دَارِي فَوَجَدَ رِكَازًا؟ قَالَ: هُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ

22 - قِيلَ لَهُ: الْقَوْمُ يَأْتُونَ فَيَجِدُ الرَّجُلُ الرِّكَازَ فِيهَا؟ قَالَ: يُؤْخَذُ خُمْسُهُ، فَيَكُونُ نِصْفُهُ لَهُمْ، وَنِصْفُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ: وَبَقِيَّتُهُ لِمَنْ وَجَدُوهُ وَبَيْنَ الْجَيْشِ.

23 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنِ الْمُعَاهِدِ يَجِدُ الرِّكَازَ؟ قَالَ: هُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ

(1/110)


24 - قُلْتُ: فَالْعَبْدُ؟ قَالَ: لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عُمَرُ شَيْئًا قُلْتُ: فَالْغُلَامُ وَالْمَرْأَةُ؟ فَلَمْ يَرَ لَهُمَا شَيْئًا قُلْتُ: فَإِنِ اسْتَأْجَرْتَ رَجُلًا أَوِ اسْتَعَنْتَهَ يَحْفِرُ لَكَ فِي دَارِكَ، فَوَجَدَ رِكَازًا فَهُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ ,

25 - قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: أَرَأَيْتَ أَرْضَ الْمِصِّيصَةِ، وَقَطَائِعَ السُّلْطَانِ بِهَا، يُقْطِعُهُمْ أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ؟ قَالَ: أَمَّا فِي الْمَدِينَةِ لِمَنَازِلِهِمْ، فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا؛ وَأَمَّا أَرْضُ الْمَزَارِعِ، فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَلِي ذَلِكَ قُلْتُ: فَأَمِيرُ الْمِصِّيصَةِ يُقْطِعُ فِي الْمَدِينَةِ الْمَنَازِلَ؟ قَالَ: هَذَا أَضْعَفُ قُلْتُ: مَا حَالُ مَزَارِعِهِمْ، وَمَا أَحْيَوْهُ مِنْ أَرْضٍ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ بِهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ رَأَيْتُ أَنْ تُدْفَعَ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا، فَالْعُشْرُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ.

26 - وَلَيْسَ بِالْمِصِّيصَةِ، وَلَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَوَاتٌ يُحْيَى، إِنَّمَا الْمَوَاتُ فِي بِلَادِ الْأَعْرَابِ وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ: لَا يُقْطِعُ صَاحِبُ أَمْرٍ النَّاسَ

(1/111)