السير لأبي إسحاق الفزاري

الْغُلُولُ

(1/231)


375 - أَخْبَرَنِي أَبُو مَرْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ: " أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ لَيُرْعَبُ مِنِّي مِنْ مَيْسَرَةِ شَهْرٍ، وَبُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَقِيلَ: سَلْ تُعْطَ، فَاخْتَبَأْتُهَا شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا "

(1/231)


376 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَالْأَعْمَشُ، عَنِ ابْنِ فُلَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بَالدَّبُورِ»

(1/231)


377 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأُمَّةٍ سُودِ الرُّءُوسِ قَبْلَكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَقَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَهُمْ، فَنَزَلَتْ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68]

(1/231)


378 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي، بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمِحْرَابِ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّ لِي الْمَغْنَمُ، وَالشَّفَاعَةُ ذَخَرْتُهَا لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1/231)


379 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَوْلُهُ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68] أَنَّهُ قَدْ أَحَلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمَ "

(1/231)


380 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68] لِأَهْلِ بَدْرٍ مِنَ السَّعَادَةِ {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68]

(1/232)


381 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أُعْطِيتُ أَرْبَعًا» أَوْ قَالَ: «خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَبُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَأُعِنْتُ بِالرُّعْبِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كُلُّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا» وَلَا أَدْرِي ذَكَرَ الشَّفَاعَةَ أَمْ لَا

(1/232)


382 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ} [آل عمران: 162] قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغُلَّ» ، {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 162] «مَنْ غَلَّ» {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 162]

(1/232)


383 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] قَالَ: يَخُونَ

(1/232)


384 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: {وَمَا [ص:233] كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى، وَيُقْتَلُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا كَانَتْ قَطِيفَةٌ، فَقَدُوهَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالُوا: إِنَّ النَّبِيَّ أَخَذَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]

(1/232)


385 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " فَقَدُوا قَطِيفَةً حَمْرَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ فَذَكَرُوا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161]

(1/233)


386 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " فَقَدُوا قَطِيفَةً حَمْرَاءَ أَوْ شَيْئًا أُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالُوا: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَهَا، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161][ص:234] قَالَ خُصَيْفٌ: فَقُلْتُ لِعِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] ؟ قَالَ: بَلَى، وَيُقْتَلُ

(1/233)


387 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارٌ، أَوْ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: " لَوْ كُنْتُ مُسْتَحِلًّا مِنَ الْغُلُولِ الْقَلِيلَ، لَاسْتَحْلَلْتُ مِنْهُ الْكَثِيرَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَغُلَّ غُلُولًا، إِلَّا طُلِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَسْتَخْرِجَهُ مِنْ أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ

(1/234)


قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَمَّارٌ، أَوْ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بِإِسْنَادِ هَذَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ، فَيُخَمِّسُهُ، وَيَقْسِمُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَا مِنَ الْغَنِيمَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالًا نَادَى؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَاعْتَذَرَ فَقَالَ: كُنْ أَنْتَ الَّذِي تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ عَنْكَ

(1/234)


388 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ مُنَادِيَيْنِ يُنَادِيَانِ يَوْمَ بَدْرٍ: «لَا يَغُلُّ أَحَدٌ إِبْرَةً فَمَا فَوْقَهَا»

(1/234)


389 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ، وَنَارٌ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1/234)


390 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «رُدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1/235)


391 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " لَا غَصْبَ، وَلَا نَهْبَ، وَلَا إِسْبَالَ، وَلَا غُلُولَ، {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] "

(1/235)


392 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ»

(1/236)


393 - الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْبُوذٌ، رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي رَافِعٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ رُبَّمَا ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَيَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ حَتَّى يَنْحَدِرَ لِلْمَغْرِبِ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْرِعًا إِلَى الْمَغْرِبِ إِذْ [ص:237] مَرَّ بِالْبَقِيعِ، فَقَالَ: «أُفٍّ لَكَ أُفٍّ لَكَ» فَكَسَرَ فِي ذِرَاعِي، وَتَأَخَّرْتُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُنِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ لَا تَمْشِي؟» قَالَ: قُلْتُ: أَحْدَثْتُ حَدَثًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَمَا ذَلِكَ؟» قُلْتُ: أَفَّفْتَ بِي قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ هَذَا قَبْرُ فُلَانٍ، بَعَثْنَاهُ سَاعِيًا عَلَى بَنِي فُلَانٍ، فَغَلَّ نَمِرَةً فَدُرِّعَ الْآنَ مِثْلَهَا مِنْ نَارٍ»

(1/236)


394 - وَعَنْهُ عَنْ مَنْبُوذٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَمَائِمًا يَقْسِمُهَا، فَاعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ مِنْهَا مِنَ الْخَزِّ فَقَسَمَهَا وَنَسِيَ تِلْكَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَكَرَهَا، فَجَاءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: «أَخَشِيتَ لَوْ أَمْسَكْتَهَا لَعُمِّمْتَ مِثْلَهَا مِنْ نَارٍ»

(1/237)


395 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «رَأَيْتُ فِيَ النَّارِ رَجُلًا عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ غَلَّهَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا فِي النَّارِ فِي عُنُقِهِ» قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: ثَمَنُ أَرْبَعَةِ دَارِهِمَ

(1/237)


396 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ فُلَانًا اسْتُشْهِدَ قَالَ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا» أَرَاهُ قَالَ: «فِي النَّارِ»

(1/238)


397 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ مُحَاصِرٌ وَادِي الْقُرَى، فَقِيلَ: إِنَّ فَتَاكَ فُلَانًا اسْتُشْهِدَ، فَقَالَ: «بَلْ يُحْشَرُ إِلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا» ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ»

(1/238)


398 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَصَابَهُ [ص:239] سَهْمٌ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «هُوَ فِي النَّارِ» ، فَنَظَرَ فَإِذَا عَلَيْهِ كِسَاءٌ قَدْ غَلَّهُ

(1/238)


399 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَدْ غَلَّ فَسَأَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الَّذِي أَخْبَرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْفِرُوا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَحَفَرُوا، فَاسْتَخْرَجُوا قَطِيفَةً فَقَالُوا: اسْتَغْفِرْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «آي خر»

(1/239)


400 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ، مَوْلَى بَنِي مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، وَهَبَهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ جَاءَ سَهْمٌ عَابِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ: [ص:240] هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلَنَّ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ قَدْ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَيْنِ مِنْ نَارٍ»

(1/239)


401 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرَةَ، أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ، يَقُولُ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانًا تُوُفِّيَ، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِوُجُوهِهِمْ قَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ» ، فَفَتَحُوا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ، مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ

(1/240)


402 - قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتَى الْقَبَائِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَيُثْنِي عَلَيْهِمْ، فَتَرَكَ قَبِيلَةً مِنْ تِلْكِ الْقَبَائِلِ لَمْ [ص:241] يَأْتِهِمْ، وَإِنَّهُمُ الْتَمَسُوا فِيهِمْ فَوَجَدُوا فِي بَرْذَعَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ عُقَدًا مِنْ جَزْعِ قَدْ غَلَّهُ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُمْ فَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ كَمَا يُكَبِّرُ عَلَى الْمَيِّتِ

(1/240)


403 - حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ عُقُوبَةُ الرَّجُلِ إِذَا غَلَّ أَنْ يُخْرِجَ رَحْلَهُ فَيُحْرَقَ عَلَى مَا فِيهِ»

(1/241)


404 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «وَيُحْرَمُ سَهْمَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ»

(1/241)


405 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، وَمَعَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٌ، فَغَلَّ رَجُلٌ مَتَاعًا، فَأَمَرَ الْوَلِيدُ بِمَتَاعِهِ يُحْرَقُ، وَضُرِبَ، وَلِيثَ بِهِ، وَلَمْ يُعْطَ سَهْمَهُ

(1/241)


406 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: «الْغَالُّ يُجْمَعُ رَحْلُهُ فَيُحْرَقُ، وَيُجْلَدُ دُونَ حَدِّ الْمَمْلُوكِ، وَيُحْرَمُ نَصِيبَهُ»

(1/242)


407 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ شَيْخٍ، فَأَنْبَأَتْنِي بِنْتُ الصِّدِّيقِ، أَنَّ أَيُّمَا عَامٍلٍ أَصَابَ مِنْ عِمَالَتِهِ فَوْقَ رِزْقِهِ الَّذِي فُرِضَ لَهُ فَهُوَ غُلُولٌ

(1/242)


408 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، [ص:243] عَنْ فُلَانٍ الْجَيْشَانِيِّ، أَوْ قَالَ: أَبُو مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجَيْبٍ، عَنْ حَنَشٍ، قَالَ: شَهِدْتُ فَتْحَ جَرْبَةَ مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، فَخَطَبَنَا فَقَالَ: شَهِدْتُ فَتْحَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبِيعَنَّ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقَعْ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، [ص:244] وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَلْبَسِ الثَّوْبَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ»

(1/242)


409 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى، لِقُرَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَيُعْلَمَ مَا هِيَ، وَعَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَجُوزَ مِنْ كُلِّ عَارِضٍ - يَعْنِي عَاهَةً - وَعَنْ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ حَتَّى يَحْتَزِمَ

(1/244)


410 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ أَبَا حَفْصٍ، يَقُولُ: أَعْطَى مُعَاوِيَةُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ حِمَارًا فَقَبِلَهُ فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ: مَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، وَمَا كَانَ لَكَ أَنْ تَقْبَلَهُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكَ تَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِكَ أَعْلَاهُ أَسْفَلُهُ فَرَدَّهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَعَرَفَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ

(1/244)


411 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: «لَا يَهَبُ الْأَمِيرُ مِنَ الْغَنَائِمِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَصْحَابَهُ، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ لِدَلِيلٍ أَوْ رَاعٍ شَيْئًا غَيْرَ مُوَلِّيهِ، أَوْ تَكُونَ شَاةً، أَوْ بَغْلًا»

(1/245)


412 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا يُعْطَى مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ حَتَّى يُقْسَمَ، إِلَّا رَاعٍ، أَوْ دَلِيلٌ غَيْرَ مُوَلِّيهِ» قَالَ: غَيْرَ مُحَابِيهِ

(1/245)


413 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، قَالَ: لَقِيَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَرٍّ: " يُقَاوِمُكُمْ عَدُوُّكُمْ، إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ حَلْبَةَ شَاةٍ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، وَحَلْبَةَ شَاةٍ فَقَالَ: غَلَلْتُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ "

(1/245)


414 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ الْعَدُوَّ سَايَفُوا أَوْ قَامُوا لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: غَلَّ الْقَوْمُ، غَلَّ الْقَوْمُ

(1/245)


415 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَزْدِ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ، فَكَأَنِّي بِرَحِمِ. . . مَاسَةٍ، فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَغْزُونَ هَذِهِ الْمَغَازِيَ، فَيَضِلَّ أَحَدُكُمْ سَوْطَهُ أَوْ حَبْلَهُ، فَيَظَلُّ قَلْبُهُ يَجِفُّ لِذِهَابِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَإِذَا هُوَ يَعُدُّ بِهِ فَضْلًا عَظِيمًا قَالَ: " أَلَسْتُمْ تَلْقَوْنَ الْعَدُوَّ، فَيَلْقَى الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْعَشَرَةَ مِنْهُمْ فَيَنْهَزِمُونَ مِنْهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَهْزِمُ الْعَشَرَةَ مِنَّا، فَوَضَعَ رَاحَتَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ شَرَابِ الْقَوْمِ، وَغَلَلْتُمْ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوهَا لَجُعِلَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَطْرِدُ الْعَشَرَةَ مِنْهُمْ "

(1/246)


416 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: " قُلْتُ لِلْحَسَنِ: السَّرِيَّةُ تَخْرُجُ فَيَأْتُونَ الْقَرْيَةَ قَدْ جَلَا أَهْلُهَا، فَيَكُونُ مِنْهُمُ الْأَعْزَلُ وَالْعَانِي فَقَالَ: يَتَسَلَّحُونَ مِنَ السِّلَاحِ، وَيَلْبَسُونَ مِنَ الثِّيَابِ، فَإِذَا دُعِيَ إِلَى الْمَقْسَمِ فَلْيَحْضَرُوهُ

(1/246)


417 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بَعْضِهِمْ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: انْتَفِعُوا مِنَ الْمَغْنَمِ بِكُلِّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ

(1/246)


418 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَقِيتُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ رَجُلًا جَسِيمًا يُقَالُ لَهُ: حِمَارُ الْيَمَامَةِ بِيَدِهِ سَيْفٌ أَبْيَضُ، فَضَرَبْتُ رِجْلَيْهِ، فَكَأَنَّمَا أَخْطَأْتُهُ فَانْقَعَرَ عَلَى قَفَاهُ، فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ وَغَمَدْتُ سَيْفِي، فَمَا ضَرَبْتُ بِهِ إِلَّا ضَرْبَةً حَتَّى انْقَطَعَ، فَأَلْقَيْتُهُ، وَأَخَذْتُ سَيْفِي

(1/247)


419 - قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وَحَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ بِالْمَدِينَةِ ثُلْمَةٌ فَوَضَعَ مُحَكَّمُ الْيَمَامَةِ عَلَيْهَا رِجْلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلًا عَظِيمًا، فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: أَنَا مُحَكَّمُ الْيَمَامَةِ، أَنَا كَذَا، أَنَا كَذَا فَأَتَاهُ الْبَرَاءُ، وَكَانَ رَجُلًا قَصِيرًا، فَلَمَّا أَمْكَنَتْهُ الضَّرْبَةُ ضَرَبَ الْبَرَاءَ، فَاتَّقَاهُ بِحَجْفَتِهِ، وَضَرَبَهُ الْبَرَاءُ فَقَطَعَ سَاقَهُ فَقَتَلَهُ وَمَعَهُ صَفِيحَةٌ عَرِيضَةٌ، فَأَلْقَى الْبَرَاءُ سَيْفَهُ، وَأَخَذَ صَفِيحَتَهُ، فَضَرَبَ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَتْ، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَا بَقِيَ مِنْكَ، فَطَرَحَهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَى سَيْفِهِ فَأَخَذَهُ فَأَخْبَرَنِي مُحَلِّلٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَنَّ الْبَرَاءَ مَرَّ بِخَالِدٍ، وَقَدْ [ص:248] أَخَذَتْهُ رَقْدَةٌ، وَكَانَ مِمَّا يَغْشَاهُ عِنْدَ الْحَرْبِ، فَضَرَبَ فَخِذَهُ، وَقَالَ: أَقَدْ أَخَذَتْكَ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَيْفَهُ، فَكَانَتْ هَزِيمَةُ الْقَوْمِ

(1/247)


420 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «ضَرَبْتُ أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفِي فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ»

(1/248)


421 - الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ الْقَوْمِ يُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ فَتَكْثُرُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَحْمِلُونَهُ، فَيَقُولُ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَقَالَ: لَا، لَا

(1/248)


422 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ: غَزَا النَّاسُ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، فَغَلَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِائَةَ دِينَارٍ رُومِيَّةً، فَلَمَّا قَفَلَ الْجَيْشُ نَدِمَ الرَّجُلُ، فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْهُ، فَأَبَى، وَقَالَ: قَدْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ، فَلَنْ أَقْبَلَهَا مِنْكَ حَتَّى تَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَسْتَقْرِئُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُهُمْ، فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا قَدِمَ دِمَشْقَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَبْكِي، وَيَسْتَرْحِمُ، فَمَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّاعِرِ السَّكْسَكِيِّ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَذَكَرَ لَهُ أَمْرَهُ، فَقَالَ: أَمُطِيعِي أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقُلِ: اقْبَلْ مِنِّي خُمْسَكَ، فَادْفَعْ إِلَيْهِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَانْظُرْ إِلَى الثَّمَانِينَ الْبَاقِيَةِ فَتَصَدَّقْ بِهَا عَنِ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَسْمَائِهِمْ وَمَكَانِهِمْ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَأَنْ أَكُونَ أَفْتَيْتُهُ بِهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَمْلِكُهُ، أَحْسَنَ الرَّجُلُ.

423 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ وَالْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يَغُلُّ ثُمَّ يَنْدَمُ، وَقَدْ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ فَقَالَا: يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا غَلَّ غَرِمَهُ [ص:250] وَقَالَ سُفْيَانُ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِمْ

(1/249)


424 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ ابْنِ الْأَبْرَصِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ: يَقْسِمُ الْخُمُسَ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ مِغْفَرًا، فَلَمْ يَقْطَعْهُ، وَقَالَ: لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ

(1/250)


425 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَصْحَابِهِ، أَنَّ عَلِيًّا، أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ بَيْضَةً مِنَ الْفَيْءِ مِنْ حَدِيدٍ فَتَرَكَهُ، وَقَالَ: لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ

(1/250)


426 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «الْغَالُّ عَلَيْهِ تَعْزِيرٌ وَنَكَالٌ، وَلَا يُقْطَعُ»

(1/250)


427 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «إِذَا وَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةٍ مِنَ الْمَنْغَمِ وَلَهُ فِيهَا نَصِيبٌ جُلِدَ مِائَةَ سَوْطٍ غَيْرَ سَوْطٍ»

(1/250)


428 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ مِنَ الْخُمُسِ اسْتَكْرَهَهَا - وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ الرَّقِيقِ - فَجَلَدَهُ عُمَرُ وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْجَارِيَةَ لِأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا.

429 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا وَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةٍ مِنَ [ص:251] الْمَغْنَمِ وَلَهُ فِيهَا نَصِيبٌ جُلِدَ مِائَةً، وَغُرِّمَ الْعُقْرَ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُقْرٌ فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ غَرِمَ قِيمَتَهَا وَصَارَتْ لَهُ، وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ

430 - قُلْتُ: أَفَيَقُومُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ؟ قَالَ: كَانَ مَكْحُولٌ يَقُولُ فِي الْجَارِيَةِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَيَقَعُ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا، فَتَحْمِلُ، تُقَوَّمُ هِيَ وَوَلَدُهَا عَلَيْهِ قَالَ: وَكَانَ غَيْرُهُ يَقُولُ: تُقَوَّمُ هِيَ، وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ

(1/250)


431 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: لَمَّا أُوتِيَ عُمَرُ بِتَاجِ كِسْرَى، فَرَأَى مَا فِيهِ قَالَ: " إِنَّ الَّذِي أَدَّى هَذَا لَأَمِينٌ حَقُّ أَمِينٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: أَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ فِيهِمْ، فَهُمْ مُؤَدُّونَ إِلَيْكَ مَا أَدَّيْتَ إِلَى اللَّهِ، فَإِذَا رَتَعْتَ رَتَعُوا، قَالَ: صَدَقْتَ.

432 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: أَرَأَيْتَ مَا أَصَابَ النَّاسَ فِي بِلَادِ عَدُوِّهِمْ مِمَّا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا إِدَامٍ، وَلَا عَلَفٍ، أَيُرْفَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَى الْمَقْسَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ، وَأَبَى الْقَاسِمُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ مِمَّا قَدْ أَحْرَزَ الْعَدُوُّ فَأَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَحِلَّهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحْرِزُوا فِي بُيُوتِهِمْ نَحْوَ الشَّجَرِ وَالْحِجَارَةِ وَالْأَزْلَامِ وَالْمِسَنِ وَالْأَدْوِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ مِنْهَا ثَمَنٌ أَخَذَهُ مَنْ شَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ حَتَّى عَمَلَهُ هُوَ وَعَالَجَهُ فَصَارَ لَهُ [ص:252] ثَمَنٌ فَهُوَ لَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ: وَكَانَ مَكْحُولٌ يَقُولُ ذَلِكَ.

433 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: إِذَا جَاءَ بِهِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَانَ لَهُ ثَمَنٌ دَفَعَهُ إِلَى الْمَقْسَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ حَتَّى عَمَلَهُ وَعَالَجَهُ، أَعْطَى بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ، وَكَانَتْ بَقِيَّتُهُ فِي الْمَقْسَمِ

434 - قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: الْإِمَامُ يُؤْتَى بِالسِّلَاحِ وَالْمَتَاعِ مِنَ الْفَيْءِ فَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى رَجُلٍ فَيَقُولُ: قَاتِلْ بِهَذَا السِّلَاحِ أَوْ بِهَذَا الثَّوْبِ أَوِ انْتَفِعْ بِهَذَا الْمَتَاعِ، وَيَحْمِلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَكَانَ الَّذِي يَبِيعُهُ فِيهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ نَفِيسًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ نَظَرًا لِلْعَامَّةِ؟ قَالَ: لَا يَأْذَنُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِقِتَالٍ، وَلَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَكِنْ إِنْ شَاءَ أَنْ يَحْمِلَهَا وَيَبِيعَهُ مَكَانَهُ مِمَّا بَلَغَ

435 - قُلْتُ: يَأْخُذُ الرَّجُلُ الْمِخْيَطَ، يَخِيطُ بِهِ، وَالْخَيْطَ؟ قَالَ: لَا فَأَيْنَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «رُدُّوا الْخَائِطَ وَالْمَخِيطَ» قُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ كُبَّةً مِنْ غَزْلٍ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ قُلْتُ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ، وَقَدْ خَاطَ بِهِ؟ قَالَ: يُنْقِصُهُ قُلْتُ: إِذَا يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: يَقْطَعُهُ، هُوَ أَسْلَمُ لَهُ، أَوْ يُعْطِي بِقَدْرِ شَرْوَاهُ

436 - قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْفَخَّارَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ يَبِيعُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، هُوَ لَهُ [ص:253] قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقْطَعُ الْأَوْتَادَ فَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَقَى بِهَا لِلِاحْتِيَاطِ

437 - قُلْتُ: فَإِنْ قَطَعَ مِنَ الشَّجَرِ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَإِنْ أَتَى بِهِ صَاحِبَ مِقْسَمٍ لَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَبِعْهُ، فَإِذَا جَاءَ بِهِ الْمِصِّيصَةَ، كَانَ لِمَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنًا، وَعَامَّةُ مَا يَبِيعُونَ مِنْ غَنَائِمِهِمْ بِالْمِصِّيصَةِ؟ قَالَ: لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ حِينَ أَصَابَهُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَهُوَ لَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، وَيَبِيعُهُ إِنْ شَاءَ

438 - قُلْتُ: الْجَيْشُ يَنْزِلُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَيَكُونُ الْحَطَبُ وَالْحَشِيشُ وَالْمَاءُ مِنْهُمْ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَلَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الرَّجُلُ، فَيَقْطَعُهُ وَيَحْمِلُهُ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَيَبِيعُهُ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا

439 - قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ، قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَهُ هَذَا، ثُمَّ قَطَعَهُ؟ قَالَ: يَجْعَلُهُ فِي الْمَقْسَمِ

440 - وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ وَهِشَامًا عَنِ الرَّجُلِ تُقَوَّمُ دَابَّتُهُ، أَيَرْكَبُ دَابَّةً مِنَ الْفَيْءِ حَتَّى يَبْلُغَ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ قُلْتُ لِهِشَامٍ: أَفَلَا يَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ: اشْتَرِ دَابَّةً، أَوِ اسْتَأْجِرْ، أَوِ اسْتَعِرْ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْخُمُسَ، وَسِهَامَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: قَدْ أَعْلَمُ، وَلَكِنْ لَا يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ، وَلْيَرْكَبْ

441 - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَقَدَرَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ، فَلْيَسْتَعْفِفْ وَلْيَشْتَرِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا حُمِلَ، وَلَمْ يَتْرُكْ رَاجِلًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ قُطِعَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِمَامٌ يَسْتَأْذِنُهُ؟ قَالَ: يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَسْكَرَ [ص:254]

442 - قُلْتُ لِسُفْيَانَ: الرَّجُلُ يُصِيبُ الطَّعَامَ، وَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةٍ مِنَ الْفَيْءِ، وَهُوَ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ فِي وِعَاءٍ مِنَ الْفَيْءِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَسْكَرَ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَحْمِلُ فِيهِ؟ قَالَ: إِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا، فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.

443 - قُلْتُ لِسُفْيَانَ: الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْعُودَ مِنَ الشَّجَرِ، أَوِ الْحَجَرَ مِنَ الْجَبَلِ فَيَتَّخِذُ مِنْهُ السِّهَامَ، أَوِ الْمِسَنَّ، وَذَلِكَ ثَمَّ كَثِيرٌ لَا يُرِيدُهُ أَحَدٌ، لَا ثَمَنَ لَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَخَذَهُ، فَإِذَا قَدِمَ بِهِ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ؟ قَالَ: يَجْعَلُهُ فِي الْمَقْسَمِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بِلَادِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَمِلَ فِيهِ عَمَلًا حُسِبَ لَهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ

444 - وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنِ الرَّجُلِ تَعِيلُ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ فَيَخَافُ عَلَيْهَا، أَيَرْكَبُ دَابَّةً مِنَ الْفَيْءِ حَتَّى تَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ؟ قَالَ: لَا يَفْعَلُ كُلُّ أَحَدٍ يَخَافُ عَلَى دَابَّتِهِ

(1/251)


445 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «أَيُّكُمْ عَمِلَ لَنَا عَلَى عَمَلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، فَهُوَ غُلٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَقَالَ أَسْوَدُ - كَأَنِّي أُرَاهُ -: اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ مَا تَقُولُ قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ الْآنَ: مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى " [ص:255]

446 - وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ وَهِشَامًا وَغَيْرَهُمَا عَنِ الرَّجُلِ، تُعْقَرُ دَابَّتُهُ وَيَنْكَسِرَ سِلَاحُهُ فَيُقَاتِلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنَ الْمَغْنَمِ، أَوِ السِّلَاحِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا بَأْسَ

447 - قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: الرَّجُلُ يُعْقَرُ فَرَسُهُ فِي الْقِتَالِ، أَيَرْكَبُ فَرَسًا مِنَ الْفَيْءِ؟ أَوْ يُقَاتِلُ بِشَيْءٍ مِنَ السِّلَاحِ أَوِ النَّبْلِ يَرْمِي بِهَا؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَتْ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ، وَاخْتِلَاطِهِمْ فَلَا بَأْسَ، مَا لَمْ يَتَّقِ فَرَسَهُ، أَوْ سِلَاحَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

448 - قُلْتُ: أَبِإِذْنِ الْإِمَامِ يَأْخُذُ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي حَالِ ضَرُورَةٍ فَلَا يَسْتَأْذِنُ الْإِمَامَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَى مُضْطَرٍّ، فَأَمَّا فِي الْمُشَاوَلَةِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ

449 - قُلْتُ: فَإِذَا رَكِبَ الْفَرَسَ فِي الْمَعْمَعَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَعُقِرَ الْفَرَسُ تَحْتَهُ أَيُضْمَنُ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: فَيَطْلَبُ الْعَدُوَّ عَلَى الْفَرَسِ، وَقَدِ انْهَزَمَ الْقَوْمُ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: وَمَا تَعُدُّ مِنَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَطْلُبَ عَلَيْهِ الْعَدُوَّ وَهُمْ مُنْهَزِمُونَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لِيَقِفْ مَكَانَهُ، وَلَا يَقْتُلْ دَابَّةَ الْمُسْلِمِينَ فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَتْبَعُونَهُمْ وَسَيَكْفُونَهُ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ إِنْ لَمْ يَتْبَعْهُمْ أَنْ يَهْلِكَ [ص:256]

450 - قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عَلَى فَرَسٍ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ قَدْ أَخَذَ سَيْفًا مِنَ الْفَيْءِ، أَوْ رُمْحًا، أَيَطْلُبُ بِهِ عَلَى فَرَسِهِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْفَرَسِ

451 - قُلْتُ: أَفَيَأْخُذُ فَرَسًا مِنَ الْفَيْءِ أَقْوَى مِنْ فَرَسِهِ، أَوْ سَيْفًا أَقْطَعَ مِنْ سَيْفِهِ فَيُقَاتِلُ بِهِ فِي الْمَعْمَعَةِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ

452 - قُلْتُ: فَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً، ثُمَّ أَقْبَلُوا فَلَقِيَهُمْ عَدُوٌّ لَهُمْ، أَيَأْذَنُ الْإِمَامُ فِي الْقِتَالِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ السِّلَاحِ؟ قَالَ: إِنْ رَأَى أَنَّ بِهِمْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَاجَةً أَذِنَ لَهُمْ فِيهِ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهِمْ فَهَذِهِ ضَرُورَةٌ

453 - قُلْتُ: وَهَذَا وَمَا أَخَذَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ؟ قَالَ: سَوَاءٌ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ أَخْذُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ

454 - قُلْتُ: مَا كَانَ فِي حَالٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْإِمَامَ؟ قَالَ: فَهَذِهِ ضَرُورَةٌ

455 - قُلْتُ: أَيَلْبَسُ الرَّجُلُ الثَّوْبَ مِنَ الْبَرْدِ مِنَ الْفَيْءِ وَيُعْطِي فِي الْفَيْءِ بِقَدْرِ مَا لَبِسَ؟ قَالَ: ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْمَوْتَ، يَلْبَسُ، لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ

456 - قُلْتُ: فَأَصَابَ رَجُلٌ عَلَفًا وَهُوَ فِي سَرِيَّةٍ، وَلَيْسَ مَعَهُ وِعَاءٌ يَجْعَلُ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عَلَفٍ، يَخَافُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَنْ يُقْطَعَ بِهِ، أَيَأْخُذُ وِعَاءً مِنَ الْفَيْءِ فَيَحْمَلُ فِيهِ إِلَى الْعَسْكَرِ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرُورَةٌ لَا بَأْسَ [ص:257]

457 - قُلْتُ: أَفَيَلْبَسُ الْقَطِيفَةُ مِنَ الْبَرْدِ يُصِيبُهُ، أَوْ يَأْخُذُ الْفَأْسَ فَيَكْسِرُ بِهِ الْحَطَبَ، ثُمَّ يَحْمِلُ ذَلِكَ بَعْدَ فَيَأْتِي بِهِ الْعَسْكَرَ، وَقَدِ انْتَفَعَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَوْ نَحْوِهِ، إِذَا أَخَذْتُهُ فَانْتَفَعْتَ بِهِ، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَحْمِلَهُ إِلَى الْعَسْكَرِ مِنَ السَّرِيَّةِ فَلَا تَنْتَفِعُ بِهِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، لِأَنَّكَ إِذَا انْتَفَعْتَ بِهِ ثُمَّ أَتَيْتَ بِهِ إِلَى الْمَقْسَمِ فَقَدِ انْتَفَعْتَ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَيْءِ قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذَا كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ مَكَانَكَ، ثُمَّ تُلْقِيهِ، وَلَا تَحْمِلُهُ إِلَى الْمَقْسَمِ، فَلَا بَأْسَ

458 - قُلْتُ: فَإِنْ كُنْتُ لَا أَدْرِي لَعَلِّي إِنْ لَمْ أَحْمِلْهُ أَنَا حَمَلَهُ غَيْرِي مِنْ أَصْحَابِي إِلَى الْمَقْسَمِ؟ قَالَ: فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تَنْتَفِعْ بِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ وَيُتْرَكُ

459 - قُلْتُ: فَإِنْ حَمَلَهُ مَعَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ يَنْتَفِعُ بِهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ كَرَاهِيَةً أَنْ يُبْلِغَهُ الْمَقْسَمَ، فَيَكُونُ قَدِ انْتَفَعَ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَيْءِ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا لِيَكِيدَ بِهِ ذَلِكَ،

460 - قُلْتُ: فَإِنْ حَمَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِيُبْلِغَهُ الْمَقْسَمَ، ثُمَّ ثَقُلَ عَلَيْهِ حَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ؟ قَالَ: كَانَ يُكْرَهُ أَنْ يُطْرَحَ الشَّيْءُ بَعْدَ حَمْلِهِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ

461 - قِيلَ لَهُ: فَإِنْ حَمَلَ رَجُلٌ شَيْئًا لِيُبْلِغَهُ إِلَى الْمَقْسَمِ، ثُمَّ انْتَفَعَ بِهِ، ثُمَّ ضَاعَ مِنْهُ؟ قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا يَعُودُ وَيُلْقِي فِي الْمَقْسَمِ بِقَدْرِ مَا أَنْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ، فَإِنْ حَمَلَ شَيْئًا يُرِيدُ أَنْ يُبْلِغَهُ الْمَقْسَمَ ثُمَّ ثَقُلَ عَلَيْهِ فَطَرَحَهُ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُضَمِّنْهُ

462 - قُلْتُ: الْإِمَامُ يُسْتَأْجَرُ عَلَى حَمْلِ الشَّيْءِ وَالْمَتَاعِ، وَالرُّمْكِ، ثُمَّ يَضِيعُ مِنَ الْمُسْتَأْجَرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مَغْلُوبًا وَلَمْ يُضَيِّعْ لَمْ يُضَمَّنْ [ص:258] قُلْتُ: مَا هَذَا التَّضْيِيعُ؟ قَالَ: يَسْتَوْثِقُ وَلَا يُضَيِّعُ

463 - قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْفَحْلَ مِنَ الرَّمَكِ فَيَرْكَبُهُ فَيَسُوقُ عَلَيْهِ الرَّمَكَ، أَوْ يَطْلُبُ عَلَيْهِ رَمَكًا أُخْرَى لِيَجِيءَ بِهَا؟ قَالَ: أَوَمَا مَعَهُ دَابَّةٌ؟ قِيلَ: بَلَى، وَلَكِنْ يَتَّقِي دَابَّتَهُ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ نَظَرًا مِنْهُ لِلْعَامَّةِ، فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ شَاهِدًا فَبِإِذْنِهِ قُلْتُ: أَلَسْتَ تَعُدُّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ إِمَامًا؟ قَالَ: بَلَى

464 - قُلْتُ: رَجُلٌ حَمَّلَهُ الْإِمَامُ مَتَاعًا مِنَ الْفَيْءِ، فَأَلْقَاهُ مُتَعَمِّدًا؟ قَالَ: يَضْمَنُهُ الْإِمَامُ

465 - قُلْتُ: الْقَوْمُ يُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ، فَمِنْهُمْ مِنْ يَحْمِلُ مِنْهَا عَلَى دَابَّتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْمِلُ؟ قَالَ: الَّذِي يَحْمِلُ وَيَرُدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا، وَالَّذِي لَا يَحْمِلُ لَا يَأْثَمُ

466 - قِيلَ: الْقَوْمُ يُصِيبُونَ الطَّاحُونَةَ يَطْحَنُونَ بِهَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَحْمِلُوهَا إِلَى الْمَقْسَمِ، فَلَا يَفْعَلُوا إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، ثُمَّ يُعْطُوا فِي الْمَقْسَمِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعُوا بِهِ مِنْهَا

467 - قِيلَ: فَإِنْ قَدِمُوا بِهَا مَعَهُمْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ خَمْسَةَ دَارِهِمَ، وَقِيمَتُهَا هَاهُنَا دِرْهَمٌ؟ قَالَ: يُعْطَوْنَ قِيمَتَهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ؟ [ص:259]

468 - قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَحْتَاجُ إِلَى الشَّيْءِ الْيَسِيرِ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِ، فَيَنْتَفِعُ بِهِ، ثُمَّ يَأْتِي بِهِ صَاحِبَ الْمَقْسَمِ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا ثَمَنَهُ؟ قَالَ: يُؤَدِّي إِلَى صَاحِبِ الْمَقْسَمِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ

(1/254)


469 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ: فِي الرَّجُلِ يَقْطَعُ الْعُودَ مِنَ الشَّجَرِ، وَمَا لَمْ يُحْرِزُوا فِي بُيُوتِهِمْ، فَيَنْحَتُ مِنْهُ السُّرُجَ، أَوْ يَتَّخِذُ مِنْهُ نَبْلًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ حَتَّى عَمِلَ هُوَ فِيهِ، فَهُوَ لَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ "

(1/259)


470 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: جَاءَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ قَدْ قَاتَلْتَ، فَهَلْ جِئْتَنَا بِشَيْءٍ؟ قَالَ: هَذِهِ إِبْرَةٌ لِتَخِيطِي بِهَا ثِيَابَكِ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُنَادِيًا: «لَا يَغُلَّنَّ رَجُلٌ إِبْرَةً فَمَا فَوْقَهَا» فَقَالَ عَقِيلٌ لِامْرَأَتِهِ: مَا أَرَى إِبْرَتَكِ إِلَّا قَدْ فَاتَتْكِ

(1/259)


471 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] قَالَ: الْمِخْيَطُ مِنَ الشَّيْءِ

(1/259)


472 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ يَلِي الْأَقْبَاضَ، فَجَاءَ النَّاسُ بِأَقْبَاضِهِمْ، فَيَدْفَعُونَهَا إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِقَبْضَةٍ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِي إِزَارِي خَرْقٌ صَغِيرٌ، وَإِنِّي أَخَذْتُ خَيْطًا [ص:260] مِنَ الْمَغْنَمِ فَخِطْتُهُ بِهِ فَقَالَ سَلْمَانُ: «كُلُّ شَيْءٍ وَقَدْرُهُ» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَغَنِيٌّ عَنْ ذَلِكَ، فَنَشَرَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ

(1/259)


473 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سَلْمَانَ عَنْ سَلَكٍ يَخِيطُ بِهِ مِنَ الْمَغْنَمِ، فَنَهَاهُ عَنْهُ سَلْمَانُ.

474 - نا الْفَزَارِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: أَرَأَيْتَ الْخَيْطَ يَخِيطُ بِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: لَا يَفْعَلُ قُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ قَالَ: فَأَيْنَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ» ، أَرَأَيْتَ لَوْ جُمِعَ مِثْلُ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ، فَكَانَ كُبَّةً، أَلَيْسَ يَكُونُ لَهُ ثَمَنٌ؟ فَلْيَنْقُضْهُ فَلْيُلْقِيهِ فِي الْمَقْسَمِ

(1/260)


475 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَمَّادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَظَلُّوا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنِطَعٍ مِنَ الْفَيْءِ فَقَالَ: «أَرَدْتُمْ أَنْ تُظِلُّوا نَبِيَّكُمْ بِنَارٍ»

(1/260)


476 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ زِمَامًا مِنْ شَعَرِ مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، قَالَ: «مَا لَكَ أَنْ تَسَلْنِيهِ، وَمَا لِيَ أَنْ أُعْطِيكَهَ، مَا سَأَلْتَنِي إِلَّا زِمَامًا مِنْ نَارٍ»

(1/261)


477 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَالْمَغْنَمُ بَيْنَ يَدَيْهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي هَذِهِ الْكُبَّةَ شَعَرٍ، أَشُدُّ بِهَا غَبِيطَ رَاحِلَتِي فَقَالَ: «أَمَّا نَصِيبِي مِنْهَا فَلَكَ»

(1/261)


478 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «أَمَّا نَصِيبِي مِنْهَا فَلَكَ»

(1/261)


479 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ عَلَى الْجَيْشِ بِبِرْذَوْنٍ مِنَ الْفَيْءِ، فَقَالَ: إِنَّ دَابَّتِي أُصِيبَتْ وَلَيْسَ لِي دَابَّةٌ، وَهَذَا مِنَ الْفَيْءِ فَاحْمِلْنِي عَلَيْهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ حَمْلَ بِرْذَوْنٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْمِلَنِي، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَيْهِ، قَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ مِنْ غَنِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْمِلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: [ص:262] {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] فَلَا أَسْتَطِيعُ حَمْلَ بِرْذَوْنٍ، إِلَّا أَنْ تَسْأَلَ الْمُسْلِمِينَ حُظُوظَهُمْ، فَأُعْطِيكَ حَظِّي مَعَهُمْ

(1/261)


480 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْأَصَمِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى جَيْشٍ، فَبَعَثَ خَالِدٌ ضِرَارَ بْنَ الْأَزْوَرِ عَلَى سَرِيَّةٍ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، وَأَصَابُوا امْرَأَةً عَرُوسًا جَمِيلَةً أَعْجَبَتْ ضِرَارًا، فَسَأَلَهَا أَصْحَابَهُ، فَطَيَّبُوهَا لَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَدِمَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى خَالِدٍ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: قَدْ طَيَّبْنَاهَا لَكَ فَقَالَ: لَا، حَتَّى تَكْتُبَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: أَنْ أَرْضِخْهُ [ص:263] بِالْحِجَارَةِ فَقَدِمَ الْكِتَابُ وَقَدْ تُوُفِّيَ ضِرَارٌ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُخْزِيَ ضِرَارَ بْنَ الْأَزْوَرِ

(1/262)


481 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: بَعَثَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ جَيْشًا فَرُدَّتْ رَايَتُهُ، ثُمَّ بَعَثَ غَيْرَهَا فَرُدَّتْ رَايَتُهُ، ثُمَّ بَعَثَ أُخْرَى فَرُدَّتْ رَايَتُهُ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ قَدْ غَلُّوا رَأْسَ غَزَالٍ مِنْ ذَهَبٍ

(1/263)


482 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ صَفْوِانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَ يُوشَعُ بْنُ نُونَ عَلَى أَرِيحَا غَلَّ رَجُلٌ مِائَةَ دِينَارٍ، فَهُزِمُوا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ يُوشَعُ: يَا رَبِّ انْهَزَمْنَا، قَالَ: خَطِيئَتُكَ فِيكَ، وَهِيَ هَزَمَتْكَ [ص:264] قَالَ: وَكَانَ لِهَارُونَ جُبَّةٌ فِيهَا اثْنَى عَشْرَةَ لُؤْلُؤَةً، لِكُلِّ سَبْطٍ لُؤْلُؤَةٌ، فَإِذَا أَنَسَ الْخَطِيئَةَ مِنَ السَّبْطِ تَغَيَّرَتِ اللُّؤْلُؤَةُ، فَنَظَرُوا فِي سَبْطِ الْغَالِّ، فَوَجَدُوا اللُّؤْلُؤَةَ قَدْ تَغَيَّرَتْ، فَلَمْ يَزَلْ يَقْرَعُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى صَاحِبِ الْغُلُولِ، فَقَالَ لَهُ يُوشَعُ: أَنْتَ الَّذِي أَسْخَطْتَ عَلَيْنَا رَبَّنَا، وَهَزَمَنَا لِعَدُوِّنَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ احْفِرْ لَهُ حَفِيرًا، ثُمَّ أَضْرِمْهُ بِالنَّارِ، وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى عَدُوِّهِ، ثُمَّ يُكْمِنُ لَهُ كَمِينًا، ثُمَّ لِيَنْهَزِمَ لَهُمْ، فَوَلُّوا سَالِمِينَ فَفَعَلُوا، فَلَمَّا مَرُّوا خَرَجُوا عَلَيْهِمْ، فَكَانُوا سَالِمِينَ، فَهَزَمُوهُمْ وَافْتَتَحُوا الْمَدِينَةَ

(1/263)


483 - وعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، أُرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: " غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَتِهِ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمْ يَبْتَنِ بِهَا، وَلَا رَجُلٌ بَنَى بِنَاءً وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهُ، وَلَا آخَرُ اشْتَرَى غَنَمًا، أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلَادَهَا، ثُمَّ غَزَا حَتَّى دَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا، فَأَقْبَلْتِ النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، [ص:265] فَأَبَتْ أَنْ تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ، فَأَخْرَجُوا مِثْلَ رَأْسِ الْبَقَرَةِ مِنْ ذَهَبٍ، فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ، وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا "

(1/264)


484 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " لَمَّا أَتَى مُوسَى قَرْيَةَ الْجَبَّارِينَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ رَجُلًا يَأْتُونَهَا فَيَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، فَانْطَلَقُوا فَدَخَلُوا بُسْتَانًا، وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ، فَتَخَبَّئُوا مِنْهُ فِي الشَّجَرِ، فَأَتْبَعَهُمْ حَتَّى أَخَذَهُمْ فَجَاءَ بِهِمْ فِي كُمِّهِ، وَجَاءَ مِنَ الشَّجَرِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى مَلِكَهُمْ فَطَرَحَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ حَقَرَهُمْ وَقَالَ: اذْهَبُوا فَاجْهَدُوا عَلَيَّ جَهْدَكُمْ، فَخَرَجُوا وَأَتَوْا مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ , فَقَالَ: اكْفُفُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يُخْبِرُ حَمِيمَهُ، فَيُخْبِرُ حَمِيمُهُ الرَّجُلَ، فَفَشَا ذَلِكَ فِي الْعَسْكَرِ غَيْرَ كولاب وَيُوشَعُ فَإِنَّهُمَا كَتَمَا، فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} ثُمَّ قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26] قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ مِنْ مُوسَى طِيَرَةٌ، قَوْلُهُ: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] فَقَالَ اللَّهُ: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26] لَا تَأْسَ عَلَى مَنْ سَمَّيْتُ فَاسِقًا [ص:266] قَالَ: كولاب وَيُوشَعُ هُمَا الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ قَالَ اللَّهُ: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} [المائدة: 23] قَالَ: فَتَاهُوا أَرْبَعِينَ سَنَةً فَهَلَكَ مُوسَى وَهَارُونُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي التِّيهِ جَاوَزَ عِشْرِينَ أَوْ بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً نَاهَضَهُمْ يُوشَعُ بِمَنْ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَكَادَ أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ وَنَزَلَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ وَخَشِيَ أَنْ تَغْرُبَ فَلَا يُقَاتِلَ لَيْلَةَ السَّبْتِ نَادَاهَا: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَإِنِّي مَأْمُورٌ، فَرَكَدَتْ حَتَّى ظَفَرَ بِهِمْ، فَدَخَلَهَا يُوشَعُ وَمَنْ مَعَهُ، وَأَصَابُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَكَانَتِ الْغَنَائِمُ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَهَا فَتَنْزِلُ نَارٌ فَتَأْكُلُهَا فَجَمَعُوا غَنَائِمَ فَلَمْ تَنْزِلِ النَّارُ، فَقَالَ يُوشَعُ لِأَصْحَابِ الْأَسْبَاطِ: مَا هَذَا إِلَّا مِنْ غُلُولٍ فِيكُمْ فَبَايِعُونِي، فَبَايَعُوهُ، فَلَزِقَتْ يَدُهُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ يُوشَعُ: الْغُلُولُ فِي سِبْطِكَ اذْهَبْ فَبَايِعْ أَصْحَابَكَ، فَمَنِ الْتَزَقَتْ يَدُهُ بِيَدِكَ فَهُوَ صَاحِبُ الْغُلُولِ، فَذَهَبَ فَبَايَعَهُمْ، فَالْتَزَقَتْ يَدُهُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَخْرِجْ مَا عِنْدَكَ، فَأَخْرَجَ رَأْسَ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، عَيْنَاهُ مِنْ يَاقُوتٍ، وَأَسْنَانُهُ مِنْ دُرٍّ، قَالَ: فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّهَا مَدِينَةُ أَرِيحَا، وَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا حَائِطٌ مِنْ حَدِيدٍ

(1/265)


485 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ [ص:267] مَالِكِ، قَالَ: أُتِيَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ، وَكَانَ أَوَّلُ غُلُولٍ، أُرَاهُ الشَّامَ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَمَا لَا كَفَّارَةَ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَزْنِي ثُمَّ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْرِقُ ثُمَّ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُمَا ذَنْبَانِ لَا كَفَّارَةَ لَهُمَا: الْغُلُولُ وَالرِّبَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] فَلَا كَفَّارَةَ لِصَاحِبِ الْغُلُولِ، حَتَّى يَأْتِيَ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنَّ آكِلَ الرِّبَا يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَجْنُونًا يُخْنَقُ "

(1/266)


486 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَقَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَذَكَرَ الْغُلُولَ، فَعَظَّمَ أَمْرَهُ ثُمَّ قَالَ: " لَا أُلْفِيَنَّ يَجِيئُنِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُكَ، لَا أَلْفَيَنَّ يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ [ص:268] يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بِرِقَاعٍ تَخْفِقُ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَا أُلْفِيَنَّ يَجِيءُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَأْسِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، أَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ "

(1/267)


487 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَأَعْرِفَنَّ رَجُلًا يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٍ لَهَا ثُغَاءٌ، أَوْ عَبْدٍ لَهُ صِيَاحٌ، أَوْ فَرَسٍ لَهَا حَمْحَمَةٌ، أَوْ بَغْلٍ لَهُ شَحْجٌ قَدْ غَلَّهُ»

(1/268)


488 - قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِيَّايَ وَرِبَا الْغُلُولِ» قِيلَ: وَمَا رِبَا الْغُلُولِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنَّ «النِّسَاءَ وَهُنَّ حَوَامِلُ، أَوْ تُرْكَبُ الدَّابَّةُ حَتَّى [ص:269] تُخْسِرَ، قَبْلَ أَنَّ تُؤَدَّى إِلَى الْمَقْسَمِ، أَوْ يُلْبَسَ الثَّوْبُ حَتَّى يَخْلَقَ، قَبْلَ أَنْ يُؤَدَّى إِلَى الْمَقْسَمِ» . [ص:270]

أُلحق بالنص ما يلي:
489 -[البحر البسيط]

489 - مَا بَالُ دِينِكَ تَرْضَى أَنْ تُدَنِّسَهُ ... وَثَوْبُكَ الدَّهْرَ مَغْسُولٌ مِنَ الدَّنَسِ
تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا ... إِنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ

(1/268)


490 - نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِي يَعْفُورَ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: [ص:271] «يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذِ النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذِ النَّاسُ يَفْرُطُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذِ النَّاسُ فَرِحُونَ، وَبُكَائِهِ إِذِ النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذِ النَّاسُ يَخْلِطُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذِ النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ مَحْزُونًا، حَكِيمًا عَلِيمًا، وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا وَلَا غَافِلًا، وَلَا صَيَّاحًا حَدِيدًا»

(1/270)


491 - وَأُخْبِرْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، أَخُو مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الصُّبْحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَ: " يَا أُبَيُّ، إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ فَقَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَقَدْ ذُكِرْتُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» فَارْتَعَشَ أُبَيٌّ لِذَلِكَ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ احْتَضَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَسَكَّنَهُ، فَهَدَأَ أُبَيٌّ وَسَكَنَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَرَأَ وَفَرَغَ، قَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا كَانَتْ لِي خَاصَّةً لِقِرَاءَتِكَ الْقُرْآنَ عَلَيَّ، فَخُصَّنِي بِعِلْمِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَطْلَعَكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «نَعَمْ يَا أُبَيُّ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَآمَنَ بِهِ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ إِلَّا أَعْطَاهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْطِقُ الْأَلْسُنِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ» فَقَالَ أُبَيٌّ: قَدْ عَلِمْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانَ بِهِ، فَمَا قَوْلُكَ فِيمَنْ قَبِلَهُ [ص:272] بِقُبُولِهِ؟ قَالَ: يُحِلُّ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ، وَيَقَفُ عِنْدَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، لَا يُمَارِي فِيمَنْ يُمَارِي، وَلَا يَجْهَلُ فِيمَنْ يَجْهَلُ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَيَفْعَلُهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ، وَلَا سَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ الرُّسُلَ وَيَسْأَلُهُمْ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّسُلَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَالْأَخْذِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، فَكَمَا وَجَبَ لِلَّهِ عَلَى الرُّسُلِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْقُرْآنِ النَّصِيحَةُ لَعِبَادِ اللَّهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فِي قَصْدٍ وَرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَتَؤُدَّةٍ، لَا يَحْمِلُهُ قَوْلُهُ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَرْفَعُ مَا فِيهِ وَضَيَّعُوا مِنْ حَقِّ اللَّهِ بِذِكْرِهِمْ وَعِيدَهُ، وَتَخَوُّفَهُمْ آيَاتِهِ، وَيُحَذِّرُهُمْ نَفْسَهُ وَعَذَابَهُ، وَيُذَكِّرُهُمْ أَيَّامَ اللَّهِ وَنِعَمَهُ عَلَيْهِمْ وَحُسْنَ ثَوَابِهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ، فَكَذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يُعْطِي الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ أُبَيٌّ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ لِمَا صَبَرَ عَلَيْهِ، وَرَجَا ثَوَابَهُ؟ قُلْتُ: فَمَنْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ وَيَرْجُو ثَوَابَهُ؟ قَالَ: مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ وَعَظُمَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَبِّهِ، جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ السَّدَادُ، وَالتَّوْفِيقُ وَحُسْنُ الْمَعُونَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ

(1/271)


492 - ابْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّيَ، يَقُولُ: اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ هُوَ، مَا هَذَا الثَّوَابُ إِلَّا مِنْ عَمَلِي

(1/272)


493 - قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ: «إِنَّ فَرَحَكَ بِالدُّنْيَا لِلدُّنْيَا يَذْهَبُ بِحَلَاوَةِ الْعِبَادَةِ مِنْ قَبْلِكَ، وَإِنَّ حُزْنَكَ لِلدُّنْيَا عَلَى الدُّنْيَا يَذْهَبُ مِنْ قَبْلِكَ، وَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَزْنٌ خَرِبَ، كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَاكِنٌ خَرِبَ، وَإِنَّ قُلُوبَ الْأَبْرَارِ تَغْلِي بِالْحُزْنِ، وَإِنَّ قُلُوبَ الْفُجَّارِ تَغْلِي بِالْفُجُورِ»

(1/273)


باب ما يتفا؟ من الزاد

494 - نا الْفَزَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ: «شَغَلَنِي الْجِهَادُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ»

(1/276)