السيرة
النبوية وأخبار الخلفاء استخلاف عثمان بن
عفان رضي الله تعالى عنه
وهو عثمان بن [عفان بن] «1» أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن
قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن
كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكنيته
أبو عمرو، وقد قيل: أبو عبد الله «2» ، ويقال: أبو ليلى «3» ، وأم عثمان
أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها «4» البيضاء [أم] «5»
حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم «6» بن عبد مناف.
أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب «7» الجمحي بالبصرة ثنا علي بن هاشم [عن]
«8» جعفر بن نجيح المديني ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي حازم عن سهل بن
سعد الساعدي أن أحدا «9» ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
وعمر وعثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثبت أحد! فما عليك إلا نبي
وصديق وشهيدان» .
قال أبو حاتم: لما دفن عمر رضي الله عنه تعمد «10» عثمان بن عفان وعلي بن
أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن وسعد يتشاورون،
فأشار عثمان على عبد الرحمن بالدخول في الأمر، فأبى عبد الرحمن وقال: لست
__________
(1) زيد من الطبري 5/ 147 والطبقات 13/ 1/ 36.
(2) في الطبقات: وكان عثمان في الجاهلية يكنى أبا عمرو، فلما كان الإسلام
ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله
واكتنى به.
(3) وهذا القول قد ذكره صاحب الاستيعاب.
(4) من الاستيعاب، وفي الأصل: أمه، وراجع أيضا الطبري والطبقات وسمط النجوم
2/ 396.
(5) زيد من جميع المراجع.
(6) من نسب قريش ص 17، وفي الأصل: هشام.
(7) من تذكرة الحفاظ 670، وفي الأصل: خباب.
(8) زيد ولا بد منه.
(9) هذه الرواية قد ساقها الإمام أحمد في مسنده بنفس الطريق الذي عندنا-
راجع 5/ 331.
(10) في الأصل: فعمر- كذا.
(2/499)
بالذي أنافسكم على هذا الأمر، وإن شئتم «1»
اخترت لكم منكم واحدا، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف، فلما ولي ذلك مال
الناس كلهم إليه وتركوا أولئك الآخرين «2» ، فأخذ عبد الرحمن يتشاور في تلك
الليالي الثلاث حتى [إذا] «3» كان من الليلة التي بايع عثمان بن عفان من
غدها جاء إلى باب المسور بن مخرمة بعد هويّ «4» من الليل فضرب الباب وقال:
ألا «5» أراك نائما؟ والله [ما] «3» كحلت منذ «6» الليلة بكثير نوم «7» ،
ادع لي الزبير وسعدا»
، فدعاهما فشاورهما، ثم أرسله إلى عثمان بن عفان فدعاه فناجاه حتى فرق
بينهما المؤذن، فلما صلوا الصبح اجتمعوا، وأرسل عبد الرحمن إلى من حضر من
المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد، ثم خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد، فإني نظرت في أحوال «9» الناس وشاورتهم فلم أجدهم يعدلون بعثمان،
ثم قال: يا عثمان! نبايعك على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين
من بعده! قال: نعم، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء
«10» الأجناد والمسلمون، وذلك لغرة المحرم.
وبعد دفن عمر بثلاثة أيام في هذه السنة كان فتح همذان ثانيا. وكانت قد
انتقضت على أميرها المغيرة بن شعبة على رأس ستة أشهر من مقتل عمر «11» ،
وفي
__________
(1) في الأصل: شئت، وراجع أيضا الطبري 5/ 36 وما بعده.
(2) في الأصل: الآخر.
(3) زيد لاستقامة العبارة.
(4) يقال: مضى هوى من الليل، أي قسم منه.
(5) من الطبري 5/ 36، وفي الأصل: لا.
(6) في الطبري: في هذه.
(7) في الأصل: قوم.
(8) من الطبري، وفي الأصل: سعد.
(9) في الأصل: أموال.
(10) في الأصل: الأمراد وكذا.
(11) راجع أيضا البداية والنهاية 7/ 120.
(2/500)
هذه السنة سار إليها أبو موسى الأشعري بأهل
البصرة حتى فتحها صلحا، معه البراء ابن عازب وقرظة بن كعب، وكان عمر بن
الخطاب قد قتل وحذيفة قد افتتحها وجيشه كان عليها، ثم انتقضوا حتى غزاهم
أبو موسى، وخرج عثمان بن عفان يوم الفطر إلى المصلى يكبر ويجهر بالتكبير
حتى صلى العيد وانصرف، وبعث على الحج عبد الرحمن بن عوف فخطبهم عبد الرحمن
قبل التروية بيوم بمكة بعد الظهر، فلما زاغت الشمس خرج إلى منى وحج ونفر
النفر الأول، وكان قد ساق معه بدنات فنحرها في منحر رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
فلما دخلت السنة الخامسة والعشرون غزا معاوية أرض الروم وفتح الحصون، وولد
له ابن يزيد بن معاوية «1» ؛ ثم نقضت الإسكندرية الصلح الذي صالحهم عمرو بن
العاص عليه «2» فغزاهم عمرو، وظفر بهم وسباهم وبعث السبي إلى المدينة،
فردهم عثمان إلى ذمتهم وقال: إنهم كانوا صلحا، والذرية لا تنقض الصلح،
وإنما تنقض الصلح المقاتلة، ونقض المقاتلة الصلح ليس يوقع السبي على
ذراريهم «3» .
ثم عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن الإسكندرية ومصر، وولاهما «4» عبد
الله بن سعد بن أبي سرح، فوجد عمرو من ذلك، وكان بدء الشر بينه وبين عثمان
عزله عن مصر والإسكندرية، وكان عمرو قد بعث جيشه إلى المغرب فأصابوا غنائم
كثيرة، فلما دخل عبد الله بن سعد مصر واليا بعث جرائد الخيل إلى المغرب
واستشار عثمان في إفريقية، وعزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى عليها الوليد بن
عقبة بن أبي معيط، فبعث الوليد سلمان بن ربيعة الباهلي في اثني عشر ألفا
[إلى] «5» برذعة فافتتحها عنوة وقتل وسبى، وغزا البيلقان فصالحوه
__________
(1) راجع الطبري 5/ 47.
(2) في الأصل: عليها.
(3) وراجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 77.
(4) في الأصل: ولاها، وراجع أيضا الطبري 5/ 48 وما بعدها.
(5) زيد من تاريخ الإسلام 2/ 77.
(2/501)
قبل أن يجيء إلى برذعة «1» ، وبعث خيله إلى جرزان فصالحوه، وفي هذه السنة
كانت غزوة «2» سابور الأولى «2» ؛ ثم حج عثمان بالناس «3» . |