الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل الخامس فضيلة الصّلاة والسّلام عليه والدّعاء له
عن عبد الله «1» بن عمر قال «2» : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا.. ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ.. فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ..
وَرَوَى «3» أَنَسُ بْنُ «4» مَالِكٍ.. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ. وَفِي رِوَايَةٍ «5» وكتب له عشر حسنات..
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «1» .
(2) أسنده من طريق النسائي وهو عند مسلم وأبو داود والترمذي.
(3) كما في شعب الايمان للبيهقي بلفظه والنسائي والحاكم نحوه.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1» .
(5) رواه أبو يعلى.

(2/171)


وَعَنْ «1» أَنَسٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ جِبْرِيلَ نَادَانِي فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَرَفَعَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ..
وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ»
بْنِ عَوْفٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» : لَقِيتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ لِي: إِنِّي أُبَشِّرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ «4» ..
وَنَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ «5» وَمَالِكِ «6» بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ،
__________
(1) رواه ابن أبي شيبة في مسنده.
(2) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «122» رقم «8» .
(3) كما رواه الحاكم والبيهقي وصححها.
(4) الحديث صحيح روي من طرق، وسببه أن عبد الرحمن بن عوف كان يلازم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويخدمه ليلا ونهارا فاتبعه ليلة وقد خرج من منزله فدخل حائطا وسجد سجودا طويلا حتى ظن انه قبض روحه. فبكى.. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم مالك؟ .. فأخبره بما خطر بباله.. فقال له: جاءني جبريل وأخبرني بان الله يقول لي من سلم عليك سلمت عليه، ومن صلّى عليك صليت عليه فسجدت شكرا له.. وهو حديث صحيح المتن والسند وقال الحاكم: لا أعلم في سجدة الشكر أصح منه
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(6) مالك بن اوس بن الحدثان: وهو هوازني مخضرم، أدرك الجاهلية والاسلام، واخرج له الستة. واختلف فيه هل هو صحابي رأى النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث مرفوعة، او تابعي روايته مرسلة.. والاصح عند الذهبي وغيره انه تابعي وتوفي سنة اثنين وتسعين. والحديث هذا رواه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انه صلّى الله عليه وسلم خرج يتبرز ولم يجد من يتبعه ففزع عمر واتبعه بمظهره فوجده ساجدا في شربة فتنحى عنه حتى رفع رأسه فقال له: أحسنت يا عمر- لتنحيته عنه تادبا- ثم قال لي: ان جبريل أتاني فقال: من صلّى عليك واحدة صلّى الله عليه عشرا ورفعه عشر درجات) اخرجه البخاري في الأدب وغيره.

(2/172)


وَعُبَيْدِ «1» اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَعَنْ زَيْدِ «2» بْنِ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَنْزِلْهُ الْمَنْزِلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي..
وَعَنِ «3» ابْنِ مَسْعُودٍ «4» : أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «5» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «6» : مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ «7» اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ.
وَعَنْ عَامِرِ «8» بْنِ رَبِيعَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «9» :
__________
(1) عبيد الله بن أبي طلحة: الانصاري. وعبيد الله بالتصغير. وفي نسخة (عبد الله) مكبرا. قال البرهان وهو الاصح. بل الصواب.. وهو عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل الانصاري اخو أنس لأمه ووالد اسحق واخويه وهو تابعي له رواية توفي في زمن الوليد وحنكه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسماه. وحديثه رواه احمد والحاكم وابن حبان والنسائي.
(2) زيد بن الحباب: هو ابو الحسين الحافظ الخراساني توفي سنة ثلاث ومائتين. فزيد هذا ليس من الصحابة ولا من التابعين. فقوله (سمعت) وهم او سقط من الكاتب وهذا الحديث رواه ابن الحباب عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن ابن شريح الحضرمي عن رويفع بن ثابت الصحابي عنه صلّى الله عليه وسلم.. ولا يعلم لماذا حذف المصنف السند وأسند السماع الى زيد ابن الحباب.
(3) حديث صحيح رواه الترمذي وابن حبان.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «214» رقم «2» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «30» رقم «5» .
(6) رواه الطبراني في الاوسط وابو الشيخ في الثواب بسند ضعيف لكنه يعتبر في هذا الباب.
(7) ويروى (ما دام) .
(8) عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك حليف الخطاب صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر وشهد بدرا ومات ليالي قتل عثمان.
(9) رواه احمد وابن ماجة والطبراني في الاوسط بسند حسن.

(2/173)


مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا صَلَّى عَلَيَّ.. فَلْيُقْلِلْ مِنْ ذَلِكَ عَبْدٌ أَوْ لِيُكْثِرْ..
وَعَنْ «1» أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «2» : كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع «3» الليل قام فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ.. جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ «4» تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ «5» .. جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ.. فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟.
فقال: مَا شِئْتَ.. قَالَ: الرُّبُعَ؟! قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ.. قَالَ: الثُّلُثَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ..
قَالَ: النِّصْفَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ.. قَالَ الثُّلُثَيْنِ؟
قَالَ: مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ.. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَجْعَلُ صَلَاتِي كُلَّهَا لَكَ؟!. قَالَ: إِذًا تُكْفَى «6» ويغفر ذنبك..
__________
(1) رواه الترمذي وحسنه.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «581» رقم «3» .
(3) وفي رواية المصابيح (اذا ذهب ثلثا الليل) .
(4) الراجفة: من الرجفة وهي الحركة بشدة والرعدة معها صوت واضطراب ولذا قيل للبحر رجاف والمراد بالراجفة هنا ما يكون بين يدي الساعة من الفتن والهرج والمرج والزلازل.
(5) الرادفة: من ردف بمعنى تبع والمراد الساعة أو الصيحة أو النفخة أو زلزلة أخرى والمراد اخبارهم بقرب الساعة وأشراطها.
(6) وفي رواية (تكفي همك) .

(2/174)


وَعَنْ «1» أَبِي طَلْحَةَ «2» : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ مِنْ بِشْرِهِ وَطَلَاقَتِهِ ما لم أره قط، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي؟!! وَقَدْ خَرَجَ جِبْرِيلُ آنِفًا فَأَتَانِي بِبِشَارَةٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، إن الله تعالى بَعَثَنِي إِلَيْكَ أُبَشِّرُكَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أمتك يصلي عليك إلا صلّى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتُهُ بِهَا عَشْرًا.
وَعَنْ جَابِرِ «3» بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «4» : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا «5» مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ..
وَعَنْ «6» سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ «7» : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ:
وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأن محمدا عبده ورسوله رضيب بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ له.
__________
(1) رواه النسائي وابن حبان والبيهقي في شعب الايمان بسند صحيح.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «438» رقم «3» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «1» .
(4) في حديث رواه البخاري.
(5) وروي (المقام المحمود) بالتعريف كما قاله النووي.
(6) في حديث صحيح رواه مسلم.
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «205» رقم «1» .

(2/175)


وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ «1» أَنَّ «2» النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ عَشْرًا فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً.
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ لَيَرِدَنَّ عليّ أفوام مَا أَعْرِفُهُمْ «3» إِلَّا بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِمْ عَلَيَّ وَفِي آخَرَ «4» : إِنَّ أَنْجَاكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا وَمَوَاطِنِهَا أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلَاةً.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ «5» الصِّدِّيقِ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْحَقُ لِلذُّنُوبِ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ لِلنَّارِ، السلام عليه أفضل من عتق الرقاب» .
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «23» رقم «1» .
(2) في حديث منقطع.
(3) ويروى (لا أعرفهم) .
(4) رواه الاصبهاني في ترغيبه عن أنس..
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6» .
(6) رواه الاصبهاني في ترغيبه بلفظ (الصلاة عليه افضل من عتق الرقاب، وحبه عليه الصلاة والسلام أفضل من مهج الانفس أو من ضرب السيف في سبيل الله.) وفي الجامع الصغير (الصلاة علي نور على الصراط.. فمن صلّى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما) على ما رواه الطبراني والدارقطني في الافراد عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2/176)