سيرة ابن
إسحاق [القطعة الأولى من كتاب المغازي.]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
عندما ظهر الإسلام كان عرب شماليون كثيرون من قطّان المدن كمكة ويثرب
والطائف يقرأون ويكتبون؛ ذلك أنّ شمال الجزيرة كان يشهد منذ النصف الثاني
من القرن الخامس الميلادي حقبة ازدهار اقتصادي وسياسي متصل.
كانت الدويلات التي أقامها الفرس والبيزنطيون على أطراف الجزيرة أو في
داخلها قد ضعفت أو سقطت، وكانت اليمن قد فقدت حكومتها المركزية القوية ثم
سقطت في قبضة الأحباش ثم الفرس؛ فرافق ذلك صعود شمال الجزيرة بزعامة مكة
التي تحولت إلى ما يشبه جمهورية ارستقراطية سيطرت على طرق التجارة وأسواقها
في الجزيرة، وأقامت نظام «الإيلاف» الذي نظّم العلاقات بين الحضر والبدو في
الداخل من جهة ومع الدول المجاورة من جهة أخرى «1» .
وطبيعيّ أن تتعرض مكة ويتعرض محيطها وقد أصبحت مركزا تجاريا رئيسيا إلى
جانب مكانتها الدينية عند العرب منذ القديم؛ طبيعي أن تتعرض لتأثيرات
خارجية دينية وثقافية وسياسية. وهكذا فقد عرفت مكة كما عرف شمال
__________
(1) قارن: نقائض جرير والفرزدق 2/ 581، 638، ديوان جرير 1/ 261- 262،
:Islam:in Before Unity Arabe of Natur
The:Grunebaum.3691 X Arabica- Caskel:Entdeckungen in Arabien 72- 23..P
5691 IIIV Jesho in Tamim and Mecca:Kister-. 611- 311.
(1/5)
الجزيرة الديانتين اليهودية والنصرانية،
كما عرفت أخبارا من أخبار الفرس والروم وعرفت أيضا بعض التقاليد الثقافية
التي كانت سائدة في منطقة ما يسمّى بمنطقة «الثقافية الهيللينية» «1» . إلى
جانب هذه التقاليد الحضارية الخارجية التي وصلت إلى مكة؛ تكوّنت في مكة
نفسها تقاليد ثقافية خاصة بها وبشمال الجزيرة بشكل عام. كان من ضمن هذه
التقاليد الخطّ العربي المستعار في الأصل من الأنباط «2» . هذا الخطّ الذي
وصلت إلينا نماذج من تطوراته الأولى تعود إلى مطلع القرن الرابع الميلادي
ما لبث أن انتشر وسيطر في الأصقاع التي انتشرت فيها تجارة مكة وأسواقها في
شمالي الجزيرة وجنوبيها «3» .
ولا شك أن شباب قريش الذين كانوا في أكثرهم تجارا، وكانوا يعقدون
المعاهدات، ويسجّلون العقود ويحتاجون إلى كتابة الرسائل كانوا يعرفون في
أكثرهم الكتابة العربية، والقرآن الذي ترد فيه إشارات كثيرة إلى الكتب
والكتابة والعقود والنظم التجارية شاهد صريح على كون هذه الأمور كلها
معروفة وممارسة لديهم «4» . وكتب السيرة والتاريخ والطبقات تؤكّد ذلك بذكر
أسماء أشخاص بعينهم في مكة والمدينة كانوا يحسنون الكتابة والقراءة، كما
تذكر تقليدا آخر- ربما كان خاصا بالمدينة المنورة- مفاده أنّ أولئك الذين
كانوا يحسنون الكتابة والسباحة والرمي كانوا يسمّون «الكمله» ، وكان منهم
بين الأنصار عدد ليس بالقليل «5» .
__________
(1) قارن..ff 8 Islam im Autike der Fortleben
Das:Rosenthal.E:
(2) قارن..9391 Chicago.Script Arabic North The of
Rise The:.N Abbot:
(3) قارن:
46 Arabes des Penetration La:Dussaud-.ff 313 II
Araber Die:Stiehl- Altheim-
جواد علي: المفصل 3/ 191 وما بعدها.
(4) القرآن 23/ 282، وقارن ناصر الدين الاسد: مصادر الشعر الجاهلي 41- 133.
(5) طبقات ابن سعد 3/ 136، فتوح البلدان 473- 477.
(1/6)
كان لا بدّ من هذه المقدمة الموجزة للوصول
إلى التساؤل الملحّ فيما يتصل «بالوعي التاريخي» عند العرب وجودا وأساسا
وتطوّرا. نحن نعرف الآن من خلال النقوش العربية الجنوبية أنّ الجنوبيين
كانوا يؤرخون لكل شيء «1» ، كما أن الكتابات العربية الشمالية الأولى
مؤرّخة. ثم إننا نعرف أن المكيين كانوا يتداولون قصصا وأسمارا فيما بينهم
بعضها يتصل بماضي الجزيرة والآخر بالدول والحضارات المجاورة. وعندما توفي
النبي وبدأ تكوين الأساس الإداري للدولة العربية- الإسلامية الجديدة سارع
الخليفة الثاني عمر بن الخطاب إلى اعتبار الهجرة النبوية من مكة إلى
المدينة بداية تاريخية للدولة الجديدة والدعوة الجديدة.
الوعي التاريخي العربي الأوّلي الذي نشأ نتيجة إحساس مكة والشماليين
بأنفسهم تدعّم بالدعوة الجديدة ونشأة مفهوم «الأمة» والدولة. يضاف إلى ذلك
أن الصراعات القبلية بدأت مع الفتوحات وإنشاء الأمصار، كما بدأ صراع بين
السلطة المركزية من جهة ورجال القبائل من جهة أخرى. وطبيعي أن تحاول كل
قبيلة إنشاء «صورة تاريخية» خاصة بها دفاعا عن الذات، في الوقت الذي كانت
فيه السلطة تحاول القيام بالأمر نفسه. هذا كله يدفعنا إلى القول بأنّ الوعي
التاريخي العربي كما بدا في كتابات مؤرخي القرن الثاني الهجري هو وعي أصيل
نشأ في البيئة العربية، وإن يكن قد تعرّض لتأثيرات خارجية فلا شك أن هذه
التأثيرات بقيت عرضية «2» .
أولى الاهتمامات التاريخية في القرن الأول الهجري كانت بالسيرة النبوية،
__________
(1) قارن بروزنتال: علم التاريخ عند المسلمين 21- 22 (ترجمة د. العلي) .
(2)
Islam Before Unity Arab of Nature The Grunebom-.
3691 X Arabica:in
روزنتال: علم التاريخ عند المسلمين 33 وما بعدها.
34- 83 Islam in Consciousness Historical.W
Braune- von.E.G.de (Islam in Law and Theology:in.9691 II) Grunebaum
(1/7)
بالتاريخ القريب للأمة الناشئة. كان
المجتمع يتطلع إلى محاولة «إعادة امتلاك» تلك التجربة التاريخية الفريدة،
تجربة النبوة والمجتمع المثالي الأول. كان لا بدّ من «صورة تاريخية»
تدعم فكرة الأمة والمجتمع الناشىء، ثم إنّ الفتوحات والاتصال بالأمم
الأخرى، كل ذلك أبرز مشاكل جديدة رجوا حلّها باستعادة تجربة الوحي والإدارة
والغزوات أيام الرسول، سيرة النبي، كتبت ضمن منظور تاريخي واسع يجعلها
خاتمة تجارب الأمم التي عاشت أنبياء ونبوات أو كانت لها صلة من أي نوع
بفكرة التوحيد. هذا المنظور التاريخي العالمي استمد مصادره من القرآن
ومعارف العرب التقليدية وما عرفوه من خلال معايشتهم لأهل الكتاب في الأقطار
المفتوحة، ومن خلال معايشتهم للشعوب غير الكتابية. تلا الاهتمام بالسيرة
وخلفيتها اهتمام مماثل بأخبار العرب في جاهليتهم فيما يسمّى بأيام العرب
نتيجة الصراعات القبلية، هذا بالإضافة إلى «الصور التاريخية» التي بدأت
تنشأ عن التاريخ السياسي للدولة الإسلامية خلال الصراع بين السلطة الحاكمة
والأحزاب السياسية الدينية التي تصدّت للسلطة الأموية وقاومتها «1» .
اهتمّ بالسيرة النبوية وبخلفيتها التاريخية أشخاص عديدون في القرنين الأول
والثاني الهجريين، منهم وهب بن منبه وأبان بن عثمان بن عفان وعروة بن
الزبير وشرحبيل بن سعد، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وعاصم بن عمر بن قتادة
ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وموسى بن عقبة وهشام بن عروة بن الزبير ومحمد
بن إسحاق. ولقد وصلتنا قطع من كتاب وهب بن منبه (34- 114 هـ/ 654- 732 م)
في المغازي «2» ، كما وصلتنا أجزاء من كتابات محمد بن مسلم
__________
(1) عبد العزيز الدوري: علم التاريخ عند العرب 17- 20.
(2) نشرها ج. ر. خوري بهايدلبرغ.
(1/8)
ابن شهاب الزهري (124 هـ/ 741 م) في السيرة
في كتاب المصنّف لعبد الرزاق ابن همام الصنعاني (211 هـ/ 826 م) ، ويعتبر
كل من موسى بن عقبة (141 هـ/ 758 م) ومحمد بن إسحاق (85- 151 هـ/ 705- 768
م) أهمّ ممثّلي المرحلة الثانية من مراحل كتابة السيرة، وأقدم من كتب في ظل
العباسيين، وقد وصلت إلينا قطعة صغيرة من كتاب موسى بن عقبة في المغازي
نشرت سنة 1904 م. ومن دراسة هذه القطعة يتبين اهتمام موسى بالترتيب الزمني
وبذكر تواريخ الحوادث، وباستعماله للأسانيد بدقة، ثم باعتماده شبه الكلي
على شيخه الزهري «1» .
مهما تكن أهمية أعمال أمثال الزهري وموسى بن عقبة، فإن عمل ابن إسحاق يبقى
الأساسيّ فيما يتصل بالسيرة وإلى حدّ ما بالتاريخ. وتكمن أهميته كمؤرّخ في
استيعابه لتجارب شيوخه، وفي تطويرها وإعادة تنظيمها من خلال فهمه الجديد
للتاريخ، ومن خلال نظرته الشاملة النابعة من ثقافته الواسعة وإدراكه للمغزى
السياسي «للصورة التاريخية» . من هنا صار ابن إسحاق شيخ كتّاب السيرة، وصار
من كتبوا بعده عيالا عليه. وقد شعر كاتب سيرة كابن سيّد الناس بعد ذلك
بقرون أنّ سيرة النبي نفسها وقيمتها التاريخية تتعرضان للخطر إن تعرضت
الثقة بابن إسحاق المؤرّخ للتساؤل، لذا فقد رأى واجبا عليه أن يعقد في مطلع
سيرته فصلا للدفاع عن ابن إسحاق في وجه ناقديه «2» .
__________
(1) عن كتاب السيرة الأوائل، قارن مقالات هوروفتر في
II I Culture Islamic وقد ترجمها
د. حسين نصار بعنوان «المغازي الأول ومولفوها» 1949. وقارن، عبد العزيز
الدوري: علم التاريخ عند العرب 20- 27.
(2) عيون الأثر 1/ 10- 17.
(1/9)
ومع أنّ الدراسات عن ابن إسحاق تعددت منذ
مطلع هذا القرن «1» ، لكنّ هناك صعوبات لا يمكن تخطّيها تحول دون الوصول
إلى نتائج يطمأنّ إليها في هذا المجال. إن المادة التي اعتمدت عليها هذه
الدراسات قليلة وغير أصيلة تماما، ذلك أن ما كتبه ابن إسحاق لم يصل إلينا
بشكله الأول، بل وصلنا بعد تهذيبه وتعديله من قبل آخرين أشهرهم وأهمهم ابن
هشام. وكنت قد حصلت منذ سنوات على مصوّرة لقطعة من سيرة ابن إسحاق موجودة
بالمغرب، ضممتها إلى أوراق من قسم المغازي موجودة بالمكتبة الظاهرية بدمشق،
ثم قمت بمقارنة الموادّ والأخبار الموجودة في هاتين القطعتين بما عند ابن
هشام مما يقابلهما فاتضحت لي أهمية نشرهما.
ولد محمد بن إسحاق بالمدينة حوالي عام 85 هـ/ 705 م «2» ، وبها نشأ وأدرك
بعض الصحابة، لكنّ أكثر سماعه كان من أبناء الصحابة. وقد سمع من أبيه وكبار
التابعين بالمدينة، ثم رحل في طلب العلم إلى مصر، ونحن نعلم أنه كان
بالإسكندرية عام 119 هـ/ 738 م، ثم عاد إلي المدينة وبدأت شهرته بسعة
الرواية تنتشر. وإلى هذه الفترة تعود منازعاته مع عالمي المدينة المشهورين
آنذاك: هشام بن عروة بن الزبير (- 146 هـ) ، ومالك بن أنس (- 179 هـ) . أما
هشام بن عروة فقد اتهمه بالكذب لأنه كان يروي عن زوجته فاطمة بنت المنذر بن
الزبير، وكان هشام بن عروة ينكر سماع
__________
(1) كتب يوهان فك دراسة عنه (عام 1925) ، كما نشر فيشر أسماء الرجال الذين
رووا عنه. ودرس هوروفتز عمله في مقالاته السالفة الذكر، وقارن الدوري 27-
32.
(2) أهم ترجماته في المصادر، طبقات فحول الشعراء لابن سلام 8، 11، 206،
طبقات ابن سعد 6/ 396، المعارف 491، الفهرست 92، تاريخ بغداد 1/ 214، معجم
الأدباء 18/ 5 وما بعدها، وفيات الأعيان 4/ 276- 277، تاريخ الاسلام 6/
375- 378، ميزان الاعتدال 3/ 468، تذكرة الحفاظ 2/ 172، تهذيب التهذيب 9/
38، عيون الأثر 1/ 10- 17.
(1/10)
ابن إسحاق لها ويقول: أهو كان يدخل على
امرأتي «1» ؟. وربما رمى هشام بن عروة من وراء ذلك إلى الحطّ من منزلة ابن
إسحاق لأنه كان مولى، فقد احتل خالد بن الوليد عام 12 هـ/ 633 م مدينة عين
التمر بالعراق وأسر فتيانا كانوا يدرسون في دير هناك، وكان من هؤلاء سيرين
أبو محمد بن سيرين ويسار جدّ محمد بن إسحاق الذي كان مولى قيس بن مخرمة.
ويروي الخطيب البغدادي خبرا مفاده أن خيارا والد يسار هو الذي أسر وكان
مولى لقيس بن مخرمة بن المطلب ابن عبد مناف. ويبدو أنّ لأصول ابن إسحاق
الكتابية أثرا في كتاباته كما يبدو ذلك من قصصه ورواياته عن عصور ما قبل
النبي. ويبدو أنه كان يعرف السريانية فربما ظلت تلك اللغة متوارثة في
أسرته. على أنه ربما عرف كل ذلك أثناء إقامته بمصر التي امتدت إلى بضع
سنوات.
ويمكن فهم نزاعه مع مالك من زاوية أخرى، فقد بلغ مالكا عنه أنه يقول:
إعرضوا عليّ حديث مالك فأنا بيطاره! فقال مالك: وما ابن إسحاق؟! إنما هو
دجّال من الدجاجلة! نحن أخرجناه من المدينة «2» . لا مانع من فهم هذا
النزاع على أنه نزاع بين أبناء الحرفة الواحدة، وقد كان العلماء قديما
يقولون: المعاصرة حجاب! لكننا نحسب أن الأمر يتعدّى ذلك، إذ أنّ طبيعة
الكتابة التاريخية التي عمل ابن إسحاق في مجالها أرغمته على التحلّل بعض
الشيء من طرائق المحدّثين الشديدة التدقيق، والحرفية المنحى، والبالغة
الإيجاز، وطبيعيّ أن ينظر مالك إلى ذلك كله- وهو المحدّث المتحرّج- نظرة
كلها شكّ وريبة. والإشارة الأخرى في حديث مالك عن ابن إسحاق بالغة الأهمية،
إنه يزعم أنه هو وأمثاله أخرجوا ابن إسحاق من المدينة. لقد كان للنزاع إذن
وجه آخر لا يمكن اعتباره علميا محضا بل له جانبه السياسي.
__________
(1) تاريخ بغداد 1/ 216، وفيات الأعيان 4/ 277.
(2) معجم الأدباء 18/ 7- 8، وقارن: تاريخ الاسلام 6/ 378، طبقات خليفه 1/
402، النجوم الزاهرة 2/ 165، مرآة الجنان 1/ 460.
(1/11)
والمصادر تؤيّد دعوى مالك، فقد اشتهر عن
ابن إسحاق بعد عودته من مصر القول بالقدر وجلد على ذلك بالمدينة، ويبدو أن
ابن إسحاق لم ينكر التهمة، فقد دافع عن نفسه عندما اتهمه هشام بن عروة
بالكذب على امرأته، لكنه لم يقل شيئاً عندما بلغه اتهام مالك له بالزندقة،
ولا يعني ذلك أنه كان زنديقا، ولكن تلك كانت التهمة التي يوجهها محافظو
الرواة إلى القائلين بالقدر من علماء البصرة وغيرها «1» . بالإضافة إلى ذلك
سرى اتهامه بالتشيّع، وكانت تلك تهمة تنال أكثر الذين يعملون في مجال سيرة
النبي «2» ، وقديما ودّ عبد الملك بن مروان لو لم ينشغل أحد بالسيرة لما
فيها من تقديم لبني هاشم وللأنصار! «3» .
دفع هذا كله ابن إسحاق إلى مغادرة المدينة وكان «قد ضاق واشتدّت حاله»
وتوجه من هناك إلى الكوفة، ولا بد أن يكون ذلك قبل بناء بغداد، لكن بعد
ولاية المنصور للخلافة أي بين 136 هـ و 144 هـ، لأننا نقرأ في المصادر أنه
أتى أبا جعفر المنصور بالحيرة «فكتب له المغازي، فسمع منه أهل الكوفة بذلك
السبب «4» . وتوجّهه إلى أبي جعفر المنصور لم يتم مصادفة، فقد كان يعرفه في
الغالب قبل وصول العباسيين إلى السلطة، كما أنه كانت للعباسيين صلات طيبة
بالقدرية في أول الأمر كما تظهره المصادر التي تلحّ على محاولات أبي جعفر
للتقرب من عمرو بن عبيد وغيره من قدرية البصرة في مطالع خلافته «5» ، وكان
القدرية قد دخلوا في صفوف المعارضين للأمويين منذ ثورة ابن الأشعث 82- 84
هـ واستمر عداؤهم لهم حتى سقوط دولتهم عام 132 هـ؛ «6»
__________
(1) قارن، تاريخ الاسلام 6/ 377، معجم الأدباء 18/ 7.
(2) معجم الأدباء 18/ 7- 8.
(3) الموفقيات 332.
(4) معجم الأدباء 18/ 6، وفيات الأعيان 4/ 277.
(5) قارن: البيان والتبيين 4/ 64- 65، العقد الفريد 3/ 164، عيون الأخبار
2/ 337.
(6) قارن
:die und Asat- al lbn des Revolte Die:Saiyid.R.ff
092-/ 21.P) 7791 Freiburg (Koranless.
(1/12)
فيما عدا الشهور التي تولى فيها يزيد بن
الوليد بن عبد الملك السلطة بعد انقلاب قاده قدرية الشام، ولا شيء يمنع من
تصوّر كون العباسيين قد حاولوا استغلال معارضة الحركة القدرية للأمويين
لصالحهم، وربما أوضح ذلك بعض الغوامض في قيام الدعوة العباسية.
مهما يكن من أمر يبدو أن ابن إسحاق كان قد صنّف السيرة أو جزءا منها قبل
مغادرة المدينة، وعند ما نزل بالكوفة حدّث عنه كوفيون كثيرون، ثم انتقل إلى
بغداد في ركاب المنصور بعد بناء المدينة فحدّث عنه بها آخرون.
ويهمّنا هنا أن نذكر ثلاثة من هؤلاء الذين حدّثوا عنه لصلتهم بسيرته، إنهم:
زياد بن عبد الله البكّائي (183 هـ/ 799 م) ، ومحمد بن سلمة الحرّاني (191
هـ/ 807 م) ، ويونس بن بكير (199 هـ/ 814 م) . وقد كلّف المنصور ابن إسحاق
بملازمة ابنه المهدي، فصحبه طويلا وسافر معه إلى خراسان حيث حدّث هناك
بالري وأملى. وبأمر من المنصور صنّف ابن إسحاق السيرة للمهدي فلما اطّلع
عليها المنصور طلب إليه القيام ببعض التعديلات فيها.
وهكذا تكوّنت ثلاث «نسخ من السيرة» ، تلك الأولى من العهد المدني، والثانية
من العهد الكوفي، والثالثة من العهد البغدادي، وقد بقيت أجزاء من النسختين
الأولى والثانية تسمحان لنا بالذهاب إلى أنّ المنصور أراد من ابن إسحاق
التركيز بشكل أوضح على دور العباس بن عبد المطلب وأخباره مع النبي وخدماته
الجلّى للإسلام، وربما رافق ذلك طمس بعض ما يتصل بنواحي صعف العباس وأعماله
المعادية للرسول قبل إسلامه. ونرى أن رواية يونس بن بكير تمثّل الشكل الأول
غالبا بينا تمثّل رواية البكّائي «1» الشكل الثاني ورواية محمد بن سلمة
الحرّاني الشكل الثالث. ونستند في ذلك إلى الطابع الشيعي الشديد الذي يبدو
في بعض روايات يونس بن بكير، ففي رواية لسلمان الفارسي
__________
(1) عن رواية البكائي، قارن: الروض الانف 3/ 106.
(1/13)
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن عليا
خير الوصيين، كما أنّ سبطيه خير الأسباط، بينا يذهب ابن إسحاق في رواية في
نسخة محمد بن سلمة الحرّاني إلى أن قوله تعالى في سورة الأنفال (رقم 69)
«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ
يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا
أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ، نزل في
العباس الذي كان يقول: في نزلت حين ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إسلامي وسألته أن يقاصّني بالعشرين أوقية التي أخذ مني.. الخ. ويدل هذا على
ميول عباسية للمؤلف لم تكن في نسخته الأولى. أما رواية البكائي فلم تصل
إلينا للأسف في شكلها الأول بل نالها تعديل ابن هشام واختصاره.
على أنّ رأينا هذا يبقى على كل حال عرضة للنقاش لأننا لا نملك حتى الآن
نسخة كاملة لإحدى الروايات الثلاث بحيث تمكن المقارنة، ويمكن التحقق التام.
معلوماتنا عن ابن هشام الذي هذّب رواية البكّائي قليلة، وقد ذكر السهيلي في
«الروض الأنف» أنه كان يدعى عبد الملك بن هشام، وأنه كان مشهورا بحمل
العلم، متقدما في علم النسب والنحو. وهو حميريّ معافريّ بصريّ الأصل، مصري
المنشأ والوفاة. وزاد ابن خلكان نقلا عن ابن يونس صاحب «تاريخ مصر» أنه
توفي لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ثماني عشر ومائتين، بينا
أكّد السهيلي وفاته عام 213 هـ «1» . ويبدو أن عبد الملك بن هشام صادف
أمامه عند ما أراد تهذيب سيرة ابن إسحاق نصّ رواية البكّائي لها مكتوبا،
ولا ندري كيف أخذه عن البكّائي، هل بطريق السماع والرواية أم بطريق
«الوجادة» و «الإجازة» . إنه لا يصرّح على أي حال بشيء من ذلك في مطلع
تهذيبه، يبدأ هكذا: «قال أبو محمد عبد الملك ابن هشام: هذا كتاب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب
شيبة بن هاشم، واسم هاشم عمرو..» ، ثم يقول بعد انتهاء
__________
(1) وفيات الأعيان 1/ 290، الروض الانف 1/ 7.
(1/14)
سرده للنسب الشريف: «قال أبو محمد عبد
الملك بن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكّائي عن محمد بن إسحاق المطلبي
بهذا الذي ذكرت من نسب محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إلى آدم عليه
السلام» . وهنا يبين ابن هشام خطته في الكتاب كله فيقول: «.. تارك بعض ما
ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببا لشيء من هذا الكتاب ولا تفسيرا
له ولا شاهدا عليه لما ذكرت من الاختصار، وأشعارا ذكرها لم أر أحدا من أهل
العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به وبعض يسوء بعض الناس
ذكره، وبعض لم يقرّ لنا البكّائي بروايته، ومستقص- إن شاء الله تعالى- ما
سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له، والعلم به..» ، وقوله «.. وبعض لم يقرّ لنا
البكّائي بروايته» يدل على أنه كان على صلة ما بالبكائي لكن نوع الصلة هذا
لا يمكن تحديده بدقة كما ذكرنا سابقا. والحرية التي يظهرها ابن هشام بعدم
ذكره للأسانيد ربما لم تعد إليه، بل مما خلّفه ابن إسحاق في النص، وقد
أكدنا سابقا على أن طبيعة المادة المكتوبة كانت تقتضي طرائق جديدة تخرج بعض
الشيء على طرائق المحدّثين، ثم إن علم الإسناد لم تكن أسسه قد استقرت تماما
في عصر ابن إسحاق. إهمال ابن هشام للإسناد لا يشكّل إذن والحالة هذه إشكالا
لا يمكن تخطّيه، لكن مما يؤسف له لجوؤه إلى حذف الكثير من مادّة ابن إسحاق
التي اعتبرها غير ضرورية، ثم صيرورته إلى تعديل بعض الأخبار أو تعديل
ألفاظها حسبما فهمها ليكسبها قبولا أو وضوحا رأى أنها تفتقر إليهما. ولا شك
أن تعديلاته وشروحه هذه تأثرت ببيئته الثقافية وطبيعة العصر الذي عاش فيه،
هذا وإن يكن جيله هو الجيل التالي لجيل ابن إسحاق. كانت اهتمامات ابن هشام
اهتمامات لغوية وقد أثّر ذلك تأثيرا كبيرا على طريقته في اختيار الأخبار
وفي إيرادها.
وقد ذهبت بعض اهتمامات ابن إسحاق التاريخية والإخبارية ضحية دقة ابن هشام
اللغوية. ولعله من المفيد أن نقارن عمل ابن هشام ليس فقط بالقطع الباقية من
(1/15)
الروايتين الأخريين لابن إسحاق، لكن أيضا
بالمصادر التي نقلت عن ابن إسحاق بطريق ابن هشام أو بطريق آخر. وفي «تاريخ
مكة» للفاكهي (280 هـ) نصوص كثيرة مقتبسة من ابن إسحاق إما من طريق ابن
هشام- البكّائي أو من طرق أخرى. والأمر كذلك في الأغاني. وقد ذكر ابن هشام
أسبابا لحذفه لبعض الأخبار، من هذه الأسباب أن يكون النصّ غير ضروري
للسيرة، ولا شكّ أنه عنى بذلك قسم السيرة الأول «1» الذي سمّاه ابن إسحاق
بالمبتدأ، ومقارنة الجزء الباقي من هذا المطلع بمطلع الطبري مثلا تظهر أن
هذا القسم المحذوف كبير نسبيا. هذا ولا يقلّل من قيمة المحذوف استناده إلى
الأساطير والإسرائيليات. ومن أسباب ابن هشام في الحذف أن يكون الشعر غير
معروف عند أهل العلم، ومع أنّ معرفة ابن إسحاق بالشعر لم تكن على ما يرام
«2» إلا أنه كان بوسع ابن هشام أن يدع ذلك لعلماء الشعر ولا يستبقهم بحذف
وتعديل كهذا بداعي الاختصار. على أن هذا كله يبقى له وجه واعتبار إذا ما
قورن بأسباب ابن هشام الأخرى للحذف «.. وبعض يسوء بعض الناس ذكره..» ،
«وأشياء بعضها يشنع الحديث به..» ، إن لهذا النوع من الحذف ولا شكّ أسبابا
سياسية وأخرى تتصل بالصورة التاريخية لعصر ابن هشام عن النبي وصحابته.
إن الفائدة ستكون كبيرة لو عثرنا في المستقبل على نسخة كاملة أصيلة من إحدى
روايات سيرة ابن إسحاق، ولكن حتى يتحقق ذلك فإنه لا بد من الاستناد إلى
القليل الذي بين أيدينا لتكوين صورة تقريبية عن الإنجاز الرائع الذي حققه
ابن إسحاق في مجال تطوير الكتابة التاريخية العربية. إنّ طريقة ابن إسحاق
في الكتابة والبحث، ومصادره، والخلفيات السياسية والاجتماعية
__________
(1) عن أقسام سيرة ابن إسحاق، قارن الدوري: علم التاريخ عند العرب 27- 28.
(2) ابن سلام: طبقات فحول الشعراء 8، 11.
(1/16)
لأخباره ومروياته، كل ذلك يحتاج إلى دراسة
مفردة لا يتسع لها المجال هنا، وهمّنا الآن ينحصر في إخراج نصّ سليم.
تناول ابن إسحاق في كتابه ثلاث موضوعات اعتبرها مترابطة: أخبار الخليقة من
آدم وحتى إسماعيل، ثم من إسماعيل حتى النبي محمد، ثم حياة النبي محمد
وأعماله قبل البعثة وبعدها، واعتمد في القسم الأول على مادة الإسرائيليات
التي تجمعت عند العرب قبله، والتي أكملها هو خاصة أثناء تحصيله في مصر.
واعتمد في القسم الثاني على مادة عربية شبه أسطورية تتحدث عن أخبار العرب
قبل الإسلام وأنسابهم، وقد صيغت أخبار هذين القسمين بشكل جيد الأداء والعرض
أوصل إلى الغرض، وهو صحة أصول نبوة محمد وارتباطها بغيرها من النبوات التي
جاءت خاتمة لها بعد ما كانت كل نبوة تبشر سلفا بهذه النهاية الحتمية
التقدير.
وبعد الفراغ من هذين القسمين اللذين جاءا كمقدمة أخذ ابن إسحاق بالحديث عن
النبي محمد، ولم يسق هذا الحديث كقصة متسلسلة بل ساقه كوقائع بعضها وقع
للنبي محمد بالذات، وبعض آخر لغيره وله مساس قريب أو بعيد به، وحينما تحدث
ابن إسحاق عن النبي محمد أثبت تقريبا جميع المادة الاخبارية التي كان
المسلمون قد جمعوها عنه خلال القرن الأول الذي جاء بعد وفاته، ويبدو أن ابن
إسحاق أولى الفترة المكية من حياة النبي اهتماما أكبر من الفترة المدنية،
وقدم لهذا القسم بمقدمة ذكر فيها علامات النبوة عند النبي محمد، وروى جميع
قصص البشائر التي بشرت بقرب نبوته وصحتها.
وتتجلى عبقرية ابن إسحاق وتفوقه على الذين سبقوه في ترتيبه لكتابه بشكل فيه
منطق ونظام، وترتيبه هذا وإن جاء غير مثالي تماما، يكفي صاحبه فخرا الإبداع
والدنو من درجة الكمال.
ومادة ابن إسحاق غنية للغاية تكاد تكون حاوية لجميع ما تجمع لدى العرب
(1/17)
المسلمين من أخبار، وهذه «فضيلة لابن إسحاق
سبق بها» وقد صنف من بعده قوم آخرون في نفس الموضوع فلم يبلغوا مبلغه،
ومادة ابن إسحاق، رغم المآخذ، كبيرة الفائدة اعتمدها غالبية الذين كتبوا أو
اهتموا بسيرة النبي بعده، وكانت دائما موضع دراسة وعناية.
يقول في هذا الصدد ابن عدي في كتابه «الكامل» : ولو لم يكن لابن إسحاق من
الفضل إلا أنه صرف الملوك عن كتب لا يحصل منها علم، وصرف أشغالهم حتى
اشتغلوا بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبتدأ الخلق، ومبعث النبي
صلى الله عليه وسلّم، فهذه فضيلة لابن إسحاق سبق بها، ثم بعده صنف قوم
آخرون، ولم يبلغوا مبلغ ابن إسحق ولا علمه، وقد فتشت أحاديثه الكثيرة، فلم
أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ، أو وهم في الشيء
بعد الشيء، كما يخطىء غيره، ولم يتخلف عنه في الرواية عند الثقات والأئمة،
وهو لا بأس به» .
هذا وتعود القطعتان اللتان أقدم لهما إلى القسم الثالث من سيرة ابن إسحاق،
ولما كان هذا القسم يغطي الفترتين المكية والمدنية من حياة النبي فقد كان
من حسن الحظ أن أولى القطعتين تتعلق بالفترة المكية وهي تكاد تغطيها جميعا،
بينما تتعلق القطعة الثانية بالفترة المدنية وهي تروي أخبار الحوادث التي
وقعت مع نهاية معركة بدر الكبرى وحتى نهاية معركة أحد.
ويوجد من القطعة الأولى مخطوطتان واحدة قديمة تعود في تقديري إلى القرن
الخامس للهجرة، وهي موجودة في مكتبة القرويين في فاس، وتحوي مائة واثنتان
وخمسون صفحة، كتبت بعدة خطوط حسب القاعدة المغربية، ولقد لحقت أوراق هذه
المخطوطة رطوبة شديدة أدت إلى طمس بعضها طمسا كليا والبعض الآخر طمسا
جزئيا، كما سببت خروما لحقت ببعض الأوراق، وقد جعلت هذه الحالة قراءة
المخطوط أمرا في غاية الصعوبة، ولذلك فقد استغرق نسخ هذا المخطوط قرابة
العام.
(1/18)
وبعد ما أنجزت عملية النسخ وكدت أنجز
التحقيق تمكنت من الحصول على مصورة لنسخة ثانية من المخطوط موجودة في
الخزانة العامة في الرباط، وهذه النسخة حديثة تعود إلى هذا القرن أو القرن
الماضي على أبعد الحدود، وخطها مغربي جميل، إنما فيه من الأخطاء والتصحيفات
ما لا يحصى، ويبدو أن هذه النسخة قد اعتمدت على النسخة الأولى، وهي تتألف
من مائة وست وستين صفحة، ورغم ما فيها من أخطاء وتصحيفات فقد أفادتني فائدة
كبيرة وأنقذتني من الوقوع في بعض الأخطاء.
أما القطعة الثانية فهي عبارة عن أوراق فيها جزء واحد صغير من أجزاء
المغازي، كان الأستاذ ناصر الدين الألباني قد عثر عليها في المكتبة
الظاهرية بدمشق، وكنت عام (1964) قد كلفت أحد النساخ بنسخ هذا الجزء ففعل،
ويبدو أن المخطوط الأصلي منه يعود إلى القرن الخامس للهجرة، وكان صاحبه
طاهر بن بركات الخشوعي (ت: 482 هـ/ 1090 م) من رجال الحديث، وقد سمعه في
دمشق مع كامل السيرة، بحضور جملة من علماء عصره، من الخطيب البغدادي سنة
«أربع وخمسين وأربعمائة» وكان البغدادي قد جاء إلى دمشق قبل قرابة أربع
سنوات، تاركا بغداد إثر فتنة البساسيري، وقد ترك لنا بعض تلامذته قائمة
بالكتب التي حملها معه إلى دمشق ومنها سيرة ابن إسحاق.
وفي تحقيقي لهاتين القطعتين صرفت جهدي نحو إخراج نص صحيح، وسعيت نحو
الإقلال من الحواشي ما أمكن، وكان ضبط الشعر الموجود فيهما، خاصة في القطعة
الأولى أمرا ليس بالهين، لركاكة هذا الشعر المنظوم، ولعدم وروده في مصادر
أخرى، وقد استعنت بعدد من ذوي الاختصاص باللغة العربية كما استخدمت المعاجم
خاصة لسان العرب ومخصص ابن سيدة والقاموس المحيط وسواهم، كما استعنت بعدد
كبير من مصادر السيرة وكتب أخبارها، وفي تحديد الأماكن كان مصدري الأساسي
معجم البلدان لياقوت، وبالاضافة له
(1/19)
استخدمت كتب المكتبة الجغرافية العربية
وخاصة صفة الجزيرة للهمداني.
إن أملي كبير بأن أكون قد أعطيت الموجود من سيرة ابن إسحاق ما يستحقه من
جهد واهتمام، والله تعالى هو الموفق وهو من وراء القصد فله الحمد والمنة
والصلاة والسلام على الإنسان الكامل والنبي المعصوم محمد بن عبد الله.
دمشق 15/ 8/ 1976 سهيل زكار
(1/20)
|