سيرة ابن
إسحاق حديث النبي صلى الله
عليه وسلم حيث خاصمه المشركون
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني شيخ من أهل مكة قديم منذ بضع
وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس أن عتبة وشيبة إبني ربيعة، وأبا سفيان بن
حرب، والنضر بن الحارث أخا بني عبد الدار، وأبا البختري أخا بني أسد،
والأسود بن المطلب بن أسد، وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة، وأبا جهل
بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاصي ابن وائل، ونبيه ومنبه
ابني الحجاج السهميين اجتمعوا، أو من اجتمع منهم بعد غروب الشمس عند ظهر
الكعبة فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه،
فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم سريعاً وهو يظن أن قد بدا لهم في أمره بداء، وكان عليهم
حريصاً يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم فقالوا له: يا محمد إنا
قد بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه
ما أدخلت على قومك، ولقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وسفهت الأحلام وشتمت
الآلهة، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا جئته فيما بيننا وبينك، فإن
كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون
أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد
به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك به رئى «1» تراه
قد غلب عليك- وكانوا
__________
(1) أنظر الروض: 2/ 49.
(1/197)
يسمون التابع من الجن رئى، فربما كان ذلك
بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه، أو نعذر «1» فيك، فقال لهم
رسول صلى الله عليه وسلم: ما أدري ما تقولون [91] ما جئتكم بما جئتكم به
لطلب «2» أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم «3» ، ولكن الله بعثني
إليكم رسولاً وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلغتكم
رسالة ربي، ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا
والآخرة، وإن تردوا علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم، أو كما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالوا: يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فإنك قد علمت أنه ليس
أحد من الناس أضيق بلاداً ولا أقل ماء، ولا أشد عيشاً منا، فسل لنا ربك
الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط
لنا بلادنا، وليجري فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق، وليبعث لنا من مضى
من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا فيهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخاً صدوقاً،
نسلهم عما تقول أحق هو أم باطل، فإن صنعت لنا ما سألناك وصدقوك صدقناك
وعرفنا به منزلتك من الله، وأنه بعثك رسولاً كما تقول، فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ما بهذا بعثت إنما جئتكم من الله بما بعثني به، وقد
بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوا مني فهو حظكم من الدنيا والآخرة وإن تردوه
علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم.
فقالوا فإن لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك، فسل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك
بها تقول ويراجعنا عنك وسله فليجعل لك جنانا وكنوزاً وقصوراً من ذهب وفضة
يغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه،
وحتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما
__________
(1) في ع: يعذر.
(2) في ع: أطلب.
(3) في ع: فيكم.
(1/198)
تزعم، فقال لهم رسول صلى الله عليه وسلم:
ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسل ربه هذا ولا بعثت إليكم بهذا، ولكن الله
بعثني بشيراً ونذيراً، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة،
وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم.
قالوا: فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لا نؤمن لك إلا أن
تفعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك إليه إن شاء فعل ذلك بكم؛
قالوا:
يا محمد فاعلم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب،
فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم
نقبل منك ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له
الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبداً فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا
والله لا نتركك وما بلغت منا حتى تهلك [92] أو تهلكنا، وقال قائلهم: نحن
نعبد الملائكة وهن بنات الله، وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله
والملائكة قبيلاً، فلما قالوا له ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
عنهم، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن
مخزوم، وهو ابن عمته، ابن عاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمد عرض عليك
قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أموراً ليعرفوا بها منزلتك
من الله فلم تفعل، ثم أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب، فو الله لا
أومن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى
تأتيها، ثم تأتي معك بصك منشور ومعك أربعة من الملائكة يشهدون أنك كما
تقول، وإيم الله أن أن لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك، ثم انصرف عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله
حزيناً آسفاً لما فاته مما كان فيه يطمع من قومه حين دعوه، ولما رأى من
مباعدتهم إياه فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل: يا
معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه
أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا
(1/199)
بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت
«1» به رأسه، فأسلموني عند ذلك وامنعوني «2» فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف
ما بدا لهم ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره، وغدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم كما كان يغدوا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة
وقبلته إلى الشام وكان إذا صلى صلى بين الركنين الأسود واليماني، وجعل
الكعبة بينه وبين الشام، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد غدت
قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل، فلما سجد رسول الله صلى
الله عليه وسلم احتمل الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع متهيباً
منتقعا قد تغير لونه مرعوباً قد يبست يده على حجره حتى قذف الحجر من يده،
وقامت إليه رجال قريش فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل ما
قلت لكم البارحة، ولما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل والله ما رأيت
مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهم بأن يأكلني.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:
ذلك جبريل لو دنا لأخذه.
نا يونس قال: ثم رجع الحديث [93] إلى الأول قال: فلما قال له ذلك أبو جهل
قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي
فقال: يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما اشلتم «3» له نبله بعد،
لقد كان محمد فيكم غلاما حدثاً، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم
أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم،
__________
(1) فضخه: كسره، ولا يكون إلا في شيء أجوف.
(2) كذا في الأصل وفي ع ولعل الصواب «أو امنعوني» كما جاء في ابن هشام،
الروض: 2/ 38.
(3) أي نزل بكم أمر لم تقدروه حق قدره ولم تحتاطوا له بما يلزم، وجاء عند
ابن هشام، الروض: 2/ 38 «نزل بكم أمر ما آتيتم له بحيلة بعد» .
(1/200)
ساحر، ولا والله ما هو بساحر، قد رأينا
السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم:
كاهن، ولا والله ما هو بكاهن، وقد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم،
وقلتم: شاعر، ولا والله ما هو بشاعر ولقد روينا الشعر وأصنافه كلها هزجه
ورجزه وقريضه، وقلتم: مجنون، ولا والله ما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون
فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه، يا معشر قريش انظروا في شأنكم، فإنه
والله قد نزل بكم أمر عظيم.
وكان النضر من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك فارس، وأحاديث
رستم وأسفندباذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلساً يذكر فيه
بالله ويحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة «1» الله، خلفه في
مجلسه إذا قام، ثم يقول:
أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثاً منه، فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من
حديثه، ثم يحدثهم «2» عن ملوك فارس ورستم وأسفندباذ، ثم يقول: بماذا محمد
أحسن حديثاً مني.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني رجل من أهل مكة عن سعيد ابن جبير
عن ابن عباس قال: أنزل الله في النضر ثماني آيات، قول الله تعالى:
«إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» «3» وكل ما
ذكر فيه الأساطير من القرآن «4» .
فلما قال النضر ذلك بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود
بالمدينة فقالوا لهما: سلوهم عن محمد، وصفوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله،
__________
(1) في ع: نعمه.
(2) في ع: فيحدثهم، وعن رستم وأسفندباذ، أنظر الروض: 2/ 52- 53.
(3) سورة المطففين: 13.
(4) أنظر سور: الأنعام 25. الأنفال: 31. النحل: 24. المؤمنون: 83. الفرقان:
5. النمل: 68. الأحقاف: 17. القلم: 15.
(1/201)
فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس
عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره، وأخبروهم ببعض قوله، وقالوا
لهم: إنكم أهل التوراة فقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، فقالت لهم أحبار
يهود: سلوه عن ثلاث يأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل
فالرجل متقول، فروا «1» فيه رأيكم، سلوه عن [94] فتية ذهبوا في الدهر الأول
ما كان من أمرهم، فإنه كان لهم حديث عجب، وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق
الأرض ومغاربها ما كان بناؤه، وسلوه عن الروح ما هو، فإن أخبركم بذلك فهو
نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم.
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما مكة على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم
بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فأخبروهم
بها، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه
عما أمروهم به فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبركم عما سألتم
عنه غداً، ولم يستثن فانصرفوا عنه، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس
عشرة ليلة لا يحدث الله تعالى إليه في ذلك وحياً، ولا يأتيه جبريل عليه
السلام حتى أرجف أهل مكة وقالوا:
وعدنا محمد غداً واليوم خمس عشرة وقد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشىء مما
سألناه عنه، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه، وشق عليه
ما تكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف، فيها
معاتبته إياه على حزنه وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف،
يقول الله تعالى:
«وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما
أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» . «2»
__________
(1) أي اعملوا فيه رأيكم.
(2) سورة الاسراء: 85.
(1/202)
نا أحمد: نا يونس عن ابن اسحق قال: فبلغني
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح السورة فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) يعني محمداً إنك رسول مني،
تحقيقاً لما سألوه عنه من نبوته (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، قَيِّماً
أي معتدلاً لا اختلاف فيه (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ «1»
) قال: عاجل عقوبة في الدنيا، وعذابه في الآخرة من عند ربك الذي بعثك
رسولاً.
__________
(1) سورة الكهف: 1- 2.
(1/203)
باب احاديث الاحبار
واهل الكتاب بصفة النبي صلى الله عليه وسلم
نا يونس عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله قال كنت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فهو يمشي في حرث ومعه عسيب «1» يتوكأ عليه فمر على ناس من اليهود
فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسلوه، فقام إليه بعضهم
فقال: أخبرنا يا محمد عن الروح ما هو؟ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
ساكتاً لا يتكلم، فعرفت أنه يوحى إليه، وكنت وراءه فتأخرت، ثم تكلم رسول
الله فقال: [95] (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ
رَبِّي «2» ) إلى قوله (قَلِيلًا) فقالوا: أليس قد نهيناكم أن تسألوه؟!
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني رجل بمكة عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة: يا محمد
أرأيت قولك (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) إيانا تريد
أم قومك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا، فقالوا: ألست تتلو فيما
جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه،
فأنزل الله عز وجل فيما سألوه عنه من ذلك: (وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ
مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) إلى قوله: (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ «3» )
إني أرى التوراة في علم الله قليل.
__________
(1) العسيب جريدة من النخل مستقيمة نحي عنها خوصها.
(2) سورة الاسراء: 85.
(3) سورة لقمان: 27.
(1/204)
نا يونس عن بسام مولى علي بن أبي الطفيل
قال: قام علي بن أبي طالب على المنبر فقال: سلوني قبل ألا تسألوني ولن
تسألوا بعدي مثلي؛ فقام ابن الكواء «1» فقال: يا أمير المؤمنين ما ذو
القرنين، أنبي أو ملك؟ فقال: ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبداً صالحاً أحب
الله فأحبه وناصح الله بنصحه فضرب على قرنه الأيمن فمات ثم بعثه، ثم ضرب
على قرنه الأيسر فمات وفيكم مثله.
نا يونس عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حرب عن رجل من بني أسد قال:
سأل رجل علياً: أرأيت ذا القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟
فقال: سخر له السحاب ومد له في الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار
عليه سواء.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم بما عرفوا من الحق وعرفوا صدقه فيما حدث وموقع نبوته فيما جاءهم به من
علم الغيوب حين سألوه عما سألوه عنه، فحال الحسد منهم له بينهم وبين أتباعه
وتصديقه، فعتوا على الله وتركوا أمره عياناً، ولجوا فيما هم عليه من الكفر
فقال قائلهم:
(لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ) «2» ، أي اجعلوه لعباً وباطلاً، واتخذوه هزواً، أي لعلكم
تغلبون، تغلبوه بذلك، فإنكم إن وافقتموه وناصفتموه غلبكم، فلما قال ذلك
بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وهو يصلي
يتفرقون عنه ويأبون أن يسمعوا له، وكان الرجل منهم إذا أراد أن يسمع من
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي استتر واستمع
دونهم، فرقاً منهم، فإن رأى أنهم عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم ولم
يستمع، وإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فظن الذين يستمعون أنهم
[96]
__________
(1) هو عبد الله بن عمرو بن النعمان اليشكري، وعرف بابن الكواء، وكان
خارجيا وكان كثير المسائلة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يسأله
تعنتا. انظر الاشتقاق: 340. جمهرة أنساب العرب لابن حزم: 308.
(2) سورة فصلت: 36.
(1/205)
لم يسمعوا من قراءته شيئاً وسمع هو دونهم
أشاح «1» له ليستمع منه.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني داود بن الحسين عن عكرمة عن ابن
عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي
تفرقوا عنه وأبوا أن يستمعوا منه، وكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي يسترق السمع دونهم فرقاً
منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم ولم يستمع، وإن خفض
رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فظن الذي يستمع أنهم لم يسمعوا شيئاً من
قراءته وسمع من دونهم أشاح «2» له يستمع، فأنزل الله تعالى: (وَلا تَجْهَرْ
بِصَلاتِكَ) فيتفرقوا عنك «وَلا تُخافِتْ بِها» فلا يسمع من أراد أن
يستمعها ممن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فيقتنع به
«وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا» . «3»
نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا
تُخافِتْ بِها) قالت: نزلت في الدعاء.
نا يونس عن عيسى بن عبد الله التميمي عن رجل عن مجاهد في قول الله تعالى:
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ «4» ) قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يجهر بالقرآن بمكة.
نا يونس عن يونس بن عمرو الهمداني عن أبيه عن سعد بن عياض اليماني قال، كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقل «5» الناس منطقا، فلما أمر بالقتال
شمر، فكان من أشد الناس بأساً.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني يزيد بن زياد مولى بني هاشم عن
محمد بن كعب قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة كان سيداً حليماً قال ذات يوم
__________
(1) كذا في الأصل ولعل المقصود منها الالتفات نحو رسول الله صلى الله عليه
وسلم والحرص الشديد على الاستماع، وجاء في ع وعند ابن هشام، الروض: 2/ 47
«أصاخ» .
(2) كذا في الأصل ولعل المقصود منها الالتفات نحو رسول الله صلى الله عليه
وسلم والحرص الشديد على الاستماع، وجاء في ع وعند ابن هشام، الروض: 2/ 47
«أصاخ» .
(3) سورة الاسراء: 110.
(4) سورة الحجر: 94.
(5) في حاشية ع: خ- أول.
(1/206)
وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله
عليه وسلم جالس وحده في المسجد: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه
أموراً لعله أن يقبل بعضها فنعطه أيها شاء ويكف عنا، وذلك حين أسلم حمزة بن
عبد المطلب، ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون؟
فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم فكلمه، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: يابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة «1» في
العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم
وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم فاسمع مني
أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك أن تقبل منها بعضها، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم. قل يا أبا الوليد أسمع، فقال يابن أخي إن كنت إنما تريد
بما جئت من هذا القول مالاً جمعنا من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن
كنت إنما تريد شرفاً شرفناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد
ملكاً ملكناك، وإن كان [97] هذا الذي يأتيك رئياً تراه ولا تستطيع أن ترده
عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب
التابع على الرجل حتى يداوى منه، ولعل هذا الذي تأتي به شعر جاش به صدرك،
فإنكم لعمري يا بني عبد المطلب تقدرون منه على ما لا يقدر عليه أحد، حتى
إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:
أفرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاستمع مني، قال: أفعل، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم «حم. تَنْزِيلٌ مِنَ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا» «2»
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها عليه، فلما سمعها عتبة أنصت له،
وألقى بيده خلف ظهره معتمداً عليها يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها، ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت
فأنت وذاك، فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد
__________
(1) علو المكانة والنسب.
(2) سورة فصلت: 1- 3.
(1/207)
جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به،
فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال: ورائي، إني والله قد
سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا الكهانة،
يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين «1» هذا الرجل وبين ما هو فيه
واعتزلوه، فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصيبه العرب فقد
كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم، وكنتم أسعد
الناس به، قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، فقال: هذا رأي لكم
فاصنعوا ما بدا لكم.
نا أحمد: نا يونس عن بن إسحق قال: ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة حتى كثر في
الرجال والنساء، وقريش تحبس من قدرت على حبسه، وتفتن من استطاعت فتنته من
الناس، فقال أبو طالب يمدح عتبة بن ربيعة حين رد على أبي جهل، فقال: ما
تنكر أن يكون محمد نبياً؟!
عجبت لحلم يا ابن شيبة ... وأحلام أقوام لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمد ... بسوء وقم في أمره بخلاف
فلا تركبن الدهر مني ظلامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف
ولا تتركنه ما حييت لمطمع ... وكن رجلاً ذا نجدة وعفاف
تدور العدى عن دورة هاشمية ... ألا فهم في الناس خير آلاف
فإن له قرباً لديك قريبة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف [98]
ولكن من هاشم في صميمها ... إلى أبحر فوق البحور صواف
وزاحم جميع الناس فيه وكن له ... ظهيراً على الأعداء غير مجاف
فإن غضبت فيه قريش فقل لهم ... : بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما بالكم تغشون منا ظلامة ... وما بال أحلام هناك خفاف
وما قومنا بالقوم يغشون ظلمنا ... وما نحن فيما ساءهم بخفاف
ولكنا أهل الحفاظ والنهى ... وعز ببطحاء الحطيم مواف
__________
(1) سقطت «بين» من ع.
(1/208)
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر قريش اتبعوني وأطيعوا أمري فإنه
الهدى ودين الحق يعززكم ويمنعكم من الناس (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ
وَبَنِينَ) «1» فقالت قريش: (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ
مِنْ أَرْضِنا) ، فانزل الله تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً
آمِناً) إلى قوله: (أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) «2» .
نا يونس عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: اللهم أني أدعو قريشاً لتملك بتلك براً وبحراً، وقد جعلوا
طعامي كطعام الحجلة، يا معشر قريش أطيعوني يطأ الناس أعقابكم إلى يوم
القيامة، قال أبو جهل: والله لئن بايعناك يابن أخي لا تبايعك مضر ولا
ربيعة، قال: بلى والله طوعاً وكرها، وفارس والروم.
نا يونس عن محمد بن أبي حميد المديني عن محمد بن المكندر قال: أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: إن قريشاً يتواعدونك ليقتلوك، فخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم من باب الصفا حتى وقف عندها فأتاه جبريل عليه
السلام فقال له يا محمد أن الله قد أمر السماء أن تطيعك، والأرض أن تطيعك،
وأمر الجبال أن تطيعك، فإن أحببت فمر السماء أن تنزل عليهم عذاباً منها،
وإن أحببت فمر الأرض أن تخسف بهم، وإن أحببت فمر الجبال أن تنضم عليهم،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أوخر عن أمتي لعل الله أن يتوب عليهم.
نا أحمد بن عبد الجبار قال: نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي المنهال عن
سعيد وعبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: لما أتى موسى قومه فأمرهم
بالزكاة جمعهم قارون فقال: هذا جاءكم بالصوم والصلاة وأشياء تحملونها،
أفتحتملون أن تعطوه أموالكم؟ قالوا: ما نحتمل أن نعطيه أموالنا فما ترى؟
قال: أرى أن ترسلوا إليه بغي بني اسرائيل فتأمروها أن ترميه بأنه أرادها
على نفسها، فرمت موسى على رؤوس الناس بأنه قد أرادها على نفسها، فدعا
__________
(1) سورة نوح 11.
(2) سورة القصص: 57.
(1/209)
الله عليهم، فأمر الله الأرض ان تطيعه،
فقال للأرض: خذيهم فأخذتهم إلى [99] أعقابهم فجعلوا يقولون: يا موسى يا
موسى، فقال: خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم، فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى،
فقال: خذيهم، فأخذتهم إلى حجزهم «1» فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى، فقال:
خذيهم، فأخذتهم فغيبتهم فيها، فأوحى الله إليه أن يا موسى سألك عبادي
وتضرعوا إليك فلم تجبهم، لو إياي دعوا لأجبتهم.
نا يونس عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن المغيرة بن شعبة قال: إن أول
يوم عرفت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام
في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم وسلم لأبي جهل:
يا أبا الحكم هلم إلى الله وإلى رسوله، إني أدعوك إلى الله، فقال أبو جهل:
يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا، هل تريد إلا أن تشهد أن قد بلغت، فنحن
نشهد أن قد بلغت، فو الله لو أني أعلم أن ما تقول حقا ما تبعتك، فانصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فقال: والله إني لأعلم أن ما يقول
حق ولكن بني قصي قالوا: فينا الحجابة، فقلنا: نعم؛ قالوا: فينا الندوة،
قلنا: نعم؛ قالوا:
فينا اللواء، قلنا: نعم؛ قالوا: فينا السقاية: قلنا: نعم؛ ثم أطعموا
وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي فلا والله لا أفعل.
نا يونس عن المبارك بن فضالة عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: إن لكل أمة فرعون، فإن فرعون هذه الأمة أبو جهل.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني حكيم بن حكيم عن عباد بن حنيف عن
عكرمة عن ابن عباس أنه تلا «وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ
«2» » قال: يقول المذمومة نزلت في أبي جهل بن هشام.
__________
(1) أي إلى أوساطهم (معقدتكك سراويلهم) .
(2) سورة الاسراء: 60.
(1/210)
نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن عمرو
بن ميمون الأودي قال: نا عبد الله بن مسعود قال بينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي عند المقام، فقال أبو جهل لأصحابه، وهم جلوس عنده: من يذهب
فيأتينا بسلي الجزور عند بني فلان، فقام غاو منهم فجاء به فقيل له: إذا
رأيت محمداً ساجداً فضعه بين كتفيه، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وضعه بين كتفية، فلم يتحلل حتى فرغ من سجوده، وبلغ فاطمة فجاءت وهي جارية
فأخذته وجعلت تمسح عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبلت عليهم
تشتمهم واستضحكوا حتى صرعوا فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته
استقبل الكعبة ورفع يديه فدعا عليهم: اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن
ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة وعمارة بن الوليد، وأمية بن خلف،
وعقبة بن أبي معيط، قال عبد الله بن مسعود: [100] وأنا يومئذ غلام غير ذي
منعة في القوم، فو الذي أنزل الكتاب على محمد لقد رأيتهم صرعى في الطوي طوي
بدر.
نا أحمد نا يونس عن ابن اسحق قال: وقد قال عمر بن الخطاب فيما يزعمون بعد
اسلامه يذكر ما رأت قريش من العبرة فيما كان أبو جهل هم به من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وقائل يقول قالها أبو طالب، فالله أعلم بمن قالها:
أفيقوا بني غالب وانتهوا ... عن البغي في بعض ذا المنطق
وإلا فإني إذاً خائف ... بوائق في داركم تلتقي
تكون لغابركم عبرة ... ورب المغارب والمشرق
كما ذاق من كان من قبلكم ... ثمود وعاد فمن ذا بقي
غداة أتاهم بها صرصراً ... وناقة ذي العرش إذ تستقي
فحل عليهم بها سخطة من الله ... في ضربة الازرق
غداة يعض بعرقوبها حسام ... من الهند ذو رونق
وأعجب من ذاك من أمركم ... عجائب في الحجر الملصق
بكف الذي قام من حينه ... إلى الصابر الصادق المتقي
(1/211)
فأيبسه الله في كفه ... على رغم ذا الخائن
«1» الأحمق
أحيمق مخزومكم إذ غوى ... بغي الغواة ولم يصدق
نا يونس عن المبارك بن فضالة عن الحسن أن رسول صلى الله عليه وسلم قال:
أيها الناس انظروني وقريشاً فإن غلبوني فسترون ذاكم، وإن غلبهم الله لي
فانتظروا، فكف ناس وقالوا: صدق إن غلب قريشاً فما ذاك إلا من الله ليس من
هذا فكفوا عن قتاله، وأبى آخرون فهلكوا.
نا يونس عن قيس بن الربيع عن حكيم بن الديلم عن الضحاك بن مزاحم عن عبد
الله بن عباس في قوله تعالى: «وَأَنْتُمْ سامِدُونَ «2» » قال: كانوا يمرون
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ألم تر إلى البعير يكون في
الابل فتراه يخطر بذنبه شائحا.
__________
(1) جاء في الحاشية: الجائر.
(2) سورة النجم: 61.
(1/212)
|