سيرة ابن
إسحاق تزويج فاطمة رضي
الله عنها
أنا أحمد: أنا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد
عن علي قال: خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لي مولاة
لي:
هلا سمعت أن فاطمة قد «2» خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت:
لا، قالت:
فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك، فقلت:
وعندي شيء أتزوج به؟! فقالت: إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك
فو الله ما زالت (122) ترجيني «3» حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلال وهيبة، فلما قعدت بين يديه
أفحمت «4» ، فو الله ما استطعت أن أتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ما جاء بك، ألك حاجة؟ فسكت، فقال:
ما جاء بك، ألك حاجة؟ فسكت، فقال: لعلك جئت تخطب فاطمة؟
فقلت: نعم، فقال: وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقلت: لا والله يا رسول
الله، فقال: ما فعلت درع سلحكتها، فوا الذي نفس علي بيده إنها لحطمية ما
ثمنها أربعة دراهم، فقلت: عندي، فقال: قد زوجتكها فابعث بها إليها فاستحلها
بها، فإن كانت لصداق فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» .
أنا يونس عن عباد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح قال: لما خطب علي
__________
(1) سقطت «له» من ع.
(2) في ع: «فاطمة أخطبت» .
(3) في ع: تروجني.
(4) في ع: فحمت.
(5) انظر هذا الموضوع روايات الزهري في مصنف عبد الرزاق: 5/ 485- 490.
(1/246)
فاطمة أتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: إن علياً قد ذكرك، فسكتت، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها.
أنا أحمد: نا يونس قال: سمعت ابن اسحق قال: فولدت فاطمة لعلي:
الحسن، والحسين، ومحسن، فذهب محسن صغيراً، وولدت له: أم كلثوم وزينب.
أنا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن هانىء بن هانىء عن علي قال:
لما ولد حسن سميته حرباً، قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أروني بني، ماذا سميتموه؟ فقلت: سميته حرباً، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لله عليه، لا ولكن اسمه حسن، فلما ولدت حسيناً سميته حرباً، فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
أروني ابني ما سميتموه؟ فقلت: سميته حرباً، فقال: لا ولكن أسمه حسين، فلما
ولدت الثالث سميته حرباً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني
ابني ماذا سميتموه؟ فقلنا: سميناه حرباً، فقال: لا ولكن اسمه محسن، ثم قال:
إني سميتهم ببني هرون: شبره وشبيراً «1» ، يقول حسن وحسين.
__________
) Shafra () Shafra ((1)
(1/247)
تزويج عمر بن الخطاب
أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: وتزوج أم كلثوم ابنة علي من فاطمة ابنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب، فولدت له زيد بن عمر وامرأة
معه، فمات عمر عنها.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال:
خطب عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، وكانت لفاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتل علي عليه، وقال: هي صغيرة، فقال عمر:
لا والله ما ذاك بك ولكن أردت منعي، فإن كان كما تقول [123] فابعثها إلي،
فرجع علي فدعاها فأعطاها حلة فقال: انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي:
يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلة، فأتته بها، فقالت له ذلك، فأخذ بدرعها «1»
فاجتبذتها منه، وقالت: أرسل، فأرسلها وقال: حصان كريم، انطلقي فقولي له: ما
أحسنها وأجملها، ليست والله كما قلت، فزوجها إياه.
نا يونس عن خالد بن صالح عن واقد بن محمد بن عبد الله بن عمر عن بعض أهله
قال: خطب عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، وأمها فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي: إن علي فيها أمراء حتى
استأذنهم، فأتى ولد فاطمة، فذكر ذلك لهم فقالوا: زوجه، فدعا أم كلثوم وهي
يومئذ صبية فقال: انطلقي إلى أمير المؤمنين فقولي: إن أبي يقرئك السلام
ويقول لك: إنا قد قضينا حاجتك التي طلبت، فأخذها عمر فضمها إليه وقال: إني
خطبتها إلى أبيها فزوجنيها، فقيل: يا أمير المؤمنين ما كنت تريد إليها وهي
صبي صغيرة؟
__________
(1) في حاشية الأصل: ح، بذراعها، ودرع المرأة قميصها.
(1/248)
قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: كل سبب «1» منقطع يوم القيامة إلا سببي «2» ، فأردت أن يكون
بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب «3» صهر.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني أبو جعفر عن أبيه علي بن الحسين
قال: لما تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم ابنة علي أتى مجلساً في مسجد رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والمنبر للمهاجرين لم يكن يجلس فيه
غيرهم، فدعوا له بالبركة فقال: أما والله ما دعاني إلى تزويجها إلا أني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة
إلا ما كان من نسبي وسببي «4» .
أنا يونس عن هشام بن سعد القرشي عن عطاء الخراساني عن عمر بن الخطاب أنه
قال: لا تغالوا في مهور النساء فإنه لو كان تقوى لله أو مكرمة في الدنيا
كان نبيكم أولاكم بذلك، ما أصدق أحداً «5» من نسائه ولا أصدق بناته أكثر من
اثنتي عشرة أوقية أربعمائة وثمانون درهماً، ثم أن عمر بن الخطاب بعد خطب أم
كلثوم ابنة علي بن أبي طالب فأصدقها أربعين ألفاً.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فلما مات عمر بن الخطاب عن أم كلثوم
ابنة علي تزوجت عون بن جعفر، فهلك عنها عون ولم يصب منها ولد.
__________
(1) في ع: نسب.
(2) في ع: نسبي.
(3) في ع: نسب.
(4) في حاشية ع: كل حسب ونسب.
(5) سقطت «أحدا» من ع.
(1/249)
تزويج أم كلثوم عون بن جعفر بن أبي طالب
نا أحمد نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني والدي إسحق بن يسار عن حسن بن حسن
عن علي بن أبي طالب [124] أنه قال: لما أيمت أم كلثوم ابنة علي من عمر بن
الخطاب دخل عليها حسن وحسين أخواها فقالا لها: إنك من قد عرفت سيدة نساء
المسلمين وابنة سيدتهن وإنك والله لئن أمكنت عليا من زمتك لينكحنك بعض
أيتامه، ولئن أردت أن تصيبن «2» بنفسك مالاً عظيماً لتصيبنه، فو الله ما
قاما حتى طلع علي متوكيا على عصاه، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر
منزلتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد عرفتم منزلتكم يا بني
فاطمة واثرتكم على سائر ولدي لمكانكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقرابتكم منه، فقالوا: صدقت رحمك الله وجزاك عنا خيراً، فقال: أي بنية أن
الله عز وجل قد جعل أمرك بيدك فأنا أحب أن تجعليه بيدي، فقالت: أي أبة،
والله إني لامرأة أرغب فيما يرغب فيه النساء، وأحب أن أصيب ما تصيبه النساء
من الدنيا، فأنا أريد أن أنظر في أمر نفسي، فقال: لا والله يا بنية ما هذا
من رأيك، ما هو إلا من رأي هذين، ثم قام فقال: والله لا أكلم رجلاً منهما
أو تفعلين، فاخذا بثيابه فقالا:
إجلس يا أبة فو الله ما على هجرتك من صبر، اجعلي أمرك بيده، فقالت: قد
فعلت، قال: فإني قد زوجتك عون بن جعفر، وإنه لغلام، ثم رجع إلى بيته فبعث
إليها بأربعة آلاف، وبعث إلى ابن أخيه فأدخله عليها، قال حسن: فو الله ما
سمعت بمثل عشق منها له منذ خلقك الله، فما نشب عون أن هلك، فرجع إليها علي
فقال: أي بنية اجعلي أمرك بيدي ففعلت، فزوجها محمد بن جعفر، ثم خرج فبعث
إليها بأربعة آلاف درهم ثم أدخله عليها.
نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: فمات عون بن جعفر عن أم كلثوم ابنة علي
فتزوجها محمد بن جعفر بن أبي طالب فمات عنها ولم يصب منها.
__________
(2) في ع: تصيبي.
(1/250)
|