تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار

ج / 1 ص -89-    سنة خمس وعشرين ومائة وألف.
ورد أيضا اغا باستعجال الخزينة ورجع الحجاج في شهر صفر صحبة محمد بك قطامش وانتهت رياسة مصر إلى قيطاس بك ومحمد بك وحسن كتخدا النجدلي وكور عبدالله وإبراهيم الصابونجي. فسولت لقيطاس بك نفسه قطع بيت القاسمية وأخذ يدبر في ذلك واغرى سالم بن حبيب فهجم على خيول إسمعيل بك ابن ايواز بك في الربيع وجم أذناب الخيول ومعارفها ما عدا الخيول الخاص فإنها كانت بدوار الوسية وذهب ولم يأخذ منها شيئا وحضر في صبحها أمير اخور فاخبروه وكان عنده يوسف بك الجزار فلاطفة وسكن حدته واشار عليه بتقليد حسن أبي دفية قائمقام الناحية ففعل ذلك وجرت له مع ابن حبيب أمور ستذكر في ترجمة ابن حبيب فيما يأتي. ثم أنه كتب عرضحال أيضا على لسان الأمير منصور الخبيري يذكر فيه أن عرب الضعفاء اخربوا الوادي وقطعوا درب الفيوم. وأرسل ذلك العرضحال صحبة قاصد يأمنه فختمه منصور وأرسله إلى الباشا صحبة البكاري خفير القرافة. فلما طلع قيطاس بك في صبحها إلى الباشا واجتمع باقي الأمراء وكان قيطاس بك رتب مع الباشا أمرا سرا وأغراه وأطعمه في القاسمية وما يؤول إليه من حلوان بلاد إبراهيم بك ويوسف بك وابن ايواظ بك واتباعهم فلما استقر مجلسهم دخل البكاري بالعرضحال فأخذه كاتب الديوان وقرأه على اسماع الحاضرين فاظهر الباشا الحدة وقال: أنا أذهب لهؤلاء المفاسيد الذين يخربون بلاد السلطان ويقطعون الطريق. فقال إبراهيم بك أقل ما فينا يخرج من حقهم وانحط الكلام على ذهاب إبراهيم بك وإسمعيل بك ويوسف بك وقيطاس بك وعثمان بك ومحمد بك قطامش. وكان قانصوه بك في بني سويف في الكشوفية وأحمد بك الأعسر في اقليم البحيرة فلما وقع الاتفاق على ذلك

 

ج / 1 ص -90-    خلع عليهم الباشا قفاطين ونزلوا فأرسلوا خيامهم ومطابخهم إلى تحت ام خنان ببر الجيزة وعدوا بعد العصر ونزلوا بخيلهم. واتفق قيطاس بك مع عثمان بك أنهم يعدون خلفهم بعد المغرب ويكونون أكلوا العشاء وعلوا على الخيول وعندما ينزلون إلى الصيوان زياده يتركون الخيول ملجمة والمماليك والطوائف باسلحتها. فإذا أتى الينا الثلاثة صناجق نقتلهم ثم نركب على طوائفهم وخيولهم مربوطة فنقتل كل من وقع ونخلص ثأر الفقارية الذين قتلهم خال إبراهيم بك في الطرانة. فلما فعلوا ذلك وعدوا وأوقدوا المشاعل وذلك وقت العشاء ونزلوا بالصيوان قال إبراهيم بك ليوسف بك وإسمعيل بك: قوموا بنا نذهب عند قيطاس بك. قالا له: أنت فيك الكفاية. فذهب إبراهيم بك وهو ماش ولم يخطر بباله شيء من الخيانة. فلما دخل عندهم وسلم وجلس سأله قيطاس بك عن رفقائه. فقال: إنهم جالسون محلهم فلم يتم ما أرادوه فيهم من الخيانة. فعند ذلك قام محمد بك وعثمان بك إلى خيامهما وقلعا سلاحهما وخلعا لجامات الخيل وعلقا مخالي التبن ورجعا اليهما فقال قيطاس بك لإبراهيم بك اركبوا انتم الثلاثة في غد وانصبوا عند وسيم ونحن نذهب إلى جهة سقارة فنطرد العرب فيأتون إلى جهتكم فاركبوا عليهم. فأجابه إلى ذلك. ثم قام وذهب إلى رفقائه فاخبرهم بذلك وباتوا إلى الصباح. وفي الصباح حملوا وساروا إلى جهة وسيم كما اشار إليهم قيطاس بك فنزلت إليهم الزيدية بالفطور فسألوهم عن العرب فقالوا لهم: الوادي في أمن وأمان بحمد الله لا عرب ولا حرب ولا شر. وإما قيطاس بك ومن معه فإنه رجع إلى مصر وأرسل إلى ابن حبيب بأن يجمع نصف سعد وعرب بلي ويرسلهم مع ابنه سالم يدهمون الجماعة بناحية وسيم ويقتلونهم فتلكأ ابن حبيب في جمع العربان لصداقة قديمة بينه وبين إبراهيم بك وحضر لهم رجل من الأجناد كان تخلف عنهم لعذر حصل له فأخبرهم برجوع قيطاس بك ومن معه

 

ج / 1 ص -91-    إلى مصر فركب إبراهيم بك ويوسف بك وإسمعيل بك ونزلوا بالجيزة عند أبي هريرة وصحبتهم خيالة الزيدية وباتوا هناك وعادوا في الصباح إلى منازلهم سالمين.
وفي هذه السنة حصل طاعون وكان ابتداؤه في القاهرة في غرة ربيع الأول وتناقص في أواخر جمادى الآخرة. ووصل عابدين باشا إلى الأسكندرية وتقلد يوسف بك الجزار قائمقام وخلع على ابن سيده إسمعيل بك ولما حضر الباشا إلى الحلى وطلع إلى العادلية واحضر الأمراء تقادمهم وقدم له إسمعيل بك تقدمة عظيمة واحبه الباشا واختص به ومال قلبه إلى فرقة القاسمية فقلدهم المناصب والكشوفيات. وحضر مرسوم بامارة الحج لاسمعيل بك ابن ايواظ بك وعابدين باشا هذا هو الذي قتل قيطاس بك بقراميدان كما يأتي خبر ذلك في ترجمة قيطاس بك. وهرب محمد بك قطامش تابعه بعد قتل سيده إلى بلاد الروم وأقام هناك مدة ثم عاد إلى مصر وسيأتي خبر ذلك في ترجمته. وفي ولايته تقلد عبدالله كاشف وصاري علي وعلي الأرمني وإسمعيل كاشف صناجق الأربعة ايواظية وتقلد منهم أيضا عبدالرحمن اغا ولجه اغات جملية وإسمعيل اغا كتخدا وأيواظ بك كتخدا جاويشية ومن اتباع إبراهيم بك أبي شنب قاسم الكبير وإبراهيم فارسكور وقاسم الصغير ومحمد جلبي بن إبراهيم بك أبي شنب وجركس محمد الصغير خمستهم صناجق واستقر الحال وطلع بالحج الأمير إسمعيل بك ابن ايواظ سنة سبع وعشرين و. سنة ثمان وعشرين. في أمن وأمان وسخاء ورخاء.