تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار
سنة ثلاث وثمانين
ومائة وألف.
فيها في المحرم أخرج علي بك عثمان اغا الوكيل من
مصر منفيا إلى جهة الشام وكذلك أحمد أغا اغات الجوالي وأغات الضربخانة
إلى جهة الروم. وكان أحمد أغا هذا رجلا عظيما ذا غنية كبيرة وثروة
زائدة فصادره علي بك في ماله وأمره بالخروج من مصر فاحضر المطربازية
والدلالين والتجار وأخرج متاعه وذخائره وباعها بسوق المزاد بينهم فبيع
موجوده من أمتعة وثياب وجواهر وتحف واسلحة وكتب واشياء نفيسة وهو ينظر
إليها ويتحسر ثم سافر إلى جهة الأسكندرية.
وفيها توفي محمد باشا الذي كان بقصر عبد الرحمن كتخدا بشاطيء النيل
ولعله مات مسموعا ودفن بالقرافة الصغرى عند مدافن الباشوات بالقرب من
الإمام الشافعي. ونزل الحج ودخل إلى مصر مع أمير الحاج خليل بك بلغيا
في أمن وأمان. ووصل باشا من طريق البر وطلع الأمراء إلى العادلية
لملاقاته ونصبوا خيامهم ودخل بالموكب وذلك في شهر صفر.
وفيها أرسل علي بك تجريدة إلى سويلم بن حبيب والهنادي بالبحيرة ثم نقل
منها إلى المحلة الكبرى فاقام سنين.
وفيها أرسل علي بك تجريدة إلى سويلم بن حبيب والهنادي بالبحبر وباش
التجربدة إسمعيل بك وذلك أن ابن حبيب لما رحل من دجوة وذهب إلى البحيرة
وانضم إلى عرب الهنادي وكان المتولي على كشوفية البحيرة عبدالله بك
تابع علي بك فحاربوه وحاربهم حتى قتل عبد الله بك المذكور في المعركة
ونهبوا متاعة ووطاقه وكان أحمد بك بشناق لما خرج من مصر هاربا بعد قتل
صالح بك كما تقدم ذهب إلى الروم فصادف
ج / 1 ص -375-
هناك جماعة من الهربانين ومنهم يحيى السكري
وعلي أغا المعمار وعلي بك الملط وغيرهم وزيفوا بسبب المغرضين لعلي بك
بدار السلطنة فنزلوا في مركبين إلى درنة فوصلوها متفرقين. فالتي وصلت
أولا بها يحيى السكري وعلي المعمار والملط فركبوا عندما وصلوا إلى درنة
وذهبوا إلى الصعيد ووصلت المركب الأخرى بعد أيام وبها أحمد بك بشناق
فطلع إلى عند الهنادي. فلما وصل إسمعيل بك ومن معة بالتجريدة فتحاربوا
مع الحبايبة والهنادي ومعهم أحمد بك بشناق ثلاثة أيام وكان سويلم بن
حبيب منعزلا في خيمة صغيرة عند امرأة بدوية بعيدا عن المعركة فذهب بعض
العرب وعرف الأمراء بمكانة فكبسوه وقتلوه وقطعوا رأسة ورفعوها على رمح
واشتهر ذلك. فارتفع الحرب من بين الفريقين وتفرق الهنادي وعرب الجزيرة
والصوالحة وغيرهم وراحت كسرة على الجميع ولم يقم لهم قائم من ذلك
اليوم. وتغيب أحمد بك بشناق فلم يظهر إلا بعد مدة ببلاد الشام.
وفيها تقلد أيوب بك على منصب جرجا وخرج مسافرا ومعه عدة كبيرة من
العساكر والاجناد فوصلوا إلى قرب اسيوط فوردت الأخبار باجتماع الأمراء
المنفيين وتملكهم اسيوط وتحصنهم بها وكان من أمرهم أنه لما ذهب محمد بك
أبو الذهب إلى جهة قبلي لمنابذة شيخ العرب همام كما تقدم وجرى بينهما
الصلح على أن يكون لهمام من حدود برديس وتم الأمر على ذلك بشرط أن تطرد
المصريين الذين عندك ولا تبقي منهم أحدا بدائرتك. فجمعهم وأخبرهم بذلك
وقال لهم اذهبوا إلى اسيوط واملكوها قبل كل شيء فإن فعلتم ذلك كان لكم
بها قوة ومنعة وأنا امدكم بعد ذلك بالمال والرجال فاستصوبوا رأيه
وبادروا وذهبوا إلى اسيوط وكان بها عبد الرحمن كاشف من طرف علي بك وذو
الفقار كاشف.
ج / 1 ص -376-
وقد كانوا حصنوا البلدة وجهاتها وبنوا
كرانك والبوابة وركب عليها المدافع فتحيل ليلا وزحفوا إلى البوابة
ومعهم انخاخ وأحطاب جعلوا فيها الكبريت والزيت وأشعلوها وأحرقوا الباب
وهجموا على البلدة فلم يكن له بهم طاقة لكثرتهم وهم جماعة صالح بك
وباقي القاسمية وجماعة الخشاب وجماعة الفلاح وجماعة مناو ويحيى السكري
وسليمان الجلفي وحسن كاشف ترك وحسن بك أبو كرش ومحمد بك الماوردي وعبد
الرحمن كاشف من خشداشين صالح بك وكان من الشجعان ومحمد كتخدا الجلفي
وعلي بك الملط تابع خليل بك وجماعة كشكش وغيرهم ومعهم كبار الهوارة
واهالي الصعيد. فملكوا اسيوط وتحصنوا بها وهرب من كان فيها ووردت
الأخبار بذلك إلى علي بك فعين للسفر إبراهيم بلغيا ومحمد بك أبا شنب
وعلي بك الطنطاوي ومن كل وجاق جماعة وعساكر ومغاربة وأرسل إلى خليل بك
القاسمي المعروف بالاسيوطي فأحضره من غزة وطلع هو وإبراهيم بك تابع
محمد بك بعساكر أيضا وعزل الباشا وأنزله وحبسه ببيت ايواظ يك عند الزير
المعلق ثم سافر محمد بك أبو الذهب ورضوان بك وعدة من الأمراء والصناجق
وضم إليهم ما جمعه وجلبه من العساكر المختلفة الأجناس من دلاة ودروز
ومتاولة وشوام. وسافر الجميع برا وبحرا حتى وصلوا إلى أيوب بك وهو يرسل
خلفهم في كل يوم بالامداد والجبخانات والذخيرة والبقسماط وذهب الجميع
إلى أن وصلوا قرب اسيوط ونصبوا عرضيهم عند جزيرة منقباط وتحققوا وصول
محمد بك ومن معه وفرحوا بذلك لأنهم كانوا رأوا في زايرجات الرمل سقوطه
في المعركة. ثم أجمعوا رأيهم على أن يدهموهم آخر الليل فركبوا في ساعة
معلومة وسار بهم الدليل في طوق الجبل وقصدوا النزول من محل كذا على
ناحية كذا من العرضي فتاه وضل بهم الدليل حتى تجاوزوا
ج / 1 ص -377-
المكان المقصود بساعتين وأخذوا جهة الع رضي
فوجدوه قبليهم بذلك المقدار وعلموا فوات القصد وإن القوم متى علموا
حصولهم خلفهم ملكوا البلدة من غير مانع قبل رجوعهم من المكان الذي اتوا
منه فما وسعهم إلا الذهاب إليهم ومصادمتهم على أي وجه كان فلم يصلوهم
إلا بعد طلوع النهار. وتبقظ القوم واستعدوا لهم فالتطموا معهم وهم
قليلون بالنسبة إليهم ووقع العرب واشتد الجلاد وبذلوا جهدهم في الحرب
ويصرخ الكثير منهم بقوله اين محمد بك فبرز إليهم محمد بك أبو شنب وهو
يقول: أنا محمد بك. فقصدوه وقاتلوه وقاتلهم حتى قتل وسقط جواد يحيى
السكري فلم يزل يقاتل ويدافع حصة طويلة حتى تكاثروا علية وقتلوة وعبد
الرحمن كاشف القاسمي يحارب بمدفع يضربة وهو على كتفة. وانجلت الحرب عن
هزيمتهم ونصرة المصريين عليهم وذلك عند جبانة اسيوط. فتشتتوا في الجهات
وانضموا إلى كبار الهوارة وملك المصريون اسيوط ودفنوا القتلى ومحمد بك
أبا شنب. واغتم محمد بك أبو الذهب لموته وفرح لوقوع الزايرجة عليه
ومفاداته لة لأنه كان يعلم ذلك أيضا. وأقاموا بأسيوط أياما ثم ارتحلوا
إلى قبلي بقصد محاربة همام والهوارة. واجتمع كبار الهوارة مع من انضم
إليهم من الأمراء المهزومين فراسل محمد بك إسمعيل أبا عبد الله وهو ابن
عم همام واستماله ومناه وواعده برياسة بلاد الصعيد عوضا عن شيخ العرب
همام حتى ركن إلى قوله وصدق تمويهاته وتقاعس وتثبط عن القتال وخذل
طوائفه. ولما بلغ شيخ العرب همام ما حصل ورأى فشل القوم خرج من فرشوط
وبعد عنها مسافة ثلاثة أيام ومات مكمودا مقهورا ووصل محمد بك ومن معه
إلى فرشوط فلم يجدوا مانعا فملكوها ونهبوا وأخذوا جميع ما كان بدوائر
همام وأقاربة واتباعه من ذخائر وأموال وغلال. وزالت دولة شيخ العرب
همام من بلاد الصعيد من ذلك التاريخ كانها
ج / 1 ص -378-
لم يكن ورجع الأمراء إلى مصر ومحمد بك أبو
الذهب وصحبته درويش ابن شيخ العرب همام. فانه لما مات أبوه وانكسر ظهر
القوم بموته وعلموا أنهم لا نجاح لهم بعده أشاروا على ابنه بمقابلة
محمد بك وانفصلوا عنه وتفرقوا في الجهات. فمنهم من ذهب إلى درنه ومنهم
من ذهب إلى الروم ومنهم من ذهب إلى الشام. وقابل درويش بن همام محمد بك
وحضر صحبته إلى مصر وأسكنه في مكان بالرحبة المقابلة لبيته وصار يركب
ويذهب لزيارة المشاهد ويتفرج على مصر ويتفرج عليه الناس ويعدون خلفه
وإمامه لينظروا ذاته. وكان وجيها طويلا أبيض اللون اسود اللحية جميل
الصورة ثم أن علي بك أعطاه بلاد فرشوط والوقف بشفاعة محمد بك. وذهب إلى
وطنه فلم يحسن السير والتدبير وأخذ امره في الانحلال وحاله في
الاضمحلال وأرسل من طالبه بالأموال والذخائر فأخذوا ما وجدوه. وحضر إلى
مصر والتجأ إلى محمد بك فاكرمه وانزله بمنزل بجواره فلم يزل مقيما به
حتى خرج محمد بك من مصر مغاضبا لاستاذه فلحق به إلى الصعيد وخلص
الاقليم المصري بحري. وقبلي إلى علي بك وأتباعه فشرع في قتل المنفيين
الذين أخرجهم إلى البنادر مثل دمياط ورشيد والاسكندرية والمنصورة فكان
يرسل إليهم ويخنقهم واحدا بعد واحد فخنق علي كتخدا الخربطلي برشيد
وحمزة بك تابع خليل بك بزفتا وقتلوا معه سليمان أغا الوالي وإسمعيل بك
أبا مدفع بالمنصورة وعثمان بك تابع خليل بك هرب إلى مركب البيليك فحماه
وذهب إلى اسلامبول ومات هناك ونفى أيضا جماعة وأخرجهم من مصر وفيهم
سليمان كتخدا المشهدي وإبراهيم أفندي جمليان. ومات الباشا المنفصل
بالبيت الذي نزل فيه ولحق بمن قبله.
ومما اتفق أن علي بك صلى الجمعة في أوائل شهر رمضان بجامع الداودية
فخطب الشيخ عبد ربه ودعا للسلطان ثم دعا لعلي بك. فلما
ج / 1 ص -379-
انقضت الصلاة وقام علي بك يريد الانصراف
أحضر الخطيب وكان رجلا من أهل العلم يغلب عليه البله والصلاح فقال له:
من امرك بالدعاء باسمي على المنبر أقيل لك إني سلطان فقال: نعم أنت
سلطان وأنا ادعو لك. فاظهر الغيظ وأمر بضربه فبطحوه وضربوه بالعصي فقام
بعد ذلك متألما من الضرب وركب حمارا وذهب إلى داره ثم أن علي بك أرسل
إليه في ثاني يوم بدراهم وكسوة واستسمحه.
من مات في هذه السنة من
العلماء والأمراء.
مات الإمام الولي الصالح المعتقد المجذوب العالم العامل الشيخ علي
ابن حجازي بن محمد البيومي الشافعي الخلوتي ثم الأحمدي ولد تقريبا سنة
1108 حفظ القرآن في صغره وطلب العلم وحضر دروس الأشياخ وسمع الحديث
والمسلسلات على عمر بن عبد السلام التطاوني وتلقن الخلوتية من السيد
حسين الدمرداشي العادلي وسلك بها مدة ثم أخذ طريق الأحمدية عن جماعة ثم
حصل له جذب ومالت إليه القلوب وصار للناس فيه اعتقاد عظيم. وانجذبت
إليه الأرواح ومشى كثير من الخلق على طريقته واذكاره وصار له اتباع
ومريدون وكان يسكن الحسينية ويعقد حلق الذكر في مسجد الظاهر خارج
الحسينية وكان يقيم به هو وجماعته لقربه من بيته وكان ذا وأرادات
وفيوضات واحواله غريبة. وألف كتبا عديدة منها شرح الجامع الصغير وشرح
الحكم لابن عطاء الله السكندري وشرح الإنسان الكامل للجيلي وله مؤلفات
في طريق القوم خصوصا في طريق الخلوتية الدمرداشية الفه سنة 1144 وشرح
الأربعين النووية ورسالة في الحدود وشرح على الصيغة الأحمدية وشرح على
الصيغة المطلسمة وله كلام عال في التصوف وإذا تكلم افصح في البيان وأتى
بما يبهر الاعيلان وكان يلبس قميصا أبيض وطاقية بيضاء
ج / 1 ص -380-
ويعتم عليها بقطعة شملة حمراء لا يزيد على
ذلك شتاء وصيفا وكان لا يخرج من بيته إلا في كل اسبوع مرة لزيارة
المشهد الحسيني وهو على بغلة واتباعه بين يديه وخلفه يعلنون بالتوحيد
والذكر وربما جلس شهورا لا يجتمع باحد من الناس. وكانت له كرامات
ظاهرة. ولما كان يعقد الذكر بالمشهد الحسيني في كل يوم ثلاثاء ويأتي
بجماعته على الصفة المذكورة ويذكرون في الصحن إلى الضحوة الكبرى قامت
عليه العلماء وانكروا ما يحصل من التلوث في الجامع من اقدام جماعته إذ
غالبهم كانوا يأتون حفاة ويرفعون أصواتهم بالشدة وكاد أن يتم لهم منعه
بواسطة بعض الأمراء فانبرى لهم الشيخ الشبراوي وكان شديد الحب في
المجاذيب وانتصر له وقال للباشا والأمراء هذا الرجل من كبار العلماء
والأولياء فلا ينبغي التعرض له. وحينئذ امره الشيخ بان يعقد درسا
بالجامع الأزهر فقرأ في الطيبرسية الأربعين النووية وحضره غالب العلماء
وقرر لهم ما بهر عقولهم فسكتوا عنه وخمدت نار الفتنة. ومن كلامه في آخر
رسالة الخلوتية ما نصه فمن منن الله علي وكرمه إني رأيت الشيخ دمرداش
في السماء وقال لي: لا تخف في الدنيا ولا في الآخرة وكنت ارى النبي صلى
الله عليه وسلم في الخلوة في المولد فقال لي في بعض السنين: لا تخف في
الدنيا ولا في الآخرة ورأيته يقول لأبي بكر رضي الله عنه: اسع بنا نطل
على زاوية الشيخ دمرداش وجاءا حتى دخلا في الخلوة ووقفا عندي وأنا أقول
الله الله وحصل لي في الخلوة وهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم
فرأيت الشيخ الكبير يقول لي عند ضريحه: مد يدك إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فهو حاضر عندي. ورأيته في خلوة الكردي يعني الشيخ شرف الدين
المدفون بالحسينية بين اليقظة والنوم وأنا جالس فانتبهت فرأيت النور قد
ملأ المحل فخرجت منها هائما فحاشني بعض من كان في المحل فوقفت عند
الشيخ ولم أقدر
ج / 1 ص -381-
على العود إلى الخلوة من الهيبة إلى آخر الليل. وتبسم في
وجهي مرة واعطاني خاتما وقال لي: والذي نفسي بيده في غد يظهر ما كان
مني وما كان منك. ومن كراماته أنه كان يتوب العصاة من قطاع الطريق
ويردهم عن حالهم فيصيرون مريدين له وذا سمعته من الثقات ومنهم من صار
من السالكين وكان تارة يربطهم بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد
الظاهر وتارة بالشوق في رقبتهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه. وكان إذا ركب
ساروا خلفه بالاسلحة والعصي وكانت عليه مهابة الملوك. وإذا ورد المشهد
الحسيني يغلب عليه الوجد في الذكر حتى يصير كالوحش النافر في غاية
القوة فإذا جلس بعد الذكر تراه في غاية الضعف. وكان الجالس يرى وجهه
تارة كالوحش وتارة كالعجل وتارة كالغزال. ولما كان بمصر مصطفى باشا مال
إليه واعتقده وزاره فقال له: انك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني
فكان كما قال له: الشيخ. فلما ولي الصدارة بعث إلى مصر وبنى له المسجد
المعروف به بالحسينية وسبيلا وكتابا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي على
يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة ولما مات خرجوا بجنازته وصلي
عليه بالأزهر في مشهد عظيم ودفن بالقبر الذي بني له بداخل القبة
بالمسجد المذكور.
ومات علامة وقته وأوانه الآخذ من كمية البلاغة بعنانه والولي الصوفي من
صفا فصوفي الشيخ حسن الشيبيني ثم الفوي رحل من بلدته فوة إلى الجامع
الأزهر فطلب العلم وأخذ عن الشيخ الديربي فجعله ممليا عليه في الدرس
حتى قرأ الأشموني والمختصر ونحو ذلك واخبر عن نفسه كان ملازما لولي من
أولياء الله تعالى فحين تعلقت نفسه بالمجيء إلى الجامع الأزهر توجه مع
هذا الولي لزيارة ثغر دمياط. ثم اشتغل بالفقه وغيره من أصول ومنطق
ومعان وبيان وتفسير وحديث وغير ذلك حتى فاق على أقرانه وصار علامة
زمانه. ثم أخذ عن الشيخ الحفني الطريق
ج / 1 ص -382-
وتلقن الأسماء وسار على حسب سلوكه وسيره
والبسه التاج واجازه باخذ العهود والتلقين والتسليك وصار خليفة محضا
فادار مجالس الاذكار ودعا الناس إليها في سائر الاقطار وفتح الله عليه
باب العرفان حتى صار ينطق باسرار القرآن ويتكلم في الحقائق. نقل عن
الشيخ الحفني أنه ورد عليه منه مكتوب فقال: الحمد لله الذي جعل في
اتباعه من هو كمحيي الدين ابن العربي. توفي رحمه الله تعالى في هذه
السنة وخلف ولده السيد أحمد موجود في الاحياء بارك الله فيه. وممن أخذ
عنه صاحبنا العمدة العلامة الصالح السيد علي المعروف بزيادة الرشيدي
وهو خليفة الخلوتية الآن بثغر رشيد نفع الله به.
ومات الجناب المبجل الفريد الكاتب الماهر المنشيء البليغ المجيد محمد
أفندي بن إسمعيل السكندري العارف بالالسنة الثلاثة العربية والفارسية
والتركية وكان لديه محاورات ولطائف ادبية وميل شديد إلى علم اللغة وبحث
عن الأدوات المتعلقة به ورسائله في الالسن الثلاثة غاية في الفصاحة مع
حسن حظ ووفور حظ ومهابة عند الأمراء وقبول عند الخواص ووالده كان
إسرائيليا فاسلم وحسن اسلامه وتولى مناصب جليلة بالثغر وله هناك شهرة
فولد هذا هناك وهذبه وادبه حتى صار إلى ما صار واستقر بمصر وما زالت له
أملاك هناك وقرابة رايته يأتي لزيارة الشيخ الوالد وقد أكتهل وتناهى في
السن وابقى الدهر في زواياه خبايا مستحسنة. ورأيت بخط يده كتاب
بهارستان لمولانا جامي قد احسن في كتابته واتقن في سياقه ومجموعا فيه
النوادر من أشعار الالسن الثلاثة. وبالجملة لم يكن في عصره من يدانية
في الفنون التي كان تجمل بها. وقد ذكره الأديب الشيخ عبد الله الادكاري
في بضاعة الاريب واثنى على محاسنه وكانت بينهما الفة تامة ومصافاة
ومصادقة ومحاورات أدبية. فإن المترجم كان أوحد عصره ووحيد مصره لم
يدانيه في مجموعة
ج / 1 ص -383-
الفضائل أحد ولم يزل حميد المسغى جميل
السيرة بهيا وقورا مهيبا عند الأمراء والوزراء حتى وافاه الحمام في يوم
الجمعة حادي عشر المحرم من السنة.
ومات الأستاذ العارف سيدي علي بن العربي بن علي العربي الفاسي المصري
الشهير بالسقاط ولد بفاس وقرأ على والده وعلى العلامة محمد ابن أحمد بن
العربي بن الحاج الفاسي سمع منه الأحياء جميعا بقراءة ولد عمه النبيه
الكاتب أبي عبد الله محمد بن الطيب بن محمد بن علي السقاط وعلى ولده
أبي العباس أحمد بن محمد العربي ابن الحاج وعلى سيدي محمد بن عبد
السلام البناني كتب العربية والمعقول والبيان ولما ورد مصر حاجا لازمه
فقرأ عليه بلفظه من الصحيح إلى الزكاة والشمايل بطرفيه بالجامع الأزهر
وكثيرا من المسلسلات والكتب التي تضمنتها فهرست ابن غازي قراءة بحث
وتفهيم واجازه حينئذ باواسط جمادى الثانية سنة 1143 وجاور بمكة فسمع
على البصري الصحيح كاملا ومسلما بفوت وجميع الموطأ رواية يحيى بن يحيى
وذلك خلف المقام المالكي عند باب إبراهيم واجازه وعلى النخلي أوائل
الكتب الستة واجازه وعاد إلى مصر فقرأ على الشيخ إبراهيم الفيومي أوائل
البخاري وعلى أحمد بن أحمد الغرقاوي واجازه وعلى عمر بن عبد السلام
التطاوني جميع الصحيح وقطعة من البيضاوي بجامع الغوري سنة 1136 وجميع
المنح البادية في الأسانيد العالية واضافه على الأسودين وشابكه وصافحه
وناوله السبحة واجازه بسائر السلسلات وعلى محمد القسطنطيني رسالة ابن
أبي زيد برواق المغاربة وعلى محمد بن زكري شرحه على الحكم بجامع الغوري
وعلى سيدي محمد الزرقاني كتاب الموطأ من باب العتق إلى آخره واجازه به
يوم ختمه وذلك ثامن شعبان سنة 1113. وروى حديث الرحمة عن سيدي السيد
مصطفى البكري في سنة 1160.
ج / 1 ص -384-
واجازه ابن الميت في العموم واجتمع به
شيخنا السيد مرتضى في منزل السيد علي المقدسي كان قد أتى إليه لمقابلة
المنح البادية على نسخته وشاركهما في المقابلة واحبه وباسطه وشافهه
بالإجازة العامة وكان إنسانا مستأنسا بالوحدة منجمعا عن الناس محبا
للانفراد غامضا مخفيا ولا زال كذلك حتى توفي في أواخر جمادى الأولى سنة
1183 ودفن بالزاوية بالقرب من الفحامين.
ومات الجناب الأجل والكهف الأظل الجليل المعظم والملاذ المفخم الأصيلي
الملكي ملجأ الفقراء والأمراء ومحط رجال الفضلاء والكبراء شيخ العرب
الأمير شرف الدولة همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام بن صبيح بن
سيبيه الهوراي عظيم بلاد الصعيد ومن كان خيره وبره يعم القريب والبعيد
وقد جمع فيه من الكمال ما ليس فيه لغيره مثال تنزل بحرم سعادته قوافل
الأسفار وتلقى عنده عصى التسيار واخباره غنية عن البيان مسطرة في صحف
الامكان منها أنه إذا نزل بساحته الوفود والضيفان تلقاهم الخدم
وانزلوهم في اماكن معدة لامثالهم واحضروا لهم الاحتياجات واللوازم من
السكر وشمع العسل والأواني وغير ذلك ثم مرتب الاطعمة في الغداء والعشاء
والفطور في الصباح والمربيات والحلوى مدة اقامتهم لمن يعرف ومن لا
يعرف. فان أقاموا على ذلك شهورا لا يختل نظامهم ولا ينقص راتبهم وإلا
قضوا اشغالهم على أتم مرادهم وزادهم أكراما وانصرفوا شاكرين وإن كان
الوافد ممن يرتجى البر والاحسان أكرمه واعطاه وبلغه اضعاف ما يترجاه.
ومن الناس من كان يذهب إليه في كل سنة ويرجع بكفاية عامة وهذا شأنه في
كل من كان من الناس. وأما إذا كان الوافد عليه من أهل الفضائل أو ذوي
البيوت قابلة بمزيد الاحترام وحياة بجزيل الأنعام وكان ينعم بالجواري
والعبيد والسكر والغلال والثمر والسمن والعسل وإذا
ج / 1 ص -385-
ورد عليه إنسان ورآه مرة وغاب عنه سنين ثم
نظره وخاطبه عرفه وتذكره ولا ينساه. وحاله فيما ذكر من الضيفان
والوافدين والمسترفدين أمر مستمر على الدوام لا ينقطع أبدا. وكان
الفراشون والخدم يهيئون أمر الفطور من طلوع الفجر فلا يفرغون من ذلك
إلا ضحوة النهار ثم يشرعون في أمر الغداء من الضحوة الكبرى إلى قريب
العصر ثم يبتدئون في أمر العشاء وهكذا. وعنده من الجواري والسراري
والمماليك والعبيد شيء كثير ويطلب في كل سنة دفتر الارقاء ويسأل عن
مقدار من مات منهم فإن وجده خمسمائة أو أربعمائة استبش وانشرح وإن وجده
ثلثمائة أو أقل أو نحو ذلك اغتم وانقبض خاطره ورأى أن ربما كانت في
اعظم من ذلك وكان له برسم زراعة قصب السكر وشركة فقط اثنا عشر ألف ثور
وهذا بخلاف المعد للحرث ودراس الغلال والسواقي والطواحين والجواميس
والابقار الحلابة وغير ذلك. واما شون الغلال وحواصل السكر والتمر
بأنواعه والعجوة فشيء لا يعد ولا يحد وكان الإنسان الغريب إذا رأى شون
الغلال من البعد ظنها مزارع مرتفعة لطول مكث الغلال وكثرتها فينزل
عليها ماء المطر ويختلط بالتراب فتنبت وتصير خضرا كأنها مزروعة وكان
عنده من الأجناد والقواسة وأكثرهم من بقايا القاسمية انضموا إليه
وانتسبوا له وهم عدة وافرة وتزوجوا وتوالدوا وتخلقوا باخلاق تلك البلاد
ولغاتهم وله دواوين وعدة كتبة من الأقباط والمستوفيين والمحاسبين لا
يبطل شغلهم ولا حسابهم ولا كتابتهم ليلا ونهارا ويجلس معهم حصة من
الليل إلى الثلث الأخير بمجلسه الداخل بحاسب ويملي ويأمر بكتابة مراسيم
ومكاتبات. لا يعزب عن فكره شيء قل ولاجل ثم يدخل إلى الحريم فينام حصة
لطيفة ثم يقوم إلى الصلاة. وإذا جلس مجلسا عاما وضع بجانبه فنجانا فيه
قطنة وماء ورد فإذا قرب
ج / 1 ص -386-
منه بعض الاجلاف وتحادثوا معه وانصرفوا مسح
بتلك القطنة عينيه وشمها بانفه حذرا من رائحتهم وصنانهم. وكان له صلات
واغداقات وغلال يرسلها للعلماء وأرباب المظاهر بمصر في كل سنة. وكان
ظلا ظليلا بارض مصر ولما ارتحل لزيارته شيخنا السيد محمد مرتضى وعرف
فضله أكرمه أكراما كثيرا وانعم عليه بغلال وسكر وجوار وعبيد وكذلك كان
فعله مع أمثاله من أهل العلم والمزايا. ولم يزل هذا شأنه حتى ظهر أمر
علي بك وحصل ما تقدم شرحه من وقائعه من خشداشينه وذهابه إلى الصعيد
وصلحه مع صالح بك وانضمامه إليه وكان المترجم صديقا لصالح بك وعشيرته
فامدهما بالمال والرجال مراعاة لسعي صالح بك حتى تم لهما الأمر وغدر
علي بك بصالح بك وخرجت رجاله واتباعه إلى الصعيد واعلموه بما اوقعه بهم
علي بك فاغتم على فقد صالح بك غما شديدا. وحمله ذلك على أن أشار عليهم
بذهابهم إلى اسيوط وتملكهم اياها فإنها باب الصعيد فذهبوا إليها مع
جملة المنفيين من مصر والمطرودين كما تقدم وامدهم شيخ العرب المترجم
حتى ملكوها واخرجوا من كان بها واستوحش منه علي بك بسبب ذلك وتابع
ارسال التجاريد وقدر الله بخذلان القبالي ورجوعهم إلى قبلي على تلك
الصورة فعند ذلك علم همام أنه لم يبق مطلوبا لهم سواه وخصوصا مع ما وقع
من فشل كبار الهوارة وأقاربه ونفاقهم عليه فلم يسعه إلا الارتحال من
فرشوط وتركها بما فيها من الخيرات وذهب إلى جهة اسنا فمات في ثامن
شعبان من السنة ودفن في بلدة تسمى قمولة فقضى عليه بها رحمه الله. وخلف
من الأولاد الذكور ثلاثة وهم درويش وشاهين وعبد الكريم. ولما مات
انكسرت نفوس الأمراء ثم أن أكابر الهوارة قدموا ابنه درويشا لكونه أكبر
اخوته وأشاروا عليه بمقابلة محمد بك ففعل. وأما الأمراء فنهم من أخذ
أمانا من محمد بك وقابله وانضم إليه ومنهم من ذهب إلى ناحية
ج / 1 ص -387-
درنه ونزل البحر وسافر إلى الشام والروم
ومنهم من انزوى إلى الهوارة بالصعيد. وحضر درويش صحبة محمد بك إلى مصر
وقابل علي بك واعطاه بلاد فرشوط ورجع مكرما إلى بلاده. فلم يحسن السير
ولم يفلح وأول ما بدأ في احكامه أنه صار يقبض على خدم أبيه واتباعه
ويعاقبهم ويسلب أموالهم وقبض على رجل يسمى زعيتر وكيل البصل المرتب
لمطابخ أبيه فأخذ منه أموالا عظيمة في عدة أيام على مرار أخذ منه في
دفعة من الدفعات من جنس الذهب البندقي أربعين الفا وكذلك من يصنع البرد
للجواري السود والعبيد وذلك خلاف وكلاء الغلال والاقصاب والسكر والسمن
والعسل والتمر والشمع والزيت والبن والشركاء في المزارع. ووصلت اخباره
بذلك إلى علي بك فعين عليه أحمد كتخدا وسافر إليه بعدة من الأجناد
والمماليك وطالبه بالاموال حتى قبض منه مقادير عظيمة ورجع بها إلى
مخدومه واقتدى به بعد ذلك محمد بك في أيام إمارته وأخذ منه جملة وكذلك
اتباعه من بعده حتى اخرجوا ما في دورهم من المتاع والأواني والنحاس
قناطير مقنطرة ثم تتبعوا الحفر لأجل استخراج الخبايا حتى هدموا الدور
والمجالس ونبشوها واخربوها وحضر درويش المذكور بآخرة إلى مصر جاليا عن
وطنه ولم يزل بها حتى مات كآحاد الناس. واستمر شاهين وعبد الكريم
يزرعان بارض الوقف اسوة المزارعين ويتعيشون حتى ماتا. فاما شاهين فقتله
مراد بك في سنة 1214 أيام الفرنسيس لأمور نقمها عليه وخلف ولدا يدعى
محمدا. واما عبد الكريم فإنه مات على فراشه قريبا من ذلك التاريخ وترك
ولدا يدعى هماما دون البلوغ يوصف بالنجابة حسبما نقل الينا من السفار.
وكاتبني وكاتبته في بعض المقتضيات ورأيت ابن عمه محمد المكذور حين أتى
إلى مصر بعد ذهاب الفرنسيس وتردد عندي مرارا وسبحان من يرث الأرض ومن
عليها وهو خير الوارثين.
ج / 1 ص -388-
ومات الجناب الكبير والمقدام الشهير من سرت
بذكره الركبان وطار صيته بكل مكان الفارس الضرغام النجيب شيخ العرب
سويلم بن حبيب من أكابر عظماء مشايخ العرب بالقليوبية ومسكنهم دجوة على
شاطيء البحر وهو كبير نصف سعد مثل أبيه حبيب بن أحمد وليس لهم أصل
مذكور في قبائل العرب وإنما اشتهروا بالفروسية والشجاعة. وحبيب هذا
أصله من شطب قرية قريبة من اسيوط ولما مات حبيب خلف ولديه سالما
وسويلما وكان سالم أكبر من أخيه وهو الذي تولى الرياسة بعد أبيه واشتهر
بالفروسية وعظم امره وطار صيته وكثرت جنوده وفرسانه ورحاله وخيوله
واطاعته جميع المقادم وكبار القبائل ونفذت كلمته فيهم وعظمت صولته
عليهم وامتثلوا أمره ونهيه ولا يفعلون شيئا بدون اشارته ومشورته. صار
له خفارة البرين الشرقي والغربي من ابتداء بولاق إلى رشيد ودمياط. وكان
هو وفرسه مقوما على انفراده بالف خيال. وكان ظهور حبيب هذا في أوائل
القرن. واتفق له ولابنه سالم هذا وقائع وأمور مع إسمعيل بك ابن ايواظ
وغيره لا بأس يذكر بعضها في ترجمته منها أن في سنة 1125 أرسل حبيب ولده
سالما إلى خيول الأمير إسمعيل بك ابن ايواظ وهجم عليها بالمربع وجم
معارفها واذنابها وتركها وذهب ولم ياخذ منها شيئا. وذلك باغراء بعض
الناس مثل قيطاس بك وخلافه. وكانت الخيول بالغيط جهة القليوبية. وحضر
اميرا خور واخبر مخدومه فاغتاظ لذلك وعزم على الركوب عليه فلاطفه يوسف
بك الجزار حتى سكن غيظه ثم أحضر حسنا أبا دفية زعيم مصر سابقا من
القاسمية مشهور بالشجاعة وجعلوه قائمقام الأمانة فسافر بجبخانة ومدفعين
وصحبته طوائف ورجال وأمره بان يطلب شر حبيب وإن قدر على قتله فليفعل.
وكتب مكاتبات للنواحي بان يكونوا مطيعين للمذكور فلم يزل حتى نزل في
غيط برسيم عند ساقية خراب وعمل هناك متراسا
ج / 1 ص -389-
ووضع المدفعين وغطاهما بلباد وأقام رصد
خيالة بالطريق وإذا بسالم بن حبيب ركب في عبيده ورجاله متوجهين إلى
الجزيرة فنزل بطريقه بغيط الأوسية فحضر الخيالة الرصد إلى الأمير حسن
أبي دفية واخبروه فركب برجاله وابقى عند المدافع عشرة من السجمانية
وأوصاهم بانهم إذا انهزموا من القوم فإنهم يرمون بالمدفعين سواء ففعلوا
ذلك بعدما لاقاهم ورمى منهم رجالا ووقع منهم أيضا عند رمي المدافع
والرصاص ثلاثة عشر خيالا وأخذوا منهم نحو ستة قلائع. ورجع سالم بن حبيب
بمن بقي من طائفته إلى أبيه وعرفه بما وقع له مع الأمير حسن أبي دفية
فأرسل إلى عرب الجزيرة فاحضر منهم فرسانا كثيرة وكذلك من اقليم
المنوفية وركب الجميع قاصدين مناوشته. ووصلته أخبار ذلك فركب بمن معه
وفعل كالأول وركب مبحرا وانعطف عليهم وحاربهم فرمى منهم فرسانا
فانهزموا إمامه. فوقف مكانه فرجعت عليه العرب والعبيد فانهزم إمامهم
فرمحوا خلفه طمعا منهم حتى وصل المدافع فرموا بهم واتبعوهم بطلق الرصاص
فولوا هاربين وسقط من عرب الجزيرة وغيرها عدة فرسان. وأخذوا منهم خيولا
وسلاحا وحضرت نساؤهم ورفعوا القتلى ورجع سالم إلى أبيه وعرفه بما جرى
عليهم من حرقهم وقتل فرسانهم فأرسل حبيب إلى قيطاس بك يقول له: انك
اغريتنا بابن ايواظ وتولد من ذلك أنه وجه علينا قائمقامه حرقنا بالنار
وقتل منا اجاويد. فأرسل إليه مكاتبة خطابا للقصاصين بمعاونته ومساعدته
فحضر إليه منهم عدة فرسان ضاربي نار وجمع إليه عربان الجزيرة وخيالة
كثيرة من المنوفية وركب حبيب وأولاده وجموعه إلى جسر الناحية ونزل هناك
وأرسل أولاده بخيول يطلبون شر أبي دفية. وإذا ركب عليهم انهزموا إمامه
حتى يصلوا إلى محل رباطهم بالجسر ففعلوا ذلك إلى أن وصلوا إلى الجسر
فضربت القصاصة بنادقهم طلقا واحدا فرموا نحو ثلاثين جنديا من الكبار
والذي ما أصيب في بدنه
ج / 1 ص -390-
اصيب حصانه وردت عليهم الخيول وانهزم
الأمير حسن أبو دفية بمن بقي معه إلى دار الأوسية فأخذت العرب الخيول
الشاردة وعروا الغز ورموهم في مقطع من الجسر وأرسل العبيد اتوابا
لجراريف وجرفوا عليهم التراب من غير غسل ولا تكفين. ورجع إلى بلده وخلص
ثأره وزيادة وحضرت الأجناد إلى مصر واخبروا الصنجق بما وقع لهم مع حبيب
وأولاده فعزل الأمير حسن أبا دفية من قائمقاميته وولى خلافه وأخذ
فرمانا بضرب حبيب وأولاده وركب عليهم من البر والبحر ووصلت النذيرة إلى
حبيب فرمى مدافع أبي دفية البحر ووضع النحاس في أشناف والقاها أيضا في
البحر. وقيل: إن حبيب قبل هذه الواقعة بأيام أحضر ستة قناديل وعمرها
بعدما عاير فتائلها وزنها بالميزان عيارا واحدا وكتب على كل قنديل ورقة
باسمه واسم أخيه وأولاده واسم ابن ايواظ واسرجها دفعة واحدة فانطفأ
الذي باسمه أولا ثم انطفأ قنديل ابن ايواظ ثم قناديل أخيه وأولاده شيئا
بعد شيء. فقال: أنا أموت في دولة ابن ايواظ. ولما وصل إليه الخبر بحركة
ابن ايواظ وركوبه عليه فركب باخيه وأولاده وخرجوا هاربين ووصل ابن
ايواظ إلى دجوة ورمحوا على دواويرهم ورموا الرصاص وكانت المراكب وصلت
إلى البر الغربي تجاه دجوة ورسوا هناك وموعدهم سماع البنادق. فعند ذلك
عدوا إلى البر الشرقي وطلعوا إليه. فامر ابن ايواظ بهدم دواوير
الحبايبة فهدموها بالقزم والفؤوس وانشأ كفرا بعيدا عن البحر بساقيه
وحوض دواب وجامع وميضاة وطاحونين وجمع أهل البلد فعمروا مساكنهم في
الكفر وسموه كفر الغلبة. ورجع الأمير إسمعيل بك إلى مصر وأخذ الغز
والاجناد ابقارا وعجولا واغناما وجواميس وامتعة وفرشا واخشابا شيئا
كثيرا ووسقوه في المراكب وحضروا به من البر أيضا إلى مصر. وكتب مكاتبات
إلى سائر القبائل من العربان بتحذيرهم من قبولهم حبيبا
ج / 1 ص -391-
واولاده وإن لا ينجمع عليه أحد ولا يأويه
فلم يسعهم إلا أنهم ذهبوا عند عرب غزة فاكرموهم ولم يزل بها حتى مات
وحضر سالم ابنه بعد ذلك إلى قليوب ببيت الشواربي شيخ الناحية سرا
واخذله مكاتبة من إبراهيم بك أبي شنب خطابا إلى ابن وافي المغربي بأن
يوطن أولاد حبيب عنده حتى يأخذ لهم اجازة من أستاذهم فأرسل أحضر عمه
واخاه سويلما وعدوا إلى الجبل الغربي وساروا عند ابن وافي شيخ المغاربة
فرحب بهم وضرب لهم بيوت شعر وأقاموا بها إلى سنة 1130 فمات إبراهيم بك
أبو شنب وكان يؤاسي أولاد حبيب ويرسل لهم وصولات بغلال يأخذونها من
بلاده القبلية. فلما مات في الفصل ضاقت معيشتهم فحضر سالم بن حبيب من
عند ابن وافي خفية وذلك قبل طلوع ابن ايواظ بالحج سنة أحدى وثلاثين
ودخل بيت السيد محمد دمرداش وسلم عليه وعرفه بنفسه فرحب به وشكا له حال
غربته وبات عنده تلك الليلة واخذه في الصباح إلى ابن ايواظ فدخل عليه
وقبل يده ووقف فقال السيد محمد للصنجق: عرفت هذا الذي قبل يدك. قال:
لا. قال: هذا الذي جم أذناب خيولك. قال: سالم. قال: لبيك. قال: اتيت
بيتي ولم تخف قال له: نعم اتيت بكفني اما أن تنتقم وأما أن تعفو فأننا
ضقنا من الغربة وها أنا بين يديك. فقال له: مرحبا بك أحضر أهلك وعيالك
وعمر في الكفر واتق الله تعالى وعليكم الامان. وامر له بكسوة وشال وكتب
له أمانا وأرسل به عبده. وركب سالم وذهب عند إبراهيم الشواربي بقليوب
فاقام عنده حتى وصل العبد بالأمان إلى عمه واخيه في بني سويف فحملوا
وركبوا وساروا إلى قليوب ونزلوا بدار اوسية الكفر حتى بنوا لهم دواوير
واماكن ومساكن واتتهم العرنبية ومشايخ البلاد ومقادمها للسلام والهدايا
والتقادم. فأقام على ذلك حتى تولى محمد بك ابن إسمعيل بك أمير الحاج
فأخذ منه اجازة بعمار البلد الذي على البحر
ج / 1 ص -392-
وشرع في تعمير الدور العظيمة والبساتين
والسواقي والمعاصر والجوامع وذلك سنة 1134 واستقام حال سالم واشتهر
ذكره وعظم صيته واستولى على خفارة البرين ونفذت كلمته بالبلاد البحرية
من بولاق إلى البغازين وصارت المراكب والرؤساء تحت حكمة وضرب عليها
الضرائب والعوائد الشهرية والسنوية وانشأ الدواوير الواسعة والبستان
الكبير بشاطيء النيل وكان عظيما جدا وعليه عدة سواق وغرس به أصناف
النخيل والاشجار المتنوعة فكانت ثماره وفاكهته وعنبه تجتني بطول السنة
واحضر لها الخولة من الشام ورشيد وغير ذلك. ولما وقعت الوقائع بين ذي
الفقار بك ومحمد بك جركس المتقدم ذكرها وحضر جركس بمن معه من اللموم
إلى قرب المنشية وخرجت إليه عساكر مصر وأرسلوا إلى سالم بن حبيب فجمع
العربان وحضر بفرسانه وعبيده إلى ناحية الشيمي وحارب مع الأجناد
المصرية حتى قتل سليمان بك في المعركة وولى جركس ورجعت التجريدة وتبعه
سالم بن حبيب والأسباهية وذهبوا خلفه فعدى الشرق فعدوا خلفه وطلعت
تجريدة اخرى من مصر فتلاقوا معهم وتحاربوا مع محمد بك جركس فكانت بينهم
وقعة عظيمة فكانت الهزيمة على جركس وحصل ما حصل من وقوع جركس في الروبة
وموته ودفنوه بناحية شرونه كما تقدم ورجع سالم بن حبيب بما غنمه في تلك
الوقائع إلى بلده واشتهر امره واشترى السراري البيض ولم يزل حتى توفي
سنة 1151 وخلف ولدا يسمى عليا اشتهر أيضا بالفروسية والنجابة والشجاعة
ولما مات سالم ترأس عوضه أخوه سويلم في مشيخة نصف سعد فسار بشهامة
واشتهر ذكره وعظم صيته في الاقليم المصري زيادة عن أخيه سالم ووسع
الدواوير والمجالس ولما سافر الأمير عثمان بك الفقاري بالحج ورجع سنة
أحدى وخمسين المذكورة فأرسل
ج / 1 ص -393-
هدية إلى سويلم المذكور وأرسل له الآخر
التقادم ثم أن الأمير عثمان بك تغير خاطره على سويلم لسبب من الأسباب
فركب عليه على حين غفلة ليلا وتع إلى به الدليل ونزل على دجوة طلوع
الشمس وكان الجاسوس سبق إليهم وعرفهم بركوب الصنجق عليهم فخرجوا من
الدور ووقفوا على ظهور خيولهم بالغيط بعيدا عن البلد فلما حضر الصنجق
ورمح على دورهم ورمى الطوائف بالرصاص فلم يجدوا أحدا. فلم يتعرض لنهب
شيء ومنع الغز والطوائف عن أخذ شيء وبلغ خبر ركوب الصنجق عمر بك رضوان
وإبراهيم بك فركبا خلفه حتى وصلا إليه وسلما عليه فعرفهما أنه لم يجدهم
بالبلد فركب عمر بك وأخذ صحبته مملوكين فقط وسار نحو الغيط فرآهم
واقفين على ظهور الخيل فلما عاينوه وعرفوه نزلوا عن الخيل وسلموا عليه
فقال لهم: لأي شيء تهربون من أستاذكم وعرفهم أنه أتى بقصد النزهة وأحضر
صحبته علي بن سالم فقابل به الأمير وقبل يده ورجع إلى دواره وأحضر
أشياء كثيرة من أنواع المآكل حتى أكتفى الجميع. وعزموا عليهم تلك
الليلة فبات الصنجق وباقي الأمراء وذبح لهم أغناما كثيرة وعجلين جاموس
وتعشى الجميع واخرجوا لهم في الصباح شيئا كثيرا من أنواع الفطورات ثم
قدم لهم خيولا صافنات وركبوا ورجعوا إلى منازلهم ولما هرب إبراهيم بك
قطامش في أيام محمد راغب باشا وكان سويلم مركونا عليه فجمع سويلم عرب
بلي وضرب ناحية شبرا المعدية فوصل الخبر إلى إبراهيم جاويش القازدغلي
فأخذ فرمانا بضرب ناحية دجوة والخروج من حق أولاد حبيب فعين عليم ثلاثة
صناجق وهم عثمان بك أبو يوسف وأحمد بك كشك وآخر ووصلتهم النذيرة بذلك
فوزعوا دبشهم وحريمهم في البلاد وركبوا خيولهم ونزلوا في الغيط ونزلت
لهم التجريدة ومعهم الجبخانة والمحاربون وهجموا على البلد فوجدوها
خالية. ولما رأى الحبايبة كثرة التجريدة فوسعوا وذهبوا إلى ناحية
ج / 1 ص -394-
الجبل الشرقي وأرسل إبراهيم جاويش إلى
عثمان بك أبي سيف أمير التجريدة بانه ينادي في البلاد عليهم ولم يدع
أحدا منهم ينزل الريف فركب عثمان بك وطاف بالبلاد يتجسس عليهم وظفر لهم
بقومانية وذخيرة ذاهبة إليهم من الريف على الجمال فحجزها واخذها وذلك
مرتين ورجع عثمان بك ومن معه إلى مصر وصحبتهم ما وجدوه للحبايبة في
البلاد من مواش وسكر وعسل واخشاب وهدموا جانبا من بيوتهم وكان علي بن
سالم لم يذهب مع سويلم إلى الجيل بل أخذ عياله وذهب عند أولاد فودة
فلما سمع بالتقريظ على أصحاب الدرك فأتى إلى مصر ودخل إلى بيت إبراهيم
جاويش وعرفه بنفسه وطلب منه الأمان فعفا عنه بشرط أن لا يقرب دجوة
ويسكن في أي بلد شاء يزرع مثل الناس ثم أن سويلما ومن معه أرسلوا إلى
حسين بك الخشاب بان يأخذ لهم امانا من إبراهيم جاويش ففعل وقبل شفاعة
حسين بك بشرط ابطال حماية المراكب واذية بلاد الناس ويكفيهم الخفارة
التي أخذوها بالقوة واستخلص لهم المواشي التي كان جمعها عثمان بك أبو
سيف واستقر سويلم كما كان بدجوة وبنى له دورا عظيما ومقاعد مرتفعة
شاهقة في العلو يحمل سقوفها عدة اعمدة وعليها بوائك مقوصرة ترى من
مسافة بعيدة في البر والبحر وبها عدة مجالس ومخادع ولواوين وفسحات
علوية وسفلية وجميعه مفروش بالبلاط الكدان وبنى بداخل ذلك الدوار مسجدا
ومصلى وبداخل حوش الدوار مساطب ومنايف لاجناس الناس الآفاقية وغيرهم
وبنى تحت ذلك الدوار بشاطيء النيل رصيفا متينا ومساطب يجلس عليها في
بعض الأوقات وانشأ عدة مراكب تسمى الخرجات ولها شرفات وقلوع عظيمة
وعليها رجال غلاظ شداد فإذا مرت بهم سفينة صاعدة أو حادرة صرخ عليها
أولئك الرجال قائلين البرفان امتثلوا وحضروا وأخذوا منهم ما أحبوه من
حمل السفينة وبضائع التجار وأن
ج / 1 ص -395-
تلكأوا في الحضور قاطعوا عليهم بالخرجات في
أسرع وقت وأحضروهم صاغرين وأخذوا منهم أضعاف ما كان يؤخذ منهم لو حضروا
طائعين من أول الأمر وكان له قواعد واغراض وركائز واناس من الأمراء
وأعوانهم بمصر يراسلهم ويهاديهم فيذبون عنه ولا يسمعون فيه شكوى وله
عدة من العبيد السود التجارية الفرسان ملازمين له مع كل واحد حرمدان
مقلدية ملآن بالدنانير الذهب وكان لا يبيت في داره ويأتي في الغالب بعد
الثلث الاخير فيدخل إلى حريمه جصة ثم يخرج بعد الفجر فيعمل ديوانا
ويحضر بين يديه عدة من الكتبة ويتقدم إليه أرباب الحاجات ما بين مشايخ
بلاد واجناد وملتزمين وعرب وفلاحين وغير ذلك والجميع وقوف بين يديه
والكتاب يكتبون الأوراق والمراسلات إلى النواحي وغالب بلاد القليوبية
والشرقية تحت حمايته وحماية أقاربه وأولاده ولهم فيها الشركاء والزروع
والدواوير الواسعة المعروفة بهم والمميزة عن غيرها بالعظم والضخامة ولا
يقدر ملتزم ولا قائمقام على تنفيذ أمر مع فلاحيه إلا باشارته أو باشارة
من البلد في حمايته من أقاربه وكذلك مشايخ البلاد مع أستاذيهم وكان لهم
طرائق وأوضاع في الملابس والمطاعم فيقول الناس: سرج حبايبي وشال حبايبي
ومركوب حبايبي إلى غير ذلك وكان مع شدة مراسه وقوة بأسه يكرم الضيفان
ويحب العلماء وأرباب الفضائل ويأنس بهم ويتكلم معهم في المسائل
ويؤاسيهم ويهاديهم وخصوصا أرباب المظاهر وكان إنسانا حسنا وجيها محتشما
مقتصرا على حاله وشأنه ملازما على قراءة الأوراد والمذاكرة ويحب أهل
الفضل والصلاح ويتبرك بهم وبدعائهم وترددنا عليه وتردد الينا بمصر
كثيرا وبلونا منه خيرا وحسن عشرة وكان معه أخوه شيخ العرب محمد علي مثل
حاله ويزيد عنه الانجماع عن الناس لغير ما يعنيه ويعانيه في خاصة نفسه
وكان ابوهما على نزل بقليوب بدار فيحاء وكان حسن الخلق والخلق وله حشم
واتباع
ج / 1 ص -396-
كثيرة وله هيبة عندهم وكان طيب السيرة
فصيحا مفوها في حفظه أشعار ونوادر ولديه معرفة وكان يفهم المعنى ويحقق
الالفاظ ويطالع الكتب ومقامات الحريري ونحو ذلك.
ومات الأمير المبجل علي كتخدا مستحفظان الخربطلي وهو من مماليك أحمد
كتخدا الخربطلي الذي جدد جامع الفاكهاني الذي بخط العقادين وصرف عليه
من ماله مائة كيس وذلك في سنة 1148 وأصله من بناء الفائز بالله الفاطمي
وكان اتمامه في حادي عشر شوال من السنة المذكورة وكان المباشر على
عمارته عثمان جلبي شيخ طائفة العقادين الرومي وفي تلك السنة ألبس
مملوكه المترجم على أودة باشه الضلمة وجعله ناظرا ووصيا ومات سيده في
واقعة محمد بك الدفتردار في جملة الأحد عشر اميرا المتقدم بيانهم وعمل
جاويش في الباب ثم عمل كتخدا واشتهر ذكره بعد انقضاء دولة عثمان بك
الغفاري واستقلال إبراهيم كتخدا ورضوان كتخدا الجلفي بامارة مصر وزوج
ابنته لعلي بك الغزاوي وعمل لها فرحا عظيما ببركة الرطلي عدة أيام كانت
من مقترحات مصر وبعد انقضاء أيام الفرح زفت العروس في زفة عظيمة اجتمع
العالم من الرجال والنساء والصبيان للفرجة عليها ودخل بها علي بك
المذكور وولد له منها حسن جلبي المشهور وانشأ علي كتخدا المترجم داره
العظيمة برأس عطفة خشقدم جهة الباطنية وداره المطلة على بركة الرطلي
والقصر على الخليج الناصري والقباب المعروفة به وغير ذلك ونفاه علي بك
إلى جهة قبلي كما تقدم فلما ذهب علي بك إلى قبلي صالحه وانضوى إليه
وكان هو السفير بينه وبين صالح بك في الصلح وبذل جهده في ذلك هو وخليل
بك الأسيوطي حتى أتموه على الوجه المتقدم وحضر صحبته علي بك إلى مصر
وسكن بداره وأقبلت عليه الناس وقصدوه في الدعاوى والشكاوى وامن جانب
علي بك واعتقد صداقته
ج / 1 ص -397-
وظن أنه قلده منته فلم يلبث إلا أياما
وأخرجه منفيا إلى رشيد ثم أرسل من خنقه هناك وكان اميرا جليلا وجيها
جميل الصورة واسع العينين أبيض اللحية ضخما مهاب الشكل بهي الطلعة ودفن
هناك.
ومات الأمير محمد بك أبو شنب وهو من مماليك علي بك وقتل في معركة اسيوط
كما تقدم ودفن هناك وكان من الشجعان المعروفين. |