تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار

ج / 2 ص -648-    واستهلت سنة تسعة عشر ومائتين والف.
فكان ابتداء المحرم بيوم الخميس فيه ركب الوالي العثملي وشق من وسط المدينة فمر على سوق الغورية فأنزل الغورية فأنزل شخصا من ابناء التجار المحتشمين وكان يتلو في القرآن فأمر الأعوان فسحبوه من حانوته وبطحوه على الأرض وضربوه عدة عصي من غير جرم ولا ذنب وقع منه ثم تركه وسار إلى الأشرفية فأنزل شخصا من حانوته وفعل به مثل ذلك فأنزعج أهل الأسواق وأغلقوا حوانيتهم واجتمع الكثير منهم وذهبوا إلى بيت الباشا يشكون فعل الوالي وسمع المشايخ بذلك فركبوا أيضا إلى بيت الباشا وكلموه فأظهر الحنق والغيظ على الوالي ثم قاموا وخرجوا من عنده فتبعهم بعض المتكلمين في بيت الباشا وقال لهم أن الباشا يريد قتل الوالي والمناسب منكم الشفاعة فرجعوا إلى الباشا وشفعوا في الوالي وأرسل سعيد أغا الوكيل وأحضروا له المضروب وأخذ بخاطره وطيب نفسه بكلمات ورجع الجميع كما ذهبوا وظنوا عزل الوالي فلم يعزل.
وفيه رجع المصرلية والعربان وانتشروا بأقليم الجيزة حتى وصلوا إلى انبابة وضربوها ونهبوها وخرج أهلها على وجوههم وعدوا إلى البر الشرقي وأخذ العسكر في اهبة التشهيل والخروج لمحاربتهم.
وفي يوم الجمعة ثانية سافر السيد علي القبطان إلى جهة رشيد وخرج بصحبته جماعة كثيرة من العساكر الذين غنموا الأموال من المنهوبات فاشتروا بضائع وأسبابا ومتاجر ونزلوا بها صحبته وتبعهم غيرهم من الذين يريدون الخلاص والخروج من مصر فركب محمد علي إلى وداع السيد علي المذكور ورد كثيرا من العساكر المذكورة ومنعهم عن السفر.
وفي سادسه خرج محمد علي وأكابر العسكر بعساكرهم وعدوا إلى برانبابة ووصلوا ونصبوا وطاقهم وعملوا لهم عدة متاريس وركبوا عليها المدافع واستعدوا للحرب فلما كان يوم الأحد حادى عشره كبس المماليك والعربان وقت الغلس على متاريس العسكر وحملوا على متراس

 

ج / 2 ص -649-    حملة واحدة فقتلوا منهم وهرب من بقى والقوا بأنفسهم في البحر فاستعد من كان بالمتاريس الآخر وتابعوا رمي المدافع وخرجوا للحرب ووقع بينهم مقتلة عظيمة ابلى فيها الفريقان نحو أربع ساعات ثم انجلت الحرب بينهم وترفع المصرلية والعربان وانكفوا عن بعضهم وفي وقت الظهر أرسلوا سبعة رؤوس من الذين قتلوا من المصرلية في المعركة وشقوا بهم المدينة ثم علقوها بباب زوبلة وفيهم رأس حسين بك الوالي وكاشفين ومنهم حسن الكاشف الساكن بحارة عابدين ومملوكان وعلقوا عند رأس حسين بك الوالي المذكور صليبا من جلد زعموا أنهم وجدوه معه وأصيب إسمعيل بك صهر إبراهيم بك ومات بعد ذلك ودفن بأبي صير.
وفي ثاني عشره حصلت اعجوبة ببيت بالقربية به بغلة تدور بالطاحون فزنقوها بالادارة فاسقطت حملا ليس فيه روح فوضعوه في مقطف ومروا به من وسط المدينة وذهبوا به إلى بيت القاضي وأشيع ذلك بين الناس وعاينوه.
وفي يوم السبت سابع عشره حضر علي كاشف المعروف بالشغب بثلاث معجمات وتشديد الشين وفتح الغين وسكون الباء رسولا من جهة الألفي ووصل إلى جهة البساتين وأرسل إلى المشايخ يعلمهم بحضوره لبعض اشغال فركب المشايخ إلى الباشا واخبروه بذلك فاذن بحضوره فحضر ليلا ودخل إلى بيت الشيخ الشرقاوى فلما أصبح النهار اشيع ذلك وركب معه المشايخ والسيد عمر النقيب وذهبوا به إلى بيت الباشا فوجدوه راكبا في بولاق فانتظروه حصة إلى أن حضر فتركوا عنده على كاشف المذكور ورجعوا إلى بيوتهم واختلى به الباشا حصة وقابله بالبشر ثم خلع عليه فروة سمور وقدم له مركوبا بعدة كاملة وركب إلى بيته وإمامه جملة من العسكر مشاة وقدم له محمد علي أيضا حصانا.
وفيه شرعوا في عمل شركفلك للحرب بالازبكية.
وفي يوم الإثنين تاسع عشره ورد ططرى وعلى يده بشارة الباشا

 

ج / 2 ص -650-    بتقليده ولاية مصر ووصول القابجي الذي معه التقليد والطوخ الثالث إلى رشيد وطوخان لمحمد علي وحسن بك أخي طاهر باشا وأحمد بك فضربوا عدة مدافع وذهب المشايخ والأعيان للتهنئة.
وفي يوم الثلاثاء قتل الباشا أشخاص احدهم رجل سروجي وسبب ذلك أن الرجل السروجي له أخ اجير عند بعض الأجناد المصرلية فأرسل لاخيه فاشترى له بعض ثياب ونعالات وأرسلها مع ذلك الرجل فقبضوا عليه وسألوه فأخبرهم فاحضروا ذلك الرجل السروجي وأحضروا أيضا رجلا بيطارا متوجها إلى بولاق معه مسامير ونعالات فقبضوا عليه واتهموه أنه يعدى إلى البر الآخر ليعمل لاخصامهم نعالات للخيل فأمر الباشا بقتله وقتل السروجي والرجل الذي معه الثياب فقتلوهم ظلما.
وفي يوم الأربعاء حضر القابجي الذي على يده البشرى وهو خازندار الباشا وكان ارسله حين كان بسكندرية ويسمونها المجسدة ولم يحضر معه اطواخ ولا غير ذلك فضربوا له شنكا ومدافع.
وفيه خلع الباشا على السيد أحمد المحروقي فروة سمور وأقره على ما هو عليه أمين الضربخانة وشاه بندر وكذلك خلع على جرجس الجوهرى واقره باش مباشر الاقباط على ما هو عليه.
وفيه رجع علي كاشف الشغب بجواب الرسالة إلى الألفي.
وفيه تحقق الخبر بموت يحيى بك وكان مجروحا من المعركة السابقة.
وفي يوم الخميس عمل الباشا الديوان وحضر المشايخ والوجاقلية وقرأوا المرسوم بحضرة الجمع ومضمونه اننا كنا صفحنا ورضينا عن الأمراء المصرلية على موجب الشروط التي شرطناها عليهم بشفاعة علي باشا والصدر الأعظم فخانوا العهود ونقضوا الشروط وطقوا وبغوا وظلموا وقتلوا الحجاج وغدروا علي باشا المولى عليهم وقتلوه ونهبوا امواله ومتاعه فوجهنا عليهم العساكر في ثمانين مركبا بحرية وكذلك أحمد باشا الجزار بعساكر برية للانتقام منهم ومن العسكر الموالين لهم فورد الخبر بقيام العساكر عليهم ومحاربتهم لهم وقتلهم واخراجهم فعند ذلك رضينا عن العسكر

 

ج / 2 ص -651-    لجبرهم ما وقع من الخلل الأول وصفحنا عنهم صفحا كليا وأطعنا لهم السفر والأقامة متى شاؤا وأينما أرادوا من غير حرج عليهم ولينا حضرة أحمد باشا خورشيد كامل الديار المصرية لما علمنا فيه من حسن التدبير والسياسة ووفور العقل والرآسة إلى غير ذلك وعملوا شنكا وحراقة وسواريخ بالازبكية ثلاث ليال ومدافع تضرب في كل وقت من الأوقات الخمسة من القلعة وغيرها.
وفيه تواترت الأخبار بأن الأمراء القبالي عملوا وحسات وقصدهم التعدية إلى البر الشرقي.
وفي يوم الأحد خامس عشرينه عدى الكثير منهم على جهة حلوان وانتقل الكثير من العسكر من بر الجيزة إلى بر مصر فخاف أهل المطرية وغيرها وجلوا عنها وهربوا إلى البلاد وحضر كثير منهم إلى مصر خوفا من وصول القبالي.
وفي يوم الخميس حادى عشرينه سافر الشيخ الشرقاوى إلى مولد سيدى أحمد البدوى واقتدى به كثير من العامة وسخاف العقول وكان المحروقي وجرجس الجوهرى مسافرين أيضا وشهلوا احتياجاتهم وأستاذ نوا الباشا فأذن لهم فلما تبين لهم تعدية المصرلية إلى الجهة الشرقية امتنعوا من السفر ولم يمتنع الشيخ الشرقاوى ومن تابعه.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشرينه وصل فريق منهم إلى جهة قبة باب النصر والعادلية من خلف الجبل ورمحوا خلف باب النصر من خارج وباب الفتوح ونواحي الشيخ قمر والدمرداش ونهبوا الوايلي وما جاوره وعبروا الدور وعروا النساء وأخذوا دسوتهم وغلالهم وزروعهم وخرج أهل تلك القرى على وجوههم ومعهم بعض شوالي وقصاع ودخل الكثير منهم إلى مصر.
وفي يوم الأربعاء جمع الباشا ومحمد علي العسكر واتفقوا على الخروج والمحاربة وأخرجوا المدافع والشركفلكات إلى خارج باب النصر وشرعوا في عمل متاريس وفي آخر النهار ترفع المصرلية والعرب وتفرقوا

 

ج / 2 ص -652-    في إقليم الشرقية والقليبوبية وهم يسعون في الفساد ويهلكون الحصاد فما وجدوه مدروسا من البيادر أخذوه أو قائما على ساقه رعوه أو غير مدروس أحرقوه أو كان من المتاع نهبوه أو من المواشي ذبحوه وأكلوه وذهب منهم طائفة إلى بلبيس فحاصروا بها كاشف الشرقية يومين ونقبوا عليه الحيطان حتى غلبوه وقتلوا من معه من العسكر وأخذوه أسيرا ومعه اثنان من كبار العسكر ثم نهبوا البلد وقتلوا من أهلها نحو المائتين وحضر أبو طويلة شيخ العائد عند الأمراء ولامهم وكلمهم على هذا النهب وقال لهم هذه الزروعات غالبها للعرب والذى زرعه الفلاح في بلاد الشرق شركة مع العرب وأن هبود العرب المصاحبين لكم ليس لهم رأس مال في ذلك فكفوهم وامنعوهم ويأتيكم كفايتكم وأما النهب فإنه يذهب هدرا فلما سمع كبار العرب المصاحبين لهم من الهنادى وغيرهم قوله هبود العرب اغتاظوا منه وكادوا يقتلونه فدخل بمن معه جامع قليوب وتترس به وحارب ثلاث ليال وأصيب كثير من المحاربين له ثم تركوه ففر بمن بقى معه إلى البحر ونزل في قارب وحضر إلى مصر وأخذوا حملته ومتاعه وجبخانته وطلبوا مشايخ النواحي مثل شيخ الزوامل والعائد وقليوب والزموهم بالكلف وفردوا على القرى الفرد والكلف الشاقة مثل ألف ريال والفين وثلاثة وعينوا بطلبها العرب وعينوا لهم خدما وحق طرق خلاف المقرر عشرين ألف فضة وأزيد ومن استعظم شيئا من ذلك أو عصى عليهم حاربوا القرية ونهبوها وسبوا نساءها وقتلوا أهلها وحرقوا جرونهم وقل الواردون إلى المدينة بالغلال وغيرها فقلت من الرقع وازدحم الناس على ما يوجد من القليل فيها واحتاج العسكر إلى الغلال لاخبارهم لانهم لم يكن عندهم شيء مدخر فأخذوا ما وجدوه في العرصات فزاد الكرب ومنعوا من يشترى زيادة على ربع من الكيل ولا يدركه إلا بعد مشقة بستين نصفا وإذا حضر للبعض من الناس غلة من مزرعته القريبة لا يمكنه ايصالها إلى

 

ج / 2 ص -653-    داره إلا بالتجوه والمصانعة والمغرم لقلقات الأبواب واتباعهم فيحجزون ما يرونه داخل البلد من الغلة متعللين بأنهم يريدون وضعها في العرصات القريبة منهم فيعطونها للفقراء بالبيع فيعطونهم دراهم ويطلقونهم.
وفي اواخره طلبوا جملة اكياس لنفقة العسكر فوزعوا جملة اكياس على الاقباط والسيد أحمد المحروقي وتجار البهار ومياسير التجار والملتزمين.
وطلبوا أيضا مال الجهات والتحرير وباقي مسميات المظالم عن سنة تاريخه معجلة.
وفي يوم الخميس تاسع عشرينه خرج الكثير من العسكر ورتبوا أنفسهم ثلاث فرق في ثلاث جهات وردوا الخيول إلا القليل ووقع بينهم مناوشات قتل فيها أنفار من الفريقين.
شهر صفر الخير سنة 1219.
استهل بيوم الجمعة فيه نادوا على الفلاحين والخدامين البطالين بالخروج من مصر وكل من وجد بعد ثلاثة أيام وليس بيده ورقة من سيده يستاهل الذى يجرى عليه.
وفي ثانيه طاف الأعوان وجمعوا عدة من الناس العتالين وغيرهم ليسخروهم في عمل المتاريس وجر المدافع.
وفي خامسه قبض الوالي على شخص يشترى طربوشا عتيقا من سوق العصر بسويقة لاجين واتهمه أنه يشترى الطرابيش للاخصام من غير حجة ولا بيان ورمى رقبته عند باب الخرق ظلما.
وفي سابعه نزل الارنؤد من القلعة وتسلمها الباشا وطلع إليها وضربوا لطلوعه عدة مدافع ورجع إلى داره آخر النهار.
وفيه اشيع قدوم سليمان بك حاكم جرجا ووصوله إلى بنى سويف وفي عقبة الألفي الصغير أيضا.
وفيه هجم طائفة من الخيالة في طلوع الفجر على المذبح السلطاني وأخذوا ثورين أحدهما من المذبح والآخر من بعض الغيطان وهرب الجزارون

 

ج / 2 ص -654-    وفي يوم السبت تاسعه طلع الباشا إلى القلعة وسكن بها وضربوا له عدة مدافع.
وفيه حضر كاشف الشرقية المقبوض عليه ببلبيس ومعه اثنان وقد أفرج عنهم الأمراء المصرلية وأطلقوهم فلما وصلوا إلى الباشا خلع عليهم وألبسهم فراوى جبرا لخاطرهم.
وفيه وصل الخبر بوقوع حرب بين العسكر والمصرلية والعربان وحضر عدة جرجى وكانت الواقعة عند الخصوص وبهتيم وجلا أهل تلك القرى وخرجوا منها وحضروا إلى مصر بأولادهم وقصاعهم فلم يجدوا لهم مأوى ونزل الكثير منهم بالرميلة.
وفيه حضر أناس من الذين ذهبوا إلى مولد السيد البدوى وفيهم عرايا ومجاريح وقتلى وقد وقفت لهم العرب وقطعت عليهم الطرق فتفرقوا فرقا في البر والبحر وحصر العرب طائفة كبيرة منهم بالقرطيين وحصل لهم ما لا خير فيه وأما الشيخ الشرقاوي فإنه ذهب إلى المحلة الكبيرة وأقام بها أياما ثم ذهب مشرقا إلى بلدة القرين.
وفيه حضر مصطفى أغا الارنؤدى هجانا برسالة من عند الألفي وفيها طلب اتباعه الذين بمصر فلم ياذنوا لهم في الذهاب إليه واحتجوا بعدم تحقق صداقته العثمانية.
وفيه ورد الخبر بتوجه سليمان بك الخازندار حاكم جرجا إلى جهة بحرى وأنه وصل إلى بنى سويف وأن الألفي الصغير في أثره بحرى منية ابن خصيب والألفي الكبير مستقر بأسيوط يقبض في الأموال الديوانية والغلال وأشيع صلحه مع عشيرته سرا ومظهر خلاف ذلك مع العثمانية.
وفي يوم الأحد عاشره أحضروا جماعة من الوجاقلية عند كتخدا الباشا فلما استقروا في الجلوس كلموهم وطلبوا منهم سلفة وحبسوا رضوان كاشف الذى بباب الشعرية وطلبوا منه عشرين كيسا وكذلك طلبوا من باقي الأعيان مثل مصطفى آغا الوكيل وحسن

 

ج / 2 ص -655-    آغا محرم ومحمد أفندى سليم وإبراهيم كتخدا الرزاز وخلافهم مبالغ مختلفة المقادير وعملوا على الاقباط ألف كيس وحلف الباشا أنها لا تنقص عن ذلك وفردوا عن البنادر مثل دمياط ورشيد وفوة ودمنوهر والمنصورة وخلافها مبالغ أكياس ما بين ثمانين كيسا ومائة كيس وخمسين كيسا وغير ذلك لنفقة العسكر وأحضر الباشا الروزنامجي واتهمه في التقصير.
وفي يوم الإثنين أرسل الباشا الوالي والمحتسب إلى بيت الست نفيسة زوجة مراد بك وطلبها فركبت معهما وصحبتهما امرأتان فطلعا بهن إلى القلعة وكذلك ارسلوا بالتفتيش على باقي نساء الأمراء فاختفى غالبهن وقبضوا على بعضهن وذلك كله بعد عصر ذلك اليوم فلما حصلت الست نفيسة بين يديه قام إليها واجلها ثم أمرها بالجلوس وقال لها على طريق اللوم يصح أن جاريتك منور تتكلم مع مصادق آغا وتقول له: يسعى في أمر المماليك العصاة وتلتزم له بالمكسور من جامكية العسكر فأجابته أن ثبت أن جاريتي قالت: ذلك فأنا المأخوذة به دونها فأخرج من جيبه ورقة وقال لها: وهذه واشار إلى الورقة فقالت وما هذه الورقة ارنيها فاني أعرف أن اقرأ لانظر ما هي فأدخلها ثانيا في جيبه ثم قالت له: أنا بطول ما عشت بمصر وقدرى معلوم عند الأكابر وخلافهم والسلطان ورجال الدولة وحريمهم يعرفوني أكثر من معرفتي بك ولقد مرت بنا دولة الفرنسيس الذين هم اعداء الدين فما رأيت منهم إلا التكريم وكذلك سيدى محمد باشا كان يعرفني ويعرف قدرى ولم نر منه إلا المعروف وأما أنت فلم يوافق فعلك فعل أهل دولتك ولا غيرهم فقال: ونحن أيضا لا نفعل غير المناسب فقالت له وأى مناسبة في أخذك لي من بيتي بالوالي مثل أرباب الجرائم فقال أنا ارسلته لكونه أكبر اتباعي فإرساله من باب التعظيم ثم اعتذر إليها وأمرها بالتوجه إلى بيت الشيخ السحيمي بالقلعة واجلسوها عنده بجماعة من العسكر وأصبح الخبر شائعا بذلك فتكدرت

 

ج / 2 ص -656-    خواطر الناس لذلك وركب القاضي ونقيب الأشراف والشيخ السادات والشيخ الأمير وطلعوا إلى الباشا وكلموه في أمرها فقال لا بأس عليها واني انزلتها ببيت الشيخ السحيمي مكرمة حسما للفتنة لانها حصل منها ما يوجب الحجز عليها فقالوا نريد بيان الذنب وبعد ذلك أما العفو أو الانتقام فقال أنها سعت مع بعض كبار العسكر تستميلهم إلى المماليك العصاة ووعدتهم بدفع علوفاتهم وحيث أنها تقدر على دفع العلوفة فينبغي أنها تدفع العلوفة فقالوا له أن ثبت عليها ذلك فإنها تستحق ما تأمرون به فيحتاج أن تتفحص على ذلك فقام إليها الفيومي والمهدى وخاطباها في ذلك فقالت هذا الكلام لا أصل له وليس لي في المصرلية زوج حتى إني أخاطر بسببه فإن كان قصده مصادرتي فلم يبق عندى شيء وعلي ديون كثيرة فعادوا إليه وتكلموا معه وراددهم فقال الشيخ الأمير للترجمان قل لافندينا هذا أمر غير مناسب ويترتب عليه مفاسد وبعد ذلك يتوجه علينا اللوم فإن كان كذلك فلا علاقة لنا بشيء من هذا الوقت أو نخرج من هذه البلدة وقام قائما على حيله يريد الذهاب فأمسكه مصطفى اغا الوكيل وخلافه وكلموا الباشا في اطلاقها وأنها تقيم ببيت الشيخ السادات فرضي بذلك وانزلوها ببيت الشيخ السادات وكانت عديلة هانم ابنة إبراهيم بك عندما وصلها الخبر ذهبت إلى بيته أيضا.
وفيه شنقوا شخصا على السبيل بباب الشعرية شكا منه أهل حارته وأنه يتعاطى القيادة ويجمع بين الرجال والنساء وغير ذلك.
وفي يوم الحميس رابع عشره كتبوا أوراقا وألصقوها بالأسواق بطلب ميرى سنة تاريخه المعجلة بالكامل وكانوا قبل ذلك طلبوا نصفها ثم اضطرهم الحال بطلب الباقي وعملوا قوائم بتوزيع خمسة آلاف كيس استقر منها على طائفة القبطة خمسمائة كيس بعد الألف وجملة على الملتزمين خلاف ما أخذ منهم قبل ذلك وعلى الست نفيسة وبقية نساء الأمراء ثمانمائة كيس.