البدء والتاريخ

الفصل العشرون في مدة خلافة الصحابة وما جرى فيها من الحوادث والفتوح إلى زمن بني أمية
خلافة أبي بكر رضي الله عنه
قالوا ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقض نظام الجماعة وتشتت الكلمة واضطرب حبل الألفة [1] وانحاز هذا الحي من الأنصار إلى سقيفة بني ساعدة وقالوا منا أمير ومنكم أمير واعتزل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وطلحة والزبير ابن العوام في بيت فاطمة عم فأتاهم أبو بكر قبل أن يفرغ من جهاز النبي عليه الصلاة والسلام وقد ذكرت قصة البيعة في ذكر وفاة النبي وارتدت العرب قاطبة إلا ثلاثة مساجد المدينة ومكة والبحرين وناساً من نخع وكندة فمنهم من أبى أن يعطي الزكاة ومنهم من أنكر الزكاة ومنهم من أنكر كفره وناصب المسلمين،،،
__________
[1] الأمّة
Correctionmarg. ,ms.

(5/151)


سرية أسامة بن زيد رضي الله عنه
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأسامة لواء واستعمله على المهاجرين والأنصار وأمره أن ينتهي إلى حيث قتل أبوه وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فيغير عليهم فيقتل ويحرق ويسبي فتربص الناس بذلك لشكوى النبي صله من مرضه فتكلموا فيه وقالوا استعمل غلاماً حدثاً على جلة المهاجرين والأنصار فخرج رسول الله صله في مرضه وقال أيها الناس أنفذوا جيش أسامة فلما نبغ الكفر واشرأب النفاق ورمتهم العرب عن قوس واحدة قالوا لأبى بكر لو حبست جيش أسامة يكون ردءاً للمسلمين فأنا لا نأمن على المدينة الغارة فقال أبو بكر رضي الله عنه والله لو لم يبق بها غيري ما حبسته لأنه كان صله [
F؟ 184 r؟] يقول أنفذوا جيش أسامة والوحي ينزل عليه ولكن أكلم أسامة أن يخلف عمر وكان عمر ممن خرج مع تلك السرية فتخلف عمر وسار أسامة في ثلاثة آلاف حتى أوطأ الخيل أرض البلقاء وشن الغارة على فلسطين وقتل قتلة أبيه وأصاب من العدو ونكى فيه وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة فرجع فبعثه في إثر خالد بن الوليد إلى اليمامة فلحقه وشهد معه القتال،،،
ذكر الردة
ولما ارتدت العرب انتدب أبو بكر لقتالهم فقال له

(5/152)


أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقاتل قوماً يشهدون بالحق ورسول الله صله يقول أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها فقال أبو بكر لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عناقاً لقاتلتهم ويروى عقالاً فرجع المسلمون إلى قوله استصوبوا رأيه قال سعيد بن المسيب وكان أفقههم وأمثلهم رأياً يعني أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه،،،
قصة الأسود بن كعب العنسي [1] الكذاب
روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في المنام كأن في يدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفحتهما [2] فطارا فوقع أحدهما باليمامة والآخر بصنعاء قالوا فما أولتهما يا رسول الله قال كذابين يخرجان بهما فأما الأسود فإنه قتل في أيام النبي صله في قول بعض أهل العلم وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال سمعت النبي صله في مرضه يقول قتله الرجل الصالح فيروز الديلمي وقال بعضهم بل قتل بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنين وأما مسيلمة فانّه ورد على النبيّ صله
__________
[1] . العبسيّ
MS.
[2] . فنحتهما
MS.

(5/153)


في وفد بني حنيفة وكاتبه ثم قتله خالد بن الوليد في خلافة أبي [1] بكر رضي الله عنه وكان العنسي [2] يدعي النبوة ولا ينكر نبوّة محمّد عم ويقال له ذا الخمار وذلك أنه كان يلقي خماراً دقيقاً على وجهه ويهمهم فيه ويزعم أن سحيقاً وشقيقاً ملكين يأتيانه بالوحي وجعل يتلو عليهم والمايسات ميساً والدارسات درساً يحجّون عصبا وفردا على قلائص حمر وصهب وكان له حمار يقول له اسجد فيسجد ويقول اجث [3] فيجثو فافتتن الناس بخماره وحماره وتبعه خلق كثير وسار إلى نجران فغلب عليها واستنكح المرزبانة امرأة باذان غصبا وهي من الأبناء اماه هرن [4] ثم صار إلى صنعاء فخرج الأبناء [5] وكانوا قد أسلموا عند ورود كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بانومه [6] فقاتلوا قتالاً شديداً ثم فرجوا له إذ لم يقاوموه قالوا ووقع العنسي في الخمر يشربها ولا يصلي ولا يغتسل من جنابه وكان
__________
[1] . ابو
MS.
[2] . العبسىّ
MS.
[3] . اجثو
MS.
[4] . كذا وجدت.
Marge: الابنا ابناه هرنMS.
[5] . الابنار
MS.
[6] بانومه
MS.

(5/154)


يزعم أن سحيقاً يقول له لا غسل عليك في وادي صنعاء واحتالت المرزبانة وكانت مسلمة دينة فعملت سرباً تحت الأرض يفضي إلى خارج القصر وواعدت فيروز الديلمي ليلةً وسقت العنسي حتى امتلأ خمراً فجاء فيروز وداود وقيس بن [F؟ 184 v؟] المكشوح المرادي للميعاد فدخل فيروز من البيت فإذا العنسي ثمل نائم والمرزبانة قاعدة على رأسه وكان يحرسه ألف رجلٍ كل ليلة قال فأشارت المرزبانة أين السيف قال وكنت نسيته فقلت في نفسي أرجع فأحمل السيف فاستيقظ عند ذلك العنسي وعيناه تبصان قال فبركت على صدره وأخذت برأسه ولحيته فجعلت وجهه في قفاه وذلك أني كنت أخاف أن يصيح ثم أردت أن أخرج فقالت المرزبانة أنشدك الله أن تخرج وتدعني فإني لا آمن على نفسي قال فخرجت بها من السرب وحملتها إلى حصن غمدان ودخل قيس بن مكشوح فحز رأسه وخرج فرمى به إلى الناس وأذن بصلاة الفجر وفرغ الله من الكذاب العنسي وكفى المسلمين شره وضره قال الواقدي الثبت عندنا أنه قتل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه،،،
ذكر ردة الأشعث بن قيس الكندي بحضرموت
كان وفد على

(5/155)


النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي عم بعث زياد بن لبيد [1] مصدقاً عليها فلما أتاهم خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتد الأشعث بن قيس ومنع الزكاة وقال فيه الحارث بن سراقة بن معديكرب [طويل]
أطعنا رسول الله ما دام بيننا ... فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر
أيورثها بكراً إذا كان بعده ... وتلك لعمر الله قاصمة الظهر
فقاتلهم زياد بن لبيد [1] وقتل منهم مقتلةً عظيمةً واستأمن الأشعث ابن قيس فبعثه إلى أبي بكر موثقاً في الحديد فقال والله ما كفرت بعد إسلامي ولكن شححت بمالي فأطلق لي إساري واستبقني لحربك وزوجني أختك أم فروة بنت أبي قحافة ففعل أبو بكر ذلك ثم خرج الأشعث مع سعد بن أبي وقاص إلى العراق فشهد القادسيّة وشهد مع عليّ عم صفين وهو الذي دعا إلى الحكمين،،،
ذكر خروج أبي بكر رضي الله عنه لقتال أهل الردة
واشتد رعب المسلمين بالمدينة لإطباق العرب على الردة فآووا الذراري والعيال إلى الآطام والشعاب وخرج أبو بكر مع أصحابه من المهاجرين والأنصار
__________
[1] . أبيه
MS.

(5/156)


حتى نزل ذا القصة [1] وهي على أميال من المدينة فكلمه علي في الرجوع ليكون فئةً للمسلمين فأمر خالد بن الوليد على الناس وبعثه في أربعة آلاف وخمس مائة رجل وأمره أن يقتل أهل الردة بالسيف وأن يحرقهم بالنار وأن يسبى الذراري ويقسم الأموال فسار خالد بن الوليد ورأى خارجة [بن حصن] بن حذيفة بن بدر الفزاري قلتهم مع أبي بكر بذي القصة [1] فحمل عليهم في الفوارس فانهزموا ولاذ أبو بكر بشجرة فأرقى طلحة بن عبيد الله على شرفٍ فنادى أيها الناس هذه الخيل فتراجع الناس وانكشف خارجة ورجع أبو بكر رضي الله عنه الى المدينة وفيه يقول الحطيئة [طويل]
فدىً لابن بدرٍ يوم قدم خيله ... وقد حام أقوام طريفي وتالدي
[
F؟ 185 r؟] ليمحو ما منت قريش نفوسها ... فوارس أبطال طوال السواعدي
قصة طليحة بن خويلد الأسدي
وكان ممن وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم تنبّئ [2] وزعم أن ذا النون يأتيه [3] بالوحي وآمن به عيينة بن
__________
[1] . العصه
MS.
[2] تنبى
MS.
.
repetedeuxfois. [3] تأتيه MS.

(5/157)


حصن واتبعه وكان يتلو عليهم إن الله لا يضيع تعفيركم وتذليل وجوهكم وفتح أدباركم شيئاً اذكروا الله عز وجل اعفه قياماً فإني أشهد أن الصريح تحت الرعوة يعني بذلك الركوع والسجود فسار خالد حتى دنا من بزاخة [1] وبعث عكّاشة بن محصن وثابت ابن أقرم [2] طليعةً فخرج إليهما طليحة فقتلهما وفيه يقول [طويل]
زعمتم بأن القوم لا خير عندهم ... أليس وإن لم يسلموا برجال
عشية غادرت ابن أقرم [2] ثاوياً ... وعكاشة العيمىّ عند مجالي
نصبت له صدر الحمالة إنها ... معودة قول الكماة نزال
فيوماً تراها في الجلال مصونةً ... ويوماً تراها غير ذات جلال
ويومان يوم المشرفية نحرها ... ويوماً تراها في ظلال عوالي
فأناخ خالد بزاخة [3] وناوشهم القتال وضربهم الجدل فجاء عيينة ابن حصن إلى طليحة فقال هل أتاك ذو النون قال نعم قال فما قال لك قال قال إن لك يوماً ستلقاه ليس لك أوله ولك آخره ورحاه [4] وحديثاً لن تنساه فقال عيينة سيكون لك حديثا
__________
[1] .؟ اجه
Ms.
[2] . أرقم
Ms.
[3] . براحه
Ms.
[4] . ورجاؤه
Ms.

(5/158)


لن تنساه يا بني فزارة إن هذا الرجل كذاب ما بورك له ولا لنا فيه فانصرف عينية وفزارة وركب طليحة فرسه وأردف نزار امرأته فقال له الناس ما تأمرنا فقال من استطاع منكم أن يفعل كما فعلت فليفعل ونجا بأهله وقدم الشام فأقام بها إلى أن مات أبو بكر رضي الله عنه ثم خرج محرماً بالحج وأسلم إسلاماً لم يغمص عليه واستشهد بنهاوند وكان قال في قتله عكّاشة [طويل]
ندمت على ما كان من قتل ثابت ... وعكاشة العيمي ثم ابن معبد
وأعظم من هذين عندي مصيبة ... رجوعي عن الإسلام رأي التعمد
فهل يقبل الصديق أني مراجع ... ومعط بما أحدثت من حدثٍ يدي
وإني من بعد الضلالة شاهد ... شهادة حقٍ لست فيها بملحد
بأن إله الناس ربي وأنني ... ذليل وأن الدين دين محمد
ذكر مقتل مالك بن نويرة اليربوعي
قال وسار خالد بن الوليد حتى أحاط بيوتات مالك بن نويرة وهم مسلمون وكانت لمالك امرأة وسيمة فمال إليها خالد وأمر بقتل مالك فنهاه عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري فأحضر خالد المالك [1] وقال ألست القائل [طويل]
__________
Sicdanslems. [1]

(5/159)


[F؟ 185 v؟]
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر ... لعل المنايا قد دنون وما ندري
فقال مالك ما قلت ذاك ولو سمعني صاحبكم أقوله ما قتلني فقال خالد تقول لرسول الله صاحبكم وليس بصاحبك اضربوا عنقه فالتفت مالك إلى امرأته وقال يا خالد هذه قتلتني ولما قدم خالد قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر اقتله فإنه قتل وزنا قال تأول فأخطأ قال اعزله قال ما كنت لأشيم سيفاً سله الله تعالى،،،
قصة مسيلمة بن حبيب الكذاب
ويكنى أبا ثمامة كان هذا رجلاً يحسن شيئاً من الشعوذة والنيرنجات وكان يصل جناح الطير ويدخل البيض في القارورة وكان يدعي النبوة ورسول الله بمكة قبل أن يهاجر ويسمى برحمان [1] اليمامة وكان يبعث بناس إلى مكة فيسمعون القرآن ويأتونه فيقرأوه [2] على الناس ثم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني حنيفة فذكر للنّبيّ صله أنه يقول لو جعل الأمر لي بعده لاتبعته فجاءه رسول الله صله وفي يده مسحة من نخل قاله الواقدي وقال ابن إسحاق عسيب من سعف النخل في رأسه
__________
[1] . ترجمان
MS.
[2] . فياقراوه
MS.

(5/160)


خويصات فقال إن [1] أقبلت ليغفرن الله لك ولئن أدبرت ليقطعن الله دابرك وما أراك إلّا الّذي رأيته يعنى روياه ولو سألتني هذه الشطبة ما أعطيتك فلما أراد الوفد الرجوع أجازهم رسول الله صله وقال هل بقي منكم أحد قالوا رجل تنصر وخالفنا قال ليس ذاك بشركم مكاناً وأمر له بمثل ما أمر لهم فلما انصرفوا ادعى الشركة في النبوة واحتج بقوله أنه ليس بشركم مكاناً فلما شهد له الرحال بن عنفوة [2] وافتتن الناس به فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى محمد رسول الله من مسيلمة رسول الله سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك وأن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريشاً يعتدون وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب سلام على من اتّبع الهدى أمّا بعد ف إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها من يَشاءُ من عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 7: 128 فلما ورد عليه الجواب افتعل كتاباً يزعم انّه جواب كتابه إلى محمّد صله انه جعل له الأمر من بعده وكان يزعم أن جبريل يأتيه من عند الله ويتلو عليهم من أسجاعه المزورة سبح اسم ربّك الأعلى الّذي بسّر على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى من بين أحشاء
__________
[1] . أين
MS.
[2] . عنقدة
MS.

(5/161)


وتبلى [1] فمنهم من يموت ويدس إلى الثرى ومنهم من يبقى إلى أجل مسمىً والله يعلم السرّ وأخفى مع أشباه ونظائر كثيرة وكان يدعي الشركة في النبوة فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سار إليه خالد بن الوليد والتقى المسلمون وبنو حنيفة واقتتلوا قتالاً شديداً لم يكن في الإسلام يوماً أشد منه حتى كسروا بنو حنيفة جفون سيوفهم وقتل من المسلمين ألفان ومائتان وجرح أكثر من بقي وقتل زيد بن الخطاب صاحب راية المسلمين [F؟ 186 r؟] وانهزموا حتى خلص بنو حنيفة إلى فسطاط خالد بن الوليد وكان البراء بن مالك إذا حضرت الحرب أخذته العرواء حتى يقعد [2] عليه الرجال فإذا رقد وبال مثل نعاعة الحناء ثم ثار كالأسد فأصابه ذلك ثم حمل عليهم فانكشفوا وتبعهم حتى أدخلهم حديقة الموت ثم غلقوا الباب دونه فقال البراء احملوني درقةً وألقوني فيهم فضاربهم حتى فتح الباب ودخل المسلمون فقتلوا وقتلوا مسيلمة وكان رويجلاً أصيغر أخينس شرك في قتله وحشي وعبد الله بن زيد فمر به رجل فقال أشهد أنّك [لا] نبيّ ولكنّك شقىّ وفتح
__________
[1] . و؟ لي
MS.
[2] .؟ قعد
MS.

(5/162)


الله ذلك على المسلمين وقتلوا محكم بن الطفيل سيد بني حنيفة وقائدهم وكان ثمامة بن مالك قال لمسيلمة لما ادعى الشركة في النبوّة [سريع]
مسيلمة ارجع ولا تمحك ... فإنك في الأمر لم تشرك
كذبت على الله في وحيه ... هواك هوى الأحمق الأنوك
فما في السما لك من مصعد ... وما لك في الأرض من مبرك
ورثى رجل من بنى حنيفة مسيلمة بعد ما قتل [كامل]
لهفي عليك أبا ثمامة ... لهفي على ركني شمامه
كم آية [1] لك فيهم ... كالشمس تطلع في غمامه
حديث الرّجال بن عنفوة [2]
قالوا أنه قدم المدينة وتعلم السنن وقرأ سورة من القرآن إذ مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحد هؤلاء في النار فلما ادعى مسيلمة الشركة في النبوّة شهد له الرحال بن عنفوة [2] بذلك فافتتن به أهل اليمامة وفيه يقول الشاعر [خفيف]
يا سعاد الفؤاد بنت أثال ... طال ليلي بفتنة الرحال
إنها يا سعاد من حدث الدهر ... عليكم كفتنة الدجّال
__________
[1] . آئية
MS.
[2] . عنقدة
MS.

(5/163)


قصة سجاح وتكنى أم صادر
وزوجها أبو كحيلة كان كاهن اليمامة قال وتنبّأت سجاح وكانت ساحرة وتبعها الزبرقان [بن] بدر وعطارد ابن حاجب وناس كثير من تميم وقالت إن ربّ السحاب [1] يأمركم أن تغزوا [2] الرباب فغزتهم فهزموها فذلك الذي يقول عمرو بن لجأ [هزج]
تقودهم سجاح تراميتها ... فشدد يا سجاح من تقود
ثم أتت سجاح مسيلمة فقالت له ما أوحى إليك فتلا بعض أساطيره المزوّر [ة] فقالت وماذا أيضاً فتلا عليها إن الله خلق النساء أفراجاً [3] وجعل الرجال لهن أزواجاً فنولج فيهن إيلاجا فينتجن لنا سخالاً إنتاجاً [4] فقالت أشهد أنّك نبيّ فقال فهل لك [5] أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب قالت نعم قال [هزج]
قومي وادخلى المخدع ... فقد هيى لك المضجع
__________
[1] شبيب
MS.
[2] . تعزوا
MS.
leconquel ontrefrequemment.

cf.Tabari ,Ann.I 1918 noteb. [3] بن أفواجاMS.
[4] . فينجن لنا سحلا ساحا
MS.
[5] . لك
MS.

(5/164)


فإن شئت سلقناك ... وإن شئت على أربع
[
F؟ 186 v؟] وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع
فقالت بل به أجمع فهو للشمل أجمع وأجدر أن ينفع فتزوّجها وأقامت عنده ثلثا وأصدقها ترك صلاتي الفجر والعشاء الآخرة ورخصت سجاح للمرأة في زوجين على النصف مما للرجل وأذن شبث [1] بن الربعي بأن مسيلمة نكح سجاح وأصدقها ترك صلاتين وفيها يقول عطارد بن حاجب [بسيط]
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها ... وأصبحت أنبياء الله ذكرانا
واختلفوا في هلاكها فقال قوم ماتت وقال آخرون قتلت،،،
ذكر الفتوح في أيام أبي بكر
بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فافتتح حصن جواثا [2] وأجلى المخارق بن النعمان عامل كسرى عنها وعن أراس [3] وحاصر الخليج وافتتحه ولم يزل يركض على الفرس راسباً في البحر حتى مات وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد لما فرغ من اليمامة يأمره بالمسير إلى العراق فمرّ بالمذار ففضّ جنودها
__________
[1] . شبيب
MS.
[2] . حواتا
MS.
[3] . كذا وجدت في النسخة
otationmarginale:

(5/165)


ومر بنهر المرأة فصالحه جابان [1] الفارسي وصار إلى هرمزجرد فافتتحها وأتي الحيرة فخرج إليه عبد المسيح بن صلوبا [2] الغساني وكان أتي عليه أكثر من مائتي [3] سنة فصالحه على الجزية وأدّى اليه مائة ألف درهم وصالح أهل بلقاء على ألفِ ألف درهم وطيلسان وهذه النواحي التي كان ينظر فيها ويحوم حولها من آطار البادية وحافاتها وبعث أبو بكر أبا عبيدة بن الجراح في سبعة آلاف وسبع مائة من الصحابة إلى الشام وهرقل بحمص في جنوده فكتب يستمده فأمده بعمرو بن العاص ثم كتب يستمده فكتب إلى خالد بن الوليد وهو بالحيرة يأمره بالمسير إليهم فسار [4] واستخلف على العراق المثنى بن حارثة [5] الشيباني فأتى بصرى فافتتحها وهي أول مدينة افتتحت من مدائن الشأم ثمّ اجتمع مع ابى عبيد [ة] وعمرو بن العاص وحاصروا دمشق وبها نسطاس [6] البطريق في جمع
__________
[1] . خاقان
MS.
[2] . صلوبا
MS.
[3] . ماتى
MS.
[4] . فساروا
MS.
[5] . خارجة
MS.
[6] .؟ ساق
MS.

(5/166)


كثيف فهزموهم وهذا فتح جاذر [1] من أرض فلسطين وهرب هرقل حتى صار إلى أنطاكية فنزلها فهذا ما كان من الفتوح في زمن أبي بكر ثم مرض خمسة عشر يوماً ثم مات رضي الله عنه وأرضاه وخلافته سنتان وثلاثة أشهر عشرة أيام ويقال أربعة أشهر إلا عشرة أيامٍ،،،
ذكر استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ولما مرض أبو بكر شاور الناس في الأمر وكانوا لا يشكون أن عمر هو الذي يلي الخلافة بعده إلا أن منهم من كان يكره ذلك لشدته وعنفه فدعاه أبو بكر وعهد إليه واستخلفه على الناس فلما خرج من عنده قال اللَّهمّ إني وليته بغير أمر من نبيك ولم أرد بذلك إلا صلاحهم فقال له بعض القوم فماذا تقول للَّه عز وجل إذا لقيته وقد وليت أمر المسلمين فظاً غليظاً قال أقول اللَّهمّ لم آلهم [2] خيراً وتوفي سنة ثلث عشرة من الهجرة فرثاه حسان بن ثابت [بسيط]
إذا تذكرت شجواً من أخي ثقةٍ ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبي وأوفاها بما حملا
__________
[1] . كذا في الأصل.
otationmarginale: حادرMS.
.
Cf.Ibn -el -Athir

,Chron. ,t.II.p.327. [2] كذا Marge:

(5/167)


[F؟ 187 r؟]
الثاني التالي المحمود شيمته ... وأول الناس طراً صدق الرسلا
خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه
فلما دفن أبو بكر بايعه الناس وسمّى أمير المؤمنين وكان ابو بكر يقولون له خليفة رسول الله أول من سمي بأمير المؤمنين عمر عدي بن حاتم الطائي وأول من سلم عليه بالإمارة المغيرة بن شعبة ففتح الشام ومصر والجزيرة والعراق والجبل وارمنية والأهواز وفارس واصطخر والري وأذربيجان وأصبهان ودون الدواوين وأرخ التأريخ وجند الأجناد وأول من دعا له على المنبر بالصلاح أبو موسى الأشعري وصار إليه خاتم النبي صله ورداؤه [و] في سنة سبع من خلافته فرض للناس العطايا وفضل بعضهم على البعض فبدأ بالعباس ففرض له في اثني عشر ألفاً ولعلي بن أبي طالب في ثمانية آلاف ثم الأقرب فالأقرب من بني هاشم وخلفائهم ومواليهم وأعدادهم ثم سائر بني عبد مناف ثم قبائل قريش ثم المهاجرين ثم الأنصار ومواليهم ممن شهد بدرا لكلّ واحد منهم في خمسة آلاف وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لكل واحدة في اثنى عشر ألفاً وفرض لمضر ثلاثمائة ولربيعة في مائتين وخمسين وقال إنما هاجروا من أطناب بيوتهم وفرض

(5/168)


لأشراف العجم لكل واحد في ألفين،،،
وقعة الجسر
ولما أفضت الخلافة إلى عمر سار إليه المثنى بن حارثة فقال إنا قد قاتلنا الفرس واجترأنا عليهم فابعث معي ناساً من المهاجرين والأنصار نجاهدهم فقام عمر خطيباً فقال أيها الناس إنكم قد أصبحتم في غير دار مقامة بالحجاز وقد وعدكم الله على لسان نبيكم كنوز كسرى وقيصر فسيروا إلى أرض فارس فاسكت الناس لما سمعوا من أمر فارس فقام أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثقفي فقال أنا أول من ينتدب فانتدب الناس بعده فأمره عليهم وساروا إلى العراق مع المثنى بن حارثة فلما سمعت به بوران دخت بنت كسرى وكان الملك يزدجرد إلا أنه صبي لم يطق الحرب أرسلت إلى رستم أصفهبذ أذربيجان تدعوه إلى محاربة العرب فإن هو ظهر زوجته نفسها فأرسل رستم جالينوس في جيش عظيم فهزمهم أبو عبيد ثم بعث رستم ذا الحاجب في أربعة آلاف مجفجف دارع ناشب وفيل مقاتل فأمر أبو عبيد حتى عقدوا جسراً على الفرات وجاز بالناس وأخذوا في القتال فهال المسلمين أمر الفيل [1] وما يصنع فشد عليه أبو عبيد
__________
(
SIC) . [1] القتلى MS.

(5/169)


وقال أما لهذه الدابة من مقتل قالوا بلى إذا قطع مشفرها لم تعش فضربه على خرطومه فقطعه وبرك الفيل عليه فقتله وقتل يومئذ من الأنصار سبعون رجلاً وانهزم الباقون حتى رجع فلهم إلى المدينة فقال لهم عمر لا تجزعوا أنا فئتكم إنما الحريم إلي وفيه يقول حسان بن ثابت [طويل]
لقد عظمت فينا الرزية إننا ... جلاد على ريب الحوادث والدهر
على الجسر يوم الجسر لهفي عليهم ... غداة إذٍ ماذا لقينا على الجسر
وقعة القادسية
ثم بعث عمر سعد بن أبي وقاص في ثلاثة آلاف [1] رجلٍ إلى العراق [
F؟ 187 v؟] وبعث بعصمة [2] بن عبد الله في جيش وكتب إلى المثنى بن حارثة بأن يجتمع إلى سعد وكتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين يأمره بالمسير إلى سواد بابل فسار العلاء واستخلف أبا هريرة على البحرين فمات في الطريق ومات المثنى بن حارثة [3] وبعث عمر عتبة بن غزوان إلى ناحية البصرة فافتتح الأبلة وجاء سعد فيمن معه من الجموع فنزلوا فشربوا مما
__________
[1] . ألف
MS.
[2] . بحسن
MS.
[3] . الحارثة
MS.

(5/170)


يلي سواد الحيرة وشتوا به وجعلوا يغيرون على السواد وتضرب خيلهم إلى سوق بغداذ وإلى باب ساباط فتوجه رستم في جمع عظيم للقائهم وكتب سعد إلى عمر بالخبر يستمده بالرجال فبعث إليه المغيرة بن شعبة في أربعمائة وأمده بقيس بن مكشوح في سبع مائة وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أمد سعداً بألف رجلٍ ففعل ذلك واجتمعوا إليه وجاء سعد فنزل ما بين العذيب إلى القادسية وجاء رستم فنزل الحيرة في ستين ألفاً من المقاتلة سوى الأشياع والأتباع والشاكرية واستولى على كل ما كان صار بأيدي المسلمين مما افتتحوه صلحاً وعنوةً حتى ضاق الأمر على المسلمين في الطعام والعلوفة ثم بعث سعد بن أبي وقاص رسلاً إلى يزدجرد ومنهم حنظلة بن ربيعة الأسدي والنعمان بن مقرن [1] المزني وعمرو بن معديكرب الزبيدي وطليحة [2] بن خويلد الأسدي والمغيرة بن حبيب بن زرارة وفرات بن حيان وشرحبيل بن السمط [3] ولبيد بن عطارد فجوزهم رستم الى المدائن مع صاحب له
__________
[1] . مقرون
MS.
[2] . وطلحة
MS.
[3] . الصمط
MS.

(5/171)


فوقفوا بباب يزدجرد ببرودٍ على خيلٍ وإبلٍ عليهم نعال وسلاح رثة فخرج الآذن فقال لهم ابن كسرى ما كانت أمة في الأرض أبعد عندنا مما طلبتم وما كان يخطر لنا ببالٍ إنكم تعرضون بمثل هذا وظننت الذي حملكم على هذا سوء الحال وضيق العيش فانصرفوا فإني أحسن إليكم وآمر لكم بحملان وطعامٍ وكسوةٍ فقال النعمان بن مقرن [1] وهو أميرهم ليس لما عرضت علينا أتيناك ولكن ندعوك إلى دين الإسلام قال هذا دين لا أدخل فيه قال فالجزية تؤديها وأنت صاغر قائم والسوط على رأسك قال لولا أنكم رسل لقتلتكم قالوا فإنا نأخذ أرضك ونجليك عنها قال وما علمكم [2] قالوا أخبر بذلك نبينا صله وما أخبرنا بشيءٍ قط إلا وكان كما قال فراطن بعض شاكريته فجاء يسعى ومعه مكتل فيه تراب فقال خذوا هذا فليس لكم عندي غيره فبسط عمرو بن معديكرب رداءه فأخذه وخرجوا فقال له أصحابه أخذت تراباً فقال قد أمكنكم الله من أرضه فجاء به إلى سعد وتفألوا به وأرسل يزدجرد إلى رستم ان ناهض القوم فقد فشت
__________
[1] . مقرون
MS.
[2] . علمك
rectionmarginale ,ms.

(5/172)


غارتهم على الناس فبعث رستم إلى سعد أن ابعث إلي منكم رجلاً أكلمه فبعث المغيرة بن شعبة فجاء وقد فرق شعره أربع فرقٍ فقال له رستم أنكم كنتم معشر العرب أهل شقاءٍ وجهدٍ وكنتم تواتوننا من تاجر وأجير فأكلتم من طعامنا وشربتم من شرابنا فذهبتم فدعوتم أصحابكم فإنما مثلكم مثل رجل له حائط فرأى فيه ثعلباً فقال وما ثعلب واحد فذهب الثعلب وجمع الثعالب في حائطه فجاء صاحبه فسد عليه الحجر فقتلهن جميعاً وقد نعلم أن الذي حملكم على هذا الجهد والمشقة فانصرفوا نوفر لكم برادتكم [1] ونأمر لكم بكسوة فقال المغيرة لم تذكر شيئاً من جهدنا إلا وقد كنا في أشدٍ منه كنا نأكل الميتة والدم والعظام حتى بعث الله فينا نبياً صله فأمرنا أن نقاتل من خالفنا وندعوا الناس [F؟ 188 r؟] إلى متابعته والإيمان به فإن آمنت كان لك بلادك لا ندخلها عليك إلا بإذنك وإن أبيت فالجزية وإلا قاتلناك حتى يحكم الله بيننا قال رستم ما ظننت أني أعيش حتى أسمع مثل هذا ولا أمسي غداً أفرغ منكم وأمر بالعتيق فسكر وطم الوادي بالتراب والقصب حتى صار طريقاً واسعاً ثم زحف إليهم في ستين ألفاً
__________
[1] . كذا وجدت
Marge: بن براديكم MS.

(5/173)


مدججين شاكين في السلاح التام والآلة المعدة عليهم الذهب والحرير واليلامق والديباج وعامة جنن المسلمين براذع الرحال [1] قد عرضوا فيها الحرائر ولووا على رءوسهم الأنساع [2] والأعاجم قد قدموا الفيلة وبثوا الحسك واستعمل سعد ذلك اليوم خالد بن عرفطة لأنه كان به جراح فقامت الحرب بينهم أربعة أيام وقتلوا من المسلمين ألفين وخمس مائة فلما كان اليوم الرابع حمل هلال ابن علفة التيمي على رستم فانهزم وولت الفرس واتبعهم المسلمون يقتلونهم حتى امتنع الناس من شرب الماء بالقادسيّة ثلث ساعات لما كان يجري فيه من الدم وقتل زهرة بن حاوية جالينوس صاحب جيش الفرس وباع منطقته بثلاثين ألفاً واختلفوا في من قتل رستم فقيل هلال بن علفة وقيل قتله عمرو بن معديكرب وذلك أن رستم كان على فيل فعقره عمرو فسقط عنه رستم وسقط من تحته خرج فيه أربعون ألف دينار وقيل غرق في العتيق وجمعوا من الأموال مثل الآطام والتلال وأصاب رجل من بني نخع راية كانت للفرس تسمّى [3] درفش كاويان موصولة بالدرّ
__________
[1] . الرجال
Ms.
[2] . الامساع
Ms.
[3] . يسمّى
Ms.

(5/174)


واليواقيت فقومت ألفي ألف درهم وهي التي يذكرها البحتريّ في قصيدته [خفيف]
والمنايا مواثل وأنوشروان ... يزجي الصفوف تحت الدرفش
وكتب سعد إلى عمر بالفتح وبعث إليه بالغنائم والأموال وصفت له السواد إلا المدائن فإن يزدجرد تحصن ونزل المسلمون الأنبار فاحتووها فكتب عمر إلى سعد إن العرب لا يصلح لهم إلا ما يصلح للبعير والشاء فانظر إلى فلاةٍ فأنزل المسلمين بها وأقم مكانك وابعث جنداً إلى أرض الهند يعني البصرة وجنداً إلى الجزيرة واتخذ منزلك دار هجرتك [1] ولا تجعل بيني وبين المسلمين بحراً فطلب سعد حتى نزل الكوفة اليوم وهي رمال ومصرها وخط مسجدها وبعث عتبة بن غزوان في خيل إلى البصرة فاختطها وأسس مسجدها ثم استخلف عتبة المغيرة بن شعبة على البصرة وسار إلى عمر فمات في الطريق وأقر عمر المغيرة على البصرة ثم شهد عليه أربعة بالزنا خالف أحدهم وهو زياد بن عبيد فأمر عمر فجلدوا وعزل المغيرة عن البصرة واستخلف عليها أبا موسى الأشعريّ فافتتح
__________
[1] . هجرة
rectionmarginale:

(5/175)


الأهواز وتستر والسوس ورامهرمز وبعض نواحي فارس وكان سعد لما بعث عتبة بن غزوان إلى البصرة بعث أبا موسى إلى الجزيرة فافتتح الموصل ونصيبين صلحاً وعاد إلى سعد وبعث عثمان بن أبي العاص الثقفي إلى أرمينية وأذربيجان فصالحهم على الجزية وأقام سعد بالكوفة ثلث سنين ثم كان فتح المدائن وكان سعد يوم القادسية في قصر لجراح كان به فقال رجل من المسلمين [طويل [Fr 188 vr] [
ألم تر أن الله أنزل نصره ... وسعد بباب القادسيّة معصم
فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ... ونسوة سعدٍ ليس فيهنّ أيّم
فقال سعد اللَّهمّ اكفني لسانه ويده فزعموا أنه خرس لسانه وشلّت يده وقال جرير [رجز]
أنا جرير كنيتي أبو عمرو ... قد نصر الله وسعد في القصر
فقال سعد [وافر]
وما أرجو بحيلة غير أني ... أؤمل فوزهم يوم الحساب [1]
__________
[1] هذا مخالف لما ذكر في كتب التواريخ
marginalemoderne:

(5/176)


فتح المدائن
ولما استولى المسلمون على العراق وساروا إلى ساباط نقل [1] يزدجرد خزائنه من الذهب والفضة والجوهر والسلاح وقطع الجسور وعبأ السفن وأغلق أبواب المدائن فأتى سعداً قوم من الفرس فدلوه على موضع من دجلة قليل الغمر يقال له ديلسا فانتدب أربع مائة فارس فاقتحموا دجلة وخرجوا من الفرضة [2] ولم يغرق منهم إلا رجل واحد وأخذوا السفن المعبأة ليزدجرد وعبروا المسلمين وحاصرهم سعد سبعة أشهر فلما اشتد عليهم الحصار تحملوا ليلاً بما خف من أموالهم وخرج يزدجرد إلى حلوان وخلّف بجلولاء خرزاذ بن هرمز في جمع عظيم ليدافع عنه العرب إن لحقوا به وافتتح سعد المدائن وأصاب من الخزائن ما بقي من الأموال وأواني الذهب والفضّة أربع مائة حمل فبعث كلّها كان فتح المدائن بعد القادسيّة بأشهر ثم بعد سنتين أو ثلاث بعد فتح المدائن اختطّ سعد الكوفة بأمر عمر رضي الله عنهما وأسكن الجند فيها وكان السبب لذلك تغيير أمزجة وأخلاق العرب النازلين في المدائن وسلواهم ذلك الى عمر قام عند ذلك بارتياد منزل ليصلح لمزاجهم فاختاروا موضع الكوفة ومصّروها،،،
__________
[1] . ونقل
MS.
[2] . الغرضة
MS.

(5/177)


بها إلى عمر مع سبى كثير فأمر بها عمر فصبت في صحن المسجد وجمع المسلمين وقال ألا صدقكم رسول الله صله إذ قال إن كنوز كسرى وقيصر تنفق في سبيل الله ثم نظر إلى سوار كسرى فقال لسراقة بن مالك أنشدك الله ألا قمت إلى ذلك السوار فلبسته وكان ذراعاه شحتين شعراوين فقال عمر رضي الله عنه صدق رسول الله صله قال كأني أنظر إلى سوار كسرى في يدي سراقة بن مالك وإن عجائب المعجزات للنبي صله كانت بعد موته أكثر ممّا كانت في حياته صلى الله عليه وسلم وعند ذلك تبيّن الناس صدق قول رسول الله صله ومواعيده عليه أفضل الصلاة وأسلم،،،
وقعة جلولا
ولما مر يزدجرد إلى حلوان وخلّف خورزاذ بجلولاء [1] ليدفع من يأتيه من العرب من ورائه بعث سعد اثنى عشر ألفا فقاتلوا خورزاذ وهزموه وأصابوا من صامت أموالهم ما بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف [2] درهم وثمانية أرؤس من الدواب والجارية سوى سائر الآثار والأواني والفرش وسوى ما أخرج من الخمس وكانت أم الشعبي من سبي جلولا فلما انتهت الهزيمة الى حلوان
__________
[1] . بجلوله
MS.
[2] . ألف
MS.

(5/178)


بعث يزدجرد الهرمزان في جيش عظيم إلى الأهواز ليشغل العرب ويكون رداء للفرس وخرج يزدجرد من حلوان إلى اصطخر وتحصن بها وصار الهرمزان الى الأهواز ونزل تستر لأنها أحسن مدنها فقصده أبو موسى الأشعريّ من البصرة وحاصره حتّى ينزل على حكمه فقال له الهرمزان [Fv؟ 189 r؟] أنا لا أنزل على حكمك ولكن على صاحبك فكتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بذلك فكتب بالجواب أن استنزله على حكمي،،،
فتح تستر وخروج الهرمزان
فنزل الهرمزان على حكم عمر رضي الله عنه فبعث به إلى المدينة فلما دخل المدينة لبس التاج والديباج وأخذ منطقته وسواريه وطوقه وقد طول شاربه وقصر لحيته على زي العجم وهذا كله تصنع منه للقاء عمر فانتهى إليه وهو قاعد في ناحية المسجد عليه برد خلق وبين يديه درة فقال الهرمزان من هذا فقالوا أمير المؤمنين فسقط الهرمزان في يده لما كان من التزين والتصنع ثم تكفر لعمر فقال هذا لا يصلح في ديننا فقال له عمر أأسلمت [1] قال لا قال إن لم تسلم قتلتك قال لا تقتلني حتى تسقيني الماء فأتي بقدح من خشب عظيم فقال لو مت
__________
[1] . أسلمت
MS.

(5/179)


عطشاً ما شربت من هذا ما لكم قدح من زجاج وذلك أن الفرس لا يأكل في الخشب والخزف لقبولهما النجاسات فأخذه ويده ترعد وهو مرعوب فقال له عمر لا بأس عليك ولست يقاتلك حتى تشربه فألقى القدح من يده فانكسر فظن عمر أنه سقط من يده فقال ائتوه بقدح آخر قال لا حاجة لي في الماء قال عمر أسلم وإلا قتلتك قال أما ديني فلست أدعه وأما أنت فقد امنتنى فقال عمر لم آمنك يا عدو الله فقيل له بلى قد آمنته فقال خذ منا أماننا وما نشعر فأقام برهة ثم رغب في الإسلام فأسلم ففرض له عمر في من فرض من العجم ثم لما قتل عمر رضي الله عنه اتهمه عبيد الله بن عمر في ذلك فقتله وشكى أهل الكوفة سعداً وقالوا أنه لا يحسن الصلاة فعزله عمر واستعمل عمار بن ياسر على الصلاة وعثمان بن حنيف على الخراج وعبد الله بن مسعود على القضاء وبيت المال وفرض لهم في كلّ يوم شاة واحدة بين ثلاثتهم،،،
ذكر فتح الفتوح بنهاوند
قالوا واجتمعت الأعاجم والأساورة وعظماء الفرس وعزموا على غزاة عمر في عقر داره وتعاقدوا على ذلك وتحالفوا وجمعوا من الجموع ما لا يبلغه الإحصاء والعدد

(5/180)


وبلغ ذلك عمر فجمع المهاجرين والأنصار فاستشارهم وأراد الخروج بنفسه فأشار عليه علي بن أبي طالب بالمقام بالمدينة وتوجيه من يقوم بمناظرتهم فبعث حينئذ جيشاً عظيماً واستعمل عليهم النعمان بن مقرن [1] المزني وقال إن أصيب النعمان فأمير الناس حذيفة بن اليمان وإن أصيب حذيفة فأمير الناس جرير بن عبد الله البجلي فإن أصيب جرير فالمغيرة بن شعبة فالأشعث بن قيس وكتب إلى عمار بن ياسر أن استنفر ثلث [2] أهل الكوفة وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن استنفر ثلث أهل البصرة فاجتمعوا وساروا حتى نزلوا على فرسخين من نهاوند وبها جموع الفرس يقال مائة ألف ويقال أربع مائة ألف وعليهم ذو الحاجب مردان شاه وقد تحالفوا على الصبر والثبات فارتبط [F؟ 189 v؟] بعضهم ببعض وجعلوا لكل عشرة سلسلة لكيلا يهربوا [3] وألقوا الحسك وأقاموا الفيلة بينهم وبين المسلمين فناهضهم المسلمون يوم الأربعاء ويوم الخميس فلما كان يوم الجمعة قال المغيرة بن شعبة إنّ العدوّ قد سئم القتال
__________
[1] . مقرون
MS.
[2] . ثلث
MS.
[3] . يفرّوا
rectionmarginale.

(5/181)


وضعف فنبادرهم القتال فقال النعمان نصلي الظهر ثم نلقى عدونا فإن أبواب السماء تفتح [1] مواقيت الصلاة فلما صلى قال لهم النعمان إذا أنا كبّرت فاركبوا فإذا كبرت الثانية فسلوا السيوف وأشرعوا الرماح وأوتروا القسى فإذا أنا كبرت الثالثة فاحملوا عليهم حملة رجل واحد وأخذ الراية النعمان وتقدم وكبر فلما كان في الثانية والثالثة حملوا عليهم فهزموهم وقتل النعمان بن مقرن فأخذ الراية حذيفة بن اليمان وقتلوا منهم ما الله أعلم به وأصابوا من الغنائم والأموال ما لم يذكر في كتاب مبلغها وقتل ذو الحاجب مردان شاه ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة فسمى ذلك فتح الفتوح واستشهد ذلك اليوم النعمان بن مقرن وعمر بن معديكرب وطليحة بن خويلد في نفر من الصحابة واستصفى عمر من أموال الفرس ما كان لكسرى وأهل بيته وبلغ خراجه سبعة آلاف ألف درهم حتى إذا كان يوم الجماجم [2] أحرق الديوان فأخذ كل إنسان ما يليه قالوا واحتال المغيرة بن شعبة على عمار بن ياسر فرفع إلى عمر أنه يخاطر بالديكة [3] فعزله عمر وولى الكوفة المغيرة
__________
[1] . يفتح
Ms.
[2] . بالدبكة
Ms.
[3] . الجمام
Ms.

(5/182)


ابن شعبة فافتتح آذربيجان صلحاً ويقال افتتحها هاشم بن عتبة،،،
ذكر ما افتتح من فارس في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وكان يزدجرد مقيماً بأصطخر في هذه الوقائع فوجه عمر عثمان بن أبي العاص الثقفي وكان ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف إلى البحرين وعزل عنها أبا هريرة وكان وافاها مع العلاء بن الحضرمي مؤذناً له [1] فلما سار إلى العراق استخلفه على البحرين فدوّخ عثمان البلاد بالأزد وعبد القيس ثم عبر بهم البحر إلى أسياف فارس وجعل يركض على كورها وقراها ويغير عليها ومصر توج [2] وجعلها دار هجرة ويزدجرد لما رأى من غلبة العرب بعث بخزائنه وكنوزه إلى الصين وعزم على قصده ان هزم ووجّه شهرك للقاء عثمان ابن أبي العاص الثقفي وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري بأن يلتقي مع عثمان فاجتمعا وواقعا شهرك وكان في مائة وعشرين ألف رجل فهزماه وقتلا من أصحابه زهاء ثلاثين ألفاً وفتحوا كورة أردشير وهذا هو الأصطخر الأولى ولم يفتح اصطخر ويقال أن الذي فتحها قرط بن كعب الأنصاري وأصبهان فتحها عثمان بن أبى
__________
[1] . مؤذّنا له
MS.
[2] . توج
MS.

(5/183)


العاص بعد حصار ثلاثة أشهر وكاتب الرجال من الأهواز وأميرها المغيرة بن شعبة،،،
ذكر ما افتتح من الشام في أيام عمر رضي الله عنه
قالوا وكان أبو عبيدة ابن الجراح وخالد بن الوليد بأرض الشام عند موت أبي بكر رضي الله عنه يركضون ويغيرون فلما صار الأمر إلى عمر حاصروا دمشق ستة أشهر حتى افتتحوها صلحاً وكذلك حمص وبعلبك ثم كانت وقعة اليرموك،،،
وقعة اليرموك
[
F؟ 190 r؟] وكان هرقل ملك الشام والروم بأنطاكية ألجأه إليها المسلمون في حياة أبي بكر فجمع الجموع واستمد من الرومية والقسطنطينية وجاءه جبلة بن الأيهم الغساني في من معه من لخم وجذام فتكاملوا أربع مائة ألف فيما يزعمون وأمّر عليهم هرقل دمستق [1] ماهان فلقيهم أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد في أيام ذي ضباب ورذاذ بموضع يقال له اليرموك فهزموهم وفض الله جموعهم فتساقط في هوة ثمانون ألفاً لا يشعر آخرهم بما لقي أولهم فغدوا من الغد بالقصب وسمّيت تلك الهوّة هوّة [2]
__________
[1] . كذا وجدت
etnotemarginale: بن دمسقMS.
dditionmarginale. [2]

(5/184)


اليرموك وقتلوا بالسيف سبعين ألفاً وكان المسلمون يومئذ خمسة وثلاثين ألفاً وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو بأنطاكية فخرج إلى القسطنطينية بأهله ورحله وماله وأشرف على الشام فقال السلام عليكم سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبدا واستشهد الفضل ابن العباس باليرموك،،،
فتح بيت المقدس
وافتتح أبو عبيدة بعد اليرموك الجابية من أعمال دمشق وقنسرين وحاصر أهل مسجد إيليا فأبوا أن يفتحوا له وسألوه أن يرسل إلى صاحبه عمر ليقدم فيكون هو الذي يتولى مصلحتهم فكتب بذلك أبو عبيدة إلى عمر فوافى الشأم واستخلف عثمان بن عفّان الى المدينة وصالح أهل إيليا على أن لا يهدم كنائسها ولا يجلي رهبانها وبنى بها مسجداً وأقام أياماً ثم رجع إلى المدينة وفي أيامه افتتح شرحبيل بن حسنة سروج والرها صلحاً وافتتح عياض بن غنم داراً والرقة وتل موزن [1] صلحاً وافتتح عمرو بن العاص الثقفي مصر عنوة وافتتح الاسكندرية صلحاً ويقال عنوة وصالح أهل برقة وافتتح أيضاً بالس [2] وافتتح
__________
[1] . مورن
MS.
[2] . بالس
MS.

(5/185)


معاوية عسقلان وقيسارية صلحاً وأغزى عمر عمير بن سعد الأنصاري فقطع دروب الروم وأوغل في بلادهم حتى انتهى إلى عمورية وهو أول من خربها ودخلها وبه يضرب المثل أخرب من جوف الحمار فهذا ما كان من الفتوح في أيام عمر رضي الله عنه وأرضاه،،،
طاعون عمواس
وعمواس موضع في سنة سبع عشرة من الهجرة وخمس من خلافة عمر وقع الطاعون قد اشتعل بالشام وخرج عمر لقتال الروم حتى بلغ سرغ فقيل أن الطاعون قد اشتعل بالشام فرجع عمر فقال له أبو عبيدة أفراراً من قدر الله قال نعم أفر من قدر الله إلى قدره ومات في ذلك الطاعون من المسلمين بضع وعشرين ألفاً منهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان وفيه يقول الشاعر [خفيف]
ربّ خرق [1] مثل الهلال وبيضاء ... حصان بالجزع من عمواس
قد لقوا الله غير راد عليهم ... وأقاموا في غير دار أساس
عام الرمادة
وهو عام الجوع والقحط وفي هذه السنة كانت
__________
[1] . حرق
MS.

(5/186)


الرمادة وهي القحط والجدب والمجاعة حتى [1] رعيها وعطلت النعم فقال كعب الأحبار لعمر إن بني إسرائيل كان إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء فقال عمر هذا العباس عمّ النبي صله وصنو أبيه وسيد بني هاشم [F؟ 190 V؟] فمشى إليه وكلمه وخرج معه الناس إلى المستمطر ودعا عمر والعباس رضي الله عنهما فسقوا وفي ذلك يقول حسان بن ثابت [كامل]
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا ... فسقى الغمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي ... ورث النبي بذاك دون الناس
أحيا البلاد به الإله فأصبحت ... مهتزة الأجناب بعد إياس
فتح السوس
قال وحاصرهم أبو موسى الأشعري حتى أجهدهم الحصار فاستأمن دهقانهم لمائة نفس وقال أبو موسى الأشعري اللَّهمّ أنسه نفسه فلما نزلوا قال له اعزل المستأمنين فعزل مائة ولم يعزل نفسه فأمر به أبو موسى فضرب عنقه وأصابوا جثة دانيال في تابوت من رخام يستصرخون به ويستمطرون فكتب إلى عمر بذلك فكتب في الجواب إني أراه نبياً فادفنه حيث لا يشعر
__________
[1] . كذا في الأصل
Lacunedanslems.enmarge:

(5/187)


الناس به قال أنس في روايته فكان طول أنفه ذراعاً وقام رجل يقاومه فكانت ركبته محاذية رأسه فدفنوه تحت الماء ووجدوا معه صحفاً بيعت بأربعة وعشرين درهماً فوقعت إلى الشام وحج بالناس عمر عشر سنين متوالية ثم صدر إلى المدينة وقتل سنة ثلث وعشرين من الهجرة وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال رضي الله عنه،،،
ذكر مقتل عمر رضي الله عنه
قالوا وكان للمغيرة بن شعبة غلام نصراني يقال له أبا لؤلؤة عليه لعائن الله تترى مرة بعد أخرى فجاء إلى عمر يشكوه مولاه المغيرة في ضربه وتثقيل وطائفه ويسئله أن يكلم المغيرة في التخفيف عنه فإنه ذو عيال فقال له عمر اتق الله ورسوله وأطع مولاك ثم لقي المغيرة فأوصاه به خيراً وعاد الغلام شاكياً وسائلا فقال له مثل مقالته الأولى وسأله أن ينصب له رحىً فقال الغلام لأنصبن لك رحى يتحدث بها العرب فقال عمر لولا أن الناس يقولون هابه عمر لقلت يوعدني هذا الكلب وضغن عليه أبو لؤلؤة حيث لم يسامحه المغيرة وظن ذلك من فعل عمر فاتخذ خنجراً له رأسان والمقبض [1] بينهما وأزمع على قتل
__________
[1] . والمفيض
MS.

(5/188)


عمر ورأى عمر تلك الليلة في المنام كأن ديكاً أبيض نقره نقرتين فأصبح مهموماً وقال ما الديك إلا عجمي وما النقرة إلا طعنة ثم تطهر وخرج لصلاة الصبح فجاء أبو لؤلؤة الملعون لعنه الله حتى وقف في الصف مما يلي عمر فلما افتتح عمر الصلاة طعنه في خاصرته طعنتين أجافت وخرق أمعاءه فقال عمر رضي الله عنه آه والتأث المسلمون به فحملوه وقبضوا على أبى لؤلؤة الملعون بعد ما قتل رجلا أو رجلين وجرح جماعةً وقال عمر مروا عبد الرحمن بن عوف فليصل بالناس فصلى بهم وقرأ في الركعة الأولى بقل يا أيها الكافرون وفي الثانية بقل هو الله احد ثم دخل إليه ودخل الناس وجرحه ينبعث دماً فقال لابن عباس اخرج فانظر من قتلني فخرج ثم دخل فقال هذا أبو لؤلؤة الملعون النصراني فقال الحمد للَّه الذي لم يجعل خصمي ذا سجدتين ثم دعا له بطبيب لينظر فسقاه نبيذاً فخرج ولم يدر أهو نبيذ أم دم [F؟ 191 r؟] ثم دعا بطبيب آخر فسقاه لبناً فخرج اللبن لبناً فقال أعهد يا أمير المؤمنين فجمع الناس للشورى،،،
قصة الشورى وموت عمر
قالوا فلما أيقن عمر بالموت دعا بعهده وجعل الأمر فيه إلى ستة نفر وهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي

(5/189)


طالب وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ثم جعل معهم عبد الله بن عمر وقال ليس له في الإمارة نصيب وإنما له الاختيار والرأي وجعل أجل اختيارهم ثلاثة أيام وقال يصلي بالناس صهيب حتى يصطلحوا على أحدهم وأمر عدة من الأنصار أن يستحثوهم على ذلك كيلا يتفرق كلمة المسلمين وقال إن اجتمع ثلاثة على واحد وأبى اثنان فخذوا بقول الثلاثة وان كانوا ثلاثة ثلاثة فخذوا برأي الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف وكان قال لعبد الله بن عباس اذكر لي من أعهد إليه فقال عثمان فقال ذاك كلف بأقاربه يحمل بني ابن أبي معيط على رقاب الناس قال فعبد الرحمن بن عوف قال مسلم ضعيف وأميرته امرأته قال فسعد قال ذاك فارس يكون في مقنب من مقانبكم قال فالزبير قال مؤمن الرضا كافر الغضب قال فطلحة قال فيه باء وعجب قال فعلي قال فيه دعابة وأنه لأخلقهم أن يحملهم على المحجة ثم جعل الأمر في هؤلاء الستة باختيارهم وقال إن بيعة أبي بكر كانت فلتةً وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها من غير مشورة فاقتلوه ومات عمر رضي الله عنه وأرضاه يوم الجمعة لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلث وعشرين وكان

(5/190)


طعن يوم الأربعاء فمكث بعده ثلاثاً هذا في رواية الواقدي فلما أخرجوه ليصلي عليه الناس قام علي عند رأسه وقام عثمان عند رجليه فقال عبد الرحمن بن عوف ما أسرع ما اختلفتم تقدم يا صهيب فتقدم فصلى عليه ثم دفنوه في حجرة عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه فانصرفوا عنه وتنازعوا الأمر واختلفوا فيه وجاءت الأنصار يستحثونهم وبنو هاشم وبنو أمية يخطب كل قوم إلى صاحبهم فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح إن أردتم أن لا يختلف قريش فولوها عثمان فقام عمار بن ياسر فقال إن أردتم أن لا يختلف الناس فولوها علياً ثم قال لعبد الله بن سعد ابن أبي سرح يا فاسق بن فاسق أأنت ممن تستنصح المسلمين أو يستشيرونك في أمورهم واستسب بنو هاشم وبنو أمية وارتفعت الأصوات حتى تخوف الاختلاف فكان في الشورى ثلاثة أيام وعلي يناشدهم بالرحم أن يخرجوه من هذا الأمر فلما كان يوم الثالث بايعوا عثمان [1] ،،،
__________
[1] والسبب فيه انه لما راى القوم لا يصطلحوا
marginalemoderne: على واحد منهم اخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من الخلافة وقال لهم ان رضيتم في بيعة [من] أبايعه بالخلافة وأنا أعطيكم عهد الله وميثاقه على ان

(5/191)


ذكر بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه
قالوا وأقبل عبد الرحمن بن عوف إلى علي بن أبي طالب فقال عليك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وعقد إن أنا وليتك هذا الأمر لتعملن بكتاب الله وسنة نبيه فقال نعم طاقتي وجهدي ومبلغ رأى [
F؟ 191 v؟] ثم أقبل على عثمان فقال له عليك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وعقد إن أنا وليتك هذا العمل لتعملن فيه بكتاب الله وسنة نبيه قال نعم لا أزول عنها ولا أدع منها شيئا وبسط يده وكرر عبد الرحمن أسوي جهدي في اختيار أفضلكم وأولاكم بالخلافة فأي رأيكم الا تصطلحون على هذا الحال ابدا فرضوا به وبمن يوليه الخلافة بعد ان أخذوا منه المواثيق المؤكّدة على انه لا يغدر ولا يميل بهواء النفس فجعل عبد الرحمن يلقى الناس ويستشيرهم الى تمام ثلاثة أيام واجهد بنفسه في ذلك حتى انه ما يرقد تلك الأيام والليالي من كثرة ما يلاقى الناس ويستشيرهم فلما انقضت المدة واجتمع الناس في المسجد صعد عبد الرحمن بن عوف المنبر ودعي عليّا رضي الله عنه وقال انا أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين ابو (sic) بكر وعمر فقال عليّ رضي الله عنه أما كتاب الله وسنّة رسوله فنعم فإنهما يأتيان على كلّ شيء ثم اجتهد في نفسي ثم دعا عثمان رضي الله عنه وقال مثل قوله الأوّل فقال عثمان نعم فرفع عبد الرحمن رأسه فقال اللَّهمّ اشهد فنبايعه فتبادر الناس يبايعونه هذا المذكور في كتب التاريخ والله تعالى اعلم،،،

(5/192)


هذه الكلمة على علي مراراً وعلى عثمان مراراً كل ذلك يجيبانه مثل الأول وبسط عثمان يده وبنو هاشم وبنو أمية قيام ينتظرون ما يكون فضرب عبد الرحمن على يد عثمان وبايعه على الأمر ثم تتابع الناس على ذلك وخرج عثمان ووجهه يتهلل وعلي كاسف اللون أربد لم يبايعه ودخل منزله ورفع عمّار عقيرته يقول [رجز]
يا ناعي الإسلام قم فانعه ... قد مات عرف وأتى منكر
هكذا رأيته في بعض التواريخ وما أظنه حقاً والله أعلم وقد روي أن سلمان جعل يقول ذلك اليوم كردند نكردند كردند نكردند ثم قام عثمان على المنبر خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وأرتج عليه الكلام فقال إن هذا مقام ما كنا نرى أن نقومه وإن أول مركب صعب وإن مع اليوم أياماً وما كنا خطباءْ وسيعلمنا الله ولا آلو أمة محمد خيراً ونزل ومشى أهل الشورى إلى علي وقالوا قم فبايع قال فإن لم أفعل قالوا نجاهدك فجاء فبايع ولما طعن أبو لؤلؤة عمر أخذه الناس فقتلوه وسل عبيد الله بن عمر

(5/193)


السيف فقتل ابناً [1] لأبي لؤلؤة وقتل الهرمزان وأراد أن يستعرض السبي بالمدينة فمنعه المهاجرون والأنصار ومما رثى به عمر بن الخطاب قول الشمّاخ [طويل]
أبعد قتيل بالمدينة أصبحت ... له الأرض تهتز العضاه بأسوق
جزى الله خيراً من أمام [2] وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما قدمت بالأمس تسبق
وما كنت أخشى أن يكون وفاته ... بكفي سبنتي أزرق العين مطرق
قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... نوافج في أكمامها لم تفتق
ويروى عن بعضهم عن رجل من الرافضة أنه قال رحم الله أبا لؤلؤة فقيل سبحان الله ترحم على رجل مجوسي قتل عمر بن الخطاب فقال كانت طعنته إسلامه،،،
خلافة عثمان بن عفان
بايعه الناس وصار إليه خاتم رسول الله صله ورداؤه وأول فتح كان في خلافته ماه البصرة وما كان بقي من حدود أصفهان والرىّ على يد أبى موسى الأشعري ثم بعث عثمان عبد الله بن عامر بن كريز إلى اصطخر وبها يزدجرد فخرج
__________
[1] . ابنين
rectionmarginale:
[2] . اديم
MS.

(5/194)


يزدجرد إلى دارابجرد وخلف ماهك الأصفهبذ على أصطخر فنزل عبد الله بن عامر بن كريز يقاتل ماهك وأرسل مجاشع بن مسعود السلمي في إثر يزدجرد فركب يزدجرد المفازة إلى كرمان [F؟ 192 r؟] وفتح مجاشع دارابجرد صلحاً وسار في إثر يزدجرد إلى كرمان فافتتحها وأخذ يزدجرد على طريق سجستان حتى أتى مرو الشاهجان يريد الصين وقد قدّم إليها ذخائره وخزائنه وذكر ابن المقفع أنه كان في تلك الذخائر من الذهب التي كان قباذ ضربها سبعة آلاف آنية كل آنية اثنا عشر ألف مثقال سوى ما كان من ضرب سائر الملوك ومواريثهم وأنه كان فيها ألف حمل سبائك غير المضروبة وجاء مجاشع إلى سجستان فأصاب منها وافتتح سجستان ثم انصرف لما لم يدرك يزدجرد وعاد إلى فارس وافتتح عبد الله بن عامر ابن كريز أصطخر الثانية وسار إلى خراسان حتى أتى الطوس فافتتحها صلحاً وبلغ الخبر يزدجرد فاشتد خوفه واستمد الترك فجاءه الترك وطرخان التركي لنصرته فقال له وزيره خرزاذ إن أمر العرب شيء ظاهر فدعني أصالحهم على مال يدعوا [1] لك بعض ممالكك [2] قال افعل فكتب خرزاذ الوزير إلى عبد الله بن عامر
__________
[1] . يدعو
MS.
[2] . ممالك
rectionmarginale ,ms.

(5/195)


يراوده على الصلح عن كور الجبل وخراسان على ثمانين ألف ألف درهم فأراد ابن عامر أن يجيبه إلى ذلك إذ ورد عليه خبر قتل يزدجرد،،،
مقتل يزدجرد
قالوا ولما ورد مرو سب ماهوى مرزبان مرو بما مضى من المسلمين وبالغ في الاستقصاء عليه وأظهر السخط فخافه [ما] هو [ى] على نفسه وكان ورد ترك طرخان مدداً له فاستخف بهم يزدجرد وطردهم لكلام تكلم به بعضهم فتصدى القوم لمحاربته فواقعهم وهزمهم وخرج في أثرهم فأرسل ماهوى إلى طرخان أن كر عليهم فإني أظاهرك وآتى [1] من ورائه وخرج ماهوى في أساورته وأمر ابنه؟ برار [2] أن يغلق أبواب المدينة دونه كي لا يدخلها فكر على يزدجرد طرخان فولى ظهره يريد المدينة فاستقبله ماهوى فمزقه كل ممزق وانهزم يزدجرد لا يهتدي لوجهه فطرح نفسه في مرغاب [3] ثم اختلفوا في هلاكه فزعم انّه عرق في الماء وزعم آخرون أنه لحقته الخيل فقتلوه وحملوه في
__________
[1] . آاتى
MS.
Ms.Sic MS. [2]
[3] . مرعاب
MS.

(5/196)


تابوت إلى أصطخر وفي كتاب خذاي نامه أن يزدجرد انتهى إلى طاحونة بقرية زرق [1] من قرى مرو فقال للطحان أخفني وغم مكاني ولك منطقتي وسواري وخاتمي وكان فيها خراج فارس فقال الرجل إن كرى الطاحونة كل يوم أربعة دراهم فإن أعطيتني أربعة عطّلت الطاحونة وإلّا فلا فقال يزدجرد قد قيل لي أنّك تحتاج الى أربعة دراهم ولا نقدر عليها فبينا هو في مراجعته غشيته الخيل فقتلوه ولم يكن بمرو يومئذ أحد من المسلمين وكان معه ثلث آلاف رجل من الحشم منهم ألف أسوار وأبناء الأساورة وألف مغنٍ وألف طباخ وفراش وابنان له فيروز وبهرام وثلث بنات أدرك وشهره ومرواريذ وقتل سنة إحدى وثلاثين من الهجرة وهو ابن خمس وثلاثين سنة وكان ملكه عشرين سنة في تشتت واضطراب فلما قتل تفرقت الحشم فنزلت الأساورة بلخ ونزل المغنون هراة وأقام الفراشون بمرو وبعث ماهوى بخزائنه وما كان له من الأموال إلى عبد الله بن عامر وبقي ما كان قدمه إلى الصين في أيدي أهله ووجه عبد الله بن عامر الجيوش إلى خراسان فافتتح أمير شهر صلحاً وسار ابن عامر حتى أتى نيسابور [2]
__________
[1] . درق
MS.
[2] . شابور
MS.

(5/197)


فافتتحها صلحاً وبنى في قهندزها الجامع وكتب إلى عثمان فأرسل عثمان أثواباً خلعاً للجامع فكسينه فمنها إلى اليوم شظايا باقية وصالح أهل سرخس [1] على مال وصالح دهقان هراة على مائة بدرة وبعث الأحنف [F؟ 192 v؟] بن قيس إلى قتال الهياطلة وهم أهل جوزجان وبلخ وطخارستان فجاء فصالح أهل مرو وأهل طالقان وصالح كيلان مروالرّوذ على ستّين ألف درهم وبنى بمروالروذ قصراً يقال له قصر الأحنف ثم ولى عبد الله بن عامر قيس بن الهيثم السلمي خراسان وتوجه محرماً بالحج إلى مكة فلم يعد إلى خراسان وفي أيام عثمان افتتح جرير بن عبد الله البجلي الأرمينية وغزا سعيد بن العاص طبرستان ومعه الحسن والحسين ابنا [2] علي عليهم السلم فافتتحها صلحاً وافتتح أبو موسى الأشعري ما بقي من أعمال الري وطالقان ودماوند صلحا وانتقضت الاسكندرية في أيام عثمان فافتتحها عمرو [3] بن العاص وبعث بسبيها إلى المدينة فردهم عثمان إلى ذمتهم لأنهم كانوا صلحاً ولأن الذرية لم تنقض
__________
[1] . سرخش
MS.
[2] . أبناء
MS.
[3] . عثمان
MS.

(5/198)


العهد فهذا بدو الشر بين عثمان وعمرو فانتزعه من مصر وأمر عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخاه لأمه فغزا إفريقية وافتتح طرابلس وهي من القيروان على سبعين ميلاً وسار حتى بلغ دمقلة [1] مدينة السودان فأصاب من الأموال ما بلغ سهم الفارس من العين ثلاثة آلاف [2] دينار وسهم الراجل ألف دينار وحدثني هارون بن كامل بمصر قال كان مع عبد الله بن سعد سبعون ألفاً من فارس وراجل وفي أيّام عثمان غزا معاوية قبرس وأنقرة من أرض الروم فافتتحها صلحاً وكان بعث عثمان معاوية إلى فارس مع عبد الله بن عامر فأصاب من أطرافها فافتتح بعض كورها ونواحيها فهذا ما كان من الفتوح في زمن عثمان بن عفان،،،
ذكر حصار عثمان
حوصر عشرين يوماً وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة وكان سبب ذلك أن الناس نقموا عليه أشياء فمن ذلك كلفه بأقاربه كما قاله عمر رضي الله عنه فآوى الحكم بن [أبي] العاص بن أمية طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سيره إلى بطن
__________
[1] . دمقلة
MS.
[2] . ألف
MS.

(5/199)


وج ولأنه [1] كان يفشي سر رسول الله صله ويطلع الناس عليه ومنها أنه أقطع الحارث بن الحكم مهرقته موضع شرقي المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم إلى المدينة ووصل إلى ذلك الموضع ضرب برجله وقال هذا مصلانا ومستمطرنا ومخرجنا لأضحانا وفطرنا فلا تنقضوها ولا تأخذوا عليها كرى لعن الله من نقض من بعض سوقنا شيئاً ومنها أنه أقطع مروان بن الحكم فدك قرية صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه خمس الغنائم من إفريقية فقال عبد الرحمن بن حنبل الجمحيّ [متقارب]
أحلّف باللَّه ربّ العباد ... ما ترك الحق شيئاً سدى
ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
فما أخذا درهما غيلةً ... ولا أعطيا درهماً في هوى
وأعطيت مروان خمس العباد ... فهيهات شاؤك ممن سعى [2]
ومنها أنه أعطى عبد الله بن خالد بن أسيد بن رافع أربعمائة ألف درهم وأعطى الحكم بن [أبي] العاص مائة ألف درهم ومنها أنّ
__________
eerreurducopiste corrigeeenmarge. [1] بن ولعنهMS.
[2] هذا كله ما أظن ان يكون من فعل
arginaleancienne: عثمان رضي الله عنه وانما يشبه ان يكون من فعل معاوية وتعليما له.

(5/200)


عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان بأبيه عمر وقتل ابنين لأبي لؤلؤة عليه اللعنة فلم يقده [1] ومنها أنه عزل عمال عمر وولى بني أمية وانتزع عمرو بن العاص عن مصر واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح وانتزع سعد بن أبي وقاص عن الكوفة واستعمل [F؟ 193 r؟] الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط وهو أخوه لأمه فوقع في الخمر فشربها ويصلي الصلاة لغير وقتها فصلى بالناس يوماً الفجر أربعاً وهو ثمل فلما انصرف قال أزيدكم فإني نشيط فشغب الناس وحصبوه وفيه يقول الحطيئة [كامل]
شهد الحطيئة يوم يلقى ريّه ... ان الوليد أحق بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم ... أأزيدكم ثملاً وما يدري
فلما شكاه الناس عزله واستعمل عليهم شراً منه سعيد بن العاص فقدم رجل عظيم الكبر شديد العجب وهو أول من وضع العشور على الجسور والقناطر ومنها أنّ ابن ابى سرح قتل سبعمائة رجل بدم رجل واحد فأمر بعزله ولم ينكر عليه ومنها أنه جعل الحروف كلها حرفاً واحداً وأكره الناس على مصحفه ومنها انه
__________
[1] . يقده
MS.

(5/201)


سيّر عامر بن عبد قيس من البصرة إلى الشام لتنزهه عن أعماله وسير أبا ذر الغفاري إلى الرَّبَذَة وذلك أن معاوية شكاه أنه يطعن عليه فدعاه واستعتبه ولم يعتب فسيره إلى الرَّبَذَة وبها مات رحمه الله ومنها أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة [1] الكلبية فأعطاها مائة ألف من بيت المال وأخذ سفطاً فيه حلي فأعطاه بعض نسائه واستسلف من بيت المال خمسة آلاف درهم وكان اشترط عليه عند البيعة أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وبسيرة الشيخين رضي الله عنهما فسار بها ست سنين ثم تغير كما ذكر ونبرأ إلى الله من عيب الصحابة قدس الله أرواحهم أجمعين ومنها أنه لما ولي صعد المنبر فتسنّم ذروته حيث كان يقعد رسول الله صله وكان أبو بكر ينزل عنه درجة تعظيما لقدر النبي صله فلما ولي عمر نزل عن مقعد أبي بكر بدرجة فصارت رجلاه في الأرض لأن المنبر درجتان فتكلم الناس في ذلك وأظهروا الطعن فخطب عثمان وقال هذا مال الله أعطيه من أشاء وأمتعه من أشاء فأرغم الله أنف من رغم أنفه فقام عمار بن ياسر فقال أنا أول من رغم أنفه من ذلك فقال له عثمان لقد اجترأت عليّ يا ابن سميّة
__________
[1] . القرافضة
MS.

(5/202)


فوثبوا بنو أمية على عمار فضربوه حتى غشي عليه فقال ما هذا بأول ما أوذيت في الله وضرب عبد الله بن مسعود في مخالفته قرأته فسار الأشتر النخعي في مائتي راكب من أهل الكوفة وسار حكيم بن جبلة العبدي في مائتي راكب من أهل البصرة وسار عبد الرحمن بن عنبس البلوي وكانت له صحبة في ستمائة راكب من أهل مصر فيهم عمرو بن الحمق [1] ومحمد بن أبي بكر حتى نزلوا بذي خشب فرسخاً من المدينة وبعثوا إلى عثمان من يكلمه ويستعتبه فقال ما تنقمون علي فقال ننقم عليك ضربك عماراً قال فو الله ما أمرت به ولا ضربت فهذه يدي بعمّار فليقتصّ قالوا ونقم عليك إذ جعلت الحروف حرفاً واحداً قال جاءني حذيفة فقال ما كنت صانعاً إذا قيل قراءة فلان وقراءة فلان فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطاءً فمن حذيفة وقالوا ننقم عليك أنك استعملت السفهاء من أقاربك قال فليقم أهل كل مصر فليسألوني صاحبكم فأوله عليهم فبعث علي رضي الله عنه إلى ذي خشبٍ فأرضاهم وردهم فانصرفوا حتى [F؟ 193 v؟] بلغوا حسمي [2] مر بهم راكب معه كتاب الى ابن
__________
[1] . عمرو بن الجمق
MS.
[2] . حمى
MS.

(5/203)


أبي سرح بقتل القوم ولما انصرف الراكب تكلّم الناس في أمرهم وأرجفوا بالأراجيف فخطب عثمان وقال قد بلغني ما تحدّثتم وإنّما جاءوا في صغير من الأمر فقال عمر بن العاص بل جاءوا في كبير من الأمر وقد ركبت ما بك نهابر [1] فإما أن تعتدل وإما أن تعتزل فقال عثمان يا ابن النابغة هذا الآن عزلتك عن مصر قالوا ولما أعطي عثمان القوم ما أرادوا قال [2] مروان بن الحكم لحمران بن أبان كاتب عثمان فكان خاتم عثمان مع مروان بن الحكم إن هذا الشيخ قد وهن وخرف وقم فاكتب إلى ابن أبي سرح أن يضرب أعناق من ألب [3] على عثمان ففعلا وبعث الكتاب مع غلام لعثمان يقال له مدس [4] على ناقة من نوقه فمر بالقوم وهم نزول بحسمي [5] فاتهموه وأخذوه وقرروه وأخرجوا الكتاب من إداوة له وانصرفوا إلى المدينة وبدءوا بعليّ
__________
[1] . كذا في الأصل
I.10.Marge: بن 2972 بن rigedapresTabari ,I بن ما؟ ك نهابرMS.
[2] . وقال
MS.
[3] . ألبّ
MS.
[4] . كذا
Marge:
[5] . بحمى
MS.

(5/204)


ابن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان راوضهم وضمن لهم فجاء علي معهم إلى عثمان فقالوا فعلت وفعلت فأنكر ذلك وقال لعن الله الكاتب والمملي والآمر به فقالوا فمن تظن قال أظن كاتبي غدر وارتجت المدينة برجوع القوم فحنق بنو [1] مخزوم لضربه عمار وحنق بنو [1] زهرة لحال عبد الله بن مسعود وحنق بنو [1] غفار لمكان أبي ذر الغفاري وكان أشد الناس طلحة والزبير ومحمد بن أبي بكر وعائشة وخذلته المهاجرون والأنصار وتكلمت عائشة في أمره واطلعت شعرة من شعر رسول الله صله ونعله وثيابه وقالت ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم فقال عثمان في آل أبي قحافة ما قال وغضب حتى ما كاد يدري ما يقول فقال عمر بن العاص سبحان الله وهو يريد أن يحقق طعن الناس على عثمان فقال الناس سبحان الله ثم صعد عثمان المنبر وهو يريد أن يتكلم بعهده فقام رجل فشتمه وعابه وقال فعلت وفعلت وعثمان يلتفت إلى الناس حوله فلا يرد عليه أحد ثم قام الجهجاه بن سنام الغفاري فأخذ القضيب [2] من يده وكسرها فنزل عثمان وحوله ناس من بنى
__________
[1] . بنى
MS.
[2] . كذا وجدت
Marge:

(5/205)


أمية ودخل داره فحاصروه عشرين [1] يوماً فلما اشتد الحصار كتب كتاباً وأطلع رأسه من داره وترسوه بالترسة وقرأه بأعلى صوته إني أنزع عن كل شيءٍ أنكرتموه وأتوب إلى الله عزّ وجلّ من كلّ قبيح عملته كذا وكذا وأحذركم سفك دمي بغير حق فقالوا إن كنت مغلوباً على أمرك فاعتزل وادفع إلينا مروان فأبى وقال لا أنخلع من قميص قمصنيه الله تعالى ولا أبلكم [2] سعيكم واستأذنوا غلمانه في محاربة القوم فناشدهم أن لا يراق فيه محجمة دم وقال من كف يده فهو حر وكتب إلى عليّ رضوان الله عليه [طويل]
فإن كنت مأكولا فكن خيرا كلى ... وإلا فأدركني ولما أمزق
أترضى أن يقتل ابن عمّك ويسلب ملكك قال عليّ ع لا والله وبعث بالحسن والحسين إلى بابه يحرسانه فتسور محمد بن أبي بكر مع رجلين في حائط عثمان من دار رجل من الأنصار فأخذه محمد بن أبي بكر بلحيته حتى سمع وقع أضراسه قال ابن عثمان خل يا بن أخي فو الله لو رآك [
F؟ 194 r؟] أبوك لساءه مكانك فتراخت يده وضربه عمرو بن بديل بمشقص في أوداجه وقتله
__________
[1] . عشرون
MS.
[2] . [؟] كم
MS.

(5/206)


سنان بن عياض والمصحف في حجره لعشر مضين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ولبث في داره مقتولاً يوماً أو يومين ثم دفن في موضع يقال حش كوكب قال ابن إسحاق قتل يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة وقال حسان بن ثابت فيما يرثيه [خفيف]
خذلته الأنصار إذ حضر الموت ... وكانت حماته الأنصار
من عذيري من الزبير ومن ... طلحة هذا أمر له إعصار
وقال أيضاً في مرثيّته [بسيط]
ضجّوا أبا شمط عنوان السجود به ... يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا
لتسمعن وشيكاً في ديارهم [1] ... الله أكبر يا ثأرات عثمانا
وقال الوليد بن عقبة [طويل]
بني هاشم أنا وما كان بيننا ... كصدع الصفا ما يومض الدهر [شاعبه] [2]
__________
[1] . دياركم
ouilyalavariante بنCf.diuanofhassanb.

Thabit.ed.H.hirschfeld P.22 noXX ,ligne 4
stinintelligible. [2] كصدع من يوم الدهر.aumoyendeMasoudi

prairiesd ,or ,t.Iv P.286 tuedelamemefacon lems.nedonneque كذا في الأصل Lacune enmarge:

(5/207)


بني هاشم كيف الترحم بيننا ... وسيف بن أروى عندكم وحرائبه
فأجابه الفضل بن العباس [طويل]
سلوا أهل مصر عن سلاح أخيكم ... فعندهم أسلابه وحرائبه
وكان ولي الأمر بعد محمد ... عليّ وفي كل المواطن صاحبه
وقد أنزل الرحمن أنك فاسق ... فما لك في الإسلام سهم تطالبه
ذكر بيعة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه
وكان الناس لا يشكون أن ولي الأمر بعد عثمان علي بن أبي طالب وكان يحدو الحادي لعثمان فيقول [رجز]
إن الأمير بعده علي ... ثم الزبير خلفه مرضي
فلما قتل عثمان جلس طلحة في داره يبايع الناس وكانت مفاتيح بيت المال عنده وجاءه ناس يهرعون إلى علي رضي الله عنه فدخل داره وقال ليس ذاك إليكم ذاك إلى أهل بدر فما بقي بدري إلا أتاه فجاء علي فصعد المنبر فبايعوه وأمر بيوت الأموال فكسرت أغلاقها وجعل يفرقها في الناس بالسوية ويقال أن علياً لما قتل عثمان أرسل إلى طلحة والزبير أن أحببتما أن أبايعكما بايعت فقالا

(5/208)


بل نبايعك فبايعا ثم نكثا وبويع [1] على سنة خمس وثلاثين ويقال أول من بايعه طلحة وكانت إصبعه شلاء فتطير منها علي وقال يد شلّاء وأمر لا يتم ما أخلقه أن ينتكث وتخلف من بيعة علي بنو أمية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة ولم يبايعه العثمانية من الصحابة [F؟ 194 v؟] حسان بن ثابت وكعب بن عجرة وكعب بن مالك والنعمان بن بشير ورافع بن خديج وزيد ابن ثابت ومحمد بن مسلمة ثم بايعوه بعد أيّام وكانت عائشة تؤلّب على علي [2] وتطعن فيه وترى أنه سينخلع وكان هواها في طلحة فبينا هي قد أقبلت من الحج راجعة استقبلها راكب فقال ما وراءك قال قد قتل عثمان قالت كأني أنظر إلى الناس يبايعون طلحة وأن إصبعه يحسن أيديهم فجاء راكب آخر فقالت ما وراءك قال بايع الناس علياً قالت وا عثماناه ما قتله إلا علي ولليلة من عثمان خير من على الدهر كله وانصرفت إلى مكة وضربت فسطاطاً في المسجد وأراد علي أن ينزع معاوية من الشام فقال له المغيرة بن شعبة أقره على الشام فإنه يرضى بذلك وسأل
__________
[1] . وبايع
MS.
[2] . عثمان
MS.

(5/209)


طلحة والزبير أن يوليهما البصرة فأبى وقال تكونان عندي أتحمل بكما فإني أستوحش لفراقكما وأستأذناه في العمرة فأذن لهما فقدما على عائشة وعظما من أمر عثمان وقالا ما كنا نرى في التألب عليه أن يقتل فامّا إن قتل فلا توبة لنا إلا الطلب بدمه ونقضا البيعة وأقاما بمكة وبث علي عماله فبعث عثمان بن حنيف الأنصاري إلى البصرة وانتزع عنها عبد الله بن عامر وأمر عبيد الله بن العباس على اليمن ونزع عنها يعلى بن منية [1] وأمر قثم بن العباس على مكة وولى جعدة بن هبيرة المخزومي ابن عمته على خراسان وقال لعبد الله بن عمر سر إلى الشام قالوا ولما بلغ الخبر معاوية قال إن خليفتكم قد قتل مظلوماً وأن الناس بايعوا علياً ولست أنكر أنه أفضل مني وأولى بهذا الأمر ولكن أنا ولي هذا الأمر وولي عثمان وابن عمه والطالب بدمه وقتله عثمان معه فليدفعهم إلي أقتلهم بعثمان ثم أبايعه فرأى أهل الشام أنه قد طلب حقاً وهم قوم فيهم غفلة وقلة فطنة إما أعرابي جاف وإما مدني مغفل ثم لما سمع معاوية بقول عائشة في علي ونقض طلحة والزبير البيعة ازداد قوة وجرأة وبعثت أم حبيبة بنت ابى
__________
[1] . أميّة
MS.

(5/210)


سفيان بقميص عثمان مع النعمان بن بشير إلى معاوية فجعل يغري الناس ويحرضهم،،،
ذكر وقعة الجمل
قالوا ولما قدم عثمان بن حنيف البصرة واليا لعلىّ طرد عبد الله بن عامر قدم إلى مكة بخير [1] الدنيا ويعلى بن منية [2] بمال كثير فاجتمعوا عند عائشة وأداروا الرأي بينهم أن يسيروا إلى البصرة فإنهم شيعة عثمان ويطلبوا بدمه وكتب معاوية إلى الزبير إني بايعتك ولطلحة من بعدك فلا تفوتنكما العراق وأعانهما ابن عامر وابن منية [2] بالمال والظهر والكراع وخرجوا بعائشة حتى قدموا البصرة فلما بلغوا بحوأب وهو ماء لبني كلاب سمعت عائشة نباح الكلب فقالت ما هذا قالوا الحوأب قالت إنا للَّه وإنا إليه راجعون ما أراني إلا صاحبة الحديث قالوا وما ذاك يا أمّتاه قالت سمعت رسول الله صله يقول ليت شعرى أيّتكنّ تنبح [3] كلاب الحوأب سائرة في كتيبة [4] نحو المشرق
__________
[1] . بحير
MS.
[2] . أميّة
MS.
[3] . تنبحها
rectionmarginale:
[4] . كتبة
MS.

(5/211)


وهمّت بالرجوع فحلفوا لها أنّها ليست بالحوأب فمرت ومر حتى قدموا البصرة فأخذوا عثمان بن حنيف وهموا بقتله ثم خشوا غضب الأنصار على من خلفوا بالمدينة فنالوا من شعره وبشرته ونتفوا لحيته وشعر حاجبيه وأشفاره وقتلوا من خزنة بيت المال خمسين رجلاً [F؟ 195 r؟] فانتهبوا الأموال وقام طلحة والزبير خطيبين فقالا يا أهل البصرة توبة لحوبة إنما أردنا أن نستعتب أمير المؤمنين ولم نرد قتله وبلغ الخبر علياً فخرج من المدينة واستعمل عليها سهل بن حنيف وسار في سبع مائة رجل منهم سبعون بدرياً وأربع مائة من المهاجرين حتى نزل بذي قار وكتب إلى أهل الكوفة يستنفرهم فجاءه منهم ستة آلاف رجل وكانت الوقعة بالخريبة [1] يوم الخمسين لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين فبرز القوم للقتال وأقاموا الجمل وعائشة في هودج واسم ذلك الجمل عسكر فقال عليّ عم لا تبدءوهم بالقتال حتى يقتلوا منكم وإن هزموا فلا تأخذوا من أموالهم شيئاً ولا تجهزوا [2] على جريح ولا تتبعوا مدبراً ومن ألقى سلاحه
__________
[1] . بالحرمة
MS.
[2] . تجهذوا
MS.

(5/212)


فهو آمن فقتلوا من أصحاب علي ستة وشبت الحرب بينهم فخرج علي ودعا الزبير فجاء حتى وقف قال له علي ما جاء بك قال ما أراك لهذا الأمر أهلاً قال له أتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلنك ابن عمتك وهو لك ظالم فانصرف الزبير فجاءه ابنه عبد الله بن الزبير وحثه واحفظه حتى عاد فوقف في الصف ثم سار علي حتى أتى طلحة فقال جئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبأت عرسك في بيتك واستعرت الحرب فقال علي أيكم يعرض هذا المصحف عليهم ويقول هذا بيننا وبينكم فأخذه فتى شاب وتقدم فقطعوا يده وأخذه بيده اليسرى ثم تقدم علي فناشدهم الله عز وجلّ في دمه ودمهم فأبوا إلّا القتال وارتجزت بنوا ضبّة [رجز]
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ننزل بالموت إذا الموت نزل
ننعي ابن عفان بأطراف [1] الأسل ... ردوا علينا شيخنا ثم بجل
وارتجزت امرأة منهم [رجز]
يا رب فاعقل لعلي جمله ... ولا تبارك في بعير حمله
__________
[1] . باطرف
MS.

(5/213)


وكان ابن عتّاب يقول [رجز]
أنا ابن عتاب وسيفي ولول [1] ... والموت دون الجمل المجلل
فحمل علي عليهم فانكشفوا وولى الزبير فتبعه عمار بن ياسر وقال يا أبا عبد الله ما أنت بجبان ولكني أراك شككت قال هو ذاك قال يغفر الله لك فانطلق حتى أتى وادي السباع وولى طلحة ظهره فرماه مروان بن الحكم بسهم ومروان منهزم فشك ساقه بساقه الأخرى فقتله وقال لأبان بن عثمان قد كفيتك أحد قتلة أبيك وقتل سبعون على زمام الجمل يأخذه واحد بعد واحد وقد شكت السهام الهودج حتى صار كأنه جناح نسر فقال عليّ عم ما أراكم يقاتلكم غير هذا الهودج فقال عمار لمحمد بن أبي بكر عليك مقدمه حتى تكون أنت تلقاها وعطف عمار على مؤخّر الجمل عن [2] وهذا الناس مكانه حتى وقف عليه وقال لمحمّد بن أبى بكر انظر أحيّة هي أم لا فأدخل محمد رأسه في الهودج [
F؟ 195 v؟] فقالت من هذا الذي أطلع على حرمة رسول
__________
[1] . كذا كان،
Marge: ولوكMS.
[2] . كذا في الأصل
Lacune enmarge:

(5/214)


الله صله فقال محمّد هو أبغض أهلك إليك ثم أخرج رأسه وقال ما أصابها إلّا خدش بساعدها فقال علي صدق رسول الله صله ثم قال يا هذه استفززت الناس وألبت بينهم في كلام كثير فقالت يا ابن ابى طالب إذا ملكت [1] فاسجح وجاء ابن عباس فقال إنما سميت أم المؤمنين بنا قالت نعم قال أولسنا أولياء زوجك قالت بلى قال فلم خرجت بغير إذننا قالت قضاء وأمر وأمر حذيفة إلى المدينة وقد روينا أنها قالت لو علمت أن يكون قتال ما حضرت وإنما أردت أن أصلح بين الناس وبكت حتى كف بصرها وكانت تقول ليتني كنت نسياً منسياً ولم أحضر الجمل وبعث الزبير إلى الأحنف بن قيس وكان اعتزل الفريقين يخبره بمكانه فسمع به عمرو بن جرموز فأتاه فلما رآه الزبير [2] وقام إلى الصلاة فأتاه ابن جرموز من ورائه فضربه بسيفه فقتله وجاء بخاتمه الى عليّ عم فقال عليّ بشّر قاتل ابن صفيّة
__________
I.16.Ibn -el -Athir ,t.III ,p.216.Freytag ,Arab.Proo ,t.II.p.630.Meidani ,t.II ,p.198. [1] بن corriged apresTabari ,I ,p.3186 بن مللتMS.
[2] . كذا في الأصل
Lacune.enmarge:

(5/215)


بالنار [1] وإنما قال ذلك والله أعلم لأن الزبير كان راجع وتاب والباغي إذا ولى حرم دمه وأيضاً فإنه غدر به حيث آمنه ثمّ قتله ويروى أبيات لابن جرموز هذا منها [متقارب]
لسيان عندي قتل الزبير ... وضرطة عير بذي الجحفة
ويقال أنه قتل في وقعة الجمل اثني عشر ألفاً والله أعلم ودخل علي البصرة وخطبهم فقال يا أهل السبخة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلثا وعلى الله الرابعة يا جند المرأة يا تباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم أخلاقكم رقاق وأعمالكم نفاق وماؤكم زعاق ثم ولاها عبد الله بن العباس بحر الأمة وولى مصر قيس بن سعد بن عبادة وولى خراجها ماهوى دهقان مرو قاتل يزدجرد وخرج علي إلى الكوفة وفي وقعة الجمل أشعار وقصائد كثيرة فمنها قول بعضهم [متقارب]
شهدت حروبا وشيبتني ... فلم أر يوماً كيوم الجمل
فليت الظعينة في بيتها ... وليتك عسكر لم ترتحل
__________
[1] والمذكور في الكتب انه حديث رواه
marginalemoderne: علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(5/216)


ذكر صفين
وهو موضع بين العراق والشام وقامت الحرب بين الفريقين أربعين صباحاً قالوا ولما بلغ معاوية خبر الجمل دعا أهل الشام إلى القتال على الشورى والطلب بدم عثمان فبايعوه أميراً غير خليفة وبعث علي جرير بن عبد الله البجلي رسولاً إلى معاوية يدعوه إلى البيعة فكتب إليه معاوية إن جعلت لي الشام ومصر طعمة أيام حياتك وإن حضرتك الوفاة لم تجعل لأحد بعدك في عنقي بيعة بايعتك فقال علي عم لم يكن الله عز وجل يراني اتخذ المضلين عضداً وخرج من الكوفة في تسعين ألفاً وجاء معاوية في ثمانين ألف رجل فنزل صفين يسبق علياً إلى شرعة الفرات وأمر أبا الأعور السلمي أن يحميها ويمنع أصحاب علي الماء فبعث علي الأشتر النخعي فقاتلهم وطردهم وغلبهم على الشرعة فأرسل إليه عليّ لا تمنع عباد الله الماء وجرت الرسل والمخاطبات بينهما أياماً ثم ناوشوا القتال أربعين صباحاً كلما وقدت الحرب رفعوا قميص عثمان [
F؟ 196 r؟] ويقول [1] معاوية ادعوا لها جوازها [2] حتى قتل سبعون ألفاً خمسة وعشرون ألفاً من أهل العراق وخمسة
__________
[1] . ويقال
MS.
[2] . كذا وجدت في النسخة
Enmarge:

(5/217)


وأربعون ألفاً من أهل الشام وكان علي يخرج كل يوم خيلاً قالوا فخرج يوماً عبيد الله بن عمر وكان هرب إلى معاوية خوفاً من قصاص علي وهو يقول [رجز]
أنا عبيد الله ينميني عمر ... خير قريش من مضى ومن غبر
حبر رسول الله والشيخ الأغر ... قد أبطأت في قصر عثمان مضر
والرّبعيّون فلا اسقوا المطر
فناداه علي على ماذا تقاتلني فو الله لو كان أبوك ما قاتلني قال طلبا بدم عثمان بن عفان قال علي عم والله يطلبك بدم الهرمزان فخرج إليه الأشتر النخعي وهو يقول [رجز]
إني أنا الأشتر معروف الشتر ... إني أنا الأفعى العراقي الذكر
وأنت من خير قريش من نفر ... هذر مشائيم من أولاد عمر
فانصرف عبيد الله وكره مبارزته ثم قتل بعد ذلك وخرج عمار فقتله أبو عامر العاملي وقد ذكرت في فصل الصحابة قصته وقيل فيه [بسيط]
يا للرجال لعين دمعها جاري ... قد هاج حزني أبو اليقظان عمار

(5/218)


قال النبي له تقتلك شرذمة ... سيطت لحومهم بالبغي فجار
فاليوم يعلم أهل الشام أنهم ... أصحاب تلك وفيها الخزي والعار
فلما قتل عمار انتبه الناس وكادوا يختلفون على معاوية فقال معاوية إنما قتله علي حيث عرضه للقتل ثم خرج علي فقال علام يقتل الناس بيني وبينك أحاكمك إلى الله عز وجل فأينا قتل صاحبه استقام الأمر له فقال عمرو بن العاص له أنصفك والله يا معاوية فقال معاوية تعلم والله أنه لم يبارزه أحد إلا قتله فيزعم قوم أن معاوية قال فابرز أنت يا عمرو فلبس مدرعة ذات فرجين من قدامها وورائها وبارز علياً فلما حمل عليه وتمكن من ضربه رفع عمرو رجله فبدت عورته فيصرف عنه علي وجهه ويتركه [1] قالوا وخرج يوماً علي في كتيبة وعلى مقدمته الأشتر النخعي فصدقوهم القتال حتى لم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض وقتلوا منهم جماعة كثيرة وكسفت الشمس وأشرف عليّ عم على الفتح فقال عمرو لمعاوية إني لأعلم كلمة لو قلتها لاستقام لك الأمر أفتجعل مصر لي طعمة فقال قد أطعمتك قال مرهم
__________
[1] هذا كلام لا يصدقه العقل ولم نجده في
marginalemoderne: ما سوى هذا الكتاب في كتب التاريخ وفيه يشوب التعصّب،

(5/219)


فلينشروا المصاحف ففعلوا ونادى ابن [1] يا أهل العراق بيننا وبينكم كتاب الله ندعوكم إليه فقالوا قد أنصفك معاوية فقال عليّ عم ويحكم هذا مكر انّما قاتلناهم ليدينوا بحكم كتاب الله قالوا لا بدّ لنا من الموادعة والإجابة إلى كتاب الله وكان ناشدهم [F؟ 196 v؟] في ذلك الأشعث بن قيس وهو يقول [طويل]
فأصبح أهل الشام قد رفعوا القنا ... عليها كتاب الله خير قرآن
ونادوا عليّا يا ابن عمّ محمد ... أما تتقي أن يهلك الثقلان
قال عليّ عم هذا كتاب الله فمن يحكم بيننا فاختار أهل الشام عمرو بن العاص واختار أهل العراق أبا موسى الأشعريّ فقال عليّ عم هذا ابن عباس فقال الأشعث بن قيس لا نرضى به والله لا يحكم فينا مضري أبداً فقال الأحنف إن أبا موسى رجل قرى بالقعر اجعلني مكانه آخذ لك بالوثيقة وأضعك من هذا الأمر بحيث تحب فلم يرض به أهل اليمن وفيه يقول الشاعر [بسيط]
__________
[1] . كذا في الأصل
Lacune ,enmarge:

(5/220)


لو كان للقوم يعصون به ... عند الخطوب رموكم بابن عباس
لكن رموكم بوعر من ذوي يمن ... لم يدر ما ضرب أخماس لأسداس
فكتبوا القضية على أن يحكم الحكمان بكتاب الله والسنة والجماعة غير الفرقة فإن فعلا غير ذلك فلا حكم لهما وصيروا الأجل شهر رمضان على أن يجتمع الحكمان في موضع عدلٍ بين الكوفة والشام ويحكما بذلك القضية [فخرج] الأشعث بن قيس وجعل يقرءها على الناس فمر به عروة بن أدية التميمي فسل سيفه وضرب به عجز دابته وقال تحكمون الرجال ولا حكم إلا للَّه وفيه يقول الشاعر [خفيف]
أعلى الأشعث المعصّب بالتّاج ... شهرت السلاح يا ابن أدية
ذكر خروج الخوارج على علي كرم الله وجهه
وأمر علي بالرحيل من صفين فما ارتحلوا حتى فشا فيهم التحكيم ورحل معاوية إلى الشام وقد أصاب ما أراد من إيقاع الخلاف والفرقة بين أصحاب على عم فلما دخل علي الكوفة اعتزله اثنا عشر ألفاً من القراء وزالوا براياتهم حتى نزلوا حروراء وهي قرية من السواد وأمروا

(5/221)


على القتال شبث [1] بن ربعى وعلى الصلاة عبد الله بن الكوّاء فناظرهم على عم ستة أشهر وهم ينادونه جزعت من البلية ورضيت بالقضية وقبلت الدنية لا تحكم إلا الله عزّ وجلّ فيقول على عم انتظر بكم حكم الله فيقولون لئن أشركت ليحبطن عملك فيقول فاصبر إن وعد الله حق ثم بعث علي عبد الله بن عباس وصعصعة بن صوحان يدعونهم إلى الجماعة فقال علي أنا موادعكم إلى مدة نتدارس فيها كتاب الله عز وجل لعلنا نصطلح فمادّوه تسعة عشر ليلة ثم قال ابعثوا إلى خطباء يقومون بحجتكم فبعثوا فقام علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لم أكن أحرصكم على هذه القضية والتحكيم ولكنكم وهنتم في القتال وتفرقتم علي ودعاني القوم إلى كتاب الله عز وجل فخشيت أن يتأولوا على قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً من الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ 3: 23 قالت [F؟ 197 r؟] خطباء الحرورية دعوتنا إلى كتاب الله عزّ وجلّ فأجبناك حتّى قتلنا وقتلنا بالجمل وصفين ثم شككت في أمرك وحكّمت عدوّك فنحن على أمرك الّذي تركت وأنت على
__________
[1] . شبيب
MS.

(5/222)


غيره ولا نرجع إلا أن تتوب وتشهد على نفسك بالضلالة فقال معاذ الله أن أشهد على نفسي بالضلالة وبنا هداكم الله عز وجل واستنقذكم من الضلالة وإنما حكمت الحكمين أن يحكما بكتاب الله عز وجل والسنة الجامعة غير المفرقة فإن حكما بغير ذلك لم يكن علي ولا عليكم وإنما تقع القضية في عام قابل فقالوا نخشى أن يحدث أبو موسى شيئاً يكون كفراً قال فلا تكفّوا وأنتم العام مخافة كفر عام قابل فرجع بعضهم إلى الجماعة ثم بعث إليهم ابن عباس رضي الله عنه فقال ما نقمتم على ابن عمّ رسول الله قالوا ثلث خصال إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله والله يقول إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ 6: 57 والأخرى أنه غير اسمه من إمارة المؤمنين وإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين والثالثة أنه قتل ولم يسب ولم يغنم فإن كانوا كفّارا حلّ [؟] يهم وإن كانوا مؤمنين فلم قتلتم فقال ابن عباس رضي الله عنه أما قولكم [1] حكم الرجال في دين الله فإن الله عز وجل قد حكم في أرنب قيمته ربع درهم مسلمين عدلين وحكم في نشوز امرأة مسلمين عدلين فأناشدكم الله عز وجل أحكم الرجال في أرنب أفضل أم حكمهم في دماء الأمة وإصلاح
__________
[1] . قوله
MS.

(5/223)


ذات البين وأما قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فإن الله تعالى يقول النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ من أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ 33: 6 فهل كنتم تسبون أمكم وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها وأما قولكم أنه أخرج اسمه من إمارة المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج اسمه يوم الحديبيّة من النبوّة والله لرسول الله أفضل من علي فرجع منهم ألفان مع عبد الله بن الكواء وأمر الباقون عبد الله بن وهب الراسبي عليهم وأخذوا في الفساد فقال عليّ عم دعوهم حتى يأخذوا مالاً ويسفكوا دماً وكان يقول أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فالناكثون أصحاب الجمل والقاسطون أصحاب صفّين والمارقون الخوارج فوثبت الخوارج على عبد الله بن خباب فقتلوه وبقروا بطن امرأته وقتلوا نسوة وولداناً فقال لهم علي ادفعوا إلينا قتلة إخواننا وأنا تارككم فثاروا به وناوشوه القتال فقال علي عم أن يغلب منهم عشرة وأن يقتل منهم عشرة فكان كذلك وهو يوم النهروان بموضع يقال له رميلة الدسكرة وقتل المخدج ذو الثدية وقد ذكرت هذه القصة في فصل مقالات أهل الإسلام فذكر قوم أنه قتل يوم النهروان أربعة آلاف وقيل جملة من قتل علي من الخوارج

(5/224)


بالنهروان وغيره ستون ألفاً فهذا ما كان من أمر الخوارج وقد قال السيد الحميري [بسيط]
إني أدين بما دان الوصي به ... يوم الخريبة [1] من قتل المضلين
وما به دان يوم النهر دنت به ... وشاركت كفه كفي بصفينا
[
F؟ 197 v؟] تلك الدماء معاً يا رب في عنقي ... ثم اسقني مثلها آمين آمينا
خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه
ولما قتل عثمان رضي الله عنه بويع عليّ عم بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع له أهل البصرة وأهل الكوفة مع أبي موسى الأشعري وبايع طلحة والزبير بالمدينة ولم يبق أحد إلا بايعه إلا معاوية بالشام في أهلها ثم نكث طلحة والزبير وخرجا بعائشة إلى البصرة فسار اليهم عليّ عم فقاتلهم وهي وقعة الجمل ثم سار إلى أهل الشام بصفين ثم حكموا الحكمين وانصرفوا وخرجت عليهم الخوارج فقتلهم بالنهروان وكان علي بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى مصر والياً عليها فأجهض معاوية بدهائه ومكايدته [2] ولم يكن لعمرو بن
__________
[1] . الحرمة
MS.
[2] . مكادته
MS.

(5/225)


العاص التوصّل الهيا وقد أطعمها إياه معاوية عند تعليمهم التحكيم فاحتالوا في إزالة قيس عنها وذلك أن معاوية كتب إلى بعض بني [أمية] [1] أن جزى الله قيس بن سعد عنّا خيراً فإنه قد كف عن إخواننا من أهل مصر الذين قاتلوا في دم عثمان واكتموا ذلك علياً فإني أخاف إن بلغه ذلك عزله فشاع ذلك في الناس فقالوا بدّل قيس قال عليّ عم معاذ الله قيس لا يبدل فما زالوا به حتى كتب إليه أن اقدم فعلم قيس أنه مكر من معاوية فقال لولا الكذب لمكرت بمعاوية مكراً يدخل عليه بيته وأقبل على علي فبعث علي الأشتر النخعي مكانه فلما انتهى إلى عريش كتب معاوية عليه اللعنة إلى دهقان عريش إن أنت قتلت الأشتر فلك خراجه عشرين سنة فأخرج له سويقاً وجعل فيه سماً فلما شربه الأشتر يبس مكانه فقال معاوية لما بلغه ما أبردها على الفؤاد إن للَّه جنودا من عسل وبلغ الخبر عليّا عم فبعث محمد بن أبي بكر إلى مصر مكانه وبعث معاوية عمرو بن العاص إليها فاقتتلا [2] بالمسناة وقتل محمد بن أبي بكر وجعلوا جثته في جيفة حمار وأحرقوه بالنار،،،
__________
Suppleed ,apresEl -Kindi ,Goter andJudgesofEgypt.ed.RhuvonGuest ,p.22. [1]
[2] . فاقتلا
MS.

(5/226)


ذكر الحكمين
وكان ذلك بعد صفين بثمانية أشهر واجتمع أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص للتحكيم بموضع يقال له دومة الجندل بين مكة والكوفة والشام وأحضروا جماعة من الصحابة والتابعين منهم عبد الله بن عمرو وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة في صلحاء أهل المدينة وبعث علي ابن عباس من الكوفة في جماعة فقال ابن عباس لأبي موسى أنك قد رميت بحجر الأرض وداهية العرب فمهما نسيت فلا تنس أن علياً بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وليست فيه خصلة واحدة تباعده من الخلافة وليس في معاوية خصلة واحدة تدانيه من الخلافة فلما اجتمع أبو موسى وعمرو للحكومة ضربا فسطاطاً وقال عمرو يجب أن لا نقول شيئاً [
F؟ 198 r؟] إلا كتبناه حتى لا نرجع عنه فدعيا بكاتب وكان قال له عمرو قبل ذلك ابدأ باسمي فلما أخذ الكاتب الصحيفة وكتب بسم الله الرحمن الرحيم بدأ باسم عمرو فقال له عمرو أمحه وابدأ باسم أبي موسى فإنه أفضل مني وأولى بالتقديم وكانت خديعة منه ثم قال ما نقول يا أبا موسى في قتل عثمان قال قتل والله مظلوماً قال عمرو أكتب يا غلام ثم قال يا أبا موسى إن إصلاح الأمة وحقن

(5/227)


الدماء وإبقاء الذماء خير مما وقع فيه علي ومعاوية فإن رأيت أن نخرجهما ويستخلف على الأمة من يرضى المسلمون به فإن هذا أمانة عظيمة في رقابنا قال لا بأس بذلك قال عمرو أكتب يا غلام ثم ختما على ذلك الكتاب وقاما ذلك اليوم وقد تطاول النهار وسيم الكلام وقد ظفر عمرو بما أراد من إقرار أبي موسى بقتل عثمان ظلماً وإخراج علي ومعاوية من الأمر فلما كان من الغد وقعدا للنظر قال عمرو يا أبا موسى قد أخرجنا علياً ومعاوية من هذا الأمر فسم له من شئت قال أسمي الحسن بن علي قال عمرو تراه تخرج أباه من الأمر وتجلس مكانه ابنه قال فعبد الله بن عمر قال هو أورع من أن يدخل في شيء من هذا وسمى أبو موسى عدة لا يرضيهم عمرو ثم قال سم أنت يا أبا عبد الله قال معاوية بن أبي سفيان قال ما هو أهل [1] لذلك فابني عبد الله بن عمرو فعرف أبو موسى أنه يتلعب به فقال أفعلتها لعنك الله إنما مثلك كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ 7: 176 أو تتركه يلهث فقال له عمرو بل أنت لعنك الله إنما مثلك كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً 62: 5 ثم [قال] عمرو انّ هذا قد خلع صاحبه وأخرجه عمرو خاتمه وأنا
__________
[1] . أهلا
MS.

(5/228)


أيضا خلعته كما خلعت هذا الخاتم من يدي ثم أدخل خاتمه في يده الأخرى وقال أدخلت معاوية في الأمر كما أدخلت خاتمي في يدي وقال قوم خلع علياً ولم يدخل معاوية حتى أتى الشام ثم ركب أبو موسى راحلته إلى مكة وركب عمرو الى الشأم وفيه يقول الشاعر [وافر]
أبا موسى بليت وكنت شيخا ... قريب القعر مجرور اللسان
رمى عمرو صفاتك يا ابن قيس ... بأمر لا تنوء به اليدان
فأعطيت المقادة مستجيبا ... فيا للَّه من شيخ يمان
ولمّا قدم عمرو الشأم ولّى معاوية وبايعوه الناس وبلغ الخبر علياً فقال كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فمن دعا إليها فاقتلوه وعزم على المسير إلى معاوية وبايعه ستون ألفاً على الموت فشغلته الخوارج وقتالهم إلى أن قتل رضوان الله عليه وأخذ معاوية في تسريب السرايا إلى النواحي التي تليها عمّال عليّ عم وشن الغارات وقتل الرجال ونهب الأموال وبعث بسر بن أرطاة إلى المدينة وعلى المدينة ابو أيّوب الأنصاريّ فنخّى عنها وصعد بسر المنبر وتوعد أهل المدينة بالقتل حتى أجابوا إلى بيعة معاوية وأتى مكّة

(5/229)


وبها عبد الله بن العباس فهابه وخرج نحو علي وقتل بسر جماعة من شيعة عليّ عم وأخذ ابنين صغيرين لعبد الله بن عباس فقتلهما في حجر أمهما [1] وفيهما تقول أمهما [بسيط]
[
F؟ 198 v؟] ها من أحس بنيني اللذين هما ... كالدرتين تشظى عنهما الصدف
ها من أحس بنيني اللذين هما ... سمعي وعيني فقلبي اليوم مختطف
نبيت بسراً وما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الكذب الذي وصفوا
وبلغ الخبر علياً فبعث في إثره جارية [2] بن قدامة ففاته ولم يدركه وكان لبسر هذا ابنان بأوطاس فخرج إليهما رجل من قريش فقتلهما وقال فيها [بسيط]
ما قتلتهما ظلما فقد شرفت ... من صاحبيك قناتي دون أوطاس
فاشرب بكأس ذوي ثكل كما شربت ... أمّ الصّبيّين أو ذاق ابن عبّاس
مقتل عليّ عم
قالوا تعاقد ثلاثة نفر من الخوارج على قتل علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو بن العاص منهم عبد الرحمن بن ملجم عليه
__________
[1] . أمّها
MS.
[2] . خارجة
MS.

(5/230)


لعائن الله تترى مرة بعد أخرى قال أنا أقتل علياً والبرك [1] قال أنا أقتل معاوية عليه اللعنة وداود مولى لبني العنبر قال أنا أقتل عمرو بن العاص فاجتمعوا بمكة وشروا أنفسهم على أن يريحوا العباد من أئمة الضلال ومضوا لطيتهم فأما داود فأتى مصر ودخل المسجد وقام في الصلاة فخرج خارجة بن حذافة وكان على شرطة عمرو وعمرو يشتكي فضربه داود فقتله وهو ظنه عمراً فقال عمرو أردت عمراً والله يريد خارجة فذهبت مثلا وأخذوا داود به فقتل وأما البرك [1] واسمه الحجاج فإنه مضى إلى الشام ودخل المسجد فخرج معاوية فافتتح الصلاة فضربه البرك [1] وكان معاوية عظيم العجز فأصابت الضربة فقطعت منه عرقاً انقطع منه الولد فأخذ البرك [1] فقطعت يداه ورجلاه وخلي عنه فعاش وقدم البصرة ونكح امرأة فولدت له فلما كان في أيام زياد بن أبيه أخذه فقال يولد لك ولم يولد لمعاوية فضرب عنقه وأما ابن ملجم عليه لعنة الله فإنه أتى الكوفة وجعل يختلف الى عليّ عم وعلي يلاطفه ويواصله ويتوسم فيه الشر وفيه يقول [وافر]
__________
[1] . البرل
MS.

(5/231)


أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
قالوا وشعف ابن ملجم عليه اللعنة بامرأة يقال لها قطام من الخوارج فخطبها فقالت الصداق قتل علي وكذا وكذا وكان قتل أباها وأخاها بالنهروان فضمن لها ذلك وسم سيفه وشحذه وجاء فبات تلك الليلة بالمسجد هو وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال لما أصبح اليوم الذي ضربه الرجل فيه فقال لقد سنخ [1] الى الليلة النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك قال ادع الله أن يريحك منهم قالوا ودخل علي المسجد ونبه النيام فركل ابن ملجم برجله وهو ملتف بعباءة وقال له قم فما أراك إلا الذي أظنه وافتتح ركعتي الفجر فأتاه ابن ملجم عليه لعائن الله فضربه على صلعته حيث وضع النبي صلى الله عليه وسلم [
F؟ 199 r؟] يده وقال أشقى الناس أحيمر ثمود والذي يخضب هذه من هذه وروي أنه كان ضربه عليه عمرو بن عبد ودٍ يوم الخندق ولم يبلغ الضربة مبلغ القتل ولكن عمل فيه السم فثار الناس إليه وقبضوا عليه فقال علي لا تقتلوه فإن عشت رأيت فيه رأياً وإن متّ
__________
[1] . كذا
Marge:

(5/232)


فشأنكم به فعاش ثلاثة أيام ثم مات يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان وهو اليوم الّذي أوحى فيه الى النبيّ صله واليوم الذي فتح الله عليه بدراً فقتل ابن ملجم عليه لعنة الله ودفن علي رضي الله عنه واختلفوا أين دفن فقال قوم دفن بالغري وقال قوم دفن بالكوفة وعمي مكانه وقال قوم جعل في تابوت وحمل على بعير يريدون المدينة فأخذه طيِّئ وهم يظنونه مالا فلما رأوا الميت دفنوه عندهم والله اعلم وممّا رثى به عم قول أمّ الهيثم بنت ابى الأسود الدئلي [1] [وافر]
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فلا قرت عيون الشامتينا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا ... بخير الناس طراً أجمعينا
رزئنا خير من ركب المطايا ... وخيسها ومن ركب السفينا
وقيل في ابن ملجم وقصّته [طويل]
فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام بين غير مبهم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وقتل عليّ بالحسام السمّم [2]
فلا مهر أغلى من علي وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
__________
[1] . الدؤلىّ
MS.
[2] . المصمّم
MS.

(5/233)


ويقول عمران بن حطان في ابن ملجم لعنهما الله [بسيط]
يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا
وروى أنّ عليّا عم كان يقنت على معاوية إلى أن مات ومعاوية يلعن علياً وولده وكتب الوليد بن عقبة الفاسق إلى معاوية يهنئه بقتل علي رضوان الله عليه [وافر]
ألا أبلغ معاوية بن حرب ... فإنك من أخي ثقة مليم [1]
قطعت الدهر كالسدم [2] المعنى ... تهدر في دمشق فما تريم [3]
ليهنئك الإمارة كل ركب ... بأنضاء العراق لها رسيم
فإنك والكتاب إلى علي ... كدابغة وقد حلم [4] الأديم
وكانت خلافة عليّ عم خمس سنين لم يتفرغ إلى أن يحج بنفسه شغلته الحروب،،،
__________
[1] . ثقة مليم
MS.
[2] . 119 بن
corriged ,apresleLisan ,VII بن كالندمMS.
idem. [3] بن يريمMS.
[4] . حلم
MS.

(5/234)


خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما
ثم بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما بالكوفة وبويع معاوية بالشام في مسجد إيليا [1] فقدّم الحسن قيس ابن سعد في اثني عشر ألفاً للقاء معاوية وجاء معاوية [
F؟ 199 v؟] حتى نزل جسر منبج وخرج الحسن حتى ساباط المدائن في أربعين ألفاً قد بايعوا على الموت وأحبوه أشد من حبهم لأبيه فأغذ السير حتى إلى مسكن من أرض الكوفة في عشر ليالٍ ورجلان يقرءان القرآن عن يمينه وعن شماله وفيه يقول كعب بن جعيل [2] [بسيط]
من جسر منبج أضحى غب عاشره ... في نخل مسكن تتلا حوله السور
وقدم معاوية بسر بن أرطاة فكانت بينه وبين قيس مناوشة ثم تحاجزوا ينتظرون الحسن قالوا ونظر الحسن ما يسفك من الدماء وينتهك من المحارم فقال لا حاجة لي في هذا الأمر وقد رأيت أن أسلمه إلى معاوية فيكون في عنقه تباعة هذا الأمر وأوزاره فقال له الحسين أنشدك الله أن تكون [3] أوّل من عاب أباه ورغب
__________
[1] . إيليا
MS.
[2] . جميل
MS.
[3] . يكون
MS.

(5/235)


عن رأيه فقال الحسن لتتابعني [1] على ما أقول أو لأشدّنّك في الحديد حتى أفرغ منه فقال له الحسين فشأنك به وإني لكاره فقام الحسن رضي الله عنه خطيبا فذكر رأيه وإيثاره السلامة فقال الناس هو خالع نفسه لمعاوية فشق عليهم ذلك وقد بايعوه على الموت فثاروا به وقطعوا عليه كلامه وخرقوا عليه سرادقه وطعنه رجل في فخذه طعنة أشوته وانصرفوا عنه إلى الكوفة فحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف دمه فعولج وبعث إلى معاوية يذكر تسليمه الأمر إليه فكتب إليه معاوية أما بعد فأنت أولى بهذا الأمر وأحق به لقرابتك وكذا وكذا ولو علمت أنك أضبط له وأحوط على حريم هذه الأمة وأكيد للعدو لبايعتك فاسأل ما شئت وبعث إليه بصحيفة بيضاء مختومة في أسفلها أن اكتب فيها ما شئت فكتب الحسن أموالاً وضياعاً وأمانا لشيعة علي وأشهد على ذلك شهوداً من الصحابة وكتب في تسليم الأمر كتاباً على أن يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء [2] الماضين وأن لا يعهد بعده إلى أحد ويكون الأمر شورى وأصحاب علي آمنين حيثما كانوا وقيس
__________
[1] . ليتابعنى
MS.
[2] . الصالحين
otationmarginale:

(5/236)


ابن سعد نازل وعلى منازلته عازم فبعث إليه معاوية على طاعة من تنازعني وقد بايعني صاحبك وبعث إليه بصحيفة بيضاء ووضع خاتمه أسفلها وقال سل ما شئت فلم يسئل قيس غير الأمان له ولمن معه فآمنهم وانصرفوا والتقى معاوية مع الحسن على منزل من الكوفة فدخلا الكوفة معاً ثم قال يا أبا محمد نعرض به لقد جدت بشيءٍ لا تجود بمثله نفوس الرجال فقم وأعلم الناس ذلك فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق إلى جابلص [1] رجلاً جده رسول الله ما وجدتموه غيري وغير أخي وأن الله تعالى هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن معاوية نازعني حقاً لي دونه فرأيت أن أمنع الناس الحرب وأسلمه إليه وإن لهذا الأمر مدة وتلا وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111 فلما تلا الحسن هذه الآية خشي معاوية الاختلاف فقال له معاوية اقعد ثم قام خطيبا فقال كنت شروطاً في الفرقة أردت بها نظام الألفة وقد جمع الله كلمتنا وأزال فرقتنا وكل شرط شرطته فهو مردود وكل وعد وعدته فهو تحت قدمي هاتين فقام الحسن فقال إلّا وانّى اخترت
__________
[1] . حاباف الى حاباص
MS.

(5/237)


[F؟ 200 r؟] العار على النار لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ 97: 3 وسار إلى المدينة وقام بها إلى أن مات سنة سبع وأربعين من الهجرة رضوان الله عليه وكانت خلافته خمسة أشهر ويقال ستة أشهر وصحت رواية سفينة عن النبي صله الخلافة بعدي ثلاثون ثم يكون الملك وروى الحسن عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ابني هذا سيد وسيصلح به بين فئتين،،،
تمّ الجزء الخامس

(5/238)