المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثُمّ دخلت سنة إحدى وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[إغارة الروم عَلَى عين زربة]
إغارة الروم عَلَى عين زربة، فأسرت من كَانَ بِهَا من رجال الزط، وذراريهم ونسائهم [1] [وجواميسهم] [2] وبقرهم، فأخذتهم إِلَى بلاد الروم [3] .
ومن الحوادث: أن أهل حمص وثبوا فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة بمحمد بْن عبدويه عاملهم، وأعانهم عَلَيْهِ قوم من نصارى أهل حمص، فكتب بذلك إِلَى المتوكل [4] ، وكتب إليه بمناهضتهم، وأمده بجند من راتبة دمشق، مَعَ صالح العباسي التركي، وَهُوَ عامل دمشق، وأمره أن يأخذ من رؤسائهم ثلاثة [نفر] فيضربهم [5] [بالسياط] [6] ضرب التلف، فإذا مَاتوا صلبهم عَلَى أبوابهم، وأن يأخذ بعد ذلك من وجوههم عشرين إنسانا، فيضربهم بالسياط ثلاثمَائة سوط، ويحملهم فِي الحديد إِلَى باب أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وأن يخرب مَا بِهَا من الكنائس والبيع [7] ، وأن يدخل البيع التي إِلَى جانب مسجدها فِي المسجد، وأن لا يترك فِي المدينة نصرانيا إلا أخرجه منها، وينادي
__________
[1] «ونسائهم» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201.
[4] «بذلك إلى المتوكل» ساقطة من الأصل.
[5] في الأصل: «فيضربونهم» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «البدع» .

(11/282)


فيهم قبل ذلك، فمن وجد فيها بعد ثالثة أحسن أدبه. وأمر لمحمد بْن عبدويه بخمسين ألف دِرْهَم [1] ، وأمر لقواده ووجوه أصحابه بصلات، وأمر لخليفته علي بْن الحسين بخمسة عشر ألف دِرْهَم [1] ، ولقواده [2] بخمسة آلاف درهم [3] وبخلع [4] .
[ماجت النجوم في السماء]
وفي هَذَا الشهر: مَاجت النجوم فِي السمَاء، وجعلت/ تتطاير شرقا وغربا ويتناثر 118/ أبعضها خلف بعض كالجراد من قبل غروب الشفق إِلَى قريب من الفجر، ولم يكن مثل هَذَا إلا لظهور رَسُول اللَّه صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ [5] .
وفي هذه السنة [6] : ولي أبو حسان الزيادي قضاء الشرقية في المحرم.
[مطر الناس بسامراء مطرا جودا]
وفيها: مطر الناس بسامراء مطرا جودا فِي آب [7] .
وفيها: ضرب عيسى بْن جعفر بْن محمد بْن عاصم ألف سوط، وَكَانَ السبب فِي ذلك: أنه شهد عَلَيْهِ أكثر من [8] سبعة عشر رجلا بشتم أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة، وأنهي ذلك إِلَى المتوكل، فأمر المتوكل أن يكتب إِلَى محمد بْن عبد الله بْن طاهر يأمره بضرب عيسى هَذَا بالسياط، فإذا مات رمي به فِي دجلة، ولم تدفع جيفته إِلَى أهله، فضرب، ثم ترك فِي الشمس حتى مات، ثم رمي به في دجلة [9] .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن المحسن قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن جعفر قَالَ: حدثني أبو الحسين عمر ابن الحسن، حَدَّثَنَا ابْن أبي الدنيا قَالَ: كنت فِي الجسر واقفا وقد حضر أبو حسان الزيادي القاضي، وقد وجه إليه المتوكل من سامراء بسياط جدد فِي منديل دبيقي مختومة، وأمره
__________
[1] في ت: «دينار» .
[2] في ت: «وقواده» .
[3] «درهم» ساقطة من ت.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 199.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201. ومروج الذهب 4/ 103. والبداية والنهاية 10/ 324.
[6] في ت: «وفيها» .
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200.
[8] «أكثر من» ساقطة من ت.
[9] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200- 201.

(11/283)


أن يضرب عيسى بْن جعفر بْن محمد [1] بْن عاصم- وقيل أحمد بْن محمد بْن عاصم صاحب خان عاصم- ألف سوط، لأنه شهد عَلَيْهِ الثقات وأهل الستر أنه شتم أبا بكر 118/ ب وعمر وقذف عائشة، فلم ينكر ذلك ولم يتب، وكانت السياط بثمَارها/، فجعل يضرب بحضرة القاضي وأصحاب الشرط قيام، فَقَالَ: أيها القاضي قتلتني. فَقَالَ لَهُ القاضي:
قتلك الحق لقذفك زوجة رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وشتمك الخلفاء الراشدين المهديين. قَالَ طلحة: وقيل لمَا ضرب ترك فِي الشمس حَتَّى مات، ثم رمي به في دجلة [2] .
[نفقت الدواب والبقر]
وفي هَذِهِ السنه [3] : نفقت الدواب والبقر [4] .
وفيها: كان الفداء بين المسلمين والروم، و [كان] [5] السبب فِي ذلك: أن تذورة ملكة الروم أم ميخائيل، كانت قد بعثت تطلب الفداء لمن فِي أيدي [الروم من] [6] المسلمين، وَكَانَ المسلمون قد قاربوا عشرين ألفا، فوجه المتوكل رجلا يقال لَهُ:
نصر [7] بْن الأزهر، ليعرف تقدير عدد المَاسورين [8] ، فأقام عندهم حينا، ثم خرج، فأمرت الملكة بعرض الأسارى عَلَى النصرانية، فمن تنصر منهم كَانَ لَهُ أسوة بالنصارى، ومن أبى قتلته، فقتلت من الأسارى اثني عشر ألفا ثم أمرت بالفداء، ففودي من المسلمين سبعمَائة وخمسة وسبعون [9] رجلا، ومن النساء مَائة وخمس وعشرون [10] وفيها: أغارت البجه عَلَى حرس من أهل مصر، فوجه المتوكل لحربهم محمد بْن عبد الله القمي.
وَكَانَ مَا بين البجه والمسلمين هدنة، والبجه جنس من أجناس الحبش
__________
[1] «بن محمد» ساقطة من ت.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200- 201.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «مصمت» .
[8] في ت: «العدد وكم الأسرى» .
[9] في ت: «وستون» .
[10] انظر: تاريخ الطبري 9/ 202- 203.

(11/284)


بالمغرب، وفي بلادهم معادن من الذهب، كانوا يقاسمون من يعمل فيها، ويؤدون إِلَى عمَال مصر فِي كل سنة شيئا من معادنهم، فامتنعوا من أداء الخراج، فعلم المتوكل، فشاور فِي أمرهم، فقيل لَهُ: إنهم أصحاب إبل والوصول [إليهم و] [1] إلى بلادهم صعب، وبينها وبين أرض الْإِسْلَام مسيرة شهر، فِي أرض مقفرة وجبال وعرة، لا مَاء فيها ولا زرع [2] .
فأمسك المتوكل عنهم [3] ، ثم تفاقم أمرهم، حَتَّى خاف أهل مصر عَلَى أنفسهم منهم، فولي المتوكل مُحَمَّد بْن عبد الله القمي/ محاربتهم، وتقدم إليه أن يكاتب 119/ أعنبسة بْن إسحاق الضبي [4] العامل عَلَى حرب مصر، وكتب إِلَى عنبسة بإعطائه جميع مَا يحتاج إليه من الجند، فأزاح عنبسة علته فِي ذلك، فخرج إِلَى أرض البجه فِي عشرين [5] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت عشرين [5] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت والشعير، وأمر قومَا من أصحابه أن يوافوه بِهَا فِي ساحل أرض البجة [6] .
فلمَا صار إِلَى حضرتهم [7] خرج إليه ملكهم، فجعل يطاوله الأيام ولا يقاتله [8] .
فلمَا ظن أن الأزواد قد فنت، أقبلت المراكب السبعة، فلمَا رأى أمير البجه ذلك حاربهم، واقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الإبل التي يحاربون عَلَيْهَا زعرة تفزع من كل شيء، فجمع مُحَمَّد بْن عبد الله جميع أجراس الإبل والخيل التي كانت [9] فِي عسكره، فجعلها فِي أعناق الخيل، ثم حمل عليهم فتفرقت إبلهم لأصوات الأجراس، واشتد رعبها، فحملتهم عَلَى الجبال والأودية، ومزقتهم كل ممزق [10] ، واتبعهم القمي قتلا وأسرا، وذلك فِي أول سنة إحدى وأربعين، ثم رجع إِلَى عسكره [11] ، فوجدهم قد صاروا إِلَى موضع يأمنون فيه، فوافاهم بالخيل، فهرب ملكهم، فأخذ تاجه ومتاعه، فطلب ملكهم الأمَان عَلَى نفسه عَلَى أن يرد إِلَى ملكه، فأعطاه القمي ذلك، فأدى إليه
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 204.
[3] «فأمسك المتوكل عنهم» ساقطة من ت.
[4] «الضبي» ساقطة من ت.
[5] في ت: «في عشرة» .
[6] انظر: النجوم الزاهرة 2/ 297.
[7] في ت: «إلى حصونهم» .
[8] انظر: تاريخ الطبري 9/ 205.
[9] «كانت» ساقطة من ت.
[10] «ممزق» ساقطة من ت.
[11] في ت: «إلى معسكره» .

(11/285)


الخراج للمدة التي كَانَ منعها. وانصرف القمي بملكهم إِلَى المتوكل [1] فكساه [2] .
وفيها: جعل المتوكل كور شمشاط عشرا، ونفلهم من الخراج إِلَى العشر.
وفي هذه السنة [3] : وقع بسامراء حريق احترق فيه ألف وثلاثمائة حانوت.
119/ ب وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن دينار وَهُوَ والي [طريق] [4] مكة وأحداث/ الموسم [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1436- الإمَام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، أَبُو عبد الله الشيباني [6] .
قدمت أمه بغداد وهي حامل به، فولدته ونشأ بِهَا، وسمع شيوخها، ثم رحل إِلَى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة وسمع من خلق كثير.
وجمع حفظ الحديث والفقه والزهد والورع، وكانت مخايل النجابة تبين عَلَيْهِ [7] من زمن الصغر، وَكَانَ أشياخه يعظمونه.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] [8] الحافظ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أبو عقيل أحمد بْن عيسى أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن الحارث التميمي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد النسّاج قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: رأيت أحمد بن حنبل
__________
[1] في ت: «إلى باب المتوكل» .
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 206.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 206.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 412- 423، ومناقب أحمد لابن الجوزي. وصفة الصفوة 2/ 90.
والمعجم لابن عساكر ص 58.
[7] في ت: «بين عينيه» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/286)


كَأَنّ الله [قد] [1] جمع لَهُ علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول مَا شاء ويمسك عمَا شاء [2] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:] [3] أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر الفقيه قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن حمدان [العكبري] ، حَدَّثَنَا أبو حفص [عمر بْن مُحَمَّد] بْن رجاء قَالَ: سمعت عبد الله بْن أحمد بْن حنبل [يقول:
سمعت أبا زرعة الرازي يقول: كَانَ أحمد بْن حنبل] [4] يحفظ ألف ألف حديث، فقيل لَهُ: ومَا يدريك؟ قَالَ: ذاكرته فأخذت عَلَيْهِ الأبواب [5] .
أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أحمد قال: أخبرنا حمد بْنُ أحمد [الحداد] قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد القاضي قَالَ: سمعت أبا دَاوُد السجستاني يقول: لم يكن أحمد بْن حنبل يخوض فِي شيء ممَا يخوض فيه الناس من أمر الدُّنْيَا، فإذا ذكر العلم تكلم [6] .
قَالَ سليمَان: وأخبرنا عبد الله بْن أحمد قَالَ: وَكَانَ أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاثمَائة ركعة، فلمَا مرض من تلك الأصوات أضعفته، فكان يصلي فِي كل يوم وليلة مَائة وخمسين/ ركعة، وَكَانَ فِي زمن الثمَانين وَكَانَ يقرأ فِي كل يوم سبعا، وكانت له 120/ أختمة فِي كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وَكَانَ ساعة يصلي ويدعو عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إِلَى الصباح يصلى، وحج خمس حجات ثلاث [حجج] [7] مَاشيا، واثنتين راكبا [8] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ أَبِي إسحاق البرمكي، عن عبد العزيز بْن جعفر
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: مناقب أحمد لابن الجوزي ص 89 وهذا الخبر ساقط من تاريخ بغداد وقد جاء في نسخة الأصل بعد الخبر التالي.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 419- 420.
وهذا الخبر ساقط من ت.
[6] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 164.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 181.

(11/287)


قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الخلال قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد البراثي قَالَ: أخبرني أحمد بْن عبثر قَالَ: لمَا مَاتت أم صالح قَالَ أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إِلَى فلانة ابنة عمي فاخطبيها لي من نفسها. قَالَ: فأتيتها فأجابته [1] ، فلمَا رجعت إليه قَالَ: كانت أختها تسمع كلامك. قَالَ: وكانت بعين واحدة؟ قالت: نعم، قَالَ: فاذهبي واخطبي تلك التي بعين واحدة فأتتها فأجابته وهي أم عَبْد الله [2] .
[قَالَ المؤلف:] [3] وقد ذكرنا كيف امتحن أحمد وضرب فِي زمن المعتصم، وأنه جعل المعتصم فِي حل [4] .
ولمَا ولي المتوكل أكرمه وبعث إليه مَالا كثيرا فتصدق به، واستزاره ليحدث أولاده [5] ، فحلف أن لا يحدث، فلم يحدث حَتَّى مَات.
ومرض أحمد ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول من هَذِهِ السنة واشتد [6] مرضه تسعة أيام وتوفي [7] .
وَكَانَ قد أعطاه بعض أولاد الفضل بْن الربيع [وَهُوَ فِي الحبس] [8] ثلاث شعرات من شعر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فأوصى عند موته أن تجعل كل شعرة عَلَى عينه والثالثة عَلَى لسانه [9] .
وَكَانَ يصبر فِي مرضه صبرا عظيمَا [10] فمَا أن إلا فِي الليلة التي توفي فيها [11] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ، وابن ناصر قالا: أخبرنا أحمد بن
__________
[1] في ت: «فأتيتها فأجابته، وهي أم عبد الله» وباقي الخبر ساقط من ت.
[2] انظر الخبر في: مناقب أحمد لابن الجوزي ص 374.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وأنه جعل المعتصم في حل» ساقطة من ت.
[5] في ت: «ولده» .
[6] في ت: «وامتد» .
[7] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 490.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 493.
[10] في ت: «صبرا عظيما كثيرا» .
[11] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 493.

(11/288)


الْحَسَن المعدل قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو علي بْن شاذان قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن عبد بْن عمرويه [1] / قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ قَالَ: لمَا حضرت أبي الوفاة 120/ ب جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بِهَا لحيته، فجعل يغرق ثم يفيق، ثم يفتح عينيه ويقرأ بيده هكذا، لا بعد لا بعد، ففعل هَذَا مرة وثانية، فلمَا كَانَ فِي الثالثة قلت لَهُ: يَا أبه! أي شيء هذا [2] ، قد لهجت به في هذا الوقت تغرق حَتَّى نقول: قد قضيت، ثم تعود فتقول لا بعد؟ فَقَالَ لي: يَا بني! مَا تدري؟ قلت: لا، قَالَ: إبليس لعنه الله قائم حذائي عاض عَلَى أنامله يقول: يَا أحمد فتني! فأقول لَهُ: لا بعد حَتَّى أموت [3] .
قَالَ المصنف [4] : فضائل أحمد رضي الله عنه كثيرة، وإنمَا اقتصرنا ها هنا عَلَى هَذِهِ النبذة لأني قد جمعت فضائله فِي كتاب كبير جعلته مَائة باب، ثم مثل هذا التاريخ لا يحتمل أكثر ممَا ذكرت، [والله الموفق] [5] .
1437- الحسن بْن حمَاد بْن كسيب، أبو علي الحضرمي، المعروف بسجادة [6]
سمع أبا بكر بْن عياش، وعطاء بْن مسلم الخفاف، وأبا خالد وغيرهم.
وروى عنه: ابْن أبي الدنيا. وَكَانَ صاحب سنة.
توفي في هذه السنة.
1438- محمد ابْن الإمَام الشافعي أبي عبد الله محمد بْن إدريس، يكنى أبا عثمان [7] .
سمع سفيان بْن عيينة، وأباه، وولي القضاء بالجزيرة، وحدث هناك، واجتمع بأحمد بْن حنبل ببغداد، فَقَالَ لَهُ أحمد: أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم فِي السحر.
وللشافعي ولد [8] آخر يسمى محمد أيضا. إلا أن ذلك توفي صغيرا وَهُوَ بمصر سنة إحدى وثلاثين، ذكره أبو سعيد بْن يونس الحافظ.
__________
[1] في الأصل: «عبد الله بن عبد عروية» .
[2] «هذا» ساقط من ت.
[3] «حتى أموت» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 494.
[4] في ت: «قال المؤلف» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «المعروف بسحالة» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 295.
[7] في الأصل: «أبا عباس» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 197.
[8] في ت: «وللشافعي ابن» .

(11/289)


1439- محمد بْن عبد العزيز بْن أبي رزمة، مولى بني يشكر- واسم أبي رزمة: غزوان، ويكنى أبا محمد- أبو عمرو المروزي [1] .
121/ أحدّث عن سفيان بْن عيينة، والنضر بْن شميل/ وغيرهمَا.
روى عنه: إبراهيم الحربي وغيره، وَكَانَ ثقة.
1440- أبو غياث المكي، مولى جعفر بْن محمد [2] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْن سليمَان قَالَ: أَخْبَرَنَا رزق الله بْن عبد الوهاب قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الحسن بْن علي بْن أحمد بْن الباد قَالَ: أخبرنا أَبُو بكر أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شَاذَان قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو حازم المعلى بْن سعيد البغدادي قَالَ: سمعت أبا جعفر محمد بْن جرير الطبري فِي سنة ثلاثمَائة يقول:
كنت بمكة فِي سنة أربعين ومَائتين فرأيت خراسانيا ينادي:
معاشر الحاج من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده علي [3] أضعف [4] الله لَهُ الثواب، قَالَ: فقام إِلَيْهِ شيخ من أهل مكة كبير من موالي جعفر بْن محمد، فَقَالَ لَهُ:
يَا خراساني، بلدنا فقير أهله، شديد حاله، أيامه معدودة، ومواسمه منتظرة، فلعله بيد [5] رجل مؤمن يرغب فيمَا تبذله لَهُ حلالا يأخذه ويرده عليك [6] ، قَالَ الخراساني: وكم يريد؟ قَالَ العشر مَائة دينار، قَالَ: [لا واللَّه] [7] ، لا أفعل ولكن أحيله عَلَى الله عز وجل.
قَالَ: وافترقا.
قَالَ ابْن جرير: فوقع لي أن الشيخ صاحب القريحة والواجد للهميان فاتبعته، فكان كمَا ظننت، فنزل إِلَى دار خلقة الباب والمدخل [8] ، فسمعته يقول: يَا لبابة! قالت لَهُ: لبيك يَا أبا غياث. قَالَ: وجدت صاحب الهميان ينادي عَلَيْهِ مطلقا فقلت لَهُ: قيده بأن تجعل لواجده شيئا، فَقَالَ: كم؟ فقلت: عشرة، فَقَالَ: لا، ولكنا نحيله 121/ ب عَلَى الله عز وجل، فأي شيء نعمل، ولا بد لي من رده، فقالت لَهُ: [9] نقاسي/ الفقر
__________
[1] «أبو عمرو المروزي» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 351.
[2] انظر ترجمته في: صفة الصفوة 2/ 147- 150.
[3] «على» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ضاعف» .
[5] في ت: «في يد» .
[6] «عليك» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «إلى دار خلقة الباب، مستقلة والمدخل» .
ساقطة من الأصل.
[9] في ت: «فقال» .

(11/290)


معك منذ [1] خمسين سنة ولك أربع بنات وأختان وأنا [2] وأمي وأنت تاسع القوم، استنفقه واكسنا [3] ، ولعل الله يغنيك فتعطيه أو يكافئه عنك ويقضيه، فَقَالَ لها [4] : لست أفعل ولا أحرق حشاشي بعد ست وثمَانين سنة، قَالَ: ثم سكت القوم وانصرفت.
فلمَا كَانَ من الغد عَلَى ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول: يَا معشر [5] الحاج! وفد اللَّه من الحاضر والبادي، من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده أضعف الله لَهُ الثواب، قَالَ [6] : فقام إليه الشيخ وقال: يَا خراساني! قد قلت لك بالأمس ونصحتك وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع، وقد قلت لك أن [7] تدفع إِلَى واجده مَائة دينار، فلعله أن يقع بيد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل فامتنعت [8] ، فقل لَهُ عشرة دنانير منها، فيرده عليك ويكون لَهُ فِي العشرة دنانير ستر وصيانة، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الخراساني: لا نفعل ولكن [9] نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: ثُمّ افترقا.
فلمَا كَانَ من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه، فقام الشيخ فَقَالَ له: يا خراساني، قلت أول أمس العشر منه، وقلت لك عشر العشر أمس، واليوم أقول لك [10] عشر العشر يشترى بنصف دينار قربة يستقي عَلَيْهَا للمقيمين بمكة بالأجرة وبالنصف الآخر [11] شاة يحلبها ويجعل ذلك لعياله غذاء، قَالَ: لا نفعل، ولكن نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: فجذبه الشَّيْخ [جذبة] [12] وقال: تعال خذ هميانك، ودعني أنام الليل، وأرحني من محاسبتك، فَقَالَ لَهُ: امش بين يدي.
فمشى الشيخ [13] وتبعه الخراساني وتبعهمَا، فدخل الشيخ فمَا لبث أن خرج وقال: ادخل يا خراساني، فدخل ودخلت فنبش [14] تحت درجة/ لَهُ مزبلة، 122/ أفنبش وأخرج منها الهميان أسود من خرق بخارية غلاظ وقال: هَذَا هميانك؟
فنظر إليه وقال: هَذَا همياني، قَالَ: ثم حل رأسه من شد وثيق، ثم صب المال في
__________
[1] «منذ» ساقطة من ت.
[2] «وأنا» ساقطة من ت.
[3] «واكسنا» ساقطة من ت.
[4] «لها» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «معاشر» .
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «لذلك» .
[8] في الأصل: «فأشفقت» .
[9] «ولكن» ساقطة من ت.
[10] في ت: «لك عشر العشر أعطه دينارا عشر العشر» .
[11] في ت: «وبنصف دينار» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] «الشيخ» ساقطة من ت.
[14] «فنبش» ساقطة من ت.

(11/291)


حجر نفسه وقلبه مرارا، وقال: هَذِهِ دنانيرنا، وأمسك فم الهميان بيده الشمَال ورد المَال بيده اليمين فيه، وشده [1] شدا سهلا ووضعه عَلَى كتفه، ثم أراد الخروج، فلمَا بلغ باب الدار رجع، وقال للشيخ: يَا شيخ! مَات أبي رحمه الله [2] وترك من هَذَا ثلاثة آلاف دينار، فَقَالَ لي أخرج ثلثها ففرقه عَلَى أحق الناس عندك، وبع رحلي، واجعله نفقة لحجك! ففعلت ذلك وأخرجت ثلثها ألف دينار وشددتها فِي هَذَا الهميان، ومَا رأيت منذ خرجت من خراسان إِلَى ها هنا رجلا [3] أحق به منك، خذه بارك الله لك فيه، قَالَ [4] :
ثم ولى وتركه.
قَالَ: فوليت خلف الخراساني فعدا أبو غياث فلحقني وردني، وَكَانَ شيخا مشدود الوسط بشريط معصب الحاجبين، ذكر أن لَهُ ستا وثمَانين سنة، فَقَالَ لي:
اجلس، فقد رأيتك تتبعني فِي أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم، فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ [5] الْيَرْبُوعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم قال لعمر وعلي: «إذا أتاكما بهداه بِلا مَسْأَلَةٍ وَلا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ فَاقْبَلاهَا وَلا تَرُدَّاهَا فَتَرُدَّاهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [6] وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَالْهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا لُبَابَةُ، الْهِمْيَان وَادْعِي فُلانَةَ وَفُلانَةَ وصاح ببناته وأخواته، وقال: ابسطوا 122/ ب حُجُورَكُمْ. فَبَسَطْتُ حِجْرِي/، وَمَا كَانَ لَهُنَّ قَمِيصٌ لَهُ حِجْرٌ يَبْسُطُونَهُ فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ، وَأَقْبَلَ يَعُدُّ دِينَارًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَ إِلَيَّ قَالَ: ولك دينارا [7] .
حَتَّى فَرَغَ الْهِمْيَانُ، وَكَانَتْ أَلْفًا، فَأَصَابَنِي مِائَةُ دِينَارٍ، فَتَدَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ غِنَاهُمْ أَشَدَّ مِمَّا داخلني مِنْ سُرُورٍ [8] أَصَابَنِي بِالْمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الخروج قال لي: يا
__________
[1] في ت: «ثم شده» .
[2] «رحمه الله» ساقطة من ت.
[3] «رجلا» ساقطة من ت.
[4] «قال» ساقطة من ت.
[5] «بن يونس» ساقطة من ت.
[6] أخرجه البخاري في صحيحه 13/ 150، ومسلم 2/ 723.
[7] «إذا بلغ العاشر إلى قال: ولك دينارا» ساقط من ت.
[8] «غناهم أشد مما داخلني من سروري» ساقط من ت.

(11/292)


فَتَى [1] ، إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ وَلا [2] رَأَيْتُ هَذَا الْمَالَ قَطُّ، وَلا أَمَلْتُهُ [وَأَنِّي لأَنْصَحُكَ أَنَّهُ حَلالٌ،] [3] فَاحْتَفِظْ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنِّي كُنْتُ أَقُومُ وَأُصَلِّي الْغَدَاةَ فِي هَذَا الْقَمِيصِ الْخَلِقِ، ثُمَّ أَنْزِعُهُ فَتُصَلِّي وَاحِدَةٌ [4] وَاحِدَةٌ، ثُمَّ أَكْتَسِبُ إِلَى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ أَعُودُ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِمَا قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لي من أقط وتمر وكرات، وَمِنْ بُقُولٍ نُبِذَتْ، ثُمَّ أَنْزِعُهُ فَيَتَدَاوَلْنَهُ فَيُصَلِّينَ فِيهِ الْمَغْرِبَ وَعِشَاءَ الآخِرَةِ، فَنَفَعَهُنَّ اللَّهُ بِمَا أَخَذْنَ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكَ بِمَا أَخَذْنَا، وَرَحِمَ [اللَّهُ] [5] صَاحِبَ الْمَالِ فِي قَبْرِهِ [6] ، وَأَضْعَفَ ثَوَابَ الْحَامِلِ لِلْمَالِ وَشَكَرَ لَهُ.
قَالَ ابْن جرير [7] : فودعته وكتبت بِهَا العلم سنين أتقوت بِهَا، وأشتري منها الورق، وأسافر وأعطي الأجرة، فلمَا كَانَ بعد سنة ست وخمسين سألت عن الشيخ بمكة فقيل إنه [قد] [8] مَات بعد ذَلِكَ بشهور، ووجدت بناته ملوكا تحت ملوك، ومَاتت الأختان وأمهن، وكنت أنزل عَلَى أزواجهن [وأولادهن] [9] فأحدثهم بذلك، فيستأنسون [10] بي ويكرموني، ولقد حدثني محمد بْن حيان الْبَجَلِيّ [11] فِي سنة تسعين ومَائتين أنه لم يبق منهم أحد.
فبارك الله لهم فيمَا صاروا إليه ورحمة الله عليهم أجمعين [12] . /
__________
[1] في ت: «بني» .
[2] في ت: «وما» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «فيصلين فيه واحدة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «قبره» ساقط من ت.
[7] «قال ابن جرير» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «ويأنسون» .
[11] «البجلي» ساقطة من ت.
[12] «ورحمة الله عليهم أجمعين» ساقطة من ت. انظر الخبر في: صفة الصفوة 2/ 147- 150.

(11/293)


ثُمّ دخلت سنة اثنتين وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[وقوع اضطراب بفارس والروم وخراسان]
أنه وقع اضطراب بفارس، والروم [1] ، وخراسان، والشام، وخرج [2] الروم بعد خروج علي بْن يحيى الأرمني من الصائفة حَتَّى قاربوا آمد، ثم خرجوا من الثغور الجزرية، فانتهبوا عدة قرى [3] ، ثُمّ رجعوا إِلَى بلادهم [4] .
وفي ربيع الأول: احترق بالكرخ مَائتا حانوت ونيف، واحترق بالكرخ [5] رجال ونساء وصبيان.
قَالَ ابْن حبيب الهاشمي: وفي شعبان زلزلت الدامغان، فسقط نصفها عَلَى أهلها وعلى الوالي فقتله، ويقال [6] إن الهالكين كانوا خمسة وأربعين ألفا [7] .
وكانت بقومس ورساتيقها فِي هَذَا الشهر زلازل، فهدمت منها الدور، وسقطت بدس كلها عَلَى أهلها وسقطت بلدان كثيرة عَلَى أهلها، وسقط نحو من ثلثي بسطام وزلزلت الري، وجرجان، وطبرستان، ونيسابور، وأصبهان، وقم، وقاشان، وذلك كله
__________
[1] «والروم» ساقط من ت.
[2] في الأصل: «وخروج» .
[3] في ت: «من القرى» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 207.
[5] «بالكرخ» ساقطة من ت.
[6] في ت: «ويذكر» .
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 207.

(11/294)


فِي وقت واحد، وسقطت جبال ودنا بعضها من بعض، ونبع المَاء مكان الجبال، ورجفت استراباذ [1] رجفة أصيب الناس كلهم وسمع بين السمَاء والأرض [2] أصوات عالية، وانشقت الأرض [3] بقدر مَا يدخل الرجل فيه [4] .
قَالَ: ورجمت قرية يقال لها: السويداء ناحية مصر بخمسة أحجار، فوقع منها حجر عَلَى خيمة أعرابي، فاحترقت ووزن منها حجر، فكان خمسة أرطال، فحمل منها أربعة إِلَى الفسطاط وواحد إِلَى تنيس [5] .
قَالَ [6] : وذكر أن/ جبلا [7] باليمن عَلَيْهِ مزارع لأهله [8] سار [9] حتى أتى مزارع 123/ ب قوم فصار فيها، فكتب بِذَلِك إِلَى المتوكل [10] .
[سقوط صاعقة بالبردان]
وسقطت [11] صاعقة بالبردان، فأحرقت رجلين، وأصابت ظهر الرجل الثالث، فاسود منها، [وسقطت فِي المَاء] [12] .
قَالَ ابْن حبيب: وذكر علي بْن أبي الوضاح أن طائرا دون الرخمة وفوق الغراب أبيض وقع عَلَى دابة بحلب لسبع بقين من رمضان، فصاح: [يَا معشر الناس،] [13] اتقوا
__________
[1] في الأصل: «أسد باد» .
[2] في الأصل: «للسماء والأرض.
[3] «أصواتا عالية وانشقت الأرض» ساقطة من ت.
[4] في ت: «منه» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 207. والشذرات 2/ 99.
[5] انظر: الشذرات 2/ 99. والنجوم الزاهرة 2/ 307.
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في ت: «أن رجلا» .
وفي الأصل: «أن جبالا» .
[8] «لأهله» ساقطة من ت.
[9] في ت: «فسار» .
[10] انظر: شذرات الذهب 2/ 99.
[11] في ت: «ووقعت» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/295)


الله الله اللَّه حَتَّى صاح أربعين مرة، ثم طار وجاء من الغد، فصاح أربعين [1] صوتا، وكتب بِذَلِك صاحب البريد وأشهد خمسمَائة إنسان سمعوه [2] .
ومَات رجل فِي [بعض] [3] كور الأهواز فِي شوال، فسقط طائر أبيض عَلَى جنازته، فصاح بالفارسية وبالخوزية: إن الله قد غفر لهذا [4] الميت ولمن شهده [5] .
ولليلتين خلتا من شوال قتل المتوكل رجلا عطارا كَانَ نصرانيا وأسلم، فمكث مسلمَا سنين كثيرة ثم ارتد، فاستتيب، فأبى أن يرجع إِلَى الإسلام، فضربت عنقه وأحرق بباب العامة [6] .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمَام وَهُوَ والي مكة [7] .
وخرج بالحاج فيها جعفر بْن دينار وَهُوَ والي طريق مكة وأحداث الموسم [8] .
وحج إبراهيم بْن مظهر بْن سعيد الكاتب الأنباري من البصرة عَلَى عجلة تجرها الإبل عَلَيْهَا كنيسة ومخرج وقباب [9] [وسلك طريق المدينة] [10] فكان أعجب مَا رآه الناس في الموسم [11] .
__________
[1] «ثم طار وجاء من الغد فصاح أربعين» ساقطة من ت.
[2] انظر: شذرات الذهب 2/ 100.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «قد غفر الله لهذا» .
[5] انظر: شذرات الذهب 2/ 100.
[6] انظر: تاريخ الطبري 9/ 207- 208.
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.
[8] في ت: «وخرج بالحاج» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.
[9] في ت: «وقبتان» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.

(11/296)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
124/ أ
1441- الحسن بْن عَلي بْن الجعد بْن عبيد الجوهري [1] ، مولى أم سلمة المخزومية زوجة السفاح.
ولي قضاء المدينة المنصورية بعد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إسحاق الضبي.
عزل الواثق الضبي فِي سنة ثمَان وعشرين ومَائتين، واستقضى الحسن بْن علي وأبوه حي، وَكَانَ ذا مروءة.
وتوفي فِي رجب هَذِهِ السنة.
1442- الحسن بْن عثمَان بْن حمَاد بْن حسان [2] بْن يزيد، أبو حسان [3] الزيادي [4] .
سمع من إبراهيم بْن سعد، وهشيم بْن بشير [5] ، وابن علية، وخلقا كثيرا.
روى عنه: الكديمي، والباغندي. وَكَانَ من العلمَاء الأفاضل، صالحا دينا كريمَا مصنفا [6] ، وله تاريخ حسن، وولي قضاء الشرقية.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] [7] الخطيب قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الواحد بْن محمد الخصيبي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو حازم القاضي وأبو علي أحمد بْن إسمَاعيل قالا: حَدَّثَنَا أبو سهل الرَّازيّ قَالَ: حدثني أبو حسان الزيادي قَالَ: ضقت ضيقة بلغت فيها إِلَى الغاية، حَتَّى ألح علي القصاب، والبقال، والخباز، وسائر المعاملين، ولم تبق لي حيلة، فإني ليومَا عَلَى تلك الحال، وأنا مفكر في الحيلة، إذ
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 364.
[2] في ت: «بن حيان» .
[3] في ت: «أبو حيان» .
[4] «الزيادي» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 356.
[5] «بن بشير» ساقط من ت.
[6] في الأصل: «منصفا» وفي ت: «وله مصنفات» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/297)


دخل علي الغلام فَقَالَ: حاجي بالباب يستأذن؟
فقلت لَهُ: ائذن لَهُ، فدخل الخراساني فسلم، وقال: ألست أبا حسان؟ قلت:
بلى، فمَا حاجتك؟ قَالَ: أَنَا رجل غريب أريد الحج، ومعي عشرة آلاف درهم، واحتجت أن تكون قبلك حتى أقضي حجي وأرجع، فقلت هاتها، فأحضرها وخرج بعد أن وزنها وختمها، فلما خرج فككت الخاتم [1] على المكان، ثم أحضرت المعاملين فقضيت كل دين كان علي، واتسعت وأنفقت، وقلت: أضمن هذا المال للخراساني، 124/ ب وإلى أن يجيء يكون قد أتى الله بفرج من عنده، فكنت يومي ذلك فِي/ سعة وأنا لا أشك فِي خروج الخراساني، فلمَا أصبحت من غد ذلك اليوم دخل عليّ الغلام فقال:
الخراساني الحاج بالباب يستأذن فقلت: ائذن لَهُ، فدخل فَقَالَ: إني كنت عازمَا عَلَى مَا أعلمتك، ثم ورد علي الخبر بوفاة والدي، وقد عزمت عَلَى الرجوع إِلَى بلدي، فتأمر لي بالمَال الذي أعطيتك أمس.
قَالَ: فورد علي أمر لم يرد علي مثله قط [2] ، وتحيرت فلم أدر مَا أقول لَهُ، ولا [3] بمَا أجيبه، وفكرت فقلت: مَاذا أقول للرجل؟ ثم قلت: نعم، عافاك الله [تعالى] ، منزلي هَذَا ليس بحريز، ولمَا أخذت مَالك وجهت به إِلَى من هُوَ قبله، فتعود فِي غد لتأخذه، فانصرف وبقيت [4] متحيرا مَا أعمل؟ إن جحدته قدمني فاستحلفني، وكانت الفضيحة فِي الدنيا والآخرة، وإن دافعته صاح وهتكني وغلظ الأمر علي جدا، وأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني إليّ، فلم يأخذني النوم ولا قدرت على الغمض، فقمت إلى الغلام فقلت له: أسرج البغلة، فقال: يا مولاي، هذه العتمة بعد [5] ، وما مضى من الليل شيء، فإلى أين تمضي؟
فرجعت إلى فراشي، فإذا النوم ممتنع، فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردّني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، وأنا لا يأخذني القرار، وطلع الفجر، فأسرج البغلة وركبت، وأنا لا أدري أَيْنَ أتوجه، وطرحت عنان البغلة، وأقبلت أفكر وهي تسير بي [6] حَتَّى بلغت الجسر فعدلت بي فتركتها فعبرت، ثم قلت: إِلَى أين أعبر، وإلى أين أمضي؟
__________
[1] في ت: «الختم» .
[2] «قط» ساقطة من ت.
[3] «ما أقول له ولا» ساقطة من ت.
[4] «وبقيت» ساقطة من ت.
[5] «بعد» ساقطة من ت.
[6] «بي» ساقطة من ت.

(11/298)


وَلَكِن إن رجعت وجدت الخراساني عَلَى بابي، دعها تمضي إِلَى حيث شاءت، ومضت البغلة، فلمَا عبرت الجسر/ أخذت بي يمنة إِلَى [ناحية] [1] دار المأمون، 125/ أفتركتها إِلَى أن قاربت باب المأمون، والدنيا بعد [2] مظلمة، فإذا بفارس قد تلقاني، فنظر فِي وجهي، ثم سار وتركني، ثم رجع إلي فَقَالَ: ألست بأبي حسان الزيادي؟ قلت:
بلى. قَالَ: أجب الأمير الحسن بْن سهل، فقلت فِي نفسي: ومَا يريد الحسن بْن سهل مني؟ ثم سرت معه حَتَّى صرنا إِلَى بابه فاستأذن لي عَلَيْهِ [فأذن لي] [3] ، فَقَالَ: أبا حسان، مَا خبرك؟ وكيف حالك؟ ولم انقطعت عنا؟ فقلت: لأسباب وذهبت لأعتذر.
فَقَالَ: دع عنك هَذَا، أنت فِي لوثة أو فِي أمر، فإني [4] رأيتك البارحة فِي النوم فِي تخليط [5] كثير، فابتدأت فشرحت لَهُ قصتي من أولها إِلَى آخرها إِلَى [6] أن لقيني صاحبه [ودخلت عَلَيْهِ] [7] ، فَقَالَ: لا يغمك [8] يَا أبا حسان، قد فرج الله عنك هَذِهِ بدرة للخراساني مكان بدرته، وبدرة أخرى لك تتسع بها، وإذا نفذت أعلمنا. فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني، واتسعت، وفرج الله وله الحمد [9] .
توفي أبو حسان [10] فِي رجب هَذِهِ السنة، وله تسع وثمَانون سنة وأشهر، ومَات هُوَ والحسن بْن الْجَعْد فِي وقت واحد، وأبو حسان [11] عَلَى الشرقية [12] ، والحسن بْن علي عَلَى مدينة المنصور.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[2] «بعد» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «كما هو» .
[5] في ت: «تحيط» .
[6] «آخرها إلى» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «لأنعمك الله» .
[9] «فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني واتسعت وفرج الله وله الحمد» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 358- 359.
[10] في ت: «أبو حيان» .
[11] في ت: «أبو حيان» .
[12] في ت: «على الشرطة» .

(11/299)


1443- الخليل بْن عمرو [، أبو عمرو] [1] البغوي [2]
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن وكيع بْن الجراح، وعيسى بْن يونس.
روى عنه: البغوي، وكان ثقة. وتوفي [بها في صفر] [3] في هذه السنة.
1444- زكريا [بن يحيى] [4] بن صالح بن يعقوب، أبو يحيى القضاعي الحرسي [5] .
روى عن المفضل بْن فضالة، ورشدين بْن سعد [6] ، وعبد الله بْن وهب.
كانت القضاة تقبله، وتوفي في شعبان هذه السنة.
125/ ب 1445- الطيب بن إسماعيل/ بن إبراهيم، أبو محمد الذهلي. ويعرف بأبي حمدون القصاص، واللآل [7] ، [والثقاب] [8] .
روى حروف القرآن عن الثقات: الكسائي، ويعقوب الحضرمي.
وحدث عن سفيان بْن عيينة وشعيب بْن حرب.
روى عنه: أبو العباس بْن مسروق وغيره، وَكَانَ من الزهاد المخلصين.
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرنا الجوهري قال:
حَدَّثَنَا محمد بْن الحسين قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسين بْن المنادي قَالَ: أبو حمدون الطيب [ابْن إِسْمَاعِيل] [9] من الأخيار [10] الزهاد، المشهورين بالقراءات، وكان يقصد [11]
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 335- 336.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وقد ورد: «وتوفي في مصر هذه السنة» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/ 336. والمعجم لابن عساكر ص 113.
[6] «بن سعد» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «الدلال» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 360- 362.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في تاريخ بغداد: «الخيار» .
[11] في ت: «وكان يلتقط المنبوذ وكان يقصد» .

(11/300)


المواضع التي ليس فيها أحد يقرئ الناس فيقرئهم حَتَّى إذا حفظوا انتقل إِلَى آخرين بِهَذَا النعت، وَكَانَ يلتقط المنبوذ كثيرا [1] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [2] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن عبيد اللَّه الجبائي قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بْن محمد بْن نصير [الخلدي] [3] قَالَ:
حدثني أبو العباس أحمد بْن مَسْرُوق قَالَ: سمعت أبا حمدون المقرئ يقول: صليت ليلة فقرأت فأدغمت حرفا، فحملتني عيناي، فرأيت كأن نورا قد تلبب بي وَهُوَ يقول:
الله بيني وبينك. قلت: من أنت؟ قَالَ: أنا الحرف الَّذِي [4] أدغمت [5] ، قَالَ قلت: لا أعود، فانتبهت، فمَا عدت أدغم حرفا [6] .
أَخْبَرَنَا القزاز أَخْبَرَنَا [أحمد بْن علي] [7] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا رضوان بْن محمد بْن الحسن الدينَوَريّ قَالَ: سمعت أبا محمد الحسن [بْن علي] بْن صليح [8] يقول: إن أبا حمدون الطيب بْن إِسْمَاعِيل كف بصره، فقاده قائد لَهُ ليدخله المسجد [فلمَا بلغ إِلَى المسجد] [9] قَالَ لَهُ قائده: يَا أستاذ، اخلع نعلك [10] . قَالَ: [لم] [11] يَا بني أخلعها؟ قَالَ: لأن فيها [12] أذى، فاغتم أبو حمدون، وكان من عباد الله الصالحين، فرفع يده [13] ودعا بدعوات ومسح بِهَا/ وجهه فرد الله عَلَيْهِ بصره ومشى [14] . 126/ أ
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 362.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «الّذي» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «أدغمتني» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 361.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وفي ت: «بن صالح» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «نعليك» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «فيهما» .
[13] في ت: «فرفع بصره» .
[14] انظر الخبر في تاريخ بغداد: 9/ 361.

(11/301)


1446- القاسم بْن عثمَان الجوعي [1] .
أسند عن سفيان بْن عيينة وغيره.
أَخْبَرَنَا ابْن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ [قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جعفر قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أحمد حَدَّثَنَا] [2] يوسف بْن أحمد الْبَغْدَادِيّ قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت القاسم الجوعي يقول: شبع الأولياء بالمحبة عن الجوع ففقدوا لذاذة الطعام والشراب والشهوات، لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة، فقطعتهم عن كل لذة [3] وإنمَا سميت قاسمَا الجوعي لأن الله تعالى قواني عَلَى الجوع، فلو تركت مَا تركت ولم أوت بالطعام لم أبال، رضت نفسي حَتَّى [4] لو تركت شهرا ومَا زاد لم تأكل ولم تشرب ولم تبال، وأنا عنها راض أسوقها حيث شئت، اللَّهمّ أنت فعلت بي ذلك فأتمه علي [5] .
1447- محمد بْن أسلم [6] بْن سالم بْن يزيد، أبو الحسن الكندي الطوسي [7] .
سمع عبدان بْن عثمَان، وسعيد [8] بْن منصور والحميدي، وقبيصة [9] ، ويزيد بْن هارون في خلق كثير، وكان من الصالحين.
قَالَ محمد بْن رافع: دخلت عَلَى محمد بْن أسلم فمَا شبهته إلا بأصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَكَانَ محمد بْن أسلم يخدم نفسه وعياله [10] ويستقي المَاء من النهر بالجرار فِي اليوم البارد، وَكَانَ إذا اعتل لم يخبر أحدا بعلّته ولم يتداو.
__________
[1] انظر ترجمته في: حلية الأولياء 9/ 323 وصفة الصفوة 4/ 210.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «والشراب والشهوات لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة، فقطعتهم عن كل لذة» ساقطة من ت.
[4] «حتى» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: «حلية الأولياء 9/ 323 وصفة الصفوة 4/ 210
[6] في الأصل: «علي بن محمد بن أسلم» .
[7] انظر ترجمته في: النجوم الزاهرة 2/ 308. وحلية الأولياء 9/ 238- 243.
[8] في الأصل: «وسعد بن منصور» .
[9] في ت: «وقتيبة» .
[10] «وعياله» ساقطة من ت.

(11/302)


أخبرنا [محمد] بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا حمد بْنُ أحمد الحداد [1] قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم [2] أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا خالي أحمد بْن محمد بْن يوسف قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بْن القاسم قَالَ: سمعت إسحاق بْن راهويه يقول: لم أسمع بعالم منذ خمسين سنة [3] كَانَ أشد تمسكا بأثر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ من محمد بْن أسلم.
قَالَ أبو عبد الله: وقال لي محمد بْن أسلم يا أبا/ عبد الله ما لي ولهذا الخلق كنت فِي صلب أبي وحدي، ثم صرت فِي بطن أمي وحدي، ثم دخلت إِلَى [4] الدنيا وحدي، ثم تقبض روحي وحدي، فأدخل فِي قبري وحدي، فيأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي، فأصير إِلَى حيث صرت [5] وحدي، وتوضع عملي وذنوبي فِي الميزان وحدي، وإن بعثت إِلَى الجنة بعثت وحدي، وإن بعثت إِلَى النار بعثت وحدي، فمَا لي والناس! قَالَ [6] : وصحبته نيفا وعشرين سنة لم أره يصلي ركعتي [7] التطوع إلا يوم الجمعة، ولا يسبح وَلَا يقرأ حيث أراه، ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني. وسمعته يحلف مرارا: لو قدرت أن تطوع حيث لا يراني ملكاي فعلت، وَكَانَ يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزا من مَاء، فلم أدر مَا يصنع، حَتَّى سمعت ابنا لَهُ صغيرا يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: مَا هَذَا البكاء؟ فقالت: إن أبا الحسن [8] يدخل هَذَا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه، وَكَانَ إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل، فلا يرى عَلَيْهِ أثر البكاء، وكان يصل قوما فيعطيهم ويبرهم ويكسوهم [9] ، فيبعث إليهم ويقول للرسول: انظر لا يعلمون من بعثه إليهم، ويأتيهم هُوَ بالليل فيذهب به إليهم ويخفي نفسه، فربمَا بليت ثيابهم ونفد مَا عندهم ولا يدرون من الذي أعطاهم.
قَالَ: ودخلت عَلَيْهِ يومَا [10] قبل موته بأربعة أيام فَقَالَ لي: يَا أبا عبد الله، تعال أبشرك بمَا صنع الله بأخيك من الخير. قد [11] نزل بي الموت وقد من الله علي أنه ليس
__________
[1] «الحداد» ساقطة من ت.
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «أبو نعيم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «عاما» .
[4] «إلى» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فإن صرت إلى خير صرت» .
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في ت: «ركعتين من» .
[8] في ت: «أن أباه» .
[9] «ويكسوهم» ساقطة من ت.
[10] «يوما» ساقطة من ت.
[11] «قد» ساقطة من ت.

(11/303)


عندي درهم يحاسبني الله عَلَيْهِ وقد علم ضعفي، وأني لا أطيق الحساب [فلم يدع لي شيئا يحاسبني عَلَيْهِ] [1] ثم قَالَ: أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حَتَّى أموت/، واعلم أني أخرج من الدُّنْيَا وليس عندي ميراث غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي، وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهمَا فَقَالَ: هَذَا لابني، أهداه إليه [2] قريب لَهُ، ولا أعلم شيئا أحل لي منه، لأن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ «أنت ومَالك لأبيك» فكفنوني منها، فإن أصبتم [لي] بعشرة [دراهم] [3] مَا يستر عورتي فلا تشتروا لي [4] بخمسة عشر، وابسطوا عَلَى جنازتي لبدي، وغطوا عَلَيْهَا بكسائي، وتصدقوا بإنائي، أعطوه مسكينا يتوضأ فيه، ثم مَات فِي اليوم الرابع وصلى عَلَيْهِ نحو من ألف ألف تقريبا [5] .
توفي ابْن أسلم في هذه السنة، ودفن إِلَى جنب إسحاق بْن راهويه.
1448- محمد بْن رمح بْن المهاجر، أبو عبد الله التجيبي [6] .
حكى عن مَالك بْن أنس، وروى عنه: الليث، وابن لهيعة، وَهُوَ ثقة ثبت.
توفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1449- هانئ بْن المتوكل بْن إسحاق بْن إبراهيم بن حرملة، أبو هاشم الإسكندراني [7] .
يروي عن حيوة بْن شريح، ومعاوية بْن صالح. جاوز المائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أهداه له» . وفي ت: «أهداه منه» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «لي» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 238- 243 وصفة الصفوة 4/ 101- 103.
[6] انظر ترجمته في: حلية الأولياء 9/ 238- 243 وصفة الصفوة 4/ 101- 103 والجرح والتعديل 7/ 254. والتهذيب 9/ 165.
[7] الأنساب للسمعاني 1/ 247.

(11/304)


ثُمّ دخلت سنة ثلاث وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
شخوص المتوكل إِلَى دمشق لعشر بقين من ذي القعدة، فضحى ببلد، فَقَالَ يزيد بْن محمد المهلبي حين خرج المتوكل:
أظن الشام تشمت بالعراق ... إذا عزم الإمَام عَلَى انطلاق
فإن تدع العراق وساكنيها ... فقد تبلى المليحة بالطلاق [1]
وحج بالناس [في هذه السنة] [2] عبد الصمد بْن موسى. وحج جعفر بْن دينار وَهُوَ والي طريق مكة وأحداث الموسم/ [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
127/ ب
1450- إبراهيم بْن العباس [4] .
متولي ديوان الضياع. توفي فتولاه الحسن بن مخلد بن الجراح.
__________
[1] انظر الخبر في: «تاريخ الطبري 9/ 209. والبداية والنهاية 10/ 344. والنجوم الزاهرة 4/ 114.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 209.
[4] في ت: «عباس» .

(11/305)


1451- أحمد بْن سعيد، أبو عبد الله الرباطي [1] .
من أهل مرو، سمع وكيع بْن الجراح، وعبد الرزاق بْن همَام وخلقا [كثيرا] [2] .
روى عنه البخاري ومسلم فِي الصحيحين، وَكَانَ ثقة فاضلا فهمَا عالمَا [من أهل السنة] [3] ، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] [4] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بْن يعقوب الحافظ يقول: سمعت إبراهيم بْن أبي طالب [5] يقول: سمعت أحمد بْن سعيد الرباطي يقول: قدمت عَلَى أحمد بْن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي، فقلت: يَا أبا عَبْد الله، إنه يكتب عني بخراسان، فإن عاملتني بهذه المعاملة رموا بحديثي، فَقَالَ لي: يَا أَحْمَد، هل بد يوم [6] القيامة [من أن يقال: أين عبد الله بْن طاهر وأتباعه؟ انظر أين تكون أَنْت منه؟ قَالَ:
قلت: يَا أبا عبد الله، إنمَا هُوَ ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه. قَالَ: فجعل يكرر علي: يَا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال] [7] أين عبد الله [بْن طاهر] [8] وأتباعه؟
فانظر أين تكون أنت فيه [9] .
1452- إبراهيم بْن العباس بْن محمد [بْن صول] [10] ، مولى يزيد بْن الملهب، أبو إسحاق، أصله من خراسان [11] .
روى عن علي بْن موسى الرضا. وَكَانَ من أشعر الكتاب وأرقهم لسانا [12] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 165- 166. وتهذيب التهذيب 1/ 30 وطبقات الحنابلة 1/ 45.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «يقول سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول» ساقطة من ت.
[6] في ت: «يا أحمد، تقدم يوم» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 166 وقد ورد الخبر في الأصل: «يا أحمد تقدم يوم القيامة اين عبد الله بن طاهر فانظر اين تكون منهم» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 117. ووفيات الأعيان 1/ 44.
[12] «لسانا» ساقطة من ت.

(11/306)


وَكَانَ صول جد أبيه وفيروز أخوين تركيين ملكين بجرجان يدينان بالمجوسية، فلمّا دخل يزيد بْن المهلب جرجان أمنهمَا، فأسلم صول عَلَى يده ولم يزل معه.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن محمد المقرئ، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بْن يَحْيَى الصولي قَالَ: أنشدنا أحمد بْن يحيى ثعلب قَالَ: أنشدنا إبراهيم بْن العباس الكاتب لنفسه: /
كم قد تجرعت من حزن ومن غصص [1] ... إذا تجدّد [2] حزن هون الماضي 128/ أ
وكم غضبت فمَا باليتم غضبي ... حَتَّى رجعت بقلب ساخط راضي
قَالَ الصولي: كأنه أخذه من قول خاله العباس بْن الأحنف:
تعلمت ألوان الرضى خوف عتبها ... وعلمها حبي لها كيف تغضب [3]
ولي غير وجه [4] قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إِلَى أين أذهب [5]
توفي إبراهيم فِي شعبان هَذِهِ السنة بسامراء.
1453- أحمد بْن عيسى، أبو عبد الله المصري [6] .
حدث عن المفضل بْن فضالة، ورشدين بْن سعد، وعبد الله بْن وهب.
وَكَانَ يتجر إِلَى العراق فتجر إِلَى [7] تستر، فقيل لَهُ: التستري، وسكن العراق، وتوفي ببغداد [في هذه السنة] [8] .
__________
[1] في ت: «ومن تجدد» .
[2] «إذا تجدد» ساقطة من ت.
[3] في ت: «أغضب» .
[4] في الأصل: «ولي ألف وجه» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 117
[6] في ت: «البصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 272- 275.
[7] «العراق فتجر إلى» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/307)


1454- حرملة بْن يحيى بْن عبد الله بْن حرملة بْن عمران، أبو حفص [1] .
ولد سنة ست وستين ومَائة، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1455- الحارث بْن أسد، أبو عبد الله المحاسبي [2] .
حدث عن يزيد بْن هارون، وله كتب فِي الزهد والمعاملة.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي الحافظ] [3] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا العتيقي وأحمد [بْن عمر بْن روح] النهرواني، وعلي بن أبي علي [ابن صادق] البصري، والحسن [بن علي] [4] الجوهري قالوا:
أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد [5] الدقاق قَالَ: سمعت أبا العباس أحمد بْن محمد بْن مسروق يقول: سمعت حارثا المحاسبي يقول: ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة:
حسن الوجه مَعَ الصيانة، وحسن الخلق مَعَ الديانة، وحسن الإخاء مَعَ الأمَانة [6] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ] [7] [أخبرني جَعْفَر الخلدي فِي كتابه: سمعت الجنيد يقول] [8] : مَات أبو الحارث المحاسبي يوم مَات وأن الحارث لمحتاج إِلَى دانق فضة، وخلف مَالا كثيرا، وما أخذ منه حبة واحدة، 128/ ب وقال: / أهل ملتين لا يتوارثان، وَكَانَ أبوه واقفيا [9] .
__________
[1] انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 1/ 257. وتهذيب التهذيب 2/ 230.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 211. ووفيات الأعيان 2/ 58. وطبقات الشافعية 2/ 37. ومقدمة كتاب «الرعاية لحقوق الله» وكتاب «آداب النفوس» وكتاب «الوصايا» وكتاب «بدء من أناب إلى الله» وكتاب «التوهم» للمؤلف بتحقيق الأستاذ عبد القادر أحمد عطا. فقد أخرج الأستاذ عبد القادر عطا معظم كتب الإمام المحاسبي وكان له السبق في نشرها وخدمتها.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «عبيد الله» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 212.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من جميع الأصول وأضفناه من تاريخ بغداد.
[9] في ت: «رافضيا» .
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 214.

(11/308)


قَالَ المصنف: كَانَ الإمَام أحمد بْن حنبل ينكر عَلَى الحارث المحاسبي خوضه فِي الكلام، ويصد الناس عنه، فهجره أحمد فاختفى فِي داره ببغداد، ومَات فيها، ولم يصل عَلَيْهِ إلا [1] أربعة نفر، وتوفي في هذه السنة.
1456- عبد الصمد بْن الفضل بْن خالد، أبو بكر الربعي البصري [2] .
يعرف بالمراوحي، لأنه أول من أحدث عمل المراوح بمصر.
وحدث عن عبد الله بْن وهب، وسفيان بْن عيينة، ووكيع.
وَكَانَ رجلا صالحا، توفي بمصر فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة.
1457-[عقبة بْن مكرم، أبو عبد الملك العمي البصري [3] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن غندر.
روى عنه: مسلم فِي صحيحه، والبغوي، وابن صاعد، وَكَانَ ثقة، توفي بالبصرة في هذه السنة] .
1458- الوليد بْن شجاع بْن الوليد بْن قيس، أبو همَام [4] السكوني البغدادي، كوفي الأصل [5] .
سمع علي بْن مسهر، وشريك بْن عبد الله، وعبد الله بْن المبارك، وغيرهم.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، وعباس الدوري، والبغوي.
توفي في هذه السنة ببغداد.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أَحْمَد بْن عَلي الحافظ قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو نُعَيم الحافظ [الأصبهاني حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عبد الله العدل] [6] الأصبهاني قَالَ: حَدَّثَنَا السراج- يعني أبا العباس الثقفي [7]- قَالَ: سمعت محمد بْن أحمد ابْن بنت
__________
[1] في ت: «غير» .
[2] انظر ترجمته في: اللباب 3/ 191.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 267 وهي ساقطة من الأصل.
[4] في ت: «أبو تمام» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 446.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل «العقبي» وفي ت: «القيس» .

(11/309)


مُعَاوِيَة بْن عمرو يقول: سمعت أبا يحيى مستملي أبا همَام يقول: رأيت أبا همَام فِي المنام وعلى رأسه قناديل معلقة فقلت: يَا أبا همَام، بمَا نلت هَذِهِ القناديل؟ قَالَ: هَذَا بحديث الحوض، وهذا بحديث الشفاعة، وهذا بحديث كذا، وهذا بحديث كذا [1] .
1459- هارون بْن عبد الله بْن مروان، أبو موسى البزاز، المعروف بالحمَال [2] .
سمع سفيان بْن عيينة، وسيار بْن حاتم [3] ، وروح بْن عبادة وغيرهم [4] .
روى عنه: مسلم بْن الحجاج، وإبراهيم الحربي، والبغوي، وابن صاعد، وَكَانَ حافظا صدوقا.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [5] أخبرني عبد الغفار بن محمد المؤدب قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ حدثنا 129/ أأحمد بْن محمد بْن الفضل المؤذن قَالَ: سمعت هارون بْن عبد الله/ الحمَال يقول:
جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب علي، فقلت: من هَذَا؟ فَقَالَ: أنا أحمد، فبادرت إليه فمساني ومسيته، وقلت: حاجة يَا أبا عَبْد الله؟ قَالَ: نعم، شغلت اليوم قلبي، قلت: بمَاذا يَا أبا عبد الله؟ قَالَ: جزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس فِي الفيء، والناس فِي الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل ذَلِكَ [6] مرة أخرى. إذا قعدت فاقعد مَعَ الناس [7] .
توفي هارون فِي شوال هَذِهِ السنة، وقيل: سنة ثمَان وأربعين، ولا يصح.
1460- هناد بْن السري، أبو السري الدارمي الكوفي [8] .
سمع أبا الأحوص، ووكيعا وخلقا كثيرا.
أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قَالَ: أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن إبراهيم الهاشمي قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن سلمة قَالَ: كَانَ هناد بن
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 13/ 446.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 22.
[3] في الأصل: «وسنان» .
[4] «وغيرهم» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «لا تفعل هذا» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 22.
[8] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/ 71.
والمعجم لابن عساكر ص 313.

(11/310)


السري كثير البكاء، وكنت عنده ذات يوم فِي مسجده، فلمَا فرغ من القراءة عاد إِلَى منزله فتوضأ وانصرف إِلَى المسجد، وقام عَلَى رجليه فصلى إِلَى الزوال، ثم رجع إِلَى منزله فتوضأ وانصرف إِلَى المسجد، فصلى بنا الظهر، ثم قام عَلَى رجليه يصلي إِلَى العصر [1] يرفع صوته بالقرآن ويبكي كثيرا ويصلي إِلَى العصر، ثم صلى [بنا] [2] العصر، وجاء إِلَى المسجد فجعل يقرأ القرآن إِلَى الليل، فصليت معه صلاة المغرب، وقلت لبعض جيرانه: مَا أصبره عَلَى العبادة فقالوا: هَذِهِ عبادته بالنهار منذ سبعين عامَا، فكيف لو رأيت عبادته بالليل؟! ومَا [3] تزوج قط، ولا تسرى [قط] [4] ، وَكَانَ يقال لَهُ: عابد [5] الكوفة.
أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي بْن ميمون قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو أحمد/ عبد الوهاب بْن محمد الغندجاني، أَخْبَرَنَا ابْن عبدان، حدثنا محمد سهل، حدثنا 129/ ب البخاري قَالَ: مَات هناد [بْن السري] [6] يوم الأربعاء آخر يوم من [شهر] [7] ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين ومَائتين.
1461- يعقوب بْن إسحاق السكيت، أبو يوسف النحوي اللغوي [8] .
صاحب كتاب «إصلاح المنطق» ، وأبوه هُوَ المعروف بالسكيت.
كَانَ من أهل الفضل والدين والثقة [9] ، وَكَانَ يؤدب الصبيان فِي أول أمره، ثم ترقى إِلَى أن صار يؤدب ولد المتوكل على الله.
وروى عن أبي عمرو الشيباني [10] ، وحدث عنه: أبو سعيد السكري.
وَكَانَ المبرد يقول: مَا رأيت للبغداديين [11] كتابا أحسن من كتاب يعقوب [12] بْن السكيت في المنطق.
__________
[1] في ت: «ثم قام على رحله يرفع صوته بالقرآن» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «ولا تزوج» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ح: «راهب الكوفة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 273.
ووفيات الأعيان 6/ 398.
[9] في ت: «الفقه» .
[10] «الشيبانيّ» ساقطة من ت.
[11] «للبغدايين» ساقطة من ت.
[12] «يعقوب» ساقطة من ت.

(11/311)


أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [1] الْخَطِيبُ حَدَّثَنَا أَبُو القاسم عبيد الله بْن علي الرقي، حَدَّثَنَا أبو أحمد بْن عبد الله بْن محمد بْن أحمد المقرئ [2] ، حَدَّثَنَا أبو بكر الصولي، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين الأزدي قَالَ: حدثني أبو الحسن الطُّوسيّ قَالَ: كنا فِي مجلس اللحياني [3] . فَقَالَ يومَا: تقول العرب «مثقل استعان بذقنه» [يريدون الجمل] [4] ، فقام إليه ابْن السكيت، - وَهُوَ حدث- فَقَالَ: يَا أبا الحسين إنما [5] هو تقول العرب: «مثقل استعان بدفيه» ، يريدون الجمل إذا نهض بالحمل [استعان بجنبيه] [6] ، فقطع الإملاء، فلمَا كَانَ فِي المجلس الثاني أملى فَقَالَ:
تقول العرب «هُوَ جاري مكاشري» ، فقام إليه ابْن السكيت فَقَالَ: أعزك الله، ومَا معنى مكاشري؟ إنمَا هُوَ مكاسري، كسر بيتي إِلَى كسر بيته. قَالَ [7] : فقطع اللحياني الإملاء، فمَا أملى بعد ذلك شيئا [8] .
توفي يعقوب [بْن السكيت] [9] فِي رجب [10] هَذِهِ السنة، وقيل: فِي سنة أربع [11] .
وقيل: سنة ست وأربعين ومائتين، وقد بلغ ثمَانيا وخمسين.
هذان [12] البيتان لابن السكيت:
ومن الناس من يحبك حبا ... ظاهر الحب ليس بالتقصير
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «المنقري» .
[3] في الأصل: «الجبائي» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «إنما هو» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «استعان بمنكبيه» .
[7] «قال» ساقطة من ت.
[8] «شيئا» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 273- 274.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «رجب» ساقطة من ت.
[11] «في سنة أربع» ساقطة من ت.
[12] «هذان البيتان ... » إلى آخر الترجمة ساقط من ت.

(11/312)


فإذا مَا سألته عشر فلس ... الحق الحب باللطيف الخبير/ 130/ أ
1462- يحيى بْن أكثم بْن محمد بْن قطن بْن سمعان التميمي، من ولد أكثم بْن صيفي، يكنى أبا محمد [1] .
سمع عبد الله بْن المبارك، والفضل بْن موسى الشيباني [2] ، وجرير بن عبد الحميد، وابن إدريس، وابن عيينة، والدراوَرْديّ، وعيسى بن يونس [3] ، ووكيع بن الجراح في آخرين.
وروى عنه: علي بن المديني، والبخاري وغيرهما. وكان عالما بالفقه بصيرا بالأحكام، ذا فنون من العلوم [4] ، فعرف المأمون فضله، فلم يتقدمه عنده أحد، فولاه القضاء ببغداد، وقلده قضاء [القضاة] [5] وتدبير أهل مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل فِي تدبير الملك شيئا إلا بعد مطالعة يحيى بْن أكثم [لا يعلم أحد غلب عَلَى سلطانه فِي زمانه إلا يحيى بن أكثم] [6] وابن أبي دؤاد. أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بن على] [7] بن ثابت قال: أخبرنا الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد [8] الشاهد قال: حدثنا أبو بكر الصولي قال: حدثنا الكديمي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن المديني.
قَالَ: خرج سفيان بْن عيينة إِلَى أصحاب الحديث وَهُوَ ضجر. فَقَالَ أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بْن سعيد، وجالس ضمرة أبا سعيد الخدري، وجالست عمرو بْن دينار [9] ، وجالس جابر بْن عبد الله، وجالست عبد الله بْن دينار [10] ، وجالس ابْن عُمَر، وجالست الزهري، وجالس أنس بْن مَالك. وعدد جمَاعة، ثم أنا أجالسكم! فقال له
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 191- 204.
[2] في الأصل: «السينتاني» .
[3] «بن يونس» ساقطة من ت.
[4] في ت: «من العلم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وانظر الخبر في تاريخ بغداد 14/ 198.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «طلحة بن أحمد» .
[9] «بن دينار» ساقطة من ت.
[10] في ت: «عمرو بن دينار» .

(11/313)


حدَّث فِي المجلس: أتتصف يَا أبا محمد؟ قال: إن شاء الله. قال له: والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ بك أشد شقاء منك بنا، فأطرق، وتمثل بشعر [1] أبي نواس:
خل جنبيك لزام ... وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خير ... لك من داء الكلام
فسأل من الحدث؟ فقالوا [2] : يحيى بْن أكثم. فَقَالَ [سفيان] [3] : هَذَا الغلام 130/ ب يصلح/ لصحبة هؤلاء- يعني السّلطان [4] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز أَخْبَرَنَا [أحمد بْن ثابت] [5] الخطيب أَخْبَرَنَا الحسن [6] بْن [محمد] أبي بَكْر قَالَ: ذكر أبو علي عيسى بْن محمد الطومَاري: أنه سمع أبا حازم، القاضي يقول: سمعت أبي يَقُولُ: ولي يحيى بْن أكثم القاضي البصرة وسنه عشرون [سنة] [7] أو نحوها- قَالَ: فاستصغره أهل البصرة، فَقَالَ لَهُ أحدهم: كم سن القاضي؟ قَالَ: فعلم أنه قد استصغره، فَقَالَ لَهُ: أنا أكبر من عتاب بْن أسيد الذي وجه [8] به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قاضيا عَلَى مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بْن جبل حين بعثه النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قاضيا عَلَى أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بْن سور [9] الذي وجه به عُمَر بْن الخطاب قاضيا عَلَى أهل [10] البصرة.
قَالَ: وبقي سنة لا يقبل بِهَا شاهدا، قَالَ: فتقدم إليه أبي، [وَكَانَ أحد الأمناء] [11] ، وقال لَهُ: أيها القاضي، قد وقفت الأمور وتريثت، قَالَ: ومَا السبب فِي ذلك [12] ؟ قَالَ: فِي ترك القاضي قبول الشهود، قَالَ: فأجاز في ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا [13] .
__________
[1] في الأصل: «بقول» .
[2] في ت: «فسأل عن الحدث فقيل» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «السلاطين» وكذلك في ح.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 192- 193.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «الحسين بن محمد» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «الّذي بعثه» .
[9] في الأصل: «كعب بن سعد» .
[10] «أهل» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «في ذلك» ساقطة من ت.
[13] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 199.

(11/314)


أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي [الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أبو عبد الله الْحُسَيْن بْن علي] [1] أخبرني الصيمري، حَدَّثَنَا المرزباني، أخبرني الصولي، أَخْبَرَنَا أبو العيناء حَدَّثَنَا أحمد بْن أبي دؤاد.
قَالَ الصولي: وحَدَّثَنَا محمد بْن موسى بْن داود، حَدَّثَنَا المشرق بْن سعيد حَدَّثَنَا محمد بْن مَنْصُور- واللفظ لأبي العيناء- قَالَ: كنا مَعَ المأمون فِي طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المتعة، فَقَالَ لنا يحيى بْن أكثم: بكرا غدا عَلَيْهِ [2] ، فإن رأيتمَا للقول وجها فقولا، وإلا فأمسكا إِلَى أن أدخل. قَالَ: فدخلنا إليه وَهُوَ يستاك- وَهُوَ مغتاظ- ويقول: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وعلى عهد أبي بكر، وأنا أنهى عنهمَا، ومن أنت يَا أحول حَتَّى تنهى عما فعله النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ؟ فأمسكنا وجاء [3] / يحيى، فجلس وجلسنا، فَقَالَ المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرا؟ قَالَ: هُوَ غم يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لمَا حدث فِي الإسلام، قَالَ: ومَا حدث فِي الإسلام؟ قَالَ النداء بتحليل الزنا، قَالَ: الزنا؟ قَالَ: نعم، المتعة زنا، قَالَ: ومن أين قلت هَذَا؟ قَالَ: من كتاب الله عز وجل، وحديث رسوله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. قَالَ اللَّه تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ 23: 1- 2 إِلَى قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ، إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ 23: 5- 7 [4] .
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ زوجة المتعة ملك يمين؟ قَالَ: لا! قَالَ: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث ويلحق الولد [ولها شرائطها؟] [5] قَالَ: لا: قَالَ: فقد صار متجاوز هذين [6] من العادين.
وَهَذَا الزُّهْرِيُّ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [7] رَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ [8] عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُتْعَةِ وَتَحْرِيمِهَا، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَرَ بِهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «غدا إليه» .
[3] في ت: «حتى جاء» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] سورة: المؤمنون، الآية: 1- 6.
[6] في الأصل: «هذا» .
[7] «يا أمير المؤمنين» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «عن أبيهما عن أبيه» .

(11/315)


الْمَأْمُونُ، قَالَ: أَتَحْفَظُونَ [1] هَذَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ.
فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، نَادَوْا بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ، فَنَادوا بِتَحْرِيمِهَا [2] .
قَالَ الصولي: فسمعت إسمَاعيل بْن إسحاق يقول- وقد ذكر يحيى بْن أكثم- فعظم أمره وقال: كَانَ لَهُ يوم [3] فِي الإسلام لم يكن لأحد مثله، وذكر مثل [4] هَذَا اليوم، فَقَالَ لَهُ رجل: فمَا كَانَ يقال؟ قَالَ: معاذ الله أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ وحاسد، وكانت كتبه فِي الفقه أجل كتب، فتركها الناس لطولها [5] .
قَالَ المصنف رحمه الله: لمَا استخلف المتوكل صير يحيى في مرتبة أحمد بن 131/ ب أبي دؤاد وخلع عَلَيْهِ خمس خلع، ثم عزل/ بجعفر بْن عبد الواحد، وغضب عَلَيْهِ المتوكل، فأمر بقبض أملاكه، ثُمّ دخل [6] مدينة السلام، وأمره [7] بأن يلزم [8] منزله [9] .
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنِ عَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبي الفتح الفارسي قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن الحسن بْنِ [10] الْمَأْمُونِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ:
حدثني محمد بْن الْمَرْزُبَان قَالَ: حدثني علي بْن مسلم الكاتب قَالَ: دخل عَلَى يحيى بْن أكثم ابنا مسعدة- وكانا عَلَى نهاية من الجمَال- فلمَا رآهمَا يمشيان فِي الصحن أنشأ يقول:
يَا زائرينا من الخيام ... حياكمَا الله بالسلام
لم تأتياني وبي نهوض ... إِلَى حلال ولا حرام
يحزنني أن وقفتمَا بي ... وليس عندي سوى الكلام [11]
ثم أجلسهمَا بين يديه، وجعل يمازحهما حتى انصرفا.
__________
[1] في ت: «محفوظ» .
[2] في ت: «فنادوا بها» .
[3] «يوم» ساقطة من ت.
[4] «مثل» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 199- 200.
[6] في ت: «ثم أورد» .
[7] «وأمره» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وألزمه» .
[9] انظر: تاريخ بغداد 14/ 200- 201.
[10] في الأصل: «محمد بن أبي الحسن» .
[11] في ت: «القيام» .

(11/316)


قَالَ أبو بكر بْن الأنباري: وسمعت غير واحد [1] من شيوخنا يحكي أن يحيى عزل عن الحكم بسبب هَذِهِ الأبيات التي أنشدها لمَا دخل [عَلَيْهِ] [2] ابنا [3] مسعدة [4] .
قَالَ المصنف: وقد كَانَ يعرف بهذا الفن، وشاع عنه، ولعله قد كَانَ يرى النظر فحسب، وإن كان حراما قبيحا.
وقد ذكر ذلك للإمَام أحمد رضي الله، فقال: سبحان الله، من يقول هَذَا!!؟
وأنكره أشد إنكار [5] .
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [6] الخطيب قال: أَخْبَرَنَا الحسين بْن محمد بْن الحسن [7] أخو الخلال قَالَ: أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عبد الله المَالكي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو إسحاق الهجيمي قَالَ: سمعت أبا العيناء يقول: تولى يحيى بْن أكثم ديوان الصدقات عَلَى الأضراء فلم يعطهم شيئًا فطالبوه وطالبوه، فلم يعطهم، فانصرفوا، ثم اجتمعوا وطالبوه فلم يعطهم [8] ، فلمَا انصرف من جامع الرصافة من مجلس القضاء سألوه وطالبوه فَقَالَ: [ليس] لكم [عندي ولا] [9] عند أمير المؤمنين/ شيء فقالوا: إن 132/ أوقفنا معك إِلَى غد [ألا] [10] تزيدنا عَلَى هَذَا القول؟ قَالَ: لا. فقالوا: لا تفعل يَا أبا سعيد! فَقَالَ: الحبس الحبس. فأمر بهم [11] فحبسوا جميعا، فلمَا كَانَ الليل ضجوا، فَقَالَ المأمون: مَا هَذَا؟ فقالوا الأضراء حبسهم يحيى بن أكثم. فقال: لم حبسهم؟
__________
[1] في ت: «وسمعت ابن المرزباني» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ابنا» ساقطة من ت.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 195.
[5] في ت: «إنكارا شديدا» .
انظر: تاريخ بغداد 14/ 199.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «ابن الحسن» ساقطة من ت.
[8] «فانصرفوا ثم اجتمعوا وطالبوه فلم يعطهم» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[11] في الأصل: «فأمرهم» .

(11/317)


فقالوا: كنوه فحبسهم فدعاه فَقَالَ لَهُ: [الأضراء] [1] حبستهم عَلَى أن كنوك! فَقَالَ: [يَا أمير الْمُؤْمِنِين] [2] لم أحبسهم عَلَى ذلك، إنمَا حبستهم عَلَى التعريض، قالوا لي [3] يَا أبا سعيد يعرضون بشيخ لائط فِي الخريبة [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن [بن محمد] [5] قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ، أخبرني الأزهري، حدثني مُحَمَّد بْن العباس، حَدَّثَنَا محمد بْن خلف بْن المرزبان قَالَ: حدثني أبو العباس أحمد بْن يعقوب قَالَ: كَانَ يحيى بْن أكثم يحسد حسدا شديدا، وَكَانَ مفتنا، وَكَانَ إذا نظر إِلَى رجل يحفظ الفقه سأله عن الحديث، وإذا رآه يحفظ الحديث سأله عن النحو، وإذا رآه يعلم النحو سأله عن الكلام، ليقطعه ويخجله، فدخل إليه رجل من أهل خراسان ذكي حافظ، فناظره فرآه مفتنا، فَقَالَ لَهُ: نظرت فِي الحديث؟
قَالَ: نعم! قَالَ: فمَا تحفظ من الأصول؟ قَالَ: أحفظ [عن] [6] ، شريك، عن أبي إِسْحَاق، عن الحارث: أن عليا رضي الله عنه رجم لوطيا، فأمسك فلم يكلمه [7] .
أَخْبَرَنَا محمد بْن أبي طاهر البزاز [أَخْبَرَنَا أبو الحسين بْن المهتدي أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المرزبان حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن المقدام قَالَ: استعدى ابْن أبي عمَار بْن أبي] [8] الخصيب يحيى بْن أكثم عَلَى ورثة أبيه، وَكَانَ بارع الجمَال، فَقَالَ: أيها القاضي أعدني عليهم، قَالَ: فمن يعديني [أنا] [9] عَلَى عينيك؟ قَالَ: فهربت به أمه إِلَى بغداد، فَقَالَ لها وقد 132/ ب تقدمت إليه: والله لا أنفذت لكم [10] حكما أو ترديه فهو أولى بالمطالبة/ منك.
قَالَ ابْن المرزبان: وحدثني محمد بْن نصر قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن يونس الضبي قَالَ: كَانَ زيدان الكاتب يكتب بين يدي يحيى بْن أكثم القاضي، وَكَانَ جميلا متناهي [الجمَال،] [11] فقرص القاضي خده، فخجل واستحيى، فطرح القلم من يده، فَقَالَ لَهُ يحيى: اكتب مَا أملي عليك، ثم قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «فقال: بلى» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 194- 195.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 195.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «لك» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/318)


أيا قمرا جمشته فتغضبا ... وأصبح لي من تيهه متجنبا
إذا كنت للتجميش والعشق كارها ... فكن أبدا يَا سيدي متنقبا
ولا تظهر الأصداغ للناس فتنة ... وتجعل منها فوق خديك عقربا
فتقتل مشتاقا وتفتن ناسكا ... وتترك قاضي المسلمين معذبا [1]
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي قَالَ: حدثني أبو الحسن بْن المأمون قَالَ: قَالَ المأمون [2] ليحيى بْن أكثم: من الذي يَقُولُ:
قاض يرى الحد فِي الزنا ولا ... يرى عَلَى من يلوط من بأس
قَالَ: أو مَا يعرف أَمِير الْمُؤْمِنِينَ من قاله؟ قَالَ: لا، قَالَ: يقوله الفاجر أحمد بْن أبي نعيم الذي يقول:
أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط والرأس شر مَا رأس
/ لا أحسب الجور ينقضي وعلى ... الأمة وال من آل عباس 133/ أ
قال: فأفحم المأمون وسكت خجلا، وقال: ينبغي أن ينفى أحمد بْن أبي نعيم إِلَى السند [3] .
[قَالَ المصنف] [4] : وقد تكلم المحدثون فِي يحيى بْن أكثم، فَقَالَ أبو عاصم، ويحيى بْن معين: يحيى بْن أكثم كذّاب.
وقال إسحاق بْن راهويه: [هُوَ] [5] دجال.
وقال أبو علي صالح بْن محمد البغدادي: كَانَ يحدث عن عبد الله بْن إدريس أحاديث لم نسمعها.
__________
[1] انظر الخبر في: وفيات الأعيان 6/ 152.
[2] «قال المأمون» ساقطة من ت.
[3] «ينبغي أن ينفى أحمد بْن أبي نعيم إلى السند» . ساقط من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 196.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/319)


وقال أبو الفتح الأزدي: روى عن الثقات عجائب لا يتابع عَلَيْهَا.
قَالَ المصنف: كَانَ يحيى بْن أكثم قد خرج إِلَى مكة وعزم على المجاورة، فبلغه [1] أن المتوكل قد صلح قلبه لَهُ [2] ، فرجع يريد العراق، فلمَا وصل إِلَى الرَّبَذَة توفي بِهَا، ودفن هناك [3] في هذه السنة. وقيل: سنة اثنتين، وَهُوَ ابْن ثلاث وثمَانين سنة.
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أخبرنا أَحْمَد [بْن علي] الحافظ قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن سليمان [4] المعدل قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الفضل الزهري قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد الزعفراني قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس بْن واصل قَالَ: سمعت محمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الصيرفي قَالَ: رأى جار لنا يحيى بْن أكثم بعد موته فِي منامه، فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الله بك؟
فَقَالَ: وقفت بين يديه فَقَالَ لي سوءة لك يَا شيخ، فقلت: يَا رب، إن رسولك صَلَّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إنك لتستحي من أبناء الثمَانين أن تعذبهم» وأنا ابْن ثمَانين أسير الله فِي الأرض، فَقَالَ لي [5] : صدق رسولي، قد عفوت عنك [6] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد [بن علي] [7] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ المفيد قال: حدثنا عمر بْن سعد بْن سنان [8] قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن سلم الخواص قَالَ: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في 133/ ب المنام، فقلت له [9] : ما فعل الله بك؟ فَقَالَ لي: وقفني بين يديه وقال لي/: يَا شيخ السوء، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، فأخذني مَا يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلمَا أفقت قَالَ لي: يَا شيخ السوء [10] لولا شيبتك لأحرقنك [بالنار] ، فأخذني مَا يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلمَا أفقت قَالَ لي: يَا شيخ السوء [11] ، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، فلمَا أفقت قلت: يَا رب، مَا هكذا حدثت عنك، فَقَالَ الله تعالى: ومَا حدثت عني- وهو أعلم بذلك- قلت:
__________
[1] في ت: «فبلغ» .
[2] «له» ساقطة من ت.
[3] في ت: «بها» .
[4] في الأصل: «ابن أبي سليمان» .
[5] في ت: «قال: صدق ... » .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 203.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «يسار» .
[9] «له» . ساقطة من ت.
[10] «السوء» ساقطة من ت.
[11] «السوء» ساقطة من ت.

(11/320)


حدثني عبد الرازق بْنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عن نبيك صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ عَنْكَ يَا عَظِيمُ أَنَّكَ قُلْتَ: «مَا شَابَ لِي عَبْدٌ فِي الإِسْلَامِ شَيْبَةً إِلا اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ أَنْ أُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ» . فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَصَدَقَ مَعْمَرٌ، وَصَدَقَ الزُّهْرِيُّ، وَصَدَقَ أَنَسٌ، وَصَدَقَ نَبِيِّي، وَصَدَقَ جِبْرِيلُ، وَأَنَا قُلْتُ ذَلِكَ انْطَلِقُوا به إلى الجنة [1] .
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 203.

(11/321)


ثُمّ دخلت سنة أربع وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[دخول المتوكل دمشق]
دخول المتوكل دمشق فِي صفر، وعزم عَلَى المقام بِهَا، ونقل دواوين الملك إليها، فأمر بالبناء بِهَا فتحرك الأتراك فِي أرزاقهم وعيالاتهم، فأمر لهم بمَا أرضاهم [1] .
ثم استوبأ البلد، وذلك أن الهواء فيها [2] بارد ندي والمَاء ثقيل، والريح تهب فيها مَعَ العصر، ولا يزال يشتد حَتَّى يمضي عامة الليل، وهي كثيرة البراغيث، ثم غلت بها 134/ أالأسعار، وحالت/ الثلوج [3] بين السابلة والميرة فأقام شهرين وأيامَا، ورجع [4] إِلَى سامراء، فدخلها يوم الاثنين لسبع بقين من جمادى الآخرة [5] .
[توجيه المتوكل بغا من دمشق إِلَى غزو الروم]
وفيها: وجه المتوكل بغا من دمشق إِلَى غزو الروم فِي ربيع الآخر، فغزا الصائفة وافتتح صملّة [6] .
[أتي المتوكل بحربة كانت للنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلّم]
وفيها: أتي المتوكل بحربة كانت للنبي صَلَّى الله عليه وآله وسلّم تسمى العنزة. ذكر أنها كانت
__________
[1] انظر الخبر في: مروج الذهب 4/ 115.
[2] في ت: «بها» .
[3] في ت: «السيول» .
[4] في ت: «ثم رجع» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210.
[6] في الأصل: «دهمله» .
وفي ت: «مملة» .
انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210.

(11/322)


للنجاشي ملك الحبشة، فوهبها للزبير بْن العوام، فأهداها الزبير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فكان يمشي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي العيدين وتركز بين يديه فِي الفضاء فيصلي إليها، فأمر المتوكل صاحب الشرطة بحملها بين يديه، وأمر خليفه صاحب الشرطة أن يحمل حربته [1] .
[غضب المتوكل على بختيشوع]
وفيها: غضب المتوكل عَلَى بختيشوع وقبض مَاله ونفاه إِلَى البحرين، لأجل سعاية كانت منه [2] .
[اتفاق عيد الأضحى والشعانين]
وفيها: اتفق عيد الأضحى، وعيد الشعانين [3] ، وعيد الفطر لليهود [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1463- إبراهيم بن عبد الله بْن حاتم، [أبو إسحاق] [5] الهروي [6] .
سمع عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي الزناد، وعبد العزيز الدراوَرْديّ، وإسمَاعيل بْن علية، وهشيم بْن بَشِير، وغيرهم [7] .
روى عنه ابْن أبي الدنيا، والمعمري، وجعفر [8] الفريابي.
قال الدار الدارقطني: هُوَ ثقة ثبت.
وقال إبراهيم الحربي: كَانَ حافظا متقنا ثقة، مَا كَانَ ها هنا أحد مثله، وَكَانَ يديم الصِّيَام إِلَى أن يأتيه أحد يدعوه إِلَى طعامه فيفطره، وَكَانَ أكولا، يقال: إنه كَانَ [9] يأكل حملا وحده.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210، 211.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 211.
[3] في ت: «وعيد شعانين النصارى» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 211.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 118.
[7] «وغيرهم» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «حفص» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[9] «ويقال إنه كان» ساقطة من ت.

(11/323)


توفي فِي رمضان هَذِهِ السنة [بسامراء] [1] .
1464- أحمد بْن منيع بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو جعفر الأصم، [مروزي الأصل] [2] ، وَهُوَ جد أبي القاسم البغوي لأمه [3] .
134/ ب ولد سنة/ ستين ومَائة. وسمع من هشيم بْن بشير، وعبد الله بْن المبارك، وسفيان بْن عيينة، ويزيد بْن هارون وغيرهم.
وَكَانَ ثقة، روى عنه: البخاري، ومسلم، وَكَانَ يختم القرآن فِي كل ثلاث.
وتوفي فِي [شوال] [4] هَذِهِ السنة.
1465- إسحاق بْن موسى بْن عبد الله. أَبُو موسى الأنصاري الخطمي [5] .
مديني الأصل كوفي الدار [6] .
حدث عن سفيان بْن عيينة، وَكَانَ ثقة، توفي بحمص في هذه السنة.
1466- الحسن بْن حريث بْن الحسن بْن ثابت، أبو عمَار [7] .
مولى عمران بْن حصين، مروزي [8] ، قدم بغداد، وحدث بِهَا عن عبد العزيز بْن أبي حازم، وابن الْمُبَارَك.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، والبغوي، وابن صاعد. قَالَ النسائي: هُوَ ثقة.
توفي فِي منصرفه من الحج في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 161.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الخطميّ» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 355.
[6] «الدار» ساقطة من ت.
[7] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/ 334.
[8] في ت: «المروزي» .

(11/324)


1467- حمَاد بْن إسمَاعيل بْن إبراهيم الأسدي، المعروف بابن علية [1] .
حدث عن أبيه، ووهب بْن جرير، وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
1468- سعيد بْن يعقوب، أبو بكر الطالقاني [2] .
سمع حمَاد بْن زيد، وإسمَاعيل بْن عياش، وابن المبارك، وهشيمَا والنضر بْن شميل.
روى عنه: أبو زرعة وقال: كَانَ ثقة، وَكَانَ يدخل إِلَى أحمد بْن حنبل فيذاكره الحديث. توفي في هذه السنة.
1469- عيسى بْن المساور الجوهري [3] .
حدث عن الوليد بْن مسلم، وسويد بْن عبد العزيز.
روى عنه: القاسم [4] بْن زكريا المطرز، وَكَانَ ثقة، توفي في هذه السنة.
1470- علي بْن حجر بْن إياس بْن مقاتل بْن مخادش، أبو الحسن [5] السعدي [6] .
ولد سنة أربع وخمسين ومَائة.
وسمع إسمَاعيل بْن جعفر، وفرج بْن فضالة، وشريك بْن عبد الله وعلي بن مسهر، وسفيان/ بن عيينة وغيرهم. 135/ أروى عنه: البخاري، ومسلم فِي الصحيحين، وَكَانَ يسكن بغداد قديمَا، ثم رحل إِلَى نيسابور، ثم عاد إِلَى مرو، فنزلها ونسب إليها، وانتشر حديثه بِهَا، وبها مَات فِي جمَادى الأولى من هَذِهِ السنة، وَكَانَ فاضلا حافظا متقنا ثبتا ثقة.
حَدَّثَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بْن علي بن
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 157.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 89. والجرح والتعديل 4/ 75.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 161،
[4] في الأصل: «قاسم» .
[5] في الأصل: «أبو الحسين» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 416.

(11/325)


مُحَمَّد الأصبهاني قَالَ: سمعت أبا النضر محمد بْن أحمد بْن العباس يقول: سمعت القاسم بْن أَبِي صالح يقول: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: سمعت ابْن أورمة الأصبهاني [الحافظ] يقول: كتب علي بْن حجر السعدي [1] إِلَى بعض إخوانه:
أحن إِلَى عتابك غير أني ... أجلك عن عتاب فِي كتاب
ونحن إذا التقينا قبل موت ... شفيت عليل صدري من عتاب
وإن سبقت بنا ذات المنايا ... فكم من عاتب تحت التراب [2]
1471- محمد بْن أبي العتاهية، أبو عبد الله الشاعر [3] .
كَانَ يلقب عتاهية، وَكَانَ ناسكا، وحذا حذو أبيه فِي الزهد.
وحدث عن هشام بْن محمد الكلبي. روى عنه: ابْن أبي الدنيا وغيره.
ومن شعره:
قد أفلح الساكت الصموت ... كلام راعي الكلام قوت
مَا كل نطق لَهُ جواب ... جواب مَا تكره السكوت
يَا عجبي لامرئ ظلوم ... مستيقن أنه يموت [4]
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد] [5] بن علي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ/ الأَزْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بن أَحْمَد الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن محمد بْن إسحاق المَرْوَزِيّ [قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي الدنيا] قَالَ: أنشدني ابْن أبي العتاهية:
لربمَا غوفص ذي شرة ... أصح مَا كَانَ ولم يسقم
يَا واضع الميت فِي قبره ... خاطبك اللحد ولم تفهم [6]
__________
[1] السعدي» ساقطة من ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 417.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 35.
[4] انظر: تاريخ بغداد 2/ 35.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 35.

(11/326)


1472- محمد بْن إسحاق بْن حرب، أبو عبد الله اللؤلؤي السهمي، مولاهم من أهل بلخ، ويعرف بابن أبي يعقوب [1] .
كَانَ حافظا للعلوم من الحديث والأدب.
وحدث عن: مَالك، وخارجة بْن مصعب، وبشر بْن السري، وغيرهم.
روى عنه: [أبو بكر] [2] بن أبي الدنيا، وغيره، إلا أنه لم يكن يوثق فِي علمه، وَكَانَ قُتَيْبَة يذكره بأسوأ الذكر، ويقول: حدثت أنه شتم أم المؤمنين، وذاكر ابْن الشاذكوني بأشياء فَقَالَ ابْن الشاذكوني: ليس من هَذَا شيء، توفي في هذه السنة.
1473- محمد بْن أبان بْن وزير، أبو بكر البلخي مستملي وكيع [3] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن: أبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، و [عبد الله] بْن إدريس، ووكيع وغيرهم.
وروى عنه: البخاري فِي صحيحه، وتوفي فِي [محرم] هَذِهِ السنة.
1474- محمد بْن أسد، أبو عبد الله الخراساني، يعرف بالخشني [4] .
نسب إِلَى قرية من قرى أسفرايين.
سمع ابْن المبارك، والفضيل بْن عياض، [وسفيان] [5] بْن عيينة، ووكيعا، وغيرهم.
روى عنه خلق كثير، إلا أن [إبراهيم] [6] الحربي سمَاه: / أحمد، وَكَانَ ثقة له 136/ أفهم.
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 234.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 81.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 82.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/327)


ثُمّ دخلت سنة خمس وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المتوكل أمر ببناء المدينة التي بناها بالمَاحوزة، فأقطع أصحابه وقواده فيها، وجد فِي بنائها، وسمَاها الجعفرية، أنفق عَلَيْهَا ألفي ألف دينار، وبنى بِهَا قصرا سمَاه اللؤلؤة، لَمْ ير فِي علوه مثله، وأمر بحفر نهر يأخذه من خمس فراسخ، قدر لَهُ [1] مَائتي ألف دينار، وأقام فيه اثني عشر ألف رجل يعملون، فقتل المتوكل، وخربت الجعفرية، ولم يتم النهر [2] .
وفي هذه السنة: بعث ملك الروم ميخائيل يسأل المفاداة بمن عنده، وبعث مَعَ الرسول سبعة وسبعين أسيرا من المسلمين أهداهم إِلَى المتوكل، وَكَانَ قدومهم لخمس بقين من صفر، ولم يقع الفداء إلا فِي سنة ست وأربعين [3] .
وفي هذه السنة: زلزلت بلاد المغرب حَتَّى تهدمت الحصون والمنازل والقناطر، فأمر المتوكل بتفرقة ثلاثة آلاف ألف درهم فِي الذين أصيبوا بمنازلهم [4] .
وفيها: زلزلت المدائن [5] .
وفي شوال: كانت زلزلة ورجفة بأنطاكية، فقتلت خلقا، وسقط منها ألف وخمسمَائة دار، وسقط من سورها نيف وتسعون برجا، وسمعوا أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها من كوى المنازل، وهرب أهلها إِلَى الصحارى، وتقطع جبلها الأقرع، وسقط
__________
[1] في ت: «وأنفق عليه» .
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 212.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 212.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 9/ 213.

(11/328)


فِي البحر، فهاج البحر، فارتفع منه دخان أسود مظلم [1] .
وسمع أهل تنيس من مصر ضجة هائلة/، فمات منها خلق كثير [2] . 136/ ب وزلزلت: بالس، والرقة، وحران، ورأس العين، وحمص، ودمشق، والرها، وطرطوس، والمصيصة، وأدنة، وسواحل الشام. ورجفت اللاذقية فمَا بقي فيها [3] منزل، ولا أفلت من أهلها إلا اليسير، وذهبت جبلة بأهلها [4] .
وفيها [5] : غارت مشاش عين مكة، حَتَّى بلغت القربة فيها [ثمَانين] [6] درهمَا، فبعثت أم المتوكل فأنفقت عَلَيْهَا [7] .
وفيها: هلك نجاح بْن سلمة، وذلك أنه كَانَ يتتبع [8] العمَال وكتب رقعة إِلَى المتوكل فِي الْحَسَن بْن مخلد، وموسى بْن عبد الملك أنهمَا قد خانا، وأنه يستخرج منهمَا أربعين ألف ألف [دِرْهَم] [9] فَقَالَ لَهُ المتوكل: بكر إلي غدا حَتَّى أدفعهمَا إليك، فغدا وقد رتب أصحابه، وقال: يَا فُلان [10] خذ أنت الحسن [11] ، ويا فلان خذ أنت [12] موسى، وكانا منقطعين إِلَى عبيد الله بْن يحيى بْن خاقان وزير المتوكل [13] ، فأمر عبيد الله أن يحجب نجاح عن المتوكل، فلقيه الوزير، وقال: أنا أصلح مَا بينك وبينهمَا، وتكتب رقعة تذكر فيها أنك كنت شاربا [14] ، فتكلمت بأشياء، فلم يزل يخدعه حَتَّى كتب رقعة، فأدخلها عَلَى المتوكل، وقال: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ: قد رجع نجاح عمَا قَالَ، وهذه رقعة موسى والحسن يتقابلان بمَا كتبا ويأخذان منه قريبا ممَا ضمن عنهمَا [15] .
فَقَالَ: ادفعه إليهمَا، فأخذ وابناه وكاتبه وأصحابه، فأقر نجاح وابنه بنحو مَائة وأربعين ألف دينار، وضرب فمَات، وضرب أولاده وأصحابه فأقروا بنحو تسعين ألف دينار، فقال الشاعر:
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[3] في ت: «منها» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[5] «وفيها» ساقطة من ت.
[6] في ت: «حتى بلغ الثمن» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 213.
[8] في ت: «كان يسعى» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «دينار» .
[10] «يا فلان» ساقطة من ت.
[11] «الحسن» ساقطة من ت.
[12] «خذ أنت» ساقطة من ت.
[13] «وزير المتوكل» ساقطة من ت.
[14] في ت: «سكرانا» .
[15] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215.

(11/329)


مَا كَانَ يخشى نجاح صولة الزمن ... حَتَّى أديل لموسى منه والحسن
غدا عَلَى نعم الأحرار يسلبها ... فراح صفرا سليب المَال والبدن [1]
وفيها: غارت الروم عَلَى سميساط فقتلوا وسبوا نحوا من خمسمَائة [2] .
وغزا علي بْن يحيى الأرمني الصائفة [3] .
137/ أوحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن سليمان/ بْن عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الإمام وهو والي مكة [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1475- إسحاق بن أبي إسرائيل- واسم أبي إسرائيل: إبراهيم بْن كامجر- وكنية إسحاق: أبو يَعْقُوب، مروزي الأصل [5] .
ولد سنة خمسين ومَائة، وقيل: إحدى وخمسين. وسمع من حمَاد بْن زيد، وابن عيينة وغيرهمَا.
روى عنه: البخاري، وَكَانَ حافظا ثقة مأمونا، إلا أنه كَانَ يقول: القرآن كلام الله ويقف، وَلَا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، وَكَانَ يقول: لا أقول هَذَا عَلَى الشك، ولكن أسكت كمَا سكت القوم قبلي فذموه بسكوته [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بْن أَحْمَد الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن محمد بْن الفضل الزيات قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد بْن أبي سلم الرازي قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بْن معمر المهرواني قَالَ:
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215 وقد وردت في الأصل: «شمشاط» .
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 218.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 218.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 359.
[6] انظر: تاريخ بغداد 6/ 360- 361.

(11/330)


رأيت النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي النوم واقفا عَلَى إسحاق بْن أبي إسرائيل وَهُوَ يقول لَهُ: عنيتني إليك من ألف وخمسين فرسخا، أنت الذي تقف فِي القرآن [1] ؟
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثابت قَالَ: أخبرني الحسين بن علي الصيمري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني محمد بْن يحيى الصولي قال: حدثني إبراهيم بْن المدبر الكاتب قَالَ: كنا عند المتوكل فدخل عَلَيْهِ [2] إسحاق بْن أبي إسرائيل فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنَا الفضيل بْن عياض عن هشام بْن حسان عن الحسن أنه قَالَ: المصافحة تزيد فِي المودة، فمد المتوكل يده حَتَّى صافحه [3] .
توفي إسحاق بسامراء فِي شعبان هَذِهِ السنة.
1476- الحسن بْن علي، أبو محمد- وقيل أبو علي- المعروف بالحلواني [4] .
سمع يزيد بْن هارون، وعبد الرزاق، وابن نمير، وأبا عاصم النبيل، وعفان بن مسلم، وغيرهم/ روى عنه: البخاري، ومسلم، والحربي، وأبو داود. وكان ثقة حافظا 137/ ب متقنا ثبتا.
وقال بالوقف فِي القرآن مرة فأعرض عنه الناس، فَقَالَ: القرآن كلام الله غير مخلوق.
1477- سوار بْن عبد الله بْن سوار بْن عبد الله بْن قدامة، أبو عبد الله [5] العنبري الْبَصْرِيّ.
نزل بغداد، وولي بِهَا قضاء الرصافة [فِي سنة سبع وثلاثين] [6] ، وحدث عن أبيه، وعن ابْن مهدي، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 360.
[2] «عليه» ساقطة من ت.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 358.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 366.
[5] «أبو عبد الله» ساقطة من ت. وقد ورد في هامش الأصل عنوان: «القاضي سوار» .
انظر ترجمته في: 9/ 1210.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/331)


روى عنه: عبد الله بْن أحمد، وابن صاعد وغيرهمَا. وَكَانَ فقيها فصيحا أديبا شاعرا ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بْن روح قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: أَخْبَرَنَا المظفر بْن يحيى بْن أحمد قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن الفهم قَالَ: حدثني الجرمي قَالَ: دخلت حمَامَا فِي درب الثلج، فإذا سوار بْن عَبْد الله القاضي فِي البيت الداخل، وقد استلقى وعليه المئزر، فجلست بقربه فساكتني ساعة، ثم قَالَ: قد أحشمتني يَا رجل، فإمَا أن تخرج أو أخرج.
فقلت: جئت أسألك عن مسألة. قال: ليس هَذَا موضع المسائل، فقلت: إنها من مسائل الحمَام، فضحك، وقال: هاتها. فقلت: من الَّذِي يَقُولُ:
سلبت عظامي لحمها فتركتها ... عواري ممَا نالها تتكسر
وأخليت منها مخها فكأنها ... قوارير فِي أجوافها الريح تصفر
إذا سمعت ذكر الفراق تراعدت ... مفاصلها خوفا لما تتنظّر
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب تنظري ... بلى جسدي لكنني أتستر
فَقَالَ سوار: أنا والله قلتها، قلت: إنه يغني بِهَا ويجود، فَقَالَ: لو شهد عندي الذي يغني بِهَا لأجزت شهادته [1] .
138/ أأخبرنا محمد بْن ناصر الحافظ/ أَخْبَرَنَا أبو الغنائم محمد بْن علي الزينبي أَخْبَرَنَا أحمد بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن عبد الله الكاتب قَالَ:
حَدَّثَنَا علي بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بْن المغيرة الجوهري قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سعيد الدمشقي، حَدَّثَنَا الزُّبَير بْن بكار قَالَ: حدثني محمد بْن سلام قَالَ:
كَانَ حمَاد بْن موسى صاحب أمر [2] محمد بْن سليمَان، والغالب عَلَيْهِ، فحبس سوار القاضي رجلا فيمَا يحبس فيه القضاة، فبعث حمَاد فأخرج الرجل من الحبس، فجاء خصمه إِلَى سوار فأخبره أن حمَادا قد أخرج الرجل من الحبس، فركب سوار حَتَّى دخل عَلَى محمد بْن سليمَان وَهُوَ قاعد للناس، والناس عَلَى مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائدا من قوّاده فقال:
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 211.
[2] في الأصل: «أمير» .

(11/332)


أسامع أنت مطيع؟ قَالَ: نعم. قَالَ: اجلس ها هنا فأقعده عن يمينه، ثم دعا آخر من نظرائه فَقَالَ لَهُ كمَا قَالَ للأول. وأجابه بمثل مَا أجاب الأول، فأقعده مَعَ صاحبه حَتَّى فعل ذلك بجمَاعة من قواد محمد، ثم قَالَ: انطلقوا إِلَى حمَاد بْن موسى فضعوه فِي الحبس، فنظروا إِلَى مُحَمَّد بْن سليمَان، فأشار عليهم أن افعلوا مَا أمركم به. فانطلقوا إِلَى حمَاد فوضعوه فِي الحبس، وانصرف سوار إِلَى منزله، فلمَا كَانَ العشي أراد محمد بْن سليمَان الركوب إليه، فجاءته الرسل فقالوا: إن الأمير [قد عزم] [1] عَلَى الركوب إليك. فَقَالَ: لا: نحن أولى بالركوب إِلَى الأمير، فركب إليه، فَقَالَ: كنت عَلَى المجيء إليك يَا أبا عبد الله، فَقَالَ: مَا كنت لأجشم الأمير ذلك، وبلغني ما/ يصنع [2] 138/ ب هَذَا الجاهل حمَاد. قَالَ: هُوَ مَا بلغ الأمير. قَالَ: فأحب أن تهب لي ذنبه. قَالَ: أفعل أيها الأمير إن رد الرجل إِلَى الحبس. قَالَ: نعم بالصغر لَهُ والقمَاء، فوجه الرجل فحبسه، وأخرج حمَادا وكتب صاحب الخبر بذلك إِلَى الرشيد، فكتب إِلَى سوار يجزيه خيرا ويحمده [عَلَى مَا صنع] [3] ، وكتب إِلَى محمد بكتاب غليظ يذكر فيه حمَادا ويقول: الرافضيّ ابن الرافضي [4] ، والله لولا أن الوعيد أمَام العقوبة مَا أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره ونكالا يفتات عَلَى قاضي المسلمين فِي رأيه، ويركب هواه لموضعه منك، ويعترض فِي الأحكام استهانة بأمر الله تعالى، وإقدامَا عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ومَا ذاك إلا بك وبمَا أرخيت من رسنه، وباللَّه لئن عاد إِلَى مثلها لتجدني أغضب لدين الله وأنتقم لأوليائه من أعدائه [5] .
توفي سوار فِي شوال هَذِهِ السنة بعد أن كف بصره.
1478- عبيد الله بْن إدريس النرسي، مولى بني ضبة [6] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن ابْن المبارك، وإسمَاعيل بْن عياش.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ما صنع» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ابن الرافض» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: أخبار القضاة 2/ 69- 70.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 323.

(11/333)


روى عنه: الدوري، وكان ثقة، توفي في هذه السنة.
1479- عسكر بن الحصين، أبو تراب النخشبي [1] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ على بْن ثابت قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن علي [2] الأزجي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلي بْن عبد الله الهمذاني قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن داود قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبد الله بْن الجلاء يقول: قدم أبو تراب النخشبي مرة إِلَى مكة، فقلت: يَا أستاذ، أين أكلت؟ قَالَ: جئت بفضلك [3] ، أكلت أكلة بالبصرة، وأكلة بالنباج [4] ، وأكلة عندكم [5] .
139/ أأخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: / أخبرنا عبيد الله بْن أبي الفتح وعمر بْن الحسين بْن إبراهيم الخفاف قالا: أَخْبَرَنَا أبو الفضل عبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [6] الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الطيب أحمد بْن جعفر الحذاء قال:
سمعت أبا علي الحسين بْن خيران الفقيه يقول: مر أبو تراب النخشبي بمزين، فَقَالَ لَهُ:
تحلق رأسي للَّه عَزَّ وَجَلّ: فَقَالَ لَهُ: اجلس. فجلس، فبينمَا يحلق رأسه مر به أمير من أهل بلده، فسأل حاشيته، فَقَالَ لهم: أليس هَذَا أبو تراب؟ قالوا: نعم! فَقَالَ: إيش معكم من الدنانير؟ فَقَالَ لَهُ الرجل من خاصته: معي خريطة فيها ألف دينار، فَقَالَ لَهُ إذا قام أعطها [7] لَهُ واعتذر إليه وقل لَهُ: لم يَكُنْ معنا غير هَذِهِ، فجاء الغلام إليه فَقَالَ لَهُ: إن الأمير يقرأ عليك السلام وقال لك: ما حضر معنا غير هَذِهِ الدنانير، فَقَالَ لَهُ: ادفعها إِلَى المزين فَقَالَ لَهُ المزين: إيش أعمل بِهَا؟ فَقَالَ: خذها فَقَالَ: والله لو أنها ألفي دينار مَا أخذتها! فَقَالَ لَهُ أبو تراب: عد إليه وقل لَهُ: إن المزين مَا أخذها، خذها أنت فاصرفها فِي مهمَاتك [8] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 317. وفي هامش الأصل عنوان: «أبو تراب النخشبي» .
[2] «بن علي» ساقطة من ت.
[3] في الأصل: «بفضولك» .
[4] في الأصل: «بالساح» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 317.
[6] «ابن عبد الرحمن» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «فقال له إذا قمت أعطه» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 316.

(11/334)


أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] [1] الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي المحتسب، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي: أن أبا تراب توفي فِي البادية، قيل: نهشته السباع، سنة خمس وأربعين ومَائتين [2] .
1480- عَبْد الرَّحْمَنِ [بْن إبراهيم] [3] بْن عمرو بْن ميمون، أبو سعيد القرشي الدمشقي يعرف بدحيم [4] .
سمع الوليد بْن مسلم وخلقا كثيرا.
روى عنه: البخاري فِي صحيحه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وَكَانَ ثقة.
ولي قضاء الرملة، وقدم بغداد فحدث بِهَا، فروى عنه: عباس الدوري، والحربي، وَكَانَ أحمد ويحيى يجلسان إليه [5] بين يديه، وتوفي فِي رمضان هَذِهِ السنة بالرملة.
1481- الفضيل [6] بْن الصباح/، أبو العباس السمسار [7] .
139/ ب سمع هشيمَا، وابن عيينة.
روى عنه: البغوي، وكان ثقة من خيار عباد الله.
توفي في رجب هذه السنة.
1482- محمد بن بكير [8] بن واصل، أبو الحسن [9] الحضرمي [10] .
سمع شريك بْن عبد الله النخعي، وخالد بْن عبد الله الواسطي، وغيرهمَا.
روى عنه: إبراهيم الحربي. وغيره، وَكَانَ ثقة صدوقا.
1483- محمد بْن حبيب [11] . صاحب كتاب «المحبر» .
بغدادي، حدث عن هشام بْن الكلبي، وروى عنه: أبو سعيد السكري.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 317.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 265.
[5] «إليه» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «الفضل» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 362.
[8] في الأصل: «بن بكر» .
[9] في الأصل: «أبو الحسين» .
[10] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 96.
[11] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 277.

(11/335)


ويقال: إن حبيبا اسم أمه [لا اسم أبيه] . وَكَانَ عالمَا بالنسب وأخبار العرب. موثقا فِي روايته.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حدثني العلاء بْن أبي المُغِيرَة الأندلسي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن بقا الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الغني بْن سعيد الأزدي قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو طاهر القاضي قَالَ:
محمد بْن حبيب صاحب كتاب «المحبر» وحبيب أمه، وَهُوَ ولد ملاعنة [1] .
[أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا الحسن بْن أبي بكر] [2] أَخْبَرَنَا محمد بْن الْحَسَن بْن مقسم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثعلب قَالَ:
حضرت مجلس ابْن حبيب فلم يمل، فقلت: ويحك [3] ، أمل مَالك؟ فلم يفعل حَتَّى قمت، وَكَانَ والله حافظا صدوقا. وَكَانَ يعقوب أعلم منه، وَكَانَ هُوَ أحفظ للأنساب والأخبار منه [4] .
وتوفي يوم الاثنين لسبع بقين من ذي الحجة في هذه [السنة] [5] بسامراء.
1484- محمد بْن رافع بْن أبي زيد القشيري النيسابوري [6]
شيخ عصره بخراسان رحل [إِلَى] [7] البلاد.
وسمع سفيان بْن عيينة، ومعن بْن عيسى، وعبد الرازق، ووكيع بْن الجراح، وأبا معاوية، ويزيد بْن هارون، والنضر بن شميل وغيرهم.
140/ أأخرج عنه: البخاري، ومسلم فِي الصحيحين. وَكَانَ فوق الثقة، وكان على غاية في الزهد.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 277.
[2] في الأصل: «وعن محمد بن الحسن ... » .
[3] في ت: «ويلك» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 278.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7/ 254.
وتهذيب التهذيب 9/ 161.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/336)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر قَالَ [1] : [أنبأنا أَحْمَد بْن علي بْن خلف، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله مُحَمَّد بْن عبد الله قَالَ: سمعت أبا الحسين أحمد بْن النضر الشافعي يقول:
سمعت] جعفر بن أحمد الحافظ يقول: كنا فِي مجلس محمد بْن رافع فِي منزله قعودا تحت شجرة، وَهُوَ مستند إليها يقرأ علينا، وَكَانَ إذا رفع أحد فِي المجلس صوته أو تبسم قام، فلم يقدر أحد منا على مراجعته. قَالَ: فوقع ذرق طائر عَلَى يدي وقلمي وكتابي، فضحك خادم من خدم طاهر بْن عبد اللَّه وأولاده معنا فِي المجلس، فنظر إليه محمد بْن رافع، فوضع الكتاب فانتهى ذلك الخبر إِلَى السلطان، فجاءني الخادم ومعه حمَال عَلَى ظهره ثلاث لفاف سامَان [2] فَقَالَ: والله مَا كنت أملك فِي الوقت شيئا أحمله إليك غير هَذَا، وَهُوَ هدية لك، فإن سئلت عني فقل لا أدري من تبسم، فقلت أفعل، فلمَا كَانَ الغداة حملت إِلَى باب السلطان، فبرأت الخادم ممَا قيل فيه [3] ، وبعت السامَان بثلاثين دينارا، واستعنت به فِي الخروج إِلَى العراق، وبارك الله لي فيه، ولقبت بالحصري، ومَا بعت الحصر، ولا باعه أحد من آبائي.
أَخْبَرَنَا زاهر بن طاهر قَالَ: أخبرنا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله محمد بْن عبد الله البيع قَالَ: سمعت أبا جعفر محمد بْن سعيد المذكر [4] يقول: سمعت زكريا بْن دلويه يقول: بعث طاهر بْن عبد الله إِلَى محمد بْن رافع بخمسة آلاف درهم عَلَى يد رسوله، فدخل عَلَيْهِ بعد صلاة العصر/ وَهُوَ 140/ ب يأكل الخبز مَعَ الفجل، فوضع الكيس بين يديه فَقَالَ: بعث الأمير طاهر بهذا المَال إليك لتنفقه على أهلك، فقال: خذ خذ [5] ، لا أحتاج إليه، فإن الشمس قد طلعت وبلغت رءوس الحيطان، إنمَا تغرب بعد ساعة، وقد جاوزت الثمَانين، إِلَى متى أعيش! فرد المَال فلم يقبله [6] ، فأخذ الرسول المَال وذهب، فدخل عَلَيْهِ ابنه فِي الوقت فَقَالَ: يَا أبه، ليس لنا الليلة خبز، قَالَ: فبعث ببعض أصحابه خلف الرَّسُول ليرد المَال إلى
__________
[1] في الأصل: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر بإسناد لَهُ عَنْ جعفر بن أحمد ... » .
[2] في الأصل: «على ظهره بيت محمد بن رافع سامان» .
[3] في ت: «له» .
[4] «سمعت أبا جعفر محمد بْن سعيد المذكر» . ساقطة من ت.
[5] في ت: «خذه خذه» .
[6] في ت: «فلم يقبله» .

(11/337)


حضرة صاحبه، فزعا من أن يذهب ابنه خلف الرسول فيأخذ المَال [1] .
قَالَ زكريا: وربمَا كَانَ يخرج إلينا محمد بْن رافع فِي الشتاء [2] الشاتي وقد لبس لحافه الّذي يلبسه بالليل.
قَالَ الحاكم: وقد دخلت عَلَيْهِ داره، وتبركت بالصلاة فِي بيته واستندت إِلَى الصنوبرة التي كَانَ يستند إليها.
وتوفي في هذه السنة وصلى عَلَيْهِ محمد بْن يحيى.
ورئي فِي المنام فقيل لَهُ: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: بشرني بالروح والراحة.
1485- محمد بْن القاسم، أبو الحسن المعروف بمَاني الموسوس [3] .
من أهل مصر [4] . قدم بغداد فِي أيام المتوكل، وله شعر مستحسن.
[أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أَحْمَد بْن عبد الله النيسابوري قَالَ: أَخْبَرَنَا حمزة بْن علي الأشروسني حَدَّثَنَا] [5] الحسن بْن مُحَمَّد بْن حبيب المذكر قَالَ: أنشدني عبد العزيز بْن محمد بْن الفهري، لمَاني الموسوس:
زعموا أن من تشاغل باللذات ... عمن يحبه يتسلى
كذبوا والذي تساق لَهُ البدن ... ومن عاذ بالطواف وصلى/
141/ أأن نار الهوى أحر من الجمر ... عَلَى قلب عاشق يتقلى [6]
[قَالَ ابْن حبيب [7] : وأنشدنا يحيى بن المتمم الدوسيّ، لماني:
__________
[1] انظر الخبر في: صفة الصفوة 4/ 96.
[2] في ح، ت: «في اليوم» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 169- 170.
[4] «من أهل مصر» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «وعن الحسن بن محمد بن حبيب» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «يتسلى» .
[7] من هنا حتى نهاية الترجمة والترجمة التالية لهذه ساقط من الأصل.

(11/338)


شادن وجهه من البدر أوضا ... بعضه فِي الكمَال يعشق بعضا
بأبي من يزرفن الصدغ بالعنبر ... فِي خده المورد عرضا؟
إن للورود مثل ورد بخديك ... إذا مَا قطفته صار غضا [1]
1486- نجاح بْن سلمة.
قد ذكرنا كيفية هلاكه] [2] .
1487- هلال الرأي [3] .
كَانَ فقيها كبيرا من أهل الرأي، توفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 169- 170.
[2] انظر: حوادث هذه السنة، وتاريخ الطبري 9/ 214.
[3] انظر ترجمته في: المجروحين 3/ 87- 88.

(11/339)


ثُمّ دخلت سنة ست وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن علي بْن يحيى الأرمني غزا الصائفة، فأخرج عشرة آلاف [1] رأس من الدواب [والرمك] [2] .
وغزا عمر بْن عبد الله [3] الأقطع الصائفة، فاخرج سبعة آلاف رأس.
وغزا الفضل بْن قارن فِي عشرين مركبا، فافتتح حصن أنطاكية [4] .
وفيها: تحول المتوكل إِلَى المدينة التي بناها بالمَاحوزة فنزلها يوم عاشوراء، وَهُوَ البناء الذي يسمى الحوزي [5] ووهب لمن تولى البناء ألفي ألف درهم [6] .
وفيها: كَانَ الفداء للمسلمين فِي صفر، وقيل فِي جمَادى الأولى عَلَى يد [علي بْن] [7] يحيى الأرمني ففودي [8] بألفين وثلاثمَائة وسبعة وستين نفسا [9] .
وفيها: مطر أهل بغداد فِي شعبان، ورمضان واحدا وعشرين يوما حتى نبت العشب فوق الأجاجير [10] .
وصلى المتوكل صلاة الفطر بالجعفرية، وصلى عبد الصمد بْن موسى فِي مسجد جامعها، ولم يصل [11] بسامرّاء أحد [12] .
__________
[1] في الطبري: «خمسة الاف» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[3] في ت: «محمد بن عبد الله» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[5] في ت: «الجعفري» .
[6] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «فنودي» .
[9] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[10] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[11] في الأصل: «ولم يبق» .
[12] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.

(11/340)


وورد الخبر أن سكة ببلخ تنسب إِلَى الدهاقين مطرت دمَا عبيطا [1] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن سليمَان [التنوخي] [2] الزينبي [3] .
وحج فيها محمد بْن عبد الله بْن طاهر، فولي أعمَال الموسم، وحمل معه ثلاثمَائة ألف دينار/: مَائة ألف لأهل مكة، ومَائة ألف لأهل المدينة، ومَائة ألف لمَا أمرت به أم المتوكل من إجراء المَاء من عرفات إِلَى مكة، وأمر المتوكل أن يقام عَلَى المشعر الحرام وسائر المشاعر، الشمع [4] مكان [5] الزيت والنفط.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1488- أحمد بن إبراهيم بن كثير بْن أفلح، أبو عبد الله العبدي، المعروف بالدورقي أخو يعقوب [6] .
وفي تسميته بالدورقي قولان: أحدهمَا: أنه كَانَ ناسكا، وَكَانَ من تنسك فِي ذلك الزمَان يسمى دورقيا، والثاني: أنه كَانَ يلبس القلانس الطوال التي تسمى دورقية.
سمع أحمد بْن إسمَاعيل بْن علية، ويزيد بْن زريع، وهشيم، وابن مهدي، وخلقا كثيرا، روى عنه: مُسْلِم بْن الحجاج، وابن أبي الدنيا، وغيرهمَا، وَكَانَ ثقة، صدوقا.
توفي بالعسكر فِي [شعبان] [7] هَذِهِ السنة.
1489- إسمَاعيل بْن سعيد، أبو إسحاق الشالنجي [8] .
كَانَ يقول بمذهب أهل الرأي، ثم تركه، وَكَانَ أحمد بْن حنبل [9] يكاتبه.
توفي بدهقان في هذه السنة.
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «الزينبي» ساقطة من ت.
انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[4] «الشمع» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فكان» .
[6] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 9.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: الأنساب 7/ 259.
[9] «بن حنبل» ساقطة من ت.

(11/341)


1490- حفص بْن عمر بْن عبد العزيز بْن صهيب، أبو عمرو الأزدي الكوفي الضرير [1] .
سمع إسمَاعيل بْن جعفر، وأبا نميلة يحيى بْن واضح، وعفان، روى عنه: أبو بكر بْن أبي الدُّنْيَا. قَالَ أبو حاتم الرازي: هُوَ صدوق.
توفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1491- دعبل الخزاعي بْن علي بْن تميم بْن زيد بْن سليمَان بْن نهشل بْن خداش [2] ، أبو علي الخُزَاعيّ، وقيل: أبو جعفر/ [وقيل] [3] : اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: محمد لقب دعبلا [4] .
قَالَ أبو عمر الشيباني: الدعبل البعير [5] المسن. وقال أبو زيد الأنصاري: الدعبل الناقة التي معها أولادها.
وقيل: إنمَا لقبته دايته لدعابة كانت فيه، وأرادت [6] ذعبلا فقلبت الذال دالا.
ولد سنة ثمَان وأربعين ومَائة وله شعر مطبوع لكنه كَانَ كثير الهجاء، قل أن يسلم منه أحد، وَكَانَ من الشيعة الغلاة، فَقَالَ قصيدته المعروفة [7] :
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
وقصد بِهَا علي بْن موسى الرضى، فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه، وخلع عَلَيْهِ خلعة من ثيابه، أعطاه [8] بِهَا أهل قم ثلاثين ألف درهم، فحلف لا يبيعها [9] ، فقطعوا عَلَيْهِ الطريق، وأفسدوها [10] فَقَالَ لهم [11] : إنها تراد للَّه [12]
__________
[1] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 187.
[2] في ت: «دعبل بن علي بن سليمان بن تميم بن نهشل بن خراسان» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 382- 385.
[5] في ت: «البصير» .
[6] في ت: «وازادت» .
[7] في ت: «معروفة» .
[8] في ت: «وأعطاه» .
[9] في ت: «فلم يبعها» .
[10] في ت: «وأخذوها» .
[11] «لهم» ساقطة من ت.
[12] في ت: «إنما تراد والله» .

(11/342)


تَعَالَى وهي محرمة عليكم [1] ، فدفعوا إليه ثلاثين ألف درهم، فحلف لا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون فِي كفنه، فأعطوه، فكان فِي أكفانه، وكتب هَذِهِ القصيدة: مدارس آيات عَلَى ثوب وأحرم فِيهِ، وأمر أن يجعل فِي أكفانه.
وَكَانَ أكثر زمَانه مستترا لكثرة هجائه، وَكَانَ يقول: أنا أحمل خشبتي منذ خمسين سنة، لا أجد أحدا يصلبني عَلَيْهَا.
وقدم العراق بالمَال الذي أعطاه الرضى، فاشترى منه الشيعة كل درهم بعشرة دراهم، فصارت [2] معه مَائة ألف درهم.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن يحيى الحنفي قَالَ:] [3] قَالَ أبو كعب الخزاعي: وفد دعبل عَلَى عبد اللَّه بْن طاهر، فلمَا وصل [إليه قام] [4] تلقاء وجهه وقال:
أتيت [5] مستشفعا بلا نسب [6] ... إليك لا بحرمة [7] الأدب
فاقض [8] ذمَامي فإنني رجل ... غير ملح عليك فِي الطلب/
فانفعل [9] عبد الله، ودخل [10] ووجه إليه برقعة معها ستون ألف درهم [وفي الرقعة بيتان:
أعجلتنا فأتاك أول برنا قلا ولو أخرته لم يقلل فخذ القليل وكن كمن لم يقبل ونكون نحن كأننا لم نفعل [11]
__________
[1] «عليكم» ساقطة من ت.
[2] في ت: «فصار» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «جئتك» .
[6] في تاريخ بغداد: «بلا سبب» .
[7] في الأصل: «لحرمة» .
[8] في ت: «فاقبل» .
[9] في ت: «فدخل» . وفي تاريخ بغداد «فانتعل» .
[10] «ودخل» ساقطة من ت.
[11] انظر الخبر في تاريخ بغداد.

(11/343)


أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بْن أبي بَكْر قَالَ] [1] قَالَ أبو جعفر أحمد بْن يعقوب الأصفهاني، أنشدنا أبو طالب الدعبلي [2] قَالَ: انشدنا علي بْن الجهم [وليست لَهُ- وجعل يعيدها ويستحسنها] :
لمَا رأت شيئا يلوح بمفرقي ... صدت صدود مفارق متجمل
فظللت أطلب وصلها بتذلل [3] ... والشيب يغمزها بأن لا تفعلي
قَالَ أبو طالب: ومن أحسن مَا قيل فِي مثل هَذَا المعنى قول جدي:
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ظل بل هلكا
لا تأخذي بظلامتي [4] أحدا ... طرفي وقلبي فِي دمي اشتركا [5]
توفي دعبل بالطيب [6] في هذه السنة، وقد عاش سبعا وستين سنة.
1492- ذو النون المصري [7] ابْن إبراهيم، أبو الفيض المصري وقيل اسمه: ثوبان وذو النون لقب، وقيل: اسمه الفيض [8] .
أصله من النوبة من قرية من قرى صعيد مصر، يقال لها: أخميم، فنزل مصر، وَكَانَ حكيمَا زاهدا واعظا، وجه إليه المتوكل، فحمل إِلَى حضرته بسامراء، حَتَّى رآه وسمع كلامه، ثم انحدر إِلَى بغداد، وأقام بِهَا مديدة، ثم انحدر إِلَى مصر، وأكثر الأسفار.
أسند الحديث عن مَالك، والليث بْن سعد، وسفيان بْن عُيَيْنة، والفضيل، وغيرهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ابتداء من الأبيات السابقة ساقطة من ت.
[2] في ت: «الرعلي» .
[3] في ت: «يتملق» .
[4] في ت: «بظلامة» .
[5] انظر: تاريخ بغداد 8/ 384.
[6] «بالطيب» ساقطة من ت.
[7] «المصري» ساقطة من ت.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 393- 397 وفي هامش الأصل عنوان «ذو النون المصري» .

(11/344)


أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد [1] بْن عبد الله بْن حبيب الصيرفي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد علي بْن أبي صادق قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن مَاكويه [2] [قَالَ: حَدَّثَنَا] [3] ابْن محمد بْن دادويه قال: سمعت الحسن بْن علويه يقول: سمعت يوسف بْن الحسين [4] يقول: لمَا استأنست بذي النون المصري قلت: أيها الشيخ، مَا كَانَ بدو شأنك؟ قَالَ: كنت شابا صاحب لهو ولعب، ثم تبت وتركت/ ذاك [5] وخرجت حاجا إلى بيت الله الحرام، ومعي بضيعة، فركبت [6] في المركب مع تجار من مصر، وركب معنا شاب صبيح الوجه، كأن وجهه يشرق، فلما توسطنا البحر [7] فقد صاحب المركب كيسا فيه مَال، فأمر بحبس المركب، ففتش من فيه وأمتعتهم، فلمَا وصلوا إِلَى الشاب ليفتشوه، وثب وثبة من المركب حَتَّى جلس عَلَى أمواج البحر، وقام لَهُ الموج عَلَى مثال سرير، ونحن ننظر إليه من المركب، ثم قَالَ: يَا مولاي إن هؤلاء [8] اتهموني، وإني أقسم يَا حبيب قلبي أن تأمر كل دابة من هَذَا المكان أن تخرج رأسها وفي أفواهها جوهر، قَالَ ذو النون:
فمَا تم كلامه حَتَّى رأينا دواب البحر أمَام المركب وحواليه، وقد أخرجت [كل] [9] رءوسها، وفي فم كل واحدة فيها جوهرة [10] مضيئة تتلألأ، ثم وثب الشاب من الموج إِلَى البحر وجعل يتبختر عَلَى متن المَاء وَيَقُولُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، 1: 5 حَتَّى غاب عن بصري، فهذا هُوَ الذي حملني عَلَى السياحة.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: [أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت] [11] الخطيب قال أخبرنا أبو سعد [12] المَاليني إجازة قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين [13] بْن رشيق، حَدَّثَنَا أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأخميمي قَالَ: سمعت حيان بْن أحمد السهمي [14] يقول: مَات ذو النون المصري بالجيزة، وحمل فِي مركب حَتَّى عبر [15] به إِلَى الفسطاط خوفا عَلَيْهِ من زحمة الناس عَلَى الجسر، ودفن فِي جانب [16] مقابر أهل المعافر، وذلك فِي يوم الإثنين
__________
[1] «محمد» ساقطة من ت.
[2] في ت: «راكويه» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «الحسن» .
[5] في ت: «ذلك» .
[6] في ت: «فركبت» .
[7] «البحر» ساقطة من ت.
[8] «إن هؤلاء» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «كل واحدة منها جوهر» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في الأصل: «أبو سعيد» .
[13] في الأصل: «الحسين» .
[14] في ت: «البهقي» .
[15] في الأصل: «عدي» .
[16] «جانب» ساقطة من ت.

(11/345)


لليلتين [1] خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومَائتين، وَكَانَ والده [يقال لَهُ:] [2] إبراهيم مَوْلَى لإسحاق بْن محمد الأنصاري، وَكَانَ لَهُ أربع بنين/ ذو النون، وذو الكفل، والهميسع، وعبد الباري، ولم يكن أحد منهم عَلَى طريقة ذي النون، وقيل:
توفي ذو النون سنة خمس، وقيل: سنة ثمَان [3] .
1493- سليمَان بْن أبي شيخ [4] ، واسم أبي شيخ: منصور بْن سليمَان، يكنى أبا أيوب الواسطي [5] .
ولد سنة إحدى وخمسين ومَائة، وسكن بغداد فِي بركة زلزل [6] ، وحدث عن:
سفيان بْن عيينة، وعبد اللَّه بْن إدريس [7] ، وَكَانَ عالمَا بالنسب، والتواريخ، وأيام الناس وأخبارهم، وَكَانَ صدوقا ثقة، رَوَى عنه: أحمد أبي خيثمة.
وتوفي في هذه السنة، وَكَانَ عمره خمسا وتسعين سنة.
1494- شعيب بْن سهل بْن كثير، أبو صالح الرازي، ويعرف بشعبوبة [8] .
حدث عن الصباح بْن محارب، وولاه المعتصم القضاء وجعل إليه الصلاة بالناس فِي مسجد الرصافة يوم الجمع [9] والأعياد، وعلى قضاء القضاة يومئذ أحمد بْن أبي دؤاد، وَكَانَ شعيب قد كتب عَلَى مسجده: القرآن مخلوق وعزل عن القضاء سنة ثمَان وعشرين ومَائتين، وتوفي في هذه السنة.
1495- شجاع أم المتوكل [10]
قَالَ ابْن عرفة: كانت من سروات النساء [11] سخاء، وكرمَا.
أَخْبَرَنَا محمد بْن ناصر الحافظ قَالَ أَخْبَرَنَا محفوظ بْن أحمد الفقيه قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الحسين الجازري قال حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا محمد بن عمر بن علي [12] الكاتب قَالَ: حدثني حفص بْن محمد الكاتب قَالَ: حدثني أحمد بن الخصيب
__________
[1] «لليلتين» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 397.
[4] في ت: «سنح» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 50- 51.
[6] في ت: «سكة زلزل» .
[7] في الأصل: «بن الزبير» .
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 243- 244.
[9] في الأصل: «يوم الجمعة» .
[10] ورد في هامش الأصل عنوان «شجاع أم المتوكل» .
[11] في ت: «الناس» .
[12] «بن علي» ساقطة من ت.

(11/346)


/ قبل وزارته قَالَ: كنت كاتبا للسيدة شجاع أم المتوكل، فإني ذات يوم قاعد فِي مجلسي فِي ديواني إذ خرج إلي خادم ومعه كيس، فَقَالَ لي: يَا أحمد، إن السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ تقرئك السلام، وتقول لك: هَذِهِ ألف دينار من طيب مَالي، خذها وادفعها إِلَى قوم [مستحقين] [1] تكتب لي أنسابهم وأسمَاءهم ومنازلهم، وكلمَا [2] جاءنا من هَذِهِ الناحية شيء صرفناه إليهم، فأخذت الكيس وصرت إِلَى منزلي، ووجهت خلف من أثق به، فعرفتهم مَا أمرت به، وسألتهم أن يسموا لي من يعرفون من أهل الستور [3] والحاجة، فأسموا لي جمَاعة، ففرقت فيهم ثلاث مَائة دينار، وجاء الليل، وبقية المَال بين يدي، لا أبقيت مستحقا، وأنا أفكر فِي سامراء وبعد أقطارها وتكافؤ [4] أهلها ليس بِهَا مستحق، فمضى من الليل ساعة، وبين يدي بعض حرمي، وغلقت الدروب، وطاف العسس، وأنا مفكر فِي أمر الدنانير إذ سمعت باب الدرب يدق، وسمعت البواب يكلم رجلا من ورائه، فقلت لبعض من بين يدي: اعرف الخبر، فعاد إلي وقال لي: بالباب فلان ابْن فلان العلوي يسأل [5] الإذن عليك. فقلت: مره بالدخول، وقلت لمن بين يدي من الحرم:
كونوا وراء هَذَا [6] الستر، فمَا قصدنا هَذَا الرجل فِي هَذَا الوقت إلا لحاجة، فلمَا دخل سلم وجلس، وقال لي: طرقني فِي هَذَا الوقت طارق لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به اتصال، والله ما عندنا ولا أعددنا مَا يعد الناس [7] ، فلم يكن فِي جواري من أفزع إليه غيرك قَالَ:
فدفعت إليه من الدنانير دينارا، فشكر وانصرف.
قَالَ: فخرجت ربة المنزل فقالت: يَا هَذَا/، تدفع إليك السيدة ألف دينار لتدفعها إِلَى مستحق، فترى من أحق من ابْن بنت رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ مَعَ مَا شكاه إليك؟ قلت لها:
إيش السبيل؟ قالت: تدفع الكيس لَهُ. فقلت: يَا غلام رده. فرده فحدثته بالحديث، ودفعت الكيس [إليه] [8] فأخذه وشكر وانصرف، فلمَا ولى عني جاءني إبليس فَقَالَ: المتوكل وانحرافه عن أهل البيت يدفع إليك ألف دينار حَتَّى تدفعها إِلَى مستحقها، وتكتب أسمَاءهم وأنسابهم ومنازلهم، فبأي شيء تحتج عليه [9] وقد [10] دفعت إلى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وكلما» ساقطة من ت.
[3] في ت: «الستر» .
[4] في ت: «وتكاتف» .
[5] في ت: «يطلب» .
[6] «هذا» ساقطة من ت.
[7] «يعد الناس» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «تحتج إليه» .
[10] في الأصل: «إذا» .

(11/347)


علوي سبعمَائة دينار؟ وقلت لربة المنزل: أوقعتيني فيمَا أكره، فإمَا سبعمَائة دينار، وإمَا زوال [1] النعمة، وعرفتها مَا خطر بقلبي، فقالت: اتكل عَلَى جدهم فقلت: دعي هَذَا عنك، فقالت: تتكل عَلَى جدهم [2] ، فمَا زالت تردد هَذَا القول حَتَّى سكت، وقمت إِلَى فراشي، فمَا استثقلت نوما، إلا وصوت بالباب، فقلت لبعض من يقرب مني: من عَلَى الباب، فمضى وعاد وقال: رسول السيدة يأمرك بالركوب [إليها] [3] الساعة فخرجت إِلَى صحن الدار، والليل بحاله، والنجوم بحالها، وجاء ثان، وثالث، فأدخلتهم وقلت: فِي الليل؟! فقالوا: لا بد من ذلك [4] ، فركبت فلم أصل [إلى] [5] الجوسق إلا وأنا فِي موكب من الرسل، فدخلت الدار، فقبض الخادم عَلَى يدي، فأدخلني [إِلَى] [6] الموضع الَّذِي كنت أصل [إليه] [7] ، فوقفني وخرج خادم خاص من داخل، فأخذ بيدي وقال [لي] : [8] يَا أحمد، إنك [9] تكلم السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فقف [10] حيث توقف ولا تتكلم حَتَّى تسأل، فأدخلني فِي دار لطيفة فيها بيوت عَلَيْهَا ستور مسبلة وشمعة [11] وسط الدار، فوقفني عَلَى باب منها ووقفت لا أتكلم، / فصاح بي صائح: يَا أحمد، قلت: لبيك يَا أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. فقالت: حساب ألف دينار، بل حساب سبعمَائة دينار وبكت فقلت فِي نفسي: بلية العلوي أخذ المَال ومضى، ففتح دكاكين المعاملين [12] وغيرهم، فاشترى حوائجه، وتحدث، وكتب به أصحاب الأخبار، وقد أمر المتوكل [13] بقتلي وهذه تبكي رحمة لي، ثم أمسكت عن الكلام، وعادت
__________
[1] في ت: «أو زوال» .
[2] «فقلت: دعي هَذَا عنك. فقالت: تتكل عَلَى جدهم» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «لا بد أن تركب» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «تكلمك» .
[10] في ت: «قد حضرت فقف» .
[11] في ت: «وسمع» .
[12] في ت: «الفامين» .
[13] في ت: «فقد همّ المتوكل» .

(11/348)


فقالت: يَا أحمد حساب ألف دينار، بل حساب سبعمَائة دينار، ثم بكت. فعلت ذلك ثلاث مرات، ثم أمسكت وسألتني عن الحساب فصدقتها، فلمَا بلغت إِلَى ذكر العلوي بكت، وقالت: يَا أحمد جزاك اللَّه خيرا وجزى من فِي منزلك خيرا، تدري مَا كَانَ خبري الليلة؟ فقلت: لا، قالت: كنت نائمة فِي فراشي، فرأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقول لي: جزاك الله خيرا، وجزى أحمد بْن الخصيب خيرا [وجزى] [1] من فِي منزله خيرا فقد فرجتم فِي هَذِهِ الليلة عن ثلاثة من ولدي، مَا كَانَ لهم شيء، خذ هَذَا الحلي مَعَ هَذِهِ الثياب، وخذ [2] هَذِهِ الدنانير فادفعها إِلَى العلوي، وقل لَهُ: نحن نصرف إليك كل مَا جاءنا من هَذِهِ الناحية، وخذ هَذَا الحلي، وهذه الثياب، وهذا المَال فادفعه إِلَى زوجتك وقل: يَا مباركة، جزاك الله خيرا فهذه دلالتك، وهذا خذه أنت [يَا أحمد لك] [3] ودفعت إلي مَالا وثيابا [4] وخرجت، فحمل ذلك بين يدي، فركبت [5] منصرفا إِلَى منزلي، وَكَانَ طريقي عَلَى باب العلوي. فقلت: أبدأ به إذ كَانَ الله تعالى رزقنا هَذَا عَلَى يديه/، فدققت الباب، فقيل [لي] : [6] من هَذَا؟ فقلت: أحمد بْن الخصيب، فخرج إلي، فَقَالَ لي [7] : يَا أحمد، هات مَا معك. فقلت: [بأبي أنت وأمي] [8] ، ومَا يدريك مَا معي؟
فَقَالَ لي [9] : انصرفت من عندك بمَا أخذته منك، ولم يكن عندنا شيء، فعدت إِلَى بِنْت عمي فعرفتها، ودفعت إليها المَال، ففرحت وقالت: مَا أريد أن تشتري لنا شيئا ولا آكل أَنَا شيئا، ولكن قم فصل أنت، وادع حَتَّى أؤمن عَلَى دعائك، فقمت وصليت ودعوت وأمنت عَلَى دعائي، ووضعت رأسي ونمت، فرأيت جدي عَلَيْهِ السلام فِي النوم وهو يقول لي: قد شكرتهم على ما كَانَ منهم إليك وهم باروك بشيء آخر فاقبله. قَالَ: فدفعت إليه مَا كَانَ معي وانصرفت إِلَى منزلي، فإذا ربة البيت قلقة قائمة تصلي وتدعو، فعرفت أني قد جئت معافى، فخرجت إليّ فسألتني [10] عن خبري، فحدثتها الحديث عَلَى وجهه. فقالت: ألم أقل لك: اتكل عَلَى جدهم، فكيف رَأَيْت مَا فعل؟ فدفعت إليها مَا كَانَ لها فأخذته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وخذ» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وثيابا» ساقطة من ت.
[5] في ت: «ورجعت» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «لي» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «لي» ساقطة من ت.
[10] في ت: «تسألني» .

(11/349)


[قَالَ المصنف: قد ذكرنا فِي سنة ست وثلاثين أن أم المتوكل حجت فشيعها المتوكل إِلَى النجف، وفرقت مَالا كثيرا، وكانت امرأة وافرة السمَاح، شديدة الرغبة فِي فعل الخير] [1] .
توفيت شجاع بالجعفرية [2] لست خلون من ربيع الآخر من هَذِهِ السنة، وصلى عَلَيْهَا المنتصر، ودفنت عند الجامع، وخلفت من العين خمسة آلاف ألف دينار وخمسين ألف دينار، ومن الجوهر مَا [3] قيمته ألف ألف دينار.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال [أخبرنا أبو بكر بْن ثابت] [4] الخطيب، أَخْبَرَنَا باي بْن جعفر [5] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، أَخْبَرَنَا محمد بْن يحيى قَالَ:
حدثني عبد الله بْن المعتز [حَدَّثَنِي الحسن بْن عليل العنزي] [6] قَالَ: حدثني بعض أصحابنا عن جعفر بْن عبد الواحد الهاشمي قَالَ: دخلت عَلَى المتوكل لمَا توفيت/ أمه، فعزيته، فَقَالَ: يَا جعفر، ربمَا قلت البيت الواحد فإذا جاوزته خلطت وقد قلت [بيتًا] [7] :
تذكرت لمَا فرق الدهر بيننا ... فعزيت نفسي بالنبي محمد
فأجازه بعض من حضر المجلس.
وقلت لها: إن المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت فِي يومه مَات فِي غد [8]
1496- العباس بْن عبد العظيم بْن إسمَاعيل بْن كيسان، أبو الفضل العنبري [9] .
من أهل البصرة، سمع يحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، وجالس أحمد بْن حنبل، روى عنه: مُسْلِم، وأبو داود، وَكَانَ ثقة مأمونا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «توفيت في الجعفرية» .
[3] «ما» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «أبو جعفر» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 169.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 137.

(11/350)


1497- محمد بْن حاتم بْن سليمَان، أبو جعفر، وقيل: أبو عبد الله، الزمي [1] .
سمع هشيم بْن بشير، وجرير بْن عبد الحميد، وغيرهمَا، روى عنه: أبو حاتم، وأبو عيسى التِّرمِذيّ، وغيرهما، ووثقه الدار الدارقطني.
1498- محمد بْن سليمَان بْن حبيب بْن جبير، أبو جعفر الأسدي، المعروف بلوين [2] .
سمع مَالك بْن أنس، وحمَاد بْن زيد، وسفيان بْن عيينة، وغيرهم، روى عنه:
عبد الله بْن أحمد والباغندي، والبغوي فِي آخرين، وآخر من روى عنه من البغداديين: ابْن صاعد.
وفي سبب تلقيبه بلوين قولان:
أحدهما: أنه لقب [3] لقبته به أمه، قاله محمد بْن القاسم الأزدي.
والثاني: أنه كَانَ يبيع الدواب فيقول: هَذَا الفرس لَهُ لوين، فلقب لوين. / قَالَ ابْن جرير: ولوين من الثقات عند المحدثين [4] ، إلا أن الإمَام أحمد أنكر عَلَيْهِ أنه رفع حديثًا موقوفا، ولعل ذلك من سوء الحفظ، ولا يظن به أنه قصد، وعاش مَائة وثلاث عشرة سنة.
وتوفي بأدنة، فحمل إِلَى المصيصة، فدفن [5] بِهَا في هذه السنة، وقيل: فِي سنة خمس وأربعين.
1499- يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بْن درهم، أبو يوسف [6] المصري، مولى جرير بن حازم الأزدي [7] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 268.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 292- 296.
[3] «لقب» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ولوين عند المحدثين من الثقات» .
[5] في الأصل: «فتوفي» ، والتصحيح من: ت.
[6] في ت: «بن يوسف» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 275- 276.

(11/351)


ولي القضاء بمدينة النَّبِيّ [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم بغداد فحدث بِهَا عن سفيان بْن عيينة، ويحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، روى عنه: أبو بكر بْن أبي الدنيا، وعبد الله بْن أحمد. وقال أبو حاتم الرَّازيّ: هُوَ صدوق.
وتوفي ببلد فارس، وَهُوَ يتولى القضاء عَلَيْهِ في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «الرسول صلى الله عليه وسلم» .

(11/352)


ثُمّ دخلت سنة سبع وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
قتل المتوكل وسيأتي ذكره، وخلافة المنتصر باللَّه.
باب خلافة المنتصر باللَّه
واسمه محمد بْن المتوكل، وقيل: اسمه الزبير، وفي كنيته ثلاثة أقوال: أبو جعفر، وأبو عبد اللَّه، وأبو العباس [1] .
ولد بسامراء فِي ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين ومَائتين، وَكَانَ أعين، قصيرا، أقنى، أسمر [2] ، ضخم الهامة، عظيم البطن، جسيمَا، مليح الوجه، مهيبا، عَلَى عينه اليمنى أثر وقع/ أصابه وَهُوَ صغير، وأمه أم ولد، رومية، يقال لها: حبشية.
بويع المنتصر باللَّه محمد بْن جعفر بالخلافة فِي صبيحة الليلة التي قتل فيها المتوكل أبوه، وذلك يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال بالجعفرية، وَهُوَ ابْن خمس وعشرين سنة، وقيل: أربع وعشرين.
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 234- 239. وتاريخ بغداد 2/ 119- 121.
[2] في ت: «أعين أقنى أسمر قصير» .

(11/353)


وَكَانَ أبوه ولاه العهد [بعده] [1] فتقدم [2] قبل أخوته المعتز، والمؤيد، وشاع بين الجند والناس مَا جرى من قتل المتوكل، فاجتمع الخلق وتكلموا فِي أمر البيعة [3] ، فخرج إليهم بعض أصحاب المنتصر، فأبلغهم عن المنتصر مَا يحبون، فأسمعوه، فدخل إِلَى المنتصر فأبلغه، فخرج بين يديه جمَاعة من المغاربة، فصاح بهم: يَا كلاب خذوهم، فحملوا عَلَى الناس، فدفعوهم [4] ، فمَات جمَاعة، وصالح المنتصر أخويه عن إرثهم من أبيهم [5] على أربعة عشر ألف ألف درهم، وأشهد عليهم بذلك.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: [أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [6] الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا علي بْن أَبِي علي المعدل، أَخْبَرَنَا محمد بْن العباس الخزاز قَالَ:
أَخْبَرَنَا محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني أحمد بْن حبيب قَالَ: حدثني علي بْن يحيى المنجم قَالَ: جلس المنتصر فِي مجلس كَانَ أمر أن يفرش لَهُ، وَكَانَ فِي بعض البسط [7] دائرة كبيرة فيها مثال فرس وعليه راكب، وعلى رأسه تاج وحول الدائرة كتابة بالفارسية، فلمَا جلس المنتصر وجلس الندمَاء، ووقف بين يديه [8] وجوه الموالي [والقواد] [9] ، نظر إِلَى تلك الدائرة وإلى الكتابة التي حولها [10] ، فَقَالَ لبغا: إيش هَذِهِ الكتابة [11] ؟ فَقَالَ: لا أعلم يَا سيدي، فسأل من حضر من الندمَاء، فلم يحسن أحد أن يقرأه، فالتفت إِلَى وصيف/ وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب [12] ، فأحضر رجلا فقرأ الكتابة فقطب، فَقَالَ لَهُ المنتصر: مَا هُوَ؟ فَقَالَ: يَا أَمِير المؤمنين، بعض حماقات
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «فتقدم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «البيع» .
[4] في ت: «فازدحموا» .
[5] في ت: «عن أبيهم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «البساط» .
[8] في ت، وتاريخ بغداد: «ووقف على رأسه» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «وإلى الكتاب الّذي حولها» .
[11] في ت، وتاريخ بغداد: «أيش هذا الكتاب» .
[12] «فالتفت إِلَى وصيف وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب» ساقطة من ت.

(11/354)


الفرس. قَالَ: أخبرني مَا هُوَ؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ليس لَهُ معنى، فألح عَلَيْهِ، وغضب قَالَ: يقول: [أَنَا] [1] شيرويه بْن كسرى بْن هرمز، قتلت أبي فلم أمتع بالملك إلا ستة أشهر، فتغير وجه المنتصر، وقام عن مجلسه إِلَى النساء، فلم يملك إلا ستة أشهر [2] .
وفي ذي الحجة من هَذِهِ السنة أخرج المنتصر علي بْن المعتصم من سامراء إِلَى بغداد، ووكل بِهِ.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن سليمان الزينبي [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1500- جعفر المتوكل [عَلَى الله] [4] .
كَانَ السبب فِي قتله: أنه أمر بإنشاء كتب بقبض ضياع وصيف بأصبهان والجبل وإقطاعها الفتح بْن خاقان، فكتب الكتب بذلك، وصارت إِلَى الخاتم، عَلَى أن تنفذ يوم الخميس لخمس خلون من شوال، فبلغ ذلك وصيفا، وَكَانَ المتوكل أراد أن يصلي بالناس آخر جمعة بقيت من رمضان، فاجتمع الناس واحتشدوا، وخرج بنو هاشم من بغداد لرفع القصص وتكليمه [5] إذا ركب، فَلَمَّا أراد الركوب قَالَ لَهُ عبيد الله بْن يحيى والفتح [6] بْن خاقان: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد اجتمع الناس [7] وكثروا، فبعض متظلم، وبعض طالب حاجة، فإن رأيت أن تأمر بعض ولاة العهد بالصلاة، فعلت، فأمر المنتصر، فلمَا نهض المنتصر ليركب قالا: يَا أمير المؤمنين، قد رأينا أن تأمر المعتز باللَّه لتشرفه بذلك، فقد اجتمع أهل بيته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 120- 121.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 239.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 165- 172.
[5] في ت: «وان تكلم» .
[6] «بن الفتح» ساقطة من ت.
[7] في ت: «واجتمعوا» .

(11/355)


فأمر المعتز فركب، وأقام المنتصر فِي منزله [1] ، فلمَا فرغ المعتز من خطبته قام إليه/ عبيد الله بْن يحيى والفتح بْن خاقان فقبلا يديه ورجليه، ثم رجع فِي الموكب فدخل عَلَى أبيه، فَقَالَ داود بْن محمد الطوسي: قد والله رأيت الأمين والمأمون والمعتصم والواثق، فما رأيت رجلا عَلَى المنبر [2] أحسن قوامَا [وبديهة] [3] من المعتز باللَّه.
وخرج المتوكل يوم الفطر وقد ضرب لَهُ المصاف [4] نحو من أربعة أميال، وترجل الناس بين يديه، فصلى ورجع [5] ، فأخذ حفنة من تراب، فوضعها [6] عَلَى رأسه، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت [كثرة] [7] هَذَا الجمع فأحببت أن أتواضع للَّه عز وجل [8] .
وأهدت إليه [9] أم ولده ثوبا فقطعه نصفين ورده [10] إليها، وقال: أذكرتني به، فو الله إن نفسي تحدثني أني لا ألبسه، ولا أحب أن يلبسه أحد بعدي، ولذلك شققته، ثم جعل [11] يقول لندمائه: أنا والله مفارقكم عن قليل، وكثر عبثه بابنه المنتصر تارة يشتمه، وتارة يتهدده بالقتل، والتفت إِلَى الفتح فَقَالَ: برئت من الله [12] ومن قرابتي من رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لم تلطمه- يعني المنتصر- فقام إليه [13] الفتح، فلطمه [14] لطمتين وقال [15] :
اشهدوا أني قد خلعته. فانصرف على غضب، فواعد الأتراك على قتل المتوكل إذا
__________
[1] في ت: «بيته» .
[2] في ت: «على منبر» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «المضرب» . وفي الأصل: «المصيف» .
[5] «ورجع» ساقطة من ت.
[6] في ت: «فركها» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر: تاريخ الطبري 9/ 222- 224.
[9] في ت: «له» .
[10] في ت: «ثم رده» .
[11] في ت: «وجعل» .
[12] في الأصل: «إلى الله» .
[13] «إليه» ساقطة من ت.
[14] في ت: «ولطمه» .
[15] في ت: «ثم قال» .

(11/356)


ثمل، فمَا كانت إلا ساعة حَتَّى دخل الأتراك عَلَيْهِ [1] فقتلوه وقتلوا معه الفتح بْن خاقان [2] .
وذلك ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الخميس بعد العتمة بساعة، لأربع ليال [3] خلون من شوال [4] ، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وثلاثة أيام، وَهُوَ ابْن أربعين سنة [5] .
وقد حكى إبراهيم بْن عرفة أن جارية من جواري المتوكل قالت: أصابه هم [6] ، وعرض/ لَهُ فكر، فجلس وحده ثم قَالَ: جئيني ببرنية فيها غالية، فجئته بِهَا، فجعل يبندقها ويرمي بِهَا [7] ، ثم جلس [يقرأ القرآن عَلَى] [8] الشراب، فمَا شعر إلا وقد دخل عَلَيْهِ جمَاعة من القواد يتقدمهم غلام [9] ابنه المنتصر الذي يسمى باغر [10] ، فدنا منه، فضربه، وتتابع القواد بالضرب، وألقى الفتح بْن خاقان نفسه عَلَيْهِ فقتل معه، وَكَانَ باغر [قد] [11] قَالَ للقواد: إني أتقدمكم، فإن خفتم عَلَى أنفسكم فقعوا [12] علي فاقتلوني وقولوا: دخل مكانا لم يكن لَهُ [13] دخوله.
وذكر ابْن عرفة أنه حضر مغنيا فغناه، [فَقَالَ لَهُ أحمد بْن أبي العلاء] [14] :
يَا عاذلي من الملام دعاني ... أن البلية فوق مَا تصفان
[زعمت بثينة أن رحلتنا غدا ... لا مرحبا بغد فقد أبكاني] [15]
__________
[1] «عَلَى قتل المتوكل إذا ثمل، فمَا كانت إلا ساعة حتى دخل الأتراك عليه» . ساقطة من ت.
[2] انظر تاريخ الطبري 9/ 224- 226.
[3] «ليال» ساقطة من ت.
[4] في ت: «من شعبان» .
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 230.
[6] في ت: «أصابه غم» .
[7] في ت: «فجعل يتبدقها ثم جلس» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «يقدمهم ما غير وهو غلام» .
[10] «الّذي يسمى باغر» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «فقفوا عليه» .
[13] «له» ساقطة من ت.
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/357)


فتطير المتوكل من هَذَا وقال: ويحك كيف وقع لك أن تغني بمثل هَذَا [1] ، فذهب ليغنيه بغيره، فأعاده، فقالوا [2] : اصرفوا [3] المهين، ثم عاد فدعا المغني فغنى الصوت، واغتم المتوكل وَكَانَ [قد] [4] وصف لَهُ سيف لم ير مثله فابتاعه فاختار باغر فوهبه [5] لَهُ، فيقال: إنه قتله به.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب الحافظ قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن عمر الواعظ قَالَ: حدثني أبي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الواحد قال: أخبرني أبو أيوب جعفر بْن أبي عثمَان] [6] الطيالسي قَالَ: أخبرني بعض الزمَازمة الذي يحفظون زمزم قَالَ: غارت زمزم ليلة من الليالي فأرخناها، فجاءنا [7] الخبر أنها الليلة التي قتل فيها المتوكل [8] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ الحافظ قال: أَخْبَرَنَا الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بْن محمد العكبري، حَدَّثَنَا أبو الفضل محمد بْن أحمد النيسابوري قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن عثمَان الحناط قَالَ:
حَدَّثَنَا] [9] علي بْن إسمَاعيل قَالَ: رأيت جعفر المتوكل فِي النوم وَهُوَ فِي النور جالس قلت: المتوكل؟ فَقَالَ: المتوكل قلت: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: بمَاذا؟
قَالَ: بقليل من السنة أحييتها [10] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال أخبرنا محمد بن
__________
[1] في ت: «أن تغني بهذا» .
[2] في ت: «فقال» .
[3] في الأصل: «اصرفه» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «فواهبه» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «أخبرنا القزاز قال الخطيب باسناد له عن الطيالسي» .
[7] في ت: «فحفظناها فجاء» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 172.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «أخبرنا القزاز أنا الخطيب بإسناد له عن علي بن ... » .
[10] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 170.

(11/358)


أحمد بْن رزق قَالَ أَخْبَرَنَا محمد بْن يوسف بْن حمدان الهمذاني قَالَ: [حَدَّثَنَا أبو علي الحسن بْن يزيد الدقاق قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن محمد الحارثي، حَدَّثَنَا عمر بْن عبد الله الأسدي قَالَ: سمعت أبا عبد الله أحمد بْن العلاء] [1] قَالَ: قَالَ لي عمرو بْن شيبان الحلبي: / رأيت فِي الليلة التي قتل فيها المتوكل فِي النوم [2] حين أخذت مضجعي، كأن آتيا أتاني فَقَالَ لي:
يَا نائم الليل [3] فِي أقطار جثمَاني ... أفض [4] دموعك يَا عمرو بْن شيبان
أمَا ترى الفتية الأرجاس مَا فعلت ... بالهاشمي وبالفتح بْن خاقان
وافى إِلَى الله مظلومَا فضج لَهُ ... أهل السموات من مثنى ووحدان
وسوف تأتيكم أخرى مسومة ... توقعوها لها شأن من الشان
فابكوا عَلَى جعفر وابكوا [5] خليفتكم ... فقد بكاه جميع الإنس والجان
قَالَ: فأصبحت وإذا الناس يقولون [6] إن جعفرا قد قتل في هذه الليلة.
قال أبو عبد الله: ثم رأيت المتوكل بعدها [7] بأشهر [8] كأنه بين يدي الله تعالى [9] ، فقلت له [10] : ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: بمَاذا؟ قَالَ: بقليل من السنة تمسكت بِهَا. قلت: فمَا تصنع ها هنا؟ قَالَ: أنتظر ابني محمدا أخاصمه إِلَى الله الحليم [11] ، العظيم، الكريم [12] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ومكانه: «الهمذاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العلاء. قال» .
[2] في ت: «فيما يرى النائم» .
[3] في ت: «العين» .
[4] في ت: «أقصى» .
[5] في ت: «وارثوا» .
[6] في ت: «يخبرون» .
[7] في ت: «بعد هذا» .
[8] «بأشهر» ساقطة من ت.
[9] في ت: «عز وجل» .
[10] «له» ساقطة من ت.
[11] في ت: «الحكيم» و «الكريم» ساقطة من ت.
[12] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 171.

(11/359)


[أَخْبَرَنَا محمد بْن ناصر الحافظ] [1] أَخْبَرَنَا ناصر بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا محمد بْن خلف قَالَ: أخبرني أبو العباس المروزي قَالَ: أخبرني بعض أهل الأدب أنه كَانَ للمتوكل جارية يقال لها محبوبة، وكانت من الجمَال [2] والإحسان عَلَى غاية [3] ، ومن الغناء [4] عَلَى غاية، وَكَانَ المتوكل يجد بِهَا [5] وجدا شديدا، وكانت لَهُ عَلَى مثل ذلك، فلمَا كَانَ من المتوكل مَا كَانَ ففرق الجواري إِلَى القواد، فصارت محبوبة إِلَى وصيف، وَكَانَ لباسها البياض الحسن [6] ، وكانت تذكره فتشهق وتنتحب، فجلس وصيف يوما للشراب وجلس الجواري اللائي كن للمتوكل فِي الحلي والحلل، وجاءت محبوبة فِي معجر أبيض فَقَالَ وصيف/: غنين فمَا بقيت واحدة منهن إلا غنت وطربت وضحكت [إِلَى أن] [7] أومَا إِلَى محبوبة بالغناء، فقالت: إن رأى الأمير أن يعفيني، فأبى، فقلن لها الجواري: لو كَانَ فِي الحزن فرج لحزنا معك، وجيء بعود، فوضع فِي حجرها فسوته وأنشأت تقول:
أي عيش يطيب لي لا أرى فيه جعفرا ... ملك [8] قد رأته عيني جريحا معفرا
كل من كَانَ سالمَا وسقيمَا [9] فقد برا ... غير محبوبة التي لو ترى الموت يشترا
لاشترته [10] بمَا حوته جميعا لتقبرا.
فاشتد ذلك عَلَى وصيف، فأمر بإخراجها، فصارت إِلَى قبيحة، فلمَا كَانَ بعد هنية سأل عنها وصيف فقيل لَهُ [11] : صارت إِلَى قبيحة، فبعث إليها فقالت [12] : تمسحت ومضت، فو الله مَا أدري إلام صارت [13] .
1501- الحسن بْن الجنيد [بْن] [14] أبي جعفر، [البلخي] [15] .
بلخي الأصل، حدث عن وكيع وغيره، روى عنه ابْن أبي الدنيا [16] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «من الأدب» .
[3] «على غاية من» ساقطة من ت.
[4] في ت: «وفي الغناء» .
[5] في ت: «تجد بها» .
[6] في ت: «الحسن» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «بعد ما» .
[9] في ت: «كان مدنفا وعليلا» .
[10] في ت: «اشتريه» .
[11] «له» ساقطة من ت.
[12] في ت: «فقيل» .
[13] في ت: «إلى أين صارت» .
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[16] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 292.

(11/360)


وتوفي في هذه السنة.
1502- عَبْد اللَّه [1] بن محمد بن إسحاق [2] ، أبو عبد الرحمن الأذرمي [3] .
سمع سفيان بْن عيينة، وغندر، وهشيم بْن بشير، و [إسماعيل] [4] بْن علية وغيرهم، روى عنه: أبو حاتم الرازي، وقال: كَانَ ثقة، وأبو داود السجستاني [5] وابنه، وابن صاعد وغيرهم.
وقد كَانَ الواثق استحضر [6] رجلا من أهل أدنة [7] للمحنة [8] ، فناظر ابن أبي دؤاد بحضرته، فظهر على ابْن أبي دؤاد، فيقال: إنه هَذَا الرجل.
وقد رويت لنا [هَذِهِ] [9] القصة مختصرة ومطوله، فأمَا المختصرة:
فأخبرنا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أخبرنا [أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [10] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْن الفرج بْن علي البزار قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن إبراهيم بْن موسى [11] ، قَالَ حَدَّثَنَا جعفر بْن شعيب قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف الشاسي [12] / قَالَ:
حدثني إبراهيم بْن منبه قَالَ: سمعت طاهر بْن خلف يقول: سمعت المهتدي باللَّه ابْن الواثق يقول: كَانَ أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فَقَالَ أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه [13] يعني ابْن أبي دؤاد، فأدخل [14] الشيخ فَقَالَ: السلام عليك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سلام الله عليك. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ بئس مَا أدبك به مؤدبك، قَالَ الله تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها 4: 86 [15] والله مَا حييتني بِهَا ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، الرجل متكلم فَقَالَ لَهُ كلمة. فَقَالَ لَهُ: يَا شيخ، ما تقول في القرآن. فَقَالَ لَهُ الشيخ: لم تنصفني- يعني ولني السؤال- فَقَالَ: قل، فَقَالَ [لَهُ] [16] الشيخ: ما تقول في القرآن؟
__________
[1] في ت: «عبيد الله» .
[2] في ت: «عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 74- 79.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «السجستاني» ساقطة من ت.
[6] في ت: «أشخص» .
[7] في الأصل: «أدنه» .
[8] «للمحنة» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «ماسي» .
[12] في ت: «الشاشي» .
[13] «وأصحابه» ساقطة من ت.
[14] في ت: «قال: فادخل» .
[15] سورة: النساء، الآية: 86.
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/361)


فَقَالَ: مخلوق. فَقَالَ: هَذَا شيء علمه النَّبِي [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فَقَالَ: [شيء لم يعلموه. فَقَالَ:] [2] سبحان الله، شيء لم يعلمه النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمَان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟! قَالَ: فخجل، فَقَالَ: أقلني. فقلت [3] والمسألة بحالها. قَالَ: نعم. قلت [4] : مَا تقول فِي القرآن؟ فَقَالَ: مخلوق. قال: هَذَا شيء علمه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمَان، وعلي، والخلفاء الراشدون، أم لم يعلموه فَقَالَ: شيء [5] علموه ولم يدعوا الناس إليه، فَقَالَ: أفلا وسعك [6] مَا وسعهم؟ قَالَ [7] :
ثم قام أبي فدخل مجلس [8] الخلوة واستلقى عَلَى قفاه، ووضع إحدى رجليه عَلَى الأخرى/ وَهُوَ يقول [9] : هَذَا شيء لم يعلمه النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر ولا عثمَان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان الله، شيء علمه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، ولم يدعوا الناس إليه أفلا وسعك مَا وسعهم، ثم دعى عمَار [10] الحاجب، وأمر أن ترفع عنه القيود، وأن يعطى [11] أربعمَائة دينار، ويؤذن لَهُ فِي الرجوع، وسقط من عينه [12] ابْن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.
وأمَا القصة المطولة: فأخبرنا [أبو منصور] [13] القزاز قال: أخبرنا الخطيب
__________
[1] في ت: «رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «قال: ابقى» .
[4] في ت: «وقلت» .
[5] «شيء» ساقطة من ت.
[6] في ت: «أفلا يسعك» .
[7] «قال» ساقطة من ت.
[8] في ت: «فدخل المجلس» .
[9] «هذا شيء لم يعلمه ... » حتى: «علمت أنت» . ساقط من ت.
[10] في ت: «ثم دعي عليا» .
[11] في ت: «أن يعطيه» .
[12] «من عينه» ساقطة من ت.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(11/362)


[أحمد بن علي] قال: أخبرنا محمد بن أحمد بْن رزق قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن سندي الحداد قَالَ: قرئ عَلَى أحمد بْن الممتنع وأنا أسمع، قيل لَهُ: أخبركم صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي قَالَ: حضرت المهتدي باللَّه أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وقد جلس للنظر فِي أمور المتظلمين فِي دار العامة، فنظرت فِي بعض قصص [1] الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر [2] بالتوقيع فيها، وينشأ الكتاب عَلَيْهَا، ويحرر [ويختم] [3] وتدفع إِلَى صاحبها [4] بين يديه، فسرني ذلك واستحسنت مَا رأيت، فجعلت أنظر [إليه] [5] ففطن ونظر إلي، فغضضت عنه حَتَّى كَانَ ذلك مني ومنه مرارا ثلاثة، إذا نظر إلي [6] غضضت، وإذا شغل نظرت، فَقَالَ لي: يَا [7] صالح قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، وقمت قائمَا. فَقَالَ: فِي نفسك [مني] [8] شيء تريد أن تقوله؟ قلت:
نعم يَا سيدي، فَقَالَ لي: عد إِلَى موضعك، [فعدت] [9] وعاد إِلَى النظر حَتَّى إذا قام قَالَ للحاجب: لا يبرح صالح/، وانصرف الناس، ثم أذن لي، وأهمتني نفسي، فدخلت فدعوت لَهُ، فَقَالَ: اجلس فجلست فَقَالَ لي: يَا صالح تقول لي مَا دار فِي نفسك وأقول أنا، مَا دار فِي نفسي [10] [قلت:] [11] يَا أمير المؤمنين، ما تعزم عَلَيْهِ، وتأمر به، فَقَالَ أقول أنا إنه دار فِي نفسي [12] أنك استحسنت مَا رأيت منا، فقلت:
أي خليفة خليفتنا إن لم يكن [13] يقول [14] إن [15] القرآن مخلوق فورد على [قلبي] [16] مر عظيم، ثم قلت: يَا نفس، هل تموتين قبل أجلك، وهل تموتين إلا مرة، وهل يجوز الكذب فِي جد أو هزل؟ فقلت: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، مَا دار فِي نفسي إلا مَا قلت. فأطرق مليا، ثم قَالَ: ويحك، اسمع مني ما أقول؟ فو الله لتسمعن الحق، فسري عني. ثم قلت [17] : يَا سيدي، ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب العالمين، وابن عم
__________
[1] في ت: «إلى قصص» .
[2] في ت: «فأمر» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «إلى صاحب» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «إلي» ساقطة من ت.
[7] «يا» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «وأقول أنا ما دار في نفسي» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «في نفسك» .
[13] «يكن» ساقطة من ت.
[14] في ت: «تقل» .
[15] «إن» ساقطة من ت.
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[17] في ت: «فقلت» .

(11/363)


سيد المرسلين؟ فَقَالَ: مَا زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق، حَتَّى أقدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شيخا من أهل [1] الشام من أهل أدنة، فأدخل الشيخ عَلَى الواثق مقيدا، وَهُوَ جميل الوجه، تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيى منه، ورق لَهُ، فمَا زال يدنيه ويقربه حَتَّى قرب منه، فسلم الشيخ فأحسن، ودعا فأبلغ وأوجز، فقال له الواثق: اجلس [2] . فجلس، فَقَالَ [لَهُ] [3] : ناظر ابْن أبي دؤاد عَلَى مَا يناظرك عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ابْن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن المناظرة. فغضب الواثق وعاد إِلَى مكان الرقة لَهُ غضبا عَلَيْهِ وقال: أبو عبد الله بْن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن مناظرتك أنت [4] !؟ فَقَالَ الشيخ [5] : هون عليك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا بك، وأذن فِي [6] مناظرته. فَقَالَ الواثق: / مَا دعوتك إلا للمناظرة. فَقَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، إن رأيت [7] أن تحفظ علي وعليه مَا نقول [قَالَ: أفعل] [8] قَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني [9] عن مقالتك هَذِهِ هي مقالة واجبة داخلة فِي عقد الدين [10] ، فلا يكون الدين كاملا [11] حَتَّى يقال فيه بمَا قلت. قَالَ: نعم. قَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني عن رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم حين بعثه الله إِلَى عباده، هل ستر [رَسُول اللَّهِ] [12] شيئا ممَا أمره الله به فِي أمر دينهم؟ فَقَالَ: لا. قَالَ الشيخ: فدعا رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم [الأمة] [13] إِلَى مقالتك هَذِهِ؟ فسكت أحمد [14] بْن أبي دؤاد. فَقَالَ الشيخ: تكلم. فسكت، فالتفت الشيخ إِلَى الواثق فَقَالَ: يا أمير المؤمنين واحدة، فقال الواثق: واحدة. فَقَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني عن الله تعالى [15] حين أنزل القرآن عَلَى رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً 5: 3 [16] هل كَانَ الله الصادق فِي إكمَال [17] دينه، وأنت الصادق فِي نقصانه حَتَّى يقال فيه بمقالتك، فيتم [18] ؟ فسكت ابْن أبي دؤاد. فَقَالَ
__________
[1] «أهل» ساقطة من ت.
[2] «اجلس» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «أنت» ساقطة من ت.
[5] «الشيخ» ساقطة من ت.
[6] في ت: «وايذن له في» .
[7] «إن رأيت» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[9] في ت: «أسألك» .
[10] في ت: «في باب الدين» .
[11] «كاملا» ساقطة من ت.
[12] ما بين المعقوفتين من تاريخ بغداد.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] «أحمد» ساقطة من ت.
[15] في ت: «عز وجل» .
[16] سورة: المائدة، الآية: 3.
[17] في ت: «إتمام» .
[18] في ت: «هذه» .

(11/364)


الشيخ: أجب يَا أحمد. فلم يجب، فَقَالَ للشيخ [1] : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، اثنتان. فَقَالَ الواثق: نعم اثنتان. فَقَالَ الشيخ [2] : يَا أحمد، أخبرني عن مقالتك هَذِهِ، علمها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ جهلها؟ قال ابن أبي دؤاد: علمها. قَالَ: فدعا الناس إليها؟ فسكت. قَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ثلاث. فقال الواثق: ثلاث [3] . قَالَ الشيخ: يَا أحمد، فاتسع لرَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم أن علمها وسكت [4] / عنها كمَا زعمت، ولم يطالب أمته بِهَا؟ قَالَ:
نعم. قَالَ الشيخ: أو اتسع لأبي بكر الصديق، وعمر بْن الخطاب، وعثمَان، وعلي رضي الله عنهم؟ قَالَ ابْن أبي دؤاد: نعم. فأعرض الشيخ عنه، وأقبل عَلَى الواثق فَقَالَ:
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد قدمت القول بأن أحمد يصبو ويضعف عن المناظرة، يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [5] إن لم يتسع لنا الإمساك عن هَذِهِ المقالة كمَا زعم هَذَا [6] أنه [7] اتسع لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر، وعمر، وعثمَان، وعلي، فلا وسع الله عَلَى من لم يتسع [8] له ما [9] اتسع [10] . فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هَذِهِ المقالة مَا اتسع لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر، وعمر، وعثمَان، وعلي، فلا وسع الله علينا [11] ، اقطعوا قيد الشيخ. فلمَا قطع القيد ضرب الشيخ [12] بيده إِلَى القيد حَتَّى يأخذه [13] ، فجاذبه الحداد عَلَيْهِ، فَقَالَ الواثق: دع الشيخ يأخذه. فأخذه فوضعه فِي كمه. فَقَالَ لَهُ الواثق: يَا شيخ، لم جاذبت الحداد عَلَيْهِ؟ قَالَ: لأني نويت أن أتقدم إِلَى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حَتَّى أخاصم به هَذَا الظالم عند الله يوم [14] القيامة، وأقول: يا
__________
[1] في ت: «فقال الشيخ» .
[2] «الشيخ» ساقطة من ت.
[3] «فقال الواثق ثلاث» ساقطة من ت.
[4] في ت: «فأمسك» .
[5] في ت: «فقال الواثق» .
[6] «كما زعم هذا» ساقطة من ت.
[7] في ت: «ما» .
[8] «على من لم يتسع» ساقطة من ت.
[9] في ت: «علينا» .
[10] «اتسع» ساقطة من ت.
[11] «نعم إن لم يتسع ... » حتى « ... فلا وسع الله علينا» ساقطة من ت.
[12] «الشيخ» ساقطة من ت.
[13] في ت: «ليأخذه» .
[14] في ت: «الظالم بين يدي عند الله عز وجل يوم ... » .

(11/365)


رب، سل عبدك هَذَا لم قيدني! وروع أهلي وولدي وإخواني [من غير شيء] [1] أوجب ذلك علي؟ وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكينا، ثم سأله الواثق أن يجعله فِي حل وسعة ممَا ناله [2] ، فَقَالَ لَهُ الشيخ: / والله يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لقد جعلتك فِي حل وسعة من أول يوم [3] إكرامَا لرَسُول اللَّهِ [4] صلى الله عَلَيْهِ وسلم، إذ كنت رجلا [5] من أهله. فَقَالَ الواثق: لي إليك حاجة. فَقَالَ الشيخ: إن كانت ممكنة فعلت، فَقَالَ: تقيم قبلنا، فننتفع بك وينتفع [بك فتياننا] [6] فَقَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، إن ردك إياي إلي الموضع الذي أخرجني عنه هَذَا الظالم أنفع [7] لك من مقامي [عندك] [8] ، وأخبرك بمَا فِي ذلك: أصير إِلَى أهلي وولدي، وأكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم عَلَى ذلك. فَقَالَ لَهُ الواثق: فتقبل منا صلة تستعين بِهَا عَلَى رجوعك [9] ودهرك؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، لا تحل لي، أنا عنها غني، وذو مرة سوي. فَقَالَ: سل حاجة [10] . قَالَ: أو تقضيها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأذن لي [11] أن يخلى سبيلي [12] الساعة إِلَى الثغر. قَالَ: إني قد أذنت لك. فسلم وانصرف [13] . قَالَ [صالح بْن علي قَالَ] [14] المهتدي [15] : فرجعت عن هَذِهِ المقالة، وأظن أن الواثق قد كَانَ رجع عنها [منذ ذلك الوقت] [16] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «مما قاله» .
[3] «وسعة من أول يوم» ساقطة من ت.
[4] في ت: «للرسول صلّى الله عليه وسلّم» .
[5] «رجلا» ساقطة من ت.
[6] في الأصل وتنتفع بنا.
[7] في ت: «منه أنفع» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «رجوعك» ساقطة من ت.
[10] في ت: «سل حاجتك» .
[11] في ت: «فأذن الى» .
[12] في ت: «يخلى لي السبيل» .
[13] في ت: «وانصرف» .
[14] ما بين المعقوفتين من تاريخ بغداد.
[15] في الأصل: «المقتدي» .
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 75- 78.

(11/366)


أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرِ بْنُ علي] [1] الخطيب قَالَ أَخْبَرَنَا عبد الله بْن على بْن حمويه قَالَ: سمعت أبا بكر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيرازي الحافظ يحدث [2] الشيخ الأدنى [3] ومناظرته مَعَ ابْن أبي دؤاد بحضرة الواثق، فَقَالَ: الشيخ هُوَ أبو عَبْد الرحمن عبد الله بن محمد بْن إسحاق الأدرمي [4] .
1503- عبد السلام بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن صخر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن وابصة بن معبد، أبو الفضل الأسدي الرقي [5] .
سمع أباه، روى عنه أبو عروبة الحراني، وَكَانَ قاضي الرقة، ولي القضاء ببغداد/ فِي أيام المتوكل، وَكَانَ عفيفا، فصرفه يحيى بْن أكثم، فبعث المتوكل [6] عهدا إِلَى بغداد، ولم يسم القاضي، وقال: إن رضوا به فليدفع العهد إليه. فرضوا به. فظاهر هَذَا أنه ولي قضاء [7] بغداد مرتين.
وسئل الإمَام أحمد عن [8] الوابصي فأحسن القول فيه، وقال: مَا بلغني عنه [9] إلا خير.
توفي في هذه السنة بالرقة، وقيل: فِي سنة تسع، والله أعلم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «الحافظ قال أخبرنا يحدث» .
[3] «الشيخ الأذني ومناظرته مَعَ ابْن أبي دؤاد بحضرة الواثق فقال» ساقطة من ت.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 78- 79.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 52.
[6] «وَكَانَ عفيفا فصرفه يحيى بْن أكثم فبعث المتوكل» ساقطة من ت.
[7] «قضاء» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وسئل أحمد بن حنبل» .
[9] «عنه» ساقطة من ت.

(11/367)


خاتمة الناسخ
تم الجزء بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في ذي الحجة الحرام سنة أربع وثمانمائة. أحسن الله عاقبتها بخير في عافية بمنه وكرمه، غفر الله لمن استكتب وكتب، ولمن نظر ودعا لهما بالمغفرة والرحمة والرضوان ودخول الجنان برحمة الرحيم الرحمن. آمين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلامه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
يتلوه في الجزء الّذي بعده [1] : «ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين» .
__________
[1] وهو الجزء الثاني عشر بتجزئة الناسخ.

(11/368)


[المجلد الثاني عشر]
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المنتصر أغزى وصيفا التركي الصائفة- أرض الروم- وسبب ذلك أنه كان قد وقع بين وصيف وبين أَحْمَد بن الخصيب [1] وزير المنتصر فأشار على المنتصر أن يخرج وصيفا من العسكر غازيا، فأمره بالغزو، وَقَالَ له: إن طاغية الروم قد تحرك، ولست آمنه على بلاد الإسلام، فإما أن تخرج أنت أو أنا. فقال: بل أنا أخرج، فخرج في عشرة آلاف [2] .
وفي هذه السنة: خلع المعتز والمؤيد أنفسهما، وسبب ذلك: أن المنتصر لما استقامت له الأمور، قَالَ أَحْمَد بن الخصيب لوصيف وبغا: إنا لا نأمن [3] الحدثان، وأن يموت أمير المؤمنين [4] فيلي الأمر المعتز، [5] فلا يبقي منا باقية، والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا، فجد [6] الأتراك في ذلك، وألحّوا على المنتصر،
__________
[1] في ت: «أحمد الخصيب» .
[2] الكامل لابن الأثير (حوادث سنة 248) . 6/ 146. والبداية والنهاية 10/ 353. وتاريخ الطبري 9/ 240.
[3] في الأصل: «إنا لا نأمن من الحدثان» .
[4] في ت: «وأن يتولى المعتز» .
[5] «فيلي الأمر المعتز» سقطت من ت.
[6] في الأصل: «فحشد» .

(12/3)


وقَالُوا: تخلعهما وتبايع لابنك [هذا عبد الوهاب] [1] فاحضرهما وجعلا [2] في دار [3] ، فقال المعتز للمؤيد: يا أخي، لم ترى [4] أحضرنا، فقال المؤيد: يا شقي، للخلع، قَالَ: ما أظنه يفعل. فجاءتهم الرسل بالخلع، فقال المؤيد: السمع والطاعة، فقال المعتز: ما كنت لأفعل، فإن أردتم قتلي فشأنكم. فرجعوا ثم عادوا بغلظة شديدة، فأخذوا المعتز بعنف وأدخلوه إلى بيت وأغلقوا عَلَيْهِ الباب. فقال له المؤيد: يا جاهل تراهم قد نالوا من أبيك ما نالوا ثم [5] تمتنع عليهم! اخلع ويلك ولا تراجعهم، فقال:
أفعل، فقال لهم المؤيد: قد أجاب.
فكتبا خطوطهما بالخلع، وأنهما [6] عجزة عن الخلافة: وقد خلعناها من أعناقنا.
ثم دخلا [7] عَلَيْهِ، فقال: أترياني [8] خلعتكما طمعا في أن أعيش حتى يكبر ولدي وأبايع له! والله ما طمعت فِي ذلك، ولأن [9] يليها بنو أبي أحب إلي من أن يليها بنو عمي، ولكن هؤلاء- وأومأ [10] إلى الموالي- ألحوا علي في خلعكما، فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة، فيأتي عليكما، فلو قتلته ما كان دمه يفي [11] دماءكما. فقبلا يده ثم انصرفا. وكان خلعهما في يوم السبت لسبع بقين من صفر [هذه السنة] [12] [13] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «فحصلا» . وما أثبتناه من ت، والطبري.
[3] في الأصل: «في داره» وما أثبتناه من ت، والطبري.
[4] في الأصل: «يا أخي لما ترى» .
وفي ت: «لماذا يا أخي أحضرنا» . وما أثبتناه من الطبري 9/ 244
[5] «ثم» ساقطة من ت.
[6] في ت: «وأنا» .
[7] في ت: «وأدخلا عليه» .
[8] في ت: «أتراني» .
[9] في الأصل: «لئن» .
[10] في ت: «وأشار» .
[11] في ت: «يوفى» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] تاريخ الطبري 9/ 244- 246. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248) 6/ 146- 148. والبداية والنهاية 10/ 353.

(12/4)


وفي هذه السنة: خرج مُحَمَّد بن عمر الشاري بناحية [1] الموصل، فوجه إليه المنتصر إسحاق بن ثابت الفرغاني، فأخذه أسيرا مع عدة [من] [2] أصحابه فقتلوا وصلبوا [3] .
وفيها: تحرك يعقوب من سجستان فصار إلى هراة [4] .
وفيها: توفي المنتصر واستخلف المستعين.
__________
[1] في ت: «ناحية» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «فقتلوه وصلبوه» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 255. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248) 6/ 151.
[4] تاريخ الطبري 9/ 255. والكامل لابن الأثير. [أحداث سنة 248) 6/ 151.

(12/5)


باب خلافة المستعين
واسمه أَحْمَد بن مُحَمَّد بن المعتصم، ويكنى: أبا العباس، وقيل: أبا عبد الله، وكان ينزل سرمن رأى، ثم ورد بغداد فأقام بها إلى أن خلع، وأمه أم ولد اسمها مخارق، وكان أبيض حسن الوجه، ظاهر الدم، بوجهه أثر جدري، وسبب بيعته لما توفي المنتصر اجتمع الموالي وفيهم بغا الصغير وبغا الكبير فاستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة على أن يرضوا بمن يرضى به بغا الكبير، وبغا الصغير، وذلك بتدبير ابن الخصيب فحلفوا وهم كارهين أن يتولى الخلافة [1] أحد من أولاد المتوكل لقتلهم أباه، فأجمعوا على أَحْمَد بن مُحَمَّد بن المعتصم فدعوه ليبايع له بالخلافة، فقال: استعين باللَّه وافعل. فسمي المستعين، فبايعوه بعد عشاء الآخرة من ليلة الاثنين لست خلون من ربيع الآخر، وحضر يوم الثلاثاء في دار العامة، وجاء الناس على طبقاتهم، فبينا هم على ذلك جاءت صيحة من ناحية السوق، وإذا خيل ورجالة وعامة قد شهروا السلاح وهم ينادون: معتز يا منصور، فشدوا على الناس، واقتتلوا، فوقع بينهم جماعة من القتلى إلى أن مضى من النهار ثلاث ساعات، ثم انصرف الأتراك وقد بايعوا المستعين ودخل الغوغاء والمنتهبة دار العامة، فانتهبوا خزانة السلاح، فجاء بغا وجماعة من الأتراك فأجلوهم عن الخزانة وقتلوا منهم عدة، وتحرك أهل السجون بسامراء في هذا اليوم، فهرب منهم جماعة [2] .
ولما توفي [3] المنتصر كان في بيت المال تسعون ألف ألف درهم فأمر المستعين
__________
[1] تكررت في الأصل الجملة: «أن يتولى الخلافة» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 256- 258. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 149، 150. والبداية والنهاية 11/ 2.
[3] هنا في النسخة ت وضع الخبر الّذي سيأتي بالإسناد إلى أترجة.

(12/6)


للجند برزق خمسة أشهر وكان ألفي ألف دينار، وللعابد ألف واثنين وتسعين دينارا.
وفي هذه السنة: توفي طاهر بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر، فعقد المستعين لابنه مُحَمَّد بن طاهر عَلَى خراسان والعراق، وجعل إليه الحرس والشرطة ومعالم من السواد.
ومرض بغا الكبير فعاده المستعين، وذلك للنصف من جمادى الآخرة، ومات بغا من يومه فعقد لابنه موسى على أعمال أبيه، وولي ديوان البريد، ووهب المستعين لأحمد بن الخصيب فرش الجعفري، فحملت عَلَى نحو من مائتين وخمسين بعيرا، وقيل: كانت قيمتها ألف ألف درهم، ووهب له دار ختيشوع وأقطعه غلة مائتي ألف وخمسين ألفا، وأمر له بألف قطعة من فرش أم المتوكل، ثم سخط عَلَيْهِ المستعين فقبضت أمواله، ونفي إلى أقريطش [1] .
وفي ربيع الآخر [2] من هذه السنة ابتاع المستعين من المعتز والمؤيد جميع ما لهما من المنازل والقصور والمتاع سوى أشياء استثناها المعتز، وأشهد عليهما بذلك، وترك لأبي عَبْد الله ما تبلغ عليه في السنة عشرين ألف دينار، وكان الذي ابتيع من أبي عَبْد اللَّهِ بعشرة آلاف ألف [درهم] وعشر حبات لؤلؤ. ومن إبراهيم بثلاثة آلاف ألف درهم وثلاث حبات لؤلؤ، وكان الشراء [3] باسم الحسن بن مخلد للمستعين، وحبسا في حجرة، ووكل بهما، وجعل أمرهما إلى بغا الصغير، وكان الأتراك حين شغب الغوغاء أرادوا قتلهما فمنعهم [4] من ذلك أَحْمَد بن الخصيب، وَقَالَ: ليس لهما ذنب، ولا هذا الشغب من أصحابهما، وإنما الشغب من أصحاب ابن طاهر [5] .
[أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرني الأزهري قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمَد المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى النديم، وحدثنا عون بن مُحَمَّد الكندي قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ] [6] بن مُحَمَّد بن داود المعروف
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 258. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 150، 151.
[2] في الطبري: «في جمادى الأولى» .
[3] في الأصل: «السري» .
[4] في الأصل: «فمنع» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 258، 259.
[6] في الأصل: «أخبرنا القزاز بإسناده إلى عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن داود المعروف بأترجة» . وسقط باقي السند.

(12/7)


بأترجة قَالَ: دخلت على المستعين باللَّه فأنشدته:
غدوت بسعد غدوة لك باكرة ... فلا زالت الدنيا بملكك عامره
ونال مواليك الغنى بك ما بقوا ... وعزوا وعزت دولة لك ناصره
بعثت علينا غيث جود ورحمة ... فنلنا بدنيا منك فضلا وآخره
فلا خائف إلا بسطت أمانه ... ولا معدم إلا سددت مفاقره
تيقن بفضل المستعين بفضله ... علي غيره- نعماء في الناس ظاهره
قَالَ: فدفع إلي خريطة كانت في يده مملوءة دنانير، ودعى بغالية فجعل يغلفني بيده [1] .
وفيها: صرف علي بن يحيى عن الثغور الشامية، وعقد له على أرمينية، وأذربيجان في رمضان [2] .
وفيها: شغب أهل حمص على عامل [3] المستعين عليها فأخرجوه [منها] [4] فوجه إليهم الفضل [5] بن قارون فمكر بهم [6] حتى أخذهم فقتل منهم خلقا كثيرا، وحمل مائة رجل من عياريهم [7] إلى سامراء [8] وهدم سورهم [9] .
وفيها: غزا الصائفة وصيف، وعقد المستعين لأوتامش على مصر والمغرب، واتخذه وزيرا وجعله على جميع الناس [10] .
وفيها: عقد لبغا الشرابي على حلوان، وماسبذان، ومهرجان، وأقطع بغا وأوتامش كل واحد منهما غلة ألف ألف درهم، وأقطع وصيفا التركي غلة ألف ألف،
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 85.
[2] تاريخ الطبري 9/ 259.
[3] واسمه: «كيدر بن عبيد الله» كما في الطبري 9/ 259.
[4] ما بين المعقوفتين من الطبري.
[5] في ت: «أحمد بن قارون» .
[6] في ت: «فمكرهم» .
[7] في الطبري: «مائة رجل من عيونهم» .
وفي الكامل: «أعيانهم» .
[8] في ت: إلى سرمن رأى» .
[9] تاريخ الطبري 9/ 259.
[10] تاريخ الطبري 9/ 259.

(12/8)


وصير المستعين شاهك الخادم على داره وحرمه وخزانته وكراعه وخاص أموره [1] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن سليمان الزينبي [2] ، وخرج عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى الحج فوجه المستعين رسولا ينفيه إلى برقة ويمنعه من الحج.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1504- أَحْمَد بن صالح، أبو جعفر المصري [3] :
طبري الأصل، كان أبوه صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم، ولد أَحْمَد سنة سبعين ومائة، وكَانَ أحد الحفاظ، يعرف الحديث والفقه والنحو، ورد بغداد وجرت بينه وبين أَحْمَد بن حنبل مذاكرات، وكان أَحْمَد يثني عليه.
وحدث عنه: مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، وَقَالَ يعقوب: كتبت عن ألف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أَحْمَد بن حنبل، وأحمد بن صالح.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: احتج سائر الأئمة بحديث أَحْمَد بن صَالح سوى أبي عَبْد الرَّحْمَنِ النسائي، فإنه أطلق لسانه فيه وَقَالَ: ليس بثقة، وليس الأمر عَلَى ما ذكر النسائي. ويقال إنه كانت آفة أَحْمَد بن صالح الكبر وشراسة الخلق، فقال النَّسائيُّ فيه، فإنه طرده من مجلسه، فلذلك فسد الحال بينهما، وتكلم فيه. توفي أَحْمَد في ذي القعدة من هذه السنة.
1505- أَحْمَد بن أبي فنن [4] .
وصالح اسم أبي فنن [5] ، ويكنى أَحْمَد: أبا عَبْد الله، شاعر، مجوّد، أكثر المدح
__________
[1] الكامل في التاريخ لابن الأثير. (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 151. وتاريخ الطبري 9/ 260.
[2] تاريخ الطبري 9/ 260. والكامل في التاريخ لابن الأثير. (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 151.
[3] ميزان الاعتدال 1/ 104. وتهذيب الكمال للمزي ترجمة 49 (1/ 340- 354) . والعقد الثمين 3/ 48. تاريخ بغداد 4/ 201.
[4] تاريخ بغداد 4/ 202.
[5] في ت: «واسم أبي فنن: صالح» .

(12/9)


للفتح بن خاقان، وكان أحمر اللون [1] .
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: أخبرني علي بن عَبْد اللَّهِ اللغوي قَالَ:
أنشدنا مُحَمَّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قَالَ: أنشدنا أبو بكر بن الأنباري قَالَ:
أنشدني أبي لأحمد بن أبي فنن:
صحيح ود لو يمسي [2] عليلا ... ليكتب هل يرى منكم رسولا
أراك تسومه الهجران حتى ... إذا ما اعتل [3] كنت له وصولا
يود [4] ضنى الحياة بوصل يوم ... يكون على رضاك له دليلا [5]
هما موتان موت ضنى وهجر ... وموت الهجر شرهما سبيلا
قَالَ: أنشدني أبي لأحمد بن أبي الفنن [6] :
صب بحب متيم صب ... حبيه فوق نهاية الحب [7]
أشكو إليه طول جفوته ... فيقول: مت بتأثر الخطب [8]
وإذا نظرت إلى محاسنه ... أخرجته عطلا من الذنب
أدميت باللحظات [9] وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
قَالَ المصنف: هذا البيت أخذه من إبراهيم بن المهدي:
يا من لقلب صيغ من صخرة ... في جسد من لؤلؤ رطب
__________
[1] في تاريخ بغداد 4/ 202: «وكان أسود اللون» .
[2] في تاريخ بغداد: «صحيح الود» .
وفي الأصل: «لو يمشي» .
[3] في الأصل: «إذا ما عيل» .
[4] في تاريخ بغداد: «فردّ» .
[5] في الأصل: «ذليلا» .
[6] في الأصل: «وله: من لقب صنيع من حجر في جسد من لؤلؤ رطب» .
وباقي الأبيات حتى نهاية الترجمة ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.
[7] في ت: «هن بالحب مقيم صب حبه وفوق نهاية الحب» والتصحيح من تاريخ بغداد 4/ 203.
[8] في ت: أشكو إليه طول سحرته فيقول مت بأمير الحب» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[9] في ت: «بالخطاب» .

(12/10)


جرحت خديه بلحظي فما ... برحت حتى اقتص من قلبي
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الشيباني قَالَ: حدثني قريب بن يعقوب أبو القاسم الكاتب قَالَ: حدثني يعلى بن يعقوب الكاتب قَالَ: حدثني أَحْمَد بن صالح بن أبي الفنن قَالَ: كان مُحَمَّد بن يزيد الشيباني أجود بني آدم في عصره، وكان لا يرد طالبا، فإن لم يحضر مال يعد ثم يستدين وينجز، وكان بين وعده وإنجازه كعطف لام على ألف.
وأنشدني ابن أبي الفن مما يمدحه به:
عشق المكارم فهو مشتغل بها ... والمكرمات قليلة العشاق
وأقام سوقا للثناء ولم تكن ... سوق الثناء [1] تعد في الأسواق
بث الصنائع في البلاد فأصبحت ... بحبي إليه مجامد الآفاق [2]
قبل أنامله فلسن [3] أناملا ... لكنهن مفاتح الأرزاق
واذكر صنائعه فلسن صنائعا ... لكنهن قلائد الأعناق] [4]
1506- بغا الكبير [5] .
كان أميرا جليلا، توفي في جمادى الآخرة، وصلى عليه المستعين، وبنو هاشم، والقواد، وكان يوما مشهودا [6] .
__________
[1] في الأصل: «سوقا تعد» والتصحيح من تاريخ بغداد 12/ 479.
[2] في الأصل: «بحبي إليه مجاهد الآفاق» ، وأظن الخطأ من الناسخ عن المخطوطة.
وإلى هنا ينتهي الشعر في تاريخ بغداد 12/ 479.
[3] في الأصل: «فلست هن» ولا معنى لها ولا يستقيم الوزن بها.
[4] إلى هنا الساقط من الأصل.
[5] الكامل في التاريخ (أحداث سنة 248) 6/ 151.
ومروج الذهب للمسعوديّ 4/ 160- 162.
[6] في ت: «مذكورا» .

(12/11)


1507- بكر بن مُحَمَّد بن بقية وقيل: ابن مُحَمَّد بن عدي، أبو عثمان المازني النحوي [1] .
وهذه النسبة إلى مازن شيبان، ويقال: المازني أيضا فينسب إلى مازن الأنصار منهم: عبد اللَّه بن زيد، وعباد بن تيم، ويقال: المازني فينسب إلى مازن قيس، وهو مازن بن منصور أخو سليم، وهوازن، منهم: عتبة بن غزوان، وعبد الله بن بشير، وأخوه عطية. ويقال المازني وينسب إلى مازن تيم.
وروى أبو عثمان عن أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي عبيدة وله تصانيف/ وهو أستاذ المبرد [2] ، وكان يشبه الفقهاء.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] [3] الْخَطِيبُ قَالَ: حدثني علي بن الخضر القرشي، أَخْبَرَنَا رشأ بن عَبْد اللَّهِ المقرئ، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن الحَسَن بن الفرات، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مروان المالكي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يزيد، حَدَّثَنَا أبو عُثْمَان المازني قَالَ: دخلت على الواثق فقال لي يا مازني، ألك ولد؟ قلت: لا، ولكن لي أخت بمنزلة الولد، قَالَ: فما قالت لك؟ قلت: ما قالت بنت الأعشى للأعشى:
فيا أب لا تنسنا غائبا ... فإنا بخير إذا لم ترم
أرانا إذا أضمرتك البلاد ... تجفى وتقطع منا الرحم
قَالَ: فما قلت لها؟ قَالَ: قلت لها ما قَالَ جرير:
ثقي باللَّه ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فقال: أحسنت، اعطه خمس مائة دينار [4] .
قَالَ المصنف: وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر: وأن أبا العباس المبرد قَالَ: قصد بَعْض أهل الذمة أبا عثمان المازني ليقرأ عليه كتاب سيبويه، وبذل له مائة
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 93، 94.
[2] تكررت جمله: «وهو أستاذ المبرد» في الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 93، 94.

(12/12)


دينار على تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك. قَالَ: فقلت له: جعلت فداك، أترد هذه النفقة مع فاقتك وشدة إضاقتك؟ فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله تعالى، ولست أرى إن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله عز وجل وحمية له. قَالَ: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
فاختلف من بالحضرة في إعراب «رجل» فمنهم من نصبه، ومنهم من رفعه، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه. قَالَ أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه سألني عن البيت، فقلت: الوجه النصب. قَالَ: ولم ذلك؟ فقلت: إن «مصابكم» مصدر بمعنى إصابتكم، «فالرجل» مفعول «مصابكم» ومنصوب به. فقال: هل لك من ولد؟ قلت: بنية. قَالَ: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت: قول بنت الأعشى- على ما سبق- فأمر لي بألف دينار وردني مكرما.
قَالَ أبو العباس: فلما عاد إلى البصرة قَالَ: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا مائة فعوضنا الله ألفا.
توفي المازني في هذه السنة، وقيل سنة سبع وأربعين.
1508- جعفر بن علي بن السري بن عَبْد الرَّحْمَنِ أبو الفضل [1] ، المعروف: بجعيفران الشاعر [2] .
ولد ببغداد ونشأ بها وأبوه من أبناء خراسان، وكان جعفر من أهل الفضل والأدب، ووسوس فِي أثناء عمره.
أَخْبَرَنَا منصور، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين الجازري، حَدَّثَنَا المعافي بْن زكريا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد أبو عمر اللغوي قَالَ: سمعت أَحْمَد بن سليمان العبدي [3] قَالَ: حدثني خالد الكاتب قَالَ: ارتج علي وعلى دعبل وآخر من
__________
[1] في ت: «ابن الفضل» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 163- 165.
[3] تكررت «العبديّ في الأصل.
وفي تاريخ بغداد: «المقيدي» .

(12/13)


الشُّعراء نصف بيت قلناه جميعا، وهو قولنا: يا [1] بديع الحسن، فقلنا: ليس لنا إلا جعيفران الموسوس فجئناه فقال: ما تبغون؟ قَالَ خالد: جئناك في حاجة. قَالَ: لا تؤذوني فإني جائع. فبعثنا فاشترينا له خبزا ومالحا، وبطيخا ورطبا، فأكل وشبع، ثم قَالَ لنا: هاتوا حاجتكم. قُلْنَا له: قد اختلفنا في بيت وهو:
يا بديع الحسن حاشى ... لك من هجر بديع
قَالَ: نعم.
وبحسن الوجه عوذ ... تك من سوء الصنيع
قَالَ له دعبل: فزدني أنا بيتا آخر، فقال: نعم:
ومن النخوة يستعفيك ... لي ذل الخضوع
فقمنا وقلنا: نستودعك الله. فقال: انتظروا حتى أزودكم، لي بيتا آخر:
لا يعب بعضك بعضا ... كن جميلا في الجميع [2]
1509- الحسين بن علي بن يزيد، أبو علي الكرابيسي [3] :
سمع من الشافعي، ويزيد بن هارون وجماعة. وصنف في الفروع والأصول، إلا أنه تكلم في اللفظ، وَقَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق. فتكلم فيه أَحْمَد ونهى عن كلامه، وَقَالَ: هذا مبتدع فحذره. وأخذ هو يتكلم في أَحْمَد فقوي إعراض الناس عنه.
وقيل ليحيى بن معين: أن حسينا يتكلم في أَحْمَد. فقال: ومن حسين، إنما يتكلم في الناس أشكالهم [4] .
توفي حسين في هذه السنة.
1510- الحسين بن علي بن يزيد بن سليم الصدائي [5] :
__________
[1] سقطت أداة النداء من الأصل وأضفناها من تاريخ بغداد.
[2] تاريخ بغداد 7/ 163، 164.
[3] تاريخ بغداد 8/ 64- 67.
[4] في الأصل: «إنما يتكلم الناس في أشكالهم» . وانظر قول ابن معين في تاريخ بغداد 8/ 64، 65.
[5] تاريخ بغداد 8/ 67، 68.

(12/14)


روى عن حسين الجعفري، والخريبي، روى عنه ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة، وكان حجاج بن الشاعر يمدحه ويقول: هو من الأبدال.
توفي في رمضان هذه السنة.
1511- عيسى بن حماد- زغبة- بن مسلم بن عَبْد اللَّهِ، أبو موسى [1] :
آخر من روى عن الليث بن سعد، [وهو] [2] من الثقات. جاز تسعين سنة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1512- مُحَمَّد بن حميد بن حيان، أبو عَبْد اللَّهِ الرازي [3] :
روى عن ابن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، وحكام بن سلم، وغيرهم. روى عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبغوي، والباغندي، وغيرهم.
وَقَالَ يحيى: ليس به بأس. وَقَالَ يعقوب بن شيبة: هو كثير المناكير وَقَالَ البخاري: في حديثه نظر. وكان أبو حاتم الرازي في آخرين يقولون: هو ضعيف جدا، يحدث بما لم يسمعه، ويأخذ أحاديث البصرة والكوفة فيحدث بها عن الرازيين. فقال صالح بن مُحَمَّد الملقب جزرة: ما رأيت أجرأ على الله منه، كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضها على بعض. وَقَالَ إبراهيم بْن يعقوب الجوزجاني: هو رديء المذهب، غير ثقة، وَقَالَ إسحاق بن منصور: أشهد بين يدي الله أَنَّهُ كذاب. وَقَالَ أبو زرعة: كان كذابا يتعمد. وَقَالَ النسائي: ليس بثقة. وتوفي في هذه السنة.
1513- مُحَمَّد المنتصر بن المتوكل على الله [4] :
اختلفوا في سبب موته على خمسة أقوال: أحدها: أنه أخذته الذبحة في حلقه
__________
[1] مروج الذهب للمسعوديّ 4/ 167.
وتقريب التهذيب 2/ 97، وفيه: «عيسى بن حماد بن مسلم، التجيبي، أبو موسى الأنصاري. لقبه «زغبة» وهو لقب أبيه أيضا. من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين وقد جاوز التسعين (م. د. س. ق) .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي التقريب: «وهو آخر من حدّث عن الليث من الثقات» .
[3] تاريخ بغداد 2/ 259- 264.
[4] تاريخ الطبري 9/ 251- 255. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 148، 149. والأغاني

(12/15)


يَوْم الخميس لخمس بقين [1] من ربيع الأول. [فمات مع صلاة العصر يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الآخر] [2] . وقيل يوم السبت لأربع خلون منه فمات مع صلاة العصر [3] .
والثاني: أنه أصابه ورم في معدته فصعد إلى فؤاده، فمات، وكان مرضه ذلك ثلاثة أيام [4] .
والثالث: أنه وجد حرارة فأمر بعض الأطباء أن يفصده، ففصده بمبضع [5] مسموم فكانت فيه منيته، وأن الطبيب رجع إلى منزله فوجد حرارة فأمر [6] تلميذا له بفصده فأعطاه [7] مباضعه وفيها المبضع المسموم ونسي [8] أن يخرجه منها، ففصده به، فهلك الطبيب.
والرابع: أنه احتجم فسمه الحجام في محاجمه، وسبب ذلك أنه كان يكثر ذكر المتوكل ويقول: هؤلاء الأتراك قتلة الخلفاء. فخافوا منه فجعلوا لخادم له ثلاثين [9] ألف دينار على أن يحتال في سمه، وجعلوا للطبيب جملة، وكان المنتصر يحب الكمثرى، فعمد الطبيب إلى كمثراة كبيرة نضيجة فأدخل في رأسها خلالا ثقبها به [10] إلى ذنبها، ثم سقاها سما، وجعلها الخادم في أعلى الكمثرى الذي قدمها له، فلما رآها أمره أن يقشرها له ويطعمه إياها، فأطعمه إياها [11] ، فوجد فترة [12] ، فقال للطبيب: أجد حرارة،
__________
[ () ] 9/ 300. وتاريخ الخميس 2/ 339. وتاريخ بغداد 2/ 119- 121. وتاريخ المسعودي (المروج) 2/ 311- 319. وفوات الوفيات 2/ 184.
[1] في الأصل: «خلون» وما أثبتناه من ب والطبري.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.
[3] «فمات مع صلاة العصر» ساقطة من ت.
[4] «أيام» ساقطة من ت.
[5] في ت: «بمضع» .
[6] في ت: «فدعا» .
[7] في ت: «وأعطاه» .
[8] في ت: «وأنسي» .
[9] في ت: «فجعلوا الخادم ثلاثين» .
[10] في ت: «وأخذ خلالا أدخل في رأسها ثقبها به» .
[11] «فأطعمه إياها» ساقطة من ت.
[12] في ت: «فوجد حرارة مسيرة فترة» .

(12/16)


فقال: احتجم، فهذا من غلبة الدم. وقدر أنه إذا احتجم قوي عليه السم، فحجم فحم [1] وقويت عَلَيْهِ، فخافوا أن يطول مرضه، فقال الطبيب: يحتاج إلى الفصد، ففصده بمبضع مسموم، ثم ألقاه الطبيب في مباضعه واحتاج الطبيب إلى الفصد ففصد به. فمات.
والخامس: أنه وجد في رأسه علة فقطر الطبيب في أذنه [2] دهنا فورم رأسه، فعولج [3] فمات. وما زال الناس يقولون كانت خلافته ستة أشهر، مدة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه، وكان يقول عَنْد موته: ذهبت الدنيا والآخرة.
وتوفي وهو ابن خمس وعشرين سنة وستة أشهر، وقيل: ابن أربع وعشرين بسامراء ودفن بها [4] .
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العزيز بن عليّ قال: حدّثنا مُحَمَّد بن أَحْمَد المفيد، حَدَّثَنَا أبو بشر الدولابي قَالَ:
أخبرني علي بن الحَسَين بن علي، عن عمر بن شبة قَالَ: أخبرني أَحْمَد بن الخصيب قَالَ: أخبرني] [5] جعفر بن عبد الواحد قَالَ: دخلت على المنتصر [باللَّه] [6] فقال لي: يا جعفر، لقد عوجلت، فما أسمع بأذني، ولا أبصر بعيني، وكان في مرضه الذي مات فيه [7] .
1514- مهنى بن يحيى، أبو عَبْد اللَّهِ [8] .
شامي الأصل، من كبار أصحاب أبي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن حنبل، صحبه ثلاثا وأربعين سنة، رحل [9] في صحبته إلى عبد الرزاق. وسمع من عبد الرزاق.
وجماعة [10] ، وكان يجترئ على أحمد ما لا يجترئ عليه غيره [11] ، ويضجره بالمسائل،
__________
[1] «فحم» ساقطة من ت.
[2] في ت: «في رأسه» .
[3] في الطبري 9/ 252: «فعوجل» .
[4] في ت: «وقيل ابن أربع وعشرين ودفن بسر من رأى» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 2/ 121.
[8] تاريخ بغداد 13/ 266.
[9] «رحل» ساقطة من ت، وكتبت على الهامش.
[10] «وسمع من عبد الرزاق» ساقطة من ب.
[11] «غيره» ساقطة من ت.

(12/17)


وَهُوَ يحتمله، وكتب عنه عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بضعة عشر جزءا من مسائله [1] لأبيه لم تكن عند غيره.
قَالَ الدارقطني: مهنى ثقة ضابطا ثبتا [2] . وقد حكى أبو بكر الخطيب [أن أبا الفتح الأزدي] [3] قَالَ: مهنى منكر الحديث.
قَالَ المصنف: وينبغي أن يتشاغل الأزدي بنفسه عن الجرح لغيره، فإنه مجروح عند الكل [4] ، فكيف يحتج بقوله، فيمن اتفق على مدحه الثقات، والعجب أن الخطيب يذكر أن أبا الفتح [5] وضع حديثا، ثم يذكر طعنه فيمن قد [6] وثقه الدارقطني، ولكن دسائس الخطيب الباردة التي لا تخفى في أصحاب أَحْمَد معروفة.
1515- هارون بن موسى [7] بن ميمون، أبو موسى الكوفي:
كان فقيها على مذهب أبي حنيفة وكان يعرف: بالجبل [8] ، وكانت له بمصر حلقة في جامعها. وكتب عنه.
توفي بمصر في هذه السنة [9] .
1516- عابد العباداني [10]
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أَحْمَد السمرقندي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن هبة الله الطبري، أخبرنا
__________
[1] «من مسائله» ساقطة من ت.
[2] في ت: «مهنى ثقة نبيل» .
وكذلك في تاريخ بغداد نقلا عن الدارقطنيّ، في سؤال أبي عبد الرحمن السلمي له.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأضفناه من ب.
[4] في الأصل: «عن الكل» .
[5] في الأصل: «أنه الخطيب» .
[6] «قد» ساقطة من ت.
[7] في ت «هارون بن عيسى» .
[8] في ت: «بالجبل» .
[9] تكرر في الأصل ذكر «في هذه السنة» .
[10] العبّادانيّ: بفتح العين المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة، والدال المهملة بين الألفين، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى «عبّادان» وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر، وكان يسكنها جماعة من العلماء والزهاد للعبادة والخلوة. (الأنساب للسمعاني 8/ 335) .

(12/18)


عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ [1] بْنِ بِشْرَانَ [قَالَ:] [2] أَخْبَرَنَا الحسين بن صفوان.
وحدثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد القرشي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عَبْد اللَّهِ التميمي [قَالَ] [3] حَدَّثَنَا مسلم بْن زرعة بن حماد أبو المرضي- شيخ بعبادان له عبادة وفضل- قَالَ: ملح الماء [عندنا] [4] منذ نيف وستين سنة، وكان ها هنا رجل من أهل الساحل له فضل، قَالَ: ولم يكن في الصهاريج شيء فحضرت المغرب فهبطت لأتوضأ للصلاة من النهر، وذلك في رمضان، وحر شديد، فإذا أنا به وَهُوَ يقول: سيدي رضيت عملي حتى أتمنى عليك أم رضيت طاعتي حتى أسألك سيدي غسالة الحمام لمن عصاك كثيرة [5] سيدي لولا أني أخاف غضبك لم أذق [6] الماء، ولقد أجهدني العطش. قَالَ: ثم أخذ بكفه فشرب شربا صالحا، فعجبت من صبره على ملوحته، فأخذت من الموضع الذي أخذ فإذا هو بمنزلة السكر، فشربت حتى رويت.
قَالَ أبو المرضي: فقال لي هذا الشيخ يوما: رأيت فيما يرى النائم كأن رجلا يقول لي: قد فرغنا من بناء دارك لو رأيتها لقرت [7] عيناك، وقد أمرنا بتخدها والفراغ منها إلى سبعة أيام، واسمها السرور، فأبشر بخير. فلما كان يوم السابع وهو يوم الجمعة بكر للوضوء، فنزل في النهر وقد مد فزلق فغرق، فأخرجناه بعد الصلاة، فدفناه.
قَالَ أبو المرضي: فرأيته بعد ثالثة في النوم وهو يجيء إلى القنطرة وهو يكبر وعليه حلل خضر، فقال لي: يا أبا المرضي، أنزلني الكريم في دار السرور، فماذا أعد لي فيها؟ فقلت له: صف لي. فقال: هيهات يعجز الواصفون عن أن تنطق ألسنتهم بما فيها، فاكتسب مثل الَّذِي اكتسبت، فليت عيالي يعلمون أن قد هيئ لهم منازل معي، فيها كل ما اشتهت أنفسهم نعم [وإخواني] [8] وأنت معهم إن شاء الله. ثم انتبهت.
__________
[1] «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن هبة الله الطبري، أَخْبَرَنَا علي بن محمد» ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «كثير» .
[6] في ت: «لما ذقت» .
[7] في ت: «قرت» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.

(12/19)


ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الجند والشاكرية ببغداد شغبوا في أول يوم من صفر، وكان سبب ذلك استفظاعهم أفعال الأتراك من قبل المتوكل، واستيلاءهم على أمور المسلمين، واستخلافهم من أحبوا من غير نظر في ذلك للمسلمين. فاجتمعت إليه [1] العامة ببغداد بالصراخ، ونادوا النفير، وانضمت إليهم [2] الأبناء والشاكرية، تظهر أنها [3] تطلب لأرزاق، ففتحوا سجن [نصر] [4] بن مالك، وأخرجوا من فِيهِ، وقطعوا أحد الجسرين، وضربوا الآخر بالنار، وانحدرت سفنه، وانتهب ديوان قصص [المحبسين] [5] وقطعت الدفاتر، وألقيت في الماء، وانتهبوا دار بشر وإبراهيم ابني هارون النصرانيين، وذلك كله بالجانب الشرقي من بغداد، وكان والي الجانب الشرقي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حاتم بن هرثمة، ثم أخرج أهل اليسار من أهل [6] بغداد وسامراء أموالا كثيرة فقووا بها من خف للنهوض للثغور [7] لحرب الروم، وأقبلت العامة من
__________
[1] «إليه» ساقطة من ت، وكذلك من الطبري.
[2] في الأصل: «إليه» .
[3] في ت: «والشاكرية ببغداد وكأنها تطلب» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «اليسار من أهل» ساقط من ت.
[7] في الأصل: «لنهوض الثغور» .

(12/20)


نواحي الجبال، وفارس، والأهواز وغيرها لغزو [1] الروم [2] .
ولتسع بقين من شهر ربيع الأول وثب نفر من الناس لا يدرى من هم يوم الجمعة [3] بسامراء، ففتحوا السجن، وأخرجوا من فيه، فوجه بعض القواد فوثبت [به] العامة [4] فهزموه، فركب بغا وعَامَّة الأتراك، فقتلوا من العامة جماعة، ورمي وصيف بحجر، فأمر النفاطين فأحرقوا منازل النَّاس وحوانيت التجار هنالك [5] .
وفي يوم السبت لأربع عشرة خلت من ربيع الآخر [6] قتل أوتامش وكاتبه شجاع بن القاسم، وكان السبب في ذلك [7] : أن المستعين كان قد أطلق يد أوتامش وشاهك الخادم في بيوت الأموال، وأطلقها في الأفعال فعمد أوتامش إلى ما في بيوت الأموال فاكتسحه [8] وجعلت [9] الموالي ترى الأموال تؤخذ وهي في ضيقة، وجعل أوتامش ينفذ [10] أمور الخلافة ووصيف وبغا من ذلك بمعزل، فأغريا الموالي به، ولم يزالا يدبران عليه حتى أحكما التدبير، فتذمرت الأتراك والفراغنة على أوتامش، وخرج إليه منهم يوم الخميس لاثنتي عشرة [ليلة] [11] خلت من ربيع الآخر من هذه السنة [12] أهل
__________
[1] في ت: «لحرب الروم» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 261، 262. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249 هـ) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3.
[3] «يوم الجمعة» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «فوثبت العامة» .
وفي ت: «فوثب به العامة» . وفي الطبري: «فوثبت بهم العامة فهزموهم» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 262، 263. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3.
[6] في الأصل: «ربيع الأول» .
[7] في ت: «وسبب ذلك» .
[8] في الأصل: «فاكتسحها» .
وفي ت: «فأخذه» وما أثبتناه من الطبري.
[9] في ت: «وجعل» .
[10] في ت: «يستبد بأمور» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «من هذه السنة» ساقط من ت.

(12/21)


الدور والكرخ، فعسكروا ورجعوا إليه وهو في الجوسق مع المستعين.
وبلغه الخبر فأراد الهرب [1] فلم يمكنه، واستجار [2] بالمستعين فلم يجره [3] ، فأقاموا كذلك يوم الخميس والجمعة.
فلما كان يوم السبت دخلوا [الجوسق] [4] فاستخرجوه، فقتل [5] وانتهبت [6] داره، فأخذت منها أموال [7] كثيرة [8] جليلة، وقتل كاتبه شجاع.
فلما قتل أوتامش استوزر المستعين أبا صالح عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن يزداد، وعزل الفضل بْن مروان عن ديوان الخراج، وولاه عيسى بن فرّخان شاه، وولي وصيف [9] الأهواز وبغا الصغير فلسطين، ثم غضب بغا الصغير على أبي صالح فهرب أبو صالح إلى بغداد في شعبان، وصير المستعين مكانه مُحَمَّد بن الفضل [10] الجرجرائي [11] .
ومطر أهل سامراء [12] يوم الجمعة لخمس [ليال] [13] بقين من جمادى الأولى
__________
[1] في ت: «وبلغه الهرب فأراد الهرب» .
[2] في الأصل: «فاستجار» .
[3] «يجره» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «فقتل» ساقطة من ت.
[6] في ت: «ونهبت» .
[7] في الأصل: «فأخذت له» .
وفي ت: «وأخذت منه» .
وما أثبتناه من الطبري.
[8] «كثيرة» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «وصيفا» .
[10] في الأصل: «محمد بن الفضل الجرجاني» .
وما أثبتناه من ت، والطبري.
[11] تاريخ الطبري 9/ 263، 264. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3، 4.
[12] في ت: «أهل الشام» .
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/22)


مطرا جودا سائلا إلى اصفرار الشمس، وكان ذلك يوم سادس عشر تموز [1] .
وتحركت المغاربة يوم الخميس لثلاث خلون من جمادى الأولى، وكانوا قد تجمعوا ثم تفرقوا يوم الجمعة [2] .
وفي هذه السنة، غزا جعفر بن دينار الصائفة، فافتتح حصنا، ومطامير، واستأذنه عمر بن عَبْد الله الأقطع في المصير [3] إلى ناحية من بلاد الروم ومعه خلق كثير من أهل ملطية فلقيه ملك الروم في خمسين ألفا، فاقتتلوا فقتل عمرو ألف رجل من المسلمين، وذلك في يوم الجمعة للنصف من رجب [4] .
وفيها: قتل علي بن يحيى الأرمني، وذلك أن الروم لما قتلت عمر خرجت [5] إلى الثغور الجزرية [6] وكلبوا [7] عليها وعلى حرم المسلمين، فبلغ ذلك علي بن يحيى، وهو قافل من أرمينية إلى ميافارقين، فنفر إليهم في جماعة فقتل في نحو أربعمائة رجل، وذلك في رمضان [8] .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام، وهو والي مكة [9] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1517- إبراهيم بْن مطرف بْن مُحَمَّد بْن عَلي بن حميد أبو إسحاق الأستراباذي [10] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 265.
[2] تاريخ الطبري 9/ 265.
[3] في ت: «المسير» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 261.
[5] في ت: «خرجوا» .
[6] الجزرية» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «وغلبوا» .
وفي ت: «وتكالبوا» .
[8] تاريخ الطبري 9/ 261. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) ، 6/ 153.
[9] تاريخ الطبري 9/ 265. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) ، 6/ 155.
[10] الأستراباذي: بكسر الألف، وسكون السين المهملة، وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفتح الراء

(12/23)


كَانَ من كبار الفقهاء الأفاضل ومن أصحاب الحديث الثقات، سمع من [1] إبراهيم بن موسى الفراء وغيره، وتقدم إليه بالقضاء في الأيام الظاهرية فأبى أن يقبل [وردها] ورد إليه مائة دينار [2] .
توفي في هذه السنة.
1518- إبراهيم بن عيسى، أبو إسحاق الأصفهاني [3] .
صحب معروفا الكرخي، وكانت عبادته تشبه [4] عبادة الملائكة، فليلة يقوم إلى قريب [5] الفجر، ثم يركع ويتمها ركعتين، وليلة يركع إلى قريب الفجر، ثم يسجد ويتمها ركعتين، وليلة يسجد إلى قريب الفجر، ثم يرفع ويتمها ركعتين، ثم يدعو في آخر الليل لجميع الناس، ولجميع الحيوان البهائم والوحش، ويقول في اليهود والنصارى [6] : اللَّهمّ اهدهم، ويقول للتجار: اللَّهمّ سلم تجارتهم.
توفي في [شوال] [7] هذه السنة.
1519- أوتامش التركي [الأمير] [8]
قدمه المستعين على الكل، واستوزره فحسد [9] على ذلك، فقتل في هذه السنة.
__________
[ () ] والباء الموحدة بين الألفين، وفي آخرها الذال المعجمة.
هذه النسبة إلى أستراباذ، وهي بلدة من بلاد مازندران بين سارية وجرجان (الأنساب للسمعاني 1/ 214.)
[1] «من» سقطت من ت.
[2] في ت: «فأبى أن يقبل وردها. وتوفي ... » .
وفي الأصل: «فأبى أن يقبل ورد إليه ... » .
[3] حلية الأولياء 2/ 133، 10/ 393.
[4] في ت: «وكانت له عبادة تشبه» .
[5] في جميع المواضع التالية من ت: «قرب الفجر» .
[6] في ت: «ثم اليهود والنصارى ثم يقول ... » .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «فحسدوه» .

(12/24)


1520- حميد بن هشام بن حميد، أبو خليفة الرعيني [1] :
حدث عن الليث، وابن لهيعة، وعمر طويلا. وكان مستجاب الدعوة.
وتوفي في شوال هذه السنة.
1521- الحسن بن الصباح بن مُحَمَّد، أبو علي البزاز [2] :
سمع سفيان بن عيينة، وأبا معاوية، وشبابة، وغيرهم. روى عنه البخاري، والحربي، وابن أبي الدُّنَيا، والبغوي، وابن صاعد، وآخر من حدث عنه القاضي المحاملي.
وَقَالَ أبو حاتم الرازي: هو صدوق. وكان أَحْمَد بن حنبل يرفع [من] [3] قدره ويجله [4] . وكان ثقة صاحب سنة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] [قَالَ] : أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت] [5] الخطيب قَالَ:
قرأت على البرقاني، عن أبي إسحاق المزكي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد [6] بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت الحسن بن الصباح يَقُولُ: أدخلت على المأمون ثلاث مرات رفع إليه أول مرة أني آمر بالمعروف- وكان نهى أن يأمر أحد بمعروف- فأخذت فأدخلت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزاز؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قَالَ: وتأمر بالمعروف؟ قلت:
لا، ولكني أنهى عن المنكر. فرفعني على ظهر رجل وضربني خمس درر، وخلى سبيلي، وأدخلت عليه [7] المرة الثانية، رفع إليه أني أشتم علي بن أبي طالب، فلما
__________
[1] الرعينيّ: بضم الراء وفتح العين المهملة وبعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون.
هذه النسبة إلى ذي رعين من اليمن، وكان من الأقيال، وهو قبيل من اليمن، نزلت جماعة منهم مصر (الأنساب 6/ 139) .
[2] تاريخ بغداد 7/ 330- 332.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «ومجله» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «عن أبي إسحاق أن محمد بن إسحاق ... » .
[7] في ت: «إليه» .

(12/25)


قمت بين يديه قَالَ لي: أنت الحسن؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قَالَ: وتشتم علي بن أبي طَالِب؟ فقلت: صلى الله على مولاي وسيدي علي، يا أمير المؤمنين [1] أنا لا أشتم يزيد بن معاوية، لأنه [2] ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي؟! قَالَ: خلّوا سبيله.
وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى بدندون [3] في المحنة، فدفعت إلى أشناس، فلما مات خلى سبيلي [4] .
توفي الحسن [5] في ربيع الأول من هذه السنة.
1522- علي بن الجهم بن بدر السامي [6] :
من ولد سامة بن لؤي بن غالب، وكان شاعرا وكان له اختصاص بالمتوكل [7] ، وكان فاضلا متدينا ذا شعر جيد مستحسن، إلا أنه كان يتكلم عند المتوكل [على أصحابه] [8] فحبسه المتوكل، ثم نفاه إلى خراسان.
أَخْبَرَنَا أبو منصور [9] القزاز [قال] : أخبرنا [أبو بكر] [10] بْن ثَابِت أَخْبَرَنَا [11] مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [12] الحنائي [قَالَ:] [13] حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بن جعفر بن شاذان قَالَ: سمعت إبراهيم الحَرْبيّ يقول: قَالَ لي علي بن الجهم: وجه بي المتوكل
__________
[1] في ت: «علي بن أبي طالب، أنا لا ... » .
[2] في ت: «وهو» .
[3] في الأصل: «إلى أرض الروم لكي يريدوني ... » . وما أثبتناه من ت، وتاريخ بغداد.
[4] الخبر في تاريخ بغداد 7/ 331.
[5] في ت: «الحسين» .
[6] تاريخ بغداد 11/ 367- 369.
[7] في ت: «وله اختصاص عند المتوكل» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[9] «أبو منصور» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «حدثنا» .
[12] في الأصل: «محمد بن الحسين الحنائي» خطأ.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/26)


فِي حاجة له إلى بغداد، فلما كان يوم جمعة [1] صليت في الصحن، فإذا سائل قد وقف يسأل، فحدث أحاديث صحاحا، وأنشد شعرا مستويا، وتكلم بكلام حسن، فأخذ من [2] قلوب الناس، ثم قَالَ [لهم] : [3] يا قوم، إني لم أوت من عجر، وإني افتتنت [4] في علوم كثيرة ولقد خرجت إلى الجعفري إلى المتوكل، فحملت والتراب على رأسي فخرج يوما المتوكل [5] على حمار له يدور في القصر فطرحت [6] التراب على رأسي وأنشدته القصيدة الفلانية، وأنشدها [7] فجود [8] إنشادها، فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فقال له علي بن الجهم: الساعة يفتح عليك أهل الخلد فلا تكفيك [9] بيوت الأموال، فلم أعط شيئا، فلم يبق أحد إلا لعنني وذمني، فقلت للخادم: علي بالسائل. فأتاني بِهِ، فقلت له [10] : تعرف علي بن الجهم؟ فقال: لا. فقلت للخادم: من أنا؟ قَالَ: علي بن الجهم [11] فقلت لشيوخ [12] بالقرب مني: من أنا؟ قالوا: [13] علي بن الجهم. فقال: ما تنكر من هذا هات عشرة دراهم أخرجك وأدخل غيرك. فأعطيته عشرة دراهم، وأخذت عليه أن لا يذكرني [14] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أيوب
__________
[1] في ت: «يوم الجمعة» .
[2] في ت: «فاجتلب قلوب الناس» .
وفي تاريخ بغداد: «فأخذ في قلوب الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأثبتناه من ت.
[4] في الأصل: «أفتيت» وما أثبتناه من ت، وتاريخ بغداد.
[5] في ت: «فخرج المتوكل يوما» .
[6] في ت: «وطرحت» .
[7] في ت: «فأنشدها» .
[8] في ت: «وجوّد» .
[9] في ت: «فقال له علي بن الجهم: تفتح عليك هذا الباب فلا تكفيك» .
[10] «له» ساقطة من ت.
[11] «من أنا؟ قال: علي بن الجهم» ساقط من ت.
[12] في الأصل: «للشيوخ» .
[13] في ت: «قال» .
[14] تاريخ بغداد 11/ 367، 368.

(12/27)


القمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمران الكاتب قَالَ: أخبرني] مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: قَالَ علي بن الجهم [1] :
نوب الزمان كثيرة وأشدها ... شمل تحكم فيه يوم فراق
يا قلب لم عرّضت نفسك للهوى ... أو ما رأيت [2] مصارع العشاق [3]
أَخْبَرَنَا القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي بن ثابت] [4] الخطيب وَقَالَ: قرأت في كتاب عمر بن محمد بن الحسن [5] عن أبي بكر الصولي قَالَ حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد بن نصر قَالَ: قَالَ [6] أَحْمَد بن حمدون: ورد على المستعين في شعبان سنة [7] تسع وأربعين كتاب صاحب البريد بحلب أن علي بن الجهم خرج من حلب متوجها إلى الغزو، فخرجت عليه [وعلى] جماعة [معه خيل] [8] من كلب، فقاتلهم قتالا شديدا فلحقه الناس وهو جريح [9] بآخر رمق [فكان مما قَالَ] [10] :
أسال بالصبح سيل ... أم زيد في الليل ليل
يا إخوتي بدجيل ... وأين مني دجيل
[وكان منزله ببغداد في شارع دجيل] [11] ، وأنه مات فوجدت معه رقعة حين نزعت ثيابه بعد موته فيها:
يا رحمتا للغريب في البلد ... النازح ماذا بنفسه صنعا
__________
[1] في الأصل: «أخبرنا القزاز بإسناد له عن محمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: قَالَ علي بن الجهم» .
[2] في الأصل: «ما سمعت» .
[3] تاريخ بغداد 11/ 368.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «الحسين» .
[6] في ت: «حدثنا أحمد بن حمدون» .
[7] «سنة» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «جريح» ساقطة من ت.
[10] في الأصل: «بآخر رمق فقال» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/28)


فارق أحبابه مما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا [1]
ومات في ذلك المنزل على يوم من حلب، ومن شعره المستحسن:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن ... سلوت ولكن زدن حمرا على حمر
[سلمن وأسلمن القلوب كأنما ... تشك بأطراف المثقفة السمر
وقلن لها نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري بليل ولا يغري
ولا بذل إلا ما تزود ناظر ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
خليلي ما أحلى الهوى وأمره ... وأعلمني بالحلو فيه وبالمر] [2]
كفى بالهوى شغلا وبالشيب زاجرا ... لو أن الهوى ما ينهنه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل رأيتما ... أرق من [3] الشكوى وأقسى من الهجر
وأفضح من عين المحب لسره ... ولا سيما أن طلعت عبرة تجري
وإنا لممن سار بالثغر ذكره ... ولكن أشعاري يسير بها ذكري
وما كل [4] من قاد الجياد يسوسها ... ولا كل من أجرى يُقَالُ له مجري
ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر
وفرق شمل المال جود يمينه ... على أنه أبقى له أجمل الذكر
إذا ما أمال الرأي أدرك فكره ... غرائب لم تخطر ببال [5] ولا فكر
ولا يجمع الأموال إلا لبذلها ... كما لا يساق الهدي إلا إلى النحر
ومن قَالَ إن القطر والبحر أشبها ... فقد أثنى على البحر والقطر
أغير كتاب الله تبغون شاهدا ... لكم يا بني العباس بالمجد والفخر
كفاكم بأن الله فوض أمره ... إليكم وأوحى أن أطيعوا أولي الأمر
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 369.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «بين الشكوى» .
[4] في ت: «ولا كل» .
[5] في ت: «برأي ولا فكر» .

(12/29)


وهل يقبل الإيمان إلا بحبكم ... وهل يقبل الله الصلاة بلا طهر
ومن كان مجهول المكان فإنما ... منازلكم بين الحجون إلى الحجر
1523- خلاد بن أسلم، أبو بكر. [1]
سمع هشيما، وابن عيينة، والنضر بن شميل. روى عنه إبراهيم الحربي، والبغوي، وابن صاعد، والمحاملي. وَقَالَ الدارقطني: فقيه [2] ، ثقة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي بن ثابت] [3] الخطيب قَالَ: حدثني الأزهري، عن عبيد الله بن عثمان بن يحيى، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن جعفر المنادي إجازة قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عيسى مُحَمَّد بن إبراهيم القرشي قَالَ: سمعت أبا جعفر مُحَمَّد [4] بن عَبْد الرَّحْمَنِ الصِّيرَفِيّ يقول [5] : بعث إلي الحكم بن موسى في أيام عيد أنه يحتاج إلى نفقة، ولم يكن عندي إلا ثلاثة آلاف درهم، فوجهت إليه بها، فلما صارت في قبضته وجه إليه خلاد بن أسلم أنه يحتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إليه، واحتجت أنا [6] إلى نفقة فوجّهت إلى خلّاد أني أحتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إلي، فلما رأيتها مصرورة في خرقتها وهي الدراهم بعينها، أنكرت ذلك، فبعثت إلى خلاد: حدثني بقصة هذه الدراهم، فأخبرني أن الحكم بن موسى بعث بها إليه فوجهت [7] إلى الحكم منها بألف ووجهت إلى خلاد بألف، وأخذت منها [8] أنا ألف [9] .
توفي خلاد [10] في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] «أبو بكر» ساقطة من ت. تاريخ بغداد 8/ 342.
[2] و «فقيه» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «أبا جعفر بن عبد الرحمن» .
[5] في ت: سمعت أحمد بن جعفر الصيرفي يقول» .
[6] «أنا» ساقطة من ت.
[7] «فوجهت» ساقطة من ت.
[8] «منها» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 8/ 343.
[10] «خلاد» ساقطة من ت.

(12/30)


1524- رجاء بن أبي رجاء، واسم أبي رجاء مرجى بن رافع، أبو مُحَمَّد المروزي [1] .
سكن بغداد، وحدث بها، عن النضر بن شميل، وأبي نعيم، وقبيصة. روى عنه ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة ثبتا إماما في الحديث وحفظه، والمعرفة به، قَالَ أبو حاتم الرازي [2] : هو صدوق.
توفي في [جمادى الأولى من] [3] هذه السنة.
1525- سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، أبو عثمان الأموي [4] .
سمع ابن المبارك، وعيسى بن يونس، روى عنه البخاري، ومسلم، والبغوي، وابن صاعد، وآخر من روى عنه القاضي المحاملي، وكان ثقة.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة باب البردان.
1526- عمرو [بن علي] [5] بن بحر بن كثير، أبو حفص الصيرفي الفلاس البصري
سمع سفيان بن عيينة، وبشر بن المفضل، وغندرا، والمعتمر بن سليمان، وابن مهدي، وخلقا كثيرا. روى عنه عفان بن مسلم، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، وآخر من روى عنه من أهل الدنيا: أبو روق الهزاني، وكان الفلاس إماما حافظا صدوقا ثقة [6] ، ومدحه رجل فقال:
يرم الحديث بإسناده ... ويمسك عنه إذا ما وهم [7]
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 410، 411.
[2] «الرازيّ» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تهذيب الكمال 507. وتهذيب التهذيب 4/ 97. والتقريب 1/ 308. والتاريخ الكبير 3/ 521. والجرح والتعديل 4/ 74.
قال ابن حجر: ثقة ربما أخطأ.
[5] في الأصل: «عمرو بن بحر بن كثير» بسقوط «علي» .
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 1044. وتهذيب التهذيب 8/ 80. والتقريب 2/ 75. والتاريخ الكبير 6/ 355. والجرح والتعديل 6/ 249. والمعرفة والتاريخ 1/ 640.
[6] في ت: «ثقة صدوقا» .
[7] جاء البيت الأول مكان الثاني وبالعكس في النسخة ت.

(12/31)


ولو شاء قَالَ ولكنه ... يخاف التزيد فيما علم
قَالَ أبو زرعة: ولم ير بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني، وابن الشاذكوني، وعمرو بن علي. قدم الفلاس يقصد الخليفة فتلقاه أصحاب الحديث في الزواريق إلى المدائن، فدخل بغداد فحدثهم.
ثم توفي بسر من رأى في ذي القعدة من هذه السنة.
1527- مُحَمَّد بن بكر بن خالد، أبو جعفر القصير [1] :
كاتب أبي يوسف القاضي. سمع عبد العزيز الدراوَرْديّ، وفضيل بن عياض، وغيرهما، وكان ثقة.
توفي في هذه السنة [2] لتسع خلون من ذي القعدة.
1528- مُحَمَّد بن حاتم بن بزيع، أبو سعيد، ويقال: أبو بكر [3] .
ثقة، أخرج عنه البخاري في صحيحه.
وتوفي في رمضان هذه السنة [4] .
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 94. والجواهر المضية 1251. والأنساب للسمعاني 10/ 178.
[2] «في هذه السنة» جاءت في نهاية الجملة.
[3] تقريب التهذيب 2/ 151. والجمع بين رجال الصحيحين ص 458.
[4] في ت: «وتوفي في هذه السنة في رمضان» .

(12/32)


ثم دخلت سنة خمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين [1] بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالكوفة، وسبب خروجه أنه نالته ضيقة شديدة ولزمه دين ضاق به ذرعا، فلقي عمر بْن فرح، وكان يتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من خراسان أيام المتوكل فكلمه [2] في صلة [3] فأغلظ له عمر في القول، فسبه يحيى، فحبسه فلم يزل محبوسا إلى أن كفله [4] أهله، فأطلق فشخص إلى مدينة السلام، فأقام بها بحال سيئة، ثم سار إلى سامراء فلقي وصيفا في رزق يجري عليه، فأغلظ له وصيف في الرد، وَقَالَ: لأي شيء يجري على مثلك؟ فانصرف [عنه] [5] ، فخرج إلى الكوفة فجمع جمعا كبيرا من الأعراب وأهل الكوفة، وأتى الفلوجة، فكتب صاحب البريد بخبره فكتب مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر إلى أيوب بن الحسن، وعبد الله بن محمود السَّرَخْسيّ يأمرهما بالاجتماع على محاربته، فدخل يحيى بن عمر إلى بيت المال بالكوفة، فوجد فيه ألفي دينار وسبعين ألف درهم، فأخذها وظهر أمره بالكوفة، وفتح السجنين فأخرج جميع من كان فيها، وأخرج عمالهما عنها، فلقيه عَبْد اللَّهِ بن محمود فضربه يحيى ضربة أثخنته،
__________
[1] في ت: «حسن» .
[2] «فكلمه» ساقطة من ب.
[3] في ت: «في صلة الموكل» .
[4] في ت: «فكفل به» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/33)


فانهزم وحوى يحيى [1] جميع ما [كان] [2] معه من الدواب والمال، ثم خرج يحيى من الكوفة إلى سوادها، وتبعه جماعة من الزيدية وغيرهم وكثر جمعه ووجه ابن طاهر إلى محاربته جمعا كثيرا.
ثم دخل يحيى الكوفة ودعى إلى الرضى من آل مُحَمَّد وكثف أمره وتابعه خلق كثير لهم بصائر [وتدين] [3] ، ثم لقي أصحاب ابن طاهر فانهزم أصحاب يحيى، وذبح هو، ووجه برأسه إلى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [4] بن طاهر فبعث به إلى المستعين [من الغد] [5] فنصبه بباب العامة بسامراء.
ودخل الناس يهنئون عَبْد اللَّهِ [6] بن طاهر، فدخل رجل فقال: أيها الأمير، إنك لتهنأ بقتل رَجُل لو كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لعزي به، فما رد عليه شيئا [7] .
ثم خرج من بعده الحسن بن زيد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب [رضوان الله عليهم] [8] في شهر رمضان. وذلك لما جرى على يحيى بن عمر [9] ما جرى على يد ابن طاهر أقطعه المستعين قطائع بطبرستان، فبعث وكيله فحازها وحاز معها الموات [10] ، فنفر من ذلك أهل تلك الناحية، واستعدوا لمنعه، وذهبوا إلى علوي يُقَالُ له: مُحَمَّد بن إبراهيم بدعوته [11] إلى البيعة، فأبى وَقَالَ: أدلكم على من هو أقوم مني بذلك: الحسن بن زيد. ودلهم على مسكنه بالري، فوجهوا [12]
__________
[1] «يحيى» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «محمد بن عبد الله» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «عبد الله ساقطة من ت.
[7] تاريخ الطبري 9/ 266- 271.
[8] «رضوان الله عليهم» ساقطة من الأصل.
[9] «بن عمر» ساقطة من ت.
[10] في ت: «المواريث» .
[11] في ت: «فدعوا به» .
[12] في ت: «على مسكنهم بالري فوجه» .

(12/34)


إِلَيْهِ عن رسالة مُحَمَّد بن إبراهيم من يدعوه إلى طبرستان، فشخص معه [1] إليهم فبايعوه، ثم ناهضوا [2] العمال فطردوهم، ثم زحف بمن معه إلى آمل وهي أول مدائن طبرستان، فدخلها وقام فيها أياما حتى جبى الخراج من أهلها، واستعد، وخرج أصحاب ابن طاهر [واقتتلوا، وهرب أصحاب ابن طاهر] [3] واجتمعت للحسن بن زيد [4] مع طبرستان الري إلى حد همذان، وورد الخبر إلى [5] المستعين فبعث إليه جنودا [6] .
وفي هذه السنة: غضب المستعين على جعفر بن عبد الواحد لأن وصيفا زعم أنه قد أفسد الشاكرية فنفي إلى البصرة لسبع [7] بقين من ربيع الأول.
وفيها أسقطت مرتبة من كانت [له] [8] مرتبة في دار العامة من بني أمية كابن أبي الشوارب، والعثمانيين.
وأخرج من الحبس الحسن بن الأفشين [9] .
وفيها وثب أهل حمص على الفضل بن قارون وهو عامل السلطان عليها [10] فقتلوه في رجب، فوجه إليهم المستعين موسى بن بغا الكبير، فشخص من سامراء يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رمضان، فلما قرب من حمص تلقاه أهلها فحاربهم، وافتتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وحرقها، وأسر جماعة من رؤساء أهلها [11] .
__________
[1] «معه» ساقطة من ت.
[2] في ت: «نهضوا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بن زيد» ساقط من ت.
[5] في الأصل: «علي» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 271- 76.
[7] في ت: «لتسع» .
والخبر في الطبري 9/ 277.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[9] في ت: «الحسين بن أفشين» .
والخبر في الطبري 9/ 277.
[10] «عليها» ساقطة من ت.
[11] تاريخ الطبري 9/ 276.

(12/35)


وفيها: وثبت الجند والشاكرية ببلد فارس [1] بعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم فانتهبوا داره، فهرب، وقتلوا مُحَمَّد بن الحسن بن قارون [2] .
وفيها: وجه مُحَمَّد بن طاهر من خراسان بفيلين كان قد وجه بهما إليه من كابل وأصنام [3] .
وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن الفضل وهو والي مكة [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1529- أَحْمَد بن يحيى بن الوزير، أبو عَبْد اللَّهِ [5] .
كان فقيها من جلساء ابن وهب، وكان عالما بالشعر، والأدب، وأيام الناس، والأنساب، ولد سنة إحدى وسبعين ومائة.
وتوفي في شوال هذه السنة في الحبس لخراج كان عليه.
1530- أَحْمَد بن عمرو بن عَبْد اللَّهِ بن عمرو السرح [6] ، أبو طاهر [7] .
كان فقيها. وحدث عن رشدين [8] بن سعد، وسفيان بن عيينة، وابن وهب.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، وكان من الصالحين الأثبات.
1531- إبراهيم بن مُحَمَّد، أبو إسحاق التيمي [9] .
قاضي البصرة، أشخصه المتوكل إلى بغداد لتوليه القضاء.
__________
[1] «ببلد فارس» ساقطة من ت.
[2] تاريخ الطبري 9/ 277.
[3] تاريخ الطبري 9/ 277.
[4] تاريخ الطبري 9/ 277.
[5] «أبو عبد الله» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 1/ 519 (ترجمة رقم 126. والأنساب 7/ 303.
[6] في الأصل: «السراج» وفي ت: «الفرج» والتصحيح من تهذيب الكمال للمزي، وغيره.
[7] تهذيب الكمال 1/ 415 (ترجمة 86) . وتهذيب التهذيب 1/ 64. والتقريب 2/ 255.
[8] في الأصل: «رشد بن سعد» .
[9] تاريخ بغداد 6/ 150- 152.

(12/36)


أخبرنا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أبو بكر أحمد بْن علي بْن ثابت] [1] الخطيب قَالَ أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قَالَ: أشخص [2] إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التيمي، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [فلما حضرا دار المتوكل أمر بإدخال ابن أبي الشوارب] [3] فلما أدخل عليه قَالَ: إني أريدك للقضاء [4] . فقال: يا أمير المؤمنين لا أصلح له. قَالَ: تأبون يا بني أمية إلا كبرا. فقال: والله يا أمير المؤمنين ما بي كبر، ولكني لا أصلح للحكم. فأمر بإخراجه وكان هو وإبراهيم التيمي قد تعاقدا عَلَى أن [5] لا يتولى أحد منهما [6] القضاء، فدعي إبراهيم فقال له المتوكل: إني أريدك للقضاء. فقال [7] : على شريطة يا أمير المؤمنين.
قَالَ: وما هي؟ قَالَ: على [8] أن تدعو لي دعوة، فإن دعوة الإمام العادل مستجابة.
فولاه. وخرج على ابن أبي الشوارب في الخلع [9] .
حدث إبراهيم عن سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد [10] .
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة [وكان ثقة] [11] .
1532- الحارث بن مسكين بن مُحَمَّد بن يوسف، أبو عمر المصري [12] :
ولد سنة أربع وخمسين ومائة، وكان ثقة صدوقا فقيها على مذهب مالك، ورأى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «ابن محمد بن عرفة قال: «أشخص» ساقط من ت، وفيها: «أخبرنا أَحْمَد بْن إبراهيم حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد التيمي ... » .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أريد القضاء» .
[5] في الأصل: «تعاقدوا على أن لا» . وفي ت: «تعاقدا ألا يتولى ... » .
[6] في الأصل: «منهم» .
[7] «إني أريدك للقضاء» . فقال: ساقطة من ت.
[8] «على» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 6/ 151.
[10] في ت: «ولحي بن سعد» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «البصري» . وفي الأصل: «أبو عمر» . انظر: تاريخ بغداد 8/ 216- 218.

(12/37)


الليث بن سعد، وكان يجالس برد بن نجيح صاحب مالك بن أنس، وقعد بعد موت [1] برد في حلقته، وحمله المأمون مع من حمل من مصر إلى بغداد في محنة القرآن، فسجن فأقام في السجن إلى أن ولي المتوكل، فأطلق المسجونين في ذلك، وأطلقه وولاه قضاء مصر فتولاه من سنة سبع وثلاثين إلى سنة خمس وأربعين [2] ، ثم صرف عن ذلك.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة وصلى عليه أمير مصر وكبر [عليه] [3] خمسا.
1533- نصر بن علي بن نصر بن صهبان بن أبي، أبو عمرو [4] ، الجهضمي البصري [5]
سَمِعَ مُعْتَمِرَ [6] بْنَ سُلَيْمَانَ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ وَغَيْرَهُمْ. رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَالْبَاغَنْدِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً. وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَأَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ أَنْ يُضْرَبَ أَلْفَ سَوْطٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّه رَافِضِيٌّ فَقَالَ لَهُ [7] جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ [8] : هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَتَرَكَهُ [9] .
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن خَيْرُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ [10] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بن
__________
[1] «موت» ساقطة من ت.
[2] في ت: «وأطلقه وبقي في السجن من سنة سبع وثلاثين إلى سنة خمس وأربعين، وولاه قضاء مصر، ثم صرف عن ذلك» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «بن صهبان بن أبو عمر» .
[5] في الأصل: «الجهنمي النصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 287- 289.
[6] في الأصل: «عثمان» .
[7] في ت: «فكلمه» .
[8] في ت زيادة: «وجعل يقول له» .
[9] تاريخ بغداد/ 287، 288.
[10] في الأصل: «أخبرنا ابن خيرون، أخبرنا الخطيب» .

(12/38)


جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: كَانَ فِي جِيرَانِي رَجُلٌ طُفَيْلِيٌّ، فَكُنْتُ إِذَا دُعِيتُ إِلَى مَدْعَاةٍ [1] رَكِبَ لِركُوبِي فَإِذَا دَخَلْنَا الْمَوْضِعَ أُكْرِمَ مِنْ أَجْلِي، فَاتَّخَذَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ دَعْوَةً، فَدُعِيتُ فِيهَا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ هَذَا الرَّجُلُ مَعِي لأَخْزِيَنَّهُ.
فَلَمَّا رَكِبْتُ رَكِبَ لِرُكُوبِي وَدَخَلْتُ الدَّارَ فَدَخَلَ مَعِي وَأُكْرِمَ مِنْ أَجْلِي، فَلَمَّا حَضَرْتُ [2] الْمَائِدَةَ قُلْتُ: حَدَّثَنَا درستُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ، عِنِ ابْنِ عمران [3] [عَنِ] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَشَى إِلَى طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ مَشَى فَأُسْقِيَ وَأَكَلَ حَرَامًا» قَالَ: فَقَالَ الطُّفَيْلِيُّ: اسْتَحْيَيْتُ لَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو، مِثْلُكَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلامِ عَلَى مَائِدَةِ الأَمِيرِ ثُمَّ مَا هَا هُنَا [4] أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّكَ رَمَيْتَهُ بِهَذَا الكَلامِ، ثُمَّ لا تَسْتَحِي أن تحدث عن درستُ وَدرستُ كَذَّابٌ لا يُحْتَجُّ [5] بِحَدِيثِهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، وَأَبَانٌ كَانَ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ يَلْعَبُونَ بِهِ، وَلَكِنْ أَيْنَ أَنْتَ مِمَّا [6] حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ» . قَالَ نصر بن علي: فكأني ألقمت حجرا فلما خرجنا من الدار أنشأ الطفيلي يقول:
ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب لقد ظن عجزا
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْحَسَن الأهوازي قَالَ: سمعت العسكري يقول: سمعت الزينبي- يعني
__________
[1] في ت: «دعوة» .
[2] في ت: «وأكرم لأجلي، فلما أن حضرت» .
[3] في ت: «عن إبراهيم» .
[4] في ت: «وليس هاهنا» .
[5] في ت: «كذاب لا يحدث بحديثه» .
[6] في الأصل: «أين أنت على ما» .

(12/39)


إبراهيم بن عَبْد اللَّهِ يقول: سمعت نصر بن علي يقول] [1] : دخلت على المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأكثر، فقلت: يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي:
لم أر مثل الرفق في لينه ... أخرج للعذراء من خدرها
من يستعين بالرفق في أمره ... يستخرج الحية من جحرها
فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس فكتبهما [2] .
أخبرنا عبد الرحمن [قال] : أخبرنا أحمد بن علي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو عمرو الحسن بن عثمان الواعظ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [3] جعفر بن مُحَمَّد بن أَحْمَد الواسطي قَالَ:
سمعت أبا بكر بْن أبي داود يَقُولُ: كان المستعين باللَّه بعث إلى نصر بن علي يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة فأمره [4] بذلك، فقال: ارجع فأستخير الله فرجع إلى بيته نصف النهار، فصلى ركعتين وقَالَ: اللَّهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك.
فنام فأنبهوه، فإذا هو ميت [5] .
توفي نصر في أحد الربيعين من هذه السنة.
1534- عباد بن يعقوب الرواجي [6] .
سمع الوليد بن أبي ثور، وعلي بن هاشم [7] ، وغيرهما، وكان غاليا في التشيع، وقد أخرج عنه البخاري وربما لم يعلم أنه كان متشيعا [8] . [توفي في هذه السنة] [9] .
__________
[1] في الأصل: «قال نصر بن علي» : وسقط باقي السند وأضفناه من ت.
[2] تاريخ بغداد 13/ 288.
[3] في ت: «قال: أنبأنا» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بأمره» .
[5] تاريخ بغداد 13/ 289.
[6] جاءت هذه الترجمة في النسخة ت قبل ترجمة «نصر بن علي» وهو مكانها الصحيح من حيث الترتيب الأبجدي. وجاءت في الأصل كما أثبتناها هنا.
[7] «وعلي بن هاشم» ساقطة من ت.
[8] «وربما لم يعلم أنه كان متشيعا» ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(12/40)


أخبرنا محمد بن ناصر [1] الحافظ [قال:] أخبرنا أَحْمَد بن الحسين أبو طاهر الباقلاوي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله الأصفهاني قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن المظفر قَالَ: سمعت قَاسِم بن زكريا المطرز يقول: وردت الكوفة فكتبت عن شيوخها كلهم غير عباد بن يعقوب، فلما فرغت ممن [2] سواه، دخلت عليه وكان يمتحن من سمع منه [3] ، فقال، لي: من حفر البحر؟ فقلت: اللَّه خلق البحر. فقال: هو كذلك، ولكن من حفره؟ فقلت: يذكر الشيخ. فقال: حفره علي بن أبي طَالِب، ثم قَالَ: ومن أجراه؟ فقلت: الله مجري الأنهار ومنبع العيون. فقال: هو كذلك، ولكن من أجرى البحر؟ فقلت: يفيدني الشيخ. فقال: أجراه الحسين بن علي.
قَالَ: وكان عباد مكفوفا فرأيت في داره سيفا معلقا وحجفة، فقلت: أيها الشيخ، لمن هذا السيف؟ فقال: لي أعددته لأقاتل به مع المهدي. فلما فرغت من سماع ما أردت أن أسمعه منه، وعزمت على الخروج عن البلد دخلت عليه فسألني كما كان يسألني فقال: من حفر البحر؟ قلت: حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص، ثم وثبت من بين يديه وجعلت أعدو وجعل يصيح [4] : أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه.
قَالَ المصنف: ومثل هذا جرى لصالح جزرة، فإنه جاء إلى عَبْد اللَّهِ بن عمر بن أبان وكان غاليا في التشيع، وكان يمتحن من يسمع منه، فقال له: من حفر بئر زمزم؟
فقال صالح: حفرها معاوية بن أبي سفيان. فقال: من نقل ترابها؟ قَالَ: عمرو بن العاص فزبره ودخل منزله.
__________
[1] في الأصل: «ناصر بن محمد» .
[2] في الأصل: «مما سواه» .
[3] في ت: «من سمع عليه» .
[4] في الأصل: «يقول» .

(12/41)