المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [1] أول المحرم، وهو النصف من أيلول [2] قوي الحر حتى أخذ بالأنفاس، وخرج أيلول كله عن حر شديد، ودخل تشرين بمثل ذلك، وكان في اليوم الثامن منه حر لم يكن مثله [3] في آب وتموز.
[ورود الروم إلى أرزن، وميافارقين]
في صفر: ورد الخبر بورود الروم إلى أرزن، وميافارقين، وأنهم سبوا واحرقوا.
وفي ربيع الآخر: عقد نكاح لأبي [منصور] [4] إسحاق بن المتقي باللَّه على علوية بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان على مائة ألف دينار [5] وخمسمائة درهم، وجرى العقد بحضرة الخليفة وولي العقد على الجارية أبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، / ولم يحضر ناصر الدولة [وضرب ناصر الدولة سكة فزاد فيها عند ذكر [6] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضيق] [7] ناصر الدولة على المتقي باللَّه في نفقاته [8] ، وانتزع ضياعه وضياع والدته.
__________
[1] في ت: «فمن الحوادث فيها أن في أول المحرم» .
[2] في ت: «أيار» .
[3] «مثله» سقطت من ص، ل.
[4] في الأصل: «لأبي إسحاق بن المتقي ... »
[5] في ص، ك، ل، س: «مائة ألف درهم» .
[6] في ك، ت: «فزاد عند آل محمد» .
[7] ما بين المعقوفتين مذكور في الأصل في نهاية هذه الفقرة ما عدا كلمة «وضيّق» .
[8] في ص، ك، ل: «على المتقي في نفقاته» .

(14/26)


وفي آذار من هذه السنة: غلت الأسعار حتى أكلوا الكلاب، ووقع الوباء، ووافى من الجراد الأعرابي الأسود أمر عظيم حتى بيع [كل] [1] خمسين رطلا بدرهم، فكان فِي [2] ذلك معونة للفقراء لشدة غلاء الخبز.
وفي ذي القعدة: خرج المتقي إلى الشماسية لصيد السباع.
وفي هذه السنة [3] : خرج خلق كثير من التجار من بغداد [4] مع الحاج للانتقال إلى الشام ومصر، لاتصال الفتن ببغداد، وتواتر المحن عليهم [5] من السلطان.
وفيها: ورد كتاب من ملك الروم يلتمس منديلا كان لعيسى عليه السلام [6] مسح به وجهه فصارت صورة وجهه فيه، وذلك المنديل [7] في بيعة الرها [وأنه] [8] إن أنفذ إليه أطلق من أسارى المسلمين عددا كثيرا فاستؤمر المتقي باللَّه فأمر [9] بإحضار الفقهاء والقضاة، فقال بعض من حضر: هذا المنديل منذ زمان طويل في هذه البيعة لم يلتمسه ملك من ملوك الروم، وفي دفعة إلى هذا غضاضة على الإسلام، والمسلمون أحق بمنديل عيسى عليه السلام. فقال علي بن عيسى: خلاص المسلمين من الأسر أحق [بمنديل عِيسَى عَلَيْهِ السّلام] [10] فأمر المتقي بتسليم المنديل وتخليص الأسارى.
قال الصولي: ووصل الخبر بأن القرمطي ولد له مولود، فأهدى إليه أبو عبد الله البريدي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب [11] مرصع بالجوهر، وكثر الرفض، فنودي ببراءة الذمة ممن ذكر أحدا من الصحابة بسوء.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] «في» سقطت من باقي النسخ.
[3] في ص، ل، ك: «وفيها» .
[4] في ص، ل، ك: «من تجار بغداد» .
[5] «عليهم» سقطت من ت.
[6] في ت: «لعيسى بن عليه السّلام» ولعل الناسخ أراد أن يكتب «عيسى بن مريم عليه السّلام» فأخطأ.
[7] في ت: «في ذلك المنديل» وصححت في الهامش.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في ت: «المتقي فأمر ... »
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل، ك.
[11] «ذهب» سقطت من ت.

(14/27)


وورد الخبر بقبول علي بن بويه خلع السلطان بفارس ولبسه إياها وحضره حينئذ الشهود والقضاة. /
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2455- إبراهيم بن أحمد بن سهل [بن أحمد بن سهل] [1] بن الربيع بن سليمان، أبو إسحاق مولي جهينة
[2] .
سمع بكار بن قتيبة وغيره، وتوفي في رجب هذه السنة.
2456- حبشون [3] بن موسى بن أيوب، أبو نصر الخلال
[4] :
ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين، وسمع الحسن بن عرفة وغيره، روى عنه الدارقطني وابن شاهين، وكان ثقة، يسكن باب البصرة.
توفي في رمضان [5] هذه السنة.
2457- سنان بن ثابت [6] ، أبو سعيد الطبيب
[7] :
أسلم على يد القاهر باللَّه، ولم يسلم ولده ولا أحد من أهل بيته، وكان مقدما [8] في الطب وفي علوم كثيرة، ودخل على الخلفاء.
توفي في غرة ذي القعدة من هَذِهِ السنة.
2458- عبد الله بْن محمد بن المبارك [9] ، أبو محمد النيسابورىّ
[10] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] جهينة: قبيلة من قضاعة نزلت الكوفة، وبها محلة نسبت إليهم.
[3] في ت كلمة غير مقروءة.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 289) .
[5] في باقي النسخ: «توفي في شعبان» .
[6] في الأصل: «ثابت بن سنان» خطأ.
[7] انظر ترجمته في: (الأعلام 3/ 141. وطبقات الأطباء 1/ 220. والبداية والنهاية 11/ 206) .
[8] في باقي النسخ: «متقدما» .
[9] في الأصل: «بن مبارك» .
[10] انظر ترجمته في: (المنتخب من السياق 969) .

(14/28)


صحب حمدون القصار، وكان له علم بالشريعة، وكتب الحديث ورواه.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2459- علي بن إسماعيل بن أبي بشر، واسمه: إسحاق بن سالم بن إسماعيل [1] بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى أبو الحسن الأشعري المتكلم
[2] .
ولد سنة ستين ومائتين، وتشاغل بالكلام، وكان على مذهب المعتزلة زمانا طويلا، ثم عنّ له مخالفتهم، وأظهر مقالة خبطت عقائد الناس وأوجبت الفتن المتصلة، وكان الناس لا يختلفون [فِي] [3] أن هذا المسموع كلام الله، وأنه نزل به جبريل عليه السلام على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالأئمة المعتمد عليهم قالوا أنه قديم، والمعتزلة قالوا هُوَ [4] مخلوق، فوافق الأشعري المعتزلة في أن هذا مخلوق، وقال: ليس هذا كلام الله، إنما كلام الله صفة قائمة بذاته، ما نزل ولا هو مما يسمع، وما زال منذ أظهر هذا خائفا/ على نفسه لخلافه أهل السنة [5] ، حتى أنه استجار بدار أبي الحسن التميمي حذرا من القتل، ثم تبع [6] أقوام من السلاطين مذهبه فتعصبوا له [7] [وكثر أتباعه] [8] حتى تركت الشافعية معتقد الشافعي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ [9] ودانوا بقول الأشعري [10] .
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، قَالَ: أنبأنا أبو الحسين [11] المبارك بن عبد الجبار، قَالَ: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد [12] المقرئ الأهوازي
__________
[1] «بن إسماعيل» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 346) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «هو» سقطت من باقي النسخ.
[5] «أهل السنة» سقطت من ت.
[6] في باقي النسخ: «نبغ» .
[7] في باقي النسخ: «فتعصبوا لمذهبه» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] «رضي الله عنه» سقطت من الأصل.
[10] في ك: «ودانوا بمعتقده وبما يقول الأشعري» .
[11] في الأصل: «أبو الحسن» .
[12] في ت: «بن داود» .

(14/29)


الدمشقي قال: ولد علي بن أبي بشر الأشعري بالبصرة، ونشأ بها، فأقام بها أكثر عمره، فسمعت أبا الحسن [1] محمد بن محمد الوزان بالبصرة يقول: ولد ابن أبي بشر [2] سنة ستين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة، ولم يزل معتزليا أربعين سنة يناضل عن الاعتزال، ثم قال بعد ذلك قد رجعت عن الاعتزال.
قال الأهوازي: وسمعت أبا الحسن العسكري وكان من المخلصين في مذهب الأشعري يقول: كان [3] الأشعري تلميذ الجبائي يدرس عليه ويتعلم منه، لا يفارقه أربعين سنة.
قال الأهوازي: وسمعت أبا عبد الله الحمراني سنة خمس وسبعين وثلاثمائة يقول: لم نشعر يوم جمعة وإذا بالأشعري قد طلع على منبر الجامع بالبصرة [4] [بعد صلاة الجمعة] [5] ومعه شريط فشده على وسطه، ثم قطعه وقال: اشهدوا [6] أني تائب مما كنت فيه من القول بالاعتزال، وتوفي ببغداد ودفن بمشرعة الروايا، وقبره اليوم [7] عافي الأثر لا يلتفت إليه.
2460- محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة بن الصلت [8] السدوسي مولاهم أبو بكر
[9] :
سمع جده يعقوب بن شيبة وعباسا الدوري وغيرهما، وروى عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة.
أخبرنا [10] عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
__________
[1] في ت: «فسمعت الحسن» .
[2] في ت: «ولد ابن بشر» .
[3] في الأصل: «وكان من المخلصين يقول في مذهب لأشعري كان ... »
[4] في ت: «على منبر بالبصرة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «اشهد» .
[7] «بالاعتزال وتوفي ببغداد ودفن بمشرعة الروايا وقبره اليوم» سقط من ك.
[8] «ابن الصلت» سقطت من ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 373. والبداية والنهاية 11/ 206) .
[10] في ت: «أنبأنا» .

(14/30)


أخبرني علي بن أبي علي البصري [أخبرنا أبي] [1] قال: حدثني أبو بكر عمر بن عبد الملك السقطي قال: سمعت أبا بكر بن يعقوب بن شيبة يَقُولُ [2] : لما ولدت دخل/ أبي علي أمي فقال لها: إن المنجمين قد أخذوا مولد هذا الصبي وحسبوه [3] فإذا هو يعيش كذا وكذا، وقد حسبتها أياما وقد عزمت أن أعدّ له كل [4] يوم دينارًا مدة عمره [5] فإن ذلك يكفي الرجل المتوسط له ولعياله فأعدي [6] له حبا [فارغا] [7] فأعدته [8] وتركته في الأرض وملأه [بالدنانير] [9] ثم قال لَهَا: أعدي حبا آخر أجعل فيه [10] مثل هذا استظهارا [ففعلت وملأه] [11] ، ثم استدعى حبا آخر وملأه بمثل ما ملأ به كل واحد من الحبين، ودفن الجميع، فما نفعني ذلك مع حوادث الزمان، فقد احتجت إلى ما ترون.
قال أبو بكر السقطي: ورأيناه فقيرا جدًا [12] يجيئنا بلا إزار، ونقرأ عليه الحديث ونبره [13] بالشيء بعد الشيء، توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2461- محمد بن أحمد بن يعقوب بن أحمد بن محمد بن عبد الملك أبو الفضل الهاشمي [14] من أهل المصيصة
[15] :
ولي القضاء بدسكرة الملك في طريق خراسان، وورد بغداد فحدث بها عن
__________
[1] «أخبرنا أبي» سقطت من الأصل، ك.
[2] في باقي النسخ: «يحدث قال» .
[3] «وحسبوه» سقطت من ت.
[4] في باقي النسخ: «لكل» .
[5] «مدة عمره» سقطت من ت.
[6] في ت: «فأعد» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ك، ل.
[8] «فأعدته» سقطت من ت.
[9] «بالدنانير» سقطت من الأصل.
[10] الجملة في الأصل هكذا: «ثم استدعى حبا آخر فجعل فيه ... » .
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] «جدا» سقطت من باقي النسخ.
[13] في الأصل: «ويبرّ» .
[14] في الأصل: «الهاشمي أبو الفضل» .
[15] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 375) .

(14/31)


علي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي عروبة [1] الحراني، وأحمد بن عمير [2] بن جوصا، وغيرهم، وكان سيئ الحال في الحديث.
2462- محمد بن مخلد بن [حفص، أبو] [3] عبد الله الدوري العطار
[4] :
ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وكان ينزل الدور، وهي محلة في آخر بغداد بالجانب الشرقي في أعلى البلد، سمع يعقوب بن إبراهيم الدورقي، والزبير بن بكار، والحسن بن عرفة، ومسلم بن الحجاج في آخرين. روى عنه ابن عقدة، والآجري، وابن الجعابي، وابن المظفر، وابن حيويه، والدارقطني، وغيرهم، وكان ثقة، ذا فهم، واسع الرواية، مشهورا بالديانة، مذكورا بالعبادة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قَالَ:
أخبرنا [5] محمد بن عبد العزيز/ البرذعي قَالَ: أخبرنا [6] أحمد بن محمد بن عمران قَالَ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال: ماتت والدتي فنزلت في لحدها [7] فانفرجت لي فرجة عن قبر يلزقها، فإذا رجل عليه أكفان جدد، على صدره طاقة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فإذا هي أذكى من المسك، وشمها جماعة كانوا معي في الجنازة، ثم رددتها إلى موضعها وسددت الفرجة.
توفي ابن مخلد في جمادى الآخرة من هذه السنة، وقد استكمل سبعا وتسعين سنة وثمانية أشهر [8] وواحدا وعشرين يوما.
__________
[1] في الأصل: «أبي عوانة» خطأ.
[2] «بن عمير» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 310. والبداية والنهاية 11/ 207) .
[5] في ت: «قال: حدثنا» .
[6] في ت: «قال: حدثنا» .
[7] في ك، ت: «فنزلت الحدلها» .
وفي الأصل: «فنزلت لحدها» .
[8] في الأصل: «وتسعة أشهر» وقد رجحنا ما في باقي النسخ.

(14/32)


2463- محمد بن علي بن الحسن بن أبي الحديد، [أبو الحسين]
[1] :
حدث عن يونس بن عبد الأعلى، ومحمد [بن عَبْد اللَّه] [2] بْن عبد الحكم، وبكار بن قتيبة، وكان فقيهًا على مذهب أبي حنفية [3] فرضيا عاقلا ثقة.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2464-[يونس بْن أَحْمَد بْن يونس بْن عَبْد الأعلى [4] ، أَبُو سهل
[5] :
وُلِدَ سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. وكان من أفاضل النّاس، وكان يحب التخلي والوحدة وكان يكره غشيان النّاس لَهُ. وتُوُفيّ فِي صَفَر هَذِهِ السنة] .
2465- المجنون البغدادي
[6] :
أنبأنا [7] إبراهيم بن دينار الفقيه، عن أبي الوفاء بن عقيل قال: سمعت الحسن بن غالب المقرئ يقول: سمعت أبا الحسين بن سمعون يقول: سمعت أبا بكر الشبلي يقول: رأيت يوم الجمعة معتوها عند جامع الرصافة قائما عريانا وهو يقول: أنا مجنون الله! أنا مجنون الله! فقلت له: لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلي؟ فنظر [8] إلي وأنشد:
يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد أسْقَطَتْ حالي حُقُوقَهُمُ عني
إذا هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني
__________
[1] «أبو الحسين» سقطت من الأصل. انظر ترجمته في: (4/ 113) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك، ل، ص.
[3] «أبي حنيفة» سقط من ت.
[4] من أول: «ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عبد الحكم وبكار بن قتيبة ... » حتى هنا سقط من ك.
أما ترجمته «يونس بن أحمد بن يونس» فسقطت كلها من الأصل، ص، ل. وأثبتناها كاملة من نسخة ت.
[5] انظر ترجمته في: (صفة الصفوة 3/ 15) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد) .
[7] في ص، ل، ك: «أخبرنا» .
[8] «فنظر» سقطت من ت.

(14/33)


ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة
12/ أفمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول دخل الروم رأس العين [1] وسبوا من أهلها ثلاثة آلاف إنسان، ونهبوا البلاد [2] ، وكان الذي قصدها الدمستق في ثمانين ألفا.
وفي جمادى الأولي: كثرت الأمطار فتساقطت منازل الناس، ومات خلق كثير تحت الهدم، وما زالت قيمة العقار ببغداد تنقص، وزاد الأمر بسبب الغلاء، وبلغ الخبز الخشكار ثلاثة أرطال بدرهم، والتمر رطلان بدرهم، وأغلقت عدة حمامات، وتعطلت أسواق ومساجد، حتى صار يطلب من يسكن الدور [3] بأجرة يعطاها ليحفظها، وكثرت الكبسات بالليل من اللصوص بالسلاح والشمع، وتحارس الناس بالليل [4] بالبوقات، وجاء في شباط مطر عظيم سيل وبرد كبار، وجمعه الثلاجون [5] وكبسوه، وتساقطت الدور، وبرد الهواء في آذار، ووقع جليد كثير فاحترق أكثر الزرع [6] ، ولم يجمد الماء في شتوة هذه السنة.
وورد الخبر في شوال بموت أبي طاهر سليمان بن الحسن الهجريّ في منزله
__________
[1] في ك: «رأس عين» .
[2] في الأصل: «البلد» .
[3] في الأصل: «الدار» .
[4] في ت: «طول الليل» .
[5] في الأصل: «الفلاحون» .
[6] «وبرد الهواء في آذار ووقع جليد كثير فاحترق أكثر الزرع» هذه الفقرة سقطت من ت.

(14/34)


بهجر، وأنه جدر في رمضان هذه السنة [1] ومات، ولم يحج في هذه السنة أحد من بغداد ولا من خراسان لأجل موت الهجري، فلم يحضر أحد من أهل هجر يبذرق الحاج فخاف الناس [2] فأقاموا، وكان الذي بقي من إخوة أبي طاهر ثلاثة: أبو القاسم سعيد وهو الرئيس الذي يدبر الأمور، وأبو العباس وكان ضعيف البدن كثير الأمراض مقبلا على قراءة الكتب [3] ، وأبو يعقوب يوسف وكان مقبلا [4] على اللعب، إلا أن الثلاثة كانت كلمتهم واحدة، والرئاسة لجميعهم، وكانوا يجتمعون على رأي واحد فيمضونه، وكان وزراؤهم سبعة كلهم من بني سنبر [5] .
وفي هذه السنة: قتل أبو عبد الله/ البريدي أخاه أبا يوسف [6] ، وكان أبو يوسف يتكبر على أخيه ويؤذيه، ودفنه بالأبلة من غير أن يغسله أو يكفنه، وأخذ من ماله ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم، [7] ، وأخذ من الكسوة والفرش والآلة ما قيمته ألف [8] دينار، وألف رطل [9] ند وعشرين ألف رطل عود، منها ألف رطل هندي، وصادر العمال على ألف ألف دينار.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2466- أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن، أبو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة
[10] :
__________
[1] في ص، ك، ل: «أنه جدر في هذه السنة» .
[2] في الأصل: «فمات الناس» خطأ.
[3] في ص، ك، ل: «على زيادة الكتب» .
[4] «على قراءة الكتب وأبو يعقوب يوسف، وكان مقبلا» سقط من ص، ل.
[5] في ت: «من بني بشير» .
[6] في ت: «أبو عبد الله اليزيدي الوزير أبا يوسف» .
[7] «وأخذ من ماله ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم» هذه الفقرة ساقطة من ت.
[8] في ت، ص، ك، ل: « ... والآلة قيمة ألف..»
[9] «ند» سقط من ت.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 14 والبداية والنهاية 11/ 209) .

(14/35)


قَدِمَ بغداد فسمع من مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه المنادي [1] . وعقدة لقب أبيه محمد لقب بذلك لأجل تعقيده في التصريف والنحو، وكان عقدة ورعا زاهدا [2] ناسكا، علم ابن هشام الخزاز الأدب، فوجه أبوه إليه دنانير فردها فأضعفها فردها [3] وقال: ما رددتها استقلالا لها، ولكن سألني الصبي أن أعلمه القرآن فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن فلا استحل أن آخذ منه شيئا ولو دفع إليَّ الدنيا.
وأما ولده أبو العباس فإنه سمع الحديث الكثير [4] ، وكان من أكابر الحفاظ، وروى عنه من أكابرهم: أبو بكر بن الجعابي، وعبد الله بن عدي، والطبراني، وابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين.
وقال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة إنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس بن عقدة أحفظ منه.
قال أبو العباس: ودخل البرديجي الكوفة فزعم أنه أحفظ مني، فقلت: لا تطول، نتقدم إلى دكان وراق، ونضع القبان وتزن من الكتب ما شئت، ثم تلقي علينا فنذكرها.
فبقي.
وكان بعض الهاشميين جالسا عند ابن عقدة، فقال ابن عقدة: أنا أجيب في ثلاثمائة/ ألف حديث من حديث أهل بيت [هذا] [5] سوى غيرهم. وقال [ابن عقدة] [6]
__________
[1] «قَدِمَ بغداد فسمع من مُحَمَّد بْن عبيد الله المنادي» .
هذه الجملة سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل ولكنها كتبت هكذا: «قدم بغداد فسمع من عبيد الله» ، وما زدناه هو من تاريخ بغداد 5/ 14، وقد ذكر الخطيب أسماء من سمع منهم ابن عقدة في بغداد غير المنادي وهم: علي بن داود القنطري، والحسن بن مكرم ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الله بن روح المدائني، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، ونحوهم.
[2] «زاهدا» سقطت من جميع الأصول عدا الأصل.
[3] «فأضعفها فردها» سقطت من ك، وتكررت مرتين في الأصل.
[4] «الكثير» سقطت من ص، ل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/36)


مرة: أحفظ من الحديث بالأسانيد والمتون منسقا خمسين ومائتي ألف حديث وأذاكر [من] الأسانيد [1] ، وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بستمائة ألف حديث.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: حدثني الصوري قال: قال لي عبد الغني بن سعيد: سمعت الدارقطني يقول: كان أبو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلمون ما عنده.
قال مؤلف الكتاب [2] : ومع هذا الحفظ العظيم [3] وكثرة ما سمع وكتب عَنْهُ فإنه [4] انتقل من مكان إلى مكان فكانت كتبه ستمائة حمل، فقد ذمه الناس لأسباب، فذكر ابن عدي أنه كان يسوي نسخا للأشياخ [5] ويأمرهم بروايتها. وقال الدارقطني: ابن عقدة رجل سوء.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي، حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد بن نصر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول:
كان ابن عقدة [يجلس] [6] في جامع براثا يملي مثالب [7] أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال: الشيخين يعني أبا بكر وعمر- فتركت حديثه، لا أحدث عنه بشيء.
قال المصنف: وتوفي ابن عقدة في ذي القعدة من هذه السنة.
2467- الحسن بن يوسف بن يعقوب بن ميمون، أبو علي الحداد
[8] :
روى عن يونس بْن عبد الأعلى وغيره وَكَانَ إمام جامع مصر العتيق.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «وإذا ذكرنا الأسانيد» . وفي ص، ل، ك: وأذاكر من المسانيد» .
وسقط من ت: «والمتون منسقا خمسين ومائتي ألف حديث وأذاكر من الأسانيد» .
[2] في الأصل، ت: «قال المصنف»
[3] «العظيم» سقطت من ت.
[4] في باقي النسخ: «وكتب فإنه» .
[5] في الأصل: «نسخا لأشياخ» وفي ت: «نسخا لإسباغ الوضوء» تحريف.
[6] «يجلس» سقطت من جميع النسخ سوى ك.
[7] في الأصل: «على مثال» تصحيف.
[8] انظر ترجمته في: (الأنساب 4/ 72. وفيه: الحسن بن يعقوب بن يوسف) .

(14/37)


2468- سليمان بن الحسن، أبو القاسم
[1] :
وزر للراضي ثم ملك المتقي [2] للَّه فأبقاه على حاله، وتوفي في رجب هذه السنة.
2469- عبد الله بن أحمد بن إسحاق، أبو محمد الجوهري المصري
[3] :
سكن بغداد بنهر الدجاج، وحدث بها عن الربيع بن سليمان المرادي وغيره/، وكان ثقة [4] روى عنه الدارقطني وابن شاهين وآخرين [5] وآخر من روى عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة مأمونا [6] توفي في ربيع الأول [7] من هذه السنة.
2470- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ [8] بْنِ أحمد، أبو بكر البزاز
[9] :
وهو خال ابن الجعابي، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (مروج الذهب 4/: 34) .
[2] من «ثم ملك المتقي ... » وحتى « ... الجوهري المصري» سقط من ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 388) .
[4] «وكان ثقة» سقطت من جميع النسخ. ما عدا الأصل.
[5] «وآخرين» سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل.
[6] «مأمونا سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل.
[7] في ص: «ذي القعدة» .
[8] في ت: «عبد الله بن عمر بن أحمد» .
وفي الأصل: «عبد الله بن محمد بن أحمد» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 125) .

(14/38)


ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[أخذ توزون التركي أموال أهل بغداد]
أن توزون التركي كان [رئيس الجيش] [1] وأمير الأمراء، وتقلد الشرطة ببغداد، وكانت بينه وبين المتقي وحشه فخرج المتقي إلى ناحية الموصل ودخل توزون من واسط إلى بغداد، فأخذ أموال أهل بغداد، وأخذ من دعلج العدل مائة ألف درهم، وأقام المتقي عند بني حمدان [2] واستدعاهم لحرب توزون، فلما أقبلوا على حربه [3] خرج توزون فكسرهم، ثم كاتب المتقي يسأله أن يرجع إلى بغداد فلم يقبل، وأقام بالرقة، ثم ظهر له من بني حمدان تضجر به، فبعث إلى توزون يطلب الصلح فتلقي [توزون] [4] ذلك بأتم رغبة فبعث إليه المتقي من يستحلفه، فحلف أيمانا مؤكدة ثم أعاد إليه من يعيد اليمين فحلف، فلما قدم المتقي فبلغ السندية تلقاه توزون فقبل الأرض وقبل يده، ثم ركب وسار معه و [قد] [5] وكل به وبجماعته الديلم، وحصرهم في مضربه [6] وقبض عليهم، واستحضر عبد الله بن المكتفي فبويع له، ولقب: المستكفي باللَّه، وبايعه المتقي بعد أن أشهد على نفسه بالخلع في يوم السبت لعشر بقين من [صفر] [7] هذه السنة، وسلم إليه المتقي فأخرج إلى جزيرة بين يدي السندية على نهر عيسى، / فسمل في يوم خلعه، وكانت [مدة] [8] خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا، ولم يحل الحول على توزون [بعد أن فعل ذلك]
[9] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وأقام المتقي على حمدان» .
[3] في الأصل: «أقبلوا إلى حربه» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ك: «مضربهم»
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/39)


باب ذكر [1] خلافة المستكفي باللَّه
واسمه عبد الله بن علي المكتفي [بن المعتضد] [2] ويكنى: أبا القاسم، ولد في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وولي الخلافة وسنه إحدى وأربعون سنة وسبعة أيام، في سن المنصور حين ولي، وكان مليح الشخص، ربعة من الرجال، ليس بالطويل ولا بالقصير، معتدل الجسم، حسن الوجه، أبيض مشربا بالحمرة [3] ، أسود الشعر، سبطًا، خفيف العارضين، [أكحل، أقنى الأنف] [4] ولما ولي المستكفي طوق توزون وسوره وخلع عليه، وجلس بين يدي المستكفي باللَّه على كرسي، ولم يحج من الناس في هذه السنة إلا القليل مع [5] البكريين ووقف بالناس بمكة عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2471- الحسن بن أحمد بن سعيد بن أنس، أبو علي المؤذن [6] ، ويعرف بالمالكي
[7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في الأصل: «بحمرة» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[5] في باقي النسخ: «إلا نفر يسير مع ... »
[6] في الأصل: «الحسن بن محمد بن سعيد بن الحسن أبو علي المؤذن» .
وفي ت: «الحسن بن إسحاق بن سعيد بن أنس أبو علي المؤدب» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 277) .

(14/40)


سمع أبا عمر القاضي وغيره، وروى عنه العتيقي، والتنوخي، وكان ثقة [و] [1] توفي في هذه السنة.
2472- الحسن بن عبد العزيز الهاشمي
[2] .
أخبرنا القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر الخطيب قَالَ أَنْبَأَنَا [3] إِبْرَاهِيم بْن مخلد قَالَ:
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي الخطبي قال: توفي الحسن بن عبد العزيز الهاشمي وهو والي الصلاة [4] بالحرمين ومسجد الرصافة ببغداد في شوال هذه السنة وله من السن خمس وسبعون سنة وشهور.
2473- الحسين [5] بن علي بن أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ، أبو علي [6] الحريري، ويعرف: بابن جمعة
[7] ولد سنة سبع وخمسين ومائتين، وحدّث عن أبي بكر بن مالك، و [أبي الحسن] [8] الدارقطني، وابن المظفر [وكان ثقه صدوقا] [9] وتوفي في رمضان هذه السنة. رحمه اللَّه وإيانا وسائر المسلمين بمنه وكرمه [10]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 339) .
[3] في ت: «قال: أخبرنا» .
[4] في ت: «عبد العزيز الهاشمي متولي الصلاة»
[5] في ت: «الحسن بن علي» .
[6] «أبو علي» سقط من ت.
[7] في الأصل: «بابن حموه» .
وانظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 78» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[10] «رحمه اللَّه وإيانا وسائر المسلمين بمنه وكرمه» سقط من سائر النسخ عدا الأصل.

(14/41)


ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[لقب المستكفي باللَّه نفسه إمام الحق]
أنه في المحرم لقب المستكفي باللَّه نفسه إمام الحق، وضرب ذلك على الدنانير والدراهم، فكان يخطب له بلقبين: إمام الحق، والمستكفي باللَّه.
[وفي صَفَر: أدخل من السواد رَجُل يعرف بابن أَبِي عَلِيّ يقطع الطريق ويقتل، فشهر عَلَى جمل فقتله العامة قَبْلَ أن يصل إلى دار السلطان] . [1]
[نزول أحمد بن بويه بباجسرى]
وورد الخبر بأن معز الدولة أبا الحسين [2] أحمد بن بويه قد نزل بباجسرى فاضطرب الناس، واستتر المستكفي باللَّه، وعبر الأتراك إلى الجانب الغربي، وساروا إلى الموصل، وبقي الديلم ببغداد، ووجه المستكفي بألطاف وفاكهة وطعام لأبي الحسين بن بويه [3] ودخل أبو الحسين فلقي المستكفي باللَّه ووقف بين يديه طويلا وأخذت عليه البيعة للمستكفي [4] ، واستحلف له بأغلظ الأيمان ولخواصه، وحلف المستكفي لأبي الحسين بن بويه وأخويه، وكتب بذلك كتاب، ووقعت فيه الشهادة عليهما، ولبس أبو الحسين الخلع، وطوق، وسور، وعقد له لواء، وجعل أمير الأمراء وهو [أول] [5] ملوك بني بويه، ولقب أخواه الأكبر [علي] [6] عماد الدولة، وأخوه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وهي زيادة من ت.
[2] في الأصل: «أبا الحسن» .
[3] من أول «بن بويه ودخل أبو الحسين ... » حتى « ... ولبس أبو الحسين الخلع» ساقط من ت.
[4] «ووقف بين يديه طويلا وأخذت عليه البيعة للمستكفي» ساقط من ص، ك، ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.

(14/42)


الأوسط [1] أبو علي الحسن ركن الدولة، وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم، ونزل الديلم والأتراك دور الناس، ولم يكن يعرف ببغداد قبل هذا التنزل، فصار من هذا اليوم رسما.
أنبأنا [2] محمد بن عبد الباقي أَنْبَأَنَا [3] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قال:
ومن أعجب الأشياء [4] المتولدة في زمن معز الدولة السعي والصراع وذلك أن معز الدولة [5] احتاج إلى السعادة ليجعلهم/ فيوجا بينه وبين أخيه ركن الدولة إلى الري، فيقطعون تلك المسافة البعيدة في المدة القريبة وأعطى على جودة السعي والرغائب، فحرص أحداث بغداد وضعفاؤهم على ذلك حتى انهمكوا فيه وأسلموا أولادهم إليه [6] فنشأ ركابيان بباب معز الدولة [7] يعرف أحدهما بمرعوش، والآخر بفضل، يسعى كل واحد منهما نيفا [8] وثلاثين فرسخا [في يوم] [9] من طلوع الشمس إلى غروبها يترددون ما بين عكبرا وبغداد وقد رتب [10] على كل فرسخ من الطريق قوما يحضون عليهم، فصاروا أئمة السعاة ببغداد، وانتسب السعاة إليهم، وتعصب الناس لهم، واشتهي معز الدولة الصراع، فكان يعمل بحضرته حلقة في ميدانه، ويقيم شجرة يابسة تنصب في الحال ويجعل عليها الثياب الديباج والعتابي والمروزي، وتحتها أكياس [11] فيها [12] [دنانير و] [13]
__________
[1] في ك، ل، ص: «والأوسط» .
[2] في ت: «أخبرنا» .
[3] في ت: «قال أخبرنا» .
[4] في ت، ك: «الصناعات» .
[5] «السعي والصراع وذلك أن معز الدولة» سقط من ك، ت.
[6] «إليه» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «ركابيان لمعز الدولة»
[8] في الأصل: «سنة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في الأصل: «وتدربت» .
[11] في الأصل: «وعنها الناس» .
[12] في الأصل: «بها» .
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/43)


دراهم، ويجمع على سور الميدان المخانيث بالطبول والزمور، وعلى باب الميدان الدبادب، ويؤذن للعامة في دخول الميدان، فمن غلب أخذ الثياب والشجرة والدراهم، ثم دخل في ذلك أحداث بغداد فصار في كل موضع صراع، فإذا برع أحدهم [1] صارع بحضرة معز الدولة، فإن غلب أجريت عليه الجرايات، فكم من عين ذهبت بلطمة، وكم من رجل اندقت عنقه [2] وشغف شبان معز الدولة [3] بالسباحة، فتعاطاها أهل بغداد حتى أحدثوا فيها الطرائف، فكان الشاب يسبح قائما وعلى يده كانون فوقه حطب يشتعل تحت قدر إلى أن تنضج، ثم يأكل منها إلى أن يصل [4] إلى دار السلطان.
وفي ربيع الآخر: قلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله/ القضاء في الجانب [5] الشرقي [6] ، وأقر القاضي أبو طاهر على الجانب الغربي [7] .
وقلد أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي [قضاء مدينة أبي جعفر.
وفي هذه السنة جمع القاضي أَبُو الحسن مُحَمَّد بن صالح الهاشمي] [8] أبا عبد الله [9] محمد بن أبي موسى الهاشمي وأبا نصر يوسف بن أبي الحسين عمر بن محمد القاضي في منزله حتى اصطلحا وتعاقدا على التصافي، وأخذ كل واحد منهما خط صاحبه بتزكيته، وربما توكد الصلح بينهما، وكانا قد خرجا إلى أقبح المباينة حتى أشهد أبو نصر وهو والي قضاء مدينة السلام على نفسه بإسقاط أبي عبد الله، وأنه غير موضع للشهادة، وسعى أبو عبد الله في صرفه ومعارضته بما يكره حتى تهيأ له في ذلك ما أراد.
__________
[1] في الأصل: «أحد» .
[2] «عنقه» سقطت من كل النسخ عدا الأصل.
[3] في باقي النسخ: «وشغف بعض أصحاب معز الدولة» .
[4] في الأصل: «إلى أن يتصل» .
[5] من أول: «القضاء في الجانب الشرقي ... » وحتى: « ... بما يكره حتى تهيأ له في ذلك ما أراد» ساقط من ت.
[6] في ك: «القاضي بالجانب الغربي» .
[7] في سائر الأصول عدا الأصل: «الشرقي» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ل، ص، ت.
[9] في ك: «محمد بن عبد الله» .

(14/44)


وفي يوم الخميس لثلاث [1] بقين من جمادى الآخرة: انحدر معز الدولة إلى دار الخلافة فسلم على الخليفة، وقبل الأرض، وقبل يد المستكفي، وطرح له كرسي فجلس، ثم تقدم رجلان من الديلم فمدا أيديهما إلى المستكفي وطالبا بالرزق فلما مدا أيديهما ظن أنهما يريدان تقبيل يده فناولهما يده [2] فجذباه فنكساه من السرير، ووضعا عمامته في عنقه [3] وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم [4] إلى دور الحرم، وحمل المستكفي راجلا إلى دار معز الدولة [5] فاعتقل بها وخلع من الخلافة، ونهبت الدار حتى لم يبق بها [6] شيء، وسمل المستكفي، وكانت مدة خلافته [7] سنة وأربعة أشهر ويومين، وأحضر الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة فبويع ولقب المطيع للَّه [8] .
__________
[1] في ت، ك: «لثمان بقين» .
[2] «فناولهما يده» سقط من ك.
[3] في الأصل: «في خلفه» .
[4] «في عنقه وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم» ساقط من ت.
[5] في ت: «إلى دار الأمير معز الدولة» .
[6] في كل الأصول ما عدا الأصل: «لم يبق فيها» .
[7] في باقي النسخ: «مدته في الخلافة» .
[8] إلى هنا تنتهي نسخة كوبر لي (ك) . وكتب في خاتمتها ما نصه:
«آخر الجزء الثالث من كتاب المنتظم والحمد للَّه رب العالمين، ويتلوه في الجزء الرابع إن شاء الله:
باب: خلافة المطيع للَّه واسمه الفضل بن جعفر، ويكنى أبا القاسم. تم آخر الأجزاء من كتاب التواريخ بحمد الله وحسن توفيقه وقت الضحى في يوم الأحد العاشر من الشهر المبارك جمادى الآخر في سنة أربع عشرة وسبعمائة بدار الفتح القيمرية في الخانقاه الأمينية حميت عن البلية على يدي العبد الضعيف الفقير العاجز المسكين خادم أهل القلوب تراب قدم أهل التصوف: إبراهيم بن يوسف بن عبد الصمد المتصوف السرواني أبوه، أحسن الله عاقبته وغفر له ولوالديه ولصاحب الكتاب ولقارئه ولجميع المؤمنين والمؤمنات ويرحم الله عبدا قال: آمين.
قال بعضهم:
خلعت على الكتاب سواد عيني ... فعوضني بياض الناظرين
كسوت بياضه بردي شبابي ... فألبسني رداء كاللجين
حتى أمسى رضي البال خلوا ... وأقضي من غريم النسخ ديني
رب اختم بخير.

(14/45)


باب: ذكر خلافة المطيع للَّه
/ ويسمى الفضل [1] بن المقتدر، ويكنى أبا القاسم، وأمه أم ولد يقال لها:
مشغلة أدركت خلافته، وكان له يوم بويع: ثلاث وثلاثون سنة، وخمسة أشهر، وأيام، ولما بويع أحضر المستكفي فسلم [2] عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع، وصودر خواص المستكفي فأخذ منهم ألوف كثيرة، ووصل المطيع العباسيين العلويين في يوم بنيف وثلاثين ألف دينار على إضافته، ووصل خادم من المدينة فذكر ما يلحق حجرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التفريط، وقطع مواد الطيب وغيره عنها، فأمر للخادم بعشرين ألف درهم، وتقدم بحمل الطيب وضم إليه خمسة من الخدم ليكونوا في خدمة الحجرة، ونفذ مع أبي أحمد الموسوي قنديلا من ذهب وزنه ستمائة مثقال، وتسع قناديل من فضة ليعلقها في الكعبة.
أخبرنا ابن ناصر قال: سمعت أبا محمد التميمي يقول: سمعت عمي أبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي يقول: [3] سمعت المطيع للَّه يقول: وقد أحدق به خلق كثير من الحنابلة حزروا ثلاثين ألفا فأراد أن يتقرب إليهم فقال: سمعت شيخي ابن بنت منيع [4] يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذل.
[امرأة هاشمية سرقت صبيا وفشوته وأكلت بعضه]
في يوم الأربعاء لأربع خلون من شعبان: وجدت امرأة هاشمية قد سرقت صبيا فشوته في تنور وهو حي وأكلت بعضه، وأقرت بذلك، وذكرت أن شدة الجوع حملها على ذلك، فحبست ثم أخرجت وضربت عنقها، ووجدت امرأة أخرى هاشمية [أيضا] [5] قد أخذت/ صبية فشقتها بنصفين فطبخت النصف [6] سكباجا، والنصف الآخر بماء وملح، فدخل الديلم فذبحوها، ثم وجدت ثالثة قد شوت صبيا وأكلت بعضه فقتلت.
__________
[1] في باقي النسخ: «واسمه الفضل» .
[2] في باقي النسخ: «ليسلم» .
[3] «سمعت عمي أبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي يقول» ساقط من ت.
[4] في ت «بنت مطيع» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في باقي النسخ: «نصفها» .

(14/46)


و [كان قد] [1] بلغ المكوك من الحنطة خمسة وعشرين درهما، واضطر الناس إلى أكل البزر قطونا، كان يؤخذ فيضرب بالماء ثم يبسط على الطابق ويشعل تحته، فإذا حمي أكلوه. وأكلوا الجيف، وإذا راثت الدواب اجتمع جماعة من الضعفاء على الروث فالتقطوا [2] ما فيه من حب الشعير فأكلوه، وكانت الموتى مطرحين، فربما أكلت الكلاب لحومهم، وخرج الناس إلى البصرة خروجا مسرفا فمات أكثرهم في الطريق، ومات بعضهم بالبصرة وصار الضعفاء يغنى أكثرهم [3] وصار العقار والدور تباع بالرغفان من الخبز [4] ، ويأخذ الدلال بحق دلالته بعض الخبز.
أخبرنا [5] محمد بن عبد الباقي، وعن علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ: حدثني أبو الحسين بن عباس القاضي قال: حدثني أبو عبد الله الموسوي العلوي أنه باع في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة عند اشتداد الغلاء على معز الدولة وهو مقيم بظاهر بغداد من الجانب الغربي كر حنطة بعشرة آلاف درهم. قال: ولم أخرج الغلة حتى تسلمت المال.
وكانت بين أصحاب معز الدولة أبي الحسين [6] وبين أصحاب ناصر الدولة أبي محمد [7] بن حمدان حرب بعكبرا، فخرج معز الدولة ومعه الخليفة المطيع إلى عكبرا، وذلك في رابع رمضان، ثم حضر معز الدولة المطيع، ووكل به، فلما كان يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان وافى ناصر الدولة إلى بغداد، فنزل في الجانب الغربي فعبر أصحاب معز الدولة إليهم، فعبر ناصر الدولة إلى الجانب الشرقي، ودخل بغداد، وجاء معز الدولة فاحتربوا [8] ، فملك الجانب الغربي بأسره [9] إلا أنه ضاق عليهم العيش،
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ليقطعوا» .
[3] «وصار الضعفاء يغنى أكثرهم» سقطت من باقي الأصول.
[4] في باقي النسخ: «برغفان من خبز» .
[5] في ل، ص: «أنبأنا» .
[6] في الأصل: «أبي الحسن» .
[7] في الأصل: «ناصر الدولة بن محمد» .
[8] «فاحتربوا» سقطت من ت.
[9] «بأسره» سقطت من ت.

(14/47)


فاشترى لمعز الدولة كرا بعشرين ألف درهم، ولحق [1] الناس في السواد من جانبي بغداد [2] ضر عظيم ثم ملك معز الدولة الجانب الشرقي فانهزم ناصر الدولة [3] .
وفي هذه السنة: كثر القمل برستاق القيمرة [4] الكبرى حتى يئس الناس من غلاتهم، فانحط [من نوع] [5] الطير الصفر يزيد على جرم العصفور، وكان الطائر يعلق على شجرة فيصفر فيطير [6] الطير حينئذ أفواجا فينحط كل فوج منها على ضيعة، فيلقط القمل حتى فني.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2474- توزون
[7] :
قد ذكرنا أخباره وما صنع بالمتقي، توفي لثمان بقين من المحرم، ولم يتم له حول بعد فعله القبيح وإهماله ما عقد من الأيمان.
2475- سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل، أبو أيوب الجلاب
[8] :
سمع إبراهيم الحربي، روى عنه ابن حيويه، وَكَانَ ثقة، تُوُفِّيَ فِي هذه السنة.
2476- عَبْد اللَّهِ بن أحمد بن عبد الله بن بكير، أبو القاسم التميمي
[9] :
سمع ابن قتيبة، وروى عنه الدارقطني، وكان ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] في باقي النسخ: «بعشرين ألفا ولحق» .
[2] «من جانبي بغداد» سقط من ت.
[3] على هامش ت ما نصه: «وسنذكر تمام هذه القصة في أول سنة خمس إن شاء الله» .
[4] في باقي النسخ: «التيمرة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في باقي النسخ: «فيصير» .
[7] انظر ترجمته في: (الكامل أحداث سنة 334) .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 63) .
[9] انظر ترجمته في: (الأنساب 3/ 399) .

(14/48)


2477- عمر بن الحسين بن عبد الله، أبو القاسم الخرقي
[1] :
صاحب كتاب «المختصر في الفقه» على مذهب الإمام [2] أحمد بن حنبل، وكان فقيه النفس، حسن العبارة بليغا وكانت [3] له مصنفات كثيرة وتخريجات على المذهب لم تظهر، لأنه خرج من بغداد لما ظهر سب الصحابة فأودع كتبه في درب سليمان فاحترقت الدار التي كانت فيها الكتب/، وتوفي بدمشق في هذه السنة.
2478- محمد بن عيسى [بن عبد الله] [4] ، أبو عبد الله، يعرف بابن أبي موسى
[5] :
الفقيه [6] على مذهب العراقيين، ولاه المتقي للَّه القضاء ببغداد ثم عزله، وأعاده المستكفي باللَّه، وكان له علم غزير، وسمت حسن، ووقار، وكان ثقة مشهورا بالفقر، لا يطعن عليه في شيء من ولايته، فكبس [7] اللصوص داره وأخذوا جميع ما كان فِيهَا [8] ، ولم يكن شيئا مذكورا، وكانوا يقدرون أن له مالا، وضربوه ضربة أثخنته وهرب في السطوح، ورمى بنفسه إلى بيت جار له [9] فسقط فمات، وذلك في ربيع الأول من هذه السنة.
2479- محمد بن محمد بن أحمد [10] بن عبد الله، أبو الفضل [11] السلمي الوزير
[12] :
كان فقيها مناظرا [13] ، وسمع الحديث بخراسان، ونيسابور، والري، وبغداد،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 234. والبداية والنهاية 11/ 214) .
[2] «الإمام» سقطت من ص، ل.
[3] في الأصل: «وكان» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 403. والبداية والنهاية 11/ 214) .
[6] في المطبوعة: «عمي الفقيه» .
[7] في الأصل: «فكبسوا» .
[8] في باقي النسخ: «ما كان في منزله» .
[9] في باقي الأصول: «إلى ما يجاوره» .
[10] «بن أحمد» سقطت من ت.
[11] في الأصل: «محمد بن محمد بن أحمد بن الفضل أبو عبد الله السلمي الوزير» .
[12] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 215) .
[13] في الأصل: «شاعرا» .

(14/49)


والكوفة، وأملى وكان حافظا، وصنف، وكان يصوم الاثنين والخميس، ولا يدع صلاة الليل، ولا التصنيف، وولي الوزارة للسلطان وهو على ذلك، وكان يسأل الله تعالى الشهادة، فسمع ليلة جلبة الخيل فقال: ما هذا؟ فقالوا: غوغاء العسكر، قد اجتمعوا يؤلبون ويقولون إن الذنب لك في تأخير رزقنا. فدعا بالحلاق فحلق رأسه، وسخن له الماء في مضربة وتنور [1] ، وتنظف واغتسل، ولبس الكفن، ولم يزل ليلته يصلي، وبعث السلطان يمنعهم عنه فلم يقبلوا، فقتلوه وهو ساجد في ربيع الآخر من هذه السنة.
2480- محمد بن عبد الله بن طغج، أبو بكر
[2] :
وكان شجاعا شديد التيقظ في حروبه، وكان جيشه يحتوي على أربعمائة ألف رجل وكان له [3] ثمانية/ آلاف مملوك يحرسونه بالنوبة، كل نوبة ألف مملوك، ويوكل بجانب خيمته الخدم، ثم لا يثق حتى يمضي إلى خيم الفراشين فينام فيها، ولقبه الراضي باللَّه بالأخشيد [4] ، لأنه فرغاني وكان من ملك فرغانة [5] يسمى «الأخشيد» ، كما تدعو الروم ملكها «قيصر» ، والفرس «كسرى» ، واليمن «تبع» ، والمسلمون «الخليفة» ، وملك أشروسنة يسمى «الأفشين» ، وملك خوارزم «خُوارَزْم شاه» [6] ، وملك الترك «خاقان» ، وملك جرجان «صول» ، وملك أذربيجان «أصبهبذ» ، وملك طبرستان «سالار» ، وتوفي [7] بدمشق في ذي الحجة من هذه السنة.
2481- أبو بكر الشبلي
[8] :
وقد اختلفوا في اسمه ونسبه، فقيل: دلف بن جعفر، وقيل: دلف بن جحدر، وقيل: دلف بن جعترة، وقيل: دلف بن جعونة، وقيل: جعفر بن يونس، وقيل:
__________
[1] «وتنور» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 215) .
[3] «وكان له» سقطت من ت وكتبت في الهامش.
[4] في الأصل، ت: «لقبه الراضي بالإخشيد» .
[5] في ت: «لأنه فرغاني من فرغانة» . وفي الأصل: «لأنه فرغاني وكان ملك فرغانة» .
[6] في الأصل: «خوارز شاه» .
[7] في باقي الأصول: «توفي» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 389. والبداية والنهاية 11/ 215) .

(14/50)


جحدر بن دلف، وهو من أهل أشروسنة، من قرية بها يقال لها: شبلية [1] كان خاله أمير الأمراء بالإسكندرية وولد [2] الشبلي بِسُرَّ مَنْ رَأَى [3] وكان حاجب [4] الموفق، فجعل لطعمته دماوند وكان أبوه حاجب الحجاب، حضر الشبلي يوما مجلس خير النساج فتاب، ثم رجع إلى دماوند فقال: إن الموفق ولاني بلدتكم فأجعلوني في حل. ففعلوا.
وصحب الفقراء وكان الجنيد يقول: تاج هؤلاء القوم الشبلي.
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [5] أخبرنا أبو بكر بن ثابت، أخبرنا علي بن محمود الزوزني قال: سمعت علي بن المثنى التميمي يقول: دخلت على الشبلي في داره يوما وهو يهيج ويقول:
على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب
ولا يقوى على حجبك ... من تيمه الحب
فإن لم تبصرك [6] العين ... فقد يبصرك القلب
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هوازن قَالَ: سمعت أبا حاتم محمد بن أحمد بن يحيى يقول: سمعت عبد الله بن علي التميمي يقول: سأل جعفر بن نصير [7] بكران الدينَوَريّ- وكان يخدم الشبلي- ما الَّذِي رأيت منه؟ يعني عند وفاته. قال: قال لي: علي درهم مظلمة تصدقت عن صاحبه بألوف فما على قلبي شغل أعظم منه، ثم قال: وضئني للصلاة. ففعلت [8] فنسيت تخليل لحيته، وقد أمسك عن لسانه فقبض على يدي وأدخلها في لحيته ثم مات، فبكى جعفر وقال: ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة؟ [أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن
__________
[1] في الأصل: «شبلة» .
[2] في الأصل: «ولد» .
[3] في الأصل: «بسر من رأى بالإسكندرية.
[4] في الأصل: «صاحب» .
[5] «بن محمد» سقطت من الأصل.
[6] في المطبوعة: «فإن لم ترك» وكذلك في ت، ص، ل.
[7] في ت: «جعفر بن ناصر» .
[8] «ففعلت» سقطت من ت.

(14/51)


عَلِيّ بْن الفتح قَالَ: أَخْبَرَنَا] [1] مُحَمَّد بْن الحسين بن موسى قال: سمعت أبا نصر الهروي يقول: كان الشبلي يقول: إنما يحفظ هذا الجانب بي- يعني من الديالمة- فمات وهو يوم الجمعة، وعبرت الديالمة إلى الجانب الشرقي يوم السبت. [قَالَ المصنف: سَمِعتُ مُحَمَّد بْن عُمَر الأرموي يَقُولُ: سَمِعتُ أَبَا] [2] الحسين ابن المهتدي يَقُولُ: سمعت أبا حفص عمر بن عبيد بن تعويذ يقول: حدثني أبو بكر غلام الشبلي وكان يعرف ببكير قال: وجد الشبلي خفة من وجع كان به في يوم الجمعة سلخ ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فقال لي بكير: تعزم الجامع؟ قلت: نعم. قال: فلما حصلنا في الوراقين من الجانب الشرقي تلقانا رجل شيخ فقال لي بكير: غدا يكون لي مع هذا الشيخ شأن من الشأن. فقلت: يا سيدي من هو؟ فقال [لي] [3] هذا المقبل وأومأ بيده إلى الشيخ. قال: فلما كان في ليلة السبت قضى رحمة الله عليه، فقيل لي: في موضع كذا وكذا شيخ صالح/ يغسل الموتى. فجئت إلى الباب فنقرته وقلت: سلام عليكم. فقال لي: مات الشبلي؟ فقلت: نعم. فخرج إلي، فإذا هو الشيخ الذي لقينا بالأمس، فقلت: لا اله إلا الله. فقال لي: مالك؟ فقلت: يا سيدي، سألتك باللَّه من أين لك بموت الشبلي؟ فقال لي: فقدتك [أمك] [4] ما أجهلك [5] من أين يكون للشبلي أنه يكون له معي شأن من الشأن؟
أخبرنا أبو القاسم الحريري، عن أبي طالب العشاري، أخبرنا علي بن المظفر الأصبهاني، حدثنا أبو القاسم النحاس قال: سمعت يوسف بن يعقوب الأصبهاني يقول: قال الأدمي القارئ: رأيت في المنام كأن [كل من في] [6] مقبرة الخيزرانية جلوس على قبورهم، فقلت: من تنتظرون؟ فقالوا: قد وعدنا يجيئنا رجل يدفن عندنا، يهب الله محسننا ومسيئنا له. قال: فبكرت وجلست [7] فإذا بجنازة الشبلي تدفن عندهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص. وكتب «عن محمد بن الحسين بن موسى» مباشرة.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص. وكتب: «عن أبي الحسين بن المهتدي» مباشرة.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] في ت، ص، ل: «ما أبلهك» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. ومكانه في ت: «أهل» .
[7] في ت: «ودخلت» .

(14/52)


ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[ما] [1] قد ذكرنا أن معز الدولة [أبو الحسين] [2] بن بويه حصر المطيع [للَّه] [3] ، ووكل به، وأن ناصر الدولة أبو محمد بن حمدان جاء إلى بغداد يخاصم عن الخليفة، فدخل إلى بغداد، وحارب معز الدولة، فعبر معز الدولة إلى الجانب الشرقي، فملكه في أول يوم من المحرم، فانهزم ناصر الدولة، ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى، وقتل من العامة جماعة، وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين في طريق عكبرا، لأنه وقع للناس أن الديلم إذا ملكوا الجانب الشرقي وضعوا السيف تشفيا من العوام، لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا/ واستعمل معز الدولة الحلم، ومنع من القتل، إلا من هرب من الرجال والنساء والصبيان، وتلف في طريق عكبرا من الحر والعطش خلق كثير، لأنهم خرجوا مشاة حفاة [4] .
أنبأنا محمد [5] بن عبد الباقي البزاز، أَنْبَأَنَا [6] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف قال: لما دخل الديلم من الجانب الغربي
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. ومكانه في ت: «أبا الحسن» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[4] «حفاة» سقطت من ت.
[5] في ت: «أخبرنا محمد ... » وفي الأصل: «أنبأنا عمر ... »
[6] في ت: «قال: أخبرنا» .

(14/53)


إلى [الجانب] [1] الشرقي، وخاف الناس السيف فهربوا على وجوههم، وكانت [المرأة] [2] العذراء والمخدرة [3] المترفة من ذوات النعم، والصبية، والأطفال، والعجائز، وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون [4] يريدون الصحراء، وكان ذلك اليوم حارا فلا يطيقون المشي. قال أبو محمد الصلحي: انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش، ونحن نركض هاربين فما شبهته إلا بيوم القيامة. قال: فأخبرني جماعة أنهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي وهي تصيح: أنا [فلانة] [5] ابنة فلان، ومعي جوهر وحلي بألف دينار، ورحم الله من أخذه مني وسقاني شربة ماء، فما يلتفت إليها أحد حتى خرت ميتة، وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلي وما يعرض له أحد [6] .
ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف المطيع للَّه أنه لا يبغيه سوءا، ولا يمالي عليه [7] عدوا، ثم أزال عنه التوكيل، وأعاده إلى داره، وورد الخبر بدخول [الأمير] [8] ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه الري وملك الجبل بأسره.
وفي أول رجب: صرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربي من بغداد، وتقلد أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان مضافا لما [كان] إليه [9] من قضاء الجانب الشرقي.
وفي رمضان: وقع بقطربل برد كبار [في] [10] كل بردة أوقيتان وأكثر، فطحن
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في باقي النسخ: «والمخبأة» . وسقط من ت: «والمخبأة» .
[4] «يتعادون» سقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] في ت: «ما تعرض له أحد» .
[7] في ت: «ولا يمالي له» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[9] في الأصل: «لما إليه ... » وفي ص، ل: «إلى ما كان إليه» . وفي ت: «إلى ما إليه» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/54)


الغلات [1] / وكان [2] ذلك في سابع عشر نيسان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2482- الحسن بن حمويه بن الحسين، أبو محمد القاضي الإستراباذي
[3] :
أدرك عمار بن رجاء [4] ، ولم يكتب عنه، وروى عنه [5] محمد بن إسحاق بن راهويه، وخلق كثير، وكان على قضاء استراباذ مدة طويلة، وكان من القوامين بالليل المتهجدين بالأسحار، يضرب به المثل في قضاء [6] حوائج المسلمين والقيام بأمرهم [7] بنفسه وماله وجاهه، وعقد مجلس الإملاء باستراباذ، وكتب عنه أهلها، مات فجأة على صدر جارية وقت الإنزال في هذه السنة.
2483- حمزة بن القاسم بن عبد العزيز، أبو عمر الهاشمي
[8] :
ولد في شعبان سنة سبع [9] وأربعين ومائتين، وكان يتولى الصلاة بالناس في جامع المنصور، ثم تولي إمامة جامع الرصافة، وحدث عن سعدان [10] بن نصر الدوري، وحنبل بن إسحاق، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة ثبتا ظاهر الصلاح، مشهورا بالرواية، معروفا بالخير وحسن المذهب.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن عند قبر معروف [11] .
__________
[1] في ت: «فلحق الغلات وطحنها» .
[2] «وكان» سقطت من باقي النسخ.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 216، 217) .
[4] في ت: «أدرك محمد بن رجاء» .
[5] في ت: «وروى عن ... » .
[6] «قضاء» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «في أمورهم» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 181) .
[9] في ت: «سنة تسع» .
[10] في الأصل: «عن شعبان» .
[11] في ت: «في مقبرة معروف» .

(14/55)


2484- عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله، أبو عبد الله الختلي
[1] :
سمع أبا العباس البرتي، والباغندي، وابن أبي الدنيا. روى عنه الدارقطني، وكان فهما عارفا ثقة حافظا، انتقل إلى البصرة فسكنها.
أخبرنا [أبو منصور] [2] القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني علي بن المحسن قال: أخبرني أبي قال: دخل إلينا أبو عبد الله الختلي إلى البصرة صاحب حديث، وكان مشهورا بالحفظ، فجاء [3] وليس معه شيء من كتبه، فحدث شهورا إلى أن لحقته كتبه، فسمعته يقول: حدثت/ بخمسين ألف حديث من حفظي إلى أن لحقتني كتبي.
2485- أَبُو بَكْر الصُّولي
[4] :
تُوُفّي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وكان قد خرج عن بغداد لإضاقة لحقته، وتُوُفيّ بالبصرة في هذه السنة.
2486- علي بْن عيسى بْن داود بن الجراح، أبو الحسن، وزير المقتدر باللَّه، والقاهر باللَّه
[5] :
ولد سنة خمس وأربعين ومائتين، وسمع أحمد بن بديل الكوفي، والحسن بن محمد الزعفراني، وحميد بن الربيع، وعمر بن شبة. روى عنه الطبراني وغيره، وكان صدوقا فاضلا [6] ، عفيفا في ولايته [7] ، كثير المعروف وقراءة القرآن والصلاة والصيام،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 290. والبداية والنهاية 11/ 217) .
[2] «أبو منصور» سقطت من ت، والأصل.
[3] «فجاء» سقطت من ت.
[4] ترجمة أبو بكر الصولي سقطت من باقي النسخ.
ولكنه عاد وأدرج له ترجمة في سنة 336 هـ بأوسع من هذه.
واسمه: مُحَمَّد بن يحيى بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر المعروف بالصولي.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 427. ووفيات الأعيان 1/ 508. والنجوم الزاهرة 3/ 296 ونزهة الألباء 343. ولسان الميزان 5/ 427 والأعلام 7/ 136. وبروكلمان 1/ 149) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 14. والبداية والنهاية 11/ 217) .
[6] في ت: «صالحا» .
[7] «ولايته» سقطت من ت.

(14/56)


يحب أهل العلم، ويكثر مجالستهم، وأصله من الفرس، وكان داود جده من دير قني من [1] وجوه الكبار [2] ، وكذلك أبوه عيسى.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قَالَ: أخبرنا الأزهري قال: قال لي أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه [3] قال: قال لي ابن كامل القاضي: سمعت علي بن عيسى الوزير يقول: كسبت سبعمائة ألف دينار أخرجت منها في هذه الوجوه- يعني وجوه البر- ستمائة ألف [4] وثمانين ألفا.
أخبرنا عبد الرحمن قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا [5] عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا [6] أَبِي قَالَ: حدثنا [7] القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة وأبو محمد [8] عبد الله بن أحمد بن داسة قالا: حدثنا أبو [بكر] [9] سهل بن زياد القطان صاحب علي بن عيسى قال: كنت مع علي بن عيسى لما نفي إلى مكة فلما دخلناها دخلنا [10] في حر شديد وقد كدنا نتلف، فطاف علي بن عيسى وسعى، وجاء فألقي نفسه وهو كالميت من الحر والتعب، وقلق قلقا شديدا، وقال: اشتهي على الله شربة ماء مثلوج. فقلت [له] [11] يا سيدنا، تعلم أن هذا ما لا يوجد بهذا المكان [12] فقال:
هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى [13] قال:
__________
[1] «من» سقطت من ت.
[2] في ت: «الكتاب» .
[3] في الأصل: «رزقونة» .
[4] في ت: «ثلاثمائة ألف» .
[5] في ت: «قال: حدثنا» .
[6] في الأصل: « ... التنوخي أنا أبي ... »
[7] في ت: «قال: أخبرنا» .
[8] في ت: «أبو عمر» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل. وهو في ميزان الاعتدال 2/ 238: «سهل بن زياد، أبو علي القطان» .
[10] «دخلنا» سقطت من ت.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] في ت: «البلد» .
[13] في باقي النسخ: «فاستروحت المنى» .

(14/57)


وخرجت من عِنْدِهِ، ورجعت إلى المَسْجِد/ الحرام، فما استقررت [1] فيه حتى نشأت سحابة فبرقت ورعدت، وجاءت بمطر يسير، وبرد كثير فبادرت إلى الغلمان فقلت:
اجمعوا، فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكة منه شيئا عظيما، وكان علي بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد الحرام [2] ليصلي المغرب، فقلت له: [3] أنت والله مقبل، والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت، وجئته بأقداح مملوءة من أصناف [الأسوقة] [4] والأشربة مكبوسة بالبرد، فأقبل يسقي ذلك من قرب منه من الصوفية والمجاورين والضعفاء، ويستزيد، ونحن نأتيه بما عندنا، وأقول له: اشرب فيقول: حتى يشرب الناس. فخبأت مقدار خمسة أرطال وقلت له: إنه لم يبق شيء. فقال: الحمد للَّه، ليتني كنت تمنيت المغفرة، فلعلي كنت أجاب، فلما دخل البيت لم أزل أداريه حتى شرب منه، وتقوت ليلته بباقيه.
أخبرنا القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال [5] أخبرنا القاضي أبو العلاء قال: أنشدنا القاضي أبو عبد الله بن أبي جعفر قال: أنشدني أبي قال: أنشدني الوزير أبو الحسن علي بن عيسى لنفسه:
فمن كان عني سائلا بشماتة ... لما نابني أو شامتا غير سائل
فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة ... صبورًا على أهوال تلك الزلازل
وقد روينا عن مكرم بن بكر القاضي قال: كنت خصيصا بالوزير أبي الحسن علي ابن عيسى [6] فأقبلت عَلَيْهِ يَوْمَا وهو مهموم [7] جدًا فسألته عن ذلك فقال: كتب إلى عاملنا
__________
[1] في الأصل: «فما استقررت» .
[2] «الحرام» سقطت من ت.
[3] في الأصل: «فقلت: أنت» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل «أخبرنا القزاز أخبرنا القاضي أبو العلاء» .
وفي ت: «أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا القاضي ... » .
[6] «بن عيسى» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «فدخلت عليه وهو مهموم» .

(14/58)


بالثغر أن أسارى المسلمين في بلد الروم كانوا على رفق وصيانة إلى أن ولي آنفا ملك الروم حدثان/ منهم، فعسفا الأسارى، وأجاعاهم، وأعرياهم، وعاقباهم، وطالباهم بالتنصر، وأنهم في عذاب شديد، ولا حيلة لي في هذا والخليفة لا يساعدني، فكنت أنفق الأموال وأجهز الجيوش إلى القسطنطينية فقلت: ها هنا أمر سهل يبلغ به الغرض، فقال: قل يا مبارك! قلت: إن بأنطاكية عظيما للنصارى يقال له: البطرك، وبالقدس آخر يقال له: الجاثليق، وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم، والبلدان في سلطاننا، والرجلان في ذمتنا، فيأمر الوزير بإحضارهما، ويتقدم إليهما بإزالة ما تجدد على الأسارى، فإن لم يزل لم يطالب بتلك الجريرة غيرهما، فكتب يستدعيهما، فلما كان بعد شهرين جاءني [1] رسوله، فجئت فوجدته مسرورا فقال: جزاك الله عن نفسك ودينك وعني خيرا، كان رأيك أبرك رأي وأسده، هذا رسول العامل قد ورد، وقال له:
خبر بما جرى، فقال: أنفذني العامل مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية، وكتبا إلى ملكيها أنكما قد خرجتما بما فعلتما عن ملة المسيح عليه السلام، [2] وليس لكما الإضرار بالأسارى، فإنه يخالف دينكما وما يأمركما به المسيح عَلَيْهِ السلام [3] فإما زلتما عن هذا الفعل وإلا حرمناكما، ولعناكما على هذين الكرسيين، فلما وصلنا إلى القسطنطينية حجبنا أياما، ثم أوصل الرسولان إليهما واستدعياني، فقال الترجمان:
يقول لكما الملكان: الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع، وقد أذنا لك في [4] دخولك لتشاهدهم على ضد ما قيل، وتسمع شكرهم لنا فدخلت فرأيت [5] الأسارى، وكأن وجوههم قد خرجت من القبور، تشهد بما كانوا فيه من الضر، ورأيت ثيابهم جميعًا جددا فعلمت أني حجبت تلك الأيام لتغيير حالهم. فقال لي الأسارى: نحن شاكرون للملكين فعل الله بهما وصنع، وأومأ إلى بعضهم أن الذي بلغكم/ كان صحيحا، إنما خفف عنا لما حصلتم ها هنا، فكيف بلغكم أمرنا؟ فقلت: ولي الوزارة علي بن عيسى،
__________
[1] في باقي النسخ: «بعد شهر جاءني» .
[2] في باقي النسخ: «عن ملة عيسى عليه السّلام» .
[3] «عليه السّلام» سقطت من باقي النسخ.
[4] في باقي النسخ: «وقد أذنا في دخولك» .
[5] في باقي النسخ: «فحملت فرأيت» .

(14/59)


وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا، فضجوا بالدعاء والبكاء [1] وسمعت امرأة منهم تقول مر يا علي بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل! فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرا للَّه تعالى، فقلت: أيها الوزير، أسمعك كثيرا تتبرم بالوزارة، فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة؟ فشكر لي [2] ، وانصرفت [3] .
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، عَنْ أبي القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حدثني جماعة من أهل الحضرة أن رجلا بالكرخ كان مشهورا بالستر وارتكبه دين، فقام عن دكانه ولزم منزله، وأقبل على الدعاء والصلاة ليالي كثيرة، فلما كانت ليلة الجمعة صلى صلاته ودعا ونام، قال: فأريت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: اقصد علي بن عيسى الوزير، فقد أمرته لك بأربعمائة دينار، فخذها وأصلح بها أمرك. قال: وكان علي قيمة ستمائة دينار [4] فلما كان من غد قلت: قد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رأني في المنام فقد رأني [حقا فان] [5] الشيطان لا يتمثل بي» فلم لا أقصد الوزير؟ فجئت الباب فمنعت من الوصول إليه فجلست [6] إلى أن ضاق صدري وهممت بالانصراف، فخرج صاحبه وكان يعرفني معرفة ضعيفة، فأخبرته فقال: يا هذا، الوزير والله في طلبك منذ السحر والى الآن، وقد سأل عنك، فما عرفك أحد، والرسل مبثوثة في طلبك، فكن مكانك، قال:
ومضى ودخل، فما كان بأسرع من أن دعوني فدخلت إلى الوزير، فقال لي: ما اسمك؟
فقلت: فلان ابن فلان العطار. قال: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم. قال: يا هذا، أحسن الله جزاءك في قصدك إياي، فو الله ما تهنأت [7] / بعيش منذ البارحة، جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي فقال: «اعط فلان بن فلان العطار من الكرخ أربعمائة دينار يصلح بها شأنه» وكنت اليوم طول نهاري في طلبك، وما عرفك أحد، ثم قال: هاتوا ألف دينار
__________
[1] «والبكاء» سقطت من ص.
[2] في باقي النسخ: «فشكرني» .
[3] في ل: «ونهضت» .
[4] في ص: «ستمائة ألف» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «فقعدت» .
[7] في باقي النسخ: «ما برحت» .

(14/60)


فحملوها، فقال: هذه أربعمائة دينار خذها امتثالا لأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلّم وستمائة هبة [1] مني لك، فقلت: أيها الوزير، ما أحب أن أزاد على عطية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأني أرجو البركة فيه لا فيما عداه، فبكى علي بن عيسى وقال: [هذا هو اليقين] [2] خذ ما بدا لك.
فأخذت أربعمائة دينار فانصرفت، فقصصت قصتي على صديق لي وأريته الدنانير، وسألته أن يحضر غرمائي ويتوسط بيني وبينهم، ففعل فقالوا: نحن نؤخره ثلاث سنين بالمال فليفتح دكانه، فقلت: لا بل يأخذون مني الثلث من أموالهم، وكانت ستمائة، فأعطيت كل من له شيء ثلث ماله، فكان الذي فرقت بينهم مائتي دينار وفتحت دكاني، وأدرت المائتين الباقية في الدكان فما حال الحول إلا ومعي ألف دينار، فقضيت ديني كله، وما زالت حالتي تزيد وتصلح.
توفي علي بن عيسى في هذه السنة، وقيل: في سنة أربع وثلاثين، عن تسع وثمانين سنة.
2487- محمد بن أحمد [بن الربيع] [3] بن سليمان بن أبي مريم، أبو رجاء الأسوأني [4] الشاعر الفقيه
[5] :
كتب عنه علي بن عبد العزيز، وكان فقيها على مذهب الشافعي، وكان فصيحا رصينا، وله قصيدة تضمن فيها أخبار العالم، فذكر قصص الأنبياء نبيا نبيا، وسئل قبل موته بنحو من سنتين: كم بلغت قصيدتك إلى الآن؟ فقال ثلاثين ومائة ألف بيت، وقد بقي [عليّ منها أشياء أحتاج إلى زيادتها فِيهَا، ونظم فِيهَا الفقه، ورقم كتاب المزني وكتب] [6] الطب والفلسفة. توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2488- محمد بن أحمد بن سليمان، أبو الفضل، المعروف بابن القواس
[7] :
__________
[1] في باقي النسخ: «هدية» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين من ت، وقد سقطت من الأصل، ل، ص.
[4] في ت: «الأسواري» .
[5] انظر ترجمته في: (الطالع السعيد 267. وحسن المحاضرة 1/ 226) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 306) .

(14/61)


حدث عن إسحاق بن سنين الختلي [1] ، وروى عنه الدارقطني، [أخبرنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن علي قَالَ: قرأت بخط أَبِي الفتح بْن مسروق أن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان] [2] توفي ببغداد في أول سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وقالوا: كان ثقة.
2489- محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر [3] أبو عبد الله الفارسي
[4] :
كان يتفقه على مذهب الشافعي، وحدث عن أبي زرعة الدمشقي وغيره، وروى عنه الدارقطني وغيره، وآخر من حدث عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة ثبتا فاضلا، وتوفي في [شعبان] [5] هذه السنة.
2490- مُحَمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن عثمان [6] ، أبو بكر بن أبي يعقوب المقرئ
[7] :
حدث عن محمد بن عبيد الله [8] المنادى وغيره وكان صدوقا.
2491- محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد، أبو بكر الصيرفي المطيري
[9] :
من أهل مطيرة سرمن رأي، سكن بغداد وحدث بها عن الحسن بن عرفة، وعلي ابن حرب، وعباس الدوري [وغيرهم] [10] وكان حافظا روى عنه الدارقطني وقال: هو ثقة مأمون، وابن شاهين وقال: كان صدوقا ثقة. وتوفي في صفر هذه السنة.
2492- هارون بن محمد بن هارون
بن علي [بن عيسى] [11] بن موسى بن عمرو بن جابر [بن يزيد بن جابر] [12] بن عامر بن أسيد بن تيم بن صبح بن [13] ذهل بن مالك بن بكر
__________
[1] في الأصل: «الحبلى» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[3] في الأصل: «بن بحر» . وفي ت: «بن يحيى» . وما أثبتناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 50. والبداية والنهاية 11/ 218) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] «بن عثمان» سقطت من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 256) .
[8] في الأصل: «عبد الله» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 145) .
[10] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] «بن صبح» سقط من ت.

(14/62)


ابن سعد بن ضبة، أبو جعفر، والد القاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون [1] .
وكان أسلافه ملوك عمان في قديم الزمان، وأول من دخل عمان من ملوك [2] بني ضبة فتملك بها، ثم لم تزل ولده من بعده يرثون [3] هناك السيادة والشرف، ويزيد بن جابر ادركه [4] الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وأول من انتقل منهم من عمان: هارون ابن محمد، فسكن بغداد، وحدث بها، روى عنه ابنه.
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [5] قَالَ: أخبرنا أحمد بن [علي بن] [6] ثابت قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المحاملي قَالَ: أخبرنا علي بن عمر الدارقطني وذكر هارون بن محمد فقال: / استولى على الفضائل، وساد بعمان في حداثة سنه، ثم خرج منها فلقي العلماء بمكة والكوفة والبصرة، ودخل مدينة السلام سنة [خمس وثلاثمائة فعلت منزلته عند السلطان وارتفع قدره وانتشرت مكارمه وعطاياه] [7] [وأنفق أمواله] [8] وانتابه [9] الشعراء من كل موضع، وامتدحوه فأكثروا، وأجزل صلاتهم، وأنفق أمواله في بر العلماء والإفضال عليهم، وفي صلات الأشراف من الطالبيين [10] والعباسيين وغيرهم، واقتناء الكتب المنسوبة، وكان مبرزا في العلم باللغة، والشعر، والنحو، ومعاني القرآن، والكلام، وكانت داره مجمعا لأهل العلم في كل [11] فن إلى أن توفي في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 33. والبداية والنهاية 11/ 218) .
[2] «ملوك» سقطت من ت.
[3] في الأصل: «يوثر من» .
[4] في الأصل: «البركة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[9] في ت: «وأتته» .
[10] في الأصل، ص، ل: «الأشراف والطالبين ... » .
[11] في باقي النسخ: «من كل» .

(14/63)


ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ظهر كوكب مذنب في صفر [من] [1] ناحية المشرق طوله نحو ذراعين فمكث عشرة أيام ثم اضمحل.
وسار الخليفة ومعز الدولة من واسط في البرية على الطفوف، فلما صار في البرية ورد على معز الدولة رسول من الهجريين القرامطة من هجر [2] بكتاب منهم إليه باللوم على سلوكه البرية بغير أمرهم، إذ كانت لهم، فلم يجبهم عن الكتاب، وقال للرسول يقول لهم: ومن أنتم حتى تستأذنوا في سلوك البرية، وكأني [3] أنا أقصد البصرة قصدي إنما هو بلدكم وإليكم أخرج من البصرة بعد فتحي إياها [4] بإذن الله تعالى وستعرفون خبركم.
ولما افتتح معز الدولة البصرة قطع عن الخليفة الألفي درهم التي كان يقيمها له في كل يوم لنفقته، وعوضه عنها ضياعا من ضياع البصرة وغيرها، زيادة على قدر ضياع الخليفة بنحو مائتي ألف دينار [فِي السنة] [5] ثم نقص ارتفاعها على ممر السنين حتى صار [6] خمسين ألف دينار في السنة.
__________
[1] في ت: «في صفر ناحية» .
[2] «من هجر» سقطت من باقي النسخ.
[3] في الأصل: «وكأن» .
[4] «إياها» سقطت من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من ت، الأصل.
[6] في باقي النسخ: «إلى أن صار» .

(14/64)


وورد الكتاب بتقلد [1] القاضي أبي السائب عتبة بن عبيد الله/ القضاء في الجانب الغربي ومدينة أبي جعفر مكان القاضي أبي الحسين محمد بن صالح، فاجتمعت له مدينة السلام.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2493- أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد، أبو الحسين المعروف بابن المنادى
[2] .
ولد لثمان عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ست وخمسين ومائتين، وسمع جده محمد بن عبيد الله، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، والعباس بن محمد الدوري، وخلقا كثيرا، وكان ثقة، أمينا، ثبتا، صدوقا، ورعا، حجة، صنف كتبا كثيرة، وجمع علوما جمة، ولم يسمع الناس من مصنفاته إلا أقلها لشراسة خلقه، وروى عنه جماعة آخرهم محمد بن فارس الغوري.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [3] قَالَ:
حَدَّثَنِي أبو الفضل عبيد الله بن أحمد الصيرفي قال: كان أبو الحسين بن المنادى صلب الدين، صلب الطريقة [4] ، شرس الأخلاق، فلذلك لم تنتشر عنه الرواية. قال: وقال لي أبو الحسن بن الصلت: كنا نمضي مع ابن قاح الوراق إلى أبي الحسين بن المنادي نسمع منه، فإذا وقفنا ببابه خرجت إلينا جارية له وقالت: كم أنتم؟ فنخبرها بعددنا، ويؤذن لنا في الدخول ويحدثنا، فحضر مرة إنسان علوي وغلام له، فلما استأذنا قالت الجارية: كم أنتم؟ فقلنا: [نحو] [5] الثلاثة عشر. وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد، فدخلنا عليه، فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا: انصرفوا اليوم، فلست
__________
[1] في ت: «بتقليد» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 69. والبداية والنهاية 11/ 219) .
[3] في الأصل: «أحمد بن ثابت قال:» وفي ت: «أحمد بن الحافظ قال:»
[4] في باقي النسخ: «حسن الطريقة»
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. وفي: ت: «فقلنا: ثلاثة عشر» .

(14/65)


أحدثكم. فانصرفنا وظننا أنه عرض له شغل، ثم عدنا إليه مجلسا ثانيا فصرفنا ولم يحدثنا، فسألناه بعد عن السبب الذي أوجب ترك التحديث لنا/ فقال: كنتم تذكرون عدتكم في كل مرة للجارية وتصدقون، ثم كذبتم في المرة الأخيرة، ومن كذب في هذا المقدار لم يؤمن أن يكذب فيما هو أكثر منه. قال فاعتذرنا إليه، وقلنا: نحن نتحفظ فيما بعد فحدثنا. أو كما قال. ونقلت [1] من خط أبي يوسف القزويني [2] قال: أبو الحسين [3] بن المنادى من القراء المجودين، ومن أصحاب الحديث الكبار، وله في علوم القرآن أربعمائة كتاب ونيف وأربعون كتابا، أعرف منها واحدا وعشرين كتابا أو دونها، وسمعت بالباقين [4] ، وكان من المصنفين، ولا نجد في كلامه شيئا من الحشو، بل هو نقي الكلام، وجمع بين الرواية والدراية.
قال المصنف: [5] وقد وقع إلى من مصنفاته قطعة بخطه، وفيها من الفوائد ما لا يكاد يوجد في كتاب، ومن تأمل مصنفاته عرف قدر الرجل.
توفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران.
2494-[أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معاوية، أَبُو الْحَسَن
[6] .
حَدَّثَ عَنْ أَحْمَد بْن حَمَّاد، وكان ثقة صالحا. وتوفي في رمضان هذه السنة.
2495- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن ماناج، أَبُو الْعَبَّاس الإصطخري الفارسيّ
[7] .
كان رجلا صالحا زاهدا روى الحديث وأملاه.
وتُوُفيّ بمصر فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة] .
__________
[1] في باقي النسخ: «نقلت» .
[2] في الأصل: «العروضي» .
[3] في الأصل: «أبو الحسين العروضي قال أبو الحسين ابن المنادي ... » .
[4] في باقي النسخ: «بالباقي» .
[5] في ص: «قال مؤلف الكتاب» .
[6] هذه الترجمة والتي تليها سقطت من كل النسخ سوى ت.
انظر ترجمة: «أحمد بن إبراهيم بن عبد الله» في: (معجم شيوخ الصيداوي 185) .
[7] الإصطخري: نسبة إلى إصطخر، وهي من كور فارس والقلعة (الأنساب 1/ 290) .

(14/66)


2496- ريطة بنت عبيد الله العابدة
[1] .
صحبت أبا عثمان النيسابوري وأقرانه، وحفظت عنهم من كلامهم، وصلت حتى أقعدت، وكان مشايخ الزهاد يزورونها، وتوفيت في محرم هذه السنة.
2497- عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بن الخطاب، [أبو عمر] [2] وقيل: أبو محمد الخطابي
[3] .
حدث عن الدراوَرْديّ، روى عنه أبو بكر الأثرم، والبغوي، وكان ثقة.
توفي في ربيع الآخر [4] [بالبصرة في] [5] هذه السنة.
2498- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد بن عبيد الله بن سعد، أبو محمد الزهري
[6] :
ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وسمع عباسا الدوري وروى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2499- محمد بن أحمد بن أحمد بن حماد، أبو العباس بن الأثرم المقرئ
[7] :
هكذا نسبه الدارقطني، والمحسن بن علي التنوخي، وأبو عمر الهاشمي، وكان أبو بكر بن شاذان يسقط جده أحمد ويجعل حمادًا هو الجد، ولد في سنة أربعين ومائتين، وسمع الحسن بن عرفة، وعلي بن حرب، وعباسا الدوري، وكتب الناس عنه بانتقاء عمر البصري، وحدث عنه محمد بن المظفر، والدارقطني، وغيرهما، وهو ثقة، وتوفي في هذه/ السنة.
2500- مُحَمَّد بن أحمد إبراهيم بن قريش بن حازم بن صبيح، أبو عبد الله الكاتب، يعرف: بالحكيمي
[8] .
__________
[1] انظر ترجمتها في: (صفة الصفوة 2/ 30) .
[2] «أبو عمر» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 21) .
[4] «في ربيع الآخر» سقطت من باقي النسخ.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، ص. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 289) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 263) .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 267) .

(14/67)


ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وسمع زكريا بن يحيى بن أسد المروزي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، والعباس بن محمد الدوري في آخرين.
روى عنه الدارقطني، وأبو عمر بن حيويه وغيرهما، قال البرقاني [1] : هو ثقة إلا أنه يروى مناكير.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: قرأت بخط أبي الحسن [2] بن الفرات: توفي الحكيمي يوم الخميس لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ودفن يوم الجمعة.
2501- مُحَمَّد بن يحيى بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر الصولي
[3] :
كان أحد العلماء بفنون الآداب، حسن المعرفة بأخبار الملوك، وأيام الخلفاء، ومآثر الأشراف، وطبقات الشعراء، وحدث عن أبي داود السجستاني، وثعلب، والمبرد، وأبي العيناء، والكديمي، وأبي رويق [4] وخلق كثير، وكان واسع الرواية، حسن الحفظ [5] حاذقا بتصنيف الكتب، وكان له بيت عظيم مملوء كتبا، وكان يقول: كل هذه الكتب سماعي. ونادم جماعة من الخلفاء، وصنف سيرهم، وله أبوة حسنة، فإن جده صول وأهله كانوا ملوك جرجان، ثم رأس أولاد صول في الكتابة، وتقلد [6] الأعمال السلطانية، وكان أبو بكر حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، وله شعر حسن، روى عنه ابن حيويه، [وأبو الحسن] [7] الدارقطنيّ، وغيرهما.
__________
[1] في الأصل: «البرقي» .
[2] في الأصل: «أبي الحسين» .
[3] سبق وأدرج المؤلف هذه الترجمة في وفيات سنة 335 هـ فلعل هذا سهوا من الناسخ.
وقد سبقت الإشارة إلى مواضع ترجمته هناك.
[4] في ص، ل: «أبي روق.
[5] في الأصل: «حسن الحظ» .
[6] في الأصل: «وقلدوا» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/68)


أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [1] [بن ثابت] / قال: أنشدني أبو القاسم الأزهري قال: أنشدنا عبيد الله بن محمد المقرئ [2] قال أنشدنا أبو بكر الصولي لنفسه:
أحببت من أجله من كان يشبهه ... وكل شيء من المعشوق معشوق
حتى حكيت بجسمي ما بمقلته ... كأن سقمى من جفنيه مسروق
ومن أشعاره:
شكى إليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد
لهفان إن شئتَ اشتكى ... ظمآن إن شئت ورد
صب إذا رام الكرى ... نبهه [3] لذع الكمد
يا أيها الظبي الذي ... تصرع عيناه الأسد
أما لأسراك فدى؟ ... أما لقتلاك قود؟
ماذا على من جار في ... أحكامه لو اقتصد
ما ضره لو أنه ... أنجز ما كان وعد
هان عليه سهري ... في حبه لما رقد
واها لغر غره ... أنا وصلناه وصد
بمقلتيه حور ... وقده فيه غيد
وقال أبو بكر الصولي: حضرت باب علي بن عيسى الوزير ومعنا جماعة من أجلاء الكتاب، فقدمت دواة وكتبت:
خلفت [4] على باب ابن عيسى كأنني ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
إذا جئت أشكو طول فقري وخلتي ... يقولان لا تهلك أسى وتجمل/
ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بل دمعي محملي
__________
[1] في الأصل: «أبو بكر أحمد بن علي» . وفي ل، ت، ص «أبو بكر ابن ثابت» .
[2] في الأصل: «عبد الله بن أحمد المنصوري» . وما أثبتناه هو ما في باقي النسخ وتاريخ بغداد 3/ 429.
[3] في باقي النسخ: «نهبه» وفي الأصل: «يمنعه» .
[4] في الأصل: «خلوت» .

(14/69)


لقد طال تردادي وقصدي إليهم ... فهل عند رسم دارس من معوِّل
فنما الخبر إليه فاستدعاني وقال: يا صولي، فهل عند رسم دارس من معوِّل؟
فاستحييت وقلت: أيد الله [1] الوزير ما بقي شيء، وأنا كما ترى، فأمر لي بخمسة آلاف [درهم] [2] فأخذتها وانصرفت.
خرج أبو بكر الصولي لإضاقة يد عن بغداد [3] ، فتوفي بالبصرة في هذه السنة.
2502- ابنة أبي الحسن المكي
[4] :
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز قَالَ: أخبرنا أبو القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بكير [5] قال: كان لأبي الحسن المكيّ ابنة مقيمة بمكة أشد ورعا منه، وكانت لا تقتات إلا ثلاثين درهما ينفذها إليها أبوها في كل سنة مما يستفضله من [ثمن] [6] الخوص الذي يسفه ويبيعه، فأخبرني ابن الرواس التمار وكان جاره قال: جئته [7] أودعه للحج، وأستعرض حاجته، وأسأله أن يدعو لي، فسلم إلي قرطاسا وقال: لتسأل بمكة في الموضع الفلاني عن فلانة، وتسلم هذا إليها، فعلمت أنها ابنته، فأخذت القرطاس وجئت، فسألت عنها فوجدتها بالعبادة والزهد أشد اشتهارا من أن تخفى، فطمعت [8] [نفسي] [9] أن يصل إليها من مالي شيء يكون لي ثوابه، وعلمت أنني إن دفعت إليها ذلك لم تأخذه، ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسين درهما/ ورددته كما كان، وسلمته إليها، فقالت: أي شيء خبر أبي؟
__________
[1] في الأصل: «أيها» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من ت، ص، ل.
[3] في ت: «فرج أبو بكر الصولي عن بغداد لإضافة لحقته» .
وفي ص، ل: «فرج أبو بكر الصولي لإضافة عن بغداد» .
[4] انظر ترجمتها في: (صفة الصفوة 2/ 67) .
[5] في الأصل: «عبد الله بن أحمد بن بكر» . وفي ت «عبيد الله بن أحمد بن بكر» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل، ت: «جئت» .
[8] في الأصل: «فأحبيت» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/70)


فقلت: على السلامة [1] . فقالت: قد خالط أهل الدنيا وترك الانقطاع إلى الله تعالى؟
فقلت: لا. قَالَتْ: فأسألك عَنْ شَيْءٍ أتصدقني [2] باللَّه وبمن [3] حججت [إليه إنَّ سألتك عَنْ شَيْءٍ فتصدقني] ؟ [4] فقلت: نعم. فقالت: خلطت [في] هذه الدراهم بشيء [5] من عندك؟ فقلت: نعم، فمن أين علمت بهذا؟ فقالت: ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا، لأن حاله لا تحتمل [6] أكثر منها، إلا أن يكون ترك العبادة، فلو أخبرتني بذلك ما أخذت منه أيضا شيئا ثم قالت لي: خذ الجميع، فقد عققتني من حيث قدرت أنك بررتني [7] ، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو شيئا. فقلت: خذي منها ثلاثين درهما [8] [كما أنفذ إليك أبوك وردي الباقي] [9] . فقالت: لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته، فلا آخذ منها شيئا! وأنا الآن أقتات [10] إلى الموسم الآخر من المزابل، لأن هذه كانت قوتي طول السنة، فقد أجعتني ولولا أنك ما قصدت أذاي لدعوت عليك قال: فاغتممت وانحدرت [11] إلى البصرة، وجئت إلى أبي الحسن فأخبرته [واعتذرت إليه] [12] فقال: لا آخذها [13] وقد اختلطت بغير مالي، وقد عققتني وإياها قال: فقلت: ما أعمل بالدراهم؟ قال: لا أدرى! فما زلت مدة أعتذر إليه وأسأله ما أعمل بالدراهم، فقال لي بعد مدة تصدق [14] بها. ففعلت.
__________
[1] في ت: «فقلت: سلامة» .
[2] «عن شيء أتصدقني» سقط من ت، ص، ل.
[3] في ت: «الّذي» .
[4] في الأصل، ص، ل: «حججت له عن شيء فتصدقني؟» .
[5] في ت، ص، ل: «خلطت في هذه الدراهم شيئا» .
[6] «لا تحتمل» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «بتربي» .
[8] «درهم» سقطت من ت، ص، ل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في المطبوعة: «أتتات» .
[11] في ت، ص، ل: «وعدت» .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] في ت، ص، ل: «لا آخذنها»
[14] في المطبوعة: «صدق بها» .

(14/71)


ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم تفزع الناس بالليل [وتحارسوا] [1] وكان سبب ذَلِكَ [2] : خيل إليهم/ حيوان يظهر في الليل في سطوحهم فتارة يظنونه ذئبا، وتارة يظنون [3] غيره، فبقوا على ذلك أياما كثيرة [4] ثم سكنوا، وكان ابتداء ذلك من «سوق الثلاثاء» [إلى غيره] [5] ثم انتشر في الجانبين.
وفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من رمضان: انتهت زيادة [دجلة] [6] إلى إحدى وعشرين ذراعا وثلث، فغرقت الضياع [7] والدور التي عليها، وأشفى الجانب الشرقي على الغرق، وهمّ الناس بالهرب منه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2503- أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم، أبو جعفر.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «وكان سبب ذلك» سقطت من ت، ص، ل.
[3] «يظنون» سقطت من ص، ل.
[4] «كثيرة» سقطت من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل: «الديار» وسياق الكلام يخالفه.

(14/72)


حدث عن أبي بكر بن أبي مريم، وعن أبي زرعة الدمشقي [1] بتاريخه، ورحل، وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2504- عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، أبو محمد البيع، والد أبي عبد الله [2] الحاكم
[3] .
أذن ثلاثا وثلاثين سنة، وغزا اثنتين وعشرين غزاة، وكان يديم الصلاة بالليل، وأنفق على العلماء والزهاد مائة ألف درهم، وقد رأي عبد الله بن أحمد، ومسلم بن الحجاج، وروى عن ابن خزيمة وغيره.
وتوفي في هذه السنة وَهُوَ ابن ثلاث وتسعين سنة.
2505- قدامة بن جعفر بن قدامة، أبو الفرج [الكاتب]
[4] .
له كتاب حسن في الخراج وصناعة الكتابة، وقد سأل ثعلبا عن أشياء.
2506- محمد بن الحسن [بن يزيد] [5] بن عبيد بن أبي خبزة، أبو بكر الرقى
[6] .
قدم بغداد في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وحدث بها عن هلال بن العلاء وغيره. روى عنه الدارقطني.
أخبرنا القزاز/ قال: أخبرنا الخطيب قال: ما علمت من حاله [7] إلا خيرا.
2507- محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد [8] ، أبو عبد الله الزعفراني الواسطي
[9] :
سمع أبا بكر بن أبي خيثمة، وكان ثقة، وتوفي في شوال [10] هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: الأسفي» .
[2] في ت: «أبي عبد الرحمن» ، و «الحاكم» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 220) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. انظر ترجمة قدامة بن جعفر في: (تذكرة الحفاظ 3/ 5) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 198) .
[7] في ت: «ما علمت من خبره ... » .
[8] في ت: «محمد سعيد» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 240) .
[10] «شوال» سقطت من ت، الأصل.

(14/73)


2508- محمد بن علي بن عمر، أبو علي المذكر
[1] ، كان يذكر في [بعض] [2] مواضع من نيسابور ويجتمع إليه الخلق، وسمع الحديث من مشايخ فلم يقتصر عليهم حتى روى عن مشايخ آبائه الذين [3] لم يسمع منهم، ثم لم يقتصر على ذلك حتى حدث عن هؤلاء [4] الشيوخ بما لم يتابع عليه هذا على كبر سنه، فإنه توفي في [شعبان] [5] هذه السنة، وهو ابن مائة وسبع سنين.
2509- محمد بن مطهر بن عبيد، أبو النجاء الفرضيّ الضرير
[6] .
كان حاذقا بالفرائض، له فيها مصنفات بعيد المثل، وكان فقيها على مذهب مالك رحمه الله، وله كتاب مصنف في الفقه [7] على مذهبه، وكان أديبا [فهما] [8] فطنا.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 221) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في الأصل: «الّذي» .
[4] في الأصل: «هذه» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 221) .
[7] «في الفقه» سقطت من ت.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.

(14/74)


ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في آخر ربيع الأول وقعت فتنة بين [أهل] [1] السنة والشيعة ونهبت الكرخ.
وفي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة تقلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله الهمذاني قضاء القضاة. [2]
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2510- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس، أبو جعفر النحوي، المعروف: بابن النحاس
[3] :
وكان عالما بالنحو حاذقا، وكتب الحديث، وخرج [4] إلى العراق فلقي أصحاب المبرد، وله تصانيف حسان [في] [5] تفسير القرآن، والنحو.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[2] في ت «الكوفة» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[4] في باقي الأصول: «كتب الحديث، خرج ... » .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(14/75)


2511- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، أبو إسحاق العطار.
[1] روى/ عن سعدان بن نصر والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة ولم يكن عنده عنه إلا حديث واحد، روى عنه ابن المظفر وابن شاهين [2] ، وكان ثقة وسكن دمشق، ومات بها في هذه السنة.
2512- عبد الله المستكفي باللَّه أمير المؤمنين ابن علي بْن المكتفي
[3] .
بويع فمكث في الخلافة سنة وأربعة أشهر ويومين، وخلع وقبض عليه أبو الحسن بن بويه، واعتقله في داره، فمات هناك بنفث [4] الدم في هذه السنة، وقيل: بل شمله المطيع واعتقله، وتوفي [وهو] [5] ابن ست وأربعين سنة وشهرين.
2513- علي بن حمشاذ [6] بن سختويه [7] بن نصر، أبو الحسن المعدل
[8] :
محدث عصره بنيسابور، سافر البلدان، وسمع [9] وأكثر عن إسماعيل القاضي وطبقته، وكان كثير الحديث والتصانيف، شديد الإتقان، وجمع «المسند الكبير» في أربعمائة جزء و «الأنوار» مائتين وستين جزءا، و «التفسير» مائتين وثلاثين جزءًا [10] وكان أبو بكر بن إسحاق يقول: صحبت علي بن حمشاذ [11] في السفر والحضر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة، وكان لا يترك قيام الليل، وتوفي في يوم الجمعة رابع عشر شوال من هذه السنة فجأة، دخل الحمام يوم الجمعة فمات فيه من غير مرض.
__________
[1] في ت: «العطاردي» . انظر ترجمته في (تاريخ بغداد 6/ 163) .
[2] «ولم يكن عنده عنه إلا حديث واحد، روى عنه ابن المظفر وابن شاهين» سقط من ت.
[3] في باقي النسخ: «علي المكتفي» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[4] في ت: «بقيام الدم» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «علي بن حماد» .
[7] في الأصل: «ابن نحنونة» . وفي ص، ل: «سنحتونة» .
[8] «المعدل» سقطت من ت. انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[9] في ت: «وحدث» .
[10] «والأنوار مائتين وستين جزءًا والتفسير مائتين وثلاثين جزءا» سقط من ت.
[11] في الأصل: «حماد» .

(14/76)


2514- علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن الحسن [1] ، أبو الحسن الواعظ
[2] :
ولد في محرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، وهو بغدادي أقام بمصر مدة طويلة، فقيل له: المصري، ثم رجع إلى بغداد. سمع من جماعة بمصر وبغداد، روى عنه [3] ابن المظفر والدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه [4] وأبو الحسين بن بشران.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ [5] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ/ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
كان أبو الحسن المصري ثقة [6] أمينا عارفا، جمع حديث الليث بن سعد، وابن لهيعة، وصنف كتبا كثيرة في الزهد، وكان له مجلس يتكلم فيه بلسان الوعظ، فحدثني الأزهري أن أبا الحسن المصري كان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء، وكان يجعل على وجهه برقعا مخافة [7] أن يفتتن به النساء من حسن وجهه.
قال الأزهري: وحدثت [8] أن أبا بكر النقاش المقرئ حضر مجلسه مستخفيا، فلما سمع كلامه قام قائما، وشهر نفسه، وقال لأبي الحسن: أيها الشيخ، القصص [9] بعدك حرام. توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2515- علي بن بويه، أبو الحسن
[10] .
أول من ظهر من الديلم، وقد ذكرنا مبدأ أمره وأمر أبيه في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأنه ضمن البلاد من الخليفة، وتمكن وكان فيه عقل وشجاعة، وكانت إمارته
__________
[1] في ت: «علي بن أحمد بن محمد بن الحسن، أبو الحسن ... » .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 75، وفيه: «علي بن محمد بن أحمد بن الحسن، أبو الحسن الواعظ. والبداية والنهاية 11/ 222) .
[3] في ت: «سمع منه» .
[4] في الأصل: «ابن رزقونة» .
[5] «أبو بكر» سقطت من ت.
[6] «ثقة» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «تخوفا» .
[8] في الأصل: «قال الزهري: وحدث» .
[9] «القصص» سقطت من ت وكتبت على الهامش.
[10] انظر ترجمته في: (الأعلام 4/ 268. ووفيات الأعيان 1/ 364. والبداية والنهاية 11/ 221) .

(14/77)


ست عشرة سنة، وكان الخليفة يخاطبه بأمير الأمراء، وتوفي بشيراز في هذه السنة وعمره سبع وخمسون سنة.
2516- محمد بن عبد الله بن دينار، أبو عبد الله المعدل الزاهد
[1] .
من أهل نيسابور روى عنه [2] ابن شاهين، وكان ثقة، فقيها، عارفا بمذهب أبي حنيفة، ورغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة وكان يديم الصيام والقيام مع صبره على الفقر وكسب الحلال من عمل يده، وكان يحج في كل عشر سنين، ويغزو في كل ثلاث سنين.
وتوفي منصرفه عن الحج يوم الاثنين [3] غرة صفر من هذه السنة، ودفن بقرب الإمام أبي حنيفة.
2517- محمد بن أحمد بن موسى، أبو المثنى الزاهد [4] ، المعروف: بالدردائي
[5] .
من أهل الكوفة قدم بغداد، وحدث بها في صفر [6] في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة عن الحسن بن علي بن عفان العامري/.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَد بن علي بن ثابت قَالَ: كتب إلى أبو طاهر محمد بن محمد بن الحسين بن الصباغ المعدل من الكوفة وحدثنيه محمد بن علي الصوري عنه قال: أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بْن أحمد بْن حماد الحافظ قال: مات أبو المثنى الدردائي الفقيه لتسع [7] بقين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة [8] ، وكان رجلا صالحا أحد من يفتى في الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا [9] ، وكان يرمى
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ نيسابور 510) .
[2] في ت: «روى عن» .
[3] في الأصل: «وتوفي بمصر هذه السنة منصرفه من الحج يوم الإثنين ... » .
[4] في ت: «الدهتاني» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 358) .
[6] «في صفر» سقطت من باقي النسخ.
[7] في ت: «لسبع» .
[8] «ثلاثمائة» سقطت من ت.
[9] «أحد من يفتى في الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا» هذه الجملة سقطت من ص.

(14/78)


بالقدر، وقد جالسته طويلا وعريضا [1] فما سمعت منه في هذا شيئا.
2518- محمد بن إبراهيم بن أحمد
بن صالح بن دينار، أبو الحسن البغوي المعدل [البغشيني] [2] يعرف: بابن حبيش [3] ، لأن أحمد جده كان يلقب حبيشا.
ولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وإنما [4] سميناه بالبغشيني لأنه من قرية من خراسان من مروالروذ يقال لها: بغشة [5] قال: وكان المنصور بنى لهم مسجد البغشيين، وصلى فيه المنصور، واستسقى [فيه] [6] ماء، وحدث عن عباس الدوري وغيره، روى عنه الدارقطني [فقال: لَمْ يكن بالقوي] [7] .
وتوفي يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في ص، ل، ت: «حالسته الطويل العريض ... » .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 410) .
[4] في الأصل: «وقال وإنما ... » .
[5] في ت: «يغبون» . وفي تاريخ بغداد: «بقشور» . وفي معجم البلدان «بغ» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.

(14/79)


ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[غزو سيف الدولة في بلاد الروم]
أنه ورد الخبر في يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخِرَة [1] : بأن سيف الدولة غزا فأوغل في بلاد الروم، وفتح حصونا كثيرة من حصونهم [2] وسبي خلقا كثيرا، فلما أراد الخروج من بلاد الروم أخذوا عليه الدرب الذي أراد أن يخرج منه، فتلف [3] كل من كان معه من المسلمين، اسرا وقتلا، وارتجع الروم ما أخذه من السبي، وأخذوا خزانته وكراعه وسلاحه/ وأفلت في عدد يسير، وقد كان معه ثلاثون ألف [4] رجل.
[رد الحجر الأسود]
وفي ذي القعدة: رد [5] الحجر الأسود الذي كان أبو طاهر سليمان بن الحسن الهجري أخذه من الكعبة، وعلق على الأسطوانة السابعة من مسجد الكوفة، و [قد] [6] كان بجكم بذل في رده خمسين ألف دينار فلم يرد، وقيل: أخذناه بأمر، وإذا ورد الأمر برده رددناه، فلما كان في ذي القعدة كتب إخوة أبي طاهر الهجريّ [7] كتابا يذكرون فيه
__________
[1] في ص، ل: «جمادى الأوموي» .
[2] «من حصونهم» سقطت من ت.
[3] «من بلاد الروم أخذوا عليه الدرب الذي أراد أن يخرج منه فتلف» سقط من ت.
[4] في باقي النسخ: «وكان معه ألف ... » .
[5] في الأصل: «ورد» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «الهجريّ» سقطت من ص، ل، ت.

(14/80)


أنهم ردوا الحجر بأمر من أخذوه بأمره، ليتم مناسك الناس وحجهم [1] . فرد إلى موضعه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2519- أحمد بن عبد الله بن علي بن إسحاق [2] ، أبو الحسن الناقد
ولد بمصر وحدث عن الربيع بن سليمان وغيره، وكان ثقة ظريفا. توفي في صفر هذه السنة.
2520-[أحمد بن محمد بن فضالة بن سلمان السري الحمصي
[3] حدّث عن جماعة وكان ثقة توفي بمصر في هذه السنة.
2521- الحسن بن إسحاق أبو محمد الجوهري
[4] .
كتب كثيرا وولي القضاء بمصر وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة] .
2522- الحسن بن داود بن بابشاذ، أبو سعيد المصري
[5] .
قدم ببغداد، ودرس فقه أبي حنيفة على الصيمري، ودرس وقرأ بقراءات عدة، وحفظ طرفا من علم الأدب، والحساب، والجبر، والمقابلة، وكان مفرط الذكاء، قوى الفهم، وكتب الحديث، وكان ثقة غزير العقل، وكان أبوه يهوديا فأسلم وذكر بالعلم، توفي أبو سعيد في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة الشونيزي وما بلغ الأربعين.
2523- الحسين بن أحمد الناصر
بن يحيى الهادي بن الحسين بن إبراهيم بن
__________
[1] في ت: «مناسك الحج للناس» .
[2] انظر ترجمته في: (معجم شيوخ الصيداوي ص 195) .
[3] الحمصي: نسبة إلى حمص، بلدة من بلاد الشام (الأنساب 4/ 221) . وهذه الترجمة والتي تليها سقطا من الأصل، ص، ل.
[4] الجوهري: هذه النسبة إلى بيع الجوهر. (الأنساب 3/ 379) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 307. والبداية والنهاية 11/ 223) .

(14/81)


إسماعيل بن الحسن [1] بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله الكوفي [2] .
قدم بغداد وحدث بها عن أبيه، روى عنه ابن حيويه، وكان أحد وجوه بني هاشم وعظمائهم وكبرائهم [3] وصلحائهم، ورعا خيرا، فاضلا، فقيها، ثقة صدوقا، وكان أحد شهود الحاكم، ثم ترك الشهادة وتوفي في هذه السنة.
2524-[عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سلمويه الرّازيّ
[4] .
قَدِمَ مصر وتفقه بها على مذهب الشّافعيّ، وحدَّث وأفتى وكان يجلس فِي حلقة المزني فِي مسجد الجامع العتيق، وتُوُفيّ بمصر في هذه السنة]
[5]
2525- محمد القاهر باللَّه [أمير المؤمنين] [6] ، ابن أحمد المعتضد باللَّه
[7] .
ولي الخلافة سنة وستة أشهر/ وسبعة أيام، وكان بطاشا فخافه كل أحد، حذر منه [8] وزيره أبو علي بن مقله فاستتر، وأغرى الجند به فخلعوه وسملوا عينيه، ثم خرج من دار السلطان في سنة ثلاث وثلاثين إلى دار ابن طاهر، وتوفي في جمادى الآخرة [9] من هذه السنة، ودفن إلى جنب أبيه المعتضد في خلافة المطيع، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة.
2526- محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق
[10] بن خلاد [11]
__________
[1] في الأصل: «الحسين» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 7) .
[3] «وكبرائهم» سقطت من ت.
[4] الرازيّ: نسبة إلى الري وهي بلدة كبيرة من بلاد الديلم (الأنساب 6/ 41) .
[5] هذه الترجمة بأكملها ساقطة من الأصل، ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
وسقط من ت أيضا: «ابن أحمد المعتضد باللَّه» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 223) .
[8] في ت: «فحذر منه وخافه» .
[9] في باقي النسخ: «في جمادى الآخرة» .
[10] في ت: «عبد الخلافة» .
[11] «ابن خلاد» سقطت من ت.

(14/82)


أبو العباس العتكي البزار [1] .
سمع خلقا كثيرا، وروى عنه الدارقطني وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي يوم الأحد لعشر خلون من شعبان هذه السنة.
2527- محمد بن عبد الله بن أحمد، أبو عبد الله الصفار الأصبهاني
[2] محدث عصره بخراسان، سمع الكثير وروى عنه ابن أبي الدنيا من كتبه، وكان مجاب الدعوة ولم يرفع رأسه إلى [السماء] [3] نيفا وأربعين سنة، وكان يقول: اسم أمي: آمنة [واسمي: محمد، واسم أبي: عبد الله] فاسمي واسم [4] أمي وأبي يوافق اسم رسول الله، واسم أبيه وأمه [5] توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
[6]
__________
[1] في ت: «البزاز» .
انظر ترجمته في: (الأنساب 2/ 183) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 224) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «أمي آمنة واسمي محمد واسم أبي عبد الله، فاسمي واسم» سقط من ت وأدرجت في الهامش.
ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «واسم أبيه وأمه» سقطت من ت.
[6] في ت: «تم المجلد الثامن عشر» .

(14/83)


ثم دخلت سنة أربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[مسير صاحب عمان]
أنه ورد الخبر بمسير صاحب عمان إلى الأبلة يريد البصرة وورود أبي يعقوب الهجري لمعاونة صاحب عمان على فتح البصرة، فانهزم صاحب عمان من البصرة، واستؤسر جماعة من أصحابه، وأخذ منه خمسة مراكب، ودخل في ربيع الآخر أبو محمد المهلبي إلى بغداد ومعه المراكب والأسارى.
[فتنة عظيمة بالكرخ]
وفي رمضان: وقعت فتنة عظيمة بالكرخ [1] بسبب المذهب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2528- أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمرو العامري
[2] .
أحد الفقهاء منسوب إلى عامر بن صعصعة وكذلك قبيصة/ بن عقبة، ويقال:
العامري، وينسب إلى عامر [3] بن لؤي، منهم حسل العامري، وعباس، وغيرهما، ويقال: العامري منسوبا إلى عامر بن عدي [4] في تجيب منهم إبراهيم بن سعيد بن عروة، توفي أشهب في شعبان هذه السنة.
__________
[1] «بالكرخ» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تهذيب التهذيب 1/ 359، وفيه أنه توفي سنة 204 هـ. ووفيات الأعيان 1/ 78.
والأعلام 1/ 333. وفي كل المصادر أنه توفي سنة 204 هـ فلعل هذا خطأ من النساخ) .
[3] «بن صعصعة وكذلك قبيصة بن عقبة ويقال: العامري وينسب إلى عامر» ساقط من ت.
[4] «منهم حل العامري، وعباس وغيرهما، ويقال: العامري منسوبا إلى عامر بن عدي» ساقط من ت وأثبت على الهامش، وفيه: «حسان» بدلا من «حسل» وهو خطأ.

(14/84)


2529- عبيد [1] الله بن الحسين بن دلال بن دلهم، أبو الحسن الكرخي كرخ جدان
[2] ولد سنة ستين ومائتين، وسكن بغداد، ودرس بها فقه أبي حنيفة وحدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، روى عنه ابن حيويه، وابن شاهين، وانتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة، وانتشر أصحابه في البلاد، وكان متعبدا، كثير الصلاة والصوم، صبورا على الفقر، عزوفا [3] عما في أيدي الناس، إلا أنه كان رأسا في الاعتزال.
أخبرنا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر [4] أحمد بن علي قال: حدثني الصيمري قال: حدثني أبو القاسم علي بن محمد بن علان [5] الواسطي قال: لما أصاب [6] أبا الحسن [الكرخي] [7] الفالج في آخر عمره حضرته وحضر أصحابه أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي، وأبو عبد الله البصري فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج [وهو مقل] [8] لا نحب أن نبذله للناس [9] فيجب أن نكتب إلى سيف الدولة ونطلب منه ما ينفق [10] عليه، ففعلوا ذلك فأحس أبو الحسن بما هم فيه، فسأل عن ذلك فأخبر به، فبكى وقال: اللَّهمّ لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني. فمات قبل أن يحمل سيف الدولة له شيئا، ثم ورد كتاب سيف الدولة ومعه عشرة آلاف درهم، ووعد أن يمد بأمثاله فتصدق به.
توفي الكرخي في شعبان هذه السنة، وصلى عليه أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي وكان من أصحابه ودفن بإزاء [11] مسجده بحذاء مسجد [12] في درب أبي زيد على نهر الواسطيين
__________
[1] في الأصل: «عبد الله» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 353. والبداية والنهاية 11/ 224، 225) .
[3] في ت: «عزرفا» .
[4] «أبو بكر» سقطت من ت.
[5] في الأصل: «محمد بن علاء الدين» .
[6] في ت: «أصابت» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في الأصل: «يبذله الناس» .
[10] في باقي النسخ: «ننفق» .
[11] في الأصل: «ودفن في» .
[12] «بحذاء مسجد» سقطت من ت.

(14/85)


2530- محمد بن أحمد بن [محمد] [1] بن عبد الرحمن، أبو الفتح المصري
[2] .
ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، وسمع الكثير، وكتب، واحترقت كتبه دفعات، وروى شيئا كثيرا.
/ أخبرنا أبو منصور، أخبرنا الخطيب قال: سمعت أبا على الحسن بن أحمد الباقلاوي وغيره من أصحابنا يذكرون أن المصري كان يشترى من الوراقين الكتب التي لم يكن سمعها، ويسمع فيها لنفسه توفي المصري ببغداد يوم الجمعة تاسع محرم هذه السنة.
2531- محمد بن صالح بن هانئ بن زيد، أبو جعفر الوراق
[3] .
سمع الحديث الكثير، وكان له فهم وحفظ، وكان من الثقات الزهاد، لا يأكل إلا من كسب يده.
قال أبو عبد الله بن يعقوب الحافظ: صحبت محمد بن صالح سنين ما رأيته أتى شيئا لا يرضاه الله، ولا سمعت منه شيئا يسأل عنه، وكان يقوم أكثر [4] الليل.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 354) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 225) .
[4] «وأكثر» سقطت من ت، ص، ل.

(14/86)