المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة أحدى وأربعمائة
[جمع أبو المنيع قرواش بن المقلد أهل الموصل وأظهر عندهم طاعة الحاكم صاحب مصر]
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد الخبر بأن أبا المنيع قرواش بن المقلد جمع أهل الموصل وأظهر عندهم طاعة الحاكم صاحب مصر وعرفهم ما عزم عليه من إقامة الدعوة له ودعاهم إلى قبول ذلك، فأجابوه جواب الرعية المملوكة وأسروا الإباء والكراهية، وأحضر الخاطب في يوم الجمعة الرابع من المحرم، فخلع عليه وأعطاه النسخة ما يخطب به، فكانت:
«اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا الله وله الحمد الذي انجلت بنوره غمرات الغضب، وانقدت بقدرته أركان النصب، وأطلع بنوره شمس الحق من الغرب الذي محا بعد له جور الظلمة وقصم بقوته ظهر [1] الغشمة فعاد الأمر إلى نصابه [2] ، والحق إلى أربابه البائن بذاته المتفرد بصفاته الظاهر بآياته المتوحد بدلالاته، لم تفته الأوقات فتسبقه الأزمنة، ولم تشبه الصور فتحويه الأمكنة، ولم تره العيون فتصفه الألسنة، سبق كل موجود وجوده، / وفات كل جود جوده، واستقر في كل عقل توحيده، وقام في كل مرأى شهيده، أحمده بما يجب على أوليائه الشاكرين تحميده، وأستعينه على القيام بما يشاء ويريده، وأشهد له بما شهد أصفياؤه وشهوده، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له شهادة لا يشوبها دنس الشرك، ولا يعتريها وهم الشك، خالصة من الإدهان، قائمة بالطاعة والإذعان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه اصطفاه واختاره لهداية
__________
[1] في الأصل: «وقسم بقدرته» .
[2] في الأصل: «فعاد الأمر إلى قضائه» .

(15/74)


الخلق، وإقامة الحق، فبلغ الرسالة، وهدى من الضلالة والناس حينئذ عن التقوى [1] غافلون، وعن سبيل الحق ضالون، فأنقذهم من عبادة الأوثان، وأمرهم بطاعة الرحمن حتى قامت حجج الله وآياته، وتمت بالتبليغ كلماته صلى الله عليه وعلى أول مستجيب له على أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، أساس الفضل والرحمة، وعماد العلم والحكمة، وأصل الشجرة الكرام البررة النابتة في الأرومة المقدسة المطهرة، وعلى خلفائه الأغصان البواسق من تلك الشجرة، وعلى ما خلص منها وزكا من الثمرة.
أيها الناس اتقوا الله حق تقاته، وارغبوا في ثوابه، واحذروا من عقابه فقد ترون ما يتلى عليكم في كتابه، قال الله تعالى:
يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ 17: 71 [2] . وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ 4: 59 [3] . فالحذر الحذر أيها الناس، فكأن قد أفضت بكم الدنيا إلى الآخرة، وقد بان أشراطها ولاح سراطها [4] ومناقشة حسابها والعرض على كتابها: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 99: 7- 8 [5] .
اركبوا سفينة نجائكم قبل أن تغرقوا، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا 3: 103 [6] ، واعلموا أنه يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، وأنيبوا إلى الله خير الإنابة، وأجيبوا داعي/ باب الإجابة قبل أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ 39: 56 [7] أَوْ تَقُولَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ 39: 57 [8] أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ من الْمُحْسِنِينَ 39: 58 [9] .
__________
[1] في ص، ل: «من الهوى غافلون» .
[2] سورة: الإسراء، الآية: 71.
[3] سورة: النساء، الآية: 59.
[4] في ص: «ولاح شواطها» .
[5] سورة: الزلزلة، الآية: 7، 8.
[6] سورة: آل عمران، الآية: 103.
[7] سورة: الزمر، الآية: 56.
[8] سورة: الزمر، الآية: 57.
[9] سورة: الزمر، الآية: 58.

(15/75)


تيقظوا من الغفلة والفترة قبل الندامة والحسرة وتمنى الكرة والتماس الخلاص ولات حين مناص، وأطيعوا إمامكم ترشدوا، وتمسكوا بولاة العهد تهتدوا، فقد نصب لكم علما لتهدوا به، وسبيلا لتقتدوا به، جعلنا الله وإياكم ممن تبع مراده، وجعل الإيمان زاده والهمة تقواه ورشاده، واستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين» .
ثم جلس وقام فقال: «الحمد للَّه ذي الجلال وخالق الأنام، ومقدر الأقسام المتفرد بالبقاء والدوام، فالق الإصباح وخالق الأشباح، وفاطر الأرواح أحمده أولا وآخرا، واستشهده باطنا وظاهرا، واستعين به إلها قادرا، واستنصره وليا ناصرا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ شهادة من أقر بوحدانية إيمانا واعترف بربوبيته إيقانا [1] وعلم برهان ما يدعوا إليه، وعرف حقيقة الدلالة عليه.
اللَّهمّ صل على وليك الأزهر، وصديقك الأكبر على بن أبي طالب أبي الأئمة الراشدين المهتدين، اللهم صلى على السبطين الطاهرين الحسن والحسين، وعلى الأئمة الأبرار الصفوة الأخيار من أقام منهم وظهر، ومن خاف منهم واستتر، اللهم صل على الإمام المهدي بك، والذي بلغ بأمرك واظهر حجتك ونهض بالعدل في بلادك هاديا لعبادك، اللهم صلى على القائم بأمرك وعلى المنصور بنصرك اللذين بذلا نفوسهما في رضاك وجاهدا أعداءك، اللهم صلى على/ المعز لدينك، المجاهد في سبيلك، المظهر لآياتك الحقية والحجة الجلية [2] . اللَّهمّ صل على العزيز بك الذي مهدت به البلاد وهديت به العباد، اللهم اجعل توافى صلواتك وزواكي بركاتك على سيدنا ومولانا إمام الزمان وحصن الإيمان وصاحب الدعوة العلوية والملة النبوية عبدك ووليك المنصور أبي على الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين، كما صليت على آبائه الراشدين وأكرمت أولياءك المهتدين، اللهم أعنه على ما وليته، واحفظه فيما استرعيته، وبارك له فيما أتيته وانصر جيوشه، وأعل أعلامه في مشارق الأرض ومغاربها، إنك على كل شيء قدير» .
وكان السبب في هذا أن رسل الحاكم ومكاتباته كانت تتردد إلى قرواش ترددا
__________
[1] في ص، ل: «واعترف بربوبيته إتيانا» .
[2] في ص، ل: «والحجة العلية» .

(15/76)


أوجبت استمالته، فأقام له الدعوة بالموصل على ما ذكرناه وانحدر إلى الأنبار، فتقدم إلى الخطيب بإقامتها فهرب الخطيب إلى الكوفة فأقامها بها يوم الجمعة ثاني ربيع الأول، وأنفذ إلى القصر والمدائن فأقيمت بها في يوم الجمعة التاسع من هذا الشهر، وكشف قرواش وجهه بالخلاف وأظهر المباينة وأدخل يده في المعاملات السلطانية وخبط الناس خبطة المخارقة، وورد على الخليفة من هذا ما أزعجه فراسل عميد الجيوش وكاتب بهاء الدولة وأنفذ إليه أبا بكر محمد بن الطيب المتكلم [1] رسولا، وحمله قولا طويلا، فقال: والله إن عندنا من هذا الأمر أكثر مما عند أمير المؤمنين، لأن الفساد علينا به أكثر وقد كاتبنا أبا على وتقدمنا بإطلاق مائة ألف دينار يستعين بها على نفقات العسكر، وإن دعت الحاجة إلى مسيرنا كنا أول طالع على أمير المؤمنين.
ثم نفذ إلى/ قرواش في ذلك فاعتذر ووثق من نفسه في إزالة ذلك ووثق له في ترك المؤاخذة به، ثم وقع الرضا عنه وأقيمت الخطبة للقادر باللَّه، وكان الحاكم قد نفذ إلى قرواش ما قيمته ثلاثون ألف دينار فسار الرسول فتلقاه قطع الخطبة بالرقة فكتب إلى الحاكم يعرفه فكتب: «دع ما معك عند والي الرقة» .
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر انقض كوكب في وقت العصر من الجانب الغربي إلى سمت دار الخلافة من الجانب الشرقي لم ير أعظم منه.
ولخمس بقين من رجب زادت دجلة وامتدت الزيادة إلى رمضان، فبلغت إحدى وعشرين ذراعا، ودخل الماء أكثر الدور الشاطئة، وقطيعة الدقيق، وباب التبن، وباب الشعير، وباب الطاق، وفاض على مسجد الكف بقطيعة الدقيق فخربه واحتمل أجذعه وسقوفه، وتفجرت البثوق وغرقت القرى والحصون.
[ورود الوزير أبي غالب بن خلف إلى بغداد]
وفي هذه السنة [2] : ورد الوزير أبو غالب بن خلف إلى بغداد، وقد رد إليه أمر العراق، ولقب فخر الملك.
[تقليد أبي محمد مكرم كرمان]
وفيها: قلد أبو محمد مكرم [3] كرمان مضافة إلى عمان.
__________
[1] «المتكلم» : ساقط من ص.
[2] في ص، ل: «وفيها» . وفي ب بياض.
[3] في الأصل: «أبو محمد بن مكرم» .

(15/77)


وفيها [1] عصى أبو الفتوح [2] الحسن بن جعفر العلوي على الحاكم، ودعا إلى نفسه وتلقب بالراشد باللَّه. ولم يحج في هذه السنة أحد من العراق.
ذكر من توفي في هذه السنة [3] من الأكابر
3021- إبراهيم بن محمد [4] بن عبيد، أبو مسعود الدمشقي الحافظ
[5] :
سافر الكثير وسمع وكتب ببغداد والكوفة والبصرة وواسط والأهواز وإصبهان وبلاد خراسان، وكان له عناية بالصحيحين فعمل تعليقه أطراف الكتابين، ولم يرو إلا اليسير، وكان صدوقا دينا ورعا فهما، روى عنه أبو القاسم الطبري.
/ توفي ببغداد هذه السنة، وأوصى إلى أبي حامد الإسفرايني، فصلى عليه ودفن في مقبرة جامع المنصور قريبا من السكك.
3022- آدم [6] بن محمد بن آدم، أبو القاسم العكبري المعدل
[7] .
حدث عن النجاد [وابن قانع] [8] وعمر بن جعفر بن مسلم وغيرهم، وتوفى في صفر هذه السنة.
3023- الحسن [9] بن أبي جعفر، أستاذ هرمز، يكنى أبا علي، ويلقب عميد الجيوش
[10] :
__________
[1] بياض في ت.
[2] في ص، ل، والأصل: «أبو الفتح» .
[3] بياض في ت.
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 172، 173) .
[6] بياض في ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 30) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[9] بياض في ت.
[10] انظر ترجمته في: (الكامل، أحداث سنة 401) .

(15/78)


ولد سنة خمسين وثلاثمائة، وكان أبوه من حجاب عضد الدولة، وجعل ابنه أبا على برسم خدمة ابنه صمصام الدولة، فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة، وولاه بهاء الدولة تدبير العراق فقدم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة والفتن كثيرة والذعار قد انتشروا فقتل، وأغرق [1] خلقا [كثيرا] [2] وأقام الهيبة، ومنع أهل الكرخ يوم عاشوراء من النياحة وتعليق المسوح، وأهل باب البصرة من زيارة [قبر] [3] مصعب، وأعطى بعض غلمانه صينية فضة فيها دنانير، وقال: [خذها على رأسك و] [4] سر من النجمي إلى الماصر الأعلى فان اعترضك [5] معترض، فأعطه إياها وأعرف الموضع الذي أخذت منك فيه، فجاءه وقد انتصف الليل، وقال: قد مشيت البلد جميعه فلم يلقني أحد. ودخل الرخجي على عميد الجيوش وأدخل سبعين [6] مجلدة خزا ومنديلا كثيرا فيه مال، وقال: مات نصراني من أهل مصر وخلف هذا وليس له وارث. فقال عميد الجيوش: من حكم الاستظهار أن يترك [هذا] [7] بحاله، فإن حضر وارث وإلا أخذ، فقال الرخجي:
يحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يبين الحال، فقال: لا يجوز أن يدخل خزانة السلطان ما لا يصح [8] استحقاقه. فكتب [9] من بمصر باستحقاق تلك التركة فجاء أخو الميت وأوصل الكتاب من مصر بأنه أخو المتوفي، فصادف/ عميد الجيوش واقفا على روشن داره يصلي الصبح [10] فظنه نقيبا، فدفع إليه الكتاب وسأله إيصاله إلى صاحب الخبر، فقضى له حاجته فدخل صاحب الخبر إلى عميد الجيوش ضاحكا، وقال: يا مولانا، قد صرفت عنك اليوم نفعا ومرفقا فإن السوادي، قال لي عند قضاء حاجته: بأي شيء أخدم
__________
[1] في ص «انتشر ففتك» . وفي ل: «انتشر فتنكر» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «الأعلى والصينية على رأسك، فإن اعترضك» .
[6] في ص، ل: «وأدخل الرحجي على عميد الجيوش سبعين مجلدة» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] في ص، ل: «ما لم يصح استحقاقه» .
[9] في الأصل: «قد كتب» .
[10] في ص، ل: «يصلي الفجر» .

(15/79)


النقيب الذي أوصل كتابي إليك، فقلت: ويحك هذا عميد الجيوش، فقال لي: هذا الذي تهابه ملوك الأطراف وكثر الدعاء له [1] ، فلما كان بعد مدة ورد كتاب ابن القمي التاجر من مصر على عميد الجيوش يعرفه أن ذلك الرجل حضر في مجمع من التجار، وحكى القصة فضج الناس بالدعاء وقالوا: ليتنا كنا في جواره وظله، ففرح عميد الجيوش، وقال: قد أحسن المكافأة، بقى عميد الجيوش واليا على العراق ثماني سنين وسبعة أشهر وأحد عشر يوما وهو الذي يقول فيه الببغاء [كما ذكرنا في ترجمته] [2] .
سألت زماني بمن أستغيث ... فقال استغث بعميد الجيوش
[وتوفى في هذه السنة عن إحدى وخمسين سنة، وتولى أبو الحسن الرضى بأمره، ودفن بمقابر قريش] [3] .
3024- الحسين [4] بن المظفر بن أحمد بن عبد الله بن كنداج [5] ، أبو عبد الله
[6] :
سمع إسماعيل بن محمد الصفار، والخلدي، وابن كامل القاضي، روى عنه البرقاني، وقال: ليس به بأس. كان من أولاد المحدثين [وكان يعرف] [7] . توفي في ذي الحجة من هذه السنة. [8]
3025- خلف [9] بن محمد بن على بن حمدون [10] ، أبو محمد الواسطي:
سمع الكثير، ورافق أبا الفتح بن أبي الفوارس في رحلته، فسمع/ بجرجان
__________
[1] في الأصل، ل: «الدعاء لك» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] بياض في ت.
[5] في ص، ل: «عبد الله أبي كيداخ» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 142) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] بياض في ت.
[9] في ت: «ابن حملون» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 334، والبداية والنهاية 11/ 344، والأعلام 2/ 311) .

(15/80)


ودخل بلاد خراسان وعاد إلى بغداد، ثم خرج إلى الشام ودخل مصر وكتب الناس بانتخابه، وخرج أطراف الصحيحين، وكان له حفظ ومعرفة، ونزل بعد ذلك ناحية الرملة فاشتغل بالتجارة وترك النظر في العلم إلى أن مات هناك، روى عنه الأزهري.
3026- عبيد الله [1] بن أحمد/ بن الهذيل، أبو أحمد الكاتب
[2] :
حدث عن إسماعيل الصفار، روى عنه الخلال، وكان ثقة. توفي في محرم هذه السنة، ودفن وراء الجامع بمدينة المنصور.
3027- عبيد الله [3] بن عمر بن محمد، أبو الفرج المصاحفي
[4] :
سمع أبا طاهر بن أبي هاشم المقرئ. وَكَانَ ثقة. توفي فِي شعبان هَذِهِ السنة.
__________
[1] في ص، ل، والأصل: «عبد الله» وفي ت بياض. وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 380) .
[3] بياض في ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 380) .

(15/81)


ثم دخلت سنة اثنتين وأربعمائة
[أذن فخر الملك لأهل الكرخ في عمل عاشوراء]
فمن الحوادث فيها [1] :
أن فخر الملك أذن لأهل الكرخ وباب الطاق في عمل عاشوراء، فعلقوا المسوح، وأقاموا النياحة في المشاهد.
وفى ربيع الآخر أمر القادر باللَّه بعمارة مسجد الكف بقطيعة الدقيق وإعادة أبنيته، ففعل ذلك وعمل لموضع الكف ملبن من صندل وضبب بفضة، وعمل بين يديه درابزينات.
[كتب في ديوان الخلافة محاضر في معنى الذين بمصر]
وفي هذا الشهر كتب في ديوان الخلافة محاضر في معنى الذين بمصر والقدح في أنسابهم ومذاهبهم، وكانت نسخة ما قرئ منها ببغداد وأخذت فيه خطوط الأشراف والقضاة والفقهاء والصالحين والمعدلين والثقات والأماثل بما عندهم من العلم والمعرفة بنسب الديصانية، وهم منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرمي أحزاب الكافرين ونطف الشياطين شهادة متقرب إلى الله جلت عظمته، وممتعض للدين والإسلام ومعتقد إظهار ما أوجب الله تعالى على العلماء أن يبينوه للناس ولا يكتمونه [شهدوا جميعا أن الناجم بمصر وهو منصور بن نزار المتلقب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار والدمار والخزي والنكال والاستيصال ابن معد بن إسماعيل/ بن عبد الرحمن بن سعيد لا أسعده الله، فإنه لما صار إلى الغرب تسمى بعبد الله وتلقب بالمهدي ومن تقدمه من سلفه الأرجاس
__________
[1] بياض في ت.

(15/82)


الأنجاس، عليه وعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين، أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد على بن أبي طالب ولا يتعلقون منه بسبب، وأنه منزه عن باطلهم، وأن الذي ادعوه من الانتساب إليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أن أحدا من أهل بيوتات الطالبيين توقف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج أنهم أدعياء، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم ودعواهم شائعا بالحرمين، وفى أول أمرهم بالغرب منتشرا انتشارا يمنع من أن يتدلس على أحد كذبهم أو يذهب وهم إلى تصديقهم، وأن هذا الناجم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون، وللإسلام جاحدون، ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمور، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف وادعوا الربوبية، وكتب في ربيع الآخر من سنة اثنتين وأربعمائة.
وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير من العلويين: المرتضى، والرضى وابن الأزرق الموسوي، وأبو طاهر بن أبي الطيب، ومحمد بن محمد بن عمر، وابن أبي يعلى، ومن القضاة: أبو محمد ابن الأكفاني، وأبو القاسم الخرزي [1] ، وأبو العباس السوري، ومن الفقهاء: أبو حامد الإسفرائيني، وأبو محمد الكشفلي، وأبو الحسين القدوري، وأبو عبد الله الصيمري، وأبو عبد الله البيضاوي، وأبو على بن حمكان، ومن الشهداء: أبو القاسم التنوخي. وقرئ بالبصرة [2] وكتب فيه خلق كثير.
وفى رجب وشعبان ورمضان [3] : واصل فخر الملك [4] الصدقات والحمول إلى المشاهد/ بمقابر قريش والحائر والكوفة، وفرق الثياب والتمور والنفقات في العيد على الضعفاء، وركب إلى الصلاة في الجوامع، وأعطى الخطباء والعوام [5] والمؤذنين الثياب والدنانير، وتقدم ليلة الفطر يتأمل من في حبوس القضاة، فمن كان محبوسا على دينار وعشرة قضى وما [6] كان أكثر من ذلك كفل وأخرج ليعود بعد التعييد، وأوعز بتمييز من
__________
[1] في ص: «أبو القاسم الجزري» .
[2] في الأصل: «أبو القاسم التنوخي في خلق كثير وقرئ بالبصرة» .
[3] بياض في ت.
[4] في ص: «فخر الدولة» .
[5] في ص: «والقواد» . وساقطة من ل.
[6] في ص: «ومن» .

(15/83)


في حبس المعونة، وإطلاق من صغرت جنايته ووقعت توبته، فكثر الدعاء له في المساجد والأسواق.
وفى رمضان [1] : تقدم فخر الملك بنقض الدار المعزية بحصيرة شارع دار الدقيق [2] ، واستيثاق عمارتها، وتغيير أبنيتها، وعمل دور الحواشي جوارها، فأنفق عليها الجملة الكثيرة، وحملت إليها الآلات من كل بلد، وجعل فيها المجالس الواسعة والحجر الكثيرة والأبنية الرائقة، واستعملت لها الفروش بفارس والأهواز على مقادير بيوتها ومجالسها، وعمل على الانتقال إليها [وسكناها] [3] ثم استبعد موضعها ورآه نائبا عن الكرخ، فجعلها متنزها في الخلوات ومرسومة بالسمط والدعوات.
وفى ليلة الأربعاء خامس شوال: عصفت ريح سوداء فرمت من النخل أكثر من عشرة آلاف رأس.
وورد كتاب من يمين الدولة محمود بن سبكتكين إلى الخليفة بأنه غزا قوما من الكفار، فقطع إليهم مفازة من رمل وأصابه وأصحابه العطش كادوا يهلكون منه، ثم تفضل الله سبحانه عليهم بسحابة أظلتهم ومطرت وشربوا وسقوا ووصلوا إلى القوم وهو خلق عظيم ومعهم ستمائة فيل، فظفر بهم وأخذ غنائمهم وعاد.
وكان أبو الحسين عبد الله بن دنجا [4] عاملا على البصرة [5] ، وكان ملقبا بذي الرتبتين، / وكان بينه وبين أبي سعد بن ماكولا وحشة، فمرض أبو سعد مرضا صعبا فأنفذ أبو الحسين فوكل بداره، ثم اعتل أبو الحسين ومات وتماثل أبو سعد فأنفذ إلى داره بأولئك الموكلين حتى احتاطوا على ماله [6] وقبضوا على أصحابه.
وفى ذي الحجة [7] : ورد كتاب أبي الحارث محمد بن محمد بن عمر بأن ريحا
__________
[1] بياض في ت.
[2] في ل: «الدار العزية بحصيرة شارع باب الدقيق» . وفي ص: «الدار العزبة بحضرة شارع دار الدقيق» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص: مكانها بياض، وفي ل: «دكا» بدون نقط.
[5] في الأصل: «عاملا بالبصرة» .
[6] في الأصل: «حتى أحاطوا على ماله» . والتصحيح من: ص، ل.
[7] بياض في ت.

(15/84)


سوداء هاجت عند حصول الحاج بزبالا، وفقدوا الماء فهلك منهم خلق كثير، وبلغت المزادة من الماء مائة درهم، وتخفر جماعة ببني خفاجة ورجعوا إلى الكوفة وعمل الغدير والغار على سكون وطمأنينة، وأظهرت الفتيان من التعليق شيئا كثيرا واستعان [1] أهل السنة بالأتراك فأعاروهم الثياب والفروش الحسان والمصاغ والأسلحة.
ذكر من توفي في هذه السنة [2] من الأكابر
3028- أحمد [3] بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسين المعدل المعروف بابن السوسنجردي
[4] :
سمع أبا عمر وابن السماك، وأحمد بن سلمان النجاد، وأبا بكر الشافعي، وغيرهم، وكان ثقة دينا، حسن الاعتقاد، شديدا في السنة، واجتاز يوما في الكرخ فسمع سب بعض الصحابة فجعل على نفسه أن لا يمشى في الكرخ، وكان يسكن باب الشام فلم يعبر قنطرة الصراة حتى مات.
توفي في رجب هذه السنة عن نيف وثمانين سنة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، قال: حدثني على بن الحسين العكبري، قال: سمعت عبد القادر بن محمد بن يوسف، يقول: رأيت أبا الحسن الحمامي المقرئ في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أنا في الجنة، قلت: وأبي؟ قال: وأبوك معنا، فقلت: وجدنا/ يعنى أبا الحسين السوسنجردي؟
فقال: في الحظيرة، قلت: حظيرة القدس؟ قال: نعم أو كما قال.
3029- إسماعيل [5] بن الحسين بن على بن الحسن بن هارون، أبو محمد البخاري الفقيه الزاهد
[6] :
__________
[1] في ص، ل: «واستعمل» .
[2] بياض في ت.
[3] بياض في ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 237) .
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 310) .

(15/85)


ورد بغداد حاجا مرارا، وحدث بها عن جماعة، روى عنه عبد العزيز الأزجي. توفي في شعبان هذه السنة.
3030- الحسن [1] بن الحسين بن على بن العباس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت، أبو محمد النوبختي الكاتب:
[2] ولد في سنة عشرين وثلاثمائة، حدث عن على بن عبد الله بن مبشر الواسطي، والقاضي المحاملي، وكان سماعه صحيحا، روى عنه البرقاني، والأزهري، والتنوخي، قال البرقاني [3] : كان معتزليا، وكان يتشيع إلا أنه يتبين أنه صدوق، وقال الأزهري: كان رافضيا رديء المذهب. وقال العتيقي: كان ثقة في الحديث يذهب إلى الاعتزال.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
3031- الحسن [4] بن القاسم، [بن الحسن] [5] بن العلاء بن الحسن، أبو على الدباس
[6] .
وأصله من شهرزور. روى عنه الأزهري، والخلال، وكان ثقة. توفي في صفر هذه السنة.
3032- عثمان [7] بن عيسى، أبو [عمرو] [8] الباقلاوي
[9] :
كان أحد الشهود [10] الزهاد المتعبدين المؤثرين للخلوة، المنعكفين على الذكر، وكان قوته من نخلات له، وقيل: من كسب البواري، وكان لا يخرج إلا يوم الجمعة للصلاة.
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 299) .
[3] في الأصل: «والتنوخي والبرقاني» .
[4] بياض في ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] في ص: «أبو علي الدياس» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 405) .
[7] بياض في ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 313) .
[10] «الشهود» : ساقطة من ص، ل.

(15/86)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أبي الحسين ابن المهتدي، قال: كان عثمان له مغتسل وجناز في المسجد، وكان يصلي بينهما، وكنت أصلي به في شهر رمضان، فقرأت ليلة سورة الحاقة حتى أتيت إلى هذه الآية: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ 69: 15 [1] فصاح وسقط مغشيا عليه، فما بقى في المسجد أحد إلا/ انتحب، وكان يتعمم بشاروفة، وكان يأكل من كسب البواري، وكان قد سأله السعيد التركي أن يصل إليه منه شيء فأبى، فقال له: إذا أبيت فتأذن لي أن اشترى دهنا نشعله في المسجد، وكان مأواه المسجد ما كان يخرج منه إلا يوم الجمعة [فأجاب إلى ذلك] [2] فلما عاد الرسول على أنه يحمل إليه دهنا قال له: لا تجئني بشيء آخر قد أظلم على البيت.
أخبرنا محمد بن أبي طاهر، عن أبي القاسم التنوخي، قال: قصدته لشدة وقعت فيها فطرقت بابه، فقال: من؟ قلت: مضطر، فقال: ادع ربك يجبك، فدعوت على بابه وعدت وقد كفيت ما خفته، توفي أبو عمرو [3] لسبع بقين من رمضان هذه السنة، ودفن في مقبرة جامع المنصور.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، قال: حدثني علي بن الحسين ابن جداء العكبري، قال: سمعت عرس الخباز، يقول: لما دفن عثمان الباقلاوي رأيت في المنام بعض من هو مدفون في جوار قبره، فقلت: كيف فرحكم بجوار عثمان؟ فقال: وإن عثمان لما جيء به سمعنا قائلا يقول: الفردوس الأعلى أو كما قال.
3033- على [4] بن أحمد بن محمد بن يوسف، أبو الحسن القاضي السامري
[5] .
[من أهل سرمن رأى] [6] . سمع إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي. وكان ثقة صدوقا صالحا.
__________
[1] سورة: الحاقة، الآية: 15.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أبو عثمان» . وساقطة من ص، ل.
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 327) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/87)


أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، قال: حدثنا عنه ابن بنته أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، قال [لنا] [1] : ما رأيت جدي مفطرا بنهار قط [2] ، توفي في هذه السنة.
3034- محمد [3] بن بكران بن عمران بن موسى بن المبارك، أبو عبد الله البزاز، ويعرف بابن الرازي
[4] :
سمع الحسين بن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثنا عنه البرقاني وسألته عنه فقال: ثقة. وقال العتيقي: ثقة.
وحدثني عبد الله بن على قال: توفي يوم الخميس/ لعشر بقين من جمادى الآخرة من هَذِهِ السنة، ودفن بالشونيزية.
3035- محمد [5] بن جعفر بن محمد بن هارون بن فروة بن ناجية، أبو الحسن التميمي النحوي المعروف بابن النجار
[6] .
من أهل الكوفة. ولد سنة ثلاث وثلاثمائة بالكوفة وقدم بغداد وحدث بها عن ابن دريد ونفطويه والصولي وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [7] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا العتيقي، قال:
ابن النجار ثقة.
توفي بالكوفة في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «ابن حسنون الرشي» . وما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «مفطرا نتهار» .
[3] بياض في ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 108) .
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (إرشاد الأريب 6/ 467، وغاية النهاية 2/ 111، وشذرات الذهب 3/ 164، وبغية الوعاة 28، والأعلام 6/ 71) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/88)


ثم دخلت سنة ثلاث وأربعمائة
[تقليد الرضي أبو الحسن الموسوي نقابة الطالبيين]
فمن الحوادث فيها: [1] انه قلد الرضي أبو الحسن الموسوي [2] يوم الجمعة السادس عشر من المحرم نقابة الطالبيين في سائر الممالك، وورد له [3] عهد بذلك من حضرة بهاء الدولة، وقرئ في دار فخر الملك بحضرته بعد أن جمع الأكابر من الأشراف والقضاة والعلماء والجند، وخلعت عليه خلعة سوداء، وهو أول طالبي خلع عليه السواد.
[خروج فخر الملك إلى كنف اليهودي بالنهروان]
وفى يوم الأربعاء سادس صفر: خرج فخر الملك إلى بثق اليهودي بالنهروان فعمل فيه حتى أحكمه، وأخذ بيده باقة قصب [4] فطرحها فوافقه الناس، وحملوا التراب على رءوسهم، ووقع في بعض الجسور والفوارات [5] رجلان من السوادية، فطرح التراب والقصب عليهما فهلكا وبات فخر الملك [6] ساهرا ليلته، قائما على رجله والرجال يعملون، حتى ثبت السكر ثم رتب العمال في كل رستاق وعمر البلاد، فارتفع في تلك السنة بحق السلطان بضعة عشر ألف كر وخمسون ألف دينار.
__________
[1] بياض في ت.
[2] في الأصل: «أبو الحسين الموسوي» .
[3] في الأصل: «وجه ذكر» .
[4] في الأصل: «وأخذ بيده مائة قصب» .
[5] في ص، ل: «في بعض الخسوف والفوارات» .
[6] في ص، ل: «وكان فخر الملك» .

(15/89)


/ وفى هذا الشهر [1] : ورد الخبر على فخر الملك من الكوفة، بأن أبا فليتة ابن القوي سبق الحاج إلى واقصة في ستمائة رجل، فنزح الماء في مصانع البرمكي، والريان [2] وغورها، وطرح في الآبار الحنظل، وأقام يراصد ورودهم، فلما وردوا العقبة [في] [3] يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر اعتقلهم هناك [4] ، ومنعهم الاجتياز، وطالبهم بخمسين ألف دينار فامتنعوا من تقرير أمره على شيء، وضعفوا عن الصبر، وبلغ منهم العطش فهجم عليهم فلم يكن عندهم دفع ولا منع، فاحتوى على الجمال والأحمال والأموال فهلك من الناس الكثير، وقيل: هلك خمسة عشر ألف إنسان ولم يفلت إلا العدد اليسير، وأفلت أبو الحارث بن عمر العلوي وهو أميرهم في نفر من الكبار على أسوأ حال، وفى آخر رمق خلص من خلص بالتخفير من العرب وركوب الغرر في المشي على القدم، وكان فخر الملك حينئذ مقيما على سد الشق [5] فورد عليه من هذا الأمر [6] أعظم مورد وكاتب عامل الكوفة بأن يحسن إلى من سلم ويعينهم [7] وكاتب [8] على بن مزيد، وأمره أن يطلب العرب الذين فعلوا هذا ويوقع بهم بما يشفى الصدر منهم [وندب] [9] من يخرج لمعاونته فسار ابن مزيد فلحق القوم في البرية وقد قاربوا البصرة، فأوقع بهم وقتل الكثير منهم، واسر ابن القوى أبا فليتة والأشتر وأربعة عشر رجلا من وجوه بنى خفاجة، ووجد الأحمال والأموال قد تمزقت، وأخذ كل فريق من ذلك الجمع طرفا، فانتزع ما أمكنه انتزاعه وعاد إلى الكوفة، وبعث بالأسراء إلى بغداد فشهروا وأودعوا الحبس، وأجيع منهم جماعة وأطعموا المالح، وتركوا على/ دجلة حتى شاهدوا الماء حسرة وماتوا عطشا هناك، وأوقع أبو الحسن بن مزيد
__________
[1] بياض في ت.
[2] في الأصل: «والزيات» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أعتاقهم هناك» .
[5] في ص، ل: «علي سد البسق» .
[6] في الأصل: «من هذا الحادث» .
[7] في المطبوعة: «ونصبهم» .
[8] «وكاتب» : ساقطة من ص.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/90)


بخفاجة بعد سنين فافلت من أسروه من الحاج، وكانوا قد جعلوهم رعاة لأغنامهم، فعادوا وقد قسمت تركاتهم وتزوجت نساؤهم.
وفى ليلة الأربعاء لثلاث بقين من صفر وقت العشاء انقض كوكب كبير الجرم عن يمنة القبلة، وملأ الأرض ضوؤه واستعظم الناس ما رأوه منه.
وفى شعبان وقعت بالكوفة صاعقة في أثناء رعد وبرق، فسقطت على حائط فرمت به، وفى رمضان انقض كوكب من المشرق إلى المغرب غلب ضوؤه ضوء القمر، وتقطع قطعا وبقى ساعة طويلة.
وفى شوال توفيت بنت أبي نوح الأهوازي [1] [الطبيب زوجة أبي نصر بن إسرائيل] [2] كاتب المناصح أبي الهيجاء، فأخرجت جنازتها نهارا ومعها النوائح والطبول والزمور والرهبان والصلبان والشموع، فقام رجل من الهاشميين فأنكر ذلك ورجم الجنازة، فوثب أحد غلمان المناصح بالهاشميّ فضربه [بدبوس] [3] على رأسه فشجه فسال دمه وهرب النصارى بالجنازة إلى بيعة دار الروم، فتبعهم المسلمون ونهبوا البيعة وأكثر دور النصارى المجاورة لها [4] ، وعاد ابن إسرائيل إلى داره فهجموا عليه فهرب منهم، وأخرج ابن إسرائيل مستخفيا حتى أوصل إلى دار [5] المناصح، وثارت الفتنة بين العامة وغلمان المناصح، وزادت ورفعت المصاحف في الأسواق، وغلقت أبواب المساجد [6] ، وقصد الناس دار الخليفة على سبيل الاستنفار، وركب ذو النجادين [7] أبو غالب إلى دار المناصح، فأقام بها.
__________
[1] في الأصل: «بنت أبي الفرج الأهوازي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «المجاوريين لها» .
[5] في الأصل: «حتى وصل إلى داره» .
[6] في الأصل: «وغلقت الجوامع» .
[7] في ص: «ذو العادتين» .

(15/91)


ووردت رسالة الخليفة إلى المناصح/ بإنكار ما جرى وتعظيم الأمر فيه وبالتماس ابن إسرائيل وتسليمه، فامتنع المناصح من ذلك، فغاظ الخليفة امتناعه وتقدم بإصلاح الطيار للخروج عن البلد، وجمع الهاشميين إلى داره.
واجتمعت العوام [1] في يوم الجمعة، وقصدوا دار المناصح ودفع غلمانه، فقتل رجل ذكر أنه علوي، فزادت الشناعة وامتنع الناس من صلاة الجمعة، وظفرت العامة بقوم من النصارى فقتلوهم، وترددت الرسائل إلى المناصح إلى أن بذل حمل ابن إسرائيل إلى دار الخلافة، فكف العامة عن ذلك وألزم أهل الذمة الغيار، ثم افرج عن ابن إسرائيل في ذي القعدة.
وفى ذي القعدة [2] : بعث يمين الدولة [أبو القاسم] [3] محمود إلى حضرة الخليفة كتابا ورد إليه من الحاكم صاحب مصر يدعوه فيه إلى طاعته والدخول في بيعته، وقد خرقه وبصق في وسطه.
وفى هذه السنة [4] : قرئ عهد أبي نصر بن مروان الكردي على آمد وميافارقين وديار بكر، وخلع عليه الطوق والسوار، ولقب نصير الدولة.
وفيها ورد حاج خراسان ووقف الأمر في خروجهم إلى مكة لفساد [في] [5] الطريق وغيبة فخر الملك، فانصرفوا وبطل الحج من خراسان والعراق.
وفيها [6] : خلع على أبي الحسن على بن مزيد، وهو أول من تقدم من أهل بيته.
__________
[1] في الأصل: «واجتمعت القوم» .
[2] بياض في ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] بياض في ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] بياض في ت.

(15/92)


ذكر من توفي في هذه السنة [1] من الأكابر
3036- أحمد [2] بن على، أبو الحسن البتي
[3] :
كان يكتب للقادر عنه مقامه بالبطيحة ولما وصلته البيعة كتب عنه إلى بهاء الدولة، وكان البتي حافظا للقرآن، تاليا له، مليح المذاكرة بالأخبار والآداب، عجيب النادرة ظريف التماجن، انحدر مع الرضى/ والمرتضى وابن أبي الريان وجماعة من الأكابر لاستقبال بعض الملوك، فخرج عليهم اللصوص ورموهم بالحذافات وجعلوا يقولون:
ادخلوا يا أزواج القحاب، فقال البتي: ما خرج هؤلاء علينا إلا بعين، قالوا: ومن أين علمت؟ قال: وإلا فمن أين علموا أننا أزواج قحاب.
وكان البتي صاحب الخبر والبريد في الديوان القادري، توفي في شعبان هذه السنة.
3037- إسماعيل [4] بن عمر بن محمد بن إبراهيم، المعروف بابن نسنبك
[5] .
كان من ولد جرير بن عبد الله، وكان يسكن باب الأزج وتقلد النظر في الحكم هناك، وحدث عن أبي بكر الشافعي، وكان ثقة. توفي في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن بباب الأزج.
3038- إسماعيل [6] بن الحسن بن عبد الله بن الهيثم الصرصري
[7] .
__________
[1] بياض في ت.
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 320، واللباب 1/ 163، ومعجم البلدان 2/ 240، والأعلام 1/ 171) .
[4] بياض في ت.
[5] في الأصل: «المعروف بابن سلك» . وقد جاءت هذه الترجمة في ت بعد الترجمة التي تليها.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 312) .
[6] بياض في ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 311) .

(15/93)


من أهل صرصر سمع الحسين [1] بن إسماعيل المحاملي، وأبا العباس بن عقدة وغيرهما. [2] روى عنه البرقاني، وقال: هو ثقة.
وتوفي ببغداد في جمادي الآخرة من هذه السنة [3] ، وصلى عليه أبو حامد الأسفراييني في مشهد سوق الطعام، وحمل إلى صرصر.
3039- الحسن [4] بن حامد بن على بن مروان، أبو عبد الله الوراق الحنبلي
[5] .
كان مدرس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه وله المصنفات الكبار، منها:
«كتاب الجامع» نحو أربعمائة جزء يشتمل على اختلاف الفقهاء، وله مصنفات في أصول الدين والفقه، وهو شيخ القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وكان معظما في النفوس مقدما عند السلطان والعامة، وحدث عن أبي بكر الشافعي، وابن مالك القطيعي، وغيرهما: وكان ينسخ بأجرة، ويتقوت بذلك، وخرج في هذه السنة إلى مكة فجرى من العرب ما قد ذكرناه، فاستند [6] حجر، فجاءه رجل بقليل من ماء وقد أشفى على التلف، فقال: / من أين هذا؟ فقال: ما هذا وقته، فقال: بلى هذا وقته عند لقاء الله تعالى، فتوفى بقرب واقصة.
3040- الحسين [7] بن الحسن بن محمد، أبو عبد الله الحليمي
[8] .
ولد بجرجان، وحمل إلى بخارى وكتب الحديث وتفقه وصار رئيس المحدثين ببخارى، وتولى القضاء، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في ص: «سمع الحسن» .
[2] في الأصل: «ونحوهما» .
[3] في ص، ل: «وتوفي ببغداد هذه السنة» .
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 303، وطبقات الحنابلة 359، والنجوم الزاهرة 4/ 232، وطبقات الحنابلة 2/ 171- 177، والأعلام 2/ 187) .
[6] بياض في ت.
[7] في ص: «الحسن بن الحسين» .
[8] في الأصل: «ابن محمد الحليمي أبو عبد الله» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية، والأعلام 2/ 235، والرسالة المستطرفة 44) .

(15/94)


3041- فيروز [1] أبو نصر الملقب بهاء الدولة
[2] :
هو الذي قبض على الطائع جمع من الأموال ما لم يجمعه أحد من بنى بويه، وكان يبخل بالدرهم الواحد، ويؤثر المصادرات، وتوفى بأرجان في [جمادى الآخرة من] هذه السنة، وكانت إمارته أربعا وعشرين سنة وثلاثة أيام، وعمره اثنتين وأربعين سنة وستة أشهر [3] وعشرين يوما، وكان مرضه الصرع وحمل إلى الكوفة فدفن بالمشهد.
3042- قابوس [4] بن وشمكير
[5] :
كان أصحابه قد تغيروا عليه حين سطا بهم وترك الرّفق وقتل خواصه، فاجتمع جماعة منهم [6] إلى ابنه منوجهر وأعلموه أنهم قد عزموا على قتل قابوس، وأنه إن لم يقبض عليه قرنوه به، فقبض عليه ورقاه القلعة ومنعه ما يتدثر به في شدة البرد، فهلك، وكان قد حكم على نفسه في النجوم أن منيته على يد ولده، فأبعد ولده دارا لما كان يرى من عقوقه، فبعد وقرب منوجهر لما كان ير من طاعته، وكانت منيته بسببه. ومن شعر قابوس:
خطرات ذكرك تستثير مودتي ... فأحس منها في الفؤاد دبيبا
لا عضو لي إلا وفيه صبابة ... فكأن أعضاي خلقن قلوبا
3043- محمد [7] بن محمد بن عمر، أبو الحارث العلوي
[8] :
كانت إليه/ نقابة العلويين بالكوفة، وكان إليه تسيير الحاج، فسيرهم عشر سنين، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (الكامل، أحداث سنة 403) .
[3] في ل: «سنة وتسعة أشهر» . وفي الأصل: «سنة وسبعة أشهر» .
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (النجوم الزاهرة 4/ 233، وابن خلكان 1/ 425. وكمال البلاغة 4- 14، وابن الوردي 1/ 325، والكامل 9/ 82. والعتبي 1/ 105، 389، 2/ 12، 172، ويتيمة الدهر 3/ 288) .
[6] في ص، ل: «فاجتمع نفر منهم» .
[7] بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 83، والأعلام 7/ 21) .

(15/95)


3044- محمد [1] بن الطيب بن محمد، أبو بكر الباقلاني
[2] :
سمع الحديث من أبي بكر بن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي أحمد النيسابوري إلا أنه كان متكلما على مذهب الأشعري.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ [3] ، أخبرنا أبو القاسم على بن الحسن بن أبي عثمان وغيره، أن عضد الدولة كان قد بعث القاضي أبا بكر الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم، فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله في العلم، فأفكر الملك في أمره وعلم أنه لا يفكر له إذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية أن يقبل الأرض بين يدي الملوك، ثم نتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن أحد أن يدخل منه إلا راكعا ليدخل القاضي منه على تلك الحال عوضا من تكفيره بين يديه، فلما وضع سريره في ذلك الموضع أمر بإدخال القاضي من الباب، فسار حتى وصل إلى المكان فلما رآه تفكر فيه ثم فطن بالقصة، فأدار ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب، وهو يمشى إلى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه، ثم رفع رأسه ونصب ظهره وأدار وجهه حينئذ إلى الملك، فعجب من فطنته ووقعت له الهيبة في نفسه.
توفي أبو بكر الباقلاني يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة من هذه السنة [4] ، ودفن في داره بدرب المجوس من نهر طابق، ثم نقل بعد ذلك فدفن في مقبرة باب حرب.
3045- محمد [5] بن موسى [بن محمد، أبو بكر] [6] الخوارزمي
[7] :
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 379، ووفيات الأعيان 1/ 481، وقضاة الأندلس 37- 40، ودائرة المعارف الإسلامية 3/ 294، والوافي بالوفيات 3/ 177، والديباج المذهب 267، وتبيين كذب المفتري 217- 226، والأعلام 6/ 176، 117) .
[3] في الأصل: «أخبرنا أحمد بن علي الجاحظ» والتصحيح من: ص، ل والمطبوعة.
[4] «من هذه السنة» ساقطة من ص.
[5] بياض في ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 247) .

(15/96)


شيخ أهل الرأي وفقيههم سمع الحديث [1] من أبي بكر الشافعي وغيره، / ودرس الفقه على أبي بكر أحمد بن على الرازي، وانتهى إليه الرئاسة في مذهب أبي حنيفة، وكان معظما، عند الملوك، وكان من تلامذته الرضى [2] والصيمري.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن على بن ثابت، قَالَ: سمعت أبا بكر البرقاني يذكر أبا بكر الخوارزمي بالجميل ويثني عليه فسألته [3] عن مذهبه في الأصول، فقال: سمعته يقول: مذهبنا مذهب العجائز [4] ، ولسنا في الكلام في شيء، قال البرقاني: وكان له إمام يصلي به حنبلي، ووصف لنا البرقاني حسن اعتقاده وجميل طريقته [5] .
قال ابن ثابت: وحدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري، قال: ثم صار إمام أصحاب أبي حنيفة ومدرسهم ومفتيهم شيخنا أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي، وما شهد الناس مثله في حسن الفتوى والإصابة فيها، وحسن التدريس، وقد دعى إلى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه.
وتوفى ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعمائة، ودفن في منزله بدرب عبدة.
3046- ورام التركي [6] : أبو المذكور الأمير
[7] توفي، وأقام ابنه أبو الفتح مقامه.
__________
[1] في الأصل: «سمع أهل الحديث» .
[2] في الأصل: «تلامذة الرضي» .
[3] «ويثني عليه» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ص، ل: «ديننا دين العجائز» وكذا في تاريخ بغداد.
[5] في الأصل: «وجميل موافقته» .
[6] بياض في ت. وفي الأصل: «التسريحي» .
وانظر ترجمته في: (الكامل، أحداث سنة 403) .
[7] «الأمير» : ساقطة من ل.

(15/97)


ثم دخلت سنة أربع وأربعمائة
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه في يوم الخميس غرة ربيع الأول، انحدر فخر الملك إلى دار الخلافة، فلما صعد من الزبزب تلقاه أبو الحسن علي بن عبد العزيز [2] بن حاجب النعمان، وقبل الأرض بين يديه مرارا وفعل من كان معه من الحجاب وقدم الدار/ مثل ذلك، وقدمت له دابة فركبها من المشرعة إلى الموضع الذي نزل فيه عضد الدولة من دار السلام، ودخل والحجاب قدامه وأجلس في الرواق الذي دون قبة الخمار، وجلس الخليفة في القبة، ودعا فخر الملك ووصل الناس بعده على مراتبهم، ثم زحموا ودخلوا بأسرهم فامتلأ الموضع وكثر البوش واللغط، وامتنع على الحجاب أن يمسكوا الأبواب، فقال الخليفة، يا فخر الملك، امنع من هذا الاختلاط، فأخذ دبوسا ورد كثيرا من الناس وأخرجهم، ووكل النقباء والستريين بباب القبة، وقرأ أبو الحسن على بن عبد العزيز عهد سلطان الدولة بالتقليد [له] [3] والألقاب، فلما فرغ منه أوقع الخليفة علامته فيه وأحضرت الخلع، فكانت سبعا على العادة، ومعممة سوداء، وسيفا وتاجا مرصعا، وسوارين، وطوقا، وكل ذلك مصوغ من ذهب، وفرسين بمركبين من ذهب، ولوائين تولى الخليفة عقدهما بيده، ثم أعطاه سيفا وقال للخادم، قلده به فهو فخر له [4] ولعقبه يفتح به شرق الأرض وغربها.
__________
[1] بياض في ت.
[2] «بن عبد العزيز» : ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص: «فهو بزله» .

(15/98)


وفي هذه السنة حج بالناس [1] أبو الحسن محمد بن الحسن بن الأقساسي [2] وكذلك في سنة خمس وست.
ذكر من توفي في هذه السنة [3] من الأكابر
3047- الحسين [4] بن أحمد بن جعفر، أبو عبد الله المعروف بابن البغدادي
[5] :
سمع الحديث، كان زاهدا عابدا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، / أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، قال: سمعت بعض [الشيوخ] [6] الصالحين يقول: كان أبو عبد الله ابن البغدادي لا يزال يخرج إلينا وقد انشق رأسه وانفتحت جبهته، فقيل له: كيف ذلك؟ قال: كان لا ينام إلا عن غلبة ولم يكن يخلو أن يكون بين يديه محبرة أبو قدح أو شيء من الأشياء موضوعا، فإذا غلبه النوم سقط على ما يكون بين يديه فيؤثر في جبهته أثرا، وكان لا يدخل الحمام ولا يحلق رأسه لكن يقص شعره إذا طال بالجلم، وكان يغسل ثيابه بالماء حسب من غير صابون، وكان يأكل خبر الشعير، فقيل له في ذلك، فقال: الشعير والحنطة عندي سواء.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب.
3048- الحسين [7] بن عثمان بن على، أبو عبد الله الضرير المقرئ المجاهدي
[8] .
بغدادي سكن دمشق، كان يذكر أن ابن مجاهد لقنه القرآن: وهو آخر من مات من أصحاب ابن مجاهد، وكان قد جاوز المائة.
__________
[1] في ت: «في هذه السنة بالناس» .
[2] في ص: «الحسن بن الأقسامي» .
[3] بياض في ت.
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 15) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 84) .

(15/99)


توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن في مقابر الفراديس.
3049- على [1] بن سعيد، الإصطخري
[2] :
أحد شيوخ المعتزلة صنف للقادر باللَّه الرد على الباطنية، وأجرى عليه جراية سنية، فلما توفي نقل جرايته إلى ابنته، وكان ينزل درب رياح، وكانت وفاته في هذه السنة عن نيف وثمانين سنة.
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 431، النجوم الزاهرة 4/ 236) .

(15/100)


ثم دخلت سنة خمس وأربعمائة
[ورود الكتاب من الموقف بمكة بسلامة الناس]
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه ورد الكتاب في يوم الثلاثاء الخامس من [المحرم من] [2] الموقف بمكة بسلامة الناس، وتمام الحج على يدي رجلين من بنى خفاجة، فخلع عليهما، فطيف بهما البلد فبينما [هما] [3] كذلك حضر رجل/ ذكر أن أباه ورد من مكة بهذا الكتاب، وأن هذين البدويين اعترضاه في طريقه وقتلاه، وأخذا الكتاب منه، وورد به فتقدم إلى فخر الملك بالقبض عليهما ومعاقبتهما وحبسهما، وأطلق لولد المقتول ضلة.
[ورود الخبر بأن صاحب مصر حرم على النساء الخروج من منازلهن]
وفى جمادى الآخرة: ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر حظر على النساء الخروج من منازلهن والاطلاع من سطوحهن ودخول الحمامات، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف لهن، وقتل عدة نسوة خالفن أمره في ذلك، وكان الحاكم قد لهج بالركوب بالليل يطوف الأسواق، ورتب في كل درب أصحاب أخبار يطالعونه بما يعرفونه، ورتبوا لهم عجائز يدخلن الدور ويرفعن إليهم أخبار النساء، وأن فلانا يحب فلانة وفلانة تحب فلانا، وأن تلك تجتمع مع صديقها، وهذا مع صاحبته، فكان أصحاب الأخبار يرفعون إليه ذلك، فينفذ من يقبض على المرأة التي سمع عنها مثل ذلك، فإذا اجتمع عنده جماعة منهن أمر بتغريقهن، فافتضح الناس وضجوا من ذلك،
__________
[1] بياض في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/101)


فأمر برفعه والنداء بأنه متى خرجت المرأة من منزلها أباحت دمها [1] ورأى بعد النداء عجائز ظاهرات فغرقهن، فكانت المرأة إذا ماتت كتب وليها رقعة إلى قاضي القضاة يلتمس غاسلة تغسلها فتوقع إلى صاحب المعونة إذا صح عندك وفاة المرأة المذكورة أمرت رجلين من ثقاتك أن يحملوا الغاسلة تغسلها، ثم تعاد إلى منزلها ثم هم بتغيير هذه السنة، فاتفق أن مر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي ببعض المحال، فنادته امرأة من روزنة لها، وأقسمت/ عليه بالحاكم وآبائه أن يقف لها، فوقف فبكت بكاء شديدا، وقالت: لي أخ لا أملك غيره، وعرفت أنه في آخر الرمق، وأنا أقسم عليك إلا أمرت بحملي إليه لأشاهده قبل أن يقضي نحبه، فرحمها ورق لها، وأمر رجلين من أصحابه أن يحملاها إلى الموضع الذي تدلهما عليه، فأغلقت باب دارها وتركت المفتاح عند جارة لها، وقالت: سلميه إلى زوجي. ومضت إلى باب فدقته فدخلت، وقالت للرجلين:
انصرفا، وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه، فلما رآها سر بها، فأخبرته بالحيلة التي نمت بها، فلما انصرف زوجها آخر النهار وجد بابه مغلقا، فسأل الجيران فأخبروه بالحال وبما جرى لها مع قاضى القضاة، فدخل إلى بيته فبات في أقبح ليلة، ثم باكر في غد دار قاضى القضاة فأعلن بالاستغاثة، فأحضر فقال: أنا زوج المرأة التي فعلت أمس في بابها ما فعلته، وما لها أخ وما أفارقك حتى تردها إلي. فعظم على قاضى القضاة ما سمعه وخاف الحاكم وسطوته إن لم يصدقه، فركب في الحال واستصحب الرجل، ودخل على الحاكم وهو مرعوب، فسأله عن قصته فقال: يا أمير المؤمنين لا بد بعفوك مما تم على أمس، قال: وما هو؟ فشرح له الحال، فأمر بإحضار الرجل فأدخل عليه فأخبره بالحال فأمر [2] قاضي القضاة أن يركب ويصطحب الرجلين الذي أنفذ بهما مع المرأة حتى يرشداه إلى الدار ليشاهد ما هو عليه، ويقبض على القوم ويحملهم، ففعل فوجد المرأة والرجل نائمين في إزار واحد على سكر، فحملا إلى الحاكم، فسأل المرأة عن الحال فأحالت على الشيطان وما حسنه لها، وسأل الرجل فقال: هذه امرأة هجمت علي وزعمت أنها خالية من زوج [3] ، وإني لو لم أتزوجها سعت/ بي إليك لتقتلني،
__________
[1] في الأصل: «متى خرجت امرأة أباحت دمها» .
[2] «بإحضار الرجل ... بالحال فأمر» العبارة ساقطة من ص.
[3] في ص: «أنها خلو من زوج» .

(15/102)


فاستحللتها بموافقة جرت بيني وبينها، فتقدم الحاكم أن تلف المرأة في بارية وتحرق، وأن يضرب الرجل ألف سوط، وعاد الحاكم يتشدد على النساء ويمنعهن من الظهور إلى أن قتل.
وفي يوم الاثنين لليلة بقيت من رجب: ورد أبو الحسن أحمد [1] بن أبي الشوارب، وقلد قضاء القضاة من الحضرة، وذلك أنه لما توفي أبو محمد بن الأكفاني سمي فخر الملك [2] لذلك جماعة، وأنفذ ثبتا باسمائهم إلى حضرة الخليفة ليكون الاختيار إليه في التعيين على من يعين عليه، فوقع الاختيار على أبي الحسن ابن أبي الشوارب فولى.
وفى هذه السنة [3] قلد على بن مزيد أعمال بنى دبيس بالجزيرة الأسدية، وخلع فخر الملك أبو غالب على هلال [4] بن بدر، وأعاده إلى ولايته.
وفيها [5] : عمر فخر الملك مسجد الشرقية، ونصب عليه شبابيك من حديد، وجرت النفقة على يدي أبى الحسن على بن المنذر المحتسب.
ذكر من توفي في هذه السنة [6] من الأكابر
3050- بكر [7] بن شاذان بن بكر، أبو القاسم المقرئ الواعظ
[8] .
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وسمع جعفر الخلدي، وأبا بكر الشافعي، وقرأ القرآن على جماعة، روى عنه الأزهري، والخلال [9] ، وكان ثقة أمينا صالحا.
__________
[1] «بن» : ساقطة من ص.
[2] في الأصل: «أسمى فخر الملك» .
[3] بياض في ت.
[4] في ص: «فخر الملك علي هلال» .
[5] بياض في ت.
[6] بياض في ت.
[7] بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 96) .
[9] «والخلال» : ساقطة من ل.

(15/103)


أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحسن بن غالب المقرئ أن بكر بن شاذان وأبا الفضل التميمي جرى بينهما كلام، فبدر من أبي الفضل كلمة ثقلت على بكر وانصرفا، ثم ندم التميمي فقصد أبا بكر بن يوسف، فقال له: قد كلمت بكرا بشيء جفا عليه وندمت على ذلك، وأريد أن تجمع بيني وبينه، فقال له ابن يوسف: سوف يخرج لصلاة العصر، / فخرج بكر وجاء [1] إلى ابن يوسف والتميمي عنده، فقال له التميمي: أسألك أن تجعلني في حل، فقال: سبحان الله ما فارقتك حتى أحللتك، وانصرف فقال التميمي: قال لي والدي: يا عبد الواحد احذر أن تخاصم من إذا نمت كان منتبها؟ قال ابن غالب وانصرف التميمي [2] . وكان لبكر ورد من الليل لا يخل به.
توفي في شوال [3] هذه السنة، وله نيف وثمانون سنة، ولم تفته جمعة قط غير الجمعة التي مات في غدها، لأنه مات في غداة يوم السبت، ودفن في مقبرة أحمد
[4] .
3051- بدر [5] بن حسنويه بن الحسين، أبو النجم الكردي
[6] .
من أهل الجبل رتبه عضد الدولة أبو شجاع بعد موت حسنويه، فكانت له الولاية على الجبل وهمذان والدينور وبروجرد ونهاوند وأسداباذ وغير ذلك، وقامت هيبته بالشجاعة والسياسة والعدل وكثرة الصدقة وكناه القادر أبا النجم [7] ، ولقبه ناصر الدولة، وعقد له لواء وأنفذه إليه، وكانت أعماله آمنة، فإذا وقف حمل في البرية تركه صاحبه ومضى فجاء بما يحمله عليه، ولما عاث قومه في البلاد عمل لهم دعوة، وقدم فيها أنواع الطبائخ، ولم يقدم خبزا فجلسوا ينتظرون الخبز، كلوا، قالوا، أين الخبز؟ قال فإذا كنتم
__________
[1] «وجاء» : ساقطة من ل.
[2] «وانصرف التميمي» : ساقطة من ص، ل.
[3] «شوال» : ساقطة من ص.
[4] في ت: «مقبرة باب حرب» .
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (الكامل، أحداث سنة 405) .
[7] في الأصل: «أبا لحم» .

(15/104)


تعلمون أنه لا بد لكم منه فلم أفسدتم الحرث، لئن يعترض أحدكم بصاحب زرع لأقابلنه بسفك دمه.
واجتاز يوما برجل محتطب وقد حمل الحطب [1] على ظهره وهو يبكى، فقال له:
ما لك؟ قال: إني ما استطعمت البارحة طعاما، وكان معي رغيفان أريد أن أتغذى بهما وأبيع الحطب، وأتقوت بثمنه أنا وعيالي، فاجتازني أحد الفرسان فأخذ الرغيفين، فقال: هل تعرفه؟ قال: بوجهه، فجاء به إلى مضيق فوقف معه/ حتى اجتاز العسكر فمر صاحبه فقال: هذا، فأمر بدر أن ينزل عن فرسه وألزمه حمل الحطب على ظهره في البلد وبيعه وتسليم ثمنه إلى صاحبه جزاء لما فعل [2] ، فرام الرجل أن يفتدى نفسه بمال حتى بلغ بوزن الحطب دراهم، فلم يقبل منه حتى فعل ما أمره به، فقامت الهيبة في النفوس ولم يقدم بعدها أحد من أصحابه على شيء، وكانت جراياته وصدقاته متصلة على الفقهاء والأشراف والقضاة والشهود والأيتام والضعفاء، وكان يصرف كل سنة ألف دينار إلى عشرين رجلا يحجون عن والدته، وعن عضد الدولة لأنه كان السبب في ملكه، وكان يتصدق في كل جمعة بعشرة آلاف درهم على الضعفاء والأرامل ويصرف [في] [3] كل سنة ثلاثة آلاف دينار إلى الأساكفة والحذائين بين همذان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحاج الأحذية، وكان يصرف إلى تكفين الموتى كل شهر عشرين ألف درهم، ويعمر القناطر، واستحدث في أعماله ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء، ولم يمر بماء جار إلا بنى عنده قرية، وكان ينفذ كل سنة في الصدقات على أهل الحرمين وخفر الطريق ومصالحها مائة ألف دينار، وكان ينفق على عمارة المصانع وتنقية الآبار، وجمع العلوفة في الطريق، وكان يعطى سكان المنازل رسوما لقيامها ويحمل إلى الحرمين والكوفة وبغداد ما يفرق على الأشراف والفقهاء والقراء والفقراء وأهل البيوتات، فلما توفي انقطع ذلك وأثر في أحوال أهله ووقف أمر الحج، وكان يكثر من الصلاة والتسبيح ولا يقطع بره عن أحد لذنب، فإن مات أعاد ذلك على ولده، وكان يرتفع إلى خزانته في كل
__________
[1] في الأصل: «وقد يحمل الحطب» .
[2] في الأصل: «جزاء بما فعل» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/105)


سنة بعد المؤن [والصدقات] [1] عشرون ألف درهم لأنه كان يعمر الأماكن [ويعدل] [2] وكان له من الدواب المرتبطة ألف وسبعمائة، / وفى الجشير عشرون ألف رأس، وكان بدر قد حاصر حسن بن مسعود الكردي فضجر أصحابه من طول الحصار فجاءه رجل كردي، فقال له: إنهم قد عزموا [3] على قتلك، فقال: من هؤلاء الكلاب حتى يقدموا على ذلك؟ فعاوده فقال: لا أريد نصحك، فهجموا عليه فقتلوه ونهبوا معسكره.
توفي في هذه السنة، وكانت مدة إمارته اثنتين وثلاثين سنة، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين على عليه السلام فدفن به، ووجد في قلعته أربعة عشر ألف بدرة عينا، وأربعين ألف بدرة ورقا.
3052- الحسن [4] بن الحسين بن حمكان، أبو على الهمذاني
[5] .
أحد فقهاء الشافعية، نزل بغداد بقرب دار القطن [6] في نهر طابق، وحدث عن الخلدي والنقاش وغيرهما من البغداديين والبصريين، وكان في شبيبته قد عني بالحديث، وقال: كتبت بالبصرة عن أربعمائة ونيف وسبعين شيخا، ثم طلب الفقه بعد، فدرس على أبي حامد المروروذي. روى عنه الأزهري، وقال: كان ضعيفا ليس بشيء في الحديث.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن في منزله.
3053-[الحسن [7] بن عثمان بن بكران بن جابر، أبو محمد العطار
[8] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص، ل: «فقال: قد عزموا» .
[4] بياض في ت.
[5] في الأصل: «ابن همكان» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 299) .
[6] في ص: «دار القطبي» .
[7] بياض في ت، والترجمة ساقطة من باقي الأصول، وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 362) .

(15/106)


ولد في سنة ثلاثين وثلاثمائة. سمع إسماعيل الصفار، وأبا عمرو بن السماك، والنجاد، والنقاش. روى عنه الخلال، والبرقاني، والصيمري. وكان ثقة صالحا دينا.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب] [1] .
3054- عبد الله [2] بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد الأسدي المعروف بابن الأكفاني
[3] :
ولد سنة ست عشرة وثلاثمائة، وحدث عن القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وابن عقدة وغيرهم روى عنه البرقاني، والتنوخي.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، قال: قال لي التنوخي: قال لي أبو إسحاق الطبري: من قال أن أحدا أنفق على العلم مائة ألف دينار غير أبي محمد ابن الأكفاني، فقد كذب، وقال لي التنوخي: ولي ابن الأكفاني قضاء مدينة المنصور، ثم ولي قضاء باب الطاق، وضم إليه سوق الثلاثاء، ثم جمع له قضاء جميع بغداد في سنة/ ست وتسعين وثلاثمائة.
توفي أبو محمد الأكفاني في صفر هذه السنة عن خمس وثمانين سنة، ولى منها القضاء أربعين سنة نيابة ورياسة، ودفن في داره بنهر البزازين.
3055- عبد الرحمن [4] بن محمد بن محمد [5] بن عبد الله بن إدريس، أبو سعد الحافظ الإستراباذي
[6] .
ويعرف بالإدريسي، كان أبوه من استراباذ، وسكن هو سمرقند، وكان أحد من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ل. وأوردناه من ت.
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 141) .
[4] بياض في ت.
[5] «ابن محمد» : ساقط من ل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 302، 303، والنجوم الزاهرة 4/ 237، واللباب 1/ 29، والأعلام 3/ 325) .

(15/107)


رحل في طلب العلم وعني بالحديث، وسمع من الأصم، وصنف تاريخ سمرقند وعرضه على الدار الدارقطني، فقال: هذا كتاب حسن، وحدث ببغداد فسمع منه الأزهري، والتنوخي، وكان ثقة. وتوفى في هذه السنة.
3056- عَبْد السلام [1] بن الحسين بن محمد بن أحمد البصري [2] اللغوي.
ولد سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. سمع من جماعة وحدث ببغداد، وكان صدوقا عالما أديبا وقارئا للقرآن عارفا بالقراءات، وكان يتولى النظر ببغداد في دار الكتب، وكان سمحا جوادا، وربما جاءه السائل وليس معه شيء يعطيه فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة.
وتوفى في محرم هذه السنة، ودفن بالشونيزية عند قبر أبي على الفارسي.
3057- عبد الغفار [3] بن عبد الرحمن، أبو بكر الدينَوَريّ الفقيه
[4] :
كان آخر من أفتى على مذهب سفيان الثوري ببغداد في جامع المنصور، وكان إليه النظر في الجامع والقيام بأمره.
توفي في شوال هذه السنة، ودفن في المقبرة خلف الجامع.
3058- عبد العزيز [5] بن عمر بن محمد بن نباته، أبو نصر السعدي الشاعر
[6] :
له شعر موصوف.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: أنشدنا على بن محمد بن الحسن، الحربي، قال: أنشدنا أبو نصر بن نباتة لنفسه:
وإذا عجزت عن العدو فداره ... وامزح له ان المزاح وفاق
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 57، 58) .
[3] بياض في ت.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 355) .
[5] بياض في ت.
[6] «السعدي:» ساقط من ل. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 466) .

(15/108)


فالنار بالماء الذي هو ضده ... تعطى النضاج وطبعها الإحراق
توفي أبو نصر في شوال هذه السنة.
3059- محمد [1] بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، أبو عبد الله الحاكم الضبي يعرف بابن البيع
[2] :
من أهل نيسابور ولد في سنة أحدى وعشرين وثلاثمائة، وأول سماعه في سنة ثلاثين، وكان من أهل الفضل والعلم والحفظ للحديث، وله في علوم الحديث مصنفات قدم بغداد وحدث [3] عن أبي عمرو بن السماك، والنجاد، ودعلج وغيرهم ثم عاد فوردها وقد علت سنه فحدث بها عن أبي العباس الأصم وغيره.
روى عنه الدار الدارقطني، وابن أبي الفوارس، وغيرهما، وكان ثقة.
إلا أنه قد أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن ثابت [4] قال: كان ابن البيع يميل إلى التشيع، فحدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي، قال: جمع الحاكم أبو عبد الله أحاديث زعم إنها صحاح على شرط البخاري ومسلم يلزمهما إخراجها في صحيحهما، منها: «حديث الطائر» ، «ومن كنت مولاه فعلى مولاه» ، فأنكر عليه أصحاب الحديث ولم يلتفتوا فيه إلى قوله ولا صوبوه في فعله.
أخبرنا محمد بن ناصر، أخبرنا محمد بن طاهر المقدسي الحافظ، قال: قال أبو عبد الله الحاكم: حديث الطائر لم يخرج في الصحيح وهو صحيح. قال ابن طاهر [5] :
حديث موضوع إنما جاء من سقاط أهل الكوفة عن المشاهير والمجاهيل عن أنس وغيره،
__________
[1] بياض في ت.
[2] انظر ترجمته في: (طبقات السبكي 3/ 64، ووفيات الأعيان 1/ 484، وتبيين كذب المفتري 227- 231، وغاية النهاية 2/ 184، وميزان الاعتدال 3/ 85، ولسان الميزان 5/ 232، وتاريخ بغداد 5/ 473، والوافي بالوفيات 3/ 320، والأعلام 6/ 227) .
[3] في الأصل: «وقدم» .
[4] في ص، ل: «أبو بكر الخطيب» .
[5] في ص، ل: «قال ابن ناصر» .

(15/109)


قال ابن طاهر: فلا يخلو الحاكم من أمرين: إما أنه يجهل الصحيح فلا يعتمد على ما يقوله، وإما يعلمه ثم يقول خلافه فيكون معاندا كذابا.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ/ عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ التميمي، عن أبي عبد الرحمن السلمي [1] قال: دخلت على الحاكم أبي عبد الله وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من جهة أصحاب أبي عبد الله بن كرام، وذلك أنهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل يعنى معاوية لاسترحت من هذه المحنة، فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي.
توفي الحاكم بنيسابور في صفر هذه السنة.
3060- هبة الله [2] بن عيسى
[3] :
كاتب مهذب الدولة على بن نصر البطائحي كان وزيره ومدبر أمره وكان من أشد الكتاب ومترسليهم وكان يفضل على الأدباء والعلماء ومن شعره.
اضنن بليلى وهى غير سخية ... تبخل ليلى بالهوى وأجود
وأعذل في ليلى ولست بمنته ... وأعلم أنى مخطئ وأعود
وقد ذكرنا خدمته للقادر وملاطفته له حين أقام عندهم بالبطيحة، وتحديث القادر له بالمنام الذي رآه، توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
3061- يوسف [4] بن محمد [5] بن كج، أبو القاسم
[6] :
كان من شيوخ الشافعيين، وكانت له نعمة عظيمة، وولى القضاء بالدينور وأعمال بدر بن حسنويه، فلما تغيرت البلاد بهلاك بدر بن حسنويه قتله قوم من العيارين ليلة سبع وعشرين من رمضان هذه السنة.
__________
[1] في ص: «أبو عبد الرحمن التميمي» .
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 85، والأعلام 8/ 75) .
[4] بياض في ت.
[5] في الأصل، ت: «يوسف بن أحمد» .
[6] انظر ترجمته في: (طبقات الشافعية 2/ 154) .

(15/110)


ثم دخلت سنة ست وأربعمائة
[وقوع فتنة بين العوام]
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه وقع في يوم الثلاثاء غرة المحرم فتنة بين العوام كان سببها أن أهل الكرخ جازوا بباب الشعير فتولع بهم أهله فاقتتلوا/ وتعدى القتال إلى القلائين، فأنفذ فخر الملك الشريف المرتضى وغيره، فأنكروا على أهل الكرخ ما يجرى من سفهائهم، واستقر الأمر على كفهم، وشرط عليهم أن لا يعلقوا في عاشوراء مسوحا ولا يقيموا نوحا.
[وقوع الوباء في البصرة]
وفى هذا الشهر [2] : ورد الخبر بوقوع الوباء في البصرة حتى عجز الحفارون [3] عن حفر القبور، وأنه أظلت البلد سحابة في حزيران فأمطرت مطرا كثيرا.
[تقليد الشريف المرتضى الحج والمظالم ونقابة الطالبيين]
وفى يوم السبت الثالث من صفر قلد الشريف المرتضى أبو القاسم الموسوي الحج والمظالم ونقابة نقباء الطالبيين [4] ، وجميع ما كان لأخيه [5] الرضى، وجمع الناس لقراءة عهده في الدار الملكية وحضر فخر الملك [6] والأشراف والقضاة والفقهاء وكان
__________
[1] بياض في ت.
[2] بياض في ت.
[3] في الأصل: «حتى عجز الحفارين» .
[4] في الأصل: «ونقابة نقباء الأشراف الطالبين» .
[5] في ص، ل: «ما كان: لي أخيه» .
[6] في الأصل: «عز الملك» .

(15/111)


في العهد، هذا ما عاهد [1] عبد الله أبو العباس أحمد الإمام القادر باللَّه أمير المؤمنين إلى على بن موسى العلوي حين قربته إليه الأنساب الزكية، وقدمته لديه الأسباب القوية، واستظل معه بأغصان الدوحة الكريمة، واختص عنده بوسائل الحرمة الوكيدة، فقلد الحج والنقابة، وأمره بتقوى الله، وذكر كلاما فيه طول من إيصائه بالخير واللطف فيما استرعى.
وفى آخر صفر ورد خبر الحاج بعد تأخره بهلاك الكثير منهم، وكانوا عشرين ألفا فسلم ستة آلاف، وأن الأمر اشتد بهم حتى شربوا أبوال الجمال وأكلوا لحومها.
وفى ذي القعدة ورد الحاج الخراسانية، ووقف أمر الحاج لضيق الوقت، وأنه لم يرتب مع العرب ما يقع إلى مثله سكون.
وفي هذه السنة [2] : ورد الخبر أن محمودا غزا الهند وغره أدلاؤه [وأضلوه الطريق] [3] فحصل في مياه فاضت من البحر، فغرق كثير ممن كان معه، وخاض الماء/ بنفسه أياما ثم تخلص وعاد إلى خراسان.
ذكر من توفي في هذه السنة [4] من الأكابر
3062- أحمد [5] بن محمد بن أحمد، أبو حامد الأسفراييني
[6] :
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [7] ، قال:
قدم أبو حامد الأسفراييني بغداد وهو حدث، فدرس فقه الشافعي على أبي الحسن ابن المرزبان، ثم على أبي القاسم الداركي، فأقام ببغداد مشتغلا بالعلم حتى انتهت إليه الرئاسة، وعظم جاهه عند الملوك والعوام، وحدث عن أبي بكر الإسماعيلي وغيره،
__________
[1] في الأصل: «هذا ما عاهد» .
[2] بياض في ت، وفي ص، ل: «وفيها» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] بياض في ت.
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 268، والكامل 8/ 92، والبداية والنهاية 12/ 2، 3) .
[7] في ص، ل: «أبو بكر بن ثابت» .

(15/112)


حدثنا عنه الخلال والأزجي [1] وكان ثقة، وقد رأيته غير مرة وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله ابن المبارك، وهو المسجد الذي في صدر قطيعة الربيع، وسمعت [من يذكر] [2] أنه كان يحضر تدريسه سبعمائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي لفرح به.
قال المصنف: وقد ذكر أنه كان يقصده الوزير فخر الملك أبو غالب وغيره من الأكابر، وكان يحمل إليه من البلاد الزكوات والصدقات فيفرقها، وكان يجرى على فقراء أصحابه في كل شهر مائة وستين دينارا، وأعطى الحاج في بعض السنين أربعة عشر ألف دينار.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي [3] ، حدثنا محمد بن روق الأسدي، قال:
سمعت أبا الحسين ابن القدوري، يقول: ما رأيت في الشافعيين أفقه من أبي حامد.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد، قال: حدثني إبراهيم بن على الشيرازي، قال:
سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال أبو حامد الإسفرائيني] [4] .
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد، قال: مات أبو حامد الأسفراييني ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة ست/ وأربعمائة، ودفن من الغد وصليت على جنازته في الصحراء، وكان إمام جنازته في الصلاة أبو عبد الله بن المهتدي خطيب جامع المنصور، وكان يوما مشهودا بكثرة الناس، وعظم الحزن عليه وشدة البكاء، ودفن في داره إلى أن نقل منها، ودفن بباب حرب سنة ست عشرة وأربعمائة قال المصنف وبلغ من العمر إحدى وستين سنة وشهورا.
3063- عَبْدُ الرَّحْمَنِ [5] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ على بن مهران، أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضيّ المقرئ
[6] :
__________
[1] «والأزجي» : ساقط من ل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص، ل: «أخبرنا الخطيب» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] بياض في ت، وفي تاريخ بغداد، عبيد الله.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 380، والبداية والنهاية 12/ 3) .

(15/113)


سمع القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب، وحضر مجلس أبي بكر ابن الأنباري، وكان إماما ثقة ورعا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: حدثني أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكرخي، قال: لم أر في الشيوخ من تعلم العلم للَّه خالصا لا يشوبه شيء من الدنيا غير أبي أحمد الفرضي، فإنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأهل العلم [1] وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من قراءات وإسناد وحالة متسعة من الدنيا، وكان أورع الخلق، وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخ الكبير وذو الهيئة فتقدم عليه الحديث لأجل سبقه، فإذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه، فلا يزال كذلك حتى يستنفد قوته ويبلغ النهاية في جهده في القراءة، ثم يضع الكتاب من يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف، وكنت أجالسه وأطيل القعود معه وهو على/ حالة واحدة لا يتحرك ولا يبعث بشيء من أعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه، قال: وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف، ولم أر في الشيوخ مثله.
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد [2] ، أخبرنا أحمد بن على، قال: حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني، قال: سمعت على بن عبد الواحد بن مهدى، يقول: اختلفت إلى أبي أحمد الفرضي ثلاث عشرة سنة لم أره ضحك فيها غير أنه قرأ علينا يوما (كتاب [3] الانبساط) فأراد أن يضحك فغطى فمه، وكان إذا جاء إلى أبي حامد الأسفراييني قام أبو حامد من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا مستقبلا له [4] .
قال: وكتب أبو حامد كتابا إلى أبي أحمد يشفع له أن يأخذ عليه القرآن فظن أبو أحمد [5] أنها مسألة قد استفتى فيها، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه عن يده [6] وقال: لا أقرئ القرآن بشفاعة أو كما قال.
__________
[1] في ص، ل: «المديح لأهل العلم» .
[2] في ص: «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد» .
[3] «كتاب» : ساقطة من ل.
[4] في الأصل: «مستلغيا له» .
[5] في الأصل: «فظن أبو حامد» .
[6] «ورماه عن يده» : ساقطة من ص.

(15/114)


توفي أبو أحمد في شوال هذه السنة، ودفن في مقبرة جامع المدينة، وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة.
3064- عبد الملك [1] بن أبي عثمان واسم أبي عثمان [2] محمد بن إبراهيم، ويكنى عبد الملك أبا سعيد الواعظ
[3] :
من أهل نيسابور. حدث عن أبي عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد. روى عنه الأزهري، والأزجي، والتنوخي، وكان ثقة صالحا ورعا زاهدا، وتوفي في هذه السنة.
3065- مُحَمَّد [4] بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن العلوي
[5] .
ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، ولقبه بهاء الدولة بالرضى ذي الحسبين، ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين، وكان الرضى نقيب الطالبيين ببغداد، حفظ القرآن في مدة يسيرة بعد أن جاوز ثلاثين سنة، وعرف/ من الفقه والفرائض طرفا قويا، وكان عالما فاضلا وشاعرا مترسلا عفيفا عالي الهمة متدينا، اشترى في بعض الأيام جزازا من امرأة بخمسة دراهم فوجد فيه جزءا بخط أبي عبد الله [6] بن مقلة، فقال للدلال: احضر المرأة، فأحضرها، فقال: قد وجدت في الجزاز جزءا بخط ابن مقلة، فإن أردت الجزء فخذيه وإن أردت ثمنه [7] ، فهذه خمسة دراهم [8] ، فأخذتها ودعت له وانصرفت وكان سخيا جوادا.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد عن أبي غالب بن بشران، قال: حدثني الخالع، قال:
__________
[1] بياض في ت.
[2] «واسم أبي عثمان» : ساقطة من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 432) .
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 91، والبداية والنهاية 12/ 3) .
[6] في ص: «بخط أبي عبد الله» وهو أخو أبي علي.
[7] في ص، ل: «وإن اخترت ثمنه» .
[8] في الأصل: «خمس مائة» .

(15/115)


مدحت الرضى بقصيدة فجاءني غلامه بتسعة وأربعين درهما، فقلت: لا شك أن الغلام [قد] [1] خانني، فلما كان بعد أيام اجتزت بسوق العروس فرأيت رجلا [2] يقول لآخر:
أتشتري هذا الصحن فإنه يساوي خمسة دنانير، ولقد أخرج من دار الشريف الرضى [3] . فبيع بتسعة وأربعين درهما، فعلمت أنى مدحته وهو مضيق، فباع الصحن وأنفذ الثمن إلى، وكان شعر الرضى غاية في الحسن.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب بحضرة أبي الحسين بن محفوظ، وكان أحد الرؤساء، يقول: سمعت جماعة من أهل العلم بالأدب يقولون: أن الرضى أشعر قريش، فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر فليس إلا الرضى.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أبو بكر الخطيب، قَالَ: أنشدني القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: أنشدنا الشريف الرضى [4] لنفسه:
/ اشتر العز بما شئت ... فما العز بغالي
بالقصار الصفر إن شئت ... أو السمر الطوال
ليس بالمغبون عقلا ... من شرى عزا بمال
إنما يدخر المال ... لحاجات الرجال
والغني من جعل الأموال ... [5] أثمان المعالي
[وله:
في الناس غير مطهر [6] ... والحر معدوم النظير
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «فوجدت رجلا» .
[3] في الأصل: «من دار الشريف» .
[4] في ص، ل: «أنشدنا الرضي» .
[5] في ص، ل: «والفتى من جعل الأموال» .
[6] في ت: «غير معدل» .

(15/116)


والغسل يخبث بعضه ... ما كل ماء للطهور
لك دون أعراض الرجال ... حمية الرجل الغيور
ولماء كفك في المحول ... طلاقة العام المطير
آثار شكرك في فمي ... وسليم ودك [1] في ضميري]
وله:
إلا أتى حسرة الحاسدين ... وما حسرة العجم إلا العرب
فلا لبسوا غير هذا الشعار ... ولا رزقوا غير هذا اللقب
[وله: [2]
ذنبي إلى البهم الكوادن أنني ... الطرف المطهم والأغر الأقرح
يولينني خزر العيون لأنني ... غلست في طلب العلا وتصبحوا
وجذبت بالطول الذي لم يجذبوا ... ومنحت بالغرب الذي لم يمنحوا
لو لم يكن لي في العيون مهابة ... لم تطعن الأعداء في ويقدحوا
نظروا بعين عداوة لو أنها ... عين الهوى لاستحسنوا ما استقبحوا] [3]
وله:
يا طائر البان غريدا على فنن ... ما هاج نوحك لي يا طائر البان
هل أنت مبلغ من هام الفؤاد به ... أن الطليق يؤدي حاجة العاني
ضمانة ما جناها غير مقلته ... يوم الوداع وأشواقي إلى الجاني
لولا تذكر أيامي [4] بذي سلم ... وعند رامة أوطاري وأوطاني
لما قدحت بنار الوجد في كبدي ... ولا بللت بماء الدمع أجفاني
وأشعاره كثيرة مستحسنة، وإنما ذكرت منها هذا. وجرت للرضى قصة مع القادر باللَّه في أبيات رفع إليه أنه قالها وهي [هذه] [5] :
__________
[1] في ل: «وسمات ودك» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «لولا تذكر إياي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/117)


كم مقامي على الهون وعندي ... مقول قاطع وأنف حمي
وإباء محلق بي عن الضيم ... كما راع طائر وحشي
أي عذر له إلى المجد إن ذل ... غلام في غمده المشرفي
البس الذل في ديار الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي
من أبوه أبي ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيد الناس ... جميعا محمد وعلي
إن خوفي في ذلك الربع أمن ... وأوامي بذلك الورد ري
قد يذل العزيز ما لم يشمر ... لانطلاق وقد يضام الأبي
كالذي يقبس الظلام وقد أقمر ... من خلفه الهلال المضي
ولما كتب أصحاب الأخبار بهذه إلى القادر، غاظه أمرها، واستدعى القاضي أبا بكر محمد بن الطيب، وأنفذه إلى الشريف الطاهر أبي أحمد برسالة في هذا المعني، فقال القاضي أبو بكر في الرسالة: «قد علمت موضعك منا ومنزلتك عندنا وما لا نزال من الاعتداد بك، والثقة بصدق الموالاة منك، وما تقدم لك في الدولة العباسية من خدم سابقة ومواقف محمودة، وليس يجوز أن تكون على خليقة نرضاها ويكون والدك على ما يضادها، وقد بلغنا أنه قال شعرا هو كذا فيا ليت شعرنا [على] [1] أي مقام ذل أقام، وما الذي دعاه إلى هذا المقال، وهو ناظر في النقابة والحج فيما في أجل الأعمال وأقصاها علوا في المنزلة، وعساه لو كان بمصر [2] لما خرج من جملة الرعية، وما رأينا على بلوغ الامتعاض منا مبلغه أن تخرج بهذا الولد عن شكواه إليك وإصلاحه على يديك» .
فقال الشريف الطاهر: «والله ما عرفت هذا ولا أنا وأولادي إلا خدم الحضرة المقدسة المعترفون بالحق لها والنعمة منها، وكان في حكم التفضل أن يهذب هذا الولد بإنفاذ من يحمله إلى الدار العزيزة، ثم يتقدم في تأديبه بما يفعل، بأهل الغرة والحداثة» .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وحسنا لو كان بمصر» .

(15/118)


فقال له القاضي [أبو بكر] [1] : الشريف يفعل في ذلك ما يراه الحضرة المقدسة، فيزول ما خامرها به ثم استدعى الشريف ابنيه المرتضى والرضى، وعاتب الرضى العتاب المستوفى.
فقال له: ما قلت هذه الأبيات ولا أعرفها. فقال له: إذا كنت تنكرها فاكتب خطك للخليفة بمثل ما كنت كتبت به في أمر صاحب مصر، وأذكره بما أذكره به من الادعاء في نسبه، فقال: لا افعل، فقال [له] [2] : كأنك تكذبني بالامتناع عن مثل قولي، فقال: ما أكذبك، ولكني أخاف الديلم ومن للرجل من الدعاة بهذه البلاد، فقال: يال العجب تخاف من هو منك على بلاد بعيدة وتراقبه وتسخط من أنت بمرأى منه ومسمع وهو قادر عليك وعلى أهلك، وتردد القول بينهما حتى غلط الرضى في الجواب، فصاح الطاهر أبو محمد، وقام الرضى، وحلف الطاهر أن لا يقيم معه في بلد، وآل الأمر إلى إنفاذ القاضي أبي بكر وأبي حامد الأسفراييني، وأخذا اليمين على الرضى أنه لم يقل الشعر المنسوب إليه، ولا يعرفه واندرجت القصة على هذا.
توفي الرضى يوم الأحد لست خلون من محرم هذه السنة، وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأشراف والقضاة والشهود والأعيان، ودفن في داره بمسجد الأنباريين، ومضى أخوه المرتضى إلى المشهد بمقابر قريش لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته، ودفنه وصلى عليه الوزير فخر الملك في الدار مع جماعة أمهم أبو عبد الله بن المهلوس العلويّ، ثم دخل الناس أفواجا، فصلوا عليه، وركب فخر الملك في آخر النهار/ فعزى المرتضى وألزمه العود إلى داره ففعل، وكان مما رثاه أخوه المرتضى:
يال الرجال لفجعة جذمت يدي ... ووددتها ذهبت على برأسي
ما زلت أبي وردها حتى أتت ... فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمنا فلما صممت ... لم يثنها مطلي وطول مكاسي
لا تنكرن من فيض [3] دمعي عبرة ... فالدمع [4] خير مساعد ومواسي
واها لعمرك من قصير طاهر ... ولرب عمر طال بالأرجاس
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «لا تنكرا» .
[4] في ص، ل: «والدمع خير» .

(15/119)


ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة
[احتراق مشهد الحسين عليه السلام]
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه في شهر ربيع الأول احترق مشهد الحسين عليه السلام والأروقة، وكان السبب في ذلك أن العوام اشعلوا شمعتين كبيرتين فسقطتا في جوف الليل على التأزير فأحرقتاه وتعدت النار.
وفى عشر بقين من هذا الشهر: احترق نهر طابق ودار الركن اليماني من البيت الحرام، وسقوط حائط بين يدى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ووقوع القبة الكبيرة على الصخرة ببيت المقدس وأن حريقا وقع في بعض الجامع بسامراء.
[اتصال الفتنة بين الشيعة والسنة]
وفى هذا الشهر [2] : اتصلت الفتنة بين الشيعة والسنة بواسط، ونهبت محال الشيعة والزيدية بواسط، واحترقت وهرب وجوه الشيعة والعلويين، فقصدوا علي بن مزيد واستنصروه.
[خلع على أبي الحسن بن الفضل الرامهرمزي خلع الوزارة من قبل سلطان الدولة]
وفي ربيع الآخر: خلع على أبي الحسن بن الفضل الرامهرمزي [3] خلع الوزارة من قبل سلطان الدولة، وهو الذي بنى سور الحائر بمشهد الحسين.
[وقعة بين سلطان الدولة أبي شجاع وأخيه أبي الفوارس]
وكانت في هذه السنة/ وقعة بين سلطان الدولة أبي شجاع وأخيه أبي الفوارس،
__________
[1] بياض في ت.
[2] بياض في ت.
[3] في الأصل: «ابن الفضل الزامهريري» .

(15/120)


انهزم فيها أبو الفوارس بعد أن دخل شيراز [1] وملكها.
وفى هذه السنة [2] : ملك محمود بن سبكتكين خوارزم، ونقل أهلها إلى الهند، ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان ولا العراق [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة [4] من الأكابر
3066- أحمد [5] بن محمد بن يوسف بن محمد بن دوست، أبو عبد الله البزاز
[6] .
ولد في صفر سنة [ثلاث وعشرين] [7] وثلاثمائة، وحدث عن محمد بن جعفر المطيري [8] ، وإسماعيل الصفار، والبرذعي، وغيرهم، وكان مكثرا من الحديث عارفا به حافظا له، أملى الحديث من حفظه وابن شاهين، والمخلص [9] حين تكلموا فيه بشيء لا يؤثر، فقال الأزهري: رأيت كتبه كلها طرية، وكان يذكر أن أصوله العتق غرقت، وهذا ليس بشيء لأنه من الجائز أن يكون قد قابل بالطرية نسخا [قد] [10] قرئت عليه، وقد كان الرجل يملى من حفظه، فيجوز أن يكون حافظا لما ذهب.
أخبرنا القزاز، أخبرنا ابن ثابت، قال: حدثني عيسى بن أحمد بن عثمان الهمذاني، قال: سمعت حمزة بن محمد بن طاهر، يقول: مكث ابن دوست سبع
__________
[1] في ص، ل: «بعد أن حصل بشيراز» .
[2] بياض في ت.
[3] في الأصل: «من خوارزم ولا العراق» .
[4] بياض في ت.
[5] بياض في ت.
[6] في الأصل: «بن درست» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 124، والبداية والنهاية 12/ 5) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «محمد بن جعفر الطبري» .
[9] في الأصل: «والمملو» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/121)


عشرة [1] سنة يملى الحديث عارفا بالفقه على مذهب مالك، وكان عنده عن إسماعيل الصفار وحده صندوق، سوى ما كان عنده عن غيره، قال: وكان يذاكر بحضرة الدار الدارقطني، ويتكلم في علم الحديث، فتكلم فيه الدار الدّارقطنيّ بذلك السبب/، وكان محمد بن أبي الفوارس ينكر مضينا إليه وسماعنا منه، ثم جاء بعد ذلك وسمع منه.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن على [الخطيب] [2] قال: حدثني أبو عبد الله الصوري، قال: قال حمزة بن محمد بن طاهر: قلت لخالي أبي عبد الله بن دوست:
أراك تملى المجالس من حفظك فلم لا تملى من كتابك؟ فقال لي: انظر فيما أمليت فان كان في ذلك خطأ لم أمل من حفظي، وان كان جميعه صوابا فما الحاجة إلى الكتاب.
توفي أبو عبد الله [ابن دوست] [3] في رمضان هذه السنة، ودفن حذاء منارة جامع المنصور.
3067- محمد [4] بن أحمد بن خلف بن خاقان، أبو الطيب العكبري
[5] :
سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن أيوب الزاهد، وإبراهيم بن علي الباقلاوي [6] وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: سألت أبا القاسم عبد الواحد بن علي [7] بن برهان عنه، فعرفه ووثقه وأثنى عليه ثناء حسنا، وقال: كان صدوقا.
قال ابن ثابت: وحدثني عنه أبو منصور بن عبد العزيز العكبري، وقال لي: ولد بعكبرا في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وسمعنا منه ببغداد وبعكبرا، ومات ببغداد سنة سبع وأربعمائة.
__________
[1] في الأصل: «ابن درستويه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 297) .
[6] في الأصل: «إبراهيم بن علي القاقلاي» .
[7] «بن علي» : ساقطة من ص.

(15/122)


3068- محمد [1] بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، [أبو الحسين الضبي القاضي [2] المعروف بالمحاملي
[3] :
سمع إسماعيل [4] بن محمد الصفار [5] وأبا عمرو بن السماك، وأبا بكر النجاد، وأبا عمر الزاهد، وكان ثقة صادقا خيرا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا عبد الكريم بن محمد الضبي، أخبرنا أبو الحسن الدار الدارقطني، قال: محمد بن أحمد بن القاسم أبو الحسين المحاملي الفقيه الشافعي/ حفظ القرآن والفرائض وحسابها والدور ودرس الفقه على مذهب الإمام الشافعي، وكتب الحديث، ولزم العلم، ونشا فيه، وهو عندي ممن يزداد خيرا كل يوم، مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
قال ابن ثابت: مات أبو الحسين يوم الخميس العاشر من رجب سنة سبع وأربعمائة.
3069- محمد [6] بن الحسين [بن محمد] [7] بن الهيثم، أبو عمر البسطامي الواعظ الفقيه على مذهب الشافعي
[8] :
كان مناظرا، وكان أبو حامد يجله ولي قضاء نيسابور، وحدث عن الطبراني وغيره، وتوفي بنيسابور في هذه السنة.
3070- محمد [9] بن على بن خلف، أبو غالب الوزير الملقب فخر الملك
[10] .
كان من أهل واسط، وكان أبوه صيرفيا، فتنقلت به الأحوال إلى خدمة بهاء الدولة ابن عضد الدولة، وحمل إليه أموال بدر بن حسنويه، وحصل لنفسه منها الكثير، ولما
__________
[1] بياض في ت.
[2] «القاضي» : ساقطة من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 333، الكامل 8/ 115) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] «الصفار» : ساقطة من ل.
[6] بياض في ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 247، الكامل 8/ 115) .
[9] بياض في ت.
[10] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 5) .

(15/123)


خلعت عليه خلع الوزارة أعطى كل واحد من صغار الحواشي مائة دينار ودستا من الثياب، وأعطى حراس دار الملك السودان كل واحد عشرين دينارا، وكانوا يزيدون على الخمسين، وسد البثوق، وعمر سواد الكوفة، وعمل الجسر ببغداد، وكان قد نسى وبطل وعمل له درابزينات، وعمر المارستان وداره بأعلى الحريم الظاهري قال لها الفخرية، وهذه الدار كانت للمتقي للَّه وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة وخربت فعمرها فخر الملك وأنفق عليها أموالا كثيرة وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربعمائة [1] .
وعصفت في هذه السنة ريح، فقصفت ببغداد زائدا [2] على عشرين ألف نخلة، فاستعمل فخر الملك أكثرها في أبنيته، وكان كثير الصلاة والصلات يجري على الفقهاء ما بين بغداد وشيراز، وكسا في يوم ألف فقير، / وسن تفرقة الحلوى في النصف من رمضان، وأهمل بعض الواجبات، فعوقب سريعا وذلك أن بعض خواصه قتل رجلا ظلما، فتصدت له زوجة المقتول تستغيث ولا يلتفت إليها، فلقيته ليلة في مشهد باب التبن وقد حضر للزيارة، فقالت له: يا فخر الملك القصص التي كنت أرفعها إليك ولا تلتفت إليها [3] قد صرت أرفعها إلى الله تعالى، وأنا منتظرة خروج التوقيع من جهته، فلما قبض عليه، قال: لا شك أن توقيعها قد خرج.
وقتله سلطان الدولة بن بهاء الدولة بالأهواز في هذه السنة وكان عمره اثنتين وخمسين سنة، وأشهر وأخذ من ماله ما بلغ ستمائة ونيفا وثلاثين ألف دينار سوى الضياعات والثياب والفروش والآلات، وقيل: أنه وجد له ألف ألف ومائتا ألف دينار مطيعية، وكان استخراج ماله عجيبا، وذلك أن أبا على الرخجي الوزير أثار هذه الأموال، وكانت ودائع عند الناس، وكان فخر الملك قد احتجز لنفسه من قلعة بدر بن حسنويه ما يزيد على ثلاثة آلاف ألف دينار، وأودعها جماعة فوقف الرخجي على تذكرة له فاستخرجها من غير ضرب بعصا على ما نذكر في ترجمة الرخجي، وقد ذكر فيها أقواما أودع [4] قد لحن بأسمائهم وكنى عن ألقابهم.
__________
[1] في الأصل: «سنة أربع وثلاث مائة» .
[2] «زائدا» : ساقطة من ل.
[3] «ولا تلتفت إليها» : ساقطة من ص.
[4] «أودع» : ساقطة من ص.

(15/124)


ثم دخلت سنة ثمان وأربعمائة
[تفاقم الفتنة بين الشيعة والسنة]
فمن الحوادث فيها [1] :
أن الفتنة بين الشيعة والسنة تفاقمت، وعمل أهل نهر القلائين بابا على موضعهم، وعمل أهل الكرخ بابا على الدقاقين مما يليهم، وقتل الناس على هذين البابين، وركب المقدام أبو مقاتل، وكان على/ الشرطة ليدخل [الكرخ] [2] فمنعه أهلها والعيارون الذين فيها، وقاتلوه فاحرق الدكاكين وأطراف نهر الدجاج، ولم يتهيأ له الدخول.
[استتابة القادر المبتدعة]
وفى هذه السنة [3] : استتاب القادر المبتدعة.
أخبرنا سعد الله بن على البزاز، أخبرنا أبو بكر الطُّرَيْثِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، قال: وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر باللَّه أمير المؤمنين فقهاء [4] المعتزلة الحنفية، فأظهروا الرجوع، وتبرءوا من الاعتزال، ثم نهاهم عن الكلام والتدريس والمناظرة في الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذ خطوطهم بذلك، وأنهم متى خالفوه حل بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم، وامتثل يمين الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود أمر أمير المؤمنين، واستن بسننه في
__________
[1] بياض في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] بياض في ت.
[4] هذه العبارة مضطربة في الأصل هكذا: «القادر باللَّه المنتدعة، أنا سعد الله بن علي البزاز، قال: اسنتاب أمير المؤمنين معها» .

(15/125)


أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين، وإيعاد كل طائفة من أهل البدع وطردهم عن ديارهم، وصار ذلك سنة في الإسلام.
وفي هذه السنة [1] : عقد سلطان الدولة على جبارة بنت قرواش بن المقلد بصداق مبلغه خمسون ألف دينار.
ذكر من توفي في هذه السنة [2] من الأكابر
3071- إسماعيل [3] بن الحسن [4] بن على بن عباس [5] ، أبو على الصيرفي
[6] :
روى عنه الصيمري، والأزجي، وكان صدوقا توفي في رمضان هذه السنة ودفن بمقبرة العباسية بالجانب الشرقي [7] .
3072- الحسن [8] بن محمد بن يحيى، أبو محمد المقرئ المعروف بابن [9] الفحام:
من أهل سرمن رأى، حدث عن إسماعيل الصفار، وقرأ القرآن على النقاش، وكان ينفقه للشافعي، وكان يرمى بالتشيع، وتوفى بسر من رأى في هذه السنة.
3073- شباشي [10] الحاجب، يكنى أبا طاهر المشطب
[11] .
مولى شرف الدولة أبي الفوارس بن عضد الدولة، لقبه بهاء الدولة أبو نصر
__________
[1] بياض في ت. وفي ص، ل: «وفيها» .
[2] بياض في ت.
[3] بياض في ت.
[4] في الأصل ل: «إسماعيل بن الحسين» .
[5] في ت: «ابن علي بن عتاس» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 312) .
[7] «ودفن بمقبرة العباسية بالجانب الشرقي» .
[8] بياض في ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 424) .
[10] بياض في ت.
[11] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 6) .

(15/126)


بالسعيد ذي العضدين [1] ، ولقبه أبو الهيجا بختكين الجرجاني بالمناصح، وأشرك بينهما في مراعاة أمور الأتراك ببغداد، وكان السعيد كثير الصدقة، فائض المعروف حتى أن أهل بغداد إذا رأوا من لبس قميصا جديدا قالوا: رحم الله السعيد، لأنه كان يكسو اليتامى والضعفاء، وهو الذي بنى قنطرة الخندق والياسرية والزياتين ووقف جبايتها [2] على المارستان، وكان ارتفاعها أربعين كرا وألف دينار، ووقف على الجسر خان النرسي بالكرخ، ووقف عليه لربحي بالقفص [3] ، وسد بثق الخالص، وحفر ذنابة دجيل، وساق الماء منها إلى مقابر قريش، وعمل المشهد بكوخ ودربه بقرب واسط، وحفر المصانع عنده وفى طريقه، وله آبار كثيرة بطريق مكة، وكان الأصبهسلارية قد أخرجوا يوم العيد الجنائب بمراكب الذهب، وأظهروا الزينة، فقال له بعض أصحابه: لو كان لنا شيء أظهرناه، فقال له: إلا أنه ليس في جنائبهم قنطرة الياسرية والخندق.
توفي في شوال هذه السنة، ودفن في مقبرة الإمام أحمد بن حنبل في تربة معروفة به، ووصى أن لا يبنى عليه، فخالفوه وبنوا قبة فسقطت، واتفق أن بعد تسعين سنة حمل ميت إلى المقبرة فتبعه النساء فتقدمتهن عجوز إلى تربة السعيد فلطمت ووافقها [النساء] [4] وعدن إلى بيوتهن، فانتبهت العجوز من منامها مذعورة، وقالت: رأيت تركيا بيده دبوس وقد خرج من التربة فأراد أن يضربني، وقال: أتيت من البعد إلى تربتي فلطمت وصويحباتك فيها أبيني وبينك قرابة، فلقد آذيتموني. فسألوا عن التربة، فإذا هي تربة السعيد، فتجنبها النساء بعد ذلك.
3074- على [5] بن مزيد
[6] :
ولي الولايات والأعمال وقصد في آخر أمره السلطان، فاعتل في طريقه، فبعث ابنه أبا الأغر دبيسا للنيابة عنه، وكتب يسأل تقليده ولاية عهده وإقرار أعماله في يده، فأجيب وخلع على دبيس، وكتب له المنشور بالولاية. توفي علي في هذه السنة.
__________
[1] في ص، ل، والأصل: «أبو نصر بالسعيد ذي الفضلين» .
[2] في الأصل: «ووقف دباها» .
[3] في ص: «ووقف عليه مرلعي» . وفي الأصل: «ووقف عليه يرثي» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 120) .

(15/127)


ثم دخلت سنة تسع وأربعمائة
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه قرئ يوم الخميس السابع عشر من المحرم في الموكب بدار الخلافة كتاب بمذاهب السنة، وقيل فيه: من قال إن القرآن مخلوق فهو كافر حلال الدم.
وفى يوم الخميس النصف من جمادى الأولى: فاض ماء البحر المالح ووافى [إلى] [2] الأبلة، ودخل إلى البصرة بعد يومين.
وفى شوال: تقلد أبو محمد على بن أحمد بن بشر الخراساني القضاء بالبصرة، وكان قبل ذلك قاضى البطيحة.
وورد الخراسانية والناس مع المختار إلى على بن عبيد الله، ورجعوا من شاطئ الفرات، ولم يعبروا التأخر الأمر في عقد/ الجسر، وضيق الوقت.
[دخول سلطان الدولة بغداد]
وفيها [3] : دخل سلطان الدولة بغداد، ونظر أبو القاسم جعفر بن محمد بن فسانجس في الوزارة.
__________
[1] بياض في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] بياض في ت.

(15/128)


ذكر من توفي في هذه السنة [1] من الأكابر
3075- رجاء [2] بن عيسى بن محمد، أبو العباس الأنصناوي
[3] :
وأنصنا قرية من قرى [صعيد] [4] مصر. ولد سنة سبع وعشرين، وسمع جماعة من شيوخ مصر، وقدم بغداد فحدث بها، فسمع منه أبو عبد الله بن بكير، والعتيقي.
وكان فقيها مالكيا فرضيا ثقة في الحديث متحريا في الرواية، مقبول الشهادة عند القضاة. وتوفى بمصر في هذه السنة.
3076- عبد الله [5] بْن مُحَمَّد بْن أبي علان، أبو أحمد قاضي الأهواز
[6] :
مولده سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وله مصنفات كثيرة من جملتها: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم» جمع له فيها ألف معجزة، وهو أحد شيوخ المعتزلة، وكان يؤدى خراج ضياعه بالأهواز تسعين ألف دينار، وكان أصهاره يؤدون ثلاثين ألف دينار. وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، عن تسع وثمانين سنة.
3077- على [7] بن نصر، أبو الحسن الملقب مهذب الدولة صاحب [8] البطائح:
كان له كرم ووفاء، وكان الناس يلتجئون إليه في الشدائد وأكبر فخره نزول القادر عليه وخدمته إياه إلى أن جاءته الخلافة.
قال الوزير أبو شجاع: توجت الأيام مفرق فخاره بمقام القادر باللَّه في جواره، وصاغت له المنقبة حسبا وصارت له إلى استحقاق المدح سببا. كان يرتفع له من إقطاعه
__________
[1] بياض في ت.
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 413، البداية والنهاية 12/ 7) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 125، والبداية والنهاية 12/ 7) .
[7] بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 7) .

(15/129)


تسعة آلاف وستمائة كرمن الحنطة، وثلاثة عشر ألف وثلاثمائة وسبعون كرا من الشعير، وثمانية آلاف كر من الأرز، ومن الورق ألفا ألف/ وسبعمائة ألف وخمسون ألفا.
وكان بعض بلاده تضمن بعشرة آلاف دينار، تزوج بنت الملك بهاء الدولة أبي نصر وأعانه نوائبه وأقرضه أموالا كثيرة، وولى البطائح اثنتين وثلاثين سنة وشهورا، وكان سبب موته أنه افتصد وانتفخ ساعده، وأخذه داء الحمرة.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة عن اثنتين وسبعين سنة.
3078- عبد الغنى [1] بن سعيد بن على بن سعيد بن بشران [2] بن مروان بن عبد العزيز، أبو محمد الأزدي المصري الحافظ
[3] :
كان عالما بالحديث وأسماء الرجال متقنا، قال الطيوري: ما رأت عيناي مثله في معناه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الجبار، وأبو الفضل بن خيرون، قالا:
أخبرنا أبو عبد الله الصوري، قال: قال لي عبد الغني بن سعيد [4] : ولدت لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
وتوفي في صفر سنة تسع وأربعمائة.
قال الصوري: وقال لي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن [أبي] [5] يزيد الأزدي، قال لي أبي: خرجنا يوما مع الدار الدارقطني من عند أبي جعفر الحسين، فلقيه عبد الغني بن سعيد، فسلم على أبي الحسن، فقال: يا أصحابنا ما التقيت من مرة مع شابكم هذا فانصرفت عنه إلا بفائدة أو كما قال الصوري:
وقال لي أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي، وكان شيخا صالحا، لما أراد أبو
__________
[1] بياض في ت.
[2] في الأصل: «سعيد بن بشر بن مروان» .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 125، والبداية والنهاية 12/ 7) .
[4] في الأصل: «قال لي عبد الله بن سعيد» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل:

(15/130)


الحسن الدار الدارقطني الخروج من عندنا من مصر خرجنا معه نودعه، فلما ودعنا بكينا، فقال: لم تبكون؟ فقلنا: نبكي لما فقدناه من علمك وعدمناه من فوائدك، قال: تقولون هذا وعندكم عبد الغني وفيه الخلف.
قال الصوري [1] : وقال لي أبو بكر البرقاني سألت الدار الدارقطني بعد قدومه من مصر، هل رأيت في طريقك/ من يفهم شيئا من العلم؟ فقال [لي] [2] : ما رأيت في طول طريقي [أحدا] إلا شابا بمصر يقال له عبد الغني كأنه شعلة نار، وجعل يفخم أمره، ويرفع ذكره.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الجبار، أخبرنا أبو عبد الله الصوري، أخبرنا عبد الغنى الحافظ، قال: لما وصل كتابي الذي عملته في أغلاط أبي عبد الله الحاكم أجابني بالشكر عليه، وذكر أنه أملاه على الناس، وضمن كتابه إلى الاعتراف بالفائدة، وبأنه لا يذكرها لي غنى، وأن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري [3] قال: سمعت أبا عبيد يقول: من شكر العلم أن يستفيد الشيء فإذا ذكر لك قلت حقي على كذا وكذا، ولم يكن به علم حتى أفادني فلان كذا وكذا، فهذا شكر العلم.
3079- محمد [4] بن أمير المؤمنين القادر باللَّه، يكنى أبا الفضل
[5] :
وكان أبوه رشحه للخلافة وجعله ولى عهده، ولقبه الغالب باللَّه، ونقش على السكة اسمه، ودعي له [6] في الخطبة بولاية العهد بعده، ثم أدركه أجله، فتوفى في رمضان هذه السنة، وكان مولده في ليلة الاثنين [7] لسبع بقين من شوال سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، ودفن بالرصافة.
__________
[1] في الأصل: «قال الصيمري» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص: «العباس بن محمد الصوري» .
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 8) .
[6] في ص: «ودعا له في الخطبة» .
[7] في الأصل: «ليلة الأحد» .

(15/131)


3080- محمد [1] بن إبراهيم [بن محمد] [2] بن يزيد، أبو الفتح البزاز الطرسوسي يعرف بابن البصري
[3] :
سمع خلقا كثيرا، وروى عنه البرقاني، والأزهري، وغيرهما، واستوطن بيت المقدس.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، قال: قال لي محمد بن على الصوري، وقد سمع من محمد بن إبراهيم: كان ثقة، ومات ببيت المقدس رحمه الله.
__________
[1] بياض في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 415، والبداية والنهاية 12/ 8) .

(15/132)


ثم دخلت سنة عشر وأربعمائة
فمن الحوادث فيها [1] :
أنه ورد إلى القادر باللَّه كتاب من يمين الدولة أبي القاسم محمود بن سبكتكين، يذكر فيه ما افتتحه من بلاد الهند ووصل إليه من أموالهم وغنائمهم، فقال فيه: إن كتاب العبد وصل [2] من مستقره بغزنة للنصف من المحرم سنة عشر، والدين في أيام سيدنا ومولانا [الأمير] [3] القادر باللَّه أمير المؤمنين مخصوص بمزيد الإظهار، والشرك مقهور بجميع الأطراف والأقطار، وانتدب العبد لتنفيذ أوامره العالية وتمهيد مراسمه السامية [4] وتابع الوقائع على كفار السند والهند، فرتب بنواحي غزنة العبد محمدا مع خمسة عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل وأنهض العبد مسعودا مع عشرة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل [5] ، وشحن بلخ وطخرستان [6] بأرسلان الحاجب مع اثني عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل، وضبط ولاية خوارزم بالتونتاش الحاجب مع عشرين ألف فارس وعشرين ألف راجل، وانتخب ثلاثين ألف فارس وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الإسلام وانضم إليه جماهير المطوعة.
__________
[1] بياض في ت.
[2] في ص، ل: «كتاب العبد صدر» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وتمهيد رسومه السامية» .
[5] «وأنهض العبد ... وعشرة آلاف فارس» . العبارة ساقطة من ص.
[6] في الأصل: «شحن بلخ وطبرستان» .

(15/133)


وخرج العبد من غزنة يوم السبت الثالث عشر من جمادى الأولى سنة تسع بقلب منشرح لطلب الشهادة [1] ونفس مشتاقة إلى درك الشهادة، ففتح قلاعا وحصونا، وأسلم زهاء عشرين ألفا من عباد الوثن [2] ، وسلموا قدر ألف ألف درهم من المورق، ووقع الاحتواء/ على ثلاثين فيلا، وبلغ عدد الهالكين منهم خمسين ألفا، ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها زهاء ألف قصر مشيد، وألف بيت للأصنام، ومبلغ ما في الصنم ثمانية وتسعون ألف مثقال وثلاثمائة مثقال، وقلع من الأصنام الفضية زيادة على ألف صنم، ولهم صنم معظم يؤرخون مدته لعظم جهالتهم بثلاثمائة ألف عام، وقد بنوا حول تلك الأصنام زهاء عشرة آلاف بيت للأصنام المنصوبة، واعتنى العبد بتخريب هذه المدينة اعتناء تاما، وعمها المجاهدون بالإحراق، فلم يبق منها إلا الرسوم، وحين وجد الفراغ لاستيفاء الغنائم حصل منها عشرون ألف ألف درهم، وأفرد خمس الرقيق فبلغ ثلاثة وخمسين [ألفا] [3] واستعرض ثلاثمائة وستة وخمسين فيلا.
وفى ربيع الأول [4] : جلس القادر باللَّه وقرئ عهد الملك أبي الفوارس، ولقب قوام الدولة، وحملت إليه الخلع بولاية كرمان.
وتأخر الحاج الخراسانية من هذه السنة وتوقف الأمر من العراق [5] .
وفى هذه السنة [6] : مات الأصيفر المنتفقي الذي كان يخفر الحاج.
[نشوء ريح شديدة كالزلزلة]
وفى يوم الأربعاء تاسع ذي الحجة: نشأت ريح شديدة كالزلزلة، وورد معها رمل أحمر.
وفي هذه السنة [7] : قبض على الوزير أبي القاسم ابن فسانجس وعلى اخوته.
__________
[1] في الأصل: «لطلب السعادة» .
[2] في الأصل: «من عباد الدين» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] بياض في ت.
[5] «من هذه السنة» : ساقطة من ص، ل.
[6] بياض في ت، وفي الأصل: «وفيها» .
[7] بياض في ت، وفي ص، ل: «وفيها» .

(15/134)


ذكر من توفي في هذه السنة [1] من الأكابر
3081- أحمد [2] بن موسى بن مردويه بن فورك، أبو بكر الحافظ الإصبهاني
[3] :
توفي في رمضان هذه السنة.
3082- إبراهيم [4] بن مخلد [5] ، بن جعفر بن إسحاق الباقرحي:
ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وسمع الحسين بن يحيى بن عياش وعلى بن محمد المصري في آخرين، / وكان صدوقا حسن النقل جيد الضبط من أهل العلم والمعرفة والأدب واستخلفه القاضي أبو بكر بن منير على الفرضة، وشهد عنده وشهد عند أبي عبد الله الضبي، وأبي محمد بن الأكفاني، وكان ينتحل في الفقه مذهب ابن جرير، وكان يسكن الجانب الشرقي.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن بقرب قبر أبي حنيفة.
3083- تركان [6] بن الفرج بن تركان بن بنان، أبو الحسن الباقلاوي
[7] :
كان يسكن باب الشام، وحدث عن أبي بكر الشافعي، وابن مقسم، وكان صدوقا، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
3084- الحسين [8] بن قلابوس [9] بن عبد الله، أبو عبد الله التركي
[10] .
سمع أبا الفضل الزهري.
__________
[1] بياض في ت.
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 8/ 127، البداية والنهاية 12/ 8) .
[4] بياض في ت.
[5] انظر ترجمته في: (الأنساب 2/ 49) .
[6] بياض في ت، وفي الأصل: «وكان» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 140) .
[8] بياض في ت.
[9] في الأصل: «الحسين بن قلاوس» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 87) .

(15/135)


أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، قال: كان شيخنا دينا فقيرا مستورا، وتوفى في رجب هذه السنة.
3085- عبيد الله [1] بن أحمد، بن جعفر، أبو تغلب [2] القاضي.
له شعر ورسائل، وكان بينه وبين الوزير المغربي مكاتبات، وكان ينوب عن أبي خازم القاضي في الجانب الشرقي من واسط توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
3086- عبد الصمد [3] بن بابك، أبو القاسم الشاعر
[4] :
وشعره مستحسن، قدم على الصاحب بن عباد، فقال: أنت ابن بابك؟ فقال: أنا ابن بابك. توفي في شوال هذه السنة.
3087- عبد الواحد [5] بن محمد، أبو عمر بن مهدي
[6] :
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال:
عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي بن خشنام بن النعمان بن مخلد أبو عمر البزاز الفارسي، كازروني الأصل، سمع القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وابن عياش القطان، وعبد الله بن أحمد بن إسحاق الجوهري، ومحمد بن إسماعيل الفارسي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، وأبا العباس بن عقدة وإسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمر والرزاز، وأبا عمرو بن السماك، كتبنا عنه، وكان ثقة أمينا، يسكن درب الزعفراني.
قال: وسمعت محمد بن على بن مخلد الوراق يذكر أن مولده [في] [7] سنة ثماني
__________
[1] بياض في ت.
[2] في ص: «أبو ثعلب القاضي» . وانظر ترجمته في: (الكامل، أحداث سنة 410) .
[3] بياض في ت.
[4] هذه الترجمة جاءت في الأصل بعد الترجمة الآتية، وسقطت كلها من ص.
وانظر ترجمته في: (الكامل 8/ 127) .
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 13) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(15/136)


عشرة [1] وثلاثمائة، ومات فجأة في يوم الاثنين، ودفن يوم/ الثلاثاء النصف من رجب سنة عشر وأربعمائة، [ودفن] [2] في مقبرة باب حرب.
3088- عبد الواحد [3] بن عبد العزيز بن الحارث بن راشد، أبو الفضل التميمي
[4] :
حدث عن النجاد والبغوي، وابن الجعابي.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، توفي في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن إلى جنب قبر أحمد بن حنبل، وصلى عليه نحو خمسين ألفا.
3089- عبد الواحد [5] بن محمد بن عثمان، أبو القاسم البجلي
[6] :
من ولد جرير بن عبد الله. سمع النجاد، والخلدي، وقلد القضاء على مواضع، وكان ثقة. توفي في رجب هذه السنة.
3090- محمد [7] بن أسد بن على بن سعيد، أبو الحسن الكاتب المقرئ
[8] .
سمع أبا بكر النجاد، وجعفر الخلدي، وغيرهما، وكان صدوقا، وتوفى يوم الأحد لليلتين خلتا من المحرم، ودفن بالشونيزي.
3091- محمد [9] بن المظفر بن عبد الله، أبو الحسن المعدل المعروف بابن السراج
[10] :
روى عن أبي بكر النجاد، وغيره.
__________
[1] في الأصل: «سنة ثلاث عشرة» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] بياض في ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 14) .
[5] بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 14) .
[7] بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 83) .
[9] بياض في ت.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 264) .

(15/137)


أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أنشدنا محمد بن المظفر، قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي لنفسه:
قد كنت للحدة من ناظري ... أرى السهى في الليلة المقمره
الآن ما أبصر بدر الدجى ... إلا بعين تشتكي الشبكره
لأنني أنظر منها وقد ... غير مني الدهر ما غيره
ومن طوى الستين من عمره ... رأى أمورا فيه مستنكره
وإن تخطاها رأى بعدها ... من حادثات الدهر ما غيره
[1] توفي ابن المظفر، في جمادى الأولى من هذه السنة رحمه الله.
3092-/ هبة الله [2] بن سلامة، أبو القاسم الضرير المفسر
[3] :
كان من أحفظ الناس لتفسير القرآن، وكان له حلقة في جامع المنصور، وقد سمع الحديث من أبي بكر بن مالك القطيعي وغيره.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أَبِي طالب العشاري [4] ، أخبرنا هبة الله المقرئ، أخبرنا هبة الله بن سلامة [5] المفسر، قال: كان لنا شيخ نقرأ عليه في باب محول، فمات بعض أصحابه فرآه الشيخ في النوم، فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قال: فما حالك مع منكر ونكير؟ قال: يا أستاذ لما أجلساني وقالا من ربك من نبيك؟ ألهمني الله عز وجل أن قلت لهما بحق أبي بكر وعمر دعاني، فقال: أحدهما للآخر قد أقسم علينا بعظيم دعه فتركاني، وانصرفا.
توفي هبة الله في هذه السنة في رجب، ودفن في مقبرة جامع المنصور.
__________
[1] في ص، ت: «من حادثات النقص ما لم يره» .
[2] بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 71، والبداية والنهاية 12/ 8) .
[4] في الأصل: «أبي طاهر العشاري» .
[5] في ص، ل: «حدثنا هبة الله بن سلامة» .

(15/138)