المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ثم دخلت 85/ ب سنة
احدى وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[عودة الخليفة الى الدار]
أنه في يوم الأربعاء ثالث المحرم عاد الخليفة من الكشك إلى الدار وأخذ
الناس يرجفون لأجل عجلة هذا المجيء فقال قوم قد وصل [1] أهل الموصل إلى
دقوقا وقال قوم بل عسكر من قبل الماهكي [2] وحكى بعض الجند أنهم ما
ناموا تلك الليلة لخبر جاءهم به إنسان تركماني وأرادوا الدخول ليلا
فأشير عليهم أن لا يفعلوا لئلا ينزعج [الناس] [3] .
وظهر في هذه الأيام من الروافض [أمر عظيم] [4] من ذكر الصحابة وسبهم
وكانوا في الكرخ إذا رأوا مكحول العين ضربوه ورفع على قيماز أنه قد أخذ
من مال الحلة مالا كثيرا فأدى عشرين ألفا وأخذت المدرسة التي بناها ابن
الشمحل فاحرز فيها غلة وقلعت القبلة منها.
[عودة الحاج على غير الطريق خوفا من العرب]
وفي هذه السنة: جاء الحاج على غير الطريق خوفا من العرب لكنهم لقوا شدة
ورخصت الأسعار في ربيع الأول فحدثني بعض جيراننا أنه اشترى كارة دقيق
باثني عشر قيراطا قال واشتريتها في زمن المسترشد باثني عشر دينارا.
__________
[1] في الأصل: «وصلوا» .
[2] في الأصل: «المانكي» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/171)
وفي رابع ربيع الآخر خرج الخليفة إلى الكشك
وصلى يوم الجمعة في جامع 86/ أالمهدي وظهر في/ هذه الأيام [1] بين
العوام الشتم والسب بسبب القرآن وكان ابن المشاط بعد في بغداد وكان
يجلس في الجامع فيقال له: الم 2: 1 كلام الله؟ فيقول: لا.
فقيل له: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ 95: 1؟ فقال: التين في الريحانيين
والزيتون يباع في الأسواق.
وفي ربيع الآخر هرب عز الدين محمد بن الوزير بن هبيرة وكان محبوسا ونصب
سلما وصعد عليه في جماعة فغلقت أبواب [دار الخليفة] [2] ونودي عليه في
الأسواق وأن من أطلعنا عليه فله كذا ومن أخفاه أبيح ماله فجاء رجل بدوي
فأخبرهم أنه في جامع بهليقا وكان ذلك البدوي صديقا للوزير فأطلعه هذا
الصبي على حاله فضمن له أن يهرب به فلما أخذ ضرب ضربا وجيعا وأعيد إلى
السجن ثم رمى في مطمورة. وحدثني بعض الأتراك وكان محبوسا عندهم أنهم
صاحوا بابن الوزير من المطمورة فتعلق بحبل وصعد فمدوه وجلس واحد على
رجليه وآخر على رأسه وخنق بحبل ومنع القصاص كلهم من القصص في أواخر
جمادى الآخرة.
86/ ب
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4258- الحسن بن العباس بن أبي الطيب بن رستم، أبو عبد الله الأصبهاني
[3] .
قال عبد الله الحياني الشيخ الصالح: ما رأيت أحدا أكثر بكاء من الحسن
الأصبهاني. قال وسمعت محمد بن سالار أحد أصحابه يقول سمعت شيخي أبا عبد
الله [4] ابن الرستمي يقول وقفت على ابن ما شاذة وهو يتكلم على الناس
فلما كان الليلة رأيت رب العزة في المنام وهو يقول يا حسن وقفت على
مبتدع ونظرت إليه وسمعت كلامه لأحرمنك منك النظر في الدنيا فاستيقظت
كما ترى.
__________
[1] أعاد الناسخ الأحداث مرة أخرى من أول: «وفي هذه الأيام ظهر من
الروافض ... »
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 197. والبداية والنهاية 12/ 251)
.
[4] في الأصل: «أبا عبد الرحمن» .
(18/172)
قال عبد الله الحياني فكانت عيناه مفتوحتين
وهو لا يبصر بهما شيئا [1] .
توفي في صفر هذه السنة بأصبهان.
4259- عبد القادر، بن أبي صالح [2] أبو محمد الجيلي.
ولد سنة سبعين واربعمائة ودخل بغداد فسمع الحديث [3] من أبي بكر أحمد
بن المظفر بن سوسن التمار وأبي القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز وأبي
طالب بن يوسف وتفقه على أبي سعد المخرمي وكان أبو سعد قد بنى مدرسة
لطيفة بباب الأزج ففوضت إلى عبد القادر فتكلم على الناس بلسان الوعظ
وظهر له صيت بالزهد وكان له سمت وصمت فضاقت مدرسته بالناس فكان يجلس
عند سور بغداد مستندا إلى الرباط ويتوب عنده في المجلس خلق كثير فعمرت
المدرسة ووسعت وتعصب في ذلك العوام وأقام في مدرسته يدرس ويعظ إلى أن
توفي ليلة السبت ثامن ربيع الآخر ودفن في الليل بمدرسته وقد بلغ تسعين
[4] سنة.
4260- أبو الفضائل بن شقران
[5] .
كان في مبتدأ أمره يتلمذ على أبي العز الواعظ ثم صار فقيها بالنظامية
وصار معيدا ثم وعظ/ وأخذ ينصر مذهب الأشعري ويبالغ فتقدم الوزير بمنعه
فحط عن المنبر يوم 87/ أجلوسه ثم ترك الوعظ واقام برباط بهروزوز مدة
وغلبت عليه الرطوبة فمات بعد مرض طويل في يوم السبت خامس صفر هذه السنة
ودفن بمقبرة درب الخبازين.
__________
[1] «شيئا» سقطت من ت، ص.
[2] على هامش ت بقلم آخر ما نصه: «السيد محيي الدين عبد القادر
الجيلاني بن أبي صالح موسى، ويلقب بجنكي دوست بن عبد الله بن يحيى
الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الحوزي ابن عبد
الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بْن عَلي بْن أبي طالب
رَضِيَ اللهُ عنه وعنهم.
كما ذكره الإمام اليافعي، وابن الأهدل الحسيني في تاريخيهما، وابن
الوردي في تاريخه وغيرهما من الثقات فحفظ» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 198. والبداية والنهاية 12/ 252) .
[3] «الحديث» سقطت من ت، ص.
[4] في ت: «بلغ سبعين سنة» .
[5] في الأصل: الشعران» .
(18/173)
ثم دخلت سنة اثنتين
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وقوع الإرجاف بمجيء شملة التركماني]
أنه وقع الإرجاف بمجيء شملة التركماني إلى قلعة الماهكي وبعث يطلب
ويقتطع فامتنع الخليفة أن يعطيه ما طلب من البلاد وبعث الخليفة أكثر
عسكر بغداد إلى حربه ونفذ إليه يوسف الدمشقي في رجاله [1] وجاء ثم عاد
فتوفي يوسف هناك وأرجف الناس بمجيء العسكر من باب همذان فغلت الأسعار
ثم عادوا فقالوا ليس لهذا الإرجاف أصل.
ووصل صاحب المخزن إلى بغداد من مكة وجاء رخص الزاد وكثرة الماء وأنهم
نقضوا القبة التي بنيت بالمدينة للمصريين.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشر صفر أخرج ابن الوزير الكبير المسمى شرف
الدين من محبسه ميتا فدفن عند أبيه بباب البصرة.
وفي سابع رجب عملت الدعوة في دار الخليفة وفرقت الأموال.
وفي يوم الخميس ثاني عشر رجب جاء رجال ونساء من الجانب الغربي من 87/ ب
الحريم إلى نهر معلى فاستعاروا حليا للعرس فأعيروا/ فنزلوا في سميرية
ليمضوا إلى الحريم فلما وصلت السفينة إلى الجناح عند دار السلطان
انكفأت بهم فغرقوا وتلف ما معهم.
__________
[1] في الأصل: «في رسالة» .
(18/174)
وفي هذا اليوم هبت ريح شديدة قصفت النخل
والشجر ورمت الأخصاص وتبعها مطر وبرد كثير ووقع بهذه الريح حائط من دار
[1] بيت القهرمانة في الجانب الغربي مما يلي الحريم فظهر بين الآجر
سطيحة فيها تسعة أرطال ذهبا فأخذها الذي وجدها وأعلم بها المخزن فأخذت
منه وذكر أن [2] هذا الذهب خبأه ابن القهرمانة لأولاده وأعلم به غلاما
له وقال قد تركت في هذا الحائط ذهبا لأولادي فلا تعلمهم به إلا ان
يحتاجوا إليه فلما مات أخبرهم به الغلام وزعم أنه قد شذ منه الموضع
فضربوه فمات.
[زواج أمير المؤمنين ابنة عمه]
وفي هذه السنة: تزوج أمير المؤمنين ابنة عمه أبي نصر بن المستظهر
باللَّه واجتمع بها في أيام الدعوة التي تختص بالصوفية.
وفي يوم السبت عاشر شوال: عبر أهل بغداد إلى الجانب الغربي نحو
الظاهرية يتفرجون في صيد السمك لأن الماء زاد في الفرات حتى فاض إلى
تلك الأجمة ولها نيف وثلاثون سنة لم ينعقد فيها سمك وإنما صارت مزارع
فكثر سمكها.
وفي هذه السنة عاد ضمانها حتى كان يباع ثلاثة أرطال أو أربعة أرطال
بحبة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
88/ أ
4261- علي بن أبي سعد بن إبراهيم، [أبو الحسن] [3] الخباز الأزجي.
سمع الحديث الكثير وحصل الأصول وحدث.
وتوفي يوم الأربعاء عاشر شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة أحمد.
4262- محمد بن الحسن بن محمد علي بن حمدون، أبو المعالي الكاتب
[4] .
كانت له فصاحة وولي ديوان الزمام مدة وصنف كتابا سماه «التذكرة» وتوفي
في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بمقابرة قريش.
__________
[1] في الأصل: «من بيت» والتصحيح من ص.
[2] في الأصل: «وكان هذا الذهب» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 206. والبداية والنهاية 12/ 253.
والكامل 10/ 7) .
(18/175)
ثم دخلت سنة ثلاث
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول الحاج الى العراق سالمين]
أن الحاج وصلوا إلى العراق سالمين فخرجت عليهم بنو خفاجة في طريق الحلة
فقطعوا قطعة من الحاج فأخذوا أموالهم وقتلوا جماعة وحكى الناس ان
التجار لم يبيعوا شيئا بمكة على عادتهم لأن حاج مصر لم يأتوا لاشتغالهم
بما حدث عندهم من القتال بمضي نور الدين وشير كوه.
وفي رابع صفر: وصل ابن البلدي من واسط فتلقاه الموكب وفيهم قاضي القضاة
وحاجب الباب والحجاب بالسواد فخرج قيماز لتلقيه قبل ذلك بيوم ولما قرب
88/ ب من/ موازاة التاج عبر أستاذ الدار فتلقاه فنزل في السفن وصعد باب
الحجرة وخلع عليه خلعة سنية حسنة وقلد سيفا وجعل في ركابه سيف وخرج
راكبا من باب الحجرة إلى الديوان فجلس هناك إلى اصفرار الشمس ونهض
الوزير إلى الدار التي كان فيها ابن هبيرة بباب العامة، وخرج التشرينان
بغير مطر وكثر الموت.
وفي صبيحة الاثنين: وقع وفر إلى أن طبق الأرض إلى قريب نصف الليل.
وفي هذه السنة: بيع الورد مائة رطل بقيراط وحبة.
[موت قاضي القضاة جعفر بن الثقفي]
وفيها: مات قاضي القضاة جعفر بن الثقفي وبقيت بغداد ثلاثة وعشرين يوما
بلا قاض في ربع من الأرباع ولا قاضي قضاة حتى ولى روح ابن الحديثي
القضاء [يوم الخميس رابع] [1] عشر رجب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/176)
وفي شعبان: جلس المحتسب بباب بدر على ما
جرت به العادة فأخذ جماعة من المتعيشين ثم أمر بتأديب أحدهم فرجم
المحتسب بالآجر إلى أن كاد يهلك واختفى ولم يجسر أن يركب حتى نفذ إلى
حاجب الباب فبعث إليه المستخدمين فمشوا معه إلى بيته وأخذ أولئك
الطوافون [1] فعوقبوا وحبسوا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4263- أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة، أبو المعالي
[2] .
سمع أبا سعد بن حشيش وابن النظر [3] وثابت بن بندار وغيرهم وكان ثقة.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
4264- أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف، أبو العباس القطيعي
[4] .
/ سمع الحديث وتفقه على القاضي أبي يعلى وناظر ووعظ. 89/ أوتوفي في
رمضان هذه السنة ودفن بالحلبة.
4265- أحمد بن المقرب بن الحسين، أبو بكر الكرخي
[5] .
ولد سنة تسع وسبعين واربعمائة روى عن طراد وابن النظر [6] وغيرهما وكان
ثقة توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4266-[أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن المنصوري، أبو العباس
الهاشمي.
__________
[1] في الأصل: «الطماعون» .
[2] في ت: «أبو المغالي» .
[3] في ت، والأصل: «ابن البطر» .
[4] في ت: «العطيفي» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 207) .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 208) .
[6] في ت: «النطر» .
(18/177)
سمع الحديث من شيخنا أبي الحسن بن عبد
الواحد الدينَوَريّ، وكان معدلًا.
وتوفي في هذه السنة ودفن بتربة لهم عند جامع المنصور] [1] .
4267- جعفر بن عبد الواحد، أبو البركات الثقفي
[2] .
ولد في محرم سنة تسع عشرة وخمسمائة وسمع الحديث من أبي القاسم الحريري
[3] وولي قضاء القضاة بعد أبيه وكان أبوه قد أقام في القضاء أشهرا ثم
مات فدفن بدرب بهروز فلما مات الولد أخرجا فدفنا عند رباط الزوزني
المقابل لجامع المنصور وكان سبب موت هذا الولد أنه طولب بمال خرجه عليه
رجل من أهل الكوفة فضاق صدره وأشرف على بيع عقاره وكلمه الوزير ابن
البلدي بكلمات خشنة فقام الدم ومات.
4268- سعد بن [4] محمد بن طاهر، أبو الحسن المقرئ.
ولد سنة ست وثمانين واربعمائة وسمع من أبي القاسم ابن بيان وغيره وكان
يسمع معنا على أبي القاسم الحريري وغيره ويقرأ القرآن فبينا هو جالس في
مسجده [5] يقرأ مال فوقع ميتا وذلك في يوم الاثنين سادس عشر ربيع الآخر
ودفن بمقبرة العقبة من الجانب الغربي
. 4269- عبد الكريم بن محمد بن منصور، أبو سعد السمعاني
[6] .
89/ دخل إلى بغداد سنة اثنتين وثلاثين/ وسمع معنا على المشايخ وسافر في
طلب الحديث وذيل [على] [7] تاريخ بغداد وكان قد كتب شجاع الذهلي من
التذييل شيئا وكتب أبو الفضل بن خيرون وفيات المشايخ فجمع هو ذلك وتلقف
من أشياخنا كعبد
__________
[1] هذه الترجمة ساقط من ص، والأصل، وأثبتناه من ت.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 208. والبداية والنهاية 12/ 254.
والكامل 10/ 9) .
[3] في الأصل: «الحوير» .
[4] في ت: «سعد الله بن محمد» .
[5] في الأصل: «في مسجده جالس» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 254. والكامل 10/ 9) .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/178)
الوهاب ومحمد بن ناصر ومن بقي من الأشياخ
ما يصلح أن يذكر من زمن الخطيب إلى زمانه إلا أنه كان يتعصب على مذهب
أحمد ويبالغ فذكر من أصحابنا جماعة وطعن فيهم بما لا يوجب الطعن مثل أن
قال عن عبد القادر كان يلقي الدرس المشستكة، وإنما كان الرجل مريض
العين وقال عن ابن ناصر كان يحب الطعن في الناس وهذا وقد أخذ أكثر
كتابه عنه واحتج بقوله في الجرح والتعديل فقد أزرى بما قال على نفسه في
كل ما أورده عنه من جرح أو تعديل وما كان ينبغي أن يحتج به في شيء ثم
قد كان يلزمه أن يقول طعن في فلان وليس بموضع الطعن وأي شغل للمحدث غير
الجرح والتعديل فمن عد ذلك طعنا مذموما فما عرف العلم فشفي أبو سعد
غيظه بما لا معنى فيه في كتابه فلم يرزق نشره لسوء قصده فتوفي وما بلغ
الأمل ولو أن متتبعا يتبع ما في كتابه من [الأغاليط] [1] والانساب
المختلطة ووفاة [2] قوم هم [في الأحياء] [3] وغير ذلك من الأغاليط [4]
لأخرج أشياء كثيرة غير أن الزمان أشرف من أن/ يضيع في مثل هذا وهذا
الرجل كانت له 90/ أمشقعة عجيبة فإنه كان يأخذ الشيخ البغدادي فيجلس
معه فوق نهر عيسى ويقول حدثني فلان من وراء النهر ويجلس معه في رقة
بغداد ويقول حدثني فلان بالرقة، في أشياء من هذا الفن لا تخفي على
المحدثين، وكان فيه سوء فهم وكان يقول في ترجمة الرجل حسن القامة وليست
هذه عبارة المحدثين في المدح، وقال في عجوز يقرأ عليها الحديث وهي من
بيت المحدثين أبوها محدث وزوجها محدث وقد بلغت سبعين أو زادت فقال كانت
عفيفة وهذا ليس بكلام من يدري كيف الجرح والتعديل وذكر في ترجمة ابن
الصيفي الشاعر فقال: المجان ببغداد يقولون هو الحيص بيص وله أخت اسمها
دخل وخرج. ومثل هذا لا يذكره عاقل ولا نرى التطويل بمثل هذه القبائح.
توفي ابن السمعاني ببلده في هذه السنة ووصل الخبر بذلك [إلى بغداد] [5]
.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ووفاتهم» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «وغير ذلك من الأغاليط» سقط من ص، ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/179)
4270- عبد القاهر بن مُحَمَّد [1] بن عبد
الله [بن محمد] [2] بن عمويه، أبو النجيب السهروردي
[3] .
كان يذكر أنه من أولاد محمد بن أبي بكر الصديق ويقول مولدي تقريبا في
سنة تسعين. سمع الحديث وتفقه ودرس بالنظامية وبنى لنفسه مدرسة ورباطا
ووعظ مدة وكان متصوفا.
90/ ب وتوفي في جمادى الآخرة/ من هذه السنة [ودفن بمدرسته] [4] .
4271- محمد بن عبد الحميد بن الحسن [5] ، أبو الفتح الرازي، المعروف:
بالعلاء العالم
[6] .
من أهل سمرقند كان فقيها فاضلا ومناظرا [7] من الفحول وصنف التعليقة
المعروفة بالعالمي ودخل بغداد وحضر مجلسي للوعظ. قال أبو سعد السمعاني
كان مدمنا للخمر على ما سمعت فكان يقول ليس في الدنيا راحة إلا في
شيئين كتاب أطالعه أو باطية من الخمر أشرب منها. قال المصنف ثم سمعت
عنه أنه تنسك وترك المناظرة واشتغل بالخير إلى أن توفي.
4272- هبة الله [8] بن أبي عبد الله بن كامل بن حبيش، أبو علي
[9] .
قرأ القرآن وتفقه على ابن القاضي وسمع الحديث على شيخنا أبي بكر بن عبد
الباقي وتقدم في رباط بدرزيجان على جماعة من الصوفية وكان من أهل
الدين، توفي في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة احمد قريبا من بشر الحافي.
__________
[1] «بن محمد» سقطت من ص.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 208. والبداية والنهاية 12/ 254.
والكامل 10/ 10) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ت: «ابن الحسين» .
[6] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 210. والبداية والنهاية 12/ 254،
455) .
[7] في الأصل: «ومدرسا» .
[8] في ت: «يوسف بن أبي عبد الله» .
[9] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 210) .
(18/180)
4273- يوسف [بن عبد الله البندار [1]]
الدمشقيّ الكبير
[2] .
تفقه على أسعد الميهني وبرع في المناظرة ودرس في النظامية وغيرها وكان
متعصبا في مذهب الأشعري وبعث رسولا نحو خوزستان إلى شملة التركماني
فمات هناك في شوال هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 255. والكامل 10/ 10) .
(18/181)
ثم دخلت سنة اربع
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[مواقعة بعض غلمان الخليفة العيارين
بالدجيل]
91/ أ/ أن بعض غلمان الخليفة واقع العيارين بالدجيل [1] وقتل كثيرا
منهم وجاء [برءوسهم] [2] وأخذ قائدهم.
وفي صفر: جلس ابن الشاشي للتدريس بالمدرسة النظامية [3] التتشية على
شاطئ دجلة بباب الأزج التي كانت بيد يوسف الدمشقي وحضر عنده جماعة من
أرباب المناصب.
وفي هذا اليوم: صلب تسعة [4] أنفس وقطعت يد العاشر.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشرين ربيع الأول: رئي في صحن دار السلام بدار
الخليفة رجل غريب قائم في طريق الخليفة الذي يركب فيه ومعه سكين صغيرة
في يده وأخرى كبيرة معلقة في زنده فاستنطقوه فقال أنا من حلب فحبس
وعوقب البواب.
وفي سابع عشر ربيع الآخر: فوض إلى أبي جعفر ابن الصباغ نيابة التدريس
في النظامية واعتقل تاج الدين أخو استاذ الدار.
[موت حاجب الباب ابن الصاحب]
وفي جمادى الآخرة: مات حاجب الباب ابن الصاحب وتولى ولده حجبة الباب.
__________
[1] في الأصل: «الرجل» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «النظامية» ساقطة من ت، ص.
[4] في الأصل: «سبعة أنفس» .
(18/182)
وفي يوم الجمعة عاشر شعبان: دخل قوم من
العيارين إلى دار بعض التجار عند سوق العطر فلم يجدوا في الدار إلا
مملوكا فسألوه عن المال فقال لا علم لي فقتلوه وفتشوا الدار فلم يجدوا
فيها شيئا وخرجوا ولم يحظوا إلا بقتل الغلام.
وفي ليلة النصف من شعبان: اتفقت حادثة عجيبة وهو أن انسانا كان قائما
عند دكان عطار بشارع دار الدقيق فجاء إنسان [1] نفاط يلعب بقارورة
النفط فخرجت من يده بغير اختياره فأهلكت ما في الدكان كله وتعلقت بثياب
ذلك الرجل القائم هناك إلى ان نزع ثيابه/ انسلخ جلده من عنقه إلى مشد
سراويله وأخذ النفاط فحبس وجرت فتنة 91/ ب فتخلص النفاط.
وفي سادس عشرين شعبان: خرج الوزير إلى الحلة لينظر إلى البلاد ويتعرف
أحوالها.
وفي رمضان: قبض على يزدن وتتامش [2] وسلما إلى قيماز وضيق على قيماز
[3] وأخذ منه على ما حكى ثلاثون ألف دينار جمع فيها مراكبه [وآنية
داره] [4] وانكسر كسرة عظيمة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4274- أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة، أبو جعفر السماك
[5] .
سمع من مشايخنا ابن الحصين والحريري [6] وأبي بكر بن عبد الباقي [وعبد
الوهاب] [7] وكان ثقة وفيه فضل [8] وأدب.
وتوفي في محرم هذه السنة.
__________
[1] «إنسان» سقطت من ت، ص.
[2] في الأصل: «وينامش» .
[3] في الأصل: «وضيق عليهما وضيق على قيماز» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «أبو جعفر السباك» .
[6] في الأصل: «الحميري» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «وفيه سعد وأدب» .
(18/183)
4275- سعد الله بن نصر بن سعيد الدجاجي [1]
، أبو الحسن.
ولد في رجب سنة ثمانين واربعمائة وسمع أبوي الخطاب محفوظ بن أحمد وعلي
بن عبد الرحمن ابن الجراح وتفقه وناظر ووعظ وكان لطيف الكلام حلو
الإيراد ملازما للمطالعة إلى أن مات.
أنبأنا سعد الله بن نصر قال: كنت خائفا من الخليفة لحادث نزل فاختفيت
فرأيت في المنام كأني في غرفة أكتب شيئا فجاء رجل فوقف بازائي وقال
اكتب ما أملي عليك وأنشد:
ادفع بصبرك حادث الأيام ... وترج لطف الواحد العلام
لا تأيسن وأن تضايق كربها ... ورماك ريب صروفها بسهام
فله تعالى بين ذلك فرجة ... تخفي على الأبصار والأوهام
كم من نجا من بين أطراف القنا ... وفريسة سلمت من الضرغام
وسئل في مجلس وعظه وأنا أسمع عن أخبار الصفات فنهى عن التعرض بها وامر
بالتسليم لها [2] ، وأنشد:
92/ أ/
أبى الغائب الغضبان يا نفس أن يرضى ... وأنت التي صيرت طاعته فرضا
فلا تهجري من لا تطيقين هجره ... وإن هم بالهجران خدك والأرضا
توفي في شعبان من هذه السنة ودفن إلى جانب رباط الزوزني في إرضاء [3]
الصوفية لأنه أقام عندهم مدة حياته فبقي على هذا خمسة أيام وما زال
الحنابلة يلومون ولده على هذا ويقولون مثل هذا الرجل الحنبلي أي شيء
يصنع عند الصوفية؟ فنشبه بعد خمسة أيام بالليل وقال كان قد أوصى أن
يدفن عند والديه ودفنه عندهما بمقبرة أحمد [4] .
__________
[1] في ت: «الزجاجي» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 212. والبداية والنهاية 12/ 258) .
[2] في الأصل: «عن التعرض لها وأنشد وأمر بالتسليم ثم أنشد» .
[3] في الأصل: «ورضا الصوفية» .
[4] «بمقبرة أحمد» سقطت من ص.
(18/184)
4276- أبو طالب بن المستظهر باللَّه
توفي في رمضان وحمل الى التراب في الماء وكان من المشايخ المتقدمين في
الدار وكان له بر ومعروف.
4277- محمد بْن عبد الباقي بْن أحمد بْن سلمان [أبو الفتح] [1]
المعروف: بابن البطي
[2] .
ولد سنة سبع وسبعين وسمع مالك بن علي البانياسي وحمد بن أحمد الحداد
وابن النظر والتميمي وغيرهم وكان سماعه صحيحا سمعنا منه الكثير، كان
يحب أهل الخير ويشتهي أن يقرأ عليه الحديث.
وتوفي يوم الخميس سابع عشرين جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بمقبرة
باب أبرز.
4278-[المبارك بن علي بن حصير، أبو طالب الصيرفي
[3] .
سمع الحديث وروى عن أبي الحسين بن العلاف وغيره. وكان ثقة صحيح السماع.
وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشر ذي الحجة من هذه السنة] [4] .
4279- محمد بن المبارك بن الحسين بن إِسْمَاعِيل، أبو بكر ابن الحصري
[صديقنا]
[5] .
ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث من الرقي وأبي عبد
الله ابن البناء وأبي بكر بن عبد الباقي وغيرهم وتفقه على أبي يعلى
وناظر وولي القضاء بقرية عبد الله من واسط، توفي في رجب/ هذه السنة
ببغداد فجاءة ودفن 92/ ب بالزرادين وكان عمره أربعا وخمسين سنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[2] في الأصل: «البطحي» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 213، 214 والبداية والنهاية 12/ 260،
وفيه: «محمد بن عبد الله بن عبد الواحد» .)
[3] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، وأثبتناها من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
(18/185)
4280- محمد الفارقي
[1] .
كان يتكلم على الناس قاعدا [2] وربما قام على قدميه في دار [3] سيف
الدولة من الجامع وكان يقال أنه كان يحفظ كتاب نهج البلاغة ويغير
ألفاظه وكانت له كلمات حسان في الجملة توفي في يوم الجمعة حادي عشر رجب
هذه السنة وصلى عليه وقت صلاة الجمعة [ودفن بباب المختارة] [4]
4281- معمر بن عبد الواحد، بن رجاء، أبو أحمد الأصفهاني
[5] .
كان من الحفاظ الوعاظ وله معرفة حسنة بالحديث وكان يخرج ويملي [6] سمعت
منه الحديث ببيت [7] في الروضة بالمدينة وكان يروي عن أصحاب أبي نعيم
الحافظ.
وتوفي بالبادية [8] ذاهبا إلى الحج في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 214. والبداية والنهاية 12/ 260.
والكامل 10/ 21) .
[2] في الأصل: «واعظا» .
[3] في الأصل: «في عار» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 214. والبداية والنهاية 12/ 260.
والكامل 10/ 21) .
[6] في الأصل: «ويصلي» .
[7] «ببيت» سقطت من ت، ص.
[8] في الأصل: «بالمدينة» .
(18/186)
ثم دخلت سنة خمس
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ثالث صفر فوض إلى اليزدي تدريس مشهد أبي حنيفة فمضى ومعه حاجب
من الديوان فدرس هناك.
وفي ثامن صفر: عبر العيارون من الجانب الغربي إلى الجانب [1] الشرقي
إلى الحاج وقد تحصنوا بالبيوت داخل البلد فأخذوا أموالهم [2] وانحدروا
في السفن يضربون الطبل ولم يطلبوهم ثم وقع منهم أقوام فظهر عليهم شيء
يسير.
/ وفي ثالث [3] ربيع الأول: جاء المكيون بخرق البحر والهدايا كما جرت
العادة 93/ أوالطبول بين أيديهم وكان معهم ثلاثة أفراس وبغلة وأنطع من
الأدم ومضوا إلى الديوان.
وفي ربيع الآخر: خرج الخليفة الى الصيد.
[وقوع حادثة عظيمة للنصارى تعدى ضررها إلى
المسلمين]
وفي جمادى الأولى: وقعت حادثة عظيمة للنصارى تعدى ضررها إلى المسلمين
وذلك أنه خطب ابن مخلد النصراني الى ابن التلميذ والتجأ ابن مخلد إلى
الجاه وأخذ من غلمان الباب والفراشين جماعة فأحضر الجاثليق وأستاذ
الدار البنت فأذنت فعقدوا عليها وحملوها إلى ابن مخلد فشكا ابن التلميذ
الى الخليفة فأخذ
__________
[1] «الجانب» سقطت من ت، ص.
[2] في الأصل: «فأخذ ثم وانحدروا» .
[3] «ثالث» سقطت من ص، ت.
(18/187)
ابن مخلد وعوقب مائة خشبة وفرق بينه وبين
الزوجة ووكل بالجاثليق بالديوان وأخرج من كاتب حكيم من الدار [1] لأنه
كان مع القوم وضرب صاحب الخبر في الباب ضربا عجيبا لأنه قصر في العقوبة
وحطت مرتبة حاجب الباب عن منزلته وجعل نائبا لا يجلس على مخدة ولا بين
يديه دواة وفوضت العلامة في الكتب إلى ابن البراج فلا تشهد الشهود إلا
في كتاب فيه علامته.
وفي ذي القعدة: وردت الأخبار بوقوع زلازل كثيرة بالشام وقع منها نصف
حلب ويقال هلك من أهلها ثمانون ألفا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4282- أحمد بن صالح بن شافع، أبو الفضل الجيلي
[2] .
93/ ب ولد/ سنة عشرين وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث من أبي غالب
[3] ابن البناء وأبي عبد الله ابن السلال والأرموي ويحيى بن ثابت وأبي
الوقت وغيرهم وقرأ على ابن ناصر معظم حديثه وشهد.
وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن على أبيه في دكة الإمام أحمد.
4283- أحمد بن عمر بن محمد بن لبيدة، أبو العباس الأزجي
[4] .
قرأ القرآن وسمع من ابن الحصين وابن خيرون والقزاز وابن السلال وغيرهم
وكان فيه خير خرج إلى مكة.
فتوفي في الطريق ودفن بزبالة في هذه السنة.
4284- الحسين بن محمد، أبو المظفر ابن السبيبي [5] عامل قوسان
[6]
__________
[1] في ص: «من الديوان» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 215. والكامل 10/ 27) .
[3] في الأصل، ص: «من أبي علي بن البناء» خطأ.
[4] في ت: «الأرحبي» .
[5] «السبيبي» سقطت من ت.
[6] من الأصل: «فرمان» .
(18/188)
حبس مديدة ثم قطعت يده ورجله وحمل إلى
المارستان.
فتوفي في محرم هذه السنة وكان أديبا لطيفا له شعر حسن.
ومما قال من الشعر يتشوق أهله:
سلام على أهلي وصحبي وجلاسي ... ومن في فؤادي ذكرهم راسب راسي
أحبة قلبي قل صبري عنكم ... وزاد بكم وجدي وحزني ووسواسي
أعالج فيكم كل هم ولا أرى ... لداء همومي غير رؤيتكم آسي
خذوا الواكف المدرار من فيض أدمعي ... وحر لهيب النار من كرب أنفاسي
/ لقد أبدت الأيام لي كل شدة ... تشيب لها الأكباد فضلا عن الرأس 94/ أ
أقول لقلبي والهموم تنوشه ... وقد حدثته النفس بالصبر والياس
وكيف اصطباري عنكم وتجلدي ... على فقدكم ويلي على قلبي القاسي
ومن لي بطيف منكم أن يزورني ... على الليلة الليلاء في جنح ديماس
4285- طاووس أم المستنجد.
توفيت في يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان وحملت إلى الترب بالرصافة وكان
الوزير وأستاذ الدار قائمين وأرباب الدولة في السفن قياما إلى ان حملت.
(18/189)
ثم دخلت سنة ست
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه وقع حريق عظيم في درب المطبخ ثم في سويقة خرابة ابن جردة ثم أرجف
على الخليفة بالمرض لانه انقطع عن الركوب ثم ركب وتصدق بالخبز والبقر
وعملت دعوة في دار البدرية وخلعت الخلع وضربت الطبول للبشارة بسلامته
وجاءت خرق البحر مع المكيين على عادتهم وبين يديها الطبول والهدايا ثم
مرض المستنجد باللَّه فلما اشتد 94/ ب مرضه/ كان الأتراك يحفظون البلد
مديدة [1] ثم توفي ففتحت الحبوس وأخرج من فيها وما زالت الحمرة الكثيرة
[عند مرض المستنجد] [2] ترمي ضوءها [3] على الحيطان مثل شعاع الشمس.
باب ذكر خلافة المستضيء باللَّه
واسمه: الحسن بن يوسف المستنجد باللَّه، ويكنى: أبا محمد، وأمه أرمنية
تدعى: غضة، [4] ولد في سادس شعبان سنة ست وثلاثين وخمسمائة، ولم يتول
__________
[1] في ص: «أياما» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: تكررت عبارة «منذ مرض المسترشد» هنا.
[4] في الأصل: «غضوضة» .
(18/190)
الخلافة من اسمه الحسن ويكنى أبا محمد إلا
الحسن بن علي وهو، فقد اشتركا في الاسم والكنية والكرم، كان له من
الولد: أبو العباس أحمد وهو الذي تولى الخلافة بعده وأبو منصور هاشم.
بويع المستضيء بأمر الله يوم توفي المستنجد البيعة الخاصة بايعه أهل
بيته وبعث إلى الوزير ابن البلدي ان احضر البيعة فلما دخل دار الخلافة
وكان [في ولايته] [1] قد قطع أنف امرأة ويد رجل بجناية جرت منهما وكان
ذلك بتقدم فسلم إلى أولياء القوم ذلك اليوم [2] فقطعوا أنفه ثم يده ثم
ضرب بالسيوف وألقي في دجلة وتولى ذلك أستاذ الدار ابن رئيس الرؤساء، ثم
جلس المستضيء بأمر الله بكرة الأحد تاسع ربيع الآخر في التاج فبايعه
الناس، وصلى في التاج يومئذ على المستنجد ونودي برفع المكوس وردت مظالم
كثيرة وأظهر من العدل والكرم ما لم نره من أعمارنا واستوزر/ أستاذ
الدار وجلس لعزاء 95/ أالمستنجد بذاته [3] ثلاثة أيام وتكلمت في تلك
الأيام في بيت النوبة ثم أذن للوعاظ في الوعظ بعد أن كانوا قد منعوا
مدة وفرق الإمام المستضيء بأمر الله مالا عظيما على الهاشميين
والعلويين والعلماء والأربطة، وكان دائم البذل للمال ليس له عنده وقع،
وخلع على أرباب الدولة والقضاة والجند وجماعة من العلماء وحكى خياط
المخزن انه فصل الفا وثلاثمائة قباء إبريسم وخطب له على منابر بغداد
يوم الجمعة رابع عشر ربيع [4] الآخر ونثرت الدنانير كما جرت العادة
وولى روح بن أحمد الحديثي قضاء القضاة يوم الجمعة رابع عشر [4] ربيع
الآخر وولي يومئذ أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي الحكم بنهر معلى وولي
ابن الشاشي النظامية فمضى الدعاة بين يديه.
وفي هذا الشهر: عزل ابن شبيب مشرف المخزن وولي مكانه أبو بكر ابن
العطار وجعل ابن شبيب وكيلا بباب الحجرة وولي من الأمراء المماليك نحو
سبعة عشر أميرا وقدم فخر الدولة ابن المطلب إلى بغداد وكان مقيما بمشهد
علي عليه السلام وردت عليه أملاكه وولي ابن البخاري الديوان.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «ذلك اليوم» سقطت من ت، ص.
[3] «بذاته» سقطت من ص، ت.
[4] في الأصل: «حادي عشرين» .
(18/191)
95/ ب وكسف القمر ليلة النصف/ من جمادى
الأولى وهذا عجب لان عادته الانكساف في ليلة [1] الرابع عشر.
وفي يوم الجمعة العشرين من جمادى الأولى: خلع على الوزير الخلع التامة
ومشى بين يديه قيماز وقاضي القضاة وغيرهما. [2] وفي يوم الاثنين ثالث
عشرين الشهر: جلس الوزير في داره للهناء وأنشد الحيص بيص:
أقول وقد تولى الأمر خير ... ولي لم يزل برا تقيا
وقد كشف الظلام بمستضيء ... غدا بالخلق كلهم حفيا
وفاض الجود والمعروف حتى ... حسبناه حبابا أو أتيا
بلغنا فوق ما كنا نرجي ... هنيئا يا بني الدنيا هنيا
سألنا الله يرزقنا إماما ... نسر به فأعطانا نبيا [3]
وقال أيضا:
يا امام الهدى علوت عن الجو ... د بمال وفضة ونضار [4]
فوهبت الأعمار والأمن والبلدان ... في ساعة [مضت] [5] من نهار
فبماذا أثنى عليك [6] وقد جاوزت ... فضل البحور والأمطار
إنما أنت معجز مستمر ... خارق للعقول والأفكار
جمعت نفسك الشريفة بين الباس ... والجود بين ماء ونار
واحتجب الخليفة عن أكثر الناس فلم يركب إلا مع الخدم ولم يدخل إليه غير
__________
[1] تكررت عبارة: «ليلة النصف» في النسخة ص.
[2] في الأصل: «وغيره» .
[3] في الأصل: «وفيا» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] تكررت العبارة التالية من الأصل: «فبماذا أثنى عليك» .
(18/192)
قيماز وجلس الوزير في الديوان يوم الجمعة
وأجلس عن يمينه ابن الشاشي وكانت العادة أن اليمين لأصحاب أبي حنيفة
فأخذ المكان منهم.
واستشهد في جمادى الآخرة ابنا ابن المنصوري الخطيب.
وقبض في يوم الجمعة/ خامس عشرين جمادى الآخرة على أحمد الفوي وابنه 96/
أوسعد الشرابي وأخذت مدرسة كانت للحنفية وقد كانت قديما للشافعية وهي
بالموضع المسمى بباب المدرسة على الشط وقد حضرت فيها مناظرة يوسف
الدمشقي وبيده كانت وآل أمرها إلى أن سلمت إلى محمد البروي فدرس فيها
وحضر قاضي القضاة وشيخ الشيوخ وحاجب الباب ومدرس النظامية وابن سديد
الدولة كاتب الإنشاء.
وشرع في نقض الكشك الذي عمله المستنجد ليعمل بآلته [1] مسناة للسور
فتراجف الناس بمجيء العسكر فاحتدت سوق الطعام.
وفي رجب: ولي ابن ناصر العلوي التدريس بمدرسة السلطان التي كان فيها
اليزدي فحضر درسه قاضي القضاة وغيره.
وفي يوم السبت رابع عشرين الشهر: ولي الأمير السيد العلوي التدريس
بجامع السلطان مكان اليزدي.
وفي هذه الأيام: وهي أمر أبي بكر ابن العطار والسبب أنه كان ينافس صاحب
المخزن فانقطع عن المخزن وقيل أنه أخذت الوكالة منه.
وفي غرة شعبان: بعث يزدن مع جماعة من العسكر إلى واسط ليردوا ابن سنكا
عن البلاد.
وفي ثامنه نقضت الدور التي اشتراها قيماز ليعملها دارا كبيرة وكان من
جملتها دار ابن الطيبي وكانت بعيدة المثل قد غرم عليها ألوفا فأعطى
منها ألفا وكذلك أخذ ما حولها من الدور المثمنة بثمن بخس وأخرج أهلها
وتشتتوا.
__________
[1] في الأصل: «ثالثة» .
(18/193)
وجرى في سابع شعبان بين أهل المأمونية وباب
الأزج فتنة بسبب السباع انتهبت فيها سويقة البزازين.
وفي عشية الاثنين ثامن عشرين شعبان: نقل تابوت الخليفة من الدار إلى
الترب.
96/ ب/ وفي نصف رمضان: هبت ريح عظيمة ورعدت السماء بقعقعة لم يسمع
بمثلها فخر الناس على وجوههم وكان للوزير طبق جميل طول الشهر وكان الذي
يحضر فيه من الخبز كل ليلة ألف رطل واربعمائة رطل حلاوة سكر وفرق أمير
المؤمنين مصاحف كانت في الدار على جماعة فبعث إلي مصحفا مليح الخط كثير
الإذهاب.
وفي سلخ شوال: جلس أمير المؤمنين للرسل الذين جاءوا من همذان وغيرها
فبايعوه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4286- أبو طاهر بن البرني الواعظ
[1] .
تعلم الوعظ من شيخنا أبي الحسن الزاغوني [2] وسمع الحديث وكان يعظ.
وتوفي في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة أحمد.
4287- النفيس بن صعوة.
[3] قرأ القرآن وتفقه على الشيخ أبي الفتح ابن المنى وناظر ووعظ ثم
اختضر في شبابه فتوفي في يوم الثلاثاء تاسع شوال وصلى عليه بجامع
السلطان ودفن عند مقبرة أحمد.
4288- أبو نصر بن المستظهر، عم المستنجد وحموه
[4]
__________
[1] في ت: «الواعظ» .
[2] في الأصل: «الزعفرانيّ» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 217) .
[4] في ص: «وعموه» . انظر ترجمته في: (الكامل 10/ 32) .
(18/194)
لأن المستنجد تزوج ابنته ولم يبق من أولاد
المستظهر [1] غيره وكان يذكر عنه الخير وصلى عليه صبيحة الثلاثاء ثامن
عشرين ذي القعدة بصحن السلام وحمل إلى الترب ومعه الوزير وأرباب الدولة
إلا أنهم كانوا جلوسا.
4289- يوسف المستنجد باللَّه [أمير المؤمنين] [2] بن المقتفي لأمر الله
[3] توفي يوم الثلاثاء [4] بعد الظهر ثامن ربيع الآخر من سنة ست وستين
وخمسمائة وحضرت الصلاة يوم الأحد قبل الظهر في التاج ودفن في الدار
وبلغ من العمر ثمانيا وأربعين سنة وكانت ولايته إحدى عشرة سنة وشهرا
[5] .
4290- يحيى بن ثابت بن بندار، أبو القاسم.
[6] سمع الحديث من أبيه وغيره، وروى لنا صحيح الإسماعيلي عن أبيه عن
البرقاني عن الإسماعيلي.
وتوفي في يوم الأحد خامس ربيع الأول من هذه السنة] . [7]
__________
[1] العبارة من: «عم المستنجد.» حتى هنا ساقطة من ت. وفي المطبوعة:
«المستظر» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 218. والبداية والنهاية 12/ 264)
.
[4] في ص: «يوم السبت» .
[5] في ت: «وأربعين سنة وشهرا واحدا» . وسقط منها: «وكانت ولايته إحدى
عشرة سنة وشهرا» .
[6] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 218) .
هذه الترجمة من النسخة ت فقط.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
(18/195)
ثم دخلت سنة سبع
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[أعطي ابو منصور مدرسة السلطان محمود]
أنه في المحرم أعطى أبو منصور ابن المعلم مدرسة السلطان محمود التي كان
فيها اليزدي واستناب فيها أبا الفتح ابن الزنى وحضر جماعة من الفقهاء
فافتتح التدريس بأن قال قالت طائفة من الأصوليين بأن الله ليس بموجود
فنفر الحاضرون من هذا وذكر مسألة من الفروع خلافية للشافعي فلم يذكر
الشافعي فوصل الخبر إلى الوزير فاحضره وأمر بأن يحضر بوقة السواد وحمار
ليشهر عليه [1] [في البلد] [2] وقال: ما وجدت في العلوم إلا هذا؟ فسأل
فيه ابن المعلم فأفرج عنه.
ووصل يوم السبت ثاني عشرين المحرم: ابن أبي عصرون [رسولا] [3] يبشر بأن
الخليفة خطب له بمصر وضرب السكة باسمه وعلقت أسواق بغداد وعملت القباب
وخلع على الرسول وانكمد الروافض وكانت مصر يخطب لهم [بها] [4] إلى هذا
الأوان فكان مدة مملكة بني عبيد لها وانقطاع خطبة بني العباس إلى ان
أعيدت مائتي [سنة] [5] وثماني سنين. قال المصنف وقد صنف في هذا كتابًا
سميته النصر على مصر وعرضته على الإمام المستضيء بأمر الله أمير
المؤمنين.
وفي ربيع الأول: خرج الخادم صندل ومعه القاضي الدمشقي صحبة ابن أبي
عصرون برسالة الى نور الدين بالشام.
__________
[1] «عليه» سقطت من النسخة ت، ص.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/196)
وفي هذه الأيام: فتح قيماز بابا من داره
التي بدار الخليفة إلى السوق مما يلي دكاكين الأساكفة ونصب عليه بابا
من حديد فأنكر أبو بكر ابن العطار صاحب المخزن ذلك وحسن للخليفة التقدم
بسده فتقدم بذلك.
/ وفي يوم الجمعة منتصف جمادى الأولى: جعل للشيخ ابن المنى حلقة في 97/
ب الجامع فجلس فيها ولم يبن فيها دكة.
وفي صبيحة الثلاثاء العشرين من جمادى الأولى: أصبحت الدنيا شديدة البرد
وسقط الوفر على الناس نهارا إلى وقت الظهر إلا أنه كان خفيفا.
وفي يوم الأربعاء غرة رمضان: تكلمت في مجلسي بالحلبة فتاب على يدي نحو
من مائتي رجل وقطعت شعور مائة وعشرين منهم.
وقدم في هذه الأيام محمد الطوسي الواعظ وفي رأسه حلق مشدودة وطوق
وحواليه جماعة بسيوف فمضى إلى الوزير فأنكر عليه ذلك ومنع [1] من حمل
السلاح معه.
وفي يوم الأحد عاشر شوال: دخل نجاح الخادم على الوزير ابن رئيس الرؤساء
ومعه خط من الخليفة يذكر أنه قد استغنى عنه فأمر بطبق دواته وحل إزاره
وقيامه من مسنده ففعل ذلك وقبض على ولده أستاذ الدار وأفرج عن سعد
الشرابي وأعيد عليه ما كان أخذ منه.
وفي صبيحة الثلاثاء دار الوزير ودار ولده فأخذ منها الكثير [2] :
وفي ثاني عشر شوال استنيب صاحب المخزن ابن جعفر في الوزارة.
وفي سابع عشر شوال: وقع حريق عظيم في السوق الجديد من درب حديد إلى
قريب من عقد الجديد احترقت فيه الدكاكين من الجانبين.
وفيه: فوض إلى ابن المعلم مدارس الحنفية يرتب فيها من يشاء.
وفي سادس عشرين ذي الحجة وصلت رسل ملك البحرين وكيش بهدايا فيها ألواح
صندل وآبنوس وطيب وناب فيل.
__________
[1] «ذلك ومنع من» كتبت من نسخة الأصل في آخر الفقرة.
[2] «فأخذ منها الكثير» سقطت من ت.
(18/197)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
98/ أ
4291- عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد [1] ، أبو محمد الخشاب
[2] .
قرأ القرآن وسمع الحديث الكثير وقرأ منه ما لا يحصى وقرأ النحو واللغة
وانتهى علمها إليه ومرض في شعبان هذه السنة نحو عشرين يوما فدخلت عليه
في مرضه وقد يئس من نفسه فقال لي عند الله احتسبت نفسي.
وتوفي يوم الجمعة ثالث [3] رمضان وصلى عليه بباب جامع المنصور [4] يوم
السبت ودفن بمقبرة أحمد قريبا من بشر.
وحدثني عبد الله الحياني العبد الصالح قال رأيته في النوم بعد موته
بأيام ووجهه منير مضيء فقلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي، قلت وأدخلك
الجنة؟ قال وأدخلني الجنة إلا أنه أعرض عني قلت أعرض عنك؟ قال: نعم وعن
جماعة من العلماء تركوا العمل.
4292- محمد بن محمد بن محمد، أبو المظفر البروي
[5] .
تفقه على محمد بن يحيى وناظر ووعظ وقدم بغداد فجلس للوعظ في أول ولاية
المستضيء وأظهر مذهب الأشعري وتعصب على الحنابلة وبالغ فأخذه قيام الدم
في رمضان هذه السنة في يوم.
وتوفي ودفن في تربة أبي إسحاق الشيرازي.
4293- ناصر الخويي
[6] .
كان متصوفا مقامه بمحلة التوثة ثم انتقل فأقام بجامع المنصور وكان يمشي
في طلب الحديث حافيا.
وتوفي فصلى عليه بجامع المنصور [ودفن في التوثة] [7] .
__________
[1] «بن أحمد» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 220، 221. والبداية والنهاية 12/
269. والكامل 10/ 38) .
[3] في الأصل: «ثاني رمضان» .
[4] في الأصل: «جامع السلطان» .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 224، وفيه: «أبو حامد» . والبداية
والنهاية 12/ 269. والكامل 10/ 38) .
[6] في ت: «الجوني» وكذلك من البداية والنهاية انظر ترجمته في:
(البداية والنهاية 12/ 269) .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/198)
ثم دخلت سنة ثمان
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أني عقدت المجلس يوم عاشوراء بجامع المنصور فحضر من الجمع ما حزر بمائة
ألف.
وفي صفر: جرت حادثة عجيبة وهو أن خادما/ سلم إلى غلام له مائة وخمسين
98/ ب دينارا ومضى إلى الحمام فأخذ الغلام المال وانحدر في الحال إلى
النعمانية فلما خرج الخادم لم ير الغلام فأخذ معه غلاما تركيا من أصحاب
قيماز وانحدر فوجد الغلام فأخذه وأخذ الغلام وقيده وتركه معه في
السفينة ليصعد به إلى بغداد ثم ان الخادم نام فسأل الغلام التركي أن
يحل يديه من القيد لما يلقى من الألم فحله التركي وقام [1] فزحف وقتل
الخادم وغلاما كان معه فنهض إليه التركي فقتله ثم جاء بالمال فتسلمه
[2] أصحاب التركات.
وفي هذا الشهر: قدمت خرق البحر مع المكيين كما جرت العادة.
وفي هذه الأيام: زاد الإرجاف بمجيء العسكر من باب همذان فغلت الأسعار
وأخذ الخليفة في التجنيد وعمارة السور وجمع الغلات وعرض العسكر.
[الشروع في ختان السادة]
وفي هذه الأيام: شرع في ختان السادة وفرقت خلع كثيرة وعمل من المطاعم
ما لا
__________
[1] «وقام» سقطت من ص، ت.
[2] من الأصل: «فسلمه» .
(18/199)
يحد فذكر أنه ذبح ثلاثة آلاف دجاجة وألف
رأس من الغنم وعملت إحدى وعشرون ألف خشكنانكة من ستين كارة سميذا وشرع
في عمارة دواليب على الشط قريبا من التاج فأحكمت.
وفي ربيع الآخر: درس ابن فضلان في المدرسة التي عملها فخر الدولة ابن
المطلب عند عقد المأمونية وبنيت له دكة في جامع القصر.
وفي جمادى الأولى: جاء برد لم يسمع بمثله وكان في كانون الأول حتى جمدت
مياه الآبار واستمر ذلك إلى نصف كانون الثاني.
ومن الحوادث: أن بعض الأمراء سأل الخليفة أن يأذن لأبي الخير القزويني
في الوعظ بباب بدر ليسمعه أمير المؤمنين وأراد أن يخص بهذا دون غيره
فتكلم هناك يوم الخميس غرة رجب.
99/ أفلما كان يوم الثلاثاء سادس عشرين رجب تقدم/ لي بالجلوس هناك
وأعطيت مالا وأخذ الناس أماكن من وقت الضحى للمجلس بعد العصر وكانت ثم
دكاك فاكتريت حتى إن الرجل كان يكتري موضع نفسه بقيراطين وثلاثة وكنت
أتكلم أسبوعا والقزويني أسبوعا إلى آخر رمضان وجمعي عظيم وعنده عدد
يسير ثم شاع أن أمير المؤمنين لا يحضر إلا مجلسي.
وزادت دجلة في أوائل شعبان ثم تربى الماء فيها فلما كان الاثنين عاشر
شعبان عظمت الزيادة فأسكرت المحال ووصل الماء إلى قبر الإمام أحمد ودخل
مدرسة أبي حنيفة ودب من الحيطان إلى النظامية والى رباط أبي سعد الصوفي
وأشغل الناس بالعمل في القورج وتقدم من الديوان إلى الوعاظ بالخروج مع
العوام ليعمل الناس كلهم، ثم من الله بنقص الماء في مفتتح رمضان.
ووقع الحريق من باب درب بهروز إلى باب جامع القصر ومن الجانب الآخر من
حجرة النخاس إلى دار الخليفة وتغير ماء دجلة باصفرار وثخن الماء فبقي
على هذا مدة.
وفي شعبان: مرت ريح سوداء أظلمت الدنيا فتقدم إلي بالجلوس بباب بدر يوم
عرفة فحضر الناس من وقت الضحى وكان الحر شديدا والناس صيام.
وكان من أعجب ما جرى أن حمالا حمل على رأسه دار نوبة من قبل الظهر الى
(18/200)
وقت العصر ظلل بها من الشمس عشرة أنفس
فأعطوه خمسة قراريط واشتريت مراوح كثيرة بضعفي ثمنها وصاح رجل يومئذ قد
سرق الآن مني مائة دينار في هذه الزحمة فوقع له أمير المؤمنين بمائة
دينار.
وفي ذي الحجة: عزل نقيب النقباء ابن الا بقي وولي مكانه ابن الزوال.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4294-/ أحمد بن سالم بن أحمد، أبو العباس الشحمي
[1] 99/ ب قرأ القرآن وأقرأ وصنف كتابا في المتشابه كبيرا وسمع من
الزرقي وغيره.
وتوفي [2] في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة الفيل من باب الأزج.
4295- أبو المعالي الكتبي
[3] .
كان فاضلا يقول الشعر المليح والنثر الجيد، وله رسائل ومدائح وكان من
الذكاء على غاية وكان هو دلال بغداد في الكتب فاعترضه مرض.
فمات في صفر هذه السنة ودفن بمقبرة أحمد.
4296- أبو الفتح ابن الزني
[4] .
كان متفقها على مذهب أبي حنيفة وكان عاملا على ديوان المقاطعات.
فتوفي في غرة ذي الحجة من هذه السنة ودفن بباب أبرز وكان له امرأة
يهودية وابن أخ مسلم فكتب جميع ماله لليهودية وترك ابن أخيه المسلم
فاجتلب من الناس ذما كثيرا.
4297- يزدن [5] التركي.
كان من كبار الأمراء وتحكم في هذه الدولة وتجرد للتعصب في المذهب
فانتشر بسببه الرفض وتأذى أهل السنة فمرض أياما بقيام الدم.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في داره بباب العامة ثم نقل الى
مقابر قريش.
__________
[1] في ت: «السحمى» .
[2] في الأصل: «ودفن» .
[3] في الأصل: «الكبي» .
[4] في ت: «الدني» .
[5] في ت: «يزدان» .
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 272، وفيه: «الحسن بن ضافي بن
بزدن التركي» ) .
(18/201)
ثم دخلت سنة تسع
وستين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها.
[وقوع حريق بالظفرية]
أنه وقع حريق بالظفرية في ليلة الأربعاء ثالث المحرم فاحترقت مواضع
كثيرة وما زالت النار تعمل إلى الفجر.
وفي يوم الجمعة: جلست في جامع المنصور فحزر الجمع بمائة ألف وتكلم
يومئذ محمد الطوسي في التاجية وكان فيما قال ان ابن الملجم لم يكفر
بقتل علي 100/ أعليه السلام فهاج الناس عليه [1] / ورموه بالآجر وخرج
من المجلس والأتراك يحفظونه فلما كان في يوم مجلسه بالتاجية فرش له
فاجتمع الناس في الصحراء متأهبين لرجمه وجاءوا بقوارير النفط فلم يحضر
ومزق فرشه قطعا وتقدم إليه أن لا يجلس ولا يخرج من رباطه وما زال أهل
البلد على حنق عليه، ثم منع الوعاظ كلهم من الوعظ في يوم الاثنين حادي
عشرين المحرم ثم بعث إلى النائب في الديوان فقال قد تقدم إلى أن أتخير
ثلاثة أنت ورجل من الشافعية ورجل من الحنفية وذلك في سادس صفر فتكلمنا
ثم أطلق الوعاظ واحدا بعد واحد.
ورأينا في هذه السنة الحر في تموز وآب ما لم نره في أعمارنا وكان الحاج
حينئذ [2] في سفر الحجاز فاخبروا حين [3] قدموا أنهم كانوا يتأذون
بالبرد. وتغير الهواء
__________
[1] تكررت من الأصل العبارة: «السلام فهاج الناس عليه» .
[2] في الأصل: «يومئذ» .
[3] في ص: «لما قدموا» .
(18/202)
ببغداد بدخول أيلول فأصاب الناس نزلات
وسعال فقل أن ترى أحدا إلا وبه ذلك وإنما كان العادة أن يصيب بعض الناس
وهذا كان عاما.
وفي ربيع الأول: وقعت صاعقة [في نخلة] [1] بالجانب الغربي فاشتعلت
النخلة.
وسألني أهل الحربية أن أعقد عندهم مجلسا للوعظ ليلة فوعدتهم ليلة
الجمعة سادس عشر ربيع الأول فانقلبت بغداد وعبر أهلها عبورا زاد على
نصف شعبان زيادة كثيرة فعبرت إلى باب البصرة فدخلتها بعد المغرب
فتلقاني أهلها بالشموع الكثيرة وصحبني منها خلق عظيم فلما خرجت من باب
البصرة رأيت أهل الحربية قد أقبلوا بشموع لا يمكن إحصاؤها فأضيفت إلى
شموع أهل باب/ البصرة فحزرت بألف 100/ ب شمعة فما رأيت البرية إلا
مملوءة ضوءا وخرج أهل المحال الرجال والنساء والصبيان ينظرون وكان
الزحام في البرية كالزحام في سوق الثلاثاء فدخلت الحربية وقد امتلأ
الشارع واكتريت الرواشن من وقت الضحى فلو قيل ان الذين خرجوا يطلبون
المجلس وسعوا في الصحراء بين باب البصرة والحربية مع المجتمعين في
المجلس كانوا ثلاثمائة ألف ما أبعد القائل.
[وقوع الأمير أبي العباس ابن الخليفة من
قبة عالية]
وفي ربيع الأول: وقع الأمير أبو العباس ابن الخليفة من قبة عالية إلى
أرض التاج وأوجب ذلك وهنا في البدن وسلمه الله سبحانه.
[ختن الوزير ابن رئيس الرؤساء أولاده]
وفي هذا الشهر: ختن الوزير ابن رئيس
الرؤساء أولاده وعمل الدعوة العظيمة وأنفذ إلى أشياء كثيرة وقال
هذا نصيبك لأني علمت أنك لا تحضر في مكان يغنى فيه.
[جرت مشاجرة بين الطوسي وبين نقيب النقباء]
وفي ربيع الآخر: جرت مشاجرة بين الطوسي
وبين نقيب النقباء فقال الطوسي أنا نائب النقابة وأنا نائب الله
في ارضه فاستخف به النقيب وقال إنما نائب الله في أرضه الإمام صلوات
الله عليه فرفع ذلك فأمر بإخراجه من البلد فأخرج يوم الخميس رابع عشرين
ربيع الآخر فسئل فيه فأقام بالجانب الغربي مديدة ثم سئل فيه فدخل
الحريم ثم سئل فيه فأعيد إلى المجلس وكان المتعصب له ريحان الخادم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/203)
وفي جمادى الآخرة: اعتقل الفقيه في الديوان
أياما وكان قد سعى به أنه يرى رأي الدهرية ولا يصلي ولا يصوم وتعصب له
قوم فتركوه فأخرج.
101/ أوفي رجب: / وصل ابن الهروي رسولا من نور الدين بتحف كثيرة وفيها
ثياب من ثياب المصريين وحمار كأن جلده الثوب العتابي.
وفي يوم الأربعاء تاسع عشرين رجب: عزل ابن الشاشي من التدريس بالنظامية
وولى مكانه أبو الخير القزويني.
وورد بغداد [1] في شعبان هذه السنة بأن ابن أخي شملة التركماني ويعرف
بابن سنكا [2] قد استحدث قلعة في ولاية باذرايا بقرب من قلعة الماهكي
ليتخذها ذريعة إلى الإغارة على البلاد ونقل إليها فبعث السلطان إليه
الجيوش فالتقوا فحمل بنفسه عليهم فطحن الميمنة فتقدم قيماز العميدي إلى
الأمراء فحثهم على خوض الماء إليه [3] وكان قد فتح البثوق يحتج بها
فخاض قيماز ومعه جماعة قوائم ثم اقتتلوا وأسر ابن سنكا ثم قتل وجيء
برأسه فعلق بباب النوبي وهدمت القلعة ثم جاء رسول شملة ومعه حمل يبذل
الطاعة ويعتذر مما جرى فلم يلتفت إليه.
[زيادة دجلة]
وفي غرة رمضان: زادت دجلة زيادة كثيرة ثم تفاقم الأمر في سابع رمضان
وجاء مطر كثير في ليلة الجمعة ثامن رمضان ووقع في قرى حول الحظيرة وفي
الحظيرة برد ما رأوا مثله فهدم الدور وقتل جماعة من الناس وجملة من
المواشي وحدثني بعض الثقات أنهم وزنوا بردة فكان فيها سبعة أرطال قال
وكانت عامته كالنارنج يكسر الأغصان وساخت الدور ثم زاد الماء في يوم
الأحد عاشر رمضان فزاد على كل زيادة تقدمت منذ بنيت بذراع وكسر وخرج
الناس وضربوا الخيم على تلال الصحراء ونقلوا رحالهم إلى 10/ ب دار
الخليفة ومنهم/ من عبر وتقدم بالعوام يخرجوا بالوعاظ [4] إلى القورج
ليعملوا فيه
__________
[1] في الأصل: «وورد الخبر» .
[2] في الأصل: «بابن شكا» .
[3] «إليه» سقطت من ص، ت.
[4] في الأصل: «وتقدم بالوعظ يخرجوا بالعوام إلى» .
(18/204)
فخرجنا وقد انفتح موضع فوق القورج بقرية
يقال لها الزور تقية وجاء الماء من قبله فتداركه الناس فسدوه وبات
عليهم الجند وتولى العمل الأمير قيماز بنفسه وحده ثم انفتح يومئذ [بعد
العصر] [1] فتحة من جانب دار السلطان وساح الماء فملأ الجواد ثم سد بعد
جهد وبات الناس على اليأس يضجون بالبكاء والدعاء ثم نقص الماء نحو
ذراعين فسكن الناس وغلا السعر في تلك الأيام فبيع الشوك كل باقة بحبة
والخبز الخشكار [2] كل خمسة أرطال بقيراط ودخل نزيز الماء من الحيطان
فملأ النظامية والتتشية ومدرسة [3] أبي النجيب وقيصر وجميع الشاطئات ثم
وصل النزيز إلى رباط أبي سعد الصوفي فهدمت فيه مواضع والى درب السلسلة
ومن هذه المواضع ما وقع جميعه ومنه ما تضعضع وكثر نزيز الماء في دار
الخلافة وامتلأت السراديب فكان الخليفة يخرج من باب الفردوس إلى ناحية
الديوان فيمضي إلى الجامع، ونبع الماء من البدرية فهلكت كلها وغلقت
أبوابها ونبع في دار البساسيري ودرب الشعير من البلاليع وانهدمت دور
كثيرة حتى أنه نفذ إلى المواضع البعيدة فوقعت آدر في المأمونية وصعد
الماء إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي فوقعت دوره ودخل الماء إلى
المارستان وعلا فيه ورمى عدة شبابيك من شبابيكه الحديد، فكانت السفن
تدخل من الشبابيك إلى أرض المارستان/ ولم يبق فيه من يقوم بمصلحته إلا
المشرف على الحوائج. 102/ أفحكي أنه جمع اقطاعا من الساج فشهدها كالطوق
وترك عليها ما يحتاج من الطعام والشراب حتى الزيت والمقدحة [4] ورقي
المرضى إلى السطح وبعث بالمرورين إلى سقاية الراضي بجامع المنصور.
وامتلأت مقبرة أحمد كلها ولم يسلم منها إلا موضع قبر بشر الحافي لأنه
على نشز وكان من يرى مقبرة أحمد بعد أيام يدهش كأن القبور قد قلبت وجمع
الماء عليها [5] كالتل
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «الكشكار» .
[3] في الأصل: «ومدرسها» .
[4] في الأصل: «المقرحة» .
[5] «عليها» سقطت من ص، ت.
(18/205)
العظيم من العظام وكالتل من ألواح القبور،
وأسكرت الحربية والمشهد، ووقع أكثر سور المشهد، ونبع الماء [1] من
داخله الماء فرمى الدور والترب ووقعت آدر بالحربية من النزيز وامتلأ
الماء من دجلة إلى سور دار القز [2] وكان الناس ينزلون في السفن من
شارع دار الرقيق [3] ومن الحربية ومن الحربية ومن درب الشعير وامتلأت
مقبرة باب الشام ووقع المشهد الذي على باب النصرية ووصل الماء من
الصراة إلى باب الكرخ وكان الناس قد وطئوا التلال العالية وهلكت قرى
[كثيرة] [4] ومزارع لا تحصى.
وخرجت يوم الجمعة خامس عشرين رمضان إلى [خارج] [5] السور فإذا قد نصب
لخطيب جامع السلطان منبر في سوق الدواب يصلى بالناس هناك لامتلاء جامع
السلطان بالماء.
102/ ب وجاء يوم الخميس حادي عشرين رمضان بعد الظهر برد/ كبار ودام
زمانا كسر أشياء كثيرة وتوالت الأمطار في رمضان والرعود والبروق.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرين رمضان: جعل مسجد التوثة جامعا وأذن في صلاة
الجمعة فيه فأقيمت فيه الجمعة يومئذ ثم عاد الماء في يوم السبت ثالث
عشرين رمضان إلى الزيادة الأولى على غفلة ثم زاد عليها وجاء [يومئذ]
[6] مطر عظيم وانفتح القورج [7] والفتحة التي في أصل دار السلطان وغلب
الماء فامتلأت الصحراء وضرب إلى باب السور وضربوا الخيم على التلال
العالية كتل الزبابية وتل الجعفرية وتعد الناس ينتظرون دخول الماء إلى
البلد وعم الماء السبتي والخيزرانية وعسكر [8] أهل أبي حنيفة فجاءهم
الماء من خلف القرية [9] وجامع المهدي فوقعت فيه أذرع ونبع الماء من
دار الخليفة من
__________
[1] «الماء» سقطت من ص، ت.
[2] في الأصل: «دار العز» .
[3] في ص: «دار الدقيق» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل: «الفيوح» .
[8] في ص: «وأسكر» .
[9] في ص: «من خلف المحلة» .
(18/206)
مواضع وهدم فيها دور كثيرة وملأ السراديب
وانتقل جماعة من الخدم إلى دور في الحريم وامتلأت الصحاري وعبر خلق
كثير إلى الكرخ وتقطر السور وانفتحت فيه فتحات وكان الناس يعالجون
الفتحة فإذا سدوها انفتحت أخرى وكثر الضجيج والدعاء والابتهال إلى الله
سبحانه وتعالى وغلا الخبر وفقد الشوك وأخذ أصحاب السلطان يقاوون القورج
ويجتهدون في سده وأقاموا القنا وفي أسافله الحديد في الماء ونقلوا حطبا
زائدا عن الحد والماء يغلبهم على جميع ذلك [1] / إلى أن سده سكار [2]
حاذق في سابع شوال. 103/ أواسكر جانب السور لئلا يتمقطر وأقام الماء
خلف السور نحوا من شهر ونصب على الخندق الذي خلف السور جسر يعبر الناس
عليه من القرى إلى بغداد.
وجاءت في هذه الأيام أكلاك من الموصل فتاهت في الماء حتى بيع ما عليها
ببعقوبا بثمن طفيف وأخبر أهلها بما تهدم من المنازل بالأمطار في الموصل
وقالوا اتصلت عندنا الأمطار أربعة أشهر فهدمت نحو ألفي دار وكانوا
يهدمون الدار إذا خيف وقوعها فهدموا أكثر مما هدم المطر وكانت الدار
تقع على ساكنيها فيهلك الكل ثم زادت الفرات زيادة كثيرة وفاضت على سكر
عندها يقال له سكر قنين وجاء الماء فأهلك من القرى والمزارع الكثير ثم
جاء إلى الجانب الغربي من نهر عيسى والصراة وأسكر أهل دار القز وأهل
العتابيين [3] وباب البصرة والكرخ وباتوا مدة على التلال يحفظون المحال
وقد انبسط الماء فراسخ ومر خلف المحال فقلب في الخندق والصراة ونهر
عيسى ورمى قطعة من قنطرة باب البصرة.
ومن العجائب أن هذا الماء على هذه الصفة ودجيل قد هلكت مزارعه بالعطش
ووقع الموتان في الغنم وكان ما يؤتى به سليما يكون مطعونا حتى بيع
الحمل بقيراط ومرض الناس من أكلها ثم غلت الفواكه فبيع كل من من التفاح
بنصف دانق وكذلك الكمثرى والخوخ حتى غلا الطين الذي يؤخذ من المقالع
وبلغ الآجر كل ألف/ بثلاثة 103/ أدنانير ونصف.
__________
[1] «على جميع ذلك» سقطت من ص، ت.
[2] في الأصل: «شدة شكار» .
[3] في الأصل: «أهل العباس» .
(18/207)
وتوفي في هذه السنة محمود بن زنكي فتجدد
بعد موته اختلاف بحلب بين السنة والشيعة فقتل من الطائفتين خلق ونهب
ظاهر البلد فذهب خمسة آلاف خركاه وبيت من التركمان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4298- أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن عبيد الله، أبو عبد الله
الحسيني نقيب [النقباء] [1] العلويين، وكان يلقب: بالطاهر
[2] .
سمع الحديث الكثير وقرئ عليه وكان حسن الأخلاق جميل المعاشرة يتبرأ من
الرافضة توفي ليلة الخميس العشرين من جمادى الآخرة ودفن بداره من
الحريم [3] الطاهري مدة ثم نقل إلى مشهد الصبيان بالمدائن ولما توفي
ولي مكانه ولده.
4299- الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد العطار، أبو العلاء
الهمذاني
[4] .
سافر الكثير في طلب العلم وقرأ القرآن واللغة وقدم بغداد فأكثر من
السماع وحصل [5] الكتب الكثيرة وعاد إلى بلده همذان فاستوطنها وكان له
بها القبول والمكانة وصنف وكان حافظا متقنا مرضي الطريقة سخيا وانتهت
إليه القراءات والتحديث.
وتوفي ليلة الخميس عاشر جمادى الآخرة من هذه السنة وقد جاوز الثمانين
بأربعة أشهر وأيام.
قال المصنف: وبلغني أنه رئي في المنام في مدينة جميع جدرانها من الكتب
وحوله كتب لا تحد وهو مشتغل بمطالعتها فقيل له ما هذه الكتب؟ قال: سألت
الله ان يشغفني بما كنت اشتغل به في الدنيا فأعطاني. ورأى له شخص آخر
أن يدين
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 231. والكامل 10/ 62) .
[3] من هنا إلى آخر الترجمة ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 231، 232. والبداية والنهاية 12/
286. والكامل 10/ 62) .
[5] في الأصل: «وحصلت» .
(18/208)
خرجتا/ من [محراب] [1] مسجد فقال ما هذه
اليدان؟ فقيل هذه يدا آدم بسطها ليعانق 104/ أأبا العلاء الحافظ قال
وإذا بأبي العلاء قد اقبل قال فسلمت عليه فرد علي السلام وقال:
يا فلان رأيت ابني أحمد حين قام على قبري يلقنني أما سمعت صوتي حين صحت
على الملكين فما قدرا أن يقولا شيئا [فرجعا] [2] .
4300- رستم بن شرهيك [3] أبو القاسم الواعظ
[4] .
سمع الحديث وتعلم الوعظ من شيخنا أبي الحسن الزاغوني [5] وأقام بشارع
رزق الله وكان يعظ بجامع بهليقا.
توفي يوم الثلاثاء سادس عشرين ربيع الأول من هذه السنة عن ستين سنة
تقريبا ودفن بباب حرب [6] .
4301- ابن الأهوازي
[7] .
خازن دار الكتب بمشهد أبي حنيفة.
توفي في ربيع الأول جاء من محلته إلى البلد فاتكأ على دكة فمات وكذلك
مات أخوه وأبوهما فجاءة.
4302- محمود بن زنكي بن آقسنقر، الملقب نور الدين
[8] .
ولي الشام سنين وجاهد الثغور وانتزع من أيدي الكفار نيفا وخمسين مدينة
وحصن منها الرها وبنى مارستان في الشام أنفق عليه مالا وبنى بالموصل
جامعا غرم [9]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «شرهك» .
وفي ت: «سرهنك» .
[4] في ت: «الواعظ» .
[5] في الأصل: «الزعفرانيّ» .
[6] في ت: «ودفن بمقبرة أحمد» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 286) .
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 277: 287. والكامل 10/ 55،
56، 57) .
[9] في الأصل: «أنفق» .
(18/209)
عليه ستين ألف دينار وكان سيرته اصلح من
كثير من الولاة، والطرق في أيامه آمنة والمحامد له كثيرة وكان يتدين
بطاعة الخلافة وترك المكوس قبل موته وبعث جنودا افتتحوا مصر وكان يميل
إلى التواضع ومحبة العلماء وأهل الدين وكاتبني مرارا واحلف الأمراء على
طاعة ولده بعده وعاهد ملك الإفرنج صاحب طرابلس وقد كان في قبضته 104/ ب
أسيرا على ان يطلقه بثلاثمائة ألف دينار وخمسين ومائة حصان/ وخمسمائة
زردية ومثلها تراس افرنجية ومثلها قنطوريات وخمسمائة أسير من المسلمين
وأنه لا يعبر على بلاد الإسلام سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وأخذ
منه في قبضته على الوفاء بذلك مائة من أولاد كبراء الإفرنج وبطارقتهم
[1] فإن نكث أراق دماءهم وعزم على فتح بيت المقدس فوافته المنية في
شوال هذه السنة وكانت ولايته ثمانية وعشرين سنة وأشهرا.
4303- يحيى [2] بن نجاح المؤدب
[3] .
سمع الحديث الكثير وقرأ النحو واللغة وكان غزير الفضل يقول الشعر
الحسن.
توفي في أواخر هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «وقاله بالعهد» .
[2] بياص من ت مكان «يحيى» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 236) .
(18/210)
ثم دخلت سنة سبعين
وخمسمائة
فمن الحوادث فيها.
أنه في يوم الجمعة غرة المحرم ركب الخليفة من داره إلى الجامع فخرج من
باب الفردوس ودخل الديوان راكبا ونزل عند باب المجاز الذي ينفذ إلى
الطريق وركب من هناك ودخل المقصورة لصلاة الجمعة وسبب ذلك أن طريقه في
السراديب انسدت من زمان الغرق بالماء والتراب.
[جرت خصومات بين أهل باب البصرة وأهل الكرخ]
وجرت خصومات بين أهل باب البصرة وأهل الكرخ
قتل فيها جماعة واتصلت وأصلح بينهم من الديوان ثم عادوا إلى الخصام
فتولى الأمر سليمان بن شاووش فخافوا سطوته وكفوا.
وفي يوم الأحد ثالث المحرم: ابتدأت بإلقاء الدرس في مدرستي بدرب دينار
فذكرت يومئذ أربعة عشر درسا من فنون العلوم.
وفي سابع عشر المحرم: أخذ رجل قد خنق صبيا بسبب حليقات كانت في أذنه
ونصفية بياض وكان الرجل خياطا من الجانب الغربي وان والد الصبي كان
غائبا فلما حضر ضرب عنق هذا.
/ وفي يوم الجمعة ثاني عشرين المحرم: نصب جسر جديد أمرت بعمله جهة من
105/ أجهات المستضيء بأمر الله تلقب بنفشة وكتبت اسمها على حديدة في
سلسلة وجعل تحت الرقة مكان الجسر العتيق وحمل الجسر العتيق إلى نهر
عيسى فبقي تحت الرقة إلى أن حول في هذه الأيام نحوا من خمسين سنة فوجد
الناس له راحة عظيمة بوجود جسرين.
(18/211)
وفي يوم الأحد ثالث عشر ربيع الأول: أعيد
أبو الحسن بن أحمد الدامغاني إلى قضاء القضاة بعد أن بقي مصروفا خمس
عشرة سنة وكان قد تولى مكانه لما عزل أبو جعفر ابن الثقفي فمات [فولى
جعفر ولد ابن الثقفي قضاء القضاة فمات] [1] فولى [روح] [2] بن الحديثي
قضاء القضاة فمات وأرجف لولد ابن الحديثي بذلك فلم يمض شهر حتى مات
فأعيد ابن الدامغاني وقبض على صاحب الديوان ابن البخاري ووكل به في
المخزن ورفعت إليه أشياء ثم نقل إلى الديوان موكلا به مديدة ثم أطلق.
وفي هذه الأيام: انتدب رجل يأخذ الطرزدانات من الدكاكين ويهرب ثم وقعوا
به فأظهر ما كان يأخذ.
وكسفت الشمس وقت طلوعها يوم الثلاثاء ثامن عشرين ربيع الآخر فبقيت كذلك
إلى ضحوة عالية.
وفي ليلة السبت عاشر جمادى الأولى: وقع في البلد انزعاج شديد من وقت
العتمة ولبس العسكر [السلاح] [3] ولم يدر ما السبب ثم أصبح الناس على
ذلك الانزعاج ولم يفتح باب النوبي ولا باب العامة وزاد الانزعاج وركوب
العسكر وجعلت الظنون ترجم وكل قوم يرجفون بشيء وبقي البابان مغلوقين
طول النهار وكان يفتح بعض جانب باب النوبي فيدخل من يريدون ثم يغلق
فانكشف الأمر إلى آخر النهار وهو أن 105/ ب الأمر [4] / وقع إلى أستاذ
الدار صندل إذا كان في غد فاحضر ابن المظفر وغير ثيابه ومره بالقعود في
الديوان فبلغ هذا الخبر قيماز فغضب من ذلك وأغلق باب النوبي وباب
العامة وقال لا أقيم ببغداد حتى يخرج منها هو وأولاده وأن هذا عدوى
ومتى عاد إلى الوزارة قتلني فقيل للوزير ابن المظفر تخرج من البلد فقال
لا أفعل فلما شدد عليه وخيف من فتنة قال أنا أعلم أني إذا خرجت قتلت
فاقتلوني في بيتي فتلطفوا به وقالوا لا بد من هذا فسأل بأن يفتح الجامع
ويحضر فخر الدولة بن المطلب وشيخ الشيوخ وأن يحلف له
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وهو أن أمير المؤمنين» .
(18/212)
قيماز أنه لا يؤذيه ولا يتتبعه إذا خرج ولا
يواطئ على أذاه ففعل ذلك وأصبح باب النوبي وباب العامة مغلوقين ثم فتحا
ولم يترك أحد يدخل ويخرج إلا أن يعرف فكان العسكر تحت السلاح والمحال
تحفظ.
فلما كانت ليلة الاثنين أخرج الوزير ابن رئيس الرؤساء وأولاده راكبين
بعد العتمة إلى رباط أبي سعد الصوفي فباتوا ثم ومعهم جماعة موكلون بهم
وحرست السطوح وأغلق الباب وكان لا يفتح بالنهار إلا لمهم وأصبح الناس
قد سكنوا ودخل قيماز إلى الخليفة معتذرا مما فعل من غلق الأبواب وغير
ذلك وهو منزعج خائف فقيل أنه لم يذكر له في ذلك شيء فخرج طيب النفس
وأصر قيماز على أنه لا بد من خروج الوزير وأهله من بغداد فما زالت
الرسل تتردد في ذلك إلى ان استقر الأمر أنهم يعبرون إلى الجانب الغربي.
[انتهاء تفسير ابن الجوزي للقرآن]
وفي يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى: انتهى تفسيري للقرآن في المجلس
على المنبر فاني كنت أذكر في كل مجلس منه آيات من أول الختمة على
الترتيب إلى أن تم فسجدت على المنبر سجدة الشكر وقلت: ما عرفت/ أن
واعظا فسر القرآن كله في 106/ أمجلس الوعظ منذ نزل القرآن فالحمد للَّه
المنعم، ثم ابتدأت يومئذ في أول ختمة وأنا أفسرها على الترتيب والله
قادر على الإنعام بالإتمام والزيادة من فضله.
وفي بكرة يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى: خرج الوزير ابن
رئيس الرؤساء وأولاده من رباط أبي سعد الصوفي فعبروا على الجسر ونزلوا
بدار النقيب الطاهر بالحريم على شاطئ دجلة بالجانب الغربي واحترزوا
هنالك بالسلاح ثم أعيدوا في آخر يوم الخميس سابع جمادى الآخرة إلى
بيوتهم جاءوا على الخيل إلى تحت الرقة ونزلوا في السفن ودخلوا من باب
البشرى فخرجوا الى منازلهم.
[وفاة السامري]
وفي جمادى الآخرة: توفي السامري المحتسب وولى مكانه ابن الرطبي.
وفي أول يوم من رجب: حضر أرباب الدولة للهناء بباب الحجرة ثم انصرفوا
إلى الدار الجديدة التي عمرها المستضيء مقابلة المخزن وحضر العلماء
والمتصوفة والقراء واستدعيت مع القوم فقرءوا ختمة وأكلوا طعاما وانصرف
قاضي القضاة في جماعة من
(18/213)
الأكابر وانصرفت معه وبقي المتصوفة فباتوا
على سماع وخلعت على الكل خلع وفرق عليهم مال.
[جلوس ابن الجوزي بباب بدر بحضور أمير
المؤمنين]
وتقدم إلي بالجلوس تحت المنظرة بباب بدر فتكلمت يوم الخميس بعد العصر
خامس رجب وحضر أمير المؤمنين وأخذ الناس أماكنهم من بعد صلاة الفجر
واكتريت 106/ ب دكاكين فكان مكان كل رجل بقيراط حتى أنه اكترى دكان
لثمانية عشر بثمانية/ عشر قيراطا ثم جاء رجل فأعطاهم ست قراريط حتى جلس
معهم وكان الناس يقفون يوم مجلسي من باب بدر إلى باب العيد كأنه العيد
ينظر بعضهم إلى بعض وينتظرون قطع المجلس.
[سلمت الى ابن الجوزي المدرسة التي كانت لنظام الدين]
وفي يوم الخميس خامس عشرين شعبان: سلمت إلي المدرسة التي كانت دارا
لنظام الدين أبي نصر بن جهير وكانت قد وصلت ملكيتها الى الجهة المسماة
بنفشة [1] فجعلتها مدرسة وسلمتها إلى أبي جعفر ابن الصباغ فبقي المفتاح
معه أياما ثم استعادت منه المفتاح وسلمته إلى من غير طلب كان مني وكتب
في كتاب الوقف انها وقف على أصحاب أحمد وتقدم إلي يوم الخميس المذكور
بذكر الدرس فيها فحضر قاضي القضاة وحاجب الباب وفقهاء بغداد وخلعت علي
خلعة وخرج الدعاة بين يدي والخدم ووقف أهل بغداد من باب النوبي إلى باب
المدرسة كما يكون في العيد وأكثر وكان على باب المدرسة ألوف والزحام
على الباب فلما جلست لإلقاء الدرس عرض كتاب الوقف على قاضي القضاة وهو
حاضر مع الجماعة فقرئ عليهم وحكم به وأنفذه وذكرت بعد ذلك الدرس فألقيت
يومئذ دروس كثيرة من الأصول والفروع وكان يوما مشهودا لم ير مثله ودخل
على قلوب أهل المذهب غم عظيم [لأنهم حسدوني] [2] .
وتقدم ببناء دكة لنا في جامع القصر في آخر شعبان فانزعج لهذا جماعة من
الأكابر وقالوا ما جرت عادة للحنابلة بدكة فبنيت وجلست فيها يوم الجمعة
ثالث رمضان ودل بعض فقهاء أبي حنيفة في الإفطار بالأكل واعترضت عليه
يومئذ وازدحم العوام حتى
__________
[1] في ت: «بنفسه» .
[2] ما بين المعقوفتين من «مرآة الزمان» لسبط ابن الجوزي.
(18/214)
امتلأ صحن الجامع ولم يمكن للأكثرين وصول
إلينا/ وحفظ الناس بالرجالة خوفا من 107/ أفتنة وما زال الزحام على
حلقتنا كل جمعة وكانت ختمتنا في المدرسة ليلة سبع وعشرين فعلق فيها من
الاضواء ما لا يحصى واجتمع من الناس ألوف كثيرة فكانت ليلة مشهودة ثم
عقدت المجلس يوم الأربعاء سابع شوال تحت المدرسة فاجتمع الناس من الليل
وباتوا وحزر الجمع يومئذ بخمسين ألفا وكان يوما مشهودا.
وكان تتامش الأمير قد بعث إلى بلد الغراف من نهبهم وآذاهم حتى بلغني ان
قوما منهم قتلوا وقوما غرقوا فجاء منهم جماعة فاستغاثوا بجامع القصر في
شوال ومنعوا الخطيب وفاتت الصلاة أكثر الناس وأنكر أمير المؤمنين ما
جرى وأن تتامش وزوج أخته قيماز لم يحفلا بالإنكار وأصروا على الخلاف
وجرت بينهما وبين ابن العطار منابذات ثم بعث أمير المؤمنين مختار
الخادم فأصلح بينهم فلما كان الغد أظهرا الخلاف وأصرا عليه وضربوا
النار في دار ابن العطار.
ثم في يوم الأربعاء خامس ذي القعدة [جاءوا] [1] وطلبوه فنجا وبعث إلى
قيماز ليحضر فأبى وبارز بالعناد وكان قد حالف الأمراء على موافقته فبان
قبح المضمر فصيح في العوام للخصومة وضربت ناحية قيماز بقوارير النفط
فنقب حائطا من داره إلى درب بهروز وخرج من البلد ضاحي نهار ومعه تتامش
ابن احماه وعدد يسير من الأمراء ودخل العوام إلى دار قيماز ودور
الأمراء الذين هربوا معه فنهبوا وأخذوا أموالا زائدة عن الحد واحرقوا
من الدور مواضع كثيرة وبقي الخارجون من البلد في الذل والجوع وقصدوا
حلة ابن مزيد ثم/ خرجوا عنها فطلبوا الشام وق تفلل جمعهم وبقي معهم عدد
يسير ثم 107/ ب جعل حاجب الباب ابن الوكيل صاحب الديوان.
وفي يوم الخميس ثالث عشرين ذي القعدة: خلع على الوزير ابن رئيس الرؤساء
وأعيد إلى الوزارة وجلس في الديوان ثم خلعت عليه خلع الوزارة واحضرنا
للاستفتاء في حق قيماز وما يجب عليه من مخالفته أمير المؤمنين فكتب
الفقهاء كلهم انه مارق.
ثم جاء الخبر يوم الجمعة سابع عشرين ذي الحجة بأن قيماز توفي ودفن وأن
أكثر أصحابه مرضى فأعيد سعد الشرابي إلى شغله وسلمت خزانة الشراب اليه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/215)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
4304- حامد بن [مُحَمَّد] حامد، أبو الفضل [1] الحراني صديقنا
[2] .
قدم بغداد وتفقه وناظر وعاد إلى حران فأفتى ودرس وكان ورعا به وسوسة في
الطهارة وروى عن شيخنا عبد الوهاب.
وتوفي بحران في هذه السنة.
4305- روح بن أحمد، أبو طالب الحديثي قاضي القضاة
[3] .
توفي يوم الاثنين خامس عشر [4] المحرم ودفن يومئذ بقراح ظفر وكان ولده
عبد الملك في الحج فبلغته وفاته وهو بالكوفة فلما دخل بغداد مرض أياما
ومات وكان ينبز بالرفض.
4306- شملة التركماني
[5] .
108/ أكان قد تغلب على بلاد فارس/ واستجد بها قلاعا ينهب الأكراد
والتركمان ثم يأوي إليها وقوي على السلجوقية وكان يظهر الطاعة للإمام
مكرا منه وتم له ذلك زيادة على عشرين سنة ثم أنه نهض إلى قتال بعض
التركمان فعلموا بذلك فاستعانوا بالبهلوان فساعدهم بجنود فاقتتلوا
فأصاب شملة سهم ثم أخذ أسيرا وولده [6] وابن أخته وتوفي بعد يومين.
4307- عبد الله بن عبد الصمد
[بن عبد الرزاق، أبو محمد] [7] الدهان [السلمي] [8] .
سمع الحديث ورواه وكان شيخا صالحا ففلج قبل موته.
وتوفي يوم الجمعة ودفن بمقبرة احمد.
__________
[1] في الشذرات: «حامد بن محمود بن حامد» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 237) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 291) .
[4] في ص: «يوم الاثنين عشر المحرم» .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 237 وفيه: «سلمة» . والبداية
والنهاية 12/ 291. والكامل 10/ 71) .
[6] في الأصل: «وابنه» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
(18/216)
4308- قيماز [بن عبد الله]
[1] .
كان مملوكا للمستنجد باللَّه [وارتفع أمره وعلا كثيرا] [2] فلما ولى
المستضيء [بأمر الله] [3] بعد موت المستنجد [زاد أمره] [4] وصار مقدما
على الكل [وكانت الجنود كلها تحت أمره] [5] وانبسط كثيرا حتى أن
المستضيء أراد تولية وزير فمنع من ذلك وأغلق باب النوبي يومين [وقيل
أنه نوى نية ردية] [6] وقد أشرنا إلى حاله في حوادث هذه السنة إلى أن
خرج من بغداد [هاربا] [7] فتوفي بناحية الموصل وغسل في سقاية ووصل خبره
في ذي القعدة [8] [من هذه السنة] [9] .
4309- يحيى [10] بن جعفر، [أبو الفضل]
[11] .
كان صاحب مخزن المقتفي فأقره على ذلك المستنجد ولم يغير عليه المستضيء
ثم استنابه في الديوان إذ خلا عن وزير فتقلب في هذه الأحوال عشرين سنة.
كان يحفظ القرآن وسمع الحديث وحج حجاب كثيرة.
توفي يوم السبت تاسع عشر ربيع الأول [من هذه السنة وصلى عليه يوم الأحد
بجامع القصر] [12] ودفن عند أبيه في الحربية وخلف ولدين نجيبين [فبلغ
كل واحد منهما نحو ثلاثين سنة من العمر وتهيأ للولايات] [13] فمات
الاكبر ثم/ تبعه أخوه بعد قليل ودفنا 108/ ب عند أبيهما.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 238. والبداية والنهاية 12/ 291) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ت: «من ذي الحجة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في الأصل: «محيي بن جعفر» .
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/
238. والكامل 10/ 73) .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/217)
|