أبو حكيم الخبريّ [1] الفقيه الفرضيّ.
تفقه على: أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وبرع في الفرائض، والحساب، والعربيّة، واللّغة.
وسمع من: الحسين بن حبيب القادِسيّ، والحسين بن عليّ الجوهريّ.
وصنف الفرائض، وشرح كتاب «الحماسة» ، و «ديوان البحتريّ» ، و
«ديوان المتنبي» ، و «ديوان الشريف الرَّضيّ» . وكان متدينًا
صدوقًا.
روى عنه: ابن بنته أبو الفضل محمد بن ناصر، وأبو العزّ بن كادش.
قال السِّلَفيّ: سألت الذُّهْليّ، عن أبي حكيم فقال: كان يسمع
معَنا من الجوهريّ ومن بعده. وكان قيِّمًا بعِلم الفرائض، وله فيها
مصنَّف، وله معرفة بالآداب صالحة.
قال ابن ناصر: كان جدّي أبو حكيم يكتب المصاحف، فبينما هو يومًا
[2] قاعدًا مستندًا يكتب، وَضَع القلم واستند، وقال: والله إنّ هذا
موت مُهنّأ، موتُ طيّب. ثمّ مات [3] .
ورّخ أبو طاهر الكرجيّ موته في ذي الحِجّة [4] .
166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحسن بن
إبراهيم [5] .
__________
[ () ] الزاهرة 5/ 159، وبغية الوعاة 2/ 29 رقم 1352، وطبقات
الشافعية لابن هداية الله 172، 173، وكشف الظنون 692، 779، وشذرات
الذهب 3/ 353، وروضات الجنات 449، وهدية العارفين 1/ 452، والأعلام
4/ 187، ومعجم المؤلفين 6/ 17، 18.
[1] الخبريّ: بفتح الخاء المعجمة وسكون الباء المنقوطة بنقطة واحدة
في آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية بنواحي
شيراز من فارس. (الأنساب 5/ 39) .
[2] في الأصل: «يوم» .
[3] المنتظم 9/ 99، 100 (17/ 34) ، معجم الأدباء 12/ 47، سير أعلام
النبلاء 18/ 559، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 204، طبقات
الشافعية للإسنويّ 1/ 472، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 254،
بغية الوعاة 2/ 29.
[4] اختلف في تاريخ وفاته، فقد قال ابن نقطة في (الإستدراك) إنه
توفي سنة 496 هـ. ووردت وفاته في (المنتظم) و (البداية والنهاية) و
(النجوم الزاهرة) سنة 489 هـ. ولم يؤرّخ القفطي لوفاته.
[5] انظر عن (عبد الله بن عطاء) في: الموضوعات لابن الجوزي 2/ 150،
والضعفاء والمتروكين،
(32/166)
أبو محمد الإبراهيميّ الهَرَويّ.
أحد من عني بهذا الشأن.
وسمع: أبا عَمْر عبد الواحد المليحيّ، وجمال الإسلام أبا الحسن
الداوديّ، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام.
ورحل فسمع ببغداد من: أبي الحَسَن بن النَّقُّور، وعبد العزيز بن
السُّكَّريّ، وهذه الطبقة.
وسمع بإصبهان، ونَيْسابور.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو بكر سِبْط الخياط، وأبو بكر بن
الزّاغونيّ [1] وأبو المعالي النّحّاس، وغيرهم.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أحد من يفهم الحديث ويحفظ، صحيح
النَّقْل، حسن الفهم، سريع الكتابة، حسن التذكير [2] .
وقال هبة الله السَّقَطيّ [3] : كان يصحف في الأسماء والمُتُون،
ويُصرّ على غَلَطه، وكان متهافتًا، تظهر على لسانه الأباطيل،
ويركِّبُ الأسانيد، فمن ذلك ما ثنا قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الدِّينَوَرِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
شَنْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ
الأصْبَهَانِيُّ، نَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ وَكِيعٍ،
ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن هشام بن عروة،
__________
[ () ] له 2/ 132 رقم 3072، والمنتظم 9/ 9 رقم 7 (16/ 231، 232 رقم
3529) ، والمنتخب من السياق 290 رقم 958، وسؤالات الحافظ السلفي
لخميس الحوزي 118، 119 رقم 114، والتقييد 324 رقم 387، والعبر 3/
284، وميزان الاعتدال 2/ 462 رقم 4453، والمغني في الضعفاء 1/ 347
رقم 3267، ومرآة الجنان 3/ 119 وفيه: «عبد الله بن العطار» ، 1304،
وشذرات الذهب 3/ 352، 353، والمنهج الأحمد، الورقة 200 (للعليمي) .
[1] هكذا في الأصل. وفي (ذيل طبقات الحنابلة) : «الزعفرانيّ» .
[2] ذيل طبقات الحنابلة/ 45.
[3] قال الذهبي: لكن السقطي تالف. وترجمه في (الميزان 4/ 292 رقم
9204) وقال إن ابن السمعاني قال: ادّعى السماع من شيوخ لم يرهم.
وقال ابن ناصر: ليس بثقة ظهر كذبه سنة 476.
وقال سبط ابن العجمي: وكان الذهبي يشير بقوله: «وكذبه هبة الله
السقطي» ، إلى أنّ كلامه ليس بقادح فيه، لأنه ليس بعدل في نفسه.
(الكشف الحثيث 238) .
(32/167)
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ:
«أَدُّوا الزَّكَاةَ وَتَحَرَّوْا بِهَا أَهْلَ الْعِلْمِ،
فَإِنَّهُ أَبَرُّ وَأَتْقَى» [1] .
قال السّمعانيّ: محمد بن موسى، وشيخه، مجهولان، وهو موضوع لا شكّ
فيه [2] .
تُوُفّي الإبراهيميّ راجعًا من الحجّ بقرب العراق سامحه الله.
وروى عنه وجيه الشّحاميّ.
__________
[1] الموضوعات لابن الجوزي 2/ 150، ذكره في باب: تحري العلماء
بالزكاة وقال عقبه: وقد ذكره عبد الله بن المبارك السقطي، فاتهم به
عبد الله بن عطاء وقال: كان يركّب الأسانيد على متون. وربّما كانت
موضوعة فيها هذا الحديث. ثم تعقب السقطي، ورجال الإسناد كلّهم
مجاهيل لجماعة فيه معروفين، ثم قال: والمتن موضوع بلا شك.
[2] قال الحافظ ابن حجر: «الحسن بن محمود مجهول لا يعرف، أتى بخبر
موضوع، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي
الله عنها، مرفوعا: «أدّوا الزكاة وتحرّوا بها أهل العلم فإنّهم
أبر وأتقى» . رواه الحافظ أبو محمد عبد الله بن عطاء الإبراهيمي،
ثنا عبد الرحمن بن محمد العبديّ، ثنا الحسين بن محمد بن عنبة
بالنون والباء الموحدة، ثنا عبد الله بن محمد بن شنبة، ثنا أبو
جعفر محمد بن موسى بن زياد الأصبهاني، ثنا الحسن بن محمود بهذا،
قال هبة الله السقطي: كان الإبراهيمي يركب الأسانيد على متون،
وربّما كانت موضوعة، وساق له هذا الحديث، ثم قال: وهذا الحديث منكر
المتن والإسناد، فإنه لا يعرف ابن عنبة، ولا ابن شنبة. ورجال
الإسناد كلهم مجاهيل، والإسناد مركب إلى سفيان بن وكيع. وأما المتن
فلا يعرف، وإنما وضعه الإبراهيمي مستطعما للعوام. قال أبو سعد ابن
السمعاني: أما قوله إن رجال الإسناد كلهم مجاهيل، فليس كذلك، بل
أكثرهم معروفون، فإن شيخ الإبراهيمي هو أبو القاسم بن مندة، وشيخه
هو الحسين بن عبد الله بن فنجويه حافظ كبير مصنف، ولعل عنبة في
نسبة، وابن شنبة شيخ لابن فنجويه، أكثر عنه في تصانيفه، وأما محمد
بن موسى، والحسن بن محمود فمجهولان، والمتن باطل. (لسان الميزان 2/
255، 256 رقم 1062) .
وقال ابن رجب في ابن عطاء الإبراهيمي: أحد الحفّاظ المشهورين
الرّحالين.. كتب بخطّه الكثير، وخرّج التخاريج للشيوخ، وحدّث.
ووثّقه طائفة من حفاظ وقته في الحديث، منهم:
المؤتمن الساجي.
وقال شهردار (شيرويه) الديلميّ عنه: كان صدوقا حافظا، متقنا،
واعظا، حسن التذكير. وقد تكلّم فيه هبة الله السقطي، والسقطي مجروح
لا يقبل قوله فيه مقابلة هؤلاء الحفّاظ. وقد رد كلامه فيه ابن
السمعاني، وابن الجوزي، وغيرهما.
وخرّج الإبراهيمي شيوخ الإمام أحمد وتراجمهم. (ذيل طبقات الحنابلة
1/ 44، 45) .
وقال المؤتمن الساجي: كان ثقة، وما رأيت أهل بلده راضين عنه. (لسان
الميزان 3/ 316) .
(32/168)
وقال خميس الحَوْزيّ: [1] رأيته ببغداد
ملتحقًا [2] بأصحابنا، متخصّصًا بالحنابلة، يُخرِّج لهم أحاديث
الصِّفات، وأضْدادُه يقولون: هو يضعها، وما علِمتُ ذلك فيه [3] .
167- عبد الله بن علي بن بحر [4] .
أبو بكر.
توفي ببوسنج في رجب.
168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بن عيسى بن
زياد [5] .
أبو عيسى الأصبهاني التّانيّ [6] ، الأديب.
كان يشبه الصّدر الأوّل.
عنده «جزء لُوَيْن» ، و «غريب القرآن» للقُتبيّ.
مات في شعبان سنة ستٍّ.
وُجِد سماعُه في آخر عُمره.
روى عنه: مسعود الثقفيّ، وغيره.
169- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي عاصم [7] .
أبو عطاء الهَرَويّ الجوهريّ.
روى عن: محمد بن محمد بن جعفر المالينيّ، وأبي منصور محمد بن محمد
الأزْديّ، وأبي حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب، وجماعة.
روى عنه: أبو الوقت السِّجْزيّ، ووجيه، وعبد الجليل بن أبي سعد
الهرويّ.
توفي في شعبان.
__________
[1] في سؤالات السلفي له 118.
[2] في السؤالات: «ملتحفا» بالفاء.
[3] زاد السلفي: «وكان يعرف» . (السؤالات 119) .
[4] لم أقف على مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] تقدم التعريف بهذه النسبة في ترجمته (محمد بن عَمْر بن محمد بن
تانَة) برقم (152) .
[7] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 18/ 494،
495 رقم 257.
(32/169)
قال السّمعانيّ: كان شيخًا ثقه، صدوقًا.
تفرد عن أبي مُعاذ الشّاة، والمالينيّ.
سمع منه جماعة كثيرة.
وُلِد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. حَدَّثَنَا عنه أحمد
بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك.
170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن
عُبَيْد الله بن المهتدي باللَّه [1] .
أبو أحمد الهاشميّ، أخو الحَسَن.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران.
سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذُّهْليّ.
قال إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ: سألته عن مولده فقال: سنة أربع
وأربعمائة.
مات في جُمَادَى الأولى سنة 76.
171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جبلة [2] .
الفقيه أبو الفتح الخزاز [3] البغداديّ ثمّ الحرانيّ، الحنبليّ.
مفتي حَران عالمها.
تفقه على القاضي أبي يَعْلَى ولازمه، وكتبَ عنه تصانيفه.
وسمع من: أبي بكر البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ
الحَسَن بن شهاب العُكْبريّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن أحمد) في: طبقات الحنابلة 2/ 245 رقم
679، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) ج 1/ الورقة 88 ب، والكامل في
التاريخ 10/ 129، 130، وفيه: «ابن حلبة» ، والعبر 3/ 283، 284،
والمشتبه في الرجال 1/ 167، وسير أعلام النبلاء 18/ 560، 561، رقم
289، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 42- 44 رقم 20، وتبصير المنتبه 1/ 258
و 333 وقد تصحّفت هنا «جلبة» إلى: «حلية» بالحاء المهملة والياء
المثناة، و 1/ 343، وشذرات الذهب 3/ 352.
[3] في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 42 «الجزار» وهو تصحيف.
(32/170)
سمع منه: هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ
الرُّمَيْليّ [1] ، والرّحّالة بحران.
وقُتِل شهيدًا مظلومًا.
قال أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى [2] : ولي أبو الفتح بن تجلبة قضاء
حرّان من قبل الوالد، وكتب له سجِلًا، وكان ناشرًا للمذهب، داعيا
له في تلك الدّيار.
وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها.
قُتِل رحمه الله على يد ابن قُريش العُقَيْليّ في سنة ستٍّ وسبعين
[3] ، عند اضطّراب أهل حرّان على ابن قُريش، لما أظهر سبَّ السلف
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم [4] .
قلتُ: جاء في حديث ماكِسِين [5] من «أربعين السِّلَفيّ» . وقال
السِّلَفيّ: أنا أحمد بن محمد بن حامد الحرّانيّ قاضي ماكسين، أنبا
عبد الوهّاب، فذكر حديثًا [6] .
172- عتيق [7] .
أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكْريّ [8] .
كان من غُلاة الأشاعرة ودُعاتهم. هاجر إلى باب نظام المُلْك، فنفق
عليه،
__________
[1] وقع في (شذرات الذهب 3/ 352) : «الدميلي» بالدال، وهو خطأ.
[2] في طبقات الحنابلة 2/ 245.
[3] وقع في (تبصير المنتبه 1/ 334) أنه قتل سنة 496 وهذا خطأ.
[4] انظر: الكامل في التاريخ 10/ 129، 130، وذيل طبقات الحنابلة 1/
43.
[5] ماكسين: بكسر الكاف. بلد بالخابور قريب من رحبة مالك بن طوق من
ديار ربيعة. (معجم البلدان) .
[6] قال عبد الوهاب بن أحمد بن جلبة: حدّثنا أبو الحسين محمد بن
عبد الله الدقاق، حدّثنا الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد الله
بن محمد بن عبيد القرشي، حدّثنا محمد بن بشير، حدّثنا عبد الرحمن
بن جرير، حدّثنا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم:
«من اتقى الله تعالى كل لسانه ولم يشف غيظه» . (ذيل طبقات الحنابلة
1/ 43) .
[7] انظر عن (عتيق) في: المنتظم 9/ 3، 4 (في حوادث سنة 475 هـ.)
(16/ 224، 225) ، والكامل في التاريخ 10/ 124، 125، والعبر 3/ 284،
285، وسير أعلام النبلاء 18/ 561، 562 رقم 290، ومرآة الجنان 3/
119، 120، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 185- 187 رقم 407،
وشذرات الذهب 3/ 353.
[8] قال ابن النجار: «عتيق بن عبد الله البكري، أبو بكر الواعظ، من
ولد محمد بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، من أهل المغرب، كان
مليح الوعظ، فاضلا، عارفا بالكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري» .
(ذيل تاريخ بغداد 2/ 185) .
(32/171)
وكتبَ له كتابًا بأنْ يجلس بجوامع بغداد.
فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يُلْطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت
الفِتَن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع
المنصور، قال نقيب النُّقَباء: اصبروا لي حتّى أنقل أهلي من هذه
الناحية، لأني أعلم أنّه لا بدّ مِن قتْلٍ ونهبٍ يكون.
ثمّ إنّ أبواب الجامع أُغْلِقت سوى باب واحد، فصعِد البكريّ على
المِنبر، والأتراك بالقسِيّ والنشّاب حوله، كأنّه حرْب.
فنعوذ باللَّه من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
ولقبوه بعَلم السُّنّة وأعطوه ذَهَبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه
قومٌ من الحنابلة، فكُبست دُورُ بني القاضي أبي يَعْلَى، وأُخِذَت
كُتُبُهم، ووُجد فيها كتاب «الصفات» . فكان يقرأ بين يدي البكْريّ
وهو على منبر الواعظ، وهو يُشنّع عليهم.
وكان عميد بغداد أبو الفتح بن أبي اللَّيْث، فخرج البكْريّ إلى
المُعَسْكر شاكيا منه، فلمّا عاد مرض ومات.
ولمّا تكلم بجامع المنصور رَفَع من الإمام أحمد وقال: وَما كَفَرَ
سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا 2: 102 [1] فجاءته
حصاة، وأخرى، فأحسن بذلك النّقيب، فكشف عن الأمر، فكانوا ناسًا من
الهاشميّين من أصحاب أحمد اختفوا في السُّقُوف، فأخذهم فعاقبهم.
مات في جُمَادَى الأولى [2] . ذكره ابن النّجّار [3] .
173- عليّ بن أحمد بن عبد الله [4] .
الأستاذ أبو الحَسَن الطّبريّ.
تُوُفّي في شهر ربيع الآخر.
174- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن الحسن بن
عليّ بن
__________
[1] سورة البقرة، الآية 102.
[2] انظر: المنتظم 9/ 3، 4 (16/ 224، 225) ، والكامل في التاريخ
10/ 124، 125.
[3] في ذيل تاريخ بغداد 2/ 185، 186.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(32/172)
مُحَمَّد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طالب [1] .
الحسنيّ أبو طالب الهَمَذانيّ.
قال شيرويه: وحيد زمانه في الفضل والخُلُق، وطراز البلد.
روى عن: جدّه لأمّه أبي طاهر الحسين بن عليّ بن سَلَمة، وأبي منصور
القُومسانيّ، وعبد الله بن حسّان، ورافع بن محمد القاضي، وأبي بكر
عبد الله بن أحمد بن بَيْهَس.
ورحل فسمع بَنْيسابور من: أبي سعْد الفضل بن عبد الرحمن بن حمدان
النّضروبي [2] ، وأبي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر
الفارسيّ.
وسمع بإصبهان من أبي ريذة [3] ، وعبد الكريم بن عبد الواحد
الحَسْنَابَاذيّ [4] ، وأحمد بن محمد بن النُّعْمان، وعامة أصحاب
ابن المقرئ.
وسمع بالدّينَور من: أبي نصر أحمد بن الحسين بن بوّان الكسّار،
وعامّة مشايخ زمانه.
سمعتُ منه واستمليتُ عليه. وكان صدوقًا، حسن الخُلُق، خفيف
الرُّوح، كريم الطبْع، ملجأ أصحاب الحديث، أديبًا، فاضلًا، من
أدباء وقته.
وُلِد سنة إحدى وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ودُفن في
داره.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] النّضروبي: بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وضم الراء وفي
آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نضرويه،
وهو اسم بعض أجداد المنتسب إليه، (الأنساب 12/ 105) .
[3] في الأصل بدال مهملة. وهو بكسر الراء وسكون الياء المنقوطة من
تحتها باثنتين، وذال معجمة.
[4] في الأصل: «الحسيناباذي» وهو غلط، والصحيح ما أثبتناه.
«الحسناباذي: بفتح الحاء المهملة وسكون السين، وبعدهما النون
المفتوحة والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين، وفي آخرها الذال
المعجمة. هذه النسبة إلى حسناباذ وهي قرية من قرى أصبهان. (الأنساب
4/ 138) وكذا قال في (اللباب) .
أما ياقوت فقال بفتحتين ونون. (معجم البلدان 2/ 259) .
(32/173)
175- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد [1] .
أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ.
التّاجر الحنفيّ الفقيه.
شيخ ثقة.
سمع الكثير من أصحاب الأصمّ.
وتُوُفّي في عاشر رجب، وله خمس وثمانون سنة [2] .
176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب [3] .
أبو حفص الأصبحيّ السرقسطيّ. نزيل طُلَيْطُلة.
روى عن: عليّ بن موسى بن حزب الله، ويحيى بن محارب، وأبي عَمْرو
الدّانيّ، وخَلَف بن هشام العَبْدريِ القاضي.
وكان فاضلًا ثقة.
عمَّر وأسنّ. قاله ابن بَشْكُوال.
177- عَمْر بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب [4] .
أَبُو حفص البَلَنْسيّ.
روى عن: أبي عَمْر الطَّلَمنْكيّ.
وسمع من أبي عبد الله بن الحذّاء «صحيح مسلم» .
وكان صاحب أحكام بَلنْسِيَة.
روى عنه: حفيده أبو الحَسَن محمد بن واجب بن عمر، وأبو عليّ بن
سكرة
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 384، 385 رقم
1296، والجواهر المضيّة 2/ 575 رقم 979، والطبقات السنية، رقم
1561.
[2] وكان مولده سنة 391 هـ. (المنتخب) .
[3] انظر عن (عمر بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 402، 403 رقم
866.
[4] انظر عن (عمر بن واجب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 403 رقم 867
وفيه: «عمر بن محمد بن واجب» .
(32/174)
- حرف الفاء-
178- فَرَج [1] .
مولى سيّد بن أحمد الغافقيّ الكُتُبيّ.
أبو سعيد الطُّلَيْطُليّ.
حجّ وسمع: أبا ذر الهَرَويّ.
وكان صالحًا ثقة.
روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الله المعدل، وغيرُه
- حرف الميم-
179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر بن شَبُوَيْه [2] .
أبو نصر الأصبهاني التاجر.
سمع بَنْيسابور من: أَبِي بَكْر الحِيريّ، وأبي سَعِيد
الصَّيْرَفيّ.
روى عنه: الرُّسْتُميّ، ومسعود الثقفيّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسماعيل [3] .
أبو طاهر بن أبي الصَّقْر [4] اللّخْميّ الأنباريّ، الخطيب.
له مشيخة في جزءين، سمعناها.
وله رحلة إلى الشّام، والحجاز، ومصر.
وسمع: عبد الرحمن بن أبي نصر التّميميّ، وأبا نصر بن الحِبّان،
وأبا عبد الله بن نظيف، ومحمد بن الحُسَين الصَّنْعانيّ، وإسماعيل
بن عَمْرو الحدّاد المصريّ، وعبد الوهّاب المُرّيّ، وأبا العلاء بن
سُليمان المَعَري، وأبا محمد
__________
[1] انظر عن (فرج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 462 رقم 988.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد اللخمي) في: المنتظم 9/ 9 رقم 8 (16/
232 رقم 3530) ، والإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير أعلام النبلاء
18/ 578، 579 رقم 299، والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1509،
والعبر 3/ 285، والوافي بالوفيات 2/ 86، والبداية والنهاية 12/
125، والنجوم الزاهرة 5/ 118، وشذرات الذهب 3/ 354.
[4] في المنتظم (بطبعتيه) : «ابن أبي السقر» .
(32/175)
الجوهريّ، وصلة بن المؤمل المصريّ.
وكان دخوله إلى مصر سنة ثلاثٍ وعشرين.
وأكبر شيوخه ابن أبي نصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرزّاق بن الفُضَيل،
وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، وأبو الفتح محمد بن أحمد
الأبياريّ الخلّال، وعبد الوهاب الأنماطيّ، والحافظ ابن ناصر،
وموهوب بن أحمد بن الْجَوَالِيقيّ.
وآخر من روى عنه أبو بكر بن الزَّعْفرانيّ.
ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
قال السّمعانيّ: سمعتُ خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن أبي
الصَّقْر صوامًا قوامًا [1] . سأله بعض النّاس: كم مسموعات الشّيخ؟
قال: وقر جمل [2] ، سوى ما شذّ عنّي.
قال خليفة: وكان قد أصيب ببعضها.
وقال السّمعانيّ: سمعتُ خطيب الأنبار أبا الفتح بن الخلّال يقول:
خرج شيخنا ابن أبي الصَّقْر إلى الرحلة قبل سنة ثمان عشر
وأربعمائة.
وله شِعر، فمنه:
حبيبٌ خُصَّ بالكَرَم ... إمام الحُسَن في الأُممِ
بوجه نور جوهره ... يريك البدرَ في الظُّلَمِ.
مُهَذَّبةٌ خلائقُهُ ... شُمًّا بالأصل والشِّيمِ
حلفتُ على الوِدادِ لهُ ... بربّ البيتِ والحَرمِ
لأنتَ أعزّ مِن بَصَري ... عليَّ وكلّ ذِي رحِمِ [3]
فقال: لك الوفاء بِذا ... ولو لم تأت بالقسم
[4]
__________
[1] المنتظم.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 579.
[3] في الأصل: «داحم» .
[4] وأنشد لابن الرومي البيتين:
يا دهر صافيت اللئام مواليا ... أبدا وعاديت الأكارم عامدا
(32/176)
توفي في رحمه الله بالأنبار فِي جُمَادَى
الآخرة.
181- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَرْدة [1] .
أبو عبد الله العُكْبريّ التّاجر.
كان رأس ماله نحو مائتي درهم يتَّجر بها من عُكْبرا إلى بغداد،
فاتسعت عليه الدنيا، إلى أن ملك ثلاثمائة ألف دينار. وصاهَرَ أبا
منصور بن يوسف على بنته، وبنى [2] دارًا عظيمة في غاية الكِبَر
والحُسن [3] ، واتخذ لها بابين، وعلى كلّ باب مسجدًا [4] .
ولمّا دخل البساسيريُّ بغداد بذل لقُرَيش بن بدران عشرة آلاف دينار
حتّى حمى داره، واختفت عنده زوجة السّلطان طُغرُلْبَك فلمّا قدِم
طُغْرُلْبَك بغداد جاء إلى داره متشكرًا.
وله بِر معروف، وأوقاف، وآثار جميلة.
روى شعرًا عن الوزير أبي القاسم المغربيّ.
وروى عنه: أبو العزّ بن كادش، وغيره.
ومات في عاشر ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة. وكان سِبْط الخيّاط
إمام مسجده الكبير [5] .
182- محمد بن أحمد بن علّان [6] .
أبو الفرج الكرجيّ [7] ، ثمّ الكوفيّ.
__________
[ () ]
فغدرت كالميزان ترفع ناقصا ... أبدا وتخفض لا محالة زائدا
(النجوم الزاهرة 5/ 118) .
[1] انظر عن (محمد بن أحمد العكبريّ) في: المنتظم 9/ 9، 10 رقم 9
(16/ 232، 233 رقم 3531) ، والبداية والنهاية 12/ 125، 126 وفيه:
«جرادة» .
[2] في الأصل: «وبنا» .
[3] قيل: وكانت تشتمل على ثلاثين دارا وعلى بستان وحمام. (المنتظم)
.
[4] قيل: إذا أذن في أحدهما لم يسمع الآخر. (المنتظم) .
[5] وكان لا يخرج عن حال التجار في ملبسه ومأكله. وهو الّذي بني
المسجد المعروف به بنهر معلى، وقد ختم فيه القرآن ألوف. (المنتظم)
.
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن علان) في: الأنساب 12/ 324 (مادة
الهرواني) وفيه:
«محمد بن محمد بن علّان الخازن» .
[7] تقدّم التعريف بهذه النسبة.
(32/177)
ثقة، مُسْند، مشهور.
روى عن: أبي الحَسَن بن النّجّار، وأبي عبد الله الهروانيّ [1] .
كتب عنه: أبو الغنائم النرسي [2] ، وغيره.
وآخر من بقي من أصحابه أبو الحسن بن غبرة [3] الذي أجاز لكريمة.
قال النرسي: كان ثقة، من عدول الحاكم.
توفي في شعبان.
183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم [4] بن المنثور [5] .
أبو الحسن الجهني الكوفي.
من الرؤساء لكنه سيّئ المعتقد، شيعي.
وهو آخر من حدَّث عن محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ.
تُوُفّي في شعبان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ، وعَمْر بن إبراهيم
الحُسَيْنيّ، ومحمد بن طُرْخان.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
184- محمد بن الحسين [6] .
أبو بكر البغداديّ البنّاء. ويعرف بأخي فُبَيْدة، بالضّمّ
وبموحّدة.
سمع: البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان.
__________
[1] هو مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْجُعْفيّ
القاضي الكوفي المعروف بابن الهرواني. توفي سنة 402 هـ.
و «الهروانيّ» : بفتح الهاء والراء والواو وفي آخرها النون.
(الأنساب 12/ 324) .
[2] هو: محمد بن علي بن ميمون النرسي الكوفي- توفي سنة 507 هـ.
و «النّرسي» : بفتح النون وسكون الراء، وكسر السين المهملة، هذه
النسبة إلى النّرس، وهو نهر من أنهار الكوفة، عليه عدّة من القرى.
(الأنساب 12/ 69) .
[3] غبرة: بالتحريك والغين والمعجمة والباء الموحدة بنقطة من
تحتها. وهو: محمد بن محمد بن غبرة الحارثي الكوفي. (المشتبه في
الرجال 2/ 482) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن) في: لسان الميزان 6/ 136 رقم 454.
[5] في الأصل: «المنثور» ، والتصحيح من لسان الميزان.
[6] انظر عن (محمد بن الحسين) في: المشتبه في الرجال 2/ 536.
(32/178)
وعنه: إسماعيل، وعبد الله ابنا
السَّمَرْقَنديّ.
وكان مقرئًا خيرًا، مات في شهر رجب.
ذكره ابن نقطة.
185- محمد بن شُرَيْح بن أحمد بن محمد بن شُرَيْح [1] .
أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ الإشبيليّ المقرئ، مصنِّف كتاب «الكافي»
، وكتاب «التّذكير» [2] وخطيب إشبيلية.
كان من جِلَّة المقربين في زمانه بالأندلس.
رحل وحجّ، وسمع من أبي ذر الهَرَويّ، وأجاز له مكّيّ القَيْسيّ.
وسمع بمصر من: أبي العبّاس بن نفيس، وأبي القاسم الكحّال،
وبإشبيلية من: عثمان بن أحمد القيشطاليّ [3] .
وقرأ بالروايات بمكّة على القنطريّ، وبمصر على ابن نفيس [4] .
روى عنه: ابنه الخطيب أبو الحَسَن شُرَيْح، وقال: تُوُفّي عصر يوم
الجمعة الرابع من شوّال، وله 84 عامًا إلّا 55 يومًا [5] .
186- محمد بن طلحة بن محمد [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن شريح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 553 رقم
1212، وفهرست ابن خير الإشبيلي 32، 35، 38، 39، 42، 426، وبغية
الملتمس 81، والإعلام بوفيات الأعلام 196، ومعرفة القراء الكبار 1/
434، 435 رقم 370، وسير أعلام النبلاء 18/ 554، 555 رقم 284،
والعبر 3/ 285، ومرآة الجنان 3/ 120، والوفيات لابن قنفذ 256، 257،
وغاية النهاية 2/ 153، وكشف الظنون 1379، وشذرات الذهب 3/ 354،
وإيضاح المكنون 1/ 221، وهدية العارفين 2/ 74، ومعجم المؤلفين 10/
66.
[2] في الصلة: «التذكرة» .
[3] هكذا في الأصل، وفي الصلة 2/ 404 «القيشطيالي» ، وفي غاية
النهاية «القسطالي» ، وفي سير أعلام النبلاء 18/ 554 «القيجطالي» ،
والمثبت هو الصحيح.
[4] وكان رأسا في القراءات، بصيرا بالنحو والصرف، فقيها كبير
القدر، حجة، ثقة. (الصلة 2/ 553) .
[5] في غاية النهاية 2/ 153، ولد سنة 388 هـ.
[6] انظر عن (محمد بن طلحة) في: المنتخب من السياق 63 رقم 123،
وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 133، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 22/ 249 رقم 307.
(32/179)
أبو مسعد [1] الْجُنَابَذِيّ [2]
النَّيْسابوريّ التّاجر.
سمع من أصحاب الأصمّ.
وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطُّبَيْز.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وقال: كان صالحًا ثقة كثير البِر
[3] .
وروى عنه بالإجازة وجيه الشحاميّ [4] .
187- محمد بن عليّ بن أحمد بن الحسين [5] .
أبو الفضل السّهلكيّ [6] البسطاميّ [7] الفقيه.
__________
[1] هكذا في الأصل. وفي المنتخب: «أبو سعد» ، وفي تاريخ دمشق،
ومختصره: «أبو سعيد» .
[2] الجنابذيّ: بضم الجيم وفتح النون وفتح الباء المنقوطة بواحدة
بعد الألف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى كونابذ ويقال
لها بالعربية جنابذ، وهي قرية بنواحي نيسابور.
(الأنساب 3/ 306) .
[3] عبارته في (المنتخب) : «ثقة، معتمد، منفق على الصالحين، سمع
أصحاب الأصم بنيسابور، وسمع ببغداد ودمشق» .
[4] وكان مولده سنة 402 هـ.
[5] انظر عن (محمد بن علي) في: الإكمال 7/ 45، والمنتخب من السياق
68 رقم 142، والأنساب 2/ 214.
[6] لم ترد هذه النسبة في (الأنساب) .
[7] البسطاميّ: بالباء المفتوحة المنقوطة بواحدة، وسكون السين
المهملة وفتح الطاء المهملة. هذه النسبة إلى بسطام وهي بلدة بقومس
مشهورة. (الأنساب 2/ 213) .
أما ابن ماكولا فقال: أوله باء معجمة بواحدة مكسورة. (الإكمال 7/
144) .
وفي (معجم البلدان) اسم البلدة: بسطام بالكسر، وكذا في (اللباب)
وجزم ابن الأثير بأنّ الصواب بالكسر مطلقا سواء أكان نسبه إلى
البلد أو إلى الجد.
وقيد المؤلف الذهبي- رحمه الله- والد صاحب الترجمة «على بن أحمد بن
بسطام البسطامي» بالكسر، وقال: نسبة إلى الجد، (المشتبه في الرجال
1/ 75) .
وقال ابن ناصر الدين الدمشقيّ: «وهذه التفرقة بين الترجمتين: من
كان منسوبا إلى البلد فبالفتح، ومن كان منسوبا إلى الجد، فبالكسر،
فرقها ابن السمعاني، وتبعه- والله أعلم- أبو العلاء الفرضيّ، ومنه
أخذ المصنف: فقال أبو الحسن علي بن الأثير في كتابه «مختصر أنساب
ابن السمعاني» : فيا ليت شعري أي فرق بين الاسمين حتى يجعل أحدهما
مفتوحا والآخر مكسورا، إنما الجميع مكسورا، لأنه اسم أعجميّ عرب
بكسر الباء.
ولهذا لم يذكره الأمير في «الإكمال» ، ولا استدركه ابن نقطة عليه،
لأن النسبتين واحدة. والله أعلم» . توضيح المشتبه 1/ 508) .
«أقول» : بلى ذكره الأمير ابن ماكولا في باب: القسطاني والبسطامي ج
7/ 145 فقال: «وقد لحقنا ببسطام الشيخ أبا الفضل محمد بن علي بن
أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي
(32/180)
شيخ الصُّوفيّة. له الأصحاب والتصانيف في
الطّريق.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
وحدَّث بَنْيسابور.
وقيل: تُوُفّي سنة 77 [1] فاللَّه أعلم
- حرف الياء-
188- يوسف بن سُليمان بن عيسى [2] .
أبو الحَجَّاج الأندلسيّ النّحويّ المعروف بالأعلم.
من أهل شنت مريّة [3] .
رحل إلى قُرْطُبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم
بن محمد الإفْلِيليّ [4] فلازمه.
__________
[ () ] البسطامي، وكان أوحد وقته تفننا في العلوم، وله تصانيف
كثيرة. سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن منصور، وأبا عبد الله
محمد بن عبد الله الشيرازي، وأبا علي عبد الله بن إبراهيم الواعظ،
وأبا القاسم الحسين بن محمد الصوفي، وبهرام بن أبي الفضل بن شاه
المروزي، وأبا سهل محمد بن أحمد بن عبد الله الأستراباذي، وأبا عبد
الله محمد بن علي محمد بن علي الداستاني، وكان يسمّيه شيخ المشايخ.
وسمع الحيريّ وغيره من أصحاب الحديث، ورحل. وسمع الكثير وكان إمام
أهل التصوف في وقته» .
[1] أرخه بها عبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب 68) ، وقال ابن
السمعاني: توفي في جمادى الآخرة سنة ست وسبعين وأربعمائة عن سبع
وتسعين سنة. وكانت ولادته تقديرا سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
(الأنساب 2/ 214) .
[2] انظر عن (يوسف بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 681 رقم
1506 (هكذا في الطبعة الأوروبية) ، أما في الطبعة المصرية: «يوسف
بن عيسى بن سليمان» ، وفهرسة ابن خير الإشبيلي 472، 475، 489، 506،
508، 513، 522، 524، 529، 535، ومعجم الأدباء 20/ 60، 61، ووفيات
الأعيان 7/ 81- 83، والروض المعطار 347، والمختصر في أخبار البشر
2/ 19، وسير أعلام النبلاء 18/ 555- 557 رقم 285، ومرآة الجنان 3/
159، ونكت الهميان 313، وتاريخ الخلفاء 426، وبغية الوعاة 2/ 356،
وكشف الظنون 7604 692، وشذرات الذهب 3/ 403، وديوان الإسلام 1/ 53
رقم 50، وهدية العارفين 2/ 551، وتاريخ الأدب العربيّ 5/ 352، 353،
والأعلام 8/ 233، ومعجم المؤلفين 31/ 302، 303.
[3] شنت مريّة: بفتح الشين المعجمة، وسكون النون، وفتح التاء
المثناة من فوقها، والميم، وكسر الراء، وبعدها ياء مشددة، وبعدها
هاء ساكنة، وهي مدينة بالأندلس في غربها، (وفيات الأعيان 7/ 83) .
[4] الإفليلي: بالهمزة المكسورة والفاء. ولم أجد هذه النسبة في
المصادر.
(32/181)
وأخذ عن: أبي سهل الحَرّانيّ، ومسلم بن
أحمد الأديب.
وكان عالما باللغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيد الضبط،
كثير العناية بهذا الشأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة
إليه في وقته.
أخذ عنه: أبو علي الغساني، وطائفة كبيرة.
وكف بصره في آخر عمره [1] .
وكان مشقوق الشفة العليا شقا كبيرا.
توفي بإشبيلية [2] ، وله ست وستون سنة.
قال أبو الحسين شريح بن محمد: توفي أبي في منتصف شوال فأتيت أبا
الحجاج الأعلم فأعلمته بموته، فإنهما كانا كالأخوين، فانتحب وبكى،
وقال: لا أعيش بعده إلا شهرا. فكان كذلك [3] .
__________
[1] الصلة 2/ 681.
[2] وقع في (شذرات الذهب 3/ 403) أنه توفي سنة 495، وهو غلط.
[3] وفيات الأعيان 7/ 82.
(32/182)
الكنى
189- أبو الخطاب الصّوفيّ [1] .
هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدِّب.
أحد الحُذاق.
قرأ القراءات على الحمّاميّ [2] .
وله قصيدة مشهورة في السنّة [3] ، رواها عنه عبد الوهّاب
الأنْماطيّ.
وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المَرِسْتان.
قرأ عليه: هبة الله بن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي
باللَّه.
قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعةُ
تلاوةً.
وقال شُجاع الذهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجوّدين. يذكر أنه
قرأ بالرّوايات على الحمّاميّ، ولم يكن معه خطُّ بذلك، فأحسن
النّاسُ به الظّنّ، وصدقوه، وقرءوا عليه.
مات في رمضان سنة ستّ. كذا ورّخه ابن خَيْرُون.
ووُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة [3] .
__________
[1] انظر عن (أبي الخطاب الصوفي) في: معرفة القراء الكبار 1/ 446،
447 رقم 385، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 45- 48 رقم 22، وغاية النهاية
1/ 85 رقم 388، وشذرات الذهب 3/ 353، وكشف الظنون 1342، 1343،
والأعلام 1/ 167، ومعجم المؤلفين 2/ 13.
[2] وتلا عليه بالسبع.
[3] وانظر رؤيا له وقصيدة طويلة في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 46- 48.
(32/183)
سنة سبع وسبعين
وأربعمائة
- حرف الألف-
190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد [1] .
أبو الحسين البغداديّ العطّار.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الفضل عبد الواحد التّميميّ،
وأبا القاسم الحرفيّ.
وعنه: إِسْمَاعِيل بْن السَّمَرْقَنديّ، وعبد الوهّاب بْن
الأنْماطيّ.
وأثنى عليه عبد الوهّاب، ووصفه بالخير، وقال: ما كان يعرف شيئًا من
الحديث.
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ومات في سادس ذي القعدة.
191- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [2] .
أبو الحسين النَّيْسابوريّ الكيّاليّ المقرئ.
أبو الحسين النّيسباوريّ المقرئ.
سمع أبا نصر محمد بن عليّ بن الفضل الخُزاعيّ صاحب محمد بن الحسين
القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 109 رقم
239.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «شيخ مشهور ثقة، رجل من الرجال ذوي
الرأي الصائب والتدريس النافع والأمانة والصيانة والثروة من
الضياع. كنا نزوره ونقرأ عليه أجزاء من تصانيف ابن أبي الدنيا،
وغيره. وقيل إنه كان له السماع من الخفّاف.
ولد في رجب سنة 384 ومات ليلة الأربعاء السابع عشر من جمادى الأولى
سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
(32/184)
192- أحمد بن محمد بن الفضل [1] .
أبو بكر الفَسَويّ نزيل سَمَرقند.
كان إمامًا ذا فنون وورع وديانة.
سمع: أبا نُعَيم الحافظ، وأبا بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى
الصَّيْرَفيّ، والحسين بن إبراهيم الحمّال.
مات في رمضان عن بضع وسبعين سنة [2] .
روى عنه بالإجازة أحمد بن الحسين الفراتيّ.
193- أحمد بن عبد العزيز بن شيبان [3] .
أبو الغنائم بن المُعَافَى التّميميّ الكرخيّ.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا محمد السُّكَّريّ.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي.
مات في ربيع الأول.
194- أحمد بْن مُحَمَّدِ بْن عبد الله الأصبهاني البقّال [4] .
تُوُفّي في رجب.
195- أحمد بن مُحَمَّد بن رِزْق بن عبد الله [5] .
أبو جعفر القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ.
تفقه بابن القطّان، وأخذ عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي شاكر بن
فهب، وابن يحيى المرييّ.
__________
[ () ] «أقول» : إن صحّت وفاته في سنة 478 فينبغي أن تحول ترجمته
من هنا إلى وفيات السنة التالية.
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في: المنتخب من السياق 117
رقم 256.
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة
بسمرقند.
«أقول» : إن صحّ ذلك فينبغي أن تحوّل ترجمته من هنا إلى وفيات
السنة السابقة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد بن رزق) في: الصلاة لابن بشكوال 1/ 65،
66 رقم 140، وبغية الملتمس 167 رقم 366، وسير أعلام النبلاء 18/
563، 564 رقم 592، والديباج المذهب 1/ 182، 183، وشجرة النور
الزكية 1/ 121 رقم 343.
(32/185)
ورحل إلى ابن عبد البر فسمع منه. وكان
فقيها، حافظا للرأي، مقدّما فيه، ذاكرا للمسائل، بصيرا بالنّوازل.
كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة والتفقه، نفع الله به
كل من أخذ عنه. وكان صالحا، دينا، متواضعا، حليما. على هدى
واستقامة.
وصفه بذلك ابن بشكوال [1] وقال: أنا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه
بالعلم والفضل.
وقال عياض القاضي: تخرّج به جماعة كأبي الوليد بن رُشْد، وقاسم بن
الأصْبَغ، وهشام بن أحمد شيخنا.
وذكره أبو الحَسَن بن مغيث فقال: كان أذْكى مَن رأيت في علم
المسائل، وألْيَنَهُم كلمةً، وأكثَرَهُم حرصا على التعليم، وأنفقهم
لطالب فرُع على مشاركةٍ له في علم الحديث [2] .
تُوُفّي ابن رزق فجأةً في ليلة الإثنين لخمسٍ بقين من شوّال، وكان
مولده سنة سبع وعشرين وأربعمائة [3] .
196- أحمد بن المُحسِّن بن محمد بن عليّ بن العبّاس [4] .
أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى البغداديّ العطّار الوكيل.
أحد الدُّهاة المتبحّرين في علم الشُّروط والوثائق والدّعاوى،
يُضرب به المثل في التّوكيل.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ
يقول:
طلّق رجل امرأته، فتزوَّجت بعد يوم، فجاء الزوج إلى القاضي أبي عبد
الله بن
__________
[1] في الصلة 1/ 65، 66.
[2] الصلة 1/ 66.
[3] وفي شجرة النور الزكية 1/ 121 مولده سنة 390 هـ.
وقال ابن بشكوال: وقرأت بخط أبي الحسن، قال: أخبرني بعض الطلبة من
الغرباء أنه سمعه في سجوده في صلاة العشاء ليلة موته يقول:
اللَّهمّ أمتني موتة هينة. فكان ذلك.
[4] انظر عن (أحمد بن المحسن) في: المنتظم 8/ 11، 12 رقم 12 (16/
235، 236 رقم 3534) ، وغاية النهاية 1/ 99 رقم 454.
(32/186)
البيضاويّ، فطلبها القاضي ليشرها، فجاءت
إلى ابن المحسّن الوكيل، وأعطته مبلغًا، فجاء إلى القاضي فقال:
الله الله، لا يسمع النّاس.
فقال: أين العُدّة؟
قال: كانت حاملًا فوضعت البارحة ولدًا ميتًا، أفلا يجوز لها أن
تتجوِّز [1] ؟!.
قال عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان صحيح السّماع، قليل الأفعال
والحيْل.
قلت: روى عن: أبي القاسم الحرفيّ، وأبي عليّ بن شاذان، ومحمد بن
سعيد بن الرُّوزبَهان.
قرأ القرآن على أبي العلاء، الواسطيّ، وأقرأ مدّة.
روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ،
وَيَحْيَى بن الطّرّاح، وَعَبْد الوهّاب الأنماطيّ.
تُوُفّي في رجب. وولد في سنة إحدى وأربعمائة.
وأبوه اسمه «المحسن» عند ابن السّمعانيّ، و «الحسين» عند ابن
النّجّار، فلعلّهما إسمان، واتفقت وفاتهما في سنةٍ واحدة. ويقوّي
أنّهُما اثنان اختلاف كُنْيتهما ونسبهما وأنّ كنية أحمد بن الحسين:
أبو الحسين، وأنّ اسم جدّه محمد بن محمد بن سلمان، وأنّه ليس
بوكيل، وأنّه مات في ذي القعدة، وغير ذلك.
197- إسماعيل بن مَسْعَدة [2] بن إسماعيل بْن الإمام أبي بَكْر
أحمد بْن إبراهيم بن إسماعيل.
المفتي أبو القاسم الإسماعيليّ الجرجانيّ.
__________
[1] انظر: المنتظم.
[2] انظر عن (إسماعيل بن مسعدة) في: المنتظم 9/ 10، 11 رقم 10 (16/
234، 235 رقم 3532) ، والمنتخب من السياق 141، 142 رقم 322،
والكامل في التاريخ 10/ 141، والعبر 3/ 286، وسير أعلام النبلاء
18/ 564 رقم 293، والإعلام بوفيات الأعلام 196، ومرآة الجنان 3/
121، وفيه: «إسماعيل بن معبد» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/
370، والوافي بالوفيات 9/ 223، 224، وشذرات الذهب 3/ 354.
(32/187)
صدر محتشم، نبيل القدر، تامّ المروءة، واسع
العِلْم، صدوق.
كان يعِظُ ويُمْلي على فَهْم ودراية. وحدَّث ببلاد كثيرة.
وكان عارفًا بالفقه، مليح الوعْظ، له يدُ في النَّظْم والنثر
والترسّل.
حدّث بكتاب «الكامل» و «بالمعجم» لابن عديّ، و «بتاريخ جُرْجان» .
سمع: أباه، وعمّه المُفَضَّل، وحمزة السهمي، والقاضي أبا بكر محمد
بن يوسف الشالنجي [1] ، وأحمد بن إسماعيل الرباطي [2] ، وجماعة.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي،
وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو
منصور بن خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخيّ، وآخرون
[3] .
ولد في سنة سبع وأربعمائة [4] .
قال إسماعيل السمرقندي: سمعتُ ابن مَسْعَدة: سمعتُ حمزة بن يوسف:
سمعتُ أبا بكر الإسماعيليّ يقول: كتْبه الحديث رِق الأبد [5] .
تُوُفّي ابن مسعدة بجرجان [6]
__________
[1] الشّالنجيّ: بفتح الشين المعجمة، واللام، بينهما الألف، وسكون
النون، وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بيع الأشياء من الشعر،
كالمخلاة والمقود والجل. (الأنساب 7/ 259) .
[2] الرباطي: بكسر الراء وفتح الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها
الطاء المهملة، هذه النسبة إلى الرباط وهو اسم لموضع يربط فيه
الخيل. (الأنساب 6/ 70) .
[3] وقال ابن الجوزي: كان دينا فاضلا متواضعا، وافر العقل، تامّ
المروءة، يفتي ويدرس، وكان بيته جامعا لعلم الحديث والفقه. ودخل
بغداد سنة اثنتين وسبعين فحدّث بها. (المنتظم) .
[4] في المطبوع من الكامل لابن الأثير 10/ 141: «مولده سنة أربع
وأربعمائة» . وفي نسخة مخطوطة منه كما في المتن، والمنتظم. وفي
(المنتخب من السياق 142) : ولد سنة ست وأربعمائة.
[5] وقال ابن الأثير: «وكان إماما فقيها شافعيا، محدّثا، أديبا،
وداره مجمع العلماء» . (الكامل 10/ 141) .
[6] وقال عبد الغافر الفارسيّ: قدم نيسابور مرات وهو من بيت
الإمامة والعلم والحديث قديما.
وجدّه أبو بكر الإسماعيلي أحد أئمة الدنيا. وهذا أكمل من رأيناهم
من الطارين أصلا ونسبا وفضلا وحسبا، وله التجمل والأسباب الدالّة
على وفور حشمته والمروءة الظاهرة من الثياب والدواب، ثم الفضل
الوافر في الفنون.
وقد عقد له مجلس الإملاء بنيسابور في المدرسة النظامية فأملى وروى
على ثقة ودراية، وعقب
(32/188)
- حرف الباء-
198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد [1] .
أم الفَضل، وأم عزَّى [2] الهَرْثمِيَّة الهَرَويّة. راوية «الجزء»
المنسوب إليها.
عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد.
توفيت فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. وقد كملت التسعين
وتعدتها.
روى عنها: ابن طاهر المقدسي، ووجيه الشحامي، وأبو الوَقْت
السِّجْزِي، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد الهروي وهو آخر من روى
عنها.
قال أبو سعد السمعاني: هي من أهل بخشة [3] ، قرية على أربعة فراسخ
من هراة، صالحة عفيفة. عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفرّدت
برواية ذلك في عصرها.
سمع منها عالم لا يُحصون. وكانت ولادتها في حدود سنة ثمانين
وثلاثمائة.
__________
[ () ] مجلس الإملاء مجلس الوعظ على وقار وتؤدة وأناة وحسن إيراد
الكلام الواقع في القلوب البالغ في تطبيب النفوس، الحاوي على
الفوائد المستطابة والتبكية والحكايات، بحيث وقع من الأئمة
والحاضرين موقع الرضا، واستدعوا منه النوبة الأخرى متضرّعين، فأجاب
إلى ذلك، وقعد نوبا كلها على نسق واحد في الحسن والأخذ بمجامع
القلوب حتى ظهر له بذلك النوع من الكلام على الأحاديث والتذكير
القبول التامّ، بحيث كان يحسده بعض أصحاب القبول من تطابق أحواله
وانتظام كلامه.
وقرأنا عليه من أحاديثه وكتبنا الأمالي واستفدنا منه. وخرج من
نيسابور عائدا إلى وطنه في أتم عزّ وجاه. (المنتخب 141، 142) .
[1] انظر عن (بيبى بنت عبد الصمد) في: ميزان الاعتدال 4/ 375، في
ترجمة يحيى بن زكريا رقم 9506، والإعلام بوفيات الأعلام 196، وسير
أعلام النبلاء 18/ 403، 404 رقم 201، والمعين في طبقات المحدّثين
137 رقم 1510، والعبر 3/ 287، ومرآة الجنان 3/ 121، والوافي
بالوفيات 10/ 359، 360، والكشف الحثيث 457 (في ترجمة يحيى بن زكريا
رقم 833) ، ولسان الميزان 6/ 245 وفيه تحريف اسمها إلى «بنى» ، في
ترجمة «يحيى بن زكريا» رقم 898، وكشف الظنون 1/ 586، وشذرات الذهب
3/ 354، وتاج العروس 1/ 155، وأعلام النساء 1/ 160، ومعجم المؤلفين
13/ 377.
[2] تحرفت في (العبر) و (شذرات الذهب) إلى: «أم عربي» .
[3] لم يذكرها ياقوت.
(32/189)
قال: وماتت في حدود خمس وسبعين بهراة [1] .
روى لنا أبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازيّ، وعبد الجبّار بن
أبي سعْد الدّهّان، وجماعة.
قلت: وقد روى أبو عليّ الحدّاد في «معجمه» عن ثابت بن طاهر
الهَرَويّ، عن بيبي الهرثمية [2] .
وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُتَفَضِّلِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي
رَوَتْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا، رَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي
مِيمِيٍّ [3] ، عَنِ الْبَغَوِيِّ. أخبرناه أبو الْحُسَيْن
اليُونِينيّ [4] ، وأبو عَبْد اللَّه بْن النّحاس النّحويّ، وآخرون
أنّ أبا المنجّى بن اللتيّ [5] أخبرهم، وَأَنَاهُ [6] أَبُو
الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ [7] ، أَنَا زَكَرِيَّا
الْعُلَبِيُّ قَالَا: أَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ السِّجْزِيُّ.
ح [8] . وَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ إِجَازَةً، أَنَا
عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي
سَعْدٍ الْمُعَدَّلُ، قَالَا: أَخْبَرَتْنَا بيبي: أَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ
الْبَغَوِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ
زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي [9]
الزُّبَيْرِ،. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَابِرٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ
دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ في بعض
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 404.
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 404.
[3] تحرف اسمه في (لسان الميزان 6/ 253) إلى: «سمي» .
[4] اليونيني: هو عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه
بن عيسى اليونيني البعلي الفقيه، ولد في بعلبكّ سنة 621 وتوفي بها
سنة 701 هـ.
واليونيني: بالياء المثناة من تحتها باثنتين، والواو، ثم نون
مكسورة، وياء أخرى، ثم نون ثانية مكسورة. نسبة إلى وينين، بلدة
بالقرب من بعلبكّ. (انظر عنه في كتابا: موسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي ق 2/ ج 3/ 63- 66 رقم 761) .
[5] تحرّفت في لسان الميزان 6/ 245 إلى: «الليثي» ، وكذا في:
(الكشف الحثيث 457) .
[6] اختصار لكلمة: «وأخبرناه» .
[7] الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم
القاف وفي آخرها الهاء.
هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب 1/ 115)
.
[8] ح: رمز إلى تحويلة في سند الرواية.
[9] في لسان الميزان 6/ 253 «ابن» والمثبت يتفق مع: ميزان الاعتدال
4/ 375، والكشف الحثيث 457.
(32/190)
أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ
[1] مِنَ النَّاسِ يَتَمَارَوْنَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ
أَصْوَاتُهُمْ، يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى
انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ
ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ» ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تَكَلَّمَ فِيهِ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا
لاخْتِلَافِهِمْ.
فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو
بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يُقَدِّرُ الشَّرَّ.
وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا.
فَقَالَ: أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ
بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ
عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ: وَذَكَرَ
تَمَامَ الْحَدِيثِ [2] . تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه
أقوال الطُّرُقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسناد صحيح. ثمّ سألت
شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا كذب، فأكتُب على النسخ أنّه موضوع.
قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ
وانهرم.
وأمّا ابن الجوزيّ فقال في «الموضوعات» : المتَّهم به: يحيى بن
زكريا [3] ،
__________
[1] في الأصل: «فيئام» .
[2] ميزان الاعتدال 4/ 374، 375، لسان الميزان 6/ 253، 254.
[3] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال 4/ 375) :
«قال ابن الجوزي: يحيى المتّهم به. وقال ابن عديّ: كان يضع الحديث.
فهذا القول قاله ابن الجوزي هكذا في الموضوعات عقيب هذا الخبر، ولم
يذكر يحيى بن زكريا لا في الضعفاء، ولا رأيته في كتاب ابن عديّ،
ولا في الضعفاء لابن حبان، ولا في الضعفاء للعقيليّ، ولا ريب في
وضع الحديث.
وبقيت مدّة أظنّ أن يحيى هو ابن أبي زائدة، وأن الحديث أدخل على
بيبى في جزئها، ثم إذا به في الأول من حديث ابن أخي ميمي البغدادي،
عن البغوي أيضا.
والبغوي فصاحب حديث وفهم وصدق. وشيخه فثقة. فتعين الحمل في هذا
الحديث على يحيى بن زكريا هذا المجهول التالف.
ثم وجدته في الأول من أمالي أبي القاسم بن بشران: حدّثنا أبو علي
بن الصواف، حدّثنا محمد بن أحمد القاضي، حدّثنا علي بن عيسى
الكراجكي، وحدّثنا حجين بن المثنى، حدثنا يحيى بن سابق، عن موسى بن
عقبة، وجعفر بن محمد بهذا. يحيى بن سابق واه» .
(32/191)
قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة [1]
- حرف الثاء-
199- ثابت بن أحمد بن الحسين [2] .
أبو القاسم البغداديّ.
قدِم دمشق من بغداد حاجًّا، وذكر أنّه سمع أبا القاسم بن بشران،
وأبا ذرّ
__________
[ () ] (الكشف الحثيث 457) .
وقال ابن حجر في (لسان الميزان 6/ 254، 255) :
«وقد رأيت في «الموضوعات» لابن الجوزي عقب هذا الخبر: هذا حديث
موضوع بلا شك، والمتّهم به يحيى أبو زكريا. (هكذا: أبو) وهو الصحيح
كما أكد ذلك الذهبي في (ميزان الاعتدال 4/ 374) .
[1] وقال ابن حجر بعد أن نقل ذلك عن المؤلف: «وقال ابن عديّ: كان
يضع الحديث ويسرق.
هكذا نقل عن يحيى بن معين. ولم نجد ذلك عنه. ونظر في حكمه على هذا
الحديث بالوضع. وقد وجدت له شاهدا أخرجه البزّار في مسندة، عن
السكن بن سعيد، عن عمر بن يونس، عن إسماعيل بن حمّاد، عن مقاتل بن
سليمان، عن عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فذكر بمعناه. (لسان
الميزان 6/ 255) .
ثم ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال 4/ 376 ترجمة أخرى برقم 9507،
وتابعه ابن حجر في (لسان الميزان 6/ 256 رقم 899) .
«يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب. عن الأعمش. قال الدار الدّارقطنيّ:
ضعيف. قلت: ويحتمل أن يكون الّذي قبله. انتهى. وذكره ابن حبّان في
الثقات» .
و «أقول» أنا خادم العلم، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري»
:
لقد أكد المؤلف الذهبي- رحمه الله- أن يحيى المذكور، هو: يحيى أبو
زكريا، وهو يحيى بن سابق. وبهذا لا يحتمل أن يكون هو «يحيى بن
زكريا بن أبي الحواجب» كما قال، وتابعه ابن حجر.
بل هو: «يحيى بن سابق أبو زكريا المدائني» . ذكره البخاري في
تاريخه الكبير 8/ 280 رقم 2997، وأبو زرعة الرازيّ في (الضعفاء 3/
834 رقم 246) وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 153، 154 رقم
635) ، وابن حبّان في (المجروحين من المحدّثين 3/ 114، 115) ، وابن
الجوزي في (الضعفاء والمتروكين 3/ 195 رقم 3713) .
وقال أبو زرعة: ليّن. وقال أبو حاتم الرازيّ: ليس بقوي في الحديث.
وقال ابن حبّان: كان ممّن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يجوز
الاحتجاج به في الديانة ولا الرواية عنه بحيلة.
وهو الّذي روى عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «إذا ذكر القدر فأمسكوا» ، وذكر
بقية الحديث.
[2] انظر عن (ثابت بن أحمد) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 7/
362، 363، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 5/ 330 رقم 170، وتهذيب
تاريخ دمشق 3/ 312، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي 2/ 43 رقم 361.
(32/192)
عبد بن أحمد الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر
الميماسيّ.
روى عنه: الفقيه نصر المقدسي، وأحمد بن حسين سبط الكامليّ.
قال غَيْث الأرمنازيّ: قدِم علينا وذكر أنّه سمع من عبد الملك بن
بشران وأبي ذرّ. وأجاز لنا في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين، وانّ
مولده في أول سنة إحدى وأربعمائة.
وروى نصر في «أماليه، أنّ ثابتًا هذا حدّثه أنه شاهد رجلًا أذّن
بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم عند قبره صلى الله عليه
وآله وسلم للصبح، وقال في الأذان:
الصّلاة خير من النوم، فجاء بعض خَدَم المسجد فلطمَهُ، فبكى الرجل
وقال: يا رسول الله في حضْرتك يُفعل بي هذا! ففُلِج الخادم في
الحال، فحملوه إلى بيته، فمات بعد ثلاثٍ [1]
- حرف الحاء-
200- الحسين بن أحمد بن علي بن البقال [2] .
أبو عبد الله الأزجيّ، الفقيه الشّافعيّ، تلميذ أبي الطّيّب
الطّبريّ. علّامة مدقّق، زاهد متعبد. وُلْي قضاء الحريم مدّة.
ودرَّس وأفتى. وحدَّث عن: عبد الملك بن بِشْران [3] .
في شعبان عن ست وسبعين.
201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر النّيسابوريّ [4] .
__________
[1] وقال ابن عساكر: وتوجه (ثابت) للحج في سنة سبع وسبعين
وأربعمائة، ولم يعلم خبره بعد ذلك.
[2] انظر عن (الحسين بن أحمد بن علي) في: الكامل في التاريخ 10/
141 وفيه: «الحسين بن علي» ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 196،
وتاريخ ابن الوردي 1/ 382، 383، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/
147.
[3] قال ابن الأثير: «وكان إليه القضاء بباب الأزج، وحجّ لما انقطع
الحجّ على سبيل التجريد» .
وقال ابن النجار: كانت له مقامات سنية في النظر والجدال، وكان
فقيها فاضلا بارعا كاملا مدققا، حسن النظر، محققا، جميل الطريقة،
زاهدا، متعبدا، عفيفا، نزها، على طريقة السلف، ولي القضاء بحريم
دار الخلافة عن أبي عبد الله الدامغانيّ. مولده سنة إحدى
وأربعمائة. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 147) .
[4] انظر عن (الحسين بن عثمان) في: المنتخب من السياق 203 رقم 610.
(32/193)
حدَّث عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني،
وغيره.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
202- الحسين بن محمد بن الحُسين [1] .
أبو الغنائم بن السّراج الشّاذانيّ [2] . بغداديّ.
سمع من: عبد الله بن يحيى السكري.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي.
وله سَمِيُّ في الطبقة الآتية [3]
- حرف الخاء-
203- خَلَف بن إبراهيم بن محمد [4] .
أبو القاسم القيسيّ الطُّلَيْطُليّ، نزيل دانِية.
قرأ على: أبي عَمْرو الدّانيّ.
وأقرأ النّاس.
مات رحمه الله في ربيع الأوّل
- حرف الطاء-
204- طاهر بن هشام بن طاهر [5] .
أبو عثمان الأزْديّ، الفقيه المالكيّ الأندلسيّ.
مفتي المَرِيّة.
روى عن: المهلب بن أبي صُفْرة، ورحل وأخذ عن: أبي عمران الفاسيّ،
وأبي ذر الهرويّ.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الأنساب 7/ 237.
[2] الشاذانيّ: بفتح الشين المعجمة، والذال المعجمة بين الألفين،
وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى شاذان وهو اسم لبعض أجداد المنتسب
إليه.
[3] هو: الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن
عمر، أبو عبد الله بن السراج البغدادي، يأتي في وفيات سنة 489 هـ.
برقم (308) .
[4] انظر عن (خلف بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 171 رقم
390، وغاية النهاية 1/ 271، 272، رقم 1229.
[5] انظر عن (طاهر بن هشام) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 240 رقم 545.
(32/194)
قال ابن بشكوال: أنبأ عنه جماعة من شيوخنا.
وقيل إنّه عاش ستًا وثمانين سنة [1]
- حرف العين-
205- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم بن هوازن [2] .
الإمام أبو سعْد بن القُشَيْريّ.
كان أكبر أولاد الشّيخ، وكان كبير الشأن في السُّلُوك والطريقة،
ذكيا أصوليا، غزير العربيّة.
سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وهذه الطّبقة.
ومولده سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقدم بغداد مع أبيه.
وسمع من: أبي الطيب الطبري، وأبي محمد الجوهري.
قال السّمعانيّ: كان رضيع أبيه في الطريقة، وفخر ذويه وأهله على
الحقيقة.
ثمّ بالغ في تعظيمه في التصوف، والأصول، والمناظرة، والتفسير.
قال: وكانت أوقاته ظاهرًا مستغرقًا في الطّهارة والاحتياط فيها،
ثمّ في الصلوات والمبالغة في وصل التّكبير، وباطنًا في مراقبة
الحقّ، ومشاهدة أحكام الغيب. لا يخلو وقته عن تنفس السعداء وتذكر
البُرَحاء وترَنُّم بكلامٍ منظومٍ أو منثور، يُشعرُ بتذكر وقتٍ
مضى، وتأسُّف على محبوب مَرّ وانقضى.
وكان أبوه يعاشره معاشرة الإخْوة، وينظر إلى أحواله بالحُرمة.
روى عنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ، وابن أخيه هبة
الرحمن، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار،
وجماعة.
وذكر عبد الغافر أنّ خاله أصابته علّة احتاج في معالجتها إلى
الأدوية الحارّة، فظهر به علّةٌ من الأمراض الحادّة، وامتدّت مدّة
مرضه ستة أشهر، إلى
__________
[1] وقع في المطبوع من (الصلة) : توفي سنة سبع وأربعمائة.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الكريم) في: المنتخب من السياق 283
رقم 934، والعبر 3/ 287، وسير أعلام النبلاء 18/ 562، 563 رقم 291،
ومرآة الجنان 3/ 121، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 206،
وشذرات الذهب 3/ 354.
(32/195)
أن ضعف ومات في سادس ذي القعدة قبل أمّه
بأربع سنين، وهي فاطمة بنت الدّقّاق [1] .
قال عبد الغافر [2] : هو أكبر الإخوة، من لا ترى العيون مثله في
الدهور، ذو حظ وافر من العربيّة [3] ، وحصّل الفقه، وبرع في علم
الأصول بطبْع سيّال، وخاطر، إلى [4] مواقع الإشكال ميّال، سباق إلى
درَك المعاني، وقاف على المدارك والمباني.
وأمّا علوم الحقائق فهو فيها يشقّ الشَّعْر [5] .
قلت: وطوّل ترجمته.
206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف [6] .
أبو منصور البوشنجيّ [7] الهرويّ، المعروف بكلاريّ [8] .
__________
[1] انظر عنها في (المنتخب من السياق 419، 420 رقم 1431) .
[2] في المنتخب 283.
[3] في المنتخب زيادة: «كان يذكر دروسا في الأصول والتفسير بعبارة
مهذّبة سورية لا يتخطرق.
لسانه إلى لحن، ولا يعثر لضعف في معرفته ووهن» .
[4] في الأصل: «الا» .
[5] في المنتخب زيادة: «وكأنه كان ينهي من الغيب الخبر، ما كان في
زمن زين الإسلام يحرص في شرح الأحوال ويراعي حرمته في المقال إلى
أن انتهت نوبة الكلام إليه فانفتح ينبوع معانيه، وتفتق نوار رموزه
وإشاراته، وصار مجلسه روضة الحقائق والدقائق، وكلماته محرقة
الأكباد والقلوب، ومواجيده مقطرة الدماء من الجفون مكان الدموع،
ومفطرة الصدور بالتخويف والتقريع.
وامتدت أيامه بعد زين الإسلام ثلاث عشرة سنة، ولو عاش لصار شيخ
الإسلام والمشايخ بالإطلاق في خراسان والعراق لتقدمه ونسبه وعلمه
... خرّج له (الفوائد) المؤذّن الحافظ وقرئت عليه إلى أن توفي في
السادس من ذي القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة» .
[6] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الإعلام بوفيات الأعلام 196،
وسير أعلام النبلاء 18/ 442، 443 رقم 227، والمعين في طبقات
المحدّثين رقم 1511، والعبر 3/ 287، والمشتبه في الرجال 2/ 555،
وتبصير المنتبه 3/ 1199، وفيه: «عبد الرحمن بن علي بن محمد» ،
وشذرات الذهب 3/ 354.
[7] البوشنجي: بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون
وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من
هراة يقال لها بوشنك. وقد تعرب فيقال:
فوشنج. (الأنساب 2/ 332، 333) .
[8] ويعرف أيضا ب «كلار» .
(32/196)
سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.
وقيل إنّه آخر من روى عَنْهُ.
روى عَنْهُ: أَبُو الوقت، ووجيه الشّحاميّ، وأبو عليّ الحَسَن بن
محمد بن السَّنْجَبَسْتيّ [1] ، ومحمد وفضيل [2] ابنا إسماعيل
الفُضَيْليّان، وضحاك بن أبي سعْد الخباز، وزهير بن عليّ بن زهير
الجذاميّ السرخسيّ [3] ، وعبد الجليل بن أبي سعْد.
وقع لنا من طريقه بعُلُوّ حكايات شُعْبة للبَغَويّ. وكان صالحًا
معمرًا [4] .
مات في رمضان ببُوشَنْج.
207- عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ
أَحْمَدَ بن جعفر [5] .
__________
[1] السنجبستيّ: بفتح السين المهملة، وسكون النون، وفتح الجيم،
والباء الموحدة، وسين أخرى، وفي آخرها التاء المنقوطة من فوقها
باثنتين، هذه النسبة إلى سنج بست. وهو منزل معروف بين نيسابور
وسرخس يقال له: سنك بست. (الأنساب 7/ 162) .
[2] في الأصل: «فضل» ، والتصحيح من سير أعلام النبلاء 18/ 442.
[3] السّرخسيّ: هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال
لها: سرخس، وسرخس، وهو اسم رجل من الذعار في زمن كيكاوس، سكن هذا
الموضع وعمره وأتمّ بناءه، ومدينته ذو القرنين. (الأنساب 7/ 69) .
[4] وقال الذهبي: «وقد وثق» . (سير أعلام النبلاء 18/ 442) .
[5] انظر عن (عبد السيد بن محمد) في: المنتظم 9/ 12، 13 رقم 14
(16/ 236، 237 رقم 3536) ، وزبدة التواريخ 143، والكامل في التاريخ
10/ 141، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1 ق 1/ 92، وتاريخ
دولة آل سلجوق 75، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 299، ووفيات الأعيان
3/ 217، 218، والمختصر في أخبار البشر 2/ 196، والإعلام بوفيات
الأعلام 196، 197، وسير أعلام النبلاء 18/ 464، 465 رقم 238،
والمعين في طبقات المحدّثين 137 رقم 1512، ودول الإسلام 2/ 8،
والعبر 3/ 287، 288، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 162، 163،
وتاريخ ابن الوردي 1/ 382، ونكت الهميان 193، ومرآة الجنان 3/ 122،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 230- 237، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 2/ 130، 131، والبداية والنهاية 12/ 126، 127، وطبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 258، 259 رقم 214، والنجوم الزاهرة 5/
119، وتاريخ الخلفاء 426، والجواهر المضية 1/ 316، ومفتاح السعادة
2/ 185، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 173، وكشف الظنون 104.
389، 1025، 1129، 1381، 1501، وشذرات الذهب 3/ 355، وهدية العارفين
1/ 573، وديوان الإسلام 3/ 211، 212 رقم 1336، والأعلام 4/ 10،
ومعجم المؤلفين 5/ 231.
(32/197)
ابن الصّبّاغ الفقيه أبو نصر البغداديّ
الشّافعيّ، فقيه العراق، ومصنِّف كتاب «الشامل» .
كان يُقدم على الشّيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب [1] . ذكره
السّمعانيّ فقال: ومن جملة التصانيف التي صنفها: «الشامل» ، و
«الكامل» ، و «تذكرة العالم والطريق السالم» [2] .
قال: وكان يضاهي أبا إسحاق. وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي
إسحاق [3] . وكانت الرحلة إليهما في المختلف والمتفق.
قال: وكان أبو نصر ثبتا حجة دينا خيرا. ولي النظامية بعد أبي
إسحاق، وكف بصره في آخر عمره [4] .
وحدث بجزء ابن عرفة، عن محمد بن الحسين القطّان.
وسمع أيضًا أبا عليّ بن شاذان.
روى لنا عنه: ابنُه أبو القاسم عليّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنديّ،
وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل، وغيرهم.
ومولده في سنة أربعمائة [5] .
وقال الحاكم، ابن خَلِّكان: [6] كان تقيا [7] ، صالحًا، له كتاب
«الشّامل» ، وهو من أصحّ كُتُب أصحابنا [8] ، وأثبتها أدِلةً [9]
درس بالنظامية ببغداد أول ما
__________
[1] قال اليافعي: «يعنون في معرفة الفروع، أما معرفة الأصول
والمباحث العقلية فأبو إسحاق مرجح عليه وعلى عامّة الفقهاء إلا من
شاء الله تعالى» . (مرآة الجنان 3/ 121) (المنتظم) .
[2] زاد ابن الأثير: «وكفاية المسائل» . (الكامل 10/ 141) ، وقد
اعتبر محقّقو (المنتظم) في طبعته الجديدة أن «تذكرة العالم» كتاب،
و «الطريق السالم» كتابا آخر.
[3] المنتظم.
[4] طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 231.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 141.
[6] في وفيات الأعيان 3/ 217، 218.
[7] في الوفيات بعدها: «حجّة» .
[8] زاد في الوفيات: «وأصحّها نقلا» .
[9] وزاد بعدها: «وله كتاب: «تذكرة العلم والطريق السالم» و
«العدة» في أصول الفقه» .
(32/198)
فتحت، ثمّ عُزِل بأبي إسحاق بعد عشرين
يوما. وذلك في سنة تسع وخمسين وأربعمائة.