تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ
الطبري
ذكر خبر خروج
اسماعيل بن يوسف بمكة
وفيها ظهر إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب بمكة، فهرب جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العاملي
على مكة، فانتهب إسماعيل بن يوسف منزل جعفر ومنزل أصحاب السلطان، وقتل
الجند وجماعة من أهل مكة، وأخذ ما كان حمل لإصلاح العين من المال وما
كان في الكعبة من الذهب، وما في خزائنها من الذهب والفضة والطيب وكسوة
الكعبة، وأخذ من الناس نحوا من مائتي ألف دينار، وأنهب مكة، وأحرق
بعضها في شهر ربيع الأول منها ثم خرج منها بعد خمسين يوما، ثم صار إلى
المدينة، فتوارى علي بن الحسين بن إسماعيل العامل عليها، ثم رجع
إسماعيل إلى مكة في رجب، فحصرهم حتى تماوت أهلها جوعا وعطشا، وبلغ
الخبز ثلاث أواق بدرهم، واللحم رطل بأربعة دراهم، وشربة ماء ثلاثة
دراهم، ولقي أهل مكة منه كل بلاء ثم رحل بعد مقام سبعة وخمسين يوما إلى
جدة، فحبس عن الناس الطعام، وأخذ أموال التجار
(9/346)
وأصحاب المراكب، فحمل إلى مكة الحنطة
والذرة من اليمن، ثم وافت المراكب من القلزم، ثم وافى إسماعيل بن يوسف
الموقف، وذلك يوم عرفة، وبه محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب
كعب البقر، وعيسى بن محمد المخزومي صاحب جيش مكة- وكان المعتز وجههما
إليها- فقاتلهم، فقتل نحو من ألف ومائة من الحاج، وسلب الناس، وهربوا
إلى مكة، ولم يقفوا بعرفة ليلا ولا نهارا، ووقف إسماعيل وأصحابه، ثم
رجع إلى جدة فأفنى أموالها
(9/347)
ثم دخلت
سنة اثنتين وخمسين ومائتين
(ذكر الخبر عما كَانَ فِيهَا من الأحداث)
ذكر خبر خلع المستعين وبيعه المعتز
فمن ذلك ما كان من خلع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم نفسه من
الخلافة، وبيعته للمعتز محمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم، والدعاء
للمعتز على منبري بغداد ومسجدي جانبيها الشرقي منها والغربي، يوم
الجمعة لأربع خلون من المحرم من هذه السنة، وأخذ البيعة له بها على من
كان يومئذ بها من الجند.
وذكر أن ابن طاهر دخل على المستعين ومعه سعيد بن حميد حين كتب له بشروط
الأمان، فقال له: يا أمير المؤمنين، قد كتب سعيد كتب الشروط وأكد غاية
التأكيد، فنقرؤه عليك فتسمعه؟ فقال له المستعين: لا عليك! ألا تركتها
يا أبا العباس، فما القوم بأعلم بالله منك، قد أكدت على نفسك قبلهم
فكان ما قد علمت، فما رد عليه محمد شيئا.
ولما بايع المستعين المعتز، وأخذ عليه البيعة ببغداد، وأشهد عليه
الشهود من بني هاشم والقضاة والفقهاء والقواد نقل من الموضع الذي كان
به من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل بالمخرم هو وعياله وولده وجواريه،
فأنزلوهم فيه جميعا، ووكل بهم سعيد بن رجاء الحضاري في أصحابه، وأخذ
المستعين البردة والقضيب والخاتم، ووجه مع عبيد الله بن عبد الله بن
طاهر، وكتب معه:
أما بعد، فالحمد لله متمم النعم برحمته، والهادي إلى شكره بفضله، وصلى
(9/348)
الله على محمد عبده ورسوله، الذي جمع له ما
فرق من الفضل في الرسل قبله، وجعل تراثه راجعا إلى من خصه بخلافته،
وسلم تسليما كتابي إلى أمير المؤمنين وقد تمم الله له أمره، وتسلمت
تراث رسول الله ص ممن كان عنده، وأنفذته إلى أمير المؤمنين مع عبيد
الله بن عبد الله مولى أمير المؤمنين وعبده.
ومنع المستعين الخروج إلى مكة، واختار أن ينزل البصرة فذكر عن سعيد ابن
حميد أن محمد بن موسى بن شاكر قال: البصرة وبية، فكيف اخترت أن تنزلها!
فقال المستعين: هي أوبى، أو ترك الخلافة! وذكر أن قرب جارية قبيحة جاءت
برسالة إلى المستعين من المعتز، يسأله أن ينزل عن ثلاث جوار كان
المستعين تزوجهن من جواري المتوكل، فنزل عنهن، وجعل أمرهن إليهن، وكان
احتبس عنده من الجوهر خاتمين يقال لأحدهما البرج وللآخر الجبل، فوجه
إليه محمد بن عبد الله بقرب خاصية المعتز وجماعة، فدفعهما إليهم،
وانصرفوا بذلك إلى محمد بن عبد الله، فوجه به إلى المعتز.
ولست خلون من المحرم دخل- فيما قيل- بغداد أكثر من مائتي سفينة، فيها
من صنوف التجارات وغنم كثير، وأشخص المستعين مع محمد بن مظفر ابن سيسل
وابن أبي حفصة إلى واسط في نحو من أربعمائة فرسان ورجالة.
وقدم بعد ذلك على ابن طاهر عيسى بن فرخان شاه وقرب، فأخبراه أن ياقوتة
من جوهر الخلافة قد حبسها أحمد بن محمد عنده، فوجه ابن طاهر الحسين ابن
إسماعيل فأخرجها، فإذا ياقوتة بهية، أربع أصابع طولا في عرض مثل ذلك،
وإذا هو قد كتب عليها اسمه، فدفعت إلى قرب، فبعثت بها إلى المعتز.
واستوزر المعتز أحمد بن إسرائيل، وخلع عليه، ووضع تاجا على رأسه، وشخص
أبو أحمد إلى سامرا يوم السبت لاثنتي عشرة خلت من المحرم منها، وشيعه
محمد بن عبد الله والحسن بن مخلد، فخلع على محمد بن عبد الله خمس خلع
وسيفا، ورجع من الروذبار
(9/349)
وقال بعض الشعراء في خلع المستعين:
خلع الخلافة أحمد بن محمد ... وسيقتل التالي له أو يخلع
ويزول ملك بني أبيه ولا يرى ... أحد تملك منهم يستمتع
إيها بني العباس إن سبيلكم ... في قتل أعبدكم طريق مهيع
رقعتم دنياكم فتمزقت ... بكم الحياة تمزقا لا يرقع
وقال بعض البغداديين:
إني أراك من الفراق جزوعا ... أضحى الإمام مسيرا مخلوعا
كانت به الآفاق تضحك بهجة ... وهو الربيع لمن أراد ربيعا
لا تنكري حدث الزمان وريبه ... إن الزمان يفرق المجموعا
لبس الخلافة واستجد محبة ... يقضي أمور المسلمين جميعا
فجنت عليه يد الزمان بصرفه ... حربا وكان عن الحروب شسوعا
وتجانف الأتراك عنه تمردا ... أضحى، وكان ولا يراع مروعا
فنزا بهم، فنزوا به وتعاورت ... أيدي الكماة من الرءوس نجيعا
فأزاله المقدار عن رتب العلا ... فثوى بواسط لا يحس رجوعا
غدروا به، مكروا به، خانوا به ... لزم الفراش، وحالف التضجيعا
وتكنفوا بغداد من أقطارها ... قد ذللوا ما كان قبل منيعا
ولو أنه سعر الحروب بنفسه ... متلببا للقائهن دروعا
حتى يصادم بالكماة كماته ... فيكون من قصد الحروب صريعا
لغدا على ريب الزمان محرما ... ولكان إذ غدر اللئام منيعا
لكن عصى رأي الشفيق وعذله ... وغدا لأمر الناكثين مطيعا
(9/350)
والملك ليس بمالك سلطانه ... من كان للرأي
السديد مضيعا
ما زال يخدع نفسه عن نفسه ... حتى غدا عن ملكه مخدوعا
باع ابن طاهر دينه عن بيعة ... أمسى بها ملك الإمام منيعا
خلع الخلافة والرعية فاغتدي ... من دين رب محمد مخلوعا
فليجرعن بذاك كأسا مرة ... وليلفين لتابعيه تبيعا
وقال محمد بن مروان بن أبي الجنوب بن مروان حين خلع المستعين، وصار إلى
واسط:
إن الأمور إلى المعتز قد رجعت ... والمستعان إلى حالاته رجعا
وكان يعلم أن الملك ليس له ... وأنه لك لكن نفسه خدعا
ومالك الملك مؤتيه ونازعه ... آتاك ملكا ومنه الملك قد نزعا
إن الخلافة كانت لا تلائمه ... كانت كذات حليل زوجت متعا
ما كان أقبح عند الناس بيعته ... وكان أحسن قول الناس قد خلعا
ليت السفين إلى قاف دفعن به ... نفسي الفداء لملاح به دفعا
كم ساس قبلك أمر الناس من ملك ... لو كان حمل ما حملته ظلعا
أمسى بك الناس بعد الضيق في سعة ... والله يجعل بعد الضيق متسعا
والله يدفع عنك السوء من ملك ... فإنه بك عنا السوء قد دفعا
ما ضاع مدحي ولا ضاع اصطناعك لي ... وقد وجدت بحمد الله مصطنعا
فاردد علي بنجد ضيعة قبضت ... فإن مثلك مثلي يقطع الضيعا
فإن رددت إمام العدل غلتها ... فالله آنف حسادي به جدعا
وقال يمدح المعتز بعد خلع المستعين:
قد عادت الدنيا إلى حالها ... وسرنا الله بإقبالها
دنيا بك الله كفى أهلها ... ما كان من شده أهوالها
(9/351)
وكان قد ملكها جاهل ... لا تصلح الدنيا
لجهالها
قد كانت الدنيا به قفلت ... فكنت مفتاحا لأقفالها
إن التي فزت بها دونه ... عادت إلى أحسن أحوالها
خلافة كنت حقيقا بها ... فضلك الله بسربالها
فرده الله إلى حاله ... وردها الله إلى حالها
ولم تكن أول عارية ... ردت على رغم إلى آلها
والله لو كان على قرية ... ما كان يجزي بعض أعمالها
أدخل في الملك يدا رعدة ... أخرجها من بعد إدخالها
بدلنا الله به سيدا ... أسكن دنيا بعد زلزالها
بدلت الأمة هذا بذا ... كأنها في وقت دجالها
وقام بالملك وأثقاله ... وقام بالحرب وأثقالها
أبطل ما كان العدا أملوا ... رميك بالخيل وأبطالها
تعمل خيلا طالما نجحت ... ما عملت خيل كأعمالها
وقال الوليد بن عبيد البحتري في خلع المستعين ومدح المعتز:
ألا هل أتاها أن مظلمة الدجى ... تجلت وأن العيش سهل جانبه
وأنا رددنا المستعار مذمما ... على أهله واستأنف الحق صاحبه
عجبت لهذا الدهر أعيت صروفه ... وما الدهر إلا صرفه وعجائبه
متى امل الدياك أن يصطفى له ... عرى التاج أو يثنى عليه عصائبه
وكيف ادعى حق الخلافة غاصب ... حوى دونه إرث النبي أقاربه
بكى المنبر الشرقي إذ خار فوقه ... على الناس ثور قد تدلت غباغبه
ثقيل على جنب الثريد مراقب ... لشخص الخوان يبتدي فيواثبه
(9/352)
إذا ما احتشى من حاضر الزاد لم يبل ...
أضاء شهاب الملك أم كل ثاقبه
إذا بكر الفراش ينثو حديثه ... تضاءل مطريه وأطنب عائبه
تخطى إلى الأمر الذي ليس أهله ... فطورا يناغيه وطورا يشاغبه
فكيف رأيت الحق قر قراره ... وكيف رأيت الظلم زالت عواقبه
ولم يكن المعتز بالله إذ سرى ... ليعجز والمعتز بالله طالبه
رمى بالقضيب عنوة وهو صاغر ... وعري من برد النبي مناكبه
وقد سرني أن قيل وجه مسرعا ... الى الشرق تحدى سفنه وركائبه
إلى كسكر خلف الدجاج ولم يكن ... لتنشب إلا في الدجاج مخالبه
وما لحية القصار حيث تنفشت ... بجالبة خيرا على من يناسبه
يحوز ابن خلاد على الشعر عنده ... ويضحي شجاع وهو للجهل كاتبه
فأقسمت بالوادي الحرام وما حوت ... أباطحه من محرم وأخاشبه
لقد حمل المعتز أمة أحمد ... على سنن يسري إلى الحق لاحبه
تدارك دين الله من بعد ما عفت ... معالمه فينا وغارت كواكبه
وضم شعاع الملك حتى تجمعت ... مشارقه موفورة ومغاربه
وانصرف أبو الساج ديوداد بن ديودست إلى بغداد لسبع بقين من المحرم من
هذه السنة، فقلده محمد بن عبد الله معاون ما سقى الفرات من السواد،
فوجه أبو الساج خليفة له يقال له كربه إلى الأنبار، ووجه قوما من
أصحابه إلى قصر ابن هبيرة مع خليفة له، ووجه الحارث بن اسد في خمسمائة
فارس وراجل، يستقرئ أعماله، ويطرد الأتراك والمغاربة عنها، وقد كانوا
عاثوا في النواحي وتلصصوا ثم شخص أبو الساج من بغداد لثلاث خلون من
ربيع الأول، ففرق أصحابه في طساسيج الفرات، ونزل قصر ابن هبيرة، ثم صار
إلى الكوفة، ووافى أبو أحمد سامرا منصرفا من معسكره إليها لإحدى
(9/353)
عشرة بقيت من المحرم، فخلع المعتز عليه ستة
أثواب وسيفا، وتوج تاج ذهب بقلنسوة مجوهرة، ووشح وشاحي ذهب بجوهر، وقلد
سيفا آخر مرصعا بالجوهر، وأجلس على كرسي، وخلع على الوجوه من القواد.
ذكر خبر قتل شريح الحبشي
وفيها قتل شريح الحبشي، وكان سبب ذلك أنه حين وقع الصلح، هرب في عدة من
الحبشة، فقطع الطريق فيما بين واسط وناحية الجبل والأهواز، ونزل قرية
من قرى أم المتوكل يقال لها ديري، فنزل في خانها في خمسه عشر رجلا،
فشربوا وسكروا، فوثب عليهم أهل القرية فكتفوهم، وحملوهم إلى واسط، إلى
منصور بن نصر، فحملهم منصور إلى بغداد، فأنفذهم محمد ابن عبد الله إلى
العسكر، فلما وصلوا قام بايكباك إلى شريح فوسطه بالسيف وصلب على خشبة
بابك، وضرب أصحابه بالسياط ما بين الخمسمائة إلى الألف.
وفي شهر ربيع الآخر منها توفي عبيد الله بن يحيى بن خاقان في مدينه ابى
جعفر.
ذكر حال بغا ووصيف
وفيها كتب المعتز إلى محمد بن عبد الله في إسقاط اسم بغا ووصيف ومن كان
في رسمهما من الدواوين.
وذكر أن محمد بن أبي عون أحد قواد محمد بن عبد الله ناظره لما صار أبو
أحمد إلى سامرا في قتل بغا ووصيف، فوعده أن يقتلهما، فبعث المعتز إلى
محمد ابن عبد الله بلواء، وعقد لمحمد بن أبي عون لواء على البصرة
واليمامة والبحرين،
(9/354)
فكتب قوم من أصحاب بغا ووصيف إليهما بذلك،
وحذروهما محمد بن عبد الله، فركب وصيف وبغا إليه يوم الثلاثاء لخمس
بقين من ربيع الأول، فقال له بغا: بلغنا أيها الأمير ما ضمنه ابن أبي
عون من قتلنا، والقوم قد غدروا وخالفوا ما فارقونا عليه، والله لو
أرادوا أن يقتلونا ما قدروا عليه فحلف لهما أنه ما علم بشيء من ذلك،
وتكلم بغا بكلام شديد، ووصيف يكفه، وقال وصيف: أيها الأمير، قد غدر
القوم ونحن نمسك ونقعد في منازلنا حتى يجيء من يقتلنا! وكانا دخلا مع
جماعة، ثم رجعا إلى منازلهما، فجمعا جندهما ومواليهما، وأخذا في
الاستعداد وشرى السلاح وتفريق الأموال في جيرانهما إلى سلخ ربيع وكان
وصيف وبغا عند قدوم قرب، وجه إليهما محمد ابن عبد الله كاتبه محمد بن
عيسى، فأقبلا معه حتى صارا عند دار محمد بن عبد الله بقرب الجسر،
فلقيهما جعفر الكردي وابن خالد البرمكي، فتعلق كل واحد منهما بلجام
واحد منهما، وقال لهما: إنما دعيتما لتحملا إلى العسكر، وقد أعد لكما
لذلك قوم أو لتقتلا، فرجعا وجمعا جمعا، وأجريا على كل رجل كل يوم
درهمين، فأقاما في منازلهما.
وكان وصيف وجه أخته سعاد إلى المؤيد، وكان المؤيد في حجرها، فأخرجت من
قصر وصيف الف الف دينار كانت مدفونة فيه، فدفعتها إلى المؤيد، فكلم
المؤيد المعتز في الرضا عن وصيف، فكتب إليه بالرضا عنه، فضرب مضاربه
بباب الشماسية على ان يخرج، وتكلم ابو احمد ابن المتوكل في الرضا عن
بغا، فكتب إليه بالرضا، واضطرب أمرهما وهما مقيمان ببغداد.
ثم اجتمع على المعتز الأتراك فسألوه الأمر بإحضارهما، وقالوا: هما
كبيرانا ورئيسانا، فكتب إليهما بذلك، فجاء بالكتاب بايكباك في نحو من
ثلاثمائة رجل، فأقام بالبردان، ووجه إليهما الكتاب لسبع بقين من شهر
رمضان من هذه السنة، فكتب إلى محمد بن عبد الله بمنعهما، فوجها
بكاتبيهما احمد
(9/355)
ابن صالح ودليل بن يعقوب إلى محمد بن عبد الله ليستأذناه، فأتاهما جيش
من الأتراك، فنزلوا بالمصلى، وخرج وصيف وبغا وأولادهما وفرسانهما في
نحو من أربعمائة إنسان، وخلفا في دورهما الثقل والعيال، ودعا أهل بغداد
لهما ودعوا لهم.
وقد كان ابن طاهر وجه محمد بن يحيى الواثقي وبندار الطبرى الى باب
الشماسيه وباب البرد ان ليمنعوهما، ومضيا من باب خراسان، ونفذا ولم
يعلم كاتباهما حتى قال محمد بن عبد الله لأحمد ودليل: ما صنع صاحبا
كما؟ فقال احمد ابن صالح: خلفت وصيفا في منزله قال: فإنه قد شخص
الساعة، قال:
ما علمت، فلما صار إلى سامرا بكر أحمد بن إسرائيل يوم الأحد لتسع بقين
من شوال من هذه السنة في السحر إلى وصيف، وأقام عنده مليا، ثم انصرف
إلى بغا، فأقام عنده مليا، ثم صار إلى الدار، فاجتمع الموالي وسألوا
ردهما إلى مراتبهما، فأجيبوا إلى ذلك، وبعث إليهما، فحضرا ورتبا في
مرتبتهما التي كانت قبل مصيرهما إلى بغداد، وأمر برد ضياعهما، وخلع
عليهما خلع المرتبة ثم ركب المعتز إلى دار العامة، وعقد لبغا ووصيف على
أعمالهما ورد ديوان البريد كما كان قبل إلى موسى بن بغا الكبير، فقبل
موسى ذلك. |