شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وتسعين
ومائة
فيها أمر الرّشيد بتغيير هيئة أهل الذّمة.
وفيها توفي سلمة بن الأبرش قاضي الرّيّ، وراوي المغازي عن ابن إسحاق،
وهو مختلف في الاحتجاج به، ولكنه في ابن إسحاق ثقة.
وفيها الإمام أبو عبد الله بن عبد الرّحمن بن القاسم العتقيّ، مولاهم،
المصريّ الفقيه، صاحب مالك وله ستون سنة، وقد أنفق أموالا كثيرة في طلب
العلم، ولزم مالكا مدّة، وسأله عن دقائق الفقه.
قال السيوطيّ في «حسن المحاضرة» [1] : عبد الرّحمن بن القاسم بن خالد
العتقيّ المصريّ أبو عبد الله، الفقيه، راوية المسائل عن مالك. روى عن
ابن [2] عيينة وغيره. وعنه أصبغ، وسحنون، وآخرون.
قال ابن حبّان: كان حبرا، فاضلا، تفقّه على مذهب مالك، وفرّع على
أصوله. ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، ومات في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة.
وكان زاهدا، صبورا، مجانبا للسّلطان. انتهى.
وفيها الفضل بن موسى السّينانيّ شيخ مرو ومحدّثها- وسينان من قرى
__________
[1] (1/ 303) .
[2] لفظة «ابن» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، وقد تحرّفت في «حسن
المحاضرة» إلى «أبي» فتصحح فيه.
(2/420)
مرو [1]-. ارتحل وكتب الكثير، وحدّث عن
هشام بن عروة وطبقته.
قال أبو نعيم الكوفيّ: هو أثبت من ابن المبارك.
وقال وكيع: أعرفه ثقة صاحب سنّة.
وقال ابن ناصر الدّين: كان ثقة، متقنا، من كبار أهل مرو، صاحب سنّة [2]
.
وفيها محمد بن سلمة الحرّانيّ الفقيه. محدّث حرّان [3] ومفتيها. روى عن
هشام بن حسّان وطبقته.
قال ابن سعد: كان ثقة فاضلا له رواية وفتوى [4] .
ومخلد [5] بن الحسين الأزديّ المهلّبيّ البصريّ، نزيل المصّيصة.
وكان من عقلاء زمانه وصلحائهم.
ومعمر بن سليمان الرّقّيّ. روى عن إسماعيل بن أبي خالد وطبقته.
وكان من أجلّاء المحدّثين. ذكره الإمام أحمد فذكر من فضله وهيبته.
وقال أبو عبيد: كان من خير من رأيت.
__________
[1] انظر خبرها في «معجم البلدان» (3/ 300) .
[2] انظر ترجمته في «الأنساب» سمعاني (7/ 230) .
[3] يعني حرّان جزيرة أقور التي بين سورية والعراق وتركيا.
[4] قاله الذهبي في «العبر» (1/ 308) .
[5] في الأصل، والمطبوع: «مجالد» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» للذهبي
(1/ 308) وانظر «تهذيب التهذيب» (10/ 72) .
(2/421)
سنة اثنتين وتسعين
ومائة
فيها أول ظهور الخرّميّة [1] ثاروا بجبال أذربيجان [2] ، فغزاهم حازم
بن خزيمة، أو عبد الله بن مالك، فسبى ذراريهم وبيعوا ببغداد [3] .
وفيها هدم حائط جامع المنصور وأعيد بناؤه، وزيد في توسعته.
وفيها توفي الإمام الكبير أبو محمد عبد الله بن إدريس الأوديّ [4]
الكوفيّ الحافظ العابد. روى عن حصين بن عبد الرّحمن وطبقته. وقد روى عن
مالك مع قدمه وجلالته.
__________
[1] في الأصل: «الحرامية» ، وفي المطبوع: «الخرامية» وكلاهما خطأ،
والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 308) و «البداية والنهاية» لابن كثير
(10/ 207) .
قال السمعاني في «الأنساب» (5/ 96) : هذه النسبة إلى طائفة من الباطنية
يقال لهم الخرّمدينية، يعني يدينون بما يريدون ويشتهون، وإنما لقبوا
بذلك لإباحتهم المحرمات من الخمر وسائر اللذات، ونكاح ذوات المحارم،
وفعل ما يتلذذون به، فلما شابهوا في هذه الإباحة المزدكية من المجوس
الذين خرجوا في أيام قباذ وأباحوا النساء كلهنّ وأباحوا سائر المحرمات
إلى أن قتلهم أنوشروان بن قباذ، قيل لهم بهذه المشابهة: خرمدينية، كما
قيل للمزدكية: خرمدينية.
[2] في الأصل: «باروا بجبال أذربيجان» ، وفي المطبوع: «بأروا بجبال
أذربيجان» وكلاهما خطأ، والتصحيح من «مرآة الجنان» لليافعي (1/ 436) .
[3] راجع نص الخبر في «تاريخ الطبري» (8/ 339) ، و «العبر» و «دول
الإسلام» للذهبي و «البداية والنهاية» لابن كثير (10/ 207) .
[4] في «العبر» للذهبي (1/ 308) ، و «مرآة الجنان» لليافعي (1/ 436) :
«الأزديّ» وهو خطأ فيصحح فيهما.
(2/422)
قال أحمد بن حنبل: كان عبد الله بن إدريس
نسيج وحده.
وقال ابن عرفة: ما رأيت بالكوفة أفضل منه.
وقال أبو حاتم: هو إمام من أئمة المسلمين، حجّة.
وقال غيره: لم يكن بالكوفة أعبد لله [1] منه. عاش اثنتين وسبعين سنة.
وقال ابن ناصر الدّين: نسيج وحده علما، وعملا، وعبادة، وورعا، وكان إذا
لحن أحد في كلامه لم يحدّثه. انتهى.
وفيها عليّ بن ظبيان العبسيّ الكوفيّ القاضي، أبو الحسن. ولي قضاء
الجانب الشرقيّ ببغداد، ثم ولي قضاء القضاة. وروى عن أبي حنيفة،
وإسماعيل بن أبي خالد. وكان محمود الأحكام، ديّنا، متواضعا، ضعيف
الحديث.
وفيها الفضل بن يحيى [2] بن خالد البرمكيّ أخو جعفر البرمكي. مات في
السجن، وقد ولي أعمالا جليلة، وكان أندى كفّا من جعفر مع كبر، وتيه [3]
، له أخبار في السخاء المفرط، حتّى إنه وصل مرة بعض أشراف العرب بخمسين
ألف دينار. قاله في «العبر» [4] .
وقال ابن الأهدل: قال محمد بن يزيد الدمشقيّ: ولد للفضل ولد، فقام
الشعراء يوم سابعه يهنئونه، فنثر عليهم الدنانير مطيّبة بالمسك، وأخذوا
وأخذت معهم، ولما خرجوا وخرجت، استدعاني فقال: أحبّ أن تسمعني
__________
[1] لفظ الجلالة لم يرد في «العبر» للذهبي.
[2] في المطبوع: «الفضل بني يحيى» وهو خطأ.
[3] في الأصل: «مع كبروته» وما أثبته من المطبوع و «العبر» للذهبي.
[4] (1/ 309) .
(2/423)
في المولود [1] ، شيئا، فاستعفيته، فقال:
لا بدّ ولو بيتا واحدا، فقلت:
ونفرح بالمولود من آل برمك ... ولا سيّما إن كان من ولد الفضل
ويعرف فيه اليمن [2] عند ولاده ... ببذل النّدى والجود والمجد والفضل
[3]
فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فلما نكبوا اتصل بي الولد المولود في أسوأ
حال، فقلت له: كلّ ما ترى من المال من أجلك فخذه، فلا وارث لي، وأنا
أعيش في فضلك حتّى أموت، فبكى وأبى، فعزمت عليه في البعض، فأبى وكان
آخر عهدي به.
وكان الفضل كثير البرّ بأبيه حتّى في السّجن، وكان في السجن ينشد قول
أبي العتاهية:
إلى الله فيما نالنا نرفع الشّكوى ... ففي يده كشف المضرّة والبلوى
خرجنا من الدّنيا ونحن من أهلها ... فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا
إذا جاءنا السجّان يوما لحاجة ... عجبنا وقلنا جاء هذا من الدّنيا [4]
ولما بلغ الرّشيد خبر موته قال: أمري قريب من أمره، فكان كذلك.
انتهى ما قاله ابن الأهدل.
وقال ابن خلّكان [5] : كان الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي من
أكثرهم كرما، مع كرم البرامكة وسعة جودهم، وكان أكرم من أخيه
__________
[1] في الأصل: «في المولد» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.
[2] في «مرآة الجنان» : «ويعرف فيه الخير» .
[3] حصل تقديم وتأخير وبعض التصحيف في البيتين في الأصل والمطبوع،
وأثبت ما جاء في «مرآة الجنان» لليافعي (1/ 440 و 441) وهو مصدر ابن
الأهدل الذي نقل عنه المؤلف رحمه الله.
[4] الأبيات في «مرآة الجنان» (1/ 447) وتخريجها فيه فراجعه، وفي البيت
الثاني عنده بعض الخلاف.
[5] في «وفيات الأعيان» (4/ 27- 29) .
(2/424)
جعفر، [وكان جعفر] [1] أبلغ في الرسائل
والكتابة منه، وكان هارون الرّشيد قد ولّاه الوزارة قبل جعفر، وأراد أن
ينقلها إلى جعفر، فقال لأبيهما يحيى:
يا أبت- وكان يدعوه: يا أبت- إني أريد أن أريد أن أجعل الخاتم الذي
لأخي الفضل لجعفر وكان يدعو الفضل: يا أخي، فإنهما متقاربان في المولد،
وكانت أمّ الفضل قد أرضعت الرّشيد، واسمها زبيدة من مولّدات المدينة،
والخيزران أمّ الرّشيد أرضعت الفضل، فكانا أخوين من الرّضاع، وفي ذلك
قال مروان بن أبي حفصة يمدح الفضل:
كفى لك فضلا أنّ أفضل حرّة ... غذتك بثدي والخليفة واحد
لقد زنت يحيى في المشاهد كلّها ... كما زان يحيى خالدا في المشاهد [2]
وقال الرّشيد ليحيى: قد احتشمت من الكتاب إليه في ذلك فاكفنيه، فكتب
والده إليه: قد أمر أمير المؤمنين بتحويل الخاتم من يمينك إلى شمالك،
فكتب إليه الفضل: قد سمعت ما قاله [3] أمير المؤمنين في أخي وأطعت، وما
انتقلت عنّي نعمة صارت إليه، ولا غربت عني رتبة طلعت عليه، فقال جعفر:
لله أخي ما أنفس نفسه، وأبين دلائل الفضل عليه، وأقوى منّة العقل فيه،
وأوسع في البلاغة ذرعه.
وكان الرّشيد قد جعل محمدا في حجر الفضل بن يحيى، والمأمون في حجر
جعفر، فاختصّ كل واحد منهما بمن في حجره، ثم إن الرشيد قلّد الفضل عمل
[4] خراسان، فتوجّه إليها وأقام بها مدة، فوصل كتاب صاحب البريد
بخراسان إلى الرّشيد ويحيى جالس بين يديه، ومضمون الكتاب أن
__________
[1] ما بين حاصرتين سقط من الأصل، وأثبته من المطبوع، و «وفيات
الأعيان» .
[2] البيتان في «وفيات الأعيان» (4/ 27) .
[3] في «وفيات الأعيان» : «مقالة» .
[4] في «وفيات الأعيان» : «بعمل» .
(2/425)
الفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدمان
اللّذات عن النظر في أمر الرعيّة، فلما قرأه الرّشيد رمى به إلى يحيى،
وقال له: اقرأ هذا الكتاب واكتب إليه بما يردعه عن هذا، فكتب يحيى على
ظهر كتاب صاحب البريد: حفظك الله يا بني وأمتع بك، قد انتهى إلى أمير
المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد ومداومة اللّذات عن النظر في
أمر [1] الرعية ما أنكره، فعاود ما هو أزين بك، فإنه من عاد إلى ما
يزينه وترك ما يشينه لم يعرفه أهل بلده إلّا به [2] والسّلام، وكتب في
أسفله هذه الأبيات:
انصب نهارا في طلاب العلا ... واصبر على فقد لقاء الحبيب
حتّى إذا اللّيل أتى مقبلا ... واستترت فيه عيون الرقيب
فكابد اللّيل بما تشتهي ... فإنما اللّيل نهار الأريب
كم من فتى تحسبه ناسكا ... يستقبل الليل بأمر عجيب
غطّى عليه اللّيل أستاره ... فبات في لهو وعيش خصيب
ولذّة الأحمق مكشوفة ... يسعى بها كلّ عدوّ رقيب [3]
والرّشيد ينظر إلى ما يكتب، فلما فرغ قال: قد [4] أبلغت يا أبت، ولما
ورد الكتاب على الفضل لم يفارق المسجد [نهارا] [5] إلى أن انصرف من
عمله.
ومن مناقبه أنه لما ولي [6] خراسان، دخل إلى بلخ وهي [7] وطنهم،
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : «أمور» .
[2] في «وفيات الأعيان» : «إلى ما يزينه أو يشينه لم يعرفه أهل دهره
إلا به» .
[3] الأبيات في «وفيات الأعيان» (4/ 28) .
[4] لفظة «قد» لم ترد في «وفيات الأعيان» .
[5] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[6] في «وفيات الأعيان» : «لما تولى» .
[7] في «وفيات الأعيان» : «وهو» .
(2/426)
وبها النوبهار، وهو بيت النّار التي كانت
المجوس تعبدها، وكان جدّهم برمك خادم ذلك البيت، فأراد الفضل هدم ذلك
البيت، فلم يقدر لإحكام بنائه، فهدم منه ناحية وبنى فيها مسجدا. انتهى
ملخصا.
وفيها مفتي الأندلس وخطيب قرطبة، صعصعة بن سلّام الدمشقيّ. أخذ عن
الأوزاعيّ، ومالك، والكبار. وأخذ عنه عبد الملك بن حبيب وجماعة.
(2/427)
سنة ثلاث وتسعين
ومائة
فيها سار الرّشيد إلى خراسان ليمهّد قواعدها، وكان قد بعث في العام
الماضي هرثمة بن أعين فقبض له على الأمير عليّ بن عيسى بن ماهان بحيلة
وخديعة، واستصفى أمواله وخزائنه، فبعث بها، فوافت الرّشيد وهو بجرجان،
على ألف وخمسمائة جمل [1] ثم سار إلى طوس في صفر وهو عليل، وكان رافع
بن اللّيث قد استولى على ما وراء النهر وعصى، فالتقى جيشه وعليهم أخوه
وهرثمة [2] فهزمهم وقتل أخو رافع، وملك هرثمة بخارى.
وفي ذي القعدة، توفي الإمام العلم أبو بشر إسماعيل بن عليّة الأسديّ،
مولاهم، البصريّ، واسم أبيه إبراهيم بن مقسم، وعليّة أمّه. سمع أيوب
وطبقته.
قال يزيد بن هارون [3] : دخلت البصرة وما بها أحد يفضل في الحديث على
ابن عليّة.
وقال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.
__________
[1] تصحفت في الأصل، والمطبوع إلى «حمل» والتصحيح من «العبر» للذهبي
(1/ 310) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «وعليهم أخوهم وهرثمة» ، وأثبت لفظ «العبر»
للذهبي وهو مصدر المؤلف في نقله.
[3] تحرّف في «العبر» للذهبي (1/ 310) إلى «فهد بن هارون» .
(2/428)
وقال ابن معين: كان ثقة، ورعا، تقيا.
وقال شعبة: ابن عليّة سيّد المحدّثين.
وقال ابن ناصر الدّين: كان ثبتا، متقنا، لم يحفظ عنه خطأ فيما يرويه،
وشهرته بأمه عليّة دون أبيه. انتهى.
وبعده بأيام توفي محمد بن جعفر غندر الحافظ، أبو عبد الله، البصريّ،
صاحب شعبة. وقد روى عن حسين المعلّم وطائفة. وقال: لزمت شعبة عشرين
سنة.
قال ابن معين: كان من أصحّ النّاس كتابا.
وقال غيره: مكث غندر خمسين سنة يصوم يوما ويفطر يوما.
وقال ابن ناصر الدّين: روى عنه أحمد، وابن المديني، وغيرهما. كان أصحّ
النّاس كتابا في زمانه، وكان فيه بعض تغفل مع إتقانه. انتهى.
وفيها مخلد بن يزيد [1] الحرّانيّ محدّث رحّال. روى عن يحيى بن سعيد
الأنصاري وطبقته.
وفيها في ذي الحجة أبو عبد الله مروان بن معاوية الفزاريّ الكوفيّ
الحافظ نزيل دمشق، وابن عمّ أبي إسحاق [الفزاريّ] [2] . روى عن حميد
الطّويل وطبقته.
قال أحمد: ثبت حافظ.
وقال ابن المديني: ثقة فيما روى عن المعروفين.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «مجالد بن يزيد» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي (1/ 311) ، و «تهذيب التهذيب» لابن حجر (10/ 77) .
[2] زيادة من «العبر» للذهبي (1/ 311) .
(2/429)
وقال ابن ناصر الدّين: كان ثقة حجة.
وقال في «المغني» [1] : ثقة حجة. لكنه يكتب عمّن دبّ ودرج، فينظر في
شيوخه.
وفيها الإمام أبو بكر بن عيّاش الأسديّ مولاهم، الكوفيّ الحنّاط [2]
شيخ الكوفة في القراءة [والحديث] [3] وله بضع وتسعون سنة. كان أجلّ
أصحاب عاصم. قطع الإقراء [من] [4] قبل موته بتسع عشرة سنة.
وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدا أسرع إلى السّنّة من أبي بكر بن عيّاش.
وقال غيره: كان لا يفتر من التلاوة، قرأ اثنتي عشرة [5] ألف ختمة. وقيل
أربعين ألف ختمة [6] .
وفيها العبّاس بن الأحنف أحد الشعراء المجيدين، ولا سيما في الغزل، ومن
شعره:
إذا هي لم تأتيك إلّا بشافع ... فلا خير في ودّ يكون بشافع
__________
[1] «المغني في الضعفاء» للذهبي (2/ 652) .
[2] تحرّفت في «العبر» للذهبي إلى «الخياط» فتصحح فيه.
قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (8/ 436) : وفي اسمه أقوال: أشهرها
شعبة، فإن أبا هاشم الرفاعي، وحسين بن عبد الأول سألاه عن اسمه، فقال:
شعبة. وسأله يحيى بن آدم وغيره عن اسمه، فقال: اسمي كنيتي. وأما
النسائيّ فقال: اسمه محمد. وقيل: اسمه مطرف. وقيل: رؤبة. وقيل: عتيق.
وقيل: سالم، وقيل: أحمد، وعنترة، وقاسم، وحسين، وعطاء، وحمّاد، وعبد
الله.
[3] زيادة من «العبر» للذهبي، وهو مصدر المؤلف في نقله.
[4] زيادة من «العبر» للذهبي.
[5] في الأصل: «اثنتي عشر» .
[6] في «العبر» للذهبي: «وقيل: أربعة وعشرين ألف ختمة» .
(2/430)
فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ... ولكن لعلمي
أنّه غير نافع
وإني وإن لم ألزم الصّبر طائعا ... فلا بدّ منه مكرها غير طائع [1]
وفي ثالث جمادى الآخرة توفي هارون الرّشيد أبو جعفر بن المهدي محمد بن
المنصور بن عبد الله العبّاسي بطوس. روى عن أبيه، وجدّه، ومبارك بن
فضالة، وحجّ مرّات في خلافته، وغزا عدة غزوات، حتّى قيل فيه:
فمن يطلب لقاءك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثّغور [2]
وكان شهما، شجاعا، حازما، جوادا، ممدّحا، فيه دين وسنّة مع انهماكه على
اللّذات، والقيان، وكان أبيض، طويلا، سمينا، مليحا، قد وخطه الشّيب.
وورد أنه كان يصلّي في اليوم مائة ركعة إلى أن مات.
ويتصدّق كل يوم من بيت ماله بألف درهم. وكان يخضع للكبار ويتأدب معهم.
وعظه الفضيل، وابن السمّاك، وغيرهما. وله مشاركة في الفقه، والعلم،
والأدب. قاله في «العبر» [2] .
وقال ابن الفرات: كان الرّشيد يتواضع لأهل العلم والدّين، ويكثر من
محاضرة العلماء والصالحين.
قال عليّ بن المديني: سمعت أبا معاوية الضّرير يقول: أكلت مع الرّشيد
طعاما يوما من الأيام، فصبّ على يديّ رجل لا أعرفه، فقال هارون:
يا أبا معاوية! تدري من يصبّ على يديك؟ قلت: لا. قال: أنا. قلت: أنت
أمير المؤمنين! قال: نعم إجلالا للعلم.
__________
[1] لم أجد الأبيات في «ديوانه» طبع دار صادر، وهي في «مرآة الجنان»
(1/ 447) مع بعض الخلاف.
[2] (1/ 312) .
(2/431)
ودخل عليه منصور بن عمّار، فأدناه، وقرّبه.
فقال له منصور:
لتواضعك في شرفك أحبّ إلينا من شرفك. فقال له: يا أبا السّريّ عظني
وأوجز، فقال: من عفّ في جماله، وواسى [1] من ماله، وعدل في سلطانه،
كتبه الله من الأبرار. وكان طيّب النفس فكها، يحبّ المزح [2] ويميل إلى
أهل العفّة، ويكره المراء في الدّين.
قال عليّ بن صالح: كان مع الرّشيد ابن أبي مريم المديني، وكان مضحاكا،
محداثا، فكها، وكان الرّشيد لا يصبر عن محادثته، وكان قد جمع إلى ذلك
المعرفة بأخبار أهل الحجاز، ولطائف المجان، فبلغ من خصوصيته به أنه
أنزله منزلا في قصره، وخلطه ببطانته وغلمانه، فجاء ذات ليلة وهو نائم
وقد طلع الفجر، فكشف اللحاف عن ظهره، ثم قال له: كيف أصبحت؟
فقال: يا هذا ما أصبحت بعد، مر إلى عملك. قال: ويلك قم إلى الصّلاة،
فقال: هذا وقت صلاة أبي الجارود [3] وأنا من أصحاب أبي يوسف القاضي،
فمضى وتركه نائما، وقام الرّشيد إلى الصّلاة، وأخذ يقرأ في الصلاة
الصبح وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي 36: 22 [يس: 22] وأرتج
عليه [4] فقال له ابن أبي مريم: لا أدري والله لم لا تعبده. فما تمالك
الرّشيد أن ضحك في صلاته، ثم التفت إليه كالمغضب. وقال: يا هذا ما
صنعت؟ قطعت عليّ الصّلاة.
__________
[1] في الأصل: «وأوسي» وهو خطأ، وأثبت ما جاء في المطبوع.
[2] في المطبوع: «المزاح» .
[3] هو زياد بن المنذر الهمذاني، أبو الجارود، رأس «الجارودية» من
الزيدية. من أهل الكوفة.
كان من غلاة الشيعة. افترق أصحابه فرقا، وفيهم من كفّر الصحابة بتركهم
بيعة عليّ رضي الله عنه بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم. له كتب،
منها «التفسير» رواية عن أبي جعفر الباقر. وكان يزعم أن النبي صلى الله
عليه وسلم نصّ على إمامة عليّ بالوصف لا بالتسمية. مات سنة (150) هـ.
انظر «الأعلام» للزركلي (3/ 55) .
[4] أي لم يقدر على القراءة، كأنه أطبق عليه كما يرتج الباب. انظر
«مختار الصحاح» ص (232) «رتج» . (ع) .
(2/432)
قال: والله ما فعلت، إنما سمعت منك كلاما
غمّني حين سمعته، فضحك الرّشيد. وقال: إيّاك والقرآن والدّين، ولك ما
شئت بعدهما.
وكان للرّشيد فطنة وذكاء.
قال الأصمعيّ: تأخرت عن الرّشيد ثم جئته، فقال: كيف كنت يا أصمعي؟ قلت:
بتّ والله بليلة النابغة، فقال: أنا والله هو:
فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة ... من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع
فعجبت من ذكائه وفطنته لمّا قصدته.
ودخل الأصمعيّ على الرّشيد ومعه بنيّة له، فقال له الرّشيد: قبّلها،
فسكت الأصمعيّ، فقال: قبّل ويلك، فقال الأصمعيّ في نفسه: إن فعلت
قتلني، ثم قام فوضع كمّه على رأسها، ثم قبّل. فقال: والله لو أخطأت هذا
لضربت عنقك.
وكان الرّشيد- رحمه الله- يحبّ الحديث وأهله، وسمع الحديث من مالك بن
أنس، وإبراهيم بن سعد الزّهري، وأكثر حديثه عن آبائه. وروى عنه القاضي
أبو يوسف، والإمام الشّافعي رضي الله عنهما. ذكر ذلك ابن الجوزي.
ومما رواه الرّشيد عن النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- «عقّوا عن أولادكم
فإنها نجاة لهم من كلّ آفة» [1] .
وكان كثير البكاء من خشية الله تعالى، سريع الدمعة عند الذكر، محبّا
للمواعظ.
__________
[1] لم أره بهذا اللفظ، والمحفوظ ما رواه البيهقي في «السنن الكبرى»
(9/ 301- 302) : «عقوا عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة» من حديث أبي
هريرة رضي الله عنه.
(2/433)
قال يحيى بن أيوب العابد: سمعت منصور بن
عمّار يقول: ما رأيت أغزر دمعا عند الذّكر من ثلاثة: فضيل بن عياض،
وأبي عبد الرّحمن الزّاهد، وهارون الرّشيد.
ودخل الإمام الشّافعيّ- رضي الله عنه- على الرّشيد فقال له: عظني،
فقال: على شرط رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصيحة. قال: نعم.
قال: اعلم أن من أطال عنان الأمل في الغرّة طوى عنان الحذر في المهلة.
ومن لم يعوّل على طريق النجاة خسر يوم القيامة إذا امتدت إليه [1] يد
الندامة. فبكى هارون ووصله بمال جزيل.
ودخل ابن السّمّاك على الرّشيد، فاستسقى الرّشيد ماء، فقال له ابن
السّمّاك: بالله يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم تشتريها؟
قال:
بملكي. قال: لو منعت خروجها بكم كنت تشتريه؟ قال: بملكي. فقال: إن ملكا
قيمته شربة ماء لجدير أن لا ينافس فيه.
وكان للرّشيد شعر حسن منه:
ملك الثّلاث الغانيات عناني ... وحللن من قلبي بكلّ مكان
ما لي تطاوعني البريّة كلّها ... وأطيعهنّ وهنّ في عصياني
ما ذاك إلّا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعزّ من سلطاني
وكان نقش خاتم الرّشيد، العظمة والقدرة لله. انتهى ما قاله ابن الفرات
ملخصا.
وقال ابن قتيبة في «المعارف» [2] : وأفضت الخلافة إلى هارون الرّشيد
سنة سبعين ومائة. وبويع له في اليوم الذي توفي فيه موسى ببغداد. وولد
له
__________
[1] لفظة «إليه» سقطت من المطبوع.
[2] ص (381- 383) بتحقيق الدكتور ثروة عكاشة، طبع دار المعارف بمصر،
والمؤلف ينقل عنه بتصرف.
(2/434)
ابنه عبد الله المأمون ليلة أفضت الخلافة
إليه في صبيحتها. وأمه الخيزران وكانت تنزل الخلد ببغداد في الجانب
الغربيّ.
وكان يحيى بن خالد وزيره، وابناه الفضل، وجعفر، ينزلون في رحبة الخلد،
ثم ابتنى جعفر قصره بالدّور، ولم ينزله حتّى قتل. وحجّ هارون بالنّاس
ستّ حجج، آخرها سنة ستّ وثمانين ومائة.
وحجّ معه في هذه السنة ابناه ووليّا عهده: محمد الأمين، وعبد الله
المأمون. وكتب لكل واحد منهما على صاحبه كتابا، وعلّقه في الكعبة.
فلما انصرف، نزل الأنبار.
ثم حجّ بالناس سنة ثمان وثمانين [ومائة] [1] .
وقتل جعفر بن يحيى بالعمر [2] موضع بقرب الأنبار سنة تسع وثمانين ومائة
[3] آخر يوم من المحرم، وبعث بجثته إلى بغداد.
ولم يزل يحيى بن خالد، وابنه الفضل محبوسين حتّى ماتا بالرّقّة.
وخرج الوليد بن طريف الشّاري في خلافته، وهزم غير مرة عسكره [4] ،
فوجّه إليه يزيد بن مزيد، فظفر به فقتله.
وخرج بعده خراشة [5] الشّاري أيضا.
وقتل هارون أنس بن أبي شيخ، وهو ابن أخي خالد الحذّاء [6]
__________
[1] زيادة من «المعارف» .
[2] في الأصل: «بالقم» وهو خطأ، وأثبت ما جاء في المطبوع وهو موافق لما
في «المعارف» .
[3] كذا في الأصل، والمطبوع: «سنة تسع وثمانين ومائة» ، وفي «المعارف»
ط. د. ثروة عكاشة ص (382) ، وط. الصاوي ص (167) : «سنة سبع وثمانين
ومائة» .
[4] في «المعارف» بطبعتيه: «وهزم غير مرة عسكر» .
[5] في الأصل، والمطبوع، و «المعارف» ط. الصاوي: «حراشة» وهو تصحيف،
والتصحيح من «المعارف» ط. د. عكاشة.
[6] في الأصل، والمطبوع: «وهو ابن أبي خالد الحذاء» وما أثبته من
«المعارف» بطبعتيه.
(2/435)
المحدّث. وكان أنس صديقا لجعفر بن يحيى،
وصلبه بالرّقّة، وكان يرمى بالزندقة. وكذلك البرامكة [كانوا] [1] يرمون
بالزّندقة، إلّا من عصم الله منهم، ولذلك قال الأصمعيّ فيهم:
إذا ذكر الشّرك في مجلس ... أضاءت قلوب [2] بني برمك
وإن تليت عندهم آية ... أتوا بالأحاديث عن مزدك
وغزا هارون سنة تسعين ومائة الرّوم، فافتتح هرقلة، وظفر ببنت بطريقها،
فاستخلصها لنفسه، فلما انصرف ظهر رافع بن ليث بن نصر بن سيّار
بطخارستان مباينا لعلي بن عيسى، فوجّه إليه هرثمة لمحاربته وإشخاص علي
بن عيسى إليه، فلما قدم عليه أمر بحبسه واستصفى [3] أمواله، وأموال
ولده.
وتوجّه هارون سنة اثنتين وتسعين ومائة ومعه المأمون نحو خراسان حتّى
قدم طوس فمرض بها ومات، وقبره [4] هناك.
وكانت وفاته ليلة السبت، لثلاث خلون من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وتسعين
ومائة، وقد بلغ من السن سبعا وأربعين سنة. وكانت ولايته ثلاثا وعشرين
سنة، وشهرين، وسبعة عشر يوما. ومن ولد هارون: محمد، أمه زبيدة بنت جعفر
بن أبي جعفر، والمأمون، واسمه عبد الله، وأمه تسمى مراجل. والمؤتمن
واسمه القاسم، وصالح، وأبو عيسى، وأبو إسحاق المعتصم [وأبو يعقوب] [5]
، وحمدونة، وغيرهم. انتهى ما قاله ابن قتيبة.
__________
[1] زيادة من «المعارف» لابن قتيبة ط. د. عكاشة.
[2] في الأصل، والمطبوع: «أثارت قلوب» وأثبت ما في «المعارف» .
[3] في «المعارف» : «واستصفاء» .
[4] في «المعارف» : «فقبره» .
[5] زيادة من «المعارف» لابن قتيبة.
(2/436)
وقال ابن الأهدل: وفي إمرة الرّشيد وأخيه
الهادي قام يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنّى وبثّ دعاته في الأرض،
وبايعه كثيرون من أهل الحرمين، واليمن، ومصر، والعراقين. وبايعه من
العلماء محمد بن إدريس الشّافعي، وعبد ربّه بن علقمة، وسليمان بن جرير،
وبشر بن المعتمر، والحسن بن صالح، وغيرهم. وكان هذا في زمن الهادي،
فلما فتّش عنه الرّشيد وأخذ عليه بالرصد والطلب، وأمعن في ذلك، فلحق
يحيى بخاقان ملك التّرك، وأقام عنده سنتين وستة أشهر والكتب ترد عليه
من هارون، وعماله يسألونه تسليم يحيى، فأبى وقال: لا أرى في ديني
الغدر، وهو رجل من ولد نبيّكم، شيخ عالم. وقيل: إنه أسلم على يديه
سرّا، ثم رحل يحيى من عنده إلى طبرستان، ثم إلى الدّيلم، فأنفذ هارون
في طلبه الفضل بن يحيى البرمكي في ثمانين ألف رجل، وكاتبه ملك الدّيلم
من الرّيّ، وبذلوا له الأموال حتّى انخدع، ولما فهم يحيى فشله قبل أمان
الرّشيد بالأيمان المغلّظة، وكتب له بذلك نسختين، ونسخة عنده، ونسخة
عند يحيى البرمكي، فلما قدم عليه أظهر برّه وكرامته. وأعطاه مالا
جزيلا، ثم خرج إلى المدينة بإذنه، وقيل: بإذن الفضل دونه، وفرّق المال
بالمدينة على قرابته، وقضى دين الحسين بن علي، وحجّ ولم يزل آمنا حتّى
وشى به عبد الله بن مصعب الزّبيريّ، فاستدعاه الرّشيد وأخبره بقول
الزّبيريّ، فقال يحيى: إن هذا قد كان بايع أخي محمدا ومدحه بقوله:
قوموا بأمركم ننهض بنصرتنا ... إنّ الخلافة فيكم يا بني الحسن
واليوم يكذب عليّ ويسعى بي إليك، فصدّقه هارون وعذره، ومات ابن مصعب في
اليوم الثالث.
قيل: وسبب نقض أمان يحيى أنه قال له الرشيد في مناظرات عددها ويحيى في
كلّها يقيم له الحجّة على نفسه اتقاء لشرّه، حتّى قال له: من
(2/437)
أقرب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
منّا؟ فاستعفاه فلم يعفه، وكرّر ذلك مرارا، فلم يعفه، فقال له يحيى بعد
لجاج عظيم: لو بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أكان له أن يتزوج
فيكم؟ فقال الرّشيد: نعم، قال: فنحن له أن يتزوج فينا؟ قال: لا.
قال: فهذه حسب، فأنف الرّشيد وغضب، وطلب الفقهاء، فاستفتاهم في نقض
أمان يحيى، فأحجم بعضهم، وتكلم بعضهم بموجب العلم أنه لا سبيل إلى
نقضه، وقال بعضهم: هذا رجل شقّ عصا المسلمين، وسفك الدماء، لا أمان له،
فأمر الرّشيد بحبسه، وضيّق عليه حتّى مات محبوسا.
وقيل: إنه شدّ إلى جدار، وسمر على يديه ورجليه، وسدّ عليه المنافذ حتّى
مات، وقيل: إنه وقع رقعة [1] ودفعها إلى يحيى بن خالد وحرّج عليه
بوقوفه بين يدي الله إلّا كتمها إلى موته، ثم يدفعها إلى هارون، فدفعها
بعد موته إلى هارون، فإذا فيها:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، يا هارون المستعدى [عليه] [2] ، قد تقدم
والخصم بالأثر، والقاضي لا يحتاج إلى بيّنة.
وأما إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنّى فإنه لما انفلت من وقعة فخّ
لحق بالمغرب ومعه ابن أخيه محمد بن سليمان الذي قتل بفخّ، فتمكن بها
ودعا ونشر دعوته، وأجابوه، واستعمل ابن أخيه على أدنى المغرب من تاهرت
إلى فاس، وبقي بها وولده يتوارثونها، وانتشر ملكهم، واستقروا.
يقال: إن إدريس أدرك بالسمّ إلى هناك، وأوصى إلى ابنه إدريس بن إدريس،
فقام بالأمر إحدى وعشرين سنة، وأوصى إلى ابنه إدريس المثلث، وكان أحد
العلماء.
قال صاحب كتاب «روضة الأخبار» : وهم على ذلك إلى هذه الغاية،
__________
[1] في المطبوع: «وقع في رقعة» .
[2] لفظة «عليه» لم ترد في الأصل وأثبتها من المطبوع.
(2/438)
يتوارثون المغرب، والبربر.
ويقال: إن عبد المؤمن القائم اليوم بأرض المغرب ينسب إلى بني الحسن بن
علي، ظهر على الأندلس سنة أربعين وخمسمائة، وفيه يقول الشاعر من قصيدة
طويلة:
ما هزّ عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد القائم بن علي
وقد ملكوا المغرب كلهم والأندلس إلى يومنا هذا، وهي سنة سبع وعشرين
وستمائة. انتهى ما قاله ابن الأهدل.
وفيها، وقيل: بعدها فقيه الأندلس زياد بن عبد الرّحمن اللّخميّ شبطون،
صاحب مالك، وعليه تفقّه يحيى بن يحيى قبل أن يرحل إلى مالك، وكان زياد
ناسكا، ورعا، أريد على القضاء فهرب.
وفيها قتل نقفور ملك الرّوم في حرب برجان [1] وكانت مملكته تسعة أعوام،
وملك بعده ابنه شهرين وهلك، فملك زوج أخته ميخائيل بن جرجس لعنهم الله
تعالى.
__________
[1] قال الدكتور صلاح الدّين المنجد في تعليقه على «العبر في خبر من
عبر» للذهبي (1/ 313) : كذا كان يسمى ملك البلغار، فإن الحرب التي قتل
فيها نقفور كانت مع البلغار.
(2/439)
سنة أربع وتسعين
ومائة
فيها وثبت [1] الرّوم على ملكهم ميخائيل، فهرب وترهّب، وقام بعده ليون
القائد.
وفيها مبدأ الفتنة بين الأمين والمأمون. وكان الرّشيد أبوهما قد عهد
[2] بالعهد للأمين، ثم [من] [3] بعده للمأمون. وكان المأمون على إمرة
خراسان، فشرع الأمين في العمل على خلع أخيه ليقدّم ولده ابن خمس سنين،
وأخذ يبذل [4] الأموال للقوّاد ليقوموا معه في ذلك. ونصحه أولو الرّأي
فلم يرعو [5] حتّى آل الأمر إلى أن قتل.
وفي آخرها توفي الإمام أبو عمر حفص بن غياث بن طلق النّخعيّ قاضي
الكوفة، وقاضي بغداد. روى عن الأعمش وطبقته، وعاش خمسا وسبعين سنة.
قال يحيى القطّان: حفص أوثق أصحاب الأعمش.
__________
[1] في «العبر» : «وثب» .
[2] في «العبر» : «عقد» .
[3] زيادة من «العبر» .
[4] في «العبر» : «يهدي» .
[5] في الأصل: «يرعوي» وأثبت ما في المطبوع.
(2/440)
وقال سجّادة [1] : كان يقال: ختم القضاء
بحفص بن غياث.
وقال ابن معين: جميع ما حدّث به حفص بالكوفة، وبغداد فمن حفظه.
وقال حفص: والله ما وليت القضاء حتّى حملت لي الميتة.
وقال ابن ناصر الدّين: كان حفص ثقة متقنا، تكلّم في بعض حفظه.
وفيها سويد بن عبد العزيز الدّمشقيّ قاضي بعلبك، قرأ القرآن على يحيى
الذّماري. روى عن أبي الزّبير المكّي، وعاش بضعا وثمانين سنة وضعفوه.
وعبد الوهّاب بن عبد المجيد الثقفيّ محدّث البصرة. روى عن أيوب
السّختياني، ومالك بن دينار، وطبقتهما.
وقال الفلّاس: كانت غلّته في السنة أربعين ألفا ينفقها كلّها على أصحاب
الحديث.
وقال أبو إسحاق النظّام المتكلّم: وذكر عبد الوهّاب، هو والله أحلى من
أمن بعد خوف، وبرء بعد سقم، وخصب بعد جدب، وغنى بعد فقر، ومن طاعة
المحبوب وفرج المكروب.
وقال ابن ناصر الدّين: هو ثبت متقن.
ومحمد بن [أبي] [2] عدي البصريّ المحدّث. روى عن حميد وطبقته، وكان أحد
الثقات الكبار، ويقال له: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي [3] .
__________
[1] هو الحسن بن حمّاد بن كسيب الحضرمي، أبو علي، البغدادي، يلقب
سجادة. انظر «تقريب التهذيب» لابن حجر (1/ 165) .
[2] لفظة «أبي» التي بين حاصرتين سقطت من الأصل، والمطبوع، واستدركتها
من «العبر» للذهبي (1/ 315) .
[3] انظر «تهذيب التهذيب» لابن حجر (9/ 12) .
(2/441)
قال ابن ناصر الدّين: مشهور بالحفظ والثقة.
ومحمد بن حرب الخولانيّ الأبرش الحمصيّ، قاضي دمشق. روى عن الزّبيدي
فأكثر، وعن محمد بن زياد الألهاني، وكان حافظا مكثرا.
ويحيى بن سعيد بن أبان الأمويّ الكوفيّ الحافظ، ولقبه جمل [1] روى عن
الأعمش وخلق، وحمل المغازي عن ابن إسحاق، واعتنى بها وزاد فيها أشياء.
وقال ابن ناصر الدّين: يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن
الأحيحة أبو أيوب القرشيّ الأمويّ الكوفيّ، كان ثبتا، حافظا، نبيلا،
كان يلقب جملا [2] عنده عن الأعمش غرائب، ووهم من جعله أحد الأخوة، عمر
الأشدق، وعبد الله، وعنبسة، إنما ذلك أخو أبان جدّ يحيى المذكور، وكان
من التابعين. انتهى.
وفيها استشهد في غزوة أبو علي شقيق البلخيّ الزّاهد، شيخ خراسان.
سافر مرّة وفي صحبته ثلاثمائة مريد. وهو شيخ حاتم الأصم [3] .
وفيها قاسم بن يزيد الجرمي الموصلي عالم الموصل وزاهدها ومحدّثها
المشهور وعابدها.
وفيها سلم بن سالم [3] البلخيّ الزّاهد. روى عن ابن جريج وجماعة، وكان
صوّاما، قوّاما، عجبا في الأمر بالمعروف.
وقال أبو مقاتل السّمرقنديّ: سلم [4] في زماننا كعمر بن الخطّاب في
زمانه.
__________
[1] في الأصل: «جميل» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.
[2] في الأصل: «جميل» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.
[3] تأخر ورود هذه الفقرة في المطبوع إلى عقب الخبر عن قاسم بن يزيد
الجرمي.
[4] في الأصل، والمطبوع: «سالم بن سالم» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي. وانظر «المغني في الضعفاء» للذهبي أيضا (1/ 273) .
(2/442)
قال في «العبر» [1] : قلت: هو وشقيق ضعيفان
في الحديث. انتهى.
وفيها عمر بن هارون البلخيّ. روى عن جعفر الصّادق وطبقته، وكان كثير
الحديث، بصيرا بالقراءات، تركوه. قاله في «العبر» [2] .
__________
[1] (1/ 316) .
[2] (1/ 316) .
(2/443)
سنة خمس وتسعين
ومائة
لما تيقّن المأمون أن الأمين خلعه تسمّى بإمام المؤمنين، وكوتب بذلك،
وجهّز الأمين عليّ بن عيسى بن ماهان في جيش عظيم أنفق عليهم أموالا لا
تحصى، وأخذ عليّ معه [1] قيد فضّة ليقيّد به المأمون بزعمه. فبلغ إلى
الرّيّ، وأقبل طاهر بن الحسين الخزاعيّ في نحو أربعة آلاف، فأشرف على
جيش ابن ماهان وهم يلبسون السلاح، وقد امتلأت الصحراء بهم [2] بياضا
وصفرة في العدد المذهّبة. فقال طاهر: هذا ما لا قبل لنا به، ولكن
اجعلوها خارجية، واقصدوا القلب [3] ، ثم قبل ذلك ذكّروا ابن ماهان
الأيمان التي في عنقه للمأمون، فلم يلتفت، وبرز فارس من جند ابن ماهان
فحمل عليه طاهر بن الحسين فقتله، وشدّ داود سياه [4] على علي بن عيسى
بن ماهان فطعنه وصرعه، وهو لا يعرفه، ثم ذبحه بالسيف، فانهزم جيشه،
فحمل
__________
[1] في الأصل: «معه عليّ» ، وأثبت ما في المطبوع.
[2] في «العبر» : «بهم الصحراء» .
[3] في الأصل: «اقصدوا الكلب» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في
«العبر» للذهبي (1/ 316) .
[4] في الأصل: «داود شياه» ، وفي المطبوع، و «العبر» للذهبي «داود
شباه» . والتصحيح من «تاريخ الطبري» (8/ 393) ، و «الكامل في التاريخ»
لابن الأثير (6/ 244 و 457) .
(2/444)
رأسه [1] على رمح، وأعتق طاهر مماليكه شكرا
لله، وشرع أمر الأمين في سفال، وملكه في زوال.
قيل: إنه لما بلغه قتل ابن ماهان وهزيمة جيشه كان يتصيّد سمكا، فقال
لليزيديّ [2] : ويلك دعني كوثر [قد] [3] صاد سمكتين وأنا ما صدت شيئا
بعد، وندم في الباطن على خلع أخيه، وطمع فيه أمراؤه، ولقد فرّق عليهم
أموالا لا تحصى حتّى فرّغ الخزائن وما نفعوه، وجهّز جيشا فالتقاهم طاهر
أيضا بهمذان [4] فقتل في المصافّ خلق كثير من الفريقين، وانتصر طاهر
بعد وقعتين أو ثلاث.
وقتل مقدّم جيش الأمين عبد الرّحمن الأساوي أحد الفرسان المذكورين بعد
أن قتل جماعة، وزحف طاهر حتّى نزل بحلوان [5] .
وفيها ظهر بدمشق أبو العميطر السفيانيّ، فبايعوه بالخلافة، واسمه علي
بن عبد الله بن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فطرد
عاملها الأمير سليمان بن المنصور، فسيّر إليه الأمين عسكرا لحربه،
فنزلوا الرّقّة ولم يقدموا عليه. قاله في «العبر» [6] .
وفيها توفي إسحاق بن يوسف الأزرق محدّث واسط.
روى عن
__________
[1] في «العبر» للذهبي «وحمل رأسه» .
[2] في «العبر» : «للبريدي» .
[3] لفظة «قد» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع، و «العبر» للذهبي.
[4] في «العبر» : «بهمدان» وهو خطأ، فهمدان قبيلة من قبائل العرب،
وهمذان بلد من بلدان فارس. انظر «اللباب في تهذيب الأنساب» لابن الأثير
(3/ 391) ، و «معجم البلدان» (5/ 410) .
[5] قال ياقوت: حلوان: بليدة بقوهستان نيسابور، وهي آخر حدود خراسان
مما يلي أصبهان.
انظر «معجم البلدان» (2/ 294) .
[6] (1/ 317- 318) .
(2/445)
الأعمش وطبقته، وكان حافظا، عابدا، يقال:
إنه بقي عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء.
قال ابن ناصر الدّين: إسحاق بن يوسف بن مرداس القرشيّ الواسطيّ أبو
محمّد، حدّث عنه خلق، منهم: أحمد، وابن معين. كان من الحفّاظ النّقّاد،
والصلحاء العبّاد. انتهى.
وفيها بشر بن السّريّ البصريّ الأفوه نزيل مكّة. كان فصيحا بالمواعظ
مفوّها ذا صلاح.
وقال أحمد: كان متقنا للحديث عجبا. روى عن مسعر، والثّوري، وطبقتهما.
قال في «المغني» [1] : بشر بن السّريّ أبو عمرو الأفوه، وثّقه ابن معين
وغيره، وأما الحميديّ أبو بكر فقال: كان جهميا لا يحلّ أن يكتب عنه.
وقال ابن عديّ: يقع في حديثه منكر، وهو في نفسه لا بأس به.
قلت [2] : رجع عن التجهّم. انتهى.
وفيها أبو معاوية الضّرير محمد بن معاوية الكوفيّ الحافظ، ولد سنة ثلاث
عشرة ومائة، ولزم الأعمش عشر سنين.
قال أبو نعيم: سمعت الأعمش يقول لأبي معاوية: أمّا أنت فقد ربطت رأس
كيسك.
وكان شعبة إذا توقّف في حديث الأعمش راجع أبا معاوية وسأله عنه.
وقال ابن ناصر الدّين: أبو معاوية محمد بن خازم الضّرير التّيميّ
السعديّ، كان حافظا، ثبتا، محدّث الكوفة، وكان من الثقات وربما دلّس،
__________
[1] يعني «المغني في الضعفاء» للذهبي (1/ 105) .
[2] القائل الحافظ الذهبي في «المغني» .
(2/446)
وكان يرى الإرجاء، فيقال: إن وكيعا لم يحضر
جنازته لذلك. انتهى.
وفيها عبد الرّحمن بن محمّد المحاربيّ الحافظ. روى عن عبد الملك بن
عمير وخلق.
قال وكيع: ما كان أحفظه للطّوال. توفي بالكوفة.
وفيها، أو في التي مضت، عثّام بن علي الكوفيّ. روى عن هشام بن عروة [1]
، والأعمش.
وفيها، أو في الماضية، محمد بن فضيل بن غزوان الضّبيّ، مولاهم،
الكوفيّ، الحافظ. روى عن حصين بن عبد الرّحمن، وطبقته.
قال في «المغني» [2] : ثقة، مشهور، لكنه شيعي.
قال ابن سعد: بعضهم لا يحتجّ به. انتهى.
وفيها محدّث الشّام أبو العبّاس الوليد بن مسلم الدّمشقيّ، وله ثلاث
وسبعون سنة. توفي بذي المروة راجعا من الحج في المحرم. روى عن يحيى
الذّماري، ويزيد ابن أبي مريم، وخلائق. وصنّف التصانيف.
قال ابن جوصاء: لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد صلح أن يلي
القضاء، وهي سبعون كتابا.
وقال أبو مسهر: كان مدلّسا ربما دلّس عن الكذّابين.
وقال ابن ناصر الدّين: الوليد بن مسلم الدّمشقيّ أبو العبّاس الأمويّ،
مولاهم، كان إماما، حافظا، عالم الدّمشقيين، لكنه فيما ذكره أبو مسهر
وغيره
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «عروة بن هشام» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر»
للذهبي (1/ 319) وانظر «تهذيب الكمال» للمزي (2/ 905) مصوّرة دار
المأمون للتراث بدمشق.
[2] (2/ 625) .
(2/447)
كان مدلّسا وربما دلّس عن الكذّابين، وهو
واسع العلم، صدوق من الأثبات. انتهى.
وفيها يحيى بن سليم الطائفيّ الحذّاء بمكّة، وكان ثقة صاحب حديث. روى
عن عبد الله بن عثمان بن خثيم [1] وطبقته.
قال الخليل [2] في «الإرشاد» : أخطأ يحيى في أحاديث، ثم ذكر حديث ابن
عمران، أن النّبيّ- صلى الله عليه وسلم- قال: «من مرّ بحائط فليأكل منه
ولا يتخذ خبنة [3] » [4] . قال الخليل: لم يسنده عن النّبيّ- صلى الله
عليه وسلم- والباقون عن ابن عمر، عن عمر.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «عبد الله بن عثمان بن خيثم» وهو خطأ،
والتصحيح من «العبر» للذهبي (1/ 320) ، وانظر «تقريب التهذيب» لابن حجر
(1/ 432) .
[2] هو خليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني، أبو
يعلى الخليلي، المتوفى سنة (446) واسم كتابه الذي أشار إليه المؤلف
«الإرشاد في معرفة المحدّثين» أو «الإرشاد في علماء البلاد» وهو مخطوط
لم يطبع بعد. وسوف ترد ترجمته في المجلد الخامس من كتابنا هذا إن شاء
الله تعالى.
[3] قال ابن الأثير: الخبنة معطف الإزار وطرف الثوب، أي لا يأخذ منه في
ثوبه. «النهاية» (2/ 9) .
[4] رواه الترمذي رقم (1287) في البيوع: باب ما جاء في الرخصة في أكل
الثمرة للمارّ بها.
أقول: وفي سنده يحيى بن سليم الطائفي، وهو صدوق سيء الحفظ، ولذلك قال
الترمذي:
هذا حديث غريب لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث يحيى بن سليم، قال:
وفي الباب عن عبد الله بن عمر، وعبّاد بن شرحبيل، ورافع بن عمرو، وعمير
مولى آبي اللحم، وأبي هريرة. أقول: وله شاهد عند الترمذي رقم (1289) من
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدّه، وإسناده حسن. قال الحافظ ابن حجر
في «فتح الباري» : قال البيهقي: لم يصحّ، يعني حديث ابن عمر، وجاء من
أوجه أخر غير قوية. قال الحافظ ابن حجر: والحق أن مجموعها لا يقصر عن
درجة الصحيح، وقد احتجّوا في كثير من الأحكام بما هو دونها. قال
الترمذي: وقد رخص فيه بعض أهل العلم لابن السبيل في أكل الثمار، وكرهه
بعضهم إلا بالثمن، وانظر «تحفة الأحوذي» (4/ 510) ، ولفظه عند الترمذي:
«من دخل حائطا ...
الحديث» .
(2/448)
وقال في «المغني» [1] : يحيى بن سليم
الطائفي، مشهور، وثّقه ابن معين، وقال النّسائيّ: ليس بالقويّ.
وقال أحمد: رأيته يخلط في الأحاديث فتركته. انتهى.
وقال ابن ناصر الدّين: روى عنه الشّافعيّ، وكان يعدّه [2] من الأبدال،
وفي بعض أحاديثه مقال. انتهى.
__________
[1] (2/ 737) .
[2] في الأصل: «وكان يعدوه» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع.
(2/449)
|