وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ
رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ
مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(25)
أخرج ابن ماجة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان
وابن أبي داود والبيهقي كلاهما في البعث وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن
اسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا هل مشمر للجنة
فإن الجنة لا خطر لها ، هي ورب الكعبة نور يتلألأ ، وريحانة تزهر ، وقصر مشيد ،
ونهر مطرد ، وثمرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام في أبد في
فاكهة دار سليمة ، وفاكهة خضرة وخيرة ونعمة ، في محلة عالية بهية قالوا : نعم
يا رسول الله قال : قولوا إن شاء الله قال القوم : إن شاء الله . . . » .
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في
البهث عن أبي هريرة قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال «
لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت ، وملاطها المسك ،
وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم لا ييأس ، ويخلد لا يموت . لا تبلى ثيابه ،
ولا يفنى شبابه » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه عن ابن عمر قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة كيف هي؟ قال « من يدخل الجنة يحيا
لا يموت ، وينعم لا ييأس . لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . قيل يا رسول الله
كيف بناؤها؟ قال : لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها مسك أذفر ، وحصاؤها
اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران » .
وأخرج البزار والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال « إن حائط الجنة لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، ومجامرهم الالوّة ، وأمشاطهم
الذهب ، ترابها زعفران ، وطيبها مسك » .
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي هريرة قال :
حائط الجنة لبنة ذهب ، ولبنة فضة ، ودرمها اللؤلؤ والياقوت ، ورضاضها اللؤلؤ ،
وترابها الزعفران .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « أرض
الجنة بيضاء ، عرصتها صخور الكافور وقد أحاط به المسك مثل كثبان الرمل ، فيها
أنهار مطردة . فيجتمع أهل الجنة أولهم وآخرهم ، يتعارفون فيبعث الله عليهم ريح
الرحمة ، فتهيج عليهم المسك ، فيرجع الرجل إلى زوجه وقد ازداد حسناً وطيباً
فتقول : لقد خرجت من عندي وأنا بك معجبة ، وأنا بك الآن أشد إعجاباً » .
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال : أرض الجنة فضة .
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب ،
ولبنة من فضة ، ثم شقق فيها الأنهار ، وغرس فيها الأشجار ، فلما نظرت الملائكة
إلى حسنها وزهرتها قالت : طوباك منزل الملوك » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي سعيد . أن النبي صلى الله عليه وسلم
سأله ابن صائد عن تربة الجنة فقال : « درمكة بيضاء مسك خالص » .
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة عن أبي زميل . أنه سأل
ابن عباس ما أرض الجنة؟ قال : مرمرة بيضاء من فضة كأنها مرآة قال : ما نورها؟
قال : ما رأيت الساعة التي يكون فيها طلوع الشمس فذلك نورها ، إلا أنه ليس فيها
شمس ، ولا زمهرير قال : فما أنهارها أفي أخدود؟ قال : لا ولكنها تفيض على وجه
الأرض ، لا تفيض ههنا ولا ههنا قال : فما حللها؟ قال : فيها الشّجر فيها الثمر
كأنه الرمان ، فإذا أراد ولي الله منها كسوة انحدرت إليه من أغصانها فانفلقت له
من سبعين حلة ، ألواناً بعد ألوان ثم لتطبق فترجع كما كانت .
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « خلق الله
جنة عدن بيده وذلل فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقال لها تكلمي
فقالت { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ] فقال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك
بخيل » .
وأخرج البزار عن ابن عباس . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إن الله خلق
جنة عدن بيضاء » .
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم « موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها » .
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم « لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب » .
وأخرج ابن أبي شيبة وهنا بن السري في الزهد وابن ماجة عن أبي سعيد عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال « الشبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها » .
وأخرج الترمذي وابن أبي الدنيا عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم
« لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له ما بين خوافق السموات والأرض ،
ولو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء
النجوم » .
وأخرج البخاري عن أنس قال : أصيب حارثة يوم بدر فجاءت أمه فقالت : يا رسول الله
قد علمت منزلة حارثة مني ، فإن يكن في الجنة صبرت ، وإن يكن غير ذلك ترى ما
أصنع؟ فقال « إنها ليست بجنة واحدة ، إنها جنان كثيرة ، وإنه في الفردوس الأعلى
» .
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم « من خاف ادلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية » .
وأخرج الحاكم عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من خاف
أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة
، جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : والذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله
عليه وسلم إن أهل الجنة ليزدادون حسناً وجمالاً كما يزدادون في الدنيا قباحة
وهرماً .
أما قوله تعالى : { تجري من تحتها الأنهار } .
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله { تجري من تحتها } أي يعني المساكن ،
تجري أسفلها أنهارها .
أخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنهار الجنة تفجر من
تجت جبال مسك » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ابن حبان في التفسير والبيهقي في
البعث وصححه عن ابن مسعود قال : إن أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « سيحان
، وجيحان ، والفرات ، والنيل ، كل من أنهار الجنة » .
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : إن في الجنة نهراً يقال
له البيدخ ، عليه قباب من ياقوت ، تحته جوار نابتات يقول : أهل الجنة انطلقوا
بنا إلى البيدخ ، فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري ، فإذا أعجب رجل منهم بجارية مس
معصمها ، فتبعته وتنبت مكانها آخرى « .
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والنسائي وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل
والضياء المقدسي في صفة الجنة وصححه عن أنس قال » كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة ، فجاءت امرأة فقالت : يا رسول الله رأيت في المنام
كأني أخرجت فأدخلت الجنة ، فسمعت وجبة التجّت لها الجنة ، فإذا أنا بفلان وفلان
حتى عدت اثني عشر رجلاً ، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك ،
فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ ،
فغمسوا فيه ، فخرجوا وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا
عليها ، وجيء بصحفة من ذهب فيها بسرة ، فأكلوا من بسره ما شاؤوا ، فما يقلبونها
لوجهة إلا أكلوا من فاكهة ما شاؤوا ، فجاء البشير فقال : يا رسول الله كان كذا
وكذا . . . وأصيب فلان وفلان ، حتى عدَّ اثني عشر رجلاً فقال : عليّ بالمرأة
فجاءت فقال : قصي رؤياك على هذا فقال الرجل : هو كما قالت أصيب فلان وفلان « .
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : إن في الجنة نهراً طول الجنة ،
حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات ، يسمعها الخلائق حتى ما يرون
أن في الجنة لذة مثلها . قلنا يا أبا هريرة وما ذاك الغناء؟ قال : إن شاء الله
التسبيح ، والتحميد ، والتقديس ، وثناء على الرب .
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدارقطني في المديح عن المعتمر بن سليمان قال :
إن في الجنة نهراً ينبت الحواري الابكار .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعاً « في الجنة نهر يقال له الريان ،
عليه مدينة من مرجان ، لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة ، لحامل القرآن » .
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
والبيهقي في البعث عن مسروق قال : أنهار الجنة يجري في غير أخدود ، ونخل الجنة
نضيد من أصلها إلى فرعها . وثمرها أمثال القلال كلّما نزعت ثمرة عادت مكانها
أخرى ، والعنقود اثنا عشر ذراعاً .
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة عن أنس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض
لا . . . والله أنها لسائحة على وجه الأرض ، حافتاها خيام اللؤلؤ ، وطينها
المسك الأذفر . قلت : يا رسول الله ما الأذفر؟ قال : الذي لا خلط معه » .
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه والضياء عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال « إن أنهار الجنة تشخب من جنة عدن في حوبة ثم تصدع بعد أنهاراً » .
وأما قوله تعالى : { كلما رزقوا منها } الآية .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله { كلما رزقوا منها من
ثمرة رزقاً } قال : أتوا بالثمرة في الجنة فينظروا إليها فقالوا { هذا الذي
رزقنا من قبل } في الدنيا ، وأتوا به متشابهاً اللون ، والمرأى وليس يشبه الطعم
.
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن زيد { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا
الذي رزقنا من قبل } يعني به ما رزقوا به من فاكهة الدنيا قبل الجنة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في قوله {
هذا الذي رزقنا من قبل } أي في الدنيا { وأتوا به متشابهاً } قال : يشبه ثمار
الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب .
وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
البعث عن ابن عباس قال : ليس في الدنيا مما في الجنة شيء إلا الأسماء .
وأخرج الديلمي عن عمر « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : في طعام
العرس مثقال من ريح الجنة » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { هذا الذي رزقنا من قبل } قال :
يقولون ما أشبهه به . يقول من كل صنف مثل .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله { هذا الذي رزقنا من قبل } قال : قولهم من
قبل معناه . مثل الذي كان بالأمس .
وأخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال : يؤتى أحدهم بالصفحة فيأكل منها ثم يؤتى
بأخرى فيقول : هذا الذي أتينا به من قبل فيقول الملك : كل اللون واحد والطعم
مختلف .
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { وأتوا به
متشابهاً } قال : متشابهاً في اللون مختلفاً في الطعم . مثل الخيار من القثاء .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وأتوا به متشابهاً } قال :
خياراً كله لا رذل فيه .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله { وأتوا به متشابهاً } قال :
خيار كله يشبه بعضه بعضاً لا رذل فيه . ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه
.
وأخرج البزار والطبراني عن ثوبان . أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
« لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمرة إلا أعيد في مكانها مثلاها » .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي
سفيان قال : بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان ، وقسيسين ، واساقفة ،
فسلمت فردوا السلام فقلت : أين تريدون؟ فقالوا : نريد راهباً في هذا الدير ،
نأتيه في كل عام ، فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل فقلت : لآتين
هذا الراهب فلأنظرن ما عنده وكنت معنياً بالكتب فأتيته وهو على باب ديره ،
فسلمت فرد السلام ثم قال : ممن أنت؟ فقلت : من المسلمين قال : أمن أمة محمد؟
فقلت : نعم . فقال : من علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قلت : ما أنا من علمائهم ،
ولا أنا من جهالهم قال : فانكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها ،
وتشربون من شرابها ، ولا تبولون ولا تتغوطون قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال :
فإن له مثلاً في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت : مثله كمثل الجنين في بطن أمه أنه
يأتيه رزق الله في بطنها ولا يبول ، ولا يتغوّط . قال : فتربد وجهه ثم قال لي :
أما أخبرتني أنك لست من علمائهم! قلت : ما كذبتك قال : فإنكم تزعمون أنكم
تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها ، وتشربون من شرابها ، ولا ينقص ذلك منها شيئاً
قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال : فإن له مثلاً في الدنيا فاخبرني ما هو؟ قلت
: مثله في الدنيا كمثل الحكمة ، لو تعلم منها الخلق أجمعون لم ينقص ذلك منها
شيئاً ، فتريد وجهه ثم قال : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم! قلت : ما كذبتك
ما أنا من علمائهم ، ولا من جهالهم .
وأخرج الحاكم وابن مردويه وصححه عن أبي سعيد الخدري « عن النبي صلى الله عليه
وسلم في قوله { ولهم فيها أزواج مطهرة } قال : من الحيض ، والغائط ، والنخامة ،
والبزاق » .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { ولهم فيها
أزواج مطهرة } قال من القذر ، والأذى .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله { ولهم فيها أزواج مطهرة } قال : لا يحضن
، ولا يحدثن ، ولا يتنخمن .
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في
قوله { ولهم فيها أزواج مطهرة } قال : من الحيض ، والغائط ، والبول ، والمخاط ،
والنخامة ، والبزاق ، والمني ، والولد .
وأخرج وكيع وهناد عن عطاء في قوله { ولهم فيها أزواج مطهرة } قال : لا يحضن ،
ولا يمنين ، ولا يلدن ، ولا يتغوّطن ، ولا يبلن ، ولا يبزقن .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { ولهم فيها أزواج
مطهرة } قال : طهرهن الله من كل بول ، وغائط ، وقذر ، ومآثم .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في البعث عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أول زمرة تلج الجنة صورتهم على
صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوّطون ، آنيتهم
وأمشاطهم من الذهب والفضة ، ومجامرهم من الألوّة ، ورضخهم المسك ، ولكل واحد
منهم زوجتان ، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ، ولا
تباغض ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا » وأخرج ابن أبي
شيبة وأحمد والترمذي وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم « أول زمرة تدخل الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر
. والزمرة الثانية أحسن كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان ، على كل
زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقهن من وراء الحلل » .
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
« إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم ، وإثنتان وسبعون زوجة ،
ومنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد ، كما بين الجابية وصنعاء » .
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في النعت عن أبي هريرة أنهم تذاكروا الرجال
أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما في
الجنة أحد إلا له زوجتان . إنه ليرى مخ ساقهما من وراء سبعين حلة ، ما فيها عزب
» .
وأخرج الترمذي وصححه والبزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « يزوّج
العبد في الجنة سبعين زوجة فقيل : يا رسول الله يطيقها قال : يعطى قوّة مائة »
.
وأخرج ابن السكن في المعرفة وابن عساكر في تاريخه عن حاطب بن أبي بلتعة سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « يزوّج المؤمن في الجنة اثنتين وسبعين زوجة
سبعين من نساء الآخرة ، واثنتين من نساء الدنيا » .
وأخرج ابن ماجة وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة الباهلي قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوّجه
اثنتين وسبعين زوجة . اثنتين من الحور العين ، وسبعين من ميراثه من أهل الجنة ،
ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي ، وله ذكر لا يثني » .
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن أدنى أهل
الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة ، وفوقه السابعة ، وإن له
لثلثمائة خادم ، ويغدى عليه كل يوم ويراح بثلثمائة صفحة من ذهب ، في كل صفحة
لون ليس في الأخرة ، وأنه ليلذ أوّله كما يلذ آخره ، وانه ليقول : يا رب لو
أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء ، وأن له من الحور
العين لإِثنتين وسبعين زوجة ، وأن الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل من الأرض
» .
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم « يزوّج كل رجل من أهل الجنة بأربعة آلاف بكر ، وثمانية آلاف
أيم ، ومائة حوراء . فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم يسمع
الخلائق بمثلهن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن
الراضيات فلا نسخط ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، طوبى لمن كان لنا وكنا له » .
وأخرج أحمد والبخاري عن أنس . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « غدوة في
سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من
الدنيا وما فيها ، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما
بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها يعني الخمار خير من
الدنيا وما فيها » .
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس . لو أن امرأة من أهل الجنة
بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل .
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول « لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت الأرض ريح مسك » .
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري عن كعب قال : لو أن امرأة من أهل الجنة
أطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري في الزهد والنسائي وعبد بن حميد في
مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم قال : جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال « يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟
فقال : والذي نفسي بيده إن الرجل منهم ليؤتى قوّة مائة رجل منكم ، في الأكل ،
والشرب والجماع ، والشهوة ، قال : فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة ، والجنة
طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حاجتهم عرق
يفيض مثل ريح مسك ، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه » .
وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة «
أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تتناكح أهل الجنة؟ فقال : دحاماً
دحاماً . . . لا مني ولا منية » .
وأخرج البزار والطبراني والخطيب والبغدادي في تاريخه عن أبي هريرة قال « قيل يا
رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال : إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة
عذراء » .
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال « قيل يا رسول الله أنفضي
إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهن في الدنيا؟ قال : والذي نفس محمد بيده إن
الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء » .
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال « سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم تتناكح أهل الجنة؟ فقال : نعم . بفرج لا يمل وذكر لاينثني ، وشهوة لا
تنقطع ، دحماً دحماً » .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة قال « سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم هل تمس أهل الجنة أزواجهم؟ قال : نعم بذكر لا يمل ، وفرج لا
يحفى ، وشهوة لا تنقطع » .
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن أبي حاتم عن سليم بن عامر والهيثم الطائي « أن
النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البضع في الجنة؟ قال : نعم بقبل شهي ، وذكر لا
يمل ، وأن الرجل ليتكىء فيها المتكأ مقدار أربعين سنة ، لا يتحوّل عنه ، ولا
يمله ، يأتيه فيه ما اشتهته نفسه ، ولذت عينه » .
وأخرج البيهقي في البعث وابن عساكر في تاريخه عن خارجه العذري قال : سمعت رجلاً
بتبوك قال « يا رسول الله أيباضع أهل الجنة؟ قال : يعطي الرجل منهم من القوّة
في اليوم الواحد أفضل من سبعين منكم » .
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
«
إن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك » .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال : ليس
في الجنة مني ولا منية ، إنما يدحمونهن دحماً .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال : أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن
، ليس فيها مني ولا منية .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني . مثله .
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي
قال : في الجنة جماع ما شئت ، ولا ولد قال : فيلتفت فينظر النظرة فتنشأ له
الشهوة ، ثم ينظر النظرة فتنشأ له شهوة أخرى .
وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم « أنه سئل انطأ في الجنة؟ قال : نعم . والذي نفسي بيده دحماً دحماً . . .
فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكراً » .
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا
ابكاراً » .
وأخرج عبد بن حميد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن عبد الله بن
عمرو قال : إن المؤمن كلما أراد زوجتة وجدها بكراً .
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : طول الرجل من أهل الجنة تسعون ميلاً
. وطول المرأة ثلاثون ميلاً . ومقعدتها جريب ، وأن شهوته لتجري في جسدها سبعين
عاماً تجد اللذة .
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي داود في البعث عن معاذ بن حنبل
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت
زوجته من الحور العين : قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا »
.
أما قوله تعالى : { وهم فيها خالدون } .
أخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وهم فيها خالدون } أي
خالدون أبداً . يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله لا انقطاع له .
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { وهم فيها خالدون } يعني لا
يموتون .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله
عز وجل وهم فيها خالدون؟ قال : ماكثون لا يخرجون منها أبداً قال : وهل تعرف
العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول عدي بن زيد :
فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناس عار
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال « يدخل أهل الجنة ، الجنة وأهل النار النار . ثم يقوم مؤذن بينهم : يا
أهل النار لا موت ، ويا أهل الجنة لا موت ، كل خالد فيما هو فيه » .
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم « يقال لأهل
الجنة خلود ولا موت ، ولأهل النار خلود ولا موت » .
وأخرج عبد بن حميد وابن ماجة والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم « يؤتى بالموت في هيئة كبش أملح ، فيوقف على
الصراط فيقال : يا أهل الجنة . فيطلعون خائفين وجلين مخافة أن يخرجوا مما هم
فيه . فيقال : تعرفون هذا؟ فيقولون : نعم هذا الموت فيقال : يا أهل النار .
فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا مما هم فيه . فيقال : أتعرفون هذا؟ فيقولون :
نعم . هذا الموت . فيؤمر به ، فيذبح على الصرط ، فيقال للفريقين : خلود فيما
تجدون ، لا موت فيها أبداً » .
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل « أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعثه إلى اليمن فلما قدم عليهم قال : يا أيها الناس إني رسول الله إليكم
إن المردّ إلى الله ، إلى جنة أو نار ، خلود بلا موت ، وإقامة بلا ظعن ، في
أجساد لا تموت » .
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم « لو قيل لأهل النار إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في
الدنيا لفرحوا بها ، ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا . ولكن
جعل لهم الأبد » .
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا
فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ
بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ
بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ
بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما ضرب
الله هذين المثلين للمنافقين قوله { كمثل الذي استوقد ناراً } وقوله { أو كصيب
من السماء } قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال . فأنزل
الله { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً } إلى قوله أولئك { هم الخاسرون } .
وأخرج عبد الغني الثقفي في تفسيره والواحدي عن ابن عباس قال : إن الله ذكر آلهة
المشركين فقال { وإن يسلبهم الذباب شيئاً } وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت
العنكبوت فقالوا : أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن
على محمد . أي شيء كان يصنع بهذا؟ فأنزل الله { إن الله لا يستحيي أن يضرب
مثلاً } الآية .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة
قال : لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركون : ما بال العنكبوت والذباب
يذكران؟ فأنزل الله { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما أنزلت { يا أيها الناس ضرب مثل } قال
المشركون : ما هذا من الأمثال فيضرب ، أو ما يشبه هذا الأمثال . فأنزل الله {
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها } لم يرد البعوضة إنما
أراد المثل .
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : { البعوضة } أضعف ما خلق الله .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم « يا أيها الناس لا تغتروا بالله ، فإن الله لو كان
مغفلاً شيئاً لأغفل البعوضة ، والذرة ، والخردلة » .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله { فأما الذين آمنوا
فيعلمون أنه الحق } أي أن هذا المثل الحق { من ربهم } وأنه كلام الله ومن عنده
.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة . مثله .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى { فأما الذين آمنوا
فيعلمون أنه الحق } قال : يؤمن به المؤمنون ، ويعلمون أنه الحق من ربهم ،
ويهديهم الله به ، ويعرفه الفاسقون فيكفرون به .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله { يضل به كثيراً } يعني
المنافقين { ويهدي به كثيراً } يعني المؤمنين { وما يضل به إلا الفاسقين } قال
: هم المنافقون . وفي قوله { الذين ينقضون عهد الله } فأقروا به ، ثم كفروا
فنقضوه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وما يضل به إلا الفاسقين } يقول :
يعرفه الكافرون فيكفرون به .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { وما يضل به إلا الفاسقين } قال : فسقوا
فأضلهم الله بفسقهم .
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص قال :
الحرورية هم { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } قال : إياكم ونقض هذا
الميثاق . وكان يسميهم الفاسقين .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } قال : إياكم ونقض هذا الميثاق ، فإن
الله قد كره نقضه ، وأوعد فيه ، وقدم فيه في آي من القرآن تقدمة ، ونصيحة ،
وموعظة ، وحجة . ما نعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق . فمن
أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليوف به .
وأخرج أحمد والبزار وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإِيمان عن
أنس قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « ألا لا إيمان لمن لا
أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له » .
وأخرج الطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت وأبي أمامة . مثله .
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر . مثله .
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم « حسن العهد من الإِيمان » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { ويقطعون ما أمر الله به أن
يوصل } قال : الرحم والقرابة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { ويفسدون في الأرض } قال : يعلمون فيها
بالمعصية .
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل في قوله تعالى { أولئك هم الخاسرون } يقول هم أهل
النار .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل
الإِسلام من اسم . مثل خاسر ، ومسرف ، وظالم ، وفاسق ، فإنما يعني به الكفر ،
وما نسبه إلى أهل الإِسلام فإنما يعني به الذنب .
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)
أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله { وكنتم أمواتاً فأحياكم
ثم يميتكم } قال : لم تكونوا شيئاً فخلقكم { ثم يميتكم ، ثم يحييكم } يوم
القيامة .
وأخرج ابن حرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وكنتم أمواتاً
} في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئاً حتى خلقكم ، ثم يميتكم موتة الحق ، ثم
يحييكم حياة الحق حين يبعثكم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كانوا أمواتاً في أصلاب
آبائهم فأحياهم الله فأخرجهم ، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم
للبعث يوم القيامة . فهما حياتان وموتتان .
وأخرج وكيع وابن جرير عن أبي صالح في الآية قال { يميتكم ثم يحييكم } في القبر
ثم يميتكم .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : لم تكونوا شيئاً حتى خلقكم ثم يميتكم
موتة الحق ، ثم يحييكم وقوله { ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } مثلها .
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية يقول : لم يكونوا شيئاً ، ثم أماتهم ،
ثم أحياهم ، ثم يوم القيامة يرجعون إليه بعد الحياة .
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى
السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { هو الذي خلق لكم ما في الأرض
جميعاً } قال : سخر لكم ما في الأرض جميعاً كرامة من الله ، ونعمة لابن آدم .
متاعاً وبلغة ، ومنفعة إلى أجل .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
عن مجاهد في قوله { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } قال : سخر لكم ما في
الأرض جميعاً { ثم استوى إلى السماء } قال : خلق الله الأرض قبل السماء ، فلما
خلق الأرض ثار منها دخان ، فذلك قوله { ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات
} يقول : خلق سبع سموات بعضهن فوق بعض ، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق
السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن
ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { هو الذي خلق لكم ما في
الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسوّاهن سبع سماوات } قال : إن الله كان عرشه
على الماء ولم يخلق شيئاً قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق أخرج مي الماء دخاناً
، فارتفع فوق الماء ، فسما سماء ، ثم أيبس الماء فجعله أرضاً فتقها واحدة ، ثم
فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين . في الأحد والإِثنين ، فخلق الأرض على حوت
وهو الذي ذكره في قوله ( ن ، والقلم ) والحوت من الماء ، والماء على ظهر صفاة ،
والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي
ذكرها لقمان؛ ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض
، فأرسى عليها الجبال ، فالجبال تفخر على الأرض . فذلك قوله { وجعل لها رواسي
أن تميد بكم } [ النحل : 15 ] . وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها ، وشجرها ،
وما ينبغي لها في يومين : في الثلاثاء ، والأربعاء ، وذلك قوله { أئنكم لتكفرون
بالذي خلق الأرض } [ فصلت : 9 ] إلى قوله { وبارك فيها } [ فصلت : 10 ] يقول :
أنبت شجرها ، وقدر فيها أقواتها ، يقول لأهلها { في أربعة أيام سواء للسائلين }
[ فصلت : 10 ] يقول : من سأل فهكذا الأمر { ثم استوى إلى السماء وهي دخان }
وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس ، ثم جعلها سماء واحدة ، ثم فتقها
فجعلها سبع سموات في يومين : في الخميس ، والجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه
جمع فيه خلق السموات والأرض { وأوحى في كل سماء أمرها } [ فصلت : 12 ] قال :
خلق في كل سماء خلقها من الملائكة ، والخلق الذي فيها ، من البحار ، وجبال ،
البرد ، وما لا يعلم . ثم زين السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظاً من
الشياطين ، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش .
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله { ثم استوى إلى السماء }
يعني خلق سبع سموات قال : أجرى النار على الماء ، فبخر البحر ، فصعد في الهواء
، فجعل السموات منه .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي العالية في قوله { ثم استوى إلى
السماء } قال : ارتفع . وفي قوله { فسوّاهن } قال : سوى خلقهن .
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الله بن عمرو قال
: لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ولا سماء
. خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه ، وأثار ركامه ، فأخرج من
الماء دخاناً وطيناً وزبداً ، فأمر الدخان فعلا وسما ونما ، فخلق منه السموات ،
وخلق من الطين الأرضين ، وخلق من الزبد الجبال .
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي وابن المنذر وأبو الشيخ في
العظمة وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال « أخذ
النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها
الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الإِثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ،
وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة ،
بعد العصر » .
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وعثمان بن سعيد
الدارمي في الرد على الجهمية وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن أبي عاصم في
السنة وأبو يعلى وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي حاتم وأبو أحمد والحاكم في
الكنى والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه واللالكائي في
السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن العباس بن عبد المطلب قال « كنا عند
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا : الله
ورسوله أعلم! قال : بينهما مسيرة خمسمائة عام ، ومن مسيرة سماء إلى سماء مسيرة
خمسمائة عام ، وكثف كل سماء خمسمائة سنة ، وفوق السماء السابعة بحر . بين أعلاه
واسفله كما بين السماء والأرض ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ، بين وركهن وأظلافهن
كما بين السماء والأرض ، ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء
والأرض ، والله سبحانه وتعالى علمه فوق ذلك ، وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم
شيء » .
وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده والبزار وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه
والبيهقي عن أبي ذر قال « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » ما بين السماء
والأرض مسيرة خمسمائة عام ، كذلك إلى السماء السابعة . والأرضون مثل ذلك ، وما
بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك ، ولو حفرتم لصاحبكم ثم دليتموه
لوجد الله ثمة يعني علمه « .
وأخرج الترمذي وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال « كنا حلوساً مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فقال : أتدرون ما هذه؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم فقال : هذه الغبابة ، هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى بلد لا يعبدونه ولا
يشكرونه . هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم! قال : فإن فوق ذلك
سماء . هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم! قال : فإن فوق ذلك
موجاً مكفوفاً وسقفاً محفوظاً . هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم! قال : فإن فوق ذلك سماء . هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم! قال : فإن فوق ذلك سماء أخرى . هل تدرون كم ما بينهما؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم! قال : فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات بين كل
سماءين مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم! قال : فإن فوق ذلك العرش . فهل تدرون كم بينهما؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم! قال : فإن بيق ذلك كما بين السماءين ، ثم قال : هل تدرون ما هذه؟ هذه أرض
. هل تدرون ما تحتها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم! قال : أرض أخرى وبينهما مسيرة
خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام » .
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو
الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : بين السماء والأرض
خمسمائة عام ، وما بين كل سماءين خمسمائة عام ، ومصير كل سماء يعني غلظ ذلك
مسيرة خمسمائة عام ، وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام ، وما بين
ذلك الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام . والعرش على الماء ، والله فوق العرش ،
وهو يعلم ما أنتم عليه .
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه نظر إلى السماء فقال : تبارك
الله ما أشد بياضها ، والثانية أشد بياضاً منها ، ثم كذلك حتى بلغ سبع سموات .
وخلق فوق السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش ، وجعل فوق السماء الدنيا الشمس
، والقمر ، والنجوم ، والرجوم .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال « قال رجل : يا
رسول الله ما هذه السماء؟ قال : هذه موج مكفوف عنكم » .
وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط
وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : السماء الدنيا موج مكفوف ، والثانية مرمرة
بيضاء ، والثالثة حديد ، والرابعة نحاس ، والخامسة فضة ، والسادسة ذهب ،
والسابعة ياقوتة حمراء ، وما فوق ذلك صحارى من نور ، ولا يعلم ما فوق ذلك إلا
الله ، وملك موكل بالحجب يقال له ميطاطروش .
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال : السماء الدنيا من زمردة خضراء واسمها
رقيعاء ، والثانية من فضة بيضاء واسمها أزقلون ، والثالثة من ياقوتة حمراء
واسمها قيدوم ، والرابعة من درة بيضاء واسمها ماعونا ، والخامسة من ذهبة حمراء
واسمها ريقا ، والسادسة منق ياقوتة صفراء واسمها دقناء ، والسابعة من نور
واسمها عربيا .
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : اسم السماء الدنيا رقيع ، واسم
السابعة الصراخ .
وأخرج عثمان بن سعيد الدرامي في كتاب الرد على الجهمية وابن المنذر عن ابن عباس
قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين الأرض التي أنتم
عليها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن
السماء من أي شيء هي؟ فكتب إليه : إن السماء من موج مكفوف .
وأخرج ابن أبي حاتم عن حبة العوفي قال : سمعت علياً ذات يوم يحلف ، والذي خلق
السماء من دخان وماء .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : السماء أشد بياضاً من اللبن .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال : تحت الأرضين صخرة ،
بلغنا أن تلك الصخرة منها خضرة السماء .
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال :
تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله ، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه
سبعة لآف نور . وهو فوق ذلك .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله { فسواهن سبع سماوات } قال :
بعضهن فوق بعض ، بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام .
أما قوله تعالى : { وهو بكل شيء عليم } .
أخرج ابن الضريس عن ابن مسعود قال : إن أعدل آية في القرآن آخرها اسم من أسماء
الله تعالى .
( معلومات الكتاب ) |