النساء - تفسير الدرر المنثور

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { خلقكم من نفس واحدة } قال : من آدم { وخلق منها زوجها } قال : خلق حوّاء من قصيراء أضلاعه .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { خلقكم من نفس واحدة } قال : آدم { وخلق منها زوجها } قال : حوّاء من قصيراء آدم وهو نائم فاستيقظ فقال : أأنا . . ؟! بالنبطية امرأة .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمرو قال خلقت حوّاء من خلف آدم الأيسر ، وخلقت امرأة إبليس من خلفه الأيسر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك { وخلق منها زوجها } قال : خلق حواء من آدم من ضلع الخلف وهو أسفل الأضلاع .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجال ، فاحبسوا نساءكم . وخلق الرجل من الأرض ، فجعل نهمته في الأرض .
قوله تعالى : { وبث منهما رجالاً } الآية .
أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : ولد لآدم أربعون ولداً : عشرون غلاماً ، وعشرون جارية .
وأخرج ابن عساكر عن أرطاة بن المنذر قال : بلغني أن حوّاء حملت بشيث حتى نبتت أسنانه ، وكانت تنظر إلى وجهه من صفاء في بطنها ، وهو الثالث من وِلْد آدم ، وإنه لما حضرها الطلق أخذها عليه شدة شديدة ، فلما وضعته أخذته الملائكة ، فمكث معها أربعين يوماً ، فعلموه الرمز ثم رد إليها .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { واتقوا الله الذي تساءلون به } قال : تعاطون به .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية يقول : اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { تساءلون به والأرحام } قال : يقول : أسألك بالله وبالرحم .
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله والرحم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم { تساءلون به والأرحام } خفض . قال : هو قول الرجل : أسألك بالله وبالرحم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن . أنه تلا هذه الآية قال : إذا سئلت بالله فأعطه ، وإذا سئلت بالرحم فأعطه .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الأرحام وصلوها .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله { الذي تساءلون به والأرحام } قال : قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقول الله تعالى : صلوا أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا ، وخير لكم في آخرتكم » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :


« اتقوا الله وصلوا الأرحام ، فإنه أبقى لكم في الدنيا ، وخير لكم في الآخرة » .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الله وصلوا الأرحام » .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إن ابن عباس كان يقرأ { والأرحام } يقول : اتقوا الله لا تقطعوها .
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس : اتقوا الأرحام .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد { الذي تساءلون به والأرحام } قال : اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، نصب الأرحام .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله { والأرحام } قال : اتقوا الأرحام أن تقطعوها .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد { إن الله كان عليكم رقيباً } قال : حفيظاً .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : رقيباً على أعمالكم ، يعلمها ويعرفها .
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الصلاة وخطبة الحاجة . فأما خطبة الصلاة فالتشهد . وأما خطبة الحاجة فإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . ثم يقرأ ثلاث آيات من كتاب الله { اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [ آل عمران : 102 ] { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } { اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم } [ الأحزاب : 70 ] ثم تعمد حاجتك .


وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلاً من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه ، فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فنزلت { وآتوا اليتامى أموالهم } يعني الأوصياء يقول : أعطوا اليتامى أموالهم { ولا تتبدَّلوا الخبيث بالطيب } يقول : لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم . يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال وتأكلوا أموالهم الحرام .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد { ولا تتبدَّلوا الخبيث بالطيب } قال : الحرام بالحلال . لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدر لك { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } قال : لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم تخلطونها فتأكلونها جميعاً { إنه كان حوباً كبيراً } قال : إثماً .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب { ولا تتبدَّلوا الخبيث بالطيب } قال : لا تعط مهزولاً وتأخذ سميناً .
وأخرج ابن جرير عن الزهري . مثله .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم في الآية قال : لا تُعْطِ زائفاً وتأخذ جيداً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ، ويقول : شاة بشاة . ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ، ولا يورثون الصغار . يأخذه الأكبر فنصيبه من الخيرات طيب ، وهذا الذي يأخذه خبيث .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } قال : مع أموالكم .
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى ، كرهوا أن يخالطوهم ، وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله . فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم } قال : فخالطوهم واتقوا .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله { حوباً كبيراً } قال : إثماً عظيماً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حوباً قال : ظلماً .
وأخرج الطستي في مسائله وابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { حوباً } قال : إثماً بلغة الحبشة قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول الأعشى الشاعر :
فإني وما كلفتموني من أمركم ... ليعلم من أمسى أعق وأحوبا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان يقرأ حوباً برفع الحاء .
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرؤها { حوباً } بنصب الحاء .


وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)

أخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } قالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في مالها ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره . فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن ، وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية . فأنزل الله { ويستفتونك في النساء } [ البقرة : 220 ] قالت عائشة : وقول الله في الآية الأخرى { وترغبون أن تنكحوهن } [ النساء : 127 ] رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال . فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال .
وأخرج البخاري عن عائشة . أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها ، وكان لها عذق فكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شيء . فنزلت فيه { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال ، فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه ، ثم يضربها ويسيء صحبتها . فوعظ في ذلك .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : كان الرجل من قريش يكون عند النسوة ويكون عند الأيتام ، فيذهب ماله فيميل على مال الأيتام . فنزلت هذه الآية { وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى } الآية .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : كان الرجل يتزوّج الأربع والخمس والست والعشر فيقول الرجل : ما يمنعني أن أتزوّج كما تزوّج فلان! فيأخذ مال يتيمة فيتزوّج به ، فنهوا أن يتزوّجوا فوق الأربع .
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى ، فنهى الله عن ذلك .
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قصر الرجال على أربع نسوة من أجل أموال اليتامى .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم والناس على أمر جاهليتهم إلا أن يؤمروا بشيء وينهوا عنه ، فكانوا يسألون عن اليتامى ولم يكن للنساء عدد ولا ذكر ، فأنزل الله { وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم .


. . } الآية . وكان الرجل يتزوج ما شاء فقال : كما تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن . فقصرهم على الأربع .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانوا في الجاهلية ينكحون عشراً من النساء الأيامى ، وكانوا يعظمون شأن اليتيم ، فتفقدوا من دينهم شأن اليتامى ، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : كما خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا أن لا تعدلوا في النساء إذا جمعتموهن عندكم .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : كانوا في الجاهلية لا يرزؤن من مال اليتيم شيئاً وهم ينكحون عشراً من النساء وينكحون نساء آبائهم ، فتفقدوا من دينهم شأن النساء .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى الأشعري عن ابن عباس في الآية يقول : فإن خفتم الزنا فانكحوهن يقول : كما خفتم في أموال اليتامى أن لا تقسطوا فيها كذلك فخافوا على أنفسكم ما لم تنكحوا .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية يقول : إن تحرجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيماناً وتصديقاً فكذلك فتحرجوا من الزنا ، وانكحوا النساء نكاحاً طيباً مثنى وثلاث ورباع .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن إدريس قال أعطاني الأسود بن عبد الرحمن بن الأسود مصحف علقمة فقرأت { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } بالألف ، فحدثت به الأعمش فأعجبه ، وكان الأعمش لا يكسرها . لا يقرأ { طيب } بمال ، وهي في بعض المصاحف بالياء { طيب لكم } .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك { ما طاب لكم } قال : ما أحل لكم .
وأخرج ابن جرير عن الحسن وسعيد بن جبير { ما طاب لكم } قال : ما حل لكم .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عائشة { ما طاب لكم } يقول : ما أحللت لكم .
قوله تعالى : { مثنى وثلاث ورباع } .
أخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن ماجة والنحاس في ناسخه والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر . أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « اختر منهن » - وفي لفظ - « أمسك أربعا وفارق سائرهن » .
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن قيس بن الحارث قال : أسلمت وكان تحتي ثمان نسوة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : « اختر منهن أربعاً وخل سائرهن » ففعلت .
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : قال عمر : من يعلم ما يحل للمملوك من النساء؟ قال رجل : أنا .


امرأتين فسكت .
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن الحكم قال : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين .
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في { فإن خفتم أن ألا تعدلوا } الآية يقول إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث ، وإلا فاثنتين ، وإلا فواحدة ، فإن خفت أن لا تعدل في واحدة فما ملكت يمينك .
وأخرج ابن جرير عن الربيع . مثله .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك { فإن خفتم ألا تعدلوا } قال في المجامعة والحب .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي { أو ما ملكت أيمانكم } قال : السراري .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { أو ما ملكت أيمانكم } فكانوا في حلال مما ملكت أيمانكم من الإماء كلهن . ثم أنزل الله بعد هذا تحريم نكاح المرأة وأمها ، ونكاح ما نكح الآباء والأبناء ، وأن يجمع بين الأخت والأخت من الرضاعة ، والأم من الرضاعة ، والمرأة لها زوج حرم الله ذلك حر من حرةٍ أو أمة .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم { ذلك أدنى ألا تعولوا } قال : أن لا تجوروا قال ابن أبي حاتم : قال أبي : هذا حديث خطأ ، والصحيح عن عائشة موقوف .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله { ألا تعولوا } قال : أن لا تميلوا .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { ذلك أدنى ألا تعولوا } قال : أجدر أن لا تميلوا . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول الشاعر :
إنا تبعنا رسول الله واطرحوا ... قول النبي وعالوا في الموازين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والمنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { ألا تعولوا } قال : أن لا تميلوا . ثم قال : أما سمعت قول أبي طالب :
بميزان قسط لا تخيس سعيرة ... ووازن صدق وزنه غير عائل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي إسحق الكوفي قال : كتب عثمان بن عفان إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : إني لست بميزان لا أعول .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرحمن وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { ألا تعولوا } قال : أن لا تميلوا .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين وأبي مالك والضحاك . مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال { ذلك أدنى } أن لا يكثر من تعولوا .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : ذلك أقل لنفقتك . الواحدة أقل من عدد ، وجاريتك أهون نفقة من حرة ، أهون عليك في العيال .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة { ألا تعولوا } قال : أن لا تفتقروا . والله تعالى أعلم .


وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)

أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : كان الرجل إذا زوّج أيمة أخذ صداقها دونها ، فنهاهم الله عن ذلك ونزلت { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } .
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن ناساً كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل ، ولا يأخذون كبير مهر . فقال الله { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل { وآتوا النساء } يقول : أعطوا النساء { صدقاتهن } يقول : مهورهن .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { نحلة } قال : يعني بالنحلة المهر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة { نحلة } قالت واجبة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جرير { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } قال : فريضة مسماة .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال { النحلة } في كلام الواجب ، يقول : لا تنكحها إلا بشيء واجب لها ، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بصداق واجب .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { نحلة } قال : فريضة .
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن رجلاً أعطى امرأة صداقاً ملء يديه طعاماً كانت له حلالاً .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي لبيبة عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من استحل بدرهم فقد استحل » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة « أن رجلاً تزوج على نعلين فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم « من نكح امرأة وهو يريد أن يذهب بمهرها فهو عند الله زان يوم القيامة » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة وأم سلمة قالتا : ليس شيء أشد من مهر امرأة وأجر أجير .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { فإن طبن لكم } قال : هي للأزواج .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة { فإن طبن لكم عن شيء منه } قال : من الصداق .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس { فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً } يقول : إذا كان من غير إضرار ولا خديعة فهو هنيء مريء كما قال الله .
وأخرج ابن جرير عن حضرمي ، أن ناساً كانوا يتأثمون أن يراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته فقال الله { فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً } .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : إذا اشتكى أحدكم فليسأل امرأته ثلاثة دراهم أو نحوها فليشتر بها عسلاً ، وليأخذ من ماء السماء فيجمع هنيئاً مريئاً وشفاء ومباركاً .
وأخرج ابن سعد عن علقمة أنه كان يقول لامرأته : أطعمينا من ذلك الهنيء المريء ، يتأوّل هذه الآية .


وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)

أخرج ابن جرير عن حضرمي . أن رجلاً عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق فقال الله { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم . . } الآية . يقول : لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم تضطر إلى ما في أيديهم ، ولكن أمسك مالك وأصلحه ، وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم . قال : وقوله { قياماً } يعني قوامكم من معائشكم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية يقول : لا تسلط السفيه من ولدك على مالك ، وأمره أن يرزقه منه ويكسوه .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس { ولا تؤتوا السفهاء } قال : هم بنوك والنساء .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن النساء السفهاء إلا التي أطاعت قيمها » .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة { ولا تؤتوا السفهاء } قال : الخدم وهم شياطين الأنس .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود { ولا تؤتوا السفهاء } قال : النساء والصبيان .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : الصغار والنساء هم السفهاء .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم وهن سفهاء من كن أزواجاً أو بنات أو أمهات ، وأمروا أن يرزقوهن فيه ويقولوا لهن قولاً معروفاً .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير { ولا تؤتوا السفهاء } قال : اليتامى والنساء .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } قال : هو مال اليتيم يكون عندك يقول : لا تؤته إياه وأنفق عليه حتى يبلغ .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { ولا تؤتوا السفهاء } قال : هم اليتامى { أموالكم } قال : أموالهم بمنزلة قوله { ولا تقتلوا أنفسكم } [ النساء : 127 ] .
وأخرج ابن جرير عن مورق قال : مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة فقال لها ابن عمر { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً } .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي موسى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد ، ورجل أتى سفيهاً ماله وقد قال الله { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم } »


وأخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي موسى موقوفاً .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن خزانته ، ولا تملكه المرأة السفيهة والغلام .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله { قياماً } قال : قيام عيشك .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد . أنه قرأ { التي جعل الله لكم قياماً } بالألف يقول : قيام عيشك .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك { جعل الله لكم قياماً } قال : عصمة لدينكم ، وقياماً لكم .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس { وارزقوهم } يقول : أنفقوا عليهم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد { وقولوا لهم قولاً معروفاً } قال : أمروا أن يقولوا لهم قولاً معروفاً في البر والصلة .
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج { وقولوا لهم قولاً معروفاً } قال : عدة تعدونهم .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد { وقولوا لهم قولاً معروفاً } قال : إن كان ليس من ولدك ولا ممن يجب عليك أن تنفق عليه فقل له قولاً معروفاً ، قل له عافانا الله وإياك وبارك الله فيك .


وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس { وابتلوا اليتامى } يعني اختبروا اليتامى عند الحلم { فإن آنستم } عرفتم { منهم رشداً } في حالهم والإصلاح في أموالهم { فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً } يعني تأكل مال اليتيم مبادرة قبل أن يبلغ فتحول بينه وبين ماله .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { وابتلوا اليتامى } قال : عقولهم { حتى إذا بلغوا النكاح } يقول : الحلم { فإن آنستم } قال : أحسستم { منهم رشداً } قال : العقل .
وأخرج ابن جرير عن السدي { وابتلوا اليتامى } قال : جربوا عقولهم { فإن آنستم منهم رشداً } قال : عقولاً وصلاحاً .
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل { وابتلوا اليتامى } يعني الأولياء والأوصياء .
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس { حتى إذا بلغوا النكاح } قال : خمس عشرة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن الحسن { فإن آنستم منهم رشداً } قال : صلاحاً في دينه وحفظاً لماله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { فإن آنستم منهم رشداً } قال : صلاحاً في دينهم وحفظاً لأموالهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد .
وأخرج ابن جرير عن الحسن { ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً } ويقول : لا تسرف فيها ولا تبادر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { ولا تأكلوها إسرافاً } يعني في غير حق { وبداراً أن يكبروا } قال : خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله .
وأخرج البخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم { ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } بقدر قيامه عليه .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم عن ابن عباس { ومن كان غنياً فليستعفف } قال : بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم لا يصيب منه شيئاً { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } قال : يأكل من ماله يقوت على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم .
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس { ومن كان غنياً فليستعفف } قال : يستعف بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم .
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } قال : هو القرض .


وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } يعني القرض .
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : ولي اليتيم إن كان غنياً فليستعفف وإن كان فقيراً أخذ من فضل اللبن وأخذ بالقوت لا يجاوزه ، وما يستر عورته من الثياب ، فإن أيسر قضاه ، وإن أعسر فهو في حل .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول : إن كان غنياً فلا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئاً ، وإن كان فقيراً فليستقرض منه ، فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في ناسخه وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق عن عمر بن الخطاب قال : إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم ، إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف . فإذا أيسرت قضيت .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } قال : إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم ، ولا يلبس منه ثوباً ولا عمامة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس { فليأكل بالمعروف } قال : بأطراف أصابعه الثلاث .
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال : يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له ، وما لم يسرف أو يبذر .
وأخرج مالك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن القاسم بن محمد قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن في حجري أيتاماً ، وإن لهم إبلاً فماذا يحل لي من ألبانها؟ فقال : إن كنت تبغي ضالتها ، وتهنا جرباها ، وتلوط حوضها ، وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب .
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عمرو أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال « كل من مال يتيمك غير مسرف ، ولا مبذر ، ولا متأثل مالاً ، ومن غير أن تقي مالك بماله » .
وأخرج ابن حبان عن جابر « أن رجلاً قال يا رسول الله مم أضرب يتيمي؟ قال : مما كنت ضارباً منه ولدك غير واق مالك بماله ، ولا متأثل منه مالاً » .
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن الحسن العرني « أن رجلاً قال : يا رسول الله مم أضرب يتيمي؟ قال : مما كنت ضارباً منه ولدك قال : فأصيب من ماله؟ قال : بالمعروف غير متأثل مالاً ، ولا واق مالك بماله » .


وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن عم ثابت بن وداعة - وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار - أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال « إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله؟ قال : أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ، ولا تأخذ من ماله وفراً . قال : وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه فيصيب من ثمره ، ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها فيصيب من جزازها ورسلها وعوارضها ، فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا يستهلكوه » .
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال : خمس في كتاب الله رخصة وليست بعزيمة قوله { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل .
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس { ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف } قال : نسختها { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً . . } [ النساء : 10 ] الآية .
وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك . مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال : كان أبو الزناد يقول : إنما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال : سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله { فليأكل بالمعروف } قالا : ذلك في اليتيم ، إن كان فقيراً أنفق عليه بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس { فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم } يقول : إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء : إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم { وكفى بالله حسيباً } يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم .
وأخرج ابن جرير عن السدي { وكفى بالله حسيباً } شهيداً .


( معلومات الكتاب )