وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا
لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا
لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال « دعا رسول الله صلى الله
عليه وسلم قومه إلى الإِسلام وكلمهم فابلغ إليهم فيما بلغني ، فقال له زمعة بن
الأسود بن المطلب ، والنضر بن الحارث بي كلدة ، وعبدة بن عبد يغوث ، وأبي خلف
بن وهب ، والعاصي بن وائل بن هشام : لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس
ويرى معك ، فأنزل الله في ذلك من قولهم { وقالوا لولا أنزل عليه ملك . . . }
الآية » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في
قوله { وقالوا لولا أنزل عليه ملك } قال : ملك في صورة رجل { ولو أنزلنا ملكاً
لقضي الأمر } قال : لقامت الساعة .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
عن قتادة في قوله { ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر } يقول : لو أنزل الله ملكاً
ثم لم يؤمنوا لعجَّل لهم العذاب .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس { ولو أنزلنا ملكاً } قال
: ولو أتاهم ملك في صورته { لقضي الأمر } لأهلكناهم { ثم لا ينظرون } لا يؤخرون
{ ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً } يقول : لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة
رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة { وللبسنا عليهم ما يلبسون } يقول :
لخلطنا عليهم ما يخلطون .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { ولو جعلناه ملكاً لجعلناه
رجلاً } قال : في صورة رجل ، وفي خلق رجل .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { ولو
جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً } يقول : في صورة آدمي .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله { ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً } قال :
لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل ، لم نرسله في صورة الملائكة .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { وللبسنا عليهم } يقول : شبهنا
عليهم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { وللبسنا عليهم ما
يلبسون } يقول : شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { وللبسنا عليهم ما يلبسون } يقول
: ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس الله عليهم ، واللبس إنما هو من الناس ، قد
بين الله للعباد ، وبعث رسله ، واتخذ عليهم الحجة ، وأراهم الآيات ، وقدم إليهم
بالوعيد .
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا
مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)
أخرج ابن المنذر وابي أبي حاتم عن محمد بن إسحاق قال « مر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيما بلغني بالوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، وأبي جهل بن هشام ،
فهمزوه واستهزأوا به ، فغاظه ذلك ، فأنزل الله { ولقد استهزىء برسل من قبلك
فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤون } » .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { فحاق بالذين سخروا
منهم } من الرسل { ما كانوا به يستهزؤون } يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا
به .
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ (11) قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ
لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ (12)
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { قل سيروا في الأرض
ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } قال : بئس - والله - ما كان عاقبة المكذبين
، دمر الله عليهم وأهلكهم ثم صيرهم إلى النار .
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمان في
قوله { كتب على نفسه الرحمة } قال : إنا نجده في التوراة عطيفتين ، أن الله خلق
السموات والأرض ثم جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق ، ثم خلق الخلق فوضع بينهم
واحدة وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة ، فيها يتراحمون ، وبها يتعاطفون ، وبها
يتباذلون ، وبها يتزاورون ، وبها تحن الناقة ، وبها تنتج البقرة ، وبها تيعر
الشاة ، وبها تتابع الطير ، وبها تتابع الحيتان في البحر ، فإذا كان يوم
القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده ، ورحمته أفضل وأوسع .
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال « خلق الله يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة ، منها رحمة يتراحم بها
الخلق وتسع وتسعون ليوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة » .
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فوضعه
عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي » .
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم « لما خلق الله الخلق كتب كتاباً بيده على نفسه :
إن رحمتي تغلب غضبي » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا
فرغ الله من القضاء بين الخلق أخرج كتاباً من تحت العرش : إن رحمتي سبقت غضبي
وأنا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة أو قبضتين فيخرج من النار خلق كثير لم يعلموا
خيراً : مكتوب بين أعينهم عتقاء الله » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أن
الله كتب كتاباً بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض فوضعه تحت عرشه ، فيه :
رحتمي سبقت غضبي » .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن طاوس . أن الله لما خلق الخلق لم
يعطف شيء منه على شيء حتى خلق مائة رحمة ، فوضع بينهم رحمة واحدة ، فعطف بعض
الخلق على بعض .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة حسبته أسنده قال : إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه ،
أخرج كتاباً من تحت العرض فيه : إن رحمتي سبقت غضبي ، وأنا أرحم الراحمين .
قال : فيخرج من النار مثل أهل الجنة ، أو قال مثلاً أهل الجنة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمرو قال : إن لله مائة
رحمة ، فاهبط منها رحمة واحدة إلى أهل الدنيا يتراحم بها الجن ، والإنس ، وطائر
السماء ، وحيتان الماء ، ودواب الأرض وهوامها ، وما بين الهواء ، واختزن عنده
تسعاً وتسعين رحمة ، حتى إذا كان يوم القيامة اختلج الرحمة التي كان أهبطها إلى
أهل الدنيا ، فحواها إلى ما عنده فجعلها في قلوب أهل الجنة وعلى أهل الجنة .
وأخرج ابن جرير عن أبي المخازق زهير بن سالم قال : قال عمر لكعب : ما أول شيء
ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب : كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد ،
ولكن كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت : أنا الله لا إله إلا أنا
سبقت رحمتي غضبي .
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله عن أبي قتادة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : « قال الله للملائكة : ألا أحدثكم عن عبدين من بني
إسرائيل؟ أما أحدهما فيرى بنو إسرائيل أنه أفضلهما في الدين والعلم والخلق ،
والآخر أنه مسرف على نفسه . فذكر عند صاحبه فقال : لن يغفر الله له . فقال ألم
يعلم أني أرحم الراحمين ، ألم يعلم رحمتي سبقت غضبي وإني أوجبت لهذا العذاب .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا تألوا على الله » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم « أن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة ، فجعل في الأرض منها
رحمة فيها تعطف الوالدة على ولدها ، والبهائم بعضها على بعض ، وأخر تسعاً
وتسعين إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة رحمة »
.
وأخرج مسلم وابن مردويه عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن
الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة ، كل رحمة طباق ما بين السموات
والأرض ، فجعل منها في الأرض رحمة ، فبها تعطف الوالدة على ولدها ، والوحش
والطير بعضها على بعض ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة » .
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ
أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي
أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ
عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِنْ
يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ
بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ
عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { وله ما سكن في
الليل والنهار } يقول : ما استقر في الليل والنهار . وفي قوله { قل أغير الله
أتخذ ولياً } قال : أما الولي فالذي يتولاه ويقر له بالربوبية .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس { فاطر السماوات والأرض } قال :
بديع السموات والأرض .
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن جرير وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن
عباس قال : كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في
بئر ، فقال ، أحداهما : أنا فطرتها . يقول : أنا ابتدأتها .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فاطر السماوات
والأرض } قال : خالق السموات والأرض .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { وهو يطعِم ولا
يطعَم } قال : يرزق ولا يُرزق .
وأخرج النسائي وابن السني والحاكم والبيهقي في الشعب وابن مردويه عن أبي هريرة
قال « دعا رجل من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقنا معه ، فلما طعَم
النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يده قال : » الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ومنَّ
علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا ، الحمد لله غير مودع ربي ولا
مكافأ ولا مكفور ولا مستغني عنه ، الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام ، وسقانا من
الشراب ، وكسانا من العرى ، وهدانا من الضلال ، وبصرنا من العمى ، وفضلنا على
كثير من خلقه تفصيلاً ، الحمد لله رب العالمين « .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { من يصرف عنه
يومئذ } قال : من يصرف عنه العذاب .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق بشر بن حاتم من طريق بشر بن السري عن هارون النحوي
قال : في قراءة أبي { من يصرفه الله } .
وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله { وإن يمسسك بخير } يقول : بعافية .
( معلومات الكتاب ) |