ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ
إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ
وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
(105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله
عنهما - في قوله { وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } قال : هم بنو
يعقوب ، إذ يمكرون بيوسف .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - { وما كنت
لديهم } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، يقول { ما كنت لديهم } وهم يلقونه في
غيابة الجب { وهم يمكرون } بيوسف .
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - { وكأين من آية } قال : كم من آية
في السماء ، يعني شمسها وقمرها ونجومها وسحابها . وفي الأرض ، ما فيها من الخلق
والأنهار والجبال والمدائن والقصور .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة قال في مصحف عبد الله [
وكأين من آية في السموات والأرض يمشون عليها ] والسماء والأرض آيتان عظيمتان .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في
قوله { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } قال : سلهم من خلقهم ، ومن خلق
السموات والأرض؟؟ . . . فيقولون : الله . فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره .
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن عطاء - رضي الله
عنه - في قوله { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } قال : كانوا يعلمون إن
الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم ، وكانوا مع ذلك يشركون .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله
{ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } قال : إيمانهم ، قولهم الله خلقنا
وهو يرزقنا ويميتنا . فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } قال : كانوا يشركون به في تلبيتهم ، يقولون :
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك .
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله { وما يؤمن أكثرهم بالله
إلا وهم مشركون } قال : ذاك المنافق ، يعمل بالرياء وهو مشرك بعمله .
أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ
تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه
- في قوله { غاشية من عذاب الله } قال : تغشاهم .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه
- في قوله { غاشية من عذاب الله } قال : واقعة تغشاهم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله
{ غاشية } قال : عقوبة من عذاب الله .
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { قل هذه سبيلي }
قال : دعوتي .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - مثله .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - { قل هذه سبيلي } قال : صلاتي
.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله { قل هذه
سبيلي } قال : أمري وسنتي ومنهاجي .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { على بصيرة
} أي على هدى { أنا ومن اتبعني } .
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ
أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ
اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { وما أرسلنا من
قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى } أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن ابن جريج - رضي الله عنه - في قوله { وما
أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم } قال : إنهم قالوا { ما أنزل الله على
بشر من شيء } [ الأنعام : 91 ] وقوله { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } {
وما تسألهم عليه من أجر } وقوله { وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها
} وقوله { أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله } وقوله { أفلم يسيروا في
الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } قال : كل ذلك قال لقريش أفلم
يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم فيعتبروا ويتفكروا .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله
{ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى } قال : ما نعلم أن
الله أرسل رسولاً قط إلا من أهل القرى ، لأنهم كانوا أعلم وأحكم من أهل العمود
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله { أفلم يسيروا في الأرض
فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } قال : فينظروا كيف عذب الله قوم نوح
وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب .
حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ
الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)
أخرج أبو عبيد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
الشيخ وابن مردويه من طريق عروة ، أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله { حتى
إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : قلت : أكذبوا ، أم كذبوا؟ قالت
عائشة - رضي الله عنها بل { كذّبوا } يعني بالتشديد ، قلت : والله لقد استيقنوا
أن قومهم كذبوهم ، فما هو بالظن . قالت : أجل ، لعمري لقد استيقنوا بذلك . فقلت
لعلها { وظنوا أنهم قد كذبوا } مخففة . قالت : معاذ الله ، لم تكن الرسل لتظن
ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية؟ قالت : هم اتباع الرسل الذين آمنوا بربهم
وصدقوهم ، وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر ، حتى إذا استيأس الرسل ممن
كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن عبد الله بن
أبي مليكة - رضي الله عنه - أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأها عليه { وظنوا
أنهم قد كذبوا } مخففة . يقولوا اخلفوا ، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -
وكانوا بشراً ، وتلا { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } [
البقرة : 214 ] قال ابن أبي مليكة : فذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أنهم
يئسوا وضعفوا ، فظنوا أنهم قد أخلفوا ، قال ابن أبي مليكة : وأخبرني عروة عن
عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت : ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه
سيكون قبل أن يموت ، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من
المؤمنين قد كذبوهم ، وكانت تقرؤها { وظنوا أنهم قد كذبوا } مثقلة للتكذيب .
وأخرج ابن مردويه من طريق عروة ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {
وظنوا أنهم قد كذبوا } بالتشديد .
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قرأ { وظنوا أنهم قد كذبوا } مخففة .
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقرأ
{ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } مخففة . قال : يئس الرسل من
قومهم أن يستجيبوا لهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم فيما جاؤوهم به { جاءهم
نصرنا } قال : جاء الرسل نصرنا .
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ ،
عن تميم بن حرام قالت : قرأ على ابن مسعود - رضي الله عنه - القرآن فلم يأخذ
علي إلا حرفين { كل أتوه داخرين } فقال : أتوه ، مخففة .
وقرأت عليه { وظنوا أنهم قد كذبوا } فقال : { كذبوا } مخففة قال : { استيأس
الرسل } من أيمان قومهم أن يؤمنوا لهم ، وظن قومهم حين ابطأ الأمر { أنهم قد
كذبوا } .
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال :
حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة يوسف { وظنوا أنهم قد كذبوا }
خفيفة .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن ربيعة بن كلثوم قال : حدثني أبي أن مسلم بن
يسار - رضي الله عنه - سأل سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال : يا أبا عبد
الله ، آية قد بلغت مني كل مبلغ { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا }
فهذا الموت إن نظن الرسل أنهم قد كذبوا أو نظن أنهم قد كذبوا مخففة . فقال سعيد
بن جبير - رضي الله عنه - { حتى إذا استيأس الرسل } من قومهم أن يستجيبوا لهم ،
وظن قومهم أن الرسل كذبتهم { جاءهم نصرنا } فقام مسلم إلى سعيد فاعتنقه وقال :
فرج الله عنك كما فرجت عني .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم ، عن أبي حمزة الجزري قال : صنعت طعاماً
فدعوت ناساً من أصحابنا ، منهم سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم ، فسأل فتى من
قريش سعيد بن جبير - رضي الله عنه - فقال : يا أبا عبد الله ، كيف تقرأ هذا
الحرف؟ فإني إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة { حتى إذا استيأس
الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } قال : نعم { حتى إذا استيأس الرسل } من قومهم أن
يصدقوهم ، وظن المرسل إليهم أن الرسل { قد كذبوا } فقال الضحاك - رضي الله عنه
- لو رحلت في هذه إلى اليمن ، لكان قليلاً .
وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد - رضي الله عنه - أنه قرأها { كذبوا } بفتح الكاف
والتخفيف . قال : استيأس الرسل أن يعذب قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا {
جاءهم نصرنا } قال : جاء الرسل نصرنا . قال مجاهد : قال في المؤمن { فلما
جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم } [ غافر : 83 ] قال قولهم :
نحن أعلم منهم ولن نعذب ، وقوله { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } [ الزمر :
48 ] قال : حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما { فننجي من نشاء } قال : فننجي
الرسل ومن نشاء { ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين } وذلك أن الله تعالى بعث
الرسل يدعون قومهم ، فأخبروهم أنه من أطاع الله نجا ، ومن عصاه عذب وغوى .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - { جاءهم نصرنا } قال : العذاب
.
وأخرج أبو الشيخ عن نصر بن عاصم - أنه قرأ [ فنجا من نشاء ] .
وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر - أنه قرأ { فننجي من نشاء } .
وأخرج أبو الشيخ ، عن السدي - { ولا يرد بأسنا } قال عذابه .
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ
حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ
كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { لقد كان في
قصصهم عبرة } قال : يوسف واخوته .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في
قوله { لقد كان في قصصهم عبرة } قال : معرفة { لأولي الألباب } قال : لذوي
العقول .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - { ما كان حديثاً يفترى
} والفرية ، الكذب { ولكن تصديق الذي بين يديه } قال : القرآن ، يصدق الكتب
التي كانت قبله من كتب الله التي أنزلها قبله على أنبيائه ، فالتوراة والإِنجيل
والزبور ، يصدق ذلك كله ويشهد عليه أن جميعه حق من عند الله { وتفصيل كل شيء }
فصل الله به بين حرامه وحلاله ، وطاعته ومعصيته .
وأخرج ابن السني والديلمي ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ اناءٌ نظيفٌ
وكُتِبَ عليه { كأنهم يوم يرون ما يوعدون . . . } [ الأحقاف : 35 ] إلى آخر
الآية { وكأنهم يوم يرونها } [ النازعات : 46 ] إلى آخر الآية { ولقد كان في
قصصهم عبرة لأولي الألباب . . . . } إلى آخر الآية ، ثم تغسل وتسقى المرأة منه
وينضح على بطنها وفرجها » .
( معلومات الكتاب ) |