هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ
أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ
اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ
سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (34)
وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ
مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ
شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ
إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ
هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { هل
ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة } قال : بالموت . وقال في آية أخرى { ولو ترى إذ
يتوفى الذين كفروا الملائكة } [ الأنفال : 50 ] . وهو ملك الموت ، وله رسل { أو
يأتي أمر ربك } وذاك يوم القيامة .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة } يقول :
عند الموت ، حين تتوفاهم { أو يأتي أمر ربك } قال : ذلك يوم القيامة .
إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا
لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)
أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن مسعود ، أنه قرأ { فإن الله لا يهدي } بفتح
الياء { من يضل } بضم الياء .
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الأعمش قال : قال لي الشعبي : يا سليمان ، كيف
تقرأ هذا الحرف؟ قلت { لا يهدي من يضل } فقال : كذلك سمعت علقمة أنه كان يقرأ {
لا يهدي من يضل } .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر ، عن علقمة أنه كان يقرأ { لا يهدي من يضل } .
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن إبراهيم ، أنه قرأ { لا يهدي من يضل } .
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ هذا الحرف { فإن الله لا يهدي من يضل }
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { فإن الله لا يهدي من يضل } قال : من
يضله الله لا يهديه أحد .
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ
يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي العالية قال :
كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه ، فكان فيما تكلم
به والذي أرجوه بعد الموت ، أنه لكذا وكذا . فقال له المشرك : إنك لتزعم أنك
تبعث من بعد الموت . . . فأقسم بالله جهد يمينه : لا يبعث الله من يموت . فأنزل
الله : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت . . . } الآية .
وأخرج ابن مردويه عن علي في قوله : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله
من يموت } قال : نزلت في .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة قال : « قال الله :
سبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يسبني ، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني .
فأما تكذيبه إياي فقال : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت }
وقلت : { بلى وعداً عليه حقاً } وأما سبه إياي فقال : { إن الله ثالث ثلاثة }
وقلت { هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد } [ الصمد
] » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : {
ليبين لهم الذي يختلفون فيه } قال : للناس عامة ، والله أعلم .
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ (40) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ (42)
أخرج أحمد والترمذي وحسنه ، وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
- واللفظ له - عن أبي ذر ، عن رسول الله قال : « يقول الله : يا ابن آدم ، كلكم
مذنب إلا من عافيت . . فاستغفروني أغفر لكم . وكلكم فقراء إلا من أغنيت ،
فسلوني أُعْطِكُم . وكلكم ضال إلا من هديت ، فسلوني الهدى أهدكم . ومن استغفرني
وهو يعلم أني ذو قدرة على أن أغفر له ، غفرت له ولا أبالي . ولو أن أوّلكم
وآخركم وحيّكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب أشقى واحد منكم ، ما نقص
ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضة . ولو أن أوّلكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم
ويابسكم اجتمعوا على قلب أتقى واحد منكم ، ما زادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة .
ولو أن أوّلكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل
واحد منكم ، فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كغرز إبرة غمسها أحدكم في
البحر ، وذلك أني جواد ماجد واجد عطائي كلام ، وعذابي كلام ، إنما أمري لشيء
إذا أردته أن أقول له { كن فيكون } » .
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : { والذين
هاجروا في الله من بعد ما ظلموا } قال : إنهم قوم من أهل مكة ، هاجروا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد ظلمهم ، ظَلَمَهُمُ المشركون .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن داود بن أبي هند قال : نزلت {
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا . . . . } إلى قوله : { وعلى ربهم
يتوكلون } في أبي جندل بن سهيل .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : {
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا } قال : هؤلاء أصحاب محمد ، ظلمهم أهل
مكة فأخرجوهم من ديارهم ، حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ، ثم بوأهم الله
المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين { ولأجر
الآخرة أكبر } قال : أي والله لما يثيبهم عليه من جنته ونعمته { أكبر لو كانوا
يعلمون } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي في قوله : { لنبوّئنهم في الدنيا حسنة }
قال : المدينة .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله :
{ لنبوّئنهم في الدنيا حسنة } قال : لنرزقنهم في الدنيا رزقاً حسناً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبان بن تغلب قال : كان الربيع بن خثيم يقرأ هذا الحرف
في النحل { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة }
ويقرأ في العنكبوت ( لَنَثْويَنَّهُمْ من الجنة غرفا ) [ العنكبوت : 58 ] ويقول
: التَّنَبُّؤ في الدنيا والثواء في الآخرة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن عمر بن الخطاب : أنه كان إذا أعطى الرجل من
المهاجرين عطاء يقول : خذ . . . بارك الله لك ، هذا ما وعدك الله في الدنيا وما
ادّخر لك في الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون .
( معلومات الكتاب ) |