وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ
جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ
إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا
وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله : { والله جعل لكم من بيوتكم سكناً } قال : تسكنون فيها .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : { جعل لكم من بيوتكم سكناً } قال :
تسكنون وتقرون فيها { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } وهي خيام الأعراب {
تستخفونها } يقول في الحمل { ومتاعا إلى حين } قال : إلى الموت .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { تستخفونها يوم
ظعنكم } قال بعض : بيوت السيارة في ساعة وفي قوله : { وأوبارها } قال : الإبل {
وأشعارها } قال : الغنم .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { أثاثاً } قال :
الأثاث المال { ومتاعاً إلى حين } يقول تنتفعون به إلى حين .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن عطاء قال : إنما أنزل القرآن على قدر معرفة
العرب . ألا ترى إلى قوله : { ومن أصوافها وأوبارها } وما جعل الله لهم من غير
ذلك أعظم منه وأكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر . ألا ترى إلى قوله : {
والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكناناً } وما جعل من السهل
أعظم وأكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب جبال . ألا ترى إلى قوله : { وجعل لكم سرابيل
تقيكم الحر } وما يقي البرد أعظم وأكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب حر . ألا ترى إلى
قوله : ( من جبال فيها من برد ) يعجبهم بذلك ، وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر ،
ولكنهم كانوا لا يعرفونه .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : {
ومتاعاً إلى حين } قال : إلى أجل ، وبلغة .
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ
الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ
لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ
الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا
وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله
عنه في قوله : { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً } قال : من الشجر ومن غيرها {
وجعل لكم من الجبال أكناناً } قال : غارات يسكن فيها . { وجعل لكم سرابيل تقيكم
الحر } من القطن والكتان والصوف { وسرابيل تقيكم بأسكم } من الحديد { كذلك يتم
نعمته عليكم لعلكم تسلمون } ولذلك هذه السورة تسمى سورة النعم .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الكسائي ، عن حمزة عن الأعمش وأبي بكر وعاصم ، أنهم
قرأوا { لعلكم تسلمون } برفع التاء من أسلمت .
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : { سرابيل تقيكم الحر } قال : يعني الثياب { وسرابيل تقيكم
بأسكم } قال : يعني الدروع والسلاح { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } يعني
من الجراحات . وكان ابن عباس يقرؤها { تسلمون } .
وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه : أن أعرابياً أتى النبي صلى الله
عليه وسلم فسأله؟ فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { والله جعل لكم من
بيوتكم سكناً } قال : الأعرابي نعم ، قال : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً
تستخفونها } قال : الأعرابي نعم ثم قرأ عليه ، كل ذلك يقول نعم ، حتى بلغ {
كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } فولى الأعرابي ، فأنزل الله { يعرفون نعمة
الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون } .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله : { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } قال : هي المساكن والأنعام وما
ترزقون منها ، وسرابيل من الحديد والثياب ، تعرف هذا كفار قريش ، ثم تنكره بأن
تقول : هذا كان لآبائنا فورثونا إياه .
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في الآية قال : يعلمون أن الله خلقهم
وأعطاهم ، بعدما أعطاهم يكفرون ، فهو معرفهم نعمته ، ثم إنكارهم إياها كفرهم
بعد .
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عون بن عبد الله
في قوله : { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } قال : انكارهم إياها ، أن يقول
الرجل : لولا فلان أصابني كذا وكذا ، ولولا فلان لم أصب كذا وكذا .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله :
{ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } قال محمد : - صلى الله عليه وسلم - ولفظ ابن
أبي حاتم قال : هذا في حديث أبي جهل والأخنس ، حين سأل الأخنس أبا جهل عن محمد
: فقال : هو نبي .
( معلومات الكتاب ) |