قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ
فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ
أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا
(92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا
لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا
عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي
فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ
رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ
الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي
أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا
اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا
جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ
عَرْضًا (100)
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { قال أما من ظلم } قال :
من أشرك .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { فسوف نعذبه
} قال : القتل .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ، ثم
توقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر ، عن مسروق رضي الله عنه في قوله
: { فله جزاء الحسنى } قال : الحسنى له جزاء .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { وسنقول
له من أمرنا يسراً } قال : معروفاً . والله تعالى أعلم .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن ابن جريج في قوله :
{ حتى إذا بلغ مطلع الشمس } الآية . قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب . . .
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « { لم نجعل لهم من دونها ستراً } أنها
لم يبن فيها بناء قط ، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسراباً لهم حتى تزول الشمس
» .
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
الحسن في قوله : { تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً } قال : أرضهم لا
تحتمل البناء ، فإذا طلعت الشمس تغور في المياه ، فإذا غابت خرجوا يتراعون كما
ترعى البهائم . ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم
فيها شيء ، فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم
ومعايشهم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف ، إذا طلعت
الشمس طلعت عليهم ، ولأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { وجدها تطلع على قوم }
الآية . قال : يقال لهم الزنج .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار ،
مساكنهم الغيران ، فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { بما لديه
خبراً } قال : علماً .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { حتى إذا بلغ بين السدين } قال :
الجبلين ، أرمينية وأذربيجان .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { قوماً لا يكادون يفقهون قولاً } قال
: الترك .
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم ، أنه كان يقرأ { لا يكادون يفقهون قولاً
} .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن مسعود قال :
«
أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو في قبة آدم له ، فخرج إلينا فحمد
الله ثم قال : » أبشركم أنكم ربع أهل الجنة . فقلنا : نعم يا رسول الله؟ فقال :
أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة . فقلنا : نعم يا نبي الله؟ قال : والذي نفسي بيده ،
إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ، إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء
في جنب ثور أسود ، أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض ، إن بعدكم يأجوج ومأجوج ، إن
الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفاً فما زاد ، وأن وراءهم ثلاث أمم : منسك
وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله « » .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق
البكالي ، عن عبدالله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة
أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الملائكة ، وجزء واحد الجن والإنس . وجزأ الملائكة
عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون ،
وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره . وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء ،
فتسعة منهم الجن ، والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة
. وجزأ الإنس عشرة أجزاء ، تسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وجزء سائر الناس والسماء
ذات الحبك . قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية ، أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين
، وأن الجن يزيدون على الإنس الضعفين ، وأن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج
ومأجوج .
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء ،
تسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وجزء سائر الناس .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال :
صوّرت الدنيا على خمس صور ، على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب ،
فالمدينة ومكة واليمن الرأس ، والصدر مصر والشام ، والجناح الأيمن العراق ،
وخلف العراق أمة يقال لها واق ، وخلف واق أمة يقال وقواق ، وخلف ذلك من الأمم
ما لا يعلمه إلا الله تعالى . والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند ، وخلف
الهند أمة يقال لها ناسك ، وخلف ذلك أمة يقال لها منسك ، وخلف ذلك من الأمم ما
لا يعلمه إلا الله تعالى . والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس ، وشر ما في
الطير الذنب .
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة ، أن الدنيا سبعة أقاليم :
فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم ، وسائر الناس في إقليم واحد .
وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبدالله بن عمرو عن يأجوج
ومأجوج : أمن آدم هم؟ قال : نعم ، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله ،
تاويل وتاريس ومنسك .
وأخرج ابن جرير عن عبدالله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما
شاؤوا ، ونساء يجامعون ما شاؤوا ، وشجر يلقحون ما شاؤوا ، ولا يموت رجل إلا ترك
من ذريته ألفاً فصاعداً .
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ، عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان ، في
كل أمة أربعمائة ألف أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ، ولا يموت الرجل منهم حتى
ينظر في مائة عين من ولده .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف ،
صنف أجسامهم كالأرز ، وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض ، وصنف يفترشون
آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون مشائم نسائهم .
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث :
فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم ، وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج ،
وثلث سائر الناس . والناس بعد ثلاث أثلاث ، ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر
الناس العرب والعجم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة ، فسد ذو
القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة ، وهم الأتراك .
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب ، أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس
لهم أصل ، هم من يأجوج ومأجوج ، لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين
فسدّ بينهم وبين قومهم ، فذهبوا سيارة في الأرض .
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ، ليس
منها أمة تشبه الأخرى .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج
ومأجوج ، لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبداً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة عن عبدالله بن سلام قال : ما مات رجل من يأجوج
ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعداً .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه ، عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران ، وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من
ولد آدم .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث وابن مردويه وابن
عساكر ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن يأجوج ومأجوج من
ولد آدم ، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ، ولا يموت رجل منهم إلا ترك
من ذريته ألفاً فصاعداً ، وإن من ورائهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك » .
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء ،
فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج ، وجزء واحد سائر الناس .
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا ، وشجر
يلقحون ما شاؤوا ، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً » .
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عدي وابن عساكر وابن النجار ، عن حذيفة
قال : « سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة
ومأجوج أمة ، كل أمة بأربعمائة أمة . . . لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل
من صلبه ، كل قد حمل السلاح . قلت : يا رسول الله ، صفهم لنا . قال : هم ثلاثة
أصناف ، صنف منهم أمثال الأرز . قلت : وما الأرز؟ قال : شجر بالشام ، طول
الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء » .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد ، وصنف
منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير
إلا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق
وبحيرة طبرية » .
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن وابن مردويه بسند واه ، عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بعثني الله ليلة أسري بي إلى
يأجوج ومأجوج ، فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني ، فهم في النار
مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس » .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي بكر النسفي ، « أن رجلاً قال : » يا رسول
الله ، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج . قال : انعته لي . قال : كالبرد المحبر ،
طريقة سوداء وطريقة سوداء . قال : قد رأيته « » .
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في البعث ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن
يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي
عليهم : ارجعوا ، فستفتحونه غداً ولا يستثني . فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما
كان ، فإذا أراد الله بخروجهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه
إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون
على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى
السماء فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء
قسوة وعلواً . فيبعث الله عليهم نغفاً في أعناقهم فيهلكون » .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فوالذي نفس محمد بيده ، إن دواب الأرض
لتَسْمَن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم » .
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه
وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : « لا إله إلا الله . . . ويل للعرب من
شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت : يا رسول
الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : نعم ، إذا كثر الخبث » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « فتح
اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين » .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : { إن يأجوج ومأجوج
مفسدون في الأرض } قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فهل
نجعل لك خرجاً } قال : أجراً عظيماً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد ، وما صنع السد الناس
فهو السد .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { ما مكني فيه ربي خير } قال : الذي
أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { أجعل بينكم وبينهم ردماً } قال : هو
كأشد الحجاب .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { زبر الحديد } قال : قطع
الحديد .
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن
قوله { زبر الحديد } قال : قطع الحديد . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ،
أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول :
تلظى عليهم حين شد حميمها ... بزبر الحديد والحجارة شاجر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { بين الصدفين } قال :
الجبلين .
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي ، أنه كان يقرأ { بين الصدفين } بفتحتين
، قال : يعني بين الجبلين .
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن ، أنه كان يقرأ { بين الصدفين } بضمتين .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { بين
الصدفين } قال : رأس الجبلين .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { قطراً
} قال : النحاس .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : { قطراً } قال : نحاساً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { آتوني أفرغ عليه قطراً } قال : نحاسا
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { آتوني أفرغ عليه قطراً } قال : نحاسا
ليلزم بعضه بعضاً .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { فما اسطاعوا أن يظهروه
} قال : ما استطاعوا أن يرتقوه .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن جريج في قوله : { فما اسطاعوا أن
يظهروه } يقول : أن يعلوه { وما استطاعوا له نقباً } قال : من أسفله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } قال :
جعله طريقاً كما كان .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } قال :
لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما .
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم ، أنه كان يقرأ { جعله دكاء } ممدوداً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب ، إن يأجوج ومأجوج خلف
السد ، لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه ، وهم يغدون كل يوم على السد
فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض ، فيقولون : نرجع غداً ونفتحه ، فيصبحون وقد
عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس ، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم ،
فإذا غدوا يلحسون قال لهم : قولوا بسم الله ، فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن
يرجعوا حين يمسون ، فيقولون : نرجع غداً فنفتحه . فيصبحون وقد عاد إلى ما كان
عليه فيقول : قولوا إن شاء الله . فيقولون : إن شاء الله . فيصبحون وهو مثل قشر
البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس ، فيخرج أول من يخرج منهم سبعون ألفاً
عليهم التيجان ، ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجاً فيأتون على النهر مثل نهركم هذا
- يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ، ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا
إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة ، وذلك قول الله : { فإذا جاء وعد ربي
جعله دكاء } والدكّ ، التراب { وكان وعد ربي حقاً } .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن كعب قال : إن
يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم ، حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع
إليه غداً فنفرغ منه ، فيرجعون إليه وقد عاد كما كان ، فيرجعون فهم كذلك ، وإذا
بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غداً ، فنفرغ منه
فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون ، فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان
فيها من ماء ، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ، ويأتي آخرهم
عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء . فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة
بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء ، فيدعو عليهم
عيسى ابن مريم فيقول :
اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد ، فاكفناهم بما شئت . فيبعث الله عليهم دوداً
يقال له النغف ، فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ، ثم يبعث
الله عليهم طيراً فتنقل أبدانهم إلى البحر ، ويرسل الله إليهم السماء أربعين
يوماً فينبت الأرض ، حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت .
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة
وعشرون ذراعاً تحفيها حوافر خيلهم ، والعليا اثنا عشر ذراعاً تحفيها أسنة
رماحهم .
وأخرج ابن المنذر عن عبدالله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج ، كان عيسى
ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام ، يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله
أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم ، فيدعون الله أن يطهر الأرض
منهم فيرسل الله مطراً فيسيل منهم إلى البحر ، ثم يخصب الناس حتى أن العنقود
يشبع منه أهل البيت .
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه ، عن عبدالله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر
أولهم بنهر مثل دجلة ، ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة ماء ، ولا
يموت رجل إلا ترك ألفاً من ذريته فصاعداً ، ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم
إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك .
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن عساكر ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم في السد قال : « يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي
عليهم : ارجعوا . . . فستخرقونه غداً . قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا
بلغوا مدتهم وأراد الله ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله
- واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون
المياه ، وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء
فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوّاً ، فيبعث الله عليهم
نغفاً في أقفائهم فيهلكهم .
قال : والذي نفسي بيده ، إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم » .
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا
أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه ، والآخر
ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه ناراً فإنه ماء بارد ،
وإياكم والآخر فإنه الفتنة ، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه » كافر « يقرؤه من
يكتب ومن لا يكتب ، وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة ، إنه يطلع من آخر أمره
على بطن الأردن على ثنية أفيق ، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن ،
وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض
المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم؟ من كان عنده فضل
طعام فليغدُ به على أخيه ، وصلّوا حتى ينفجر الفجر ، وعجلوا الصلاة ، ثم أقبلوا
على عدوكم .
فلما قاموا يصلون ، نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم ، فلما انصرف قال : هكذا
فرّجوا بيني وبين عدو الله فيذوب ، وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم ،
حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبدالله ، يا عبد الرحمن . . . يا مسلم ، هذا
يهودي فاقتله . فيقتلهم الله ويُنْصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير
ويضعون الجزية ، فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج ، فيشرب أولهم البحيرة
ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على أعدائنا ، قد
كان ههنا أثر ماء . فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن
فلسطين يقال لها » لد « فيقولون : ظهرنا على من في الأرض ، فتعالوا نقاتل من في
السماء ، فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى
منهم بشر ، فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى ، فيرسل الله عليهم ريحاً فتقذفهم
في البحر أجمعين » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ، ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ، ومقفلهم من
يأجوج ومأجوج بيت الطور على الناس » .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } قال
: ذلك حين يخرجون على الناس .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض }
قال : هذا أول يوم القيامة ، ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة ، عن ابن
عباس رضي الله عنه في قوله : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } قال : الجن
والإنس يموج بعضهم في بعض .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة ، عن شيخ من بني فزارة في
قوله : { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } قال : إذا ماج الجن والإنس بعضهم في
بعض ، قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر ، فيظعن إلى المشرق فيجد
الملائكة قد نطقوا الأرض ، ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ،
ثم يظعن يميناً وشمالاً حتى ينتهي إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض
فيقول : ما من محيص ، فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كأنه شواظ ، فأخذ عليه هو
وذريته . فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال :
يا إبليس ، ألم تكن لك المنزلة عند ربك؟ ألم تكن في الجنان؟ فيقول : ليس هذا
يوم عتاب ، لو أن الله افترض عليّ عبادةً لعبدتُه عبادة لم يعبده أحد من خلقه .
فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة . فيقول : ما هي؟ فيقول : يأمرك أن تدخل
النار . فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار ، فتزفر جهنم
زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه .
الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا
يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري
وكانوا لا يستطيعون سمعاً } قال : كانوا عمياً عن الحق فلا يبصرونه ، صماً عنه
فلا يسمعونه .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { لا
يستطيعون سمعاً } قال : لا يعقلون سمعاً . والله أعلم .
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي
أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من
دوني أولياء } قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء .
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر ، عن علي بن أبي طالب أنه قرأ {
أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء } قال أبو عبيد : بجزم السين
وضم الباء .
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة ، أنه قرأ { أفحسب الذين
كفروا } يقول : أفحسبهم ذلك .
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ
وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا
وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
أخرج عبد الرزاق والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وابن مردويه من طريق مصعب بن سعد ، قال : سألت أبي { قل هل ننبئكم
بالأخسرين أعمالاً } أهم الحرورية؟ قال : لا ، هم اليهود والنصارى . أما اليهود
، فكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم . وأما النصارى ، فكذبوا بالجنة وقالوا :
لا طعام فيها ولا شراب . والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه . وكان
سعد يسميهم الفاسقين .
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه وابن مردويه ، عن مصعب قال : قلت لأبي { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً
} الحرورية هم؟ قال : لا ، ولكنهم أصحاب الصوامع ، والحرورية قوم زاغوا فأزاغ
الله قلوبهم .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي خميصة عبدالله بن قيس قال : سمعت علي
بن أبي طالب يقول في هذه الآية { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً } إنهم
الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري .
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب ، وسأله ابن الكواء
فقال : مَنْ { هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً } ؟ قال : فجرة قريش .
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ،
عن علي أنه سئل عن هذه الآية { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً } قال : لا أظن
إلا أن الخوارج منهم .
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : « إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن
عند الله جناح بعوضة » .
وقال : « اقرأوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } » .
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب ، فلا يزن
عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة ، اقرؤوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة
وزناً } » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في
الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجهاً أحسنه وأطيبه ريحاً ، فيقوم بجنب
صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله ، فيقول له : جزاك الله
خيراً من صاحب ، فما أحسن صورتك . . . ! وأطيب ريحك! فيقول له : أما تعرفني؟
تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا ، أنا عملك . . . إن عملك كان حسناً فترى
صورتي حسنة ، وكان طيباً فترى ريحي طيبة . فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى
فيقول : يا رب ، هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في
الدنيا ، طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه .
فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب ، قد كنت أرغب له عن
هذا وأرجو له منك أفضل من هذا . فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله ، فيقول :
يا رب ، إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته . فيشفع في أقاربه .
وإذا كان كافراً مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه ، فكلما جاءه روع زاده
روعاً فيقول : قبحك الله من صاحب ، فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك . . . ! فيقول
: من أنت؟ قال : أما تعرفني؟ أنا عملك ، إن عملك كان قبيحاً فترى صورتي قبيحة ،
وكان منتناً فترى ريحي منتنة . فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا
. فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزناً .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ، عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل
يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ، ثم تلا { فلا نقيم
لهم يوم القيامة وزناً } .
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } قال :
يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ، ثم يوزن فلا يزن شعيرة ، ثم
يوزن فلا يزن جناح بعوضة . ثم قرأ { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } يقول :
ليس لهم وزن .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
والحاكم وصححه ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سلوا
الله الفردوس فإنها سرة الجنة ، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش » .
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة
وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة » .
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي في
البعث وابن مردويه ، عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
إن في الجنة مائة درجة ، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس
أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، فإذا سألتم
الله فاسألوه الفردوس » .
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث ، عن
معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الجنة مائة درجة
، كل منها ما بين السماء والأرض ، وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش ، وهي
أوسط شيء في الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس »
.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبزار والطبراني ، عن سمرة بن جندب قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«
جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها وأحسنها » .
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى
الجنة .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « الفردوس
أعلى درجة في الجنة ، وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة .
وجنة عدن قصبة الجنة ، وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش ، فإذا سألتم
الله فاسألوه الفردوس » .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « الفردوس مقصورة الرحمن ، فيها خيار الأنهار والأثمار » .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية ، وأصله فرداساً
.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبدالله بن الحارث ، أن ابن عباس سأل كعباً
عن الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس ، يعني الجنة . قال : والجنة
بلسان الرومية ، الفردوس .
وأخرج النجاد في جزء التزاحم ، عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض
. والفردوس أعلى الجنة ، فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { لا يبغون
عنها حولا } قال : متحوّلاً .
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا
(109)
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { قل لو كان البحر مداداً
لكلمات ربي } يقول : علم ربي .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي
لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي } يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام
الله وحكمته .
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى
دجلة وهي تطفح ، فقال له سلمان : أنزل فاشرب . فشرب ، قال له : ازدد ، فازداد .
قال : كم نقصت منها؟ قال : ما عسى أن أنقص من هذه؟ قال سلمان : فكذلك العلم ،
تأخذ منه ولا تنقصه .
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا
صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن
عباس في قوله : { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية . قال : نزلت في المشركين
الذين عبدوا مع الله إلهاً غيره ، وليست هذه في المؤمنين .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في الإخلاص ، وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم عن طاوس قال : قال رجل : يا نبي الله ، إني أقف مواقف أبتغي وجه الله ،
وأحب أن يرى موطني . فلم يردّ عليه شيئاً حتى نزلت هذه الآية { فمن كان يرجو
لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولاً عن طاوس عن ابن عباس .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى
مكانه ، فأنزل الله { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية .
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة وابن عساكر من طريق السدي الصغير ، عن
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق
فذكر بخير ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس ، فلامه الله فنزل في ذلك { فمن كان
يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } .
وأخرج هناد في الزهد ، عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله ، أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله ، وأحب أن يقال لي
خيراً : فنزلت { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية .
وأخرج هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي ، عن سعيد في قوله : { فمن كان
يرجو لقاء ربه } قال : ثواب ربه . { فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك } قال : لا
يرائي { بعبادة ربه أحداً } .
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن سعيد بن جبير في قوله : { فمن كان يرجو
لقاء ربه } قال : من كان يخشى البعث في الآخرة { فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك
بعبادة ربه أحداً } من خلقه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن ربكم يقول : أنا خير شريك ، فمن أشرك معي
في عمله أحداً من خلقي تركت العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصاً » .
ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً
ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } « .
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : { فمن كان يرجو
لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } قال : في المؤمن
نزلت . قلت : أشرك بالله؟ قال : لا ، ولكن أشرك بذلك العمل عملاً يريد الله به
والناس ، فذلك يرد عليه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء؟
أشرك هو؟ قال : نعم يا بني ، وما تقرأ { فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة
ربه أحداً } .
وأخرج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
« إذا جمع الله الأولين والآخرين ببقيع واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي ، قال
: أنا خير شريك ، كل عَمل عُمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك ، فأنا أدعه
اليوم ولا أقبل اليوم إلا خالصاً . ثم قرأ { إلا عباد الله المخلصين } [
الصافات : 40 ] { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة
ربه أحداً } » .
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وابن ماجة والبيهقي ، عن أبي سعد بن أبي فضالة
الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «
إذا جمع الله الأوّلين والآخرين ليوم لا ريب فيه ، نادى منادٍ : من كان أشرك في
عمل عمله لله أحداً ، فليطلب ثوابه من عند غير الله ، فإن الله أغنى الشركاء عن
الشرك » .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة ، « أن رجلاً قال : » يا رسول الله ،
الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضاً من الدنيا؟ قال : لا أجر له . فأعظم
الناس هذه فعاد الرجل ، فقال : لا أجر له « » .
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص وابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي ، عن
شداد بن أوس قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك
الأصغر .
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي ، عن شداد بن
أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من صلى يرائي فقد أشرك ، ومن
صام يرائي فقد أشرك ، ومن تصدق يرائي فقد أشرك . ثم قرأ { فمن كان يرجو لقاء
ربه } الآية » .
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن مردويه ، عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أنا خير قسيم لمن أشرك بي ، من أشرك بي شيئاً
فإن عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به ، أنا عنه غني » .
وأخرج البزار وابن منده والبيهقي وابن عساكر ، « عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل
له : » أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صام رياء فقد أشرك ، ومن
صلى رياء فقد أشرك ، ومن تصدق رياء فقد أشرك؟؟ قال : بلى ، ولكن رسول الله صلى
الله عليه وسلم تلا هذه الآية { فمن كان يرجو لقاء ربه } فشق ذلك على القوم
واشتد عليهم فقال : ألا أفرجها عنكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : هي مثل
الآية في الروم { وما آتيتم من رباً ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله }
[ الروم : 39 ] فمن عمل رياء لم يُكْتَبْ لا له ولا عليه « » .
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي ، عن أبي سعيد قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل
» .
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي ، عن شداد بن أوس :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أخاف على أمتي الشرك والشهوة
الخفية . قلت : أتشرك أمتك من بعدك؟ قال : نعم ، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا
قمراً ولا حجراً ولا وثناً ، ولكن يراؤون الناس بأعمالهم . قلت : يا رسول الله
، فالشهوة الخفية؟ قال : يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه
ويواقع شهوته » .
وأخرج أحمد ومسلم وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي ، عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه قال : « أنا خير الشركاء ، فمن عمل عملاً أشرك
فيه غيري فأنا بريء منه ، وهو الذي أشرك » .
وأخرج أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر . قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول
الله؟ قال : الرياء ، يقول الله يوم القيامة : إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا
إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء » .
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تعرض
أعمال بني آدم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة في صحف مختتمة ، فيقول الله :
ألقوا هذا واقبلوا هذا . فتقول الملائكة : يا رب ، والله ما رأينا منه إلا
خيراً . فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به
وجهي » .
وأخرج البزار وابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به ، عن الضحاك بن قيس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقول الله : أنا خير شريك ، فمن أشرك معي
أحداً فهو لشريكي . يا أيها الناس ، أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من
الأعمال إلا ما خلص له ، ولا تقولوا هذا لله وللرحم ، فإنه للرحم وليس لله منه
شيء » .
وأخرج الحاكم وصححه « عن عبد الله بن عمرو ، أنه قال : » يا رسول الله ، أخبرني
عن الجهاد والغزو ، قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابراً محتسباً بعثك الله
صابراً محتسباً ، وإن قاتلت مرائياً مكاثراً على أي حال قاتلت أو قتلت ، بعثك
الله على تلك الحال « » .
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه ،
عن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
«
من غزا وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالاً ، فله ما نوى » .
وأخرج الحاكم « عن يعلى بن منبه قال : » كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثني
في سراياه ، فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل . قال : ما أنا بخارج
معك . قلت : لم؟ قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير . قلت : الآن حين ودعت النبي
صلى الله عليه وسلم ما أنا براجع إليه ، إرحل ولك ثلاثة دنانير . فلما رجعت من
غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته « » .
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد ، عن أبي أمامة قال : « جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر
ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له . فأعادها ثلاث مرات
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له . ثم قال : إن الله لا يقبل من
العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه » .
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به ، عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : « الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما ابتغى به وجه الله عز وجل » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في الأسماء
والصفات ، عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يسمع يسمع
الله به ، ومن يرائي يرائي الله به » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة ، أوقفه الله عز وجل
يوم القيامة في موقف رياء وسمعة » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : « من يرائي يرائي الله به ، ومن يسمع يسمع الله به » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إياكم وشرك السرائر . قالوا : وما شرك السرائر؟ قال : أن يقوم أحدكم يريد
صلاته جاهداً لينظر الناس إليه ، فذلك شرك السرائر » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه ، فليصل إذا
خلا مثلها ، وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه .
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله .
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة ، جيء بالدنيا فيميز
منها ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات يوم فقال : « أيها الناس ، اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل .
فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله! قال : قولوا : اللهم
إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفر لما لا نعلم » .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عبادة بن الصامت
قال : يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ، ثم يقول :
ألقوا سائرها في النار .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « إن يسيراً من الرياء شرك ، وإن من عادى أولياء
الله فقد بارز الله بالمحاربة ، وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين
إن غابوا لم يفتقدوا ، وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الدجى ،
يخرجون من كل غبراء مظلمة » .
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «
إن الإتقاء على العمل أشد من العمل ، إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول
به في السر ، يضعف أجره سبعين ضعفاً ، فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ،
فيكتب علانية ويمحى تضعيف أجره كله ، ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس
الثانية ويحب أن يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء ، فاتقى الله
امرؤ صان دينه فإن الرياء شرك » .
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن
أحسن أوليائي عندي منزلة ، رجل ذو حظ من صلاة . . . أحسن عبادة ربه في السر
وكان غامضاً في الناس لا يشار إليه بالأصابع ، عجلت منيته وقل تراثه وقلت
بواكيه » .
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي ، عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : « من قام مقام رياء أو سمعة ، رايا الله به يوم القيامة وسمع
به » .
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم وادياً تعوّذ منه جهنم
كل يوم أربعمائة مرةٍ أعد ذلك للمرائين من القراء .
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « تعوّذ
بالله من جب الحزن ، قيل من يسكنه؟ قال : المراؤون بأعمالهم » .
وأخرج البيهقي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقول الله
عز وجل : كل من عمل عملاً أراد به غيري فأنا منه بريء » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
اتقوا الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر؟ قال : الرياء يوم يجازي الله
العباد بأعمالهم ، يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، انظروا . .
. هل تصيبون عندهم جزاء؟ » .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله
يضمحل .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد ، عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم : يا أبا العالية ، لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز وجل
إلى عملت له .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خُثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز وجل يضمحل
.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن ، عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين
السماء والأرض ، شيعها سبعون ألف ملك؟ سورة الكهف ، من قرأها يوم الجمعة غفر
الله له بها إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها ، وأعطى نوراً يبلغ
السماء ، ووقي من فتنة الدجال . ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه
من فراشه ، حفظ وبعث من أي الليل شاء » .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان ، أنه تلا هذه الآية { فمن
كان يرجو لقاء ربه } الآية . قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم » .
وأخرج ابن راهويه والبزار وابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب ، عن
عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قرأ في ليلة {
فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية ، كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة
» .
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف ، كان له نور يوم
القيامة من لدن قرنه إلى قدمه . والله أعلم بالصواب .
( معلومات الكتاب ) |