القصص - تفسير الدرر المنثور

وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37)

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله { ولى مدبراً . . من الرهب } قال : هذا من تقديم القرآن .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { واضمم إليك جناحك } قال : يدك .
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { واضمم إليك جناحك } قال : كفه تحت عضده { من الرهب } قال : من الفرق { فذانك برهانان } قال : العصا ، واليد . وفي قوله { ردءاً } قال : عوناً وفي قوله { ونجعل لكما سلطاناً } قال : الحجة .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله { ولم يعقب } قال : لم يلتفت من الفرق وفي قوله { اسلك يدك في جيبك } قال : في جيب قميصك { تخرج بيضاء من غير سوء } قال : من غير برص { واضمم إليك جناحك من الرهب } قال : من الرعب { فذانك برهانان } قال : آيتان من ربك . . . { فأرسله معي ردءاً } قال : عوناً لي .
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ { من الرهب } مخففة مرفوعة الراء وقرأ « فذنك » مخففة .
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن كثير وقيس أنهما كانا يقرآن { فذنك برهانان } مثقلة النون .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ردءاً يصدقني } كي يصدقني .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب نبأنا نافع بن أبي نعيم قال : سألت مسلم بن جندب رضي الله عنه عن قوله { ردءاً يصدقني } قال : الردء الزيادة أما سمعت قول الشاعر :
واسمر خطى كأن كعوبه ... نوى القصب قد اردى ذراعاً على عشر
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { سنشد عضدك بأخيك } قال : العضد : المعين الناصر قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول النابغة :
في ذمة من أبي قابوس منقذة ... للخائفين ومن ليست له عضد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان موسى عليه السلام قد ملىء قلبه رعباً من فرعون ، فكان إذا رآه قال : اللهم أدرأ بك في نحره ، وأعوذ بك من شره ، ففزع الله تعالى ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون ، فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار .
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك رضي الله عنه قال : دعاء موسى حين توجه إلى فرعون ، ودعاء النبي عليه السلام يوم حنين ، ودعاء كل مكروب « كنت وتكون وأنت حي لا تموت ، تنام العيون وتكدر النجوم وأنت حي قيوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، يا حي يا قيوم » .


وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قال فرعون { يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري } قال جبريل عليه السلام : يا رب طغى عبدك فائذن لي في هلاكه قال : يا جبريل هو عبدي ولن يسبقني له أجل قد اجلته حتى يجيء ذلك الأجل . فلما قال { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] قال : يا جبريل قد سكنت روعتك . بغى عبدي وقد جاء أوان هلاكه .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « كلمتان قالهما فرعون { ما علمت لكم من إله غيري } وقوله { أنا ربكم الأعلى } قال : كان بينهما أربعون عاماً { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } [ النازعات : 26 ] » .
أما قوله تعالى : { فأوقد لي يا هامان } الآية .
أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر قال : حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن محدث حدثه قال : كان هامان نبطياً .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فأوقد لي يا هامان على الطين } قال على المدر يكون لبناً مطبوخاً .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني أن فرعون أول من طبخ الآجر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان فرعون أول من طبخ الآجر ، وصنع له الصرح .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : فرعون أول من صنع الآجر وبنى به .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله { فأوقد لي يا هامان على الطين } قال : أوقد على الطين حتى يكون آجراً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما بنوا له الصرح ارتقى فوقه ، فأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء ، فردت إليه وهي متلطخة دماً فقال : قتلت إله موسى .


فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { فنبذناهم في اليم } قال : في البحر . بحر يقال له ساف من وراء مصر غرقهم الله فيه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } قال : جعلهم الله أئمة يدعون إلى المعاصي .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة } لعنة أخرى ، ثم استقبل فقال { هم من المقبوحين } .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة } قال : لعنوا في الدنيا والآخرة هو كقوله { وأتبعناهم في الدنيا لعنة ويوم القيامة } .


وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)

أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ما أهلك الله قوماً ولا قرناً ولا أمة ، ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخت قردة . ألم تر إلى قوله تعالى { ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى } وأخرجه البزار وابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سعيد موقوفاً » .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { بصائر للناس } قال : بَيِّنَةٌ .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : البصائر ، الهدى . بصائر ما في قلوبهم لذنوبهم .


( معلومات الكتاب )