مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ
كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا
مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ
قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ
(31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ
فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ
(34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ
مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) إِنَّكُمْ
لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (39) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40) أُولَئِكَ لَهُمْ
رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ
النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44)
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ما لكم لا تناصرون } قال :
لا تمانعون منا { بل هم اليوم مستسلمون } مسخرون { وأقبل بعضهم على بعض
يتساءلون } أقبل بعضهم يلوم بعضاً قال : الضعفاء للذين استكبروا { إنكم كنتم
تأتوننا عن اليمين } تقهروننا بالقدرة عليكم { قالوا بل لم تكونوا مؤمنين } في
علم الله { وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين } مشركين في علم
الله { فحق علينا قول ربنا } فوجب علينا قضاء ربنا لأنا كنا أذلاء ، وكنتم أعزة
{ فإنهم يومئذٍ } قال : كلهم { في العذاب مشتركون } .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله { ما لكم لا تناصرون } قال : لا يدفع بعضكم بعضاً { بل هم اليوم
مستسلمون } في عذاب الله { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } قال : الانس على
الجن قالت الانس للجن { إنكم تأتوننا عن اليمين } قال : من قبل الخير أفتنهونا
عنه . قالت الجن للانس { بل لم تكونوا مؤمنين ، فحق علينا قول ربنا } قال : هذا
قول الجن { فأغويناكم إنا كنا غاوين } هذا قول الشياطين لضلال بني آدم {
ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون } يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم {
بل جاء بالحق وصدق المرسلين } أي صدق من كان قبله من المرسلين { إنكم لذائقوا
العذاب الأليم ، وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ، إلا عباد الله المخلصين } قال
: هذه ثنية الله { أولئك لهم رزق معلوم } قال : الجنة .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون } قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله { كنتم تأتوننا
عن اليمين } قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
في قوله { تأتوننا عن اليمين } قال : عن الحق الكفار تقوله للشياطين .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {
لم تكونوا مؤمنين } قال : لو كنتم مؤمنين منعتم منا .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { فأغويناكم } قال :
الشياطين تقول { أغويناكم } في الدنيا { إنا كنا غاوين } { فإنهم يومئذ } ومن
أغووا في الدنيا { في العذاب مشتركون } .
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { إنهم كانوا إذا
قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون {
ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون } لا يعقل قال : فحكى الله صدقه فقال
{ بل جاء بالحق وصدق المرسلين } .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله
، ونفسه ، إلا بحقه ، وحسابه على الله . وأنزل الله في كتابه ، وذكر قوماً
استكبروا فقال { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } وقال { إذ
جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله
وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } [ الفتح : 26 ] وهي
لا إله إلا الله محمد رسول الله . استكبر عنها المشركون يوم الحديبية . يوم
كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضية الهدنة » .
وأخرج البخاري في تاريخه عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه قيل له : أليس لا إله
إلا الله مفتاح الجنة؟ قال : بلى . ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان ، فمن جاء
بأسنانه فتح له ، ومن لا ، لم يفتح له .
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ { إلا عباد الله
المخلصين } .
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله { أولئك لهم رزق معلوم } قال :
في الجنة .
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ
لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
(49)
أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
الضحاك رضي الله عنه قال : كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عني به الخمر .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله { بكأس من معين } قال : كأس من خمر لم تعصر والمعين هي
الجارية { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } قال : لا تذهب عقولهم ، ولا تصدع
رؤوسهم ، ولا توجع بطونهم .
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه { بكأس من معين } هو الجاري .
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله { بيضاء } قال : في قراءة
عبدالله « صفراء » .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله { يطاف عليهم بكأس من معين } قال : الخمر { لا فيها غول }
قال : ليس فيها صداع { ولا هم عنها ينزفون } قال : لا تذهب عقولهم .
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الخمر
أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول . فنزه الله خمر الجنة عنها {
لا فيها غول } لا تغول عقولهم من السكر { ولا هم عنها ينزفون } لا يقيئون عنها
كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها ، والقيء مستكره .
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله { لا فيها غول } قال : ليس فيها نتن ، ولا كراهية كخمر الدنيا قال : وهل
تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت امرؤ القيس وهو يقول :
رب كاس شربت لا غول فيها ... وسقيت النديم منها مزاجا
قال أخبرني عن قوله { ولا هم عنها ينزفون } قال : لا يسكرون قال : وهل تعرف
العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول عبدالله بن رواحة رضي الله عنه وهو يقول :
ثم لا ينزفون عنها ولكن ... يذهب الهم عنهم والغليل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما { لا فيها غول } قال : هي الخمر ،
ليس فيها وجع بطن .
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { لا
فيها غول } قال : وجع بطن { ولا هم عنها ينزفون } قال : لا تذهب عقولهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في
قوله { بكأس من معين } قال : المعين الخمر { لا فيها غول } قال : وجع بطن { ولا
هم عنها ينزفون } لا مكروه فيها ولا أذى .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله { وعندهم قاصرات الطرف } يقول : عن غير أزواجهن { كأنهن بيض
مكنون } قال : اللؤلؤ المكنون .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { وعندهم قاصرات الطرف } يقول : عن
غير أزواجهن قال : قصرن طرفهن على أزواجهن { عين } قال : حسان العيون .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله { عين } قال : العين العظام
الاعين .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { كأنهن بيض مكنون } قال
: بياض البيضة ينزع عنها فوقها ، وغشاؤها الذي يكون في العرف .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله { كأنهن بيض مكنون } قال : كأنهن بطن البيض .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { كأنهن بيض مكنون
} قال : بياض البيض حين ينزع قشره .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله {
كأنهن بيض مكنون } قال : هو السخاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله
{ كأنهن بيض مكنون } قال : البيض في عشه .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله { وعندهم قاصرات الطرف } قال : قصرن طرفهن على أزواجهن . فلا يردن غيرهم {
كأنهن بيض مكنون } قال : البيض الذي لم تلوثه الأيدي .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله { كأنهن بيض مكنون } قال :
محصون ، لم تمرته الأيدي .
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله { كأنهن بيض مكنون }
قال : البيض الذي يكنه الريش ، مثل بيض النعام الذي أكنه الريش من الريح ، فهو
أبيض إلى الصفرة ، فكانت تترقرق فذلك المكنون .
( معلومات الكتاب ) |