غافر - تفسير الدرر المنثور

النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)

أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله عنه قال : إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار . فذلك عرضها ، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح .
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال : تجعل أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة ، وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش فتأوي فيها . قيل فأرواح الكفار؟ قال : توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار . ثم قرأ هذه الآية { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح . فذلك عرضها .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } قال : صباحاً ومساءً . يقال لهم : هذه منازلكم ، فانظروا إليها توبيخاً ونقمة وصغاراً .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله { يعرضون عليها غدواً وعشياً } قال : ما كانت الدنيا تعرض أرواحهم .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه . أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية . كان يقول أول النهار : ذهب الليل وجاء النهار ، وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار .
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير عن الأوزاعي رضي الله عنه؛ أنه سأله رجل فقال : يا أبا عمرو إنا نرى طيراً أسود تخرج من البحر فوجاً فوجاً لا يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا؟! قال : وفطنتم لذلك؟ قالوا : نعم . قال : تلك في حواصلها أرواح آل فرعون { يعرضون على النار غدواً وعشياً } فترجع وكورها وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء ، فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ، ثم تعرض على النار ، ثم ترجع إلى وكورها ، فذلك دأبهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } .
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الغداة والعشي . إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار . يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة . زاد ابن مردويه { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } » .


وأخرج البزار وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه الله . قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر؟ قال : المال ، والولد ، والصحة ، وأشباه ذلك . قلنا : وما إثابته في الآخرة؟ قال : عذاباً دون العذاب » وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } قراءة مقطوعة الألف .


إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)

أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم . ثم تلا { إنا لننصر رسلنا . . } الآية » .
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله { إنا لننصر رسلنا . . } الآية . قال : ذلك في الحجة . يفتح الله حجتهم في الدنيا .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في هذه الآية قال : لم يبعث الله إليهم من ينصرهم ، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا وهم منصورون فيها .
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ويوم يقوم الأشهاد } قال : هم الملائكة .
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه ، مثله .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه قال : سألت الأعمش عن قوله { ويوم يقوم الأشهاد } قال : الملائكة .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال { الأشهاد } ملائكة الله ، وأنبياؤه ، والمؤمنون .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال { الأشهاد } أربعة : الملائكة الذين يحصون أعمالنا . وقرأ { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [ ق : 21 ] . والنبيون شهداء على أممهم . وقرأ { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } [ النساء : 41 ] . وأمة محمد صلى الله عليه وسلم شهداء على الأمم . وقرأ { لتكونوا شهداء على الناس } [ الحج : 78 ] . والأجساد والجلود . وقرأ { وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } [ فصلت : 21 ] .
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك { وسبح بحمد ربك بالعشي والإِبكار } قال : صل لربك { بالعشي والإِبكار } قال : الصلوات المكتوبات .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله { بالعشي والإِبكار } قال : صلاة الفجر والعصر .


( معلومات الكتاب )