إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ
أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله { إن الذين يبايعونك } قال : يوم الحديبية .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { إن الذين يبايعونك } قال
: هم الذين بايعوه زمن الحديبية .
وأخرج ابن مردويه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن جده رضي الله عنه
قال : كانت بيعة النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه { إن الذين يبايعونك
إنما يبايعون الله } الآية فكانت بيعة النبي صلى الله عليه وسلم التي بايع
عليها الناس البيعة لله والطاعة للحق . وكانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه
بايعوني ما أطعت الله ، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم . وكانت بيعة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه البيعة لله والطاعة للحق . وكانت بيعة عثمان بن عفان رضي
الله عنه البيعة لله والطاعة للحق .
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم بن الأعرج رضي الله عنه { يد الله فوق أيديهم } قال
: أن لا يفروا .
وأخرج أحمد وابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في
العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله
لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه مما
نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ، ولنا الجنة ، فمن وفى وفى الله له ، ومن
نكث فإنما ينكث على نفسه .
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا
وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي
قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ
بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)
أخرج عبد بن حميد عن جويبر رضي الله عنه في قوله { سيقول لك المخلفون من
الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا } قال : كان النبي صلى الله عليه
وسلم حين انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا
بأهاليهم ، فلما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر ساروا إليه ،
وقد كان الله أمره أن لا يعطي أحداً تخلف عنه من مغنم خيبر ، ويقسم مغنمها من
شهد الفتح ، وذلك قوله : { يريدون أن يبدلوا كلام الله } يعني ما أمر الله نبيه
صلى الله عليه وسلم أن لا يعطي أحداً تخلف عنه من مغنم خيبر شيئاً .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله { سيقول لك المخلفون من الأعراب } قال : أعراب المدينة جهينة
ومزينة استنفرهم لخروجه إلى مكة ، فقالوا : نذهب معه إلى قوم جاؤوه فقتلوا
أصحابه فنقاتلهم في ديارهم ، فاعتلوا له بالشغل ، فأقبل معتمراً فأخذ أصحابه
أناساً من أهل الحرم غافلين فأرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك الأظفار
ببطن مكة ، ورجع محمد صلى الله عليه وسلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر ،
فقال المخلفون : { ذرونا نتبعكم } وهي المغانم التي قال الله { إذا انطلقتم إلى
مغانم لتأخذوها } وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد فهم فارس والمغانم الكثيرة
التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم .
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى
أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ
السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) وَلِلَّهِ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ
يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ
إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ
يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا
كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ
كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { بل ظننتم أن لن ينقلب
الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء } قال :
ظنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك ،
وأنهم سيهلكون ، فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون
بما يقولون { سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها } قال : هم الذين
تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال :
إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس
لغيرهم فيها نصيب { قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد } قال
: فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإِجابة ، ورغب في الجهاد ،
ثم عذر الله أهل العذر من الناس ، فقال : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج
حرج ولا على المريض حرج } [ النور : 61 ] .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول }
قال : نافق القوم { وظننتم ظن السوء } أن لن ينقلب الرسول .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه { يريدون أن يبدلوا كلام الله } قال
: كتاب الله كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله { أولي بأس شديد } يقول : فارس .
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : هم
فارس والروم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله { أولي بأس شديد } قال :
هم البآرز يعني الأكراد .
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال :
أعراب فارس وأكراد العجم .
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي الله عنه قال : هم بنو حنيفة .
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه { ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد }
قال : لم يأتِ أولئك بعد .
( معلومات الكتاب ) |