الجمعة - تفسير الدرر المنثور

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)

أخرج ابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان عن عطاء بن السائب عن ميسرة أن هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية { يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم } أول سورة الجمعة .
قوله تعالى : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } الآية .
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } الآية ، قال : كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها كتاب يقرأونه فبعث الله فيهم محمداً رحمة وهدى يهديهم به .
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب » .
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم { يتلوا عليهم آياته } قال : القرآن { وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } قال : هو الشرك .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } قال : العرب { وآخرين منهم لم يلحقوا بهم } قال : العجم .
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن أبي هريرة قال : « كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها ، فلما بلغ { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال ، له رجل : يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فوضع يده على رأس سلمان الفارسي وقال : » والذي نفسي بيده لو كان الإِيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء « » .
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لو أن الإِيمان بالثريا لناله رجال من أهل فارس » .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالاً ونساء يدخلون الجنة بغير حساب » ثم قرأ { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم } .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال : من ردف الإِسلام من الناس كلهم .
وأخرج عبد الزراق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } قال : هم التابعون .
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } يعني من أسلم من الناس وعمل صالحاً من عربي وعجمي إلى يوم القيامة .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } قال : الدين .


مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها } قال : اليهود .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها } قال : أمرهم أن يأخذوا بما فيها فلم يعملوا به .
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } قال : كتباً لا يدري ما فيها ولا يدري ما هي يضرب الله لهذه الأمة أي وأنتم إن لم تعملوا بهذا الكتاب كان مثلكم كمثلهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : { يحمل أسفاراً } قال : كتباً لا يعلم ما فيها ولا يعقلها .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { كمثل الحمار يحمل أسفاراً } قال : يحمل كتباً على ظهره لا يدري ماذا عليه .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { أسفاراً } قال : كتباً .
وأخرج الخطيب عن عطاء بن أبي رباح مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { أسفاراً } قال : كتباً والكتاب بالنبطية يسمى سفراً .
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من تكلم يوم الجمعة والإِمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفاراً ، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة » .


( معلومات الكتاب )