الغاشية - تفسير الدرر المنثور

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة { سبح } بمكة .
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة { سبح اسم ربك الأعلى } بمكة .
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة { سبح اسم ربك } بمكة .
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن ، ثم جاء عمار وبلال وسعد ، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء فما جاء حتى قرأت { سبح اسم ربك الأعلى } في سور مثلها .
وأخرج أحمد والبزار وابن مردويه عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة { سبح اسم ربك الأعلى } .
وأخرج أبو عبيد عن تميم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني نسيت أفضل المسبحات فقال أبيّ بن كعب فلعلها { سبح اسم ربك الأعلى } قال : نعم » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } [ الغاشية : 1 ] وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعاً .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن أبي عتبة الخولاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } .
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } .
وأخرج أحمد وابن ماجة والطبراني عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } .
وأخرج البزار عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } .
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر ب { سبح اسم ربك الأعلى } .
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والبيهقي في سننه عن عمران بن حصين « أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فلما سلم قال : » هل قرأ أحد منكم ب { سبح اسم ربك الأعلى } فقال رجل : أنا . قال : قد علمت أن بعضكم خالجنيها « » .


وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبيّ بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { قل يا أيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] .
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عاشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر في الركعة الأولى ب { سبح } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } وفي الثالثة { قل هو الله أحد } [ الاخلاص : 1 ] والمعوذتين .
وأخرج البزار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } .
وأخرج محمد بن نصر عن أنس مثله .
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن عبدالله قال : « أمَّ معاذ قوماً في صلاة المغرب فمر به غلام من الأنصار ، وهو يعمل على بعير له ، فأطال بهم معاذ ، فلما رأى ذلك الغلام ترك الصلاة وانطلق في طلب بعيره ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : » أفتان أنت يا معاذ ، ألا يقرأ أحدكم في المغرب ب { سبح اسم ربك الأعلى } { والشمس وضحاها } « » .
وأخرج ابن ماجة عن جابر أن معاذ بن جبل صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اقرأ ( بالشمس وضحاها ) و { سبح اسم ربك الأعلى } { والليل إذا يغشى } [ الليل : 1 ] و { اقرأ باسم ربك الأعلى } » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : « قلنا يا رسول الله كيف نقول في سجودنا؟ فأنزل الله { سبح اسم ربك الأعلى } فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول في سجودنا سبحان ربي الأعلى » .
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : « وفد حضرمي بن عامر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أتقرأ شيئاً من القرآن؟ فقرأ ( سبح اسم ربك لأعلى ، الذي خلق فسوّى ، والذي قدر فهدى ، والذي أمتن على الحبلى ، فأخرج منها نسمة تسعى بين شغاف وحشا ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لا تزيدنّ فيها فإنها شافية كافية « » .
أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن عقبة بن عامر الجهني قال : « لما أنزلت { فسبح باسم ربك العظيم } [ الواقعة : 74 ] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : » اجعلوها في ركوعكم « فلما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال : » اجعلوها في سجودكم « » .
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس


« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } قال : سبحان ربي الأعلى » .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } قال : سبحان ربي الأعلى .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : إذا قرأت { سبح اسم ربك الأعلى } فقل : سبحان ربي الأعلى .
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن علي بن أبي طالب أنه قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى ، وهو في الصلاة فقيل له : أتزيد في القرآن قال : لا إنما أمرنا بشيء فقلته .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي موسى الأشعري أنه قرأ في الجمعة { سبح اسم ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : سمعت ابن عمر يقرأ { سبحان اسم ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى . قال : كذلك هي قراءة أبيّ بن كعب .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبدالله بن الزبير أنه قرأ { سبح ربك الأعلى } فقال : سبحان ربي الأعلى ، وهو في الصلاة .
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه كان يقرؤها كذلك ويقول : من قرأها فليقل سبحان ربي الأعلى .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : سبحان ربي الأعلى .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه كان إذا قرأ { سبح اسم ربك الأعلى } قال : سبحان ربي الأعلى
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { والذي قدر فهدى } قال : هدى الإِنسان للشقوة والسعادة ، وهدى الأنعام لمراتعها .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم { والذي أخرج المرعى } قال : النبات .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { فجعله غثاء } قال : هشيماً { أحوى } قال : متغيراً .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : { فجعله غثاء أحوى } قال : الغثاء الشيء البالي { وأحوى } قال : أصفر وأخضر وأبيض ثم ييبس حتى يكون يابساً بعد خضرة .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد { فجعله غثاء أحوى } قال : غثاء السيل ، و { أحوى } قال : أسود .
قوله : تعالى : { سنقرئك فلا تنسى } الآيات .
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { سنقرئك فلا تنسى } قال : كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى .
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال :


« كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي لم يفرغ جبريل من الوحي حتى يزمل من ثقل الوحي حتى يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بأوله مخافة أن يغشى قلبه فينسى ، فقال له جبريل : لم تفعل ذلك؟ قال مخافة أن أنسى . فأنزل الله { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } فإن النبي صلى الله عليه وسلم نسي آيات من القرآن ليس بحلال ولا حرام ، ثم قال له جبريل : إنه لم ينزل على نبي قبلك إلا نسي وإلا رفع بعضه ، وذلك أن موسى أهبط الله عليه ثلاثة عشر سفراً ، فلما ألقى الألواح انكسرت وكانت من زمرد فذهب أربعة أسفار وبقي تسعة » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يستذكر القرآن مخافة أن ينساه فقيل له : كفيناك ذلك ونزلت { سنقرئك فلا تنسى } .
وأخرج الحاكم عن سعد بن أبي وقاص نحوه .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } يقول إلا ما شئت أنا فأنسيك .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئاً إلا ما شاء الله { إنه يعلم الجهر وما يخفى } قال : الوسوسة .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { إنه يعلم الجهر وما يخفى } قال : ما أخفيت في نفسك .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { ونيسرك لليسرى } قال : للخير .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى } قال : والله ما خشي الله عبد قط إلا ذكره ، ولا يتنكب عبد هذا الذكر زهداً فيه وبغضاً له ولأهله إلا شقي بين الأشقياء .
قوله : تعالى : { قد أفلح من تزكى } الآية .
أخرج البزار وابن مردويه عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم : « في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : من شهد أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله { وذكر اسم ربه فصلى } قال : هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بمواقيتها » .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : من الشرك { وذكر اسم ربه } قال : وحد الله { فصلى } قال : « الصلوات الخمس » .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : من قال لا إله إلا الله .


وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : من قال لا إله إلا الله .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : { قد أفلح من تزكى } قال : من آمن .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : { قد أفلح من تزكى } قال : من أكثر الاستغفار .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : بعمل صالح .
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه والبيهقي في سننه بسند ضعيف عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده « عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ويتلو هذه الآية { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } وفي لفظ قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زكاة الفطر قال : { قد أفلح من تزكى } فقال : » هي زكاة الفطر « » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } ثم يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر » .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } قال : أعطى صدقة الفطر قبل أن يخرج إلى العيد { وذكر اسم ربه فصلى } قال : خرج إلى العيد فصلى .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : زكاة الفطر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه أن عبدالله بن عمر كان يقدم صدقة الفطر حين يغدو ثم يغدو وهو يتلو { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } .
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه الآية في إخراج صدقة الفطر قبل صلاة العيد { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } .
وأخرج الطبراني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى } الآية قال : إلقاء القمح قبل الصلاة يوم الفطر في المصلى .
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } قال : نزلت في صدقة الفطر ، تزكي ثم تصلي .
وأخرج ابن جرير عن أبي خلدة رضي الله عنه قال : دخلت على أبي العالية فقال لي إذا غدوت غداً إلى العيد فمر بي .


قال : فمررت به ، فقال : هل طعمت شيئاً . قلت : نعم . قال : فأخبرني ما فعلت زكاتك؟ قلت : قد وجهتها . قال : إنما أردتك لهذا . ثم قرأ { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } وقال : إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } قال : أدى زكاة الفطر .
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله : { قد أفلح من تزكى } قال : أدى صدقة الفطر ثم خرج فصلى بعدما أدى .
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : قدم الزكاة ما استطعت يوم الفطر ثم قرأ { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : أرأيت قوله : { قد أفلح من تزكى } للفطر! قال : لم أسمع بذلك ، ولكن الزكاة كلها ، ثم عاودته فيها فقال لي : والصدقات كلها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } يعني من ماله .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } قال : من أرضى خالقه من ماله .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } قال : تزكى رجل من ماله ، وتزكى رجل من خلقه .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي الأحوص رضي الله عنه قال : رحم الله امرأ تصدق ثم صلى ثم قرأ { قد أفلح من تزكى } الآية ولفظ ابن أبي شيبة من استطاع أن يقدم بين يدي صلاته صدقة فليفعل . فإن الله يقول ، وذكر الآية .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص رضي الله عنه قال : لو أن الذي تصدق بالصدقة صلى ركعتين ثم قرأ { قد أفلح من تزكى } الآية .
وأخرج زيد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا خرج أحدكم يريد الصلاة فلا عليه أن يتصدق بشيء لأن الله يقول : { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى } .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص رضي الله عنه { قد أفلح من تزكى } قال : من رضخ .
أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ { بل تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن عرفجة الثقفي قال : استقرأت ابن مسعود { سبح اسم ربك الأعلى } فلما بلغ { بل تؤثرون الحياة الدنيا } ترك القراءة وأقبل على أصحابه ، فقال : آثرنا الدنيا على الآخرة فسكت القوم .


فقال : آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها ، وزويت عنا الآخرة فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل وقال : « بل يؤثرون » بالياء .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { بل تؤثرون الحياة الدنيا } قال : اختار الناس العاجلة إلا من عصم الله { والآخرة خير } في الخير { وأبقى } في البقاء .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة { بل تؤثرون الحياة الدنيا } قال : يعني هذه الأمة ، وإنكم ستؤثرون الحياة الدنيا .
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم ، فإذا آثروا صفقة دنياهم ، ثم قالوا : لا إله إلا الله ردت عليها وقال الله كذبتم » .
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يلقى الله أحد بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا دخل الجنة ما لم يخلط معها غيرها ، رددها ثلاثاً قال قائل من قاصية الناس : بأبي أنت وأمي يا رسول الله : وما يخلط معها غيرها؟ قال : حب الدنيا وأثرة لها وجمعا لها ورضا بها وعمل الجبارين » .
وأخرج أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى » .
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، لها يجمع من لا عقل له » .
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن موسى بن يسار رضي الله عنه أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله جل ثناؤه لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا ، وإنه منذ خلقها لم ينظر إليها » .
وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حب الدنيا رأس كل خطيئة » .
أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت { إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هي كلها في صحف إبراهيم وموسى » .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : نسخت هذه السورة من صحف إبراهيم وموسى ، ولفظ سعيد : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى ، ولفظ ابن مردويه : وهذه السورة وقوله :


{ وإبراهيم الذي وفى } [ النجم : 37 ] إلى آخر السورة من صحف إبراهيم وموسى .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى مثل ما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } يقول : قصة هذه السورة في الصحف الأولى .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : تتابعت كتب الله كما تسمعون إن الآخرة خير وأبقى .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } الآية قال : في الصحف الأولى إن الآخرة خير من الدنيا .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : هو الآيات .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال : في كتب الله كلها .
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : « قلت يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال مائة كتاب وأربعة كتب ، أنزل على شيث خمسين صحيفة ، وعلى ادريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف ، وأنزل التوراة والإِنجيل والزبور والفرقان . قلت يا رسول الله : فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : أمثال كلها أيها الملك المتسلط المبتلي المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها ولو كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيما صنع ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال ، فإن في هذه الساعة عوناً لتلك الساعات واستجماعاً للقلوب وتفريغاً لها ، وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه ، فإن من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالباً لثلاث مرمة لمعاش ، أو تزوّد لمعاد ، أو تلذذ في غير محرم . قلت يا رسول الله : فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عبراً كلها عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالموت ثم يضحك ، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، ولمن أيقن بالقدر ثم ينصب ، ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل . قلت يا رسول الله : هل أنزل عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال : يا أبا ذر نعم { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } » .


وأخرج البغوي في معجمه « عن عبد الرحمن بن أبي شبرة رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيه فسأله عن أشياء فقال : يا رسول الله كم توتر؟ قال : بثلاث ركعات تقرأ فيها ب { سبح اسم ربك الأعلى } و { قل يا أيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] و { قل هو الله أحد } [ الاخلاص : 1 ] » .
وأخرج الطبراني عن عبدالله بن الحارث بن عبد المطلب قال : صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا المغرب فقرأ في الركعة الأولى { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية : ب { قل يا أيها الكافرون } .


هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)

وأخرج مالك ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير أنه سئل بم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة؟ قال : { هل أتاك حديث الغاشية } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الغاشية القيامة .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في { هل أتاك حديث الغاشية } قال : الساعة { وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة } قال : تعمل وتنصب في النار { تسقى من عين آنية } قال : هي التي قد طال أنيها { ليس لهم طعام إلا من ضريع } قال : الشبرق .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة { هل أتاك حديث الغاشية } قال : حديث الساعة { وجوه يومئذ خاشعة } قال : ذليلة في النار { عاملة ناصبة } قال : تكبرت في الدنيا عن طاعة الله فأعملها وأنصبها في النار { تسقى من عين آنية } قال : إناء طبخها منذ خلق الله السموات الأرض { ليس لهم طعام إلا من ضريع } قال : الشبرق شر الطعام وأبشعه وأخبثه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { وجوه يومئذ } قال : يعني في الآخرة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة } قال : يعني اليهود والنصارى تخشع ولا ينفعها عملها { تسقى من عين آنية } قال : تدانى غليانه .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والحاكم عن أبي عمران الجوني قال : مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه براهب ، فوقف ، ونودي الراهب فقيل له : هذا أمير المؤمنين فاطلع فإذا إنسان به من الضر والاجتهاد وترك الدنيا فلما رآه عمر بكى ، فقيل له : إنه نصراني ، فقال : قد علمت ، ولكني رحمته ، ذكرت قول الله { عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية } فرحمت نصبه واجتهاده وهو في النار .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { عاملة ناصبة } قال : عاملة في الدنيا بالمعاصي تنصب في النار يوم القيامة { إلا من ضريع } قال : الشبرق .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { تصلى ناراً حامية } قال : حارة { تسقى من عين آنية } قال : انتهى حرها { ليس لهم طعام إلا من ضريع } يقول : من شجر من نار .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه { من عين آنية } قال : قد أنى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { من عين آنية } قال : قد بلغت إناها وحان شربها ، وفي قوله : { إلا من ضريع } قال : الشبرق اليابس .


وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي { من عين آنية } قال : انتهى حرها فليس فوقه حر .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : { آنية } قال : حاضرة .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس { ليس لهم طعام إلا من ضريع } قال : الشبرق اليابس .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : الضريع بلغة قريش في الربيع الشبرق وفي الصيف الضريع .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : الضريع الشبرق شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض .
وأخرج ابن شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال : الضريع السلم ، وهو الشوك وكيف يسمن من كان طعامه الشوك؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { إلا من ضريع } قال : من حجارة .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { إلا من ضريع } قال : الزقوم .
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون بالطعام ، فيغاثون بطعام { من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع } » .
وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس { ليس لهم طعام إلا من ضريع } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « شيء يكون في النار شبه الشوك أمر من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حراً من النار ، سماه الله الضريع إذا طعمه صاحبه لا يدخل البطن ولا يرتفع إلى الفم فيبقى بين ذلك ولا يغني من جوع » .
أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ في سورة الغاشية { متكئين فيها } ناعمين فيها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : { لسعيها راضية } قال : رضيت عملها .
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { لا تسمع فيها } بالتاء ونصب التاء لاغية منصوبة منونة .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { لا يسمع فيها لاغية } يقول : لا تسمع أذى ولا باطلاً وفي قوله : { فيها سرر مرفوعة } قال : بعضها فوق بعض { ونمارق } قال : مجالس .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { لا تسمع فيها لاغية } قال : شتماً .
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش { لا تسمع فيها لاغية } قال : مؤذية .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه { لا تسمع فيها لاغية } قال : لا تسمع فيها باطلاً ولا مأثماً وفي قوله : { ونمارق } قال : الوسائد وفي قوله : { مبثوثة } قال : مبسوطة .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج { فيها سرر مرفوعة } قال : مرتفعة .


وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : { ونمارق } قال : الوسائد { وزرابي } قال : البسط .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : { ونمارق } قال : المرافق .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه { وزرابي } قال : البسط .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه { وزرابيّ مبثوثة } قال : بعضها على بعض .
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمار بن محمد قال : صليت خلف منصور بن المعتمر فقرأ { هل أتاك حديث الغاشية } فقرأ فيها { وزرابيّ مبثوثة } متكئين فيها ناعمين .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبدالله بن أبي الهذيل أن موسى أو غيره من الأنبياء قال : يا رب كيف يكون هذا منك؟ أولياؤك في الأرض خائفون يقتلون ، ويطلبون فلا يعطون ، وأعداؤك يأكلون ما شاؤوا ، ويشربون ما شاؤوا ونحو هذا . فقال : انطلقوا بعبدي إلى الجنة فينظر ما لم ير مثله قط ، إلى أكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابيّ مبثوثة ، وإلى الحور العين ، وإلى الثمار ، وإلى الخدم كأنهم لؤلؤ مكنون . فقال : ما ضر أوليائي ما أصابهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا؟ ثم قال : انطلقوا بعبدي هذا فانطلق به إلى النار ، فخرج منها عنق فصعق العبد ثم أفاق فقال : ما نفع أعدائي ما أعطيتهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا؟ قال : لا شيء .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال نبي من الأنبياء : اللهم العبد من عبيدك يعبدك ويطيعك ويجتنب سخطك تزوي عنه الدنيا ، وتعرض له البلاء . والعبد يعبد غيرك ، ويعمل بمعاصيك ، فتعرض له الدنيا وتزوي عنه البلاء . قال : فأوحى الله إليه أن العباد والبلاد لي ، كل يسبح بحمدي فأما عبدي المؤمن فتكون له سيئات فإنما أعرض له البلاء وأزوي عنه الدنيا فتكون كفارة لسيئاته ، وأجزيه إذا لقيني وأما عبدي الكافر فتكون له الحسنات فأزوي عنه البلاء ، وأعرض له الدنيا فيكون جزاء لحسناته وأجزيه بسيئاته حين يلقاني . والله أعلم .
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نعت الله ما في الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة ، فأنزل الله { أفلا ينظرون إلى الإِبل كيف خلقت } وكانت الإِبل عيشاً من عيش العرب وخولاً من خولهم { وإلى السماء كيف رفعت ، وإلى الجبال كيف نصبت } قال : تصعد إلى الجبل الصخور عامة يومك ، فإذا أفضت إلى أعلاه أفضت إلى عيون منفجرة وأثمار متهدلة لم تغرسه الأيدي ولم تعمله الناس نعمة من الله إلى أجل { وإلى الأرض كيف سطحت } أي بسطت يقول : إن الذي خلق هذا قادر على أن يخلق في الجنة ما أراد .
وأخرج عبد بن حميد عن شريح أنه كان يقول لأصحابه : أخرجوا بنا إلى السوق فننظر { إلى الإِبل كيف خلقت } .


أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، ثم قرأ { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر } » .
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم « لست عليهم بمصيطر » بالصاد .
وِأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { لست عليهم بمسيطر } يقول : بجبار فاعف عنهم وأصفح .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة { لست عليهم بمسيطر } قال : بقاهر .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { لست عليهم بمسيطر } قال : كل عبادي إليّ .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه { بمسيطر } قال : بمسلط .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { لست عليهم بمسيطر } قال : جبار { إلا من تولى وكفر } قال : حسابه على الله .
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس { لست عليهم بمسيطر } نسخ ذلك فقال : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] .
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { إن إلينا إيابهم } قال : مرجعهم .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء مثله .
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز وجل { إن إلينا إيابهم } قال : الإِياب المرجع . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت عبيد بن الأبرص يقول :
وكل ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لا يؤوب
وقال الآخر :
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإِياب المسافر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي { إن إلينا إيابهم } قال : منقلبهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم } قال : إلى الله الإِياب ، وعلى الله الحساب .


( معلومات الكتاب )