إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا
ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي
أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ
عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ
يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ
الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ
لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله : { إن ربك لبالمرصاد } قال : يسمع ويرى .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن { إن ربك
لبالمرصاد } قال : بمرصاد أعمال بني آدم .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود في قوله : {
والفجر } قال : قسم ، وفي قوله : { إن ربك لبالمرصاد } من وراء الصراط جسور :
جسر عليه الأمانة وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب عزّ وجلّ .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الإِبانة عن الضحاك قال : إذا
كان يوم القيامة يأمر الرب بكرسيه فيوضع على النار فيستوي عليه ثم يقول : أنا
الملك الديان وعزتي وجلالي لا يتجاوز اليوم ذو مظلمة بظلامته ولو ضربة بيد فذلك
قوله : { إن ربك لبالمرصاد } .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن سالم بن أبي الجعد في قوله : { إن
ربك لبالمرصاد } قال : إن لجهنم ثلاث قناطر : قنطرة فيها الأمانة وقنطرة فيها
الرحم ، وقنطرة فيها لرب تبارك وتعالى ، وهي المرصاد لا ينجو منها إلا ناجٍ ،
فمن نجا من ذلك لم ينج من هذه .
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس قال : بلغني أن على جهنم ثلاث قناطر : قنطرة
عليها الأمانة إذا مروا بها تقول يا رب هذا أمين ، هذا خائن . وقنطرة عليها
الرحم إذا مروا بها تقول يا رب هذا واصل يا رب ، هذا قاطع . وقنطرة عليها الرب
{ إن ربك لبالمرصاد } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : إن لجهنم سبع قناطر ، والصراط
عليهن ، فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول : قفوهم إنهم مسؤلون ،
فيحاسبون على الصلاة ، ويسألون عنها ، فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا ، فإذا
بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها ، فيهلك من
هلك وينجو من نجا ، فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف
قطعوها ، فيهلك من هلك وينجو من نجا . والرحم يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم
تقول : اللهم من وصلني فصله ، ومن قطعني فاقطعه . وهي التي يقول الله : { إن
ربك لبالمرصاد } .
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رفعه : « إن في جهنم جسراً له سبع قناطر على أوسطه
القضاء ، فيجاء بالعبد حتى إذا انتهى إلى القنطرة الوسطى قيل له : ماذا عليك من
الديون؟ وتلا هذه الآية { ولا يكتمون الله حديثاً } [ النساء : 42 ] فيقول : رب
علي كذا وكذا فيقال له : اقض دينك . فيقول : ما لي شيء . فيقال : خذوا من
حسناته ، فلا يزال يؤخذ من حسناته حتى ما يبقى له حسنة . فيقال : خذوا من سيئات
من يطلبه فركبوا عليه » .
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل بن سليمان قال : أقسم الله { إن ربك
لبالمرصاد } يعني الصراط ، وذلك أن جسر جهنم عليه سبع قناطر على كل قنطرة
ملائكة قيام وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، يسألون الناس في أول قنطرة
عن الإِيمان ، وفي الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس ، وفي الثالثة يسألونهم
عن الزكاة ، وفي الرابعة يسألونهم عن شهر رمضان ، وفي الخامسة يسألونهم على
الحج ، وفي السادسة يسألونهم عن العمرة ، وفي السابعة يسألونهم عن المظالم فمن
أتى بما سئل عنه كما أمر جاز على الصراط ، والا حبس ، فذلك قوله : { إن ربك
لبالمرصاد } .
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : { فأما الإِنسان } الآية ،
قال : كلا اكذبتهما جميعاً ما بالغنى أكرمك ، ولا بالفقر أهانك ثم أخبرك بما
يهين { بل لا يكرمون اليتيم } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : ظن كرامة الله في المال وهو أنه في
قلته وكذب إنما يكرم بطاعته ، ويهين بمعصيته ، من أهان .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { حباً
جمّاً } قال : كثيراً . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول أمية
بن خلف :
أن تغفر اللهم تغفر جمّاً ... وأي عبد لك إلا ألمّا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد { فقدر عليه رزقه } قال : ضيقه عليه .
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه
وسلم قرأ { بل لا يكرمون اليتيم ولا يحضون } بالياء .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن { ويأكلون التراث } قال : الميراث {
أكلاً لماً } قال : نصيبه ونصيب صاحبه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { أكلاً لمّاً } قال : سفاً
وفي قوله : { حبّاً جمّاً } قال : شديداً .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { أكلاً لمّاً } قال : أكلاً شديداً .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة بن عبد الله المزني في قوله : { ويأكلون
التراث أكلاً لمّاً } قال : اللم الاعتداء في الميراث يأكل ميراثه وميراث غيره
.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { ويأكلون التراث } قال :
الميراث { أكلاً لمّاً } قال : شديداً { ويحبون المال حبّاً جمّاً } قال :
شديداً .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : { أكلاً لمّاً } قال : اللم اللف ، وفي قوله : { حباً جمّاً } قال :
الجم الكثير .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : { أكلاً لمّاً } قال : من طيب أو خبيث
وفي قوله : { حباً جمّاً } قال : فاحشاً .
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله : { ويأكلون التراث }
الآية ، قال : يأكل نصيبي ونصيبك .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : { ويأكلون التراث } الآية ،
قال : كانوا لا يورثون النساء ولا يورثون الصغار .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : الأكل اللمّ الذي
يلم كل شيء يجده لا يسأل عنه يأكل الذي له والذي لصاحبه ، لا يدري أحلالاً أم
حراماً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه أنه قال في قوله : { ويحبون المال
حبّاً جمّاً } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما منكم من أحد إلا ومال
وارثه أحب إليه من ماله . قالوا يا رسول الله : ما منا أحد إلا وماله أحب إليه
من مال وارثه . قال : ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو
أعطيت فأمضيت » .
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ { كلا بل لا تكرمون اليتيم }
بالتاء ورفع التاء { ولا تحاضون } ممدودة منصوبة التاء بالألف غير مهموزة {
وتأكلون التراث } بالتاء { أكلاً لمّاً } مثقلة .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقرأ { كلا بل لا يكرمون اليتيم ، ولا يحضون على طعام المسكين ، ويأكلون التراث
أكلاً لمّاً ويحبون المال حبّاً جمّاً } الأربعة بالياء .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم
يقرأ « كلا بل لا يكرمون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين » إلى قوله : «
ويحبون المال » بالياء كلها .
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { إذا دكت
الأرض دكاً دكاً } قال : تحريكها .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : تحمل الأرض والجبال
فيدك بعضها على بعض .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { وجاء ربك
والملك صفاً صفاً } قال : صفوف الملائكة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { والملك صفاً صفاً } قال : جاء أهل
السموات كل سماء صفاً .
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : « لما نزلت هذه الآية تغير رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله ، فسأله عليّ
، فقال : جاء جبريل فأقرأني هذه الآية { كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً وجاء ربك
والملك صفاً صفاً وجيء يومئذ بجهنم } فقيل : وكيف يجاء بها؟ قال : يجيء بها
سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع »
.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
«
هل تدرون ما تفسير هذه الآية { كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً وجاء ربك والملك
صفاً صفاً وجيء يومئذ بجهنم } قال : إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم بسبعين ألف
زمام ، بيد سبعين ألف ملك ، فتشرد شردة لولا أن الله حبسها لأحرقت السموات
والأرض » .
وأخرج ابن وهب في كتاب الأهوال عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : « جاء جبريل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناجاه ، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم منكس
الطرف ، فسأله عليّ فقال : » أتاني جبريل فقال لي : { كلا إذا دكت الأرض دكاً
دكاً وجاء ربك والملك صفاً صفاً وجيء يومئذ بجهنم } وجيء بها تقاد بسبعين ألف
زمام كل زمام ، يقوده سبعون ألف ملك ، فبينما هم كذلك إذ شردت عليهم شردة
انقلتت من أيديهم ، فلولا أنهم أدركوها لأحرقت من في الجمع فأخذوها « .
وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » يؤتي بجهنم يومئذ لها
سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها « .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد
وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وجيء يومئذ بجهنم } قال : »
جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يقودونها « .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : { يتذكر الإِنسان } قال :
يريد التوبة ، وفي قوله : { يا ليتني قدمت لحياتي } يقول : عملت في الدنيا
لحياتي في الآخرة .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه { يومئذ يتذكر الإِنسان } إلى قوله :
{ لحياتي } قال : علم والله أنه صادق هناك حياة طويلة لا موت فيها أحسن مما
عليه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { يا ليتني قدمت
لحياتي } قال : الآخرة .
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ والطبراني عن محمد بن أبي عميرة رضي الله عنه ،
وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لو أن عبداً جرّ على وجهه من
يوم ولد إلى أن يموت هرماً في طاعة الله إلى يوم القيامة لود أنه رد إلى الدنيا
كيما يزداد من الأجر والثواب .
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فيومئذ لا يعذب
عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } قال : لا يعذب بعذاب الله أحد ، ولا يوثق وثاق
الله أحد .
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه
أحد } .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن جرير والبغوي والحاكم وصححه
وأبو نعيم عن أبي قلابة عمن أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية مالك
بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ، وفي لفظ ، أقرأ إياه { فيومئذ
لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } منصوبة الذال والثاء .
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن
ابن عباس في قوله : { يا أيتها النفس المطمئنة } قال : المؤمنة { ارجعي إلى ربك
} يقول : إلى جسدك . قال : نزلت هذه الآية وأبو بكر جالس فقال : يا رسول الله :
ما أحسن هذا؟ فقال : أما إنه سيقال لك هذا .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن
سعيد بن جبير قال : « قرئت عند النبي صلى الله عليه وسلم : { يا أيتها النفس
المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية } فقال أبو بكر : إن هذا لحسن ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : » أما إن الملك سيقولها : لك عند الموت « » .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق ثابت بن عجلان عن سليم بن أبي
عامر رضي الله عنه قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : « قرأت عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم هذه الآية { يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية
} فقلت : ما أحسن هذا يا رسول الله ، فقال : » يا أبا بكر أما إن الملك سيقولها
: لك عند الموت « » .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من يشتري بئر رومة نستعذب بها غفر الله له ،
فاشتراها عثمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل لك أن تجعلها سقاية
للناس؟ قال : نعم . فأنزل الله في عثمان { يا أيتها النفس المطمئنة } الآية » .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { يا أيتها النفس
المطمئنة } قال : نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما { يا أيتها النفس المطمئنة } قال
: هو النبي صلى الله عليه وسلم .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بريدة رضي الله عنه في قوله : { يا أيتها
النفس المطمئنة } قال : يعني نفس حمزة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { يا أيتها النفس
المطمئنة } قال : المصدقة .
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { يا أيتها النفس المطمئنة } قال : التي
أيقنت بأن الله ربها .
وأخرج ابن جرير عن أبي الشيخ الهنائي رضي الله عنه قال : في قراءة أبيّ « يا
أيتها النفس الآمنة المطمئنة فادخلي في عبدي » .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها « فادخلي في عبدي على
التوحيد » .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ارجعي إلى ربك } قال :
ترد الأرواح يوم القيامة في الأجساد .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : يسيل واد من أصل العرش
، فتنبت فيه كل دابة على وجه الأرض ، ثم تطير الأرواح فتؤمر أن تدخل الأجساد ،
فهو قوله : { ارجعي إلى ربك راضية مرضية } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ارجعي إلى ربك
راضية } قال : بما أعطيت من الثواب { مرضية } عنها بعملها { فادخلي في عبادي }
المؤمنين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : { يا أيتها النفس المطمئنة
} الآية ، قال : إن الله إذا أراد قبض عبده المؤمن اطمأنت النفس إليه ، واطمأن
إليها ، ورضيت عن الله ، ورضي الله عنها أمر بقبضها فأدخلها الجنة وجعلها من
عباده الصالحين .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله :
{ ارجعي إلى ربك } قال : هذا عند الموت رجوعها إلى ربها خروجها من الدنيا ،
فإذا كان يوم القيامة قيل لها : { فادخلي في عبادي وادخلي جنتي } .
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال لرجل : « قل اللهم إني أسألك نفساً مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى
بقضائك وتقنع بعطائك » .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { يا أيتها النفس المطمئنة
} قال : المخبتة إلى الله .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة والحسن { يا أيتها النفس المطمئنة } إلى
ما قال الله المصدقة بما قال .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { يا أيتها النفس المطمئنة
} قال : هذا المؤمن اطمأن إلى ما وعد الله { فادخلي في عبادي } قال : ادخلي في
الصالحين وادخلي جنتي .
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه { ارجعي إلى ربك } قال : إلى جسدك .
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في الآية قال : إن المؤمن إذا مات رأى
منزله من الجنة فيقول تبارك وتعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي } إلى
جسدك الذي خرجت منه { راضية } ما رأيت من ثوابي مرضياً عنك حتى يسألك منكر
ونكير .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه { فادخلي في عبادي } قال : مع عبادي
.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه { يا أيتها النفس
المطمئنة } الآية قال : بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث ويوم الجمع .
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : مات ابن عباس
رضي الله عنهما بالطائف ، فجاء طير لم تر عين خلقته ، فدخل نعشه ، ثم لم ير
خارجاً منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدري من تلاها { يا
أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي }
.
لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا
لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ
عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { لا
أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } يعني بهذا النبي صلى الله
عليه وسلم ، أحل الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ويستحيي من شاء ، فقتل
يومئذ ابن خطل صبراً ، وهو آخذ بأستار الكعبة ، فلم يحل لأحد من الناس بعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراماً بحرمة الله ، فأحل الله له ما صنع
بأهل مكة .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { لا أقسم بهذا البلد }
قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به ، وأما
غيرك فلا .
وأخرج ابن مردويه عن أبي بزرة الأسلمي رضي الله عنه قال : فيَّ نزلت هذه الآية
{ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } خرجت فوجدت عبد الله بن خطل متعلقاً
بأستار الكعبة فضربت عنقه بين الركن والمقام .
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : « لما فتح النبي صلى
الله عليه وسلم الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي وهو سعيد بن حرب عبد الله بن خطل
وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين ، فأنزل الله { ما جعل الله لرجل من قلبين
في جوفه } [ الأحزاب : 4 ] ، فقدمه أبو برزة فضربت عنقه وهو متعلق بأستار
الكعبة ، فأنزل الله فيها { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } وإنما كان
ذلك لأنه قال لقريش : أنا أعلم لكم علم محمد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله إني أحب أن تستكتبني قال : فاكتب فكان إذا أملى عليه من
القرآن ، وكان الله عليماً حكيماً كتب ، وكان الله حكيماً عليماً ، وإذا أملى
عليه وكان الله غفوراً رحيماً كتب وكان الله رحيماً غفوراً . ثم يقول : يا رسول
الله اقرأ عليك ما كتبت . فيقول : نعم ، فإذا قرأ عليه وكان الله عليماً حكيماً
أو رحيماً غفوراً قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما هكذا أمليت عليك ، وإن
الله لكذلك إنه لغفور رحيم ، وإنه لرحيم غفور . فرجع إلى قريش فقال : ليس آمره
بشيء كنت آخذ به ، فينصرف فلم يؤمنه ، فكان أحد الأربعة الذين لم يؤمنهم النبي
صلى الله عليه وسلم » .
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { لا أقسم } قال : لا رداً
عليهم { أقسم بهذا البلد } .
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد { لا أقسم بهذا البلد } يعني مكة { وأنت
حل بهذا البلد } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول : أنت في حل مما صنعت فيه .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { وأنت حل بهذا
البلد } يقول : لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس .
وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال : سأل رجل مجاهداً عن هذه الآية { لا أقسم بهذا
البلد وأنت حل بهذا البلد } قال : لا أدري ، ثم فسرها لي فقال : { لا أقسم بهذا
البلد } الحرام { وأنت حل بهذا البلد } الحرام ، أحل الله له ساعة من النهار
قيل له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير { لا أقسم بهذا البلد } قال :
مكة .
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل
بهذا البلد } قال : أحلت له ساعة من نهار .
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {
لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : أنت به غير حرج
ولا آثم .
وأخرج عبد بن حميد عن عطية { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } قال :
أحلت مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { وأنت حل بهذا البلد } قال : أحلها الله لمحمد
صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار يوم الفتح .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك { وأنت حل بهذا البلد } يعني محمداً صلى الله
عليه وسلم يقول : أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء { لا أقسم بهذا البلد وأنت
حل بهذا البلد } قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام إلى
أن تقوم الساعة ، لم تحل لبشر إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار
، ولا يختلي خلاها ، ولا يعضد عضاهها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا
لمعرف .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد { وأنت حل بهذا البلد } قال : لم يكن بها أحد حلاً
غير النبي صلى الله عليه وسلم كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها ،
ولا يستحلوا حرمه .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن شرحبيل بن سعد { وأنت حل بهذا البلد } قال
: يحرمون أن يقتلوا بها الصيد ويعضدوا بها شجرة ويستحلون اخراجك وقتلك .
وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل
بهذا البلد } قال : أحل له أن يصنع فيه ما شاء { ووالد وما ولد } يعني بالوالد
آدم { وما ولد } ولده .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق
عكرمة عن ابن عباس { ووالد وما ولد } قال : الوالد الذي يلد { وما ولد } العاقر
الذي لا يلد من الرجال والنساء .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني { ووالد وما ولد } قال :
إبراهيم وما ولد .
وأخرج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله { لا أقسم بهذا البلد } قال :
مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : مكة { ووالد وما ولد } قال : آدم { لقد خلقنا
الإِنسان في كبد } قال : في اعتدال وانتصاب .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : { ووالد وما ولد }
قال : آدم وما ولد { لقد خلقنا الإِنسان } قال : وقع ههنا القسم { في كبد } قال
: في مشقة يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة { يقول أهلكت مالاً لبداً } قال :
كثيراً .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {
ووالد وما ولد } قال : الوالد آدم { وما ولد } ولده { لقد خلقنا الإِنسان في
كبد } قال : في شدة { يقول أهلكت مالاً لبداً } قال : كثيراً { أيحسب أن لم يره
أحد } قال : لم يقدر عليه أحد .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير { ووالد وما ولد } قال : آدم
{ وما ولد } ، { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } في نصب .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في شدة .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه من طريق عطاء عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في شدة
خلق في ولادته ونبت أسنانه وسوره ومعيشته وختانه .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم عن ابن عباس { لقد
خلقنا الإِنسان في كبد } قال : خلق الله الإِنسان منتصباً ، وخلق كل شيء يمشي
على أربع .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : منتصب في
بطن أمه .
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله : { لقد خلقنا الإِنسان في كبد
} قال : منتصباً في بطن أمه أنه قد وكل به ملك إذا نامت الأمر أو اضطجعت رفع
رأسه لولا ذلك لغرق في الدم .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : { لقد
خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في اعتدال واستقامة . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟
قال : نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :
يا عين هلاّ بكيت اربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله
عنه ، أحسبه عن عبد الله { في كبد } قال : منتصباً .
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه
{ لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة .
وأخرج ابن المبارك عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية { لقد خلقنا
الإِنسان في كبد } قال : لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد هذا الإِنسان .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه { لقد خلقنا الإِنسان
في كبد } قال : يكابد أمور الدنيا وأمور الآخرة .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه { في كبد } قال : شدة وطول .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم رضي الله عنه { في كبد } قال : في السماء خلق آدم
.
وأخرج أبو يعلى والبغوي وابن مردويه عن رجل من بني عامر رضي الله عنه قال :
صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقرأ { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد
أيحسب أن لم يره أحد } يعني بفتح السين من يحسب .
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه { أيحسب أن لن يقدر } الآية ، قال :
الكافر يحسب أن لن يقدر الله عليه ولم يره .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { مالاً لبداً } قال :
كثيراً .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { أهلكت مالاً لبداً } قال : أنفقت
مالاً في الصد عن سبيل الله { أيحسب أن لم يره أحد } قال : الأحد : الله عز وجل
.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : { يقول أهلكت مالاً
لبداً } قال : أيمن علينا فما فضلناه أفضل { ألم نجعل له عينين } وكذا وكذا .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة { ألم نجعل له عينين } قال : نعم من
الله متظاهرة يقررنا بها كيما نشكر .
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «
يقول الله يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عدها ، ولا تطيق
شكرها ، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما ، وجعلت لهما غطاء
فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك ، فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما ،
وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بما أمرتك وأحللت لك ، فإن عرض لك ما
حرمت عليك فأغلق عليك لسانك ، وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً فأصب بفرجك ما
أحللت لك ، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك . ابن آدم إنك لا تحمل سخطي
ولا تستطيع انتقامي » .
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وهديناه
النجدين } قال : سبيل الخير والشر .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : {
وهديناه النجدين } قال : عرفناه سبيل الخير والشر .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {
وهديناه النجدين } قال : الهدى والضلالة .
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب رضي الله عنه مثله .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له : إن ناساً يقولون
: إن النجدين الثديين . قال : الخير والشر .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنهما مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سنان بن سعيد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد
الخير » .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله
عنه في قوله { وهديناه النجدين } قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول : « أيها الناس إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر
أحب إليكم من نجد الخير » . وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : « يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر ،
فما جعل نجد الشر أحب من نجد الخير » .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : فذكر مثله .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر ، فلا يكن نجد الشر أحب إلى أحدكم
من نجد الخير » .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : { وهديناه النجدين } قال : الثديين .
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ
رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا
مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ
الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
(17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا
بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ
(20)
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه { فلا
اقتحم العقبة } قال : جبل في جهنم .
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : العقبة النار .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : للناس عقبة دون
الجنة واقتحامها فك رقبة الآية .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : بلغني أن العقبة
التي ذكر الله في كتابه مطلعها سبعة آلاف سنة ومهبطها سبعة آلاف سنة .
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما { فلا اقتحم العقبة } قال : عقبة
بين الجنة والنار .
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه { فلا اقتحم العقبة } قال : عقبة
بين الجنة والنار .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : العقبة سبعون
درجة في جهنم .
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد { فلا اقتحم العقبة } قال : ألا أسلك الطريق التي
فيها النجاة والخير .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن { فلا اقتحم العقبة } قال : جهنم وما
أدراك ما العقبة؟ قال : ذكر لنا أنه ليس من رجل مسلم يعتق رقبة مسلمة إلا كانت
فداءه من النار .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : وما أدراك ما العقبة؟ ثم أخبر عن
اقتحامها فقال : فك رقبة « ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرقاب
أيها أعظم أجراً؟ قال : أكثر ثمناً » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « إن أمامكم عقبة كؤداً لا يجوزها المثقلون فأنا أريد أن أتخفف
لتلك العقبة » .
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت
: « لما نزلت { فلا اقتحم العقبة } قيل يا رسول الله : ما عند أحدنا ما يعتق
إلا عند أحدنا الجارية السوداء تخدمه وتنوء عليه ، فلو أمرناهن بالزنا فزنين ،
فجئن بالأولاد فاعتقناهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أمتع بسوط
في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا ، ثم أعتق الولد » .
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنه بلغها قول أبي هريرة رضي الله عنه
: « علاقة سوط في سبيل الله أعظم أجراً من عتق ولد زنية ، فقالت عائشة رضي الله
عنها : يرحم الله أبا هريرة إنما كان هذا أن الله لما أنزل { فلا اقتحم العقبة
وما أدراك ما العقبة فك رقبة } قال : بعض المسلمين ، يا رسول الله : إنه ليس
لنا رقبة نعتقها فإنما يكون لبعضنا الخويدم التي لا بد منها فنأمرهن يبغين ،
فإذا بغين فولدن ، أعتقنا أولادهن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لا
تأمروهن بالبغاء لعلاقة سوط في سبيل الله أعظم أجراً من هذا « » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « من أعتق رقبة فإنه يجزى مكان كل عظم من عظامها عظم من عظامه
من النار » .
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن عليّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « من أعتق نسمة مسلمة أو مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضواً
منه من النار »
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : قلت يا نبي الله : أي الرقاب أفضل؟ قال : أغلاها
ثمناً وأنفسها عند أهلها .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها
عضواً منه من النار ، حتى الفرج بالفرج » .
وأخرج أحمد وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن البراء « أن أعرابياً قال لرسول
الله علمني عملاً يدخلني الجنة؟ قال : أعتق النسمة وفك الرقبة . قال : أوليستا
بواحدة؟ قال : لا إن عتق الرقبة أن تفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في عتقها
، والمنحة الركوب والفيء على ذي الرحم ، فإن لم تطق ذلك فاطعم الجائع واسق
الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير »
.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { يوم ذي
مسغبة } قال : مجاعة .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: { في يوم ذي مسغبة } قال : مجاعة .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه { في يوم ذي
مسغبة } قال : جوع .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه { في يوم ذي مسغبة }
قال : يوم فيه الطعام عزيز .
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي رجاء العطاردي رضي الله عنه أنهما قرآ : « أو
أطعم في يوم ذا مسغبة » .
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً : « من موجبات
المغفرة إطعام المسلم السغبان » .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : { ذا مقربة } أي ذا قرابة ، وفي قوله : { ذا متربة } يعني بعيد التربة
أي غريباً من وطنه .
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { أو مسكيناً ذا متربة }
قال : هو المطروح الذي ليس له بيت ، وفي لفظ الحاكم : هو الترب الذي لا يقيه من
التراب شيء ، وفي لفظ : هو اللازق بالتراب من شدة الفقر .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه مثله .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { أو مسكيناً ذا متربة
} يقول : شديد الحاجة .
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما { أو مسكيناً ذا
متربة } يقول : مسكين ذو بنين وعيال ليس بينك وبينه قرابة .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله : { ذا متربة } قال : ذا جهد وحاجة . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم
، أما سمعت قول الشاعر :
تربت يداك ثم قل نوالها ... وترفعت عنك السماء سحابها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر « عن النبي صلى الله عليه وسلم { مسكيناً ذا متربة
} قال : » الذي مأواه المزابل « » .
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { ذا متربة } قال : كنا نحدث أن
المترب ذو العيال الذي لا شيء له .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه : ما عمل الناس بعد الفريضة أحب إلى
الله من إطعام مسكين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام بن حسان رضي الله عنه في قوله : { وتواصوا بالصبر }
قال : على ما افترض الله .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { وتواصوا بالمرحمة }
يعني بذلك رحمة الناس كلهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في
قوله : { مؤصدة } قال : مغلقة الأبواب .
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة { مؤصدة }
قال : مطبقة .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس مثله .
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة وعطية والضحاك وسعيد بن جبير والحسن وقتادة
مثله .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله { مؤصدة }
قال : مطبقة . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
تحن إلى أجبال مكة ناقتي ... ومن دوننا أبواب صنعا مؤصدة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد { مؤصدة } قال : هي بلغة قريش أوصد الباب أغلقه .
( معلومات الكتاب ) |