تفسير التستري وَأَلْقِ عَصَاكَ
فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا
وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ
لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ
حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ
غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ
مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا
أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ
وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ
لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا
عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا
النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ
سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ
عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا
تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ
لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ
لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ
بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ
مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً
تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ
عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا
يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ
الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا
تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ
أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ
بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ
عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا
أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
(29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ
وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ
أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى
تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو
بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا
تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا
قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا
أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ
إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ
الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ
أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا
آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ
لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ
صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ
يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
(38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ
أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ
أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ
رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي
غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا
نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا
يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ
قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا
وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ
(43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ
حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ
صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (44) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ
أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ
فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ
تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا
تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا
اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) وَكَانَ فِي
الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا
يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ
لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ
مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)
وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ
أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ
بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) وَلُوطًا إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ
(54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ
النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ
جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا
مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا
فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ
أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ
أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ
قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا
وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ
وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي
ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ
تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ
الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا
يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا
اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)
السورة التي يذكر فيها النمل
[سورة النمل (27) : الآيات 10 الى 11]
وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ
وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي
لاَ يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ
ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
(11)
قوله تعالى: إِنِّي لاَ يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ [10، 11] قال: لم يكن في الأنبياء والرسل
ظالم، وإنما هذه مخاطبة لهم كناية عن قومهم، كما قال للنبي
صلّى الله عليه وسلّم: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
عَمَلُكَ [الزمر: 65] والمقصود من ذلك أمته، فإنهم إذا سمعوا
ما خوطب به النبي صلّى الله عليه وسلّم من التحذير كانوا أشد
حذرا.
[سورة النمل (27) : آية 19]
فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى
والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي
بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (19)
قوله تعالى: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ [19] قال: ليس للعبد أن يتكلم إلا
بأمر سيده، وأن يبطش إلا بأمره، وأن يمشي إلا بأمره، وأن يأكل
وينام ويتفكر إلا بأمره، وذلك أفضل الشكر الذي هو شكر العباد
لسيدهم.
قوله تعالى: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ
الصَّالِحِينَ [19] قال: يعني ارزقني قربة أوليائك، لأكون من
جملتهم، وإن لم أصل إلى مقامهم.
[سورة النمل (27) : آية 52]
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)
قوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا [52]
قال: الإشارة في البيوت إلى القلب، فمنها ما هو عامر بالذكر،
ومنها ما هو خرب بالغفلة، ومن ألهمه الله عزّ وجلّ بالذكر فقد
خلصه من الظلم.
[سورة النمل (27) : آية 59]
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ
اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)
قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ
الَّذِينَ اصْطَفى [59] قال: أهل القرآن يلحقهم من الله السلام
في العاجل بقوله: وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ [59] وسلام في الآجل،
وهو قوله: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 58] .
[سورة النمل (27) : آية 62]
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ
قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (62)
[سورة النمل (27) : الآيات 64 الى 65]
أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ
قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (64) قُلْ
لاَّ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ
إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)
قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ [62]
قيل: من المضطر؟ قال: الذي إذا رفع يديه لا يرى لنفسه حسنة غير
التوحيد، ويكون منه على خطر «1» . وقال مرة أخرى: المضطر هو
المتبرئ من الحول والقوة والأسباب المذمومة «2» .
__________
(1) قوت القلوب 2/ 4، 9.
(2) قوت القلوب 2/ 9.
(1/116)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو
فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ
(73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ
وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا
الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي
هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ
بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ
لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ
إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي
الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ
يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) وَإِذَا وَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ
الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا
لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83)
حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ
تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا
يَنْطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ
لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي
الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ
دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً
وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي
أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)
والدعوة صنفان: دعاء المضطر، ودعاء المظلوم
وهي مستجابة من الناس لا محالة، مؤمناً كان أو كافراً، لأن
الله تعالى يقول: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ
[62] ، كقوله: وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ
[64] ودعاء المظلوم يرفع فوق الحجاب، ويقول الله تعالى:
«وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين» .
قوله: قُلْ لاَّ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [65] قال: أخفى غيبه عن المخلوقين
بجبروته، ولم يطلع عليه أحداً، لئلا يأمن أحد من عبيده مكره،
فلا يعلم أحد ما سبق له منه، فيكون همهم في إبهام العواقب
ومجاري السوابق، لئلا يدعو ما لا يليق بهم من أنواع الدعاوى في
المحبة والمعرفة وغير ذلك. قال: كان مائة ألف صديق ظاهرين
للخلق، حتى كان لا يسمع أصوات الميازيب ببيت المقدس من
المجتهدين بالميل، فلما ظهر شيئان، سألوا الله تعالى فأماتهم
دعوى الحب ودعوى التوكل. فقيل له في القول قول الحارث «1» حيث
قال: سهرت ليلي وأظمأت نهاري «2» . فقال: يعني لا حاجة لي إلى
الكشف، لأنه حظ الكفار في الدنيا، فأنا لا أشاركهم في حظهم،
فلذلك قلت: أنا مؤمن. قيل له: قوم يقولون مثل ما قال الحارث،
فقال:
دعواهم باطلة، وكيف تصح لهم الدعوى، ولم يدع ذلك أبو بكر وعمر
رضي الله عنهما، وكانت شعرة في صدرهما أفضل من الحارث، وإنما
قال ذلك الحارث رضي الله عنه لا بنفسه، وإنما أظهر الله ذلك
فتنة لمن بعده من المدعين، فكيف يصح لهؤلاء أن يدعوا ذلك
لأنفسهم. قال تعالى:
[سورة النمل (27) : آية 73]
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (73)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ [73] قال: منعه
فضل، كما أن عطاءه فضل، ولكن لا يعرف مواضع فضله في المنع إلا
خواص الأولياء.
[سورة النمل (27) : آية 88]
وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ
إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (88)
قوله تعالى: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً [88] قال:
إن الله تعالى نبه عباده على تقضي الأوقات وغفلتهم فيها، فجعل
الجبال مثلاً للدنيا، يظن الناظر أنها واقفة معه وهي آخذة
بحظها منه، ولا يبقى بعد الانقضاء إلا الحسرة على الفائت
الناظر أنها واقفة معه، وهي آخذة.
__________
(1) الحارث بن مالك بن قيس الليثي، المعروف بابن البرصاء:
صحابي. روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعنه الشعبي وعبيد
بن جريج. (تهذيب التهذيب 2/ 135) .
(2) في مصنف ابن أبي شيبة 6/ 170، رقم 30425: (عن زبيد قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف أصبحت يا حارث بن
مالك؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا. قال: إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة
ذلك؟ قال: أصبحت عزفت نفسي عن الدنيا، وأسهرت ليلي، وأظمأت
نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي قد أبرز للحساب ... ) .
(1/117)
فَالْتَقَطَهُ آلُ
فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا
تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا
وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى
فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا
عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ
لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ
قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ
يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12)
فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا
تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ
غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ
يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ
فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ
عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا
مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ
(15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي
فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ
رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا
لِلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا
يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ
يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ
(18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ
عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي
كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ
تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ
مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى
الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ
يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ
النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ
قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي
أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ
مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ
يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ
قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا
ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا
أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ
إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي
يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا
جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ
مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا
أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ
أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ
تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا
فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ
ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ
فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
(28) فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ
آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ
امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا
بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ
(29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ
الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ
أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
(30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ
كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا
مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)
اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ
سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ
بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي
قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)
وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ
مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ
(34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا
سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا
وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَهُمْ
مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا
سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا
الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ
جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ
الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37) وَقَالَ
فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ
إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ
فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ
هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ
وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا
يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
(42) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا
أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى
وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) وَمَا كُنْتَ
بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ
وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا
قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ
ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا
وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ
الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ
لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ
مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا
لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ
وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) فَلَمَّا جَاءَهُمُ
الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا
أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ
قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ
كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
(49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا
يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ
هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا
لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ
(52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ
الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ
مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ
بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا
اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي
الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى
مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ
حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ
رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
(57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا
فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا
قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ
رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا
رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي
الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ
مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا
وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(60)
السورة التي يذكر فيها القصص
قوله تعالى: فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لاَ
يَشْعُرُونَ [11] أي عن بعد عن مشاهدة عيننا فيه.
[سورة القصص (28) : آية 8]
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا
وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا
خاطِئِينَ (8)
قوله تعالى: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [8] أي رفعوه
ليكون لهم فرحاً وسروراً ولم يعلموا، إنما أضمرت القدرة فيه من
تصييره لهم عدوا وحزنا.
[سورة القصص (28) : آية 10]
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي
بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ (10)
قوله تعالى: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [10] أي
فارغاً من ذكر غير الله، اعتماداً على وعد الله، إِنَّا
رَادُّوهُ إِلَيْكِ [7] .
[سورة القصص (28) : آية 24]
فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ
إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)
قوله: فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ
خَيْرٍ فَقِيرٌ [24] رجع إلى الله بالافتقار والتضرع، فقال:
إني لما عودتني من جميل إحسانك على الدوام، فقير إلى شفقتك،
ونظرك إلي بعين الرعاية والكلاءة، فردني من وحشة المخالفين إلى
أنس الموافقين، فرزقه الله صحبة شعيب صلوات الله عليهما
وأولاده.
[سورة القصص (28) : آية 60]
وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا
وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا
تَعْقِلُونَ (60)
قوله تعالى: وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ
الدُّنْيا [60] قال: من أخذ من الدنيا بشهوة منه حرمه الله في
الدنيا والآخرة ما هو خير منها، ومن أخذ منها لضرورة دخلت
بنفسه أو لحق لزمه لم يحرم ما هو خير في الدنيا، لذة العبادة
ومحبة الحق عز وجل، وفي الآخرة الدرجات العلى «1» . وقيل لعامر
بن عبد قيس «2» : لقد رضيت من الدنيا باليسير. قال: أفلا
أخبركم بمن رضي بدون ما رضيت؟ قالوا: بلى. قال: من رضي الدنيا
حظا من الآخرة «3» .
__________
(1) ورد مثل هذا القول في نوادر الأصول 4/ 186.
(2) عامر بن عبد الله، المعروف بابن عبد قيس العنبري ( ... -
نحو 55 هـ) : تابعي. أول من عرف بالنسك من عباد التابعين
بالبصرة. تلقن القرآن من أبي موسى الأشعري. (الحلية 2/ 87) .
(3) كتاب الزهد لابن أبي عاصم ص 228 ونسب هذا القول إلى داود
الطائي في الحلية 7/ 353 وصفوة الصفوة 3/ 141.
(1/118)
إِنَّ قَارُونَ كَانَ
مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ
الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ
أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا
آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ
مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ
وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى
عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ
مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ
قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ
الْمُجْرِمُونَ (78)
[سورة القصص (28) : آية 76]
إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ
وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ
بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ
تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76)
قوله: لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
[76] قال: من فرح بغير مفروح استجلب حزناً لا انقطاع له، وليس
للمؤمن راحة دون لقاء الحق جل وعز. وحكي عن الأعمش «1» قال:
كنا نشهد جنازة فلا ندري من نعزي من حزن القوم «2» .
[سورة القصص (28) : آية 78]
قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ
يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ
الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ
جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)
قوله تعالى: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [78] قال:
ما نظر إلى نفسه أحد فأفلح، ولا ادعى لنفسه حالاً فتم له.
والسعيد من الخلق من صرف بصره عن أحواله، وأفعاله سبيل الفضل
والإفضال، ورؤية منة الله في جميع الأفعال والشقي من زين نفسه
وأحواله وأفعاله حتى افتخر بها، وادعى ذلك لنفسه، فشؤمه يهلكه
يوماً ما وإن لم يهلكه في الوقت، ألا ترى الله كيف حكى عن
قارون بقوله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [78]
يعني الفضل، وهو أنه كان أقرأهم للتوراة «3» ، فادعى لنفسه
فضلاً، فخسف الله به الأرض ظاهراً، وكم قد خسف بالأشرار
وصاحبها لا يشعر بذلك، وخسف الأشرار هو منع العصمة، والرد إلى
الحول والقوة بإطلاق اللسان في الدعاوي العريضة، والعمى عن
رؤية الفضل، والقعود عن القيام بالشكر على ما أعطي، فحينئذ
يكون وقت الزوال.
__________
(1) الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي (61- 148 هـ) : تابعي. نشأ
في الكوفة، وتوفي فيها. كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض.
(تاريخ بغداد 9/ 3) .
(2) الحلية 5/ 50 وكتاب الزهد لابن أبي عاصم 365. [.....]
(3) تفسير القرطبي 13/ 315، وقيل أيضا إن معنى الآية: (إنّ
الله تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني أستحقه ولمحبته
لي) ، انظر تفسير القرطبي وتفسير ابن كثير 3/ 410.
(1/119)
|