تفسير الطبري
جامع البيان ط هجر سُورَةُ الذَّارِيَاتِ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا سِتُّونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(21/479)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا
فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا إِنَّمَا
تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:
2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}
[الذاريات: 1] يَقُولُ: وَالرِّيَاحِ الَّتِي تَذْرُو
التُّرَابَ ذَرْوًا، يُقَالُ: ذَرَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ
وَأَذْرَتْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/479)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ،
عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: قَامَ
رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا
الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا، فَقَالَ: «هِيَ الرِّيحُ»
(21/479)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ
قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَرْعَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ خَرَجَ إِلَى
الرَّحْبَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّ
رَجُلًا سَأَلَ وَسَمِعَ الْقَوْمُ قَالَ: فَقَامَ ابْنُ
الْكَوَّاءِ، فَقَالَ: مَا الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا؟ فَقَالَ:
«هِيَ الرِّيَاحُ»
(21/479)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُبَيْدٍ الْهِلَالِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ قَالَ:
ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ قَالَ: ثَنَا أَبُو
الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،
أَخْبَرَهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ،
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ
اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}
[الذاريات: 1] قَالَ: «هِيَ الرِّيَاحُ»
(21/480)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ {الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}
[الذاريات: 1] فَقَالَ: «الرِّيحُ»
(21/480)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ {وَالذَّارِيَاتِ
ذَرْوًا} [الذاريات: 1] قَالَ: «الرِّيحُ»
(21/480)
قَالَ مِهْرَانُ: حَدَّثَنَا عَنْ سِمَاكٍ،
عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْ {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1]
فَقَالَ: «الرِّيحُ»
(21/480)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
الطُّفَيْلِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
يَقُولُ: «لَا يَسْأَلُونِي عَنْ كِتَابٍ نَاطِقٍ، وَلَا
سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ، إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ» ، فَسَأَلَهُ ابْنُ
الْكَوَّاءِ عَنِ {الذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1] ، فَقَالَ:
«هِيَ الرِّيَاحُ»
(21/480)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
طَلْقٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
رَبِيعَةَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَلِيًّا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}
[الذاريات: 1][ص:481] قَالَ: «هِيَ الرِّيحُ»
(21/480)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي
الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: مَا الذَّارِيَاتُ ذَرْوًا؟ قَالَ: «الرِّيحُ»
(21/481)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي
صَخْر، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي
الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَا
يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا
أَخْبَرْتُهُ» ، فَقَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ، وَأَرَادَ أَنْ
يَسْأَلَهُ عَمَّا سَأَلَ عَنْهُ صَبِيغُ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا
الذَّارِيَاتُ ذَرْوًا؟ قَالَ عَلِيُّ: «الرِّيَاحُ»
(21/481)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ
عَلِيًّا عَنِ {الذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1] ، فَقَالَ: «هِيَ
الرِّيَاحُ»
(21/481)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ سَأَلَ ابْنُ
الْكَوَّاءِ عَلِيًّا، فَقَالَ: مَا الذَّارِيَاتُ ذَرْوًا؟
قَالَ: «الرِّيَاحُ»
(21/481)
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1] قَالَ: كَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يَقُولُ: «هِيَ الرِّيَاحُ»
(21/481)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
[ص:482] الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا
وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَالذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1]
قَالَ: «الرِّيَاحُ»
(21/481)
وَقَوْلُهُ: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا}
[الذاريات: 2] يَقُولُ: فَالسَّحَابِ الَّتِي تَحْمِلُ
وِقْرَهَا مِنَ الْمَاءِ
(21/482)
وَقَوْلُهُ: {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا}
[الذاريات: 3] يَقُولُ: فَالسُّفُنُ الَّتِي تَجْرِي فِي
الْبِحَارِ سَهْلًا يَسِيرًا
(21/482)
{فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4]
يَقُولُ: فَالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تُقَسِّمُ أَمْرَ اللَّهِ
فِي خَلْقِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/482)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
هَنَّادٌ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَا {الْجَارِيَاتِ يُسْرًا} ؟
قَالَ: " هِيَ السُّفُنُ؛ قَالَ: فَمَا {الْحَامِلَاتِ
وِقْرًا} ؟ قَالَ: «هِيَ السَّحَابُ» ؛ قَالَ: فَمَا
{الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} ؟ قَالَ: «هِيَ الْمَلَائِكَةُ»
(21/482)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ
قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَرْعَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ لَهُ: مَا
الْحَامِلَاتِ وِقْرًا؟ قَالَ: «هِيَ السَّحَابُ» ؛ قَالَ:
فَمَا الْجَارِيَاتِ يُسْرًا؟ قَالَ: «هِيَ السُّفُنُ» ؛
قَالَ: فَمَا الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا؟ قَالَ: «هِيَ
الْمَلَائِكَةُ» [ص:483] حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ:
ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ خَالِدِ
بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ
(21/482)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ
قَالَ: ثَنَا مُوسَى الزَّمْعِيُّ قَالَ: ثَنِي أَبُو
الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ
أَخْبَرَهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ النَّاسَ،
فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] قَالَ:
«هِيَ السَّحَابُ» {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} [الذاريات: 3]
قَالَ: هِيَ السُّفُنُ {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات:
4] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ» حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى
قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ،
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
الطُّفَيْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي
الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيٍّ،
فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ،
فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ
عَلِيًّا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ،
عَنْ [ص:484] أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَحْوَهُ
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا
سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَلِيًّا،
فَذَكَرَ نَحْوَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ،
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ:
سُئِلَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ
(21/483)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَالْحَامِلَاتِ
وِقْرًا} [الذاريات: 2] قَالَ: «السَّحَابُ» ، قَوْلَهُ:
{فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4] قَالَ:
«الْمَلَائِكَةُ»
(21/484)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
{فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] قَالَ: «السَّحَابُ
تَحْمِلُ الْمَطَرَ» ، {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} [الذاريات:
3] قَالَ: «السُّفُنُ» {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات:
4] قَالَ: «الْمَلَائِكَةُ يُنَزِّلُهَا بِأَمْرِهِ عَلَى مَنْ
يَشَاءُ»
(21/484)
قَوْلُهُ: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ}
[الذاريات: 5] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الَّذِي
تُوعَدُونَ أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ،
وَبَعْثِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ لَصَادِقٌ، يَقُولُ:
لَكَائِنٌ حَقَّ يَقِينٍ [ص:485] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا
فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/484)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ}
[الذاريات: 5] وَالْمَعْنَى: لَصِدْقٌ " فَوَضَعَ الِاسْمَ
مَكَانَ الْمَصْدَرِ {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:
6] يَقُولُ: وَإِنَّ الْحِسَابَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ
لَوَاجِبٌ، وَاللَّهُ مَجَازٍ عِبَادَهُ بِأَعْمَالِهِمْ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ
(21/485)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ}
[الذاريات: 6] قَالَ: «الْحِسَابُ»
(21/485)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {إِنَّمَا
تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:
6] «وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ يُدَانُ النَّاسُ
فِيهِ بِأَعْمَالِهِمْ»
(21/485)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَإِنَّ
الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 6] قَالَ: «يَوْمَ يُدِينُ
اللَّهُ الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ»
(21/485)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 6] قَالَ:
«لَكَائِنٌ»
(21/486)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي
قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات:
8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْخَلْقِ
الْحَسَنِ وَعَنَى بِقَوْلِهِ: {ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات:
7] : ذَاتِ الطِّرَائِقِ، وَتَكْسِيرُ كُلِّ شَيْءٍ: حَبْكُهُ،
وَهُوَ جَمْعُ حِبَاكٍ وَحَبِيكَةٍ؛ يُقَالُ لِتَكْسِيرِ
الشَّعَرَةِ الْجَعْدَةِ: حُبُكٌ؛ وَلِلرَّمْلَةِ إِذَا
مَرَّتْ بِهَا الرِّيحُ السَّاكِنَةُ، وَالْمَاءُ الْقَائِمُ،
وَالدِّرْعُ مِنَ الْحَدِيدِ لَهَا: حُبُكٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الرَّاجِزِ:
كَأَنَّمَا جَلَّلَهَا الْحَوَّاكُ ... طِنْفِسَةً فِي
وَشْيِهَا حِبَاكُ
أَذْهَبَهَا الْخُفُوقُ وَالدِّرَاكُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ قَائِلِيهِ فِيهِ
(21/486)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
أَبُو حَصِينٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ
قَالَ: ثَنَا عَبْثَرٌ قَالَ: ثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَالسَّمَاءِ
ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «ذَاتِ الْخَلْقِ
الْحَسَنِ»
(21/486)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ:
«حُسْنُهَا وَاسْتِوَاؤُهَا»
(21/487)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7]
قَالَ: " حَبْكُهَا: حُسْنُهَا وَاسْتِوَاؤُهَا "
(21/487)
قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ قَالَ: ثَنَا
عَمْرٌو، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، أَخِي
سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «ذَاتِ
الزِّينَةِ»
(21/487)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ
عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَوْلَهُ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ
الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «حُبِكَتْ بِالْخَلْقِ
الْحَسَنِ، حُبِكَتْ بِالنُّجُومِ»
(21/487)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
هَوْذَةُ قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ:
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ:
«حُبِكَتْ بِالْخَلْقِ الْحَسَنِ، حُبِكَتْ بِالنُّجُومِ»
(21/487)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ
الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}
[الذاريات: 7] قَالَ: «ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ، حُبِكَتْ
بِالنُّجُومِ»
(21/487)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ
عُلَيَّةَ قَالَ: ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ
[ص:488] عِكْرِمَةُ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ
الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: " ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ،
أَلَمْ تَرَ إِلَى النَّسَّاجِ إِذَا نَسَجَ الثَّوْبَ قَالَ:
مَا أَحْسَنَ مَا حَبَكَهُ "
(21/487)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمُ
الْكَذَّابَ الْمُضِلَّ، وَإِنَّ رَأْسَهُ مِنْ وَرَائِهِ
حُبُكٌ حُبُكٌ» يَعْنِي بِالْحُبُكِ: الْجُعُودَةَ
(21/488)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ:
«اسْتِوَاؤُهَا، حُسْنُهَا»
(21/488)
قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ
الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ»
(21/488)
قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سَعِيدٍ،
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «حَبْكُهَا نُجُومُهَا»
(21/488)
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
{الْحُبُكُ} [الذاريات: 7] «ذَاتُ الْخَلْقِ الْحَسَنِ»
(21/488)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ:
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] : «أَيْ ذَاتِ
الْخَلْقِ الْحَسَنِ»
(21/488)
وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: " حَبْكُهَا:
نُجُومُهَا "
(21/488)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ؛ عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ
{ذَاتِ [ص:489] الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «ذَاتِ
الْخَلْقِ الْحَسَنِ»
(21/488)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7]
قَالَ: «الْمُتْقَنُ الْبُنْيَانِ»
(21/489)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّمَاءِ
ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] يَقُولُ: «ذَاتِ الزِّينَةِ،
وَيُقَالُ أَيْضًا حَبُكُهَا مِثْلُ حُبُكِ الرَّمْلِ،
وَمِثْلُ حُبُكِ الدِّرْعِ، وَمِثْلُ حُبُكِ الْمَاءِ إِذَا
ضَرَبَتْهُ الرِّيحُ، فَنَسَجَتْهُ طَرَائِقَ»
(21/489)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {ذَاتِ
الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: «الشِّدَّةُ، حُبِكَتْ
شُدَّتْ» وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} [النبأ: 12]
(21/489)
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو
صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}
[الذاريات: 7] قَالَ: " ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ؛ وَيُقَالُ:
ذَاتِ الزِّينَةِ " وَقِيلَ: عَنَى بِذَلِكَ السَّمَاءَ
السَّابِعَةَ
(21/489)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاودَ، قَالَا: ثَنَا عِمْرَانُ [ص:490]
الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي
الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَمْرِو
الْبِكَالِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ:
«السَّمَاءُ السَّابِعَةُ» حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ بَشِيرِ
بْنِ مَعْرُوفٍ قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا
عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ عَمْرٍو الْبِكَالِيِّ،
هَكَذَا قَالَ الْقَاسِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
نَحْوَهُ
(21/489)
وَقَوْلُهُ: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ
مُخْتَلِفٍ} [الذاريات: 8] يَقُولُ: إِنَّكُمْ أَيُّهَا
النَّاسُ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ فِي هَذَا الْقُرْآنِ،
فَمِنْ مُصَدِّقٍ بِهِ وَمُكَذِّبٍ
(21/490)
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
{إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات: 8] قَالَ:
«مُصَدِّقٍ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَمُكَذِّبٍ»
(21/490)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات: 8] قَالَ: "
يَتَخَرَّصُونَ يَقُولُونَ: هَذَا سِحْرٌ، وَيَقُولُونَ: هَذَا
أَسَاطِيرُ، فَبِأَيِّ قَوْلِهِمْ يُؤْخَذُ، قَتَلَ
الْخَرَّاصُونَ هَذَا الرَّجُلَ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ
يَكُونَ فِيهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ، فَمَا لَكُمْ لَا تَأْخُذُونَ
أَحَدَ هَؤُلَاءِ، وَقَدْ رَمَيْتُمُوهُ بِأَقَاوِيلَ شَتَّى،
فَبِأَيِّ هَذَا الْقَوْلِ تَأْخُذُونَ، فَهُوَ قَوْلٌ
مُخْتَلِفٌ " قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّهُ تَخَرُّصٌ مِنْهُمْ
[ص:491] لَيْسَ لَهُمْ بِذَلِكَ عِلْمٌ قَالُوا: فَمَا مَنَعَ
هَذَا الْقُرْآنَ أَنْ يَنْزِلَ بِاللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَتْ
بِهِ الْكُتُبُ مِنْ قَبْلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَعْجَمِيُّ
وَعَرَبِيُّ؟ لَوْ جَعَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ أَعْجَمِيًّا
لَقُلْتُمْ نَحْنُ عَرَبٌ وَهَذَا الْقُرْآنُ أَعْجَمِيُّ،
فَكَيْفَ يَجْتَمِعَانِ
(21/490)
وَقَوْلُهُ: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}
[الذاريات: 9] يَقُولُ: يُصْرَفُ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَذَا
الْقُرْآنِ مَنْ صُرِفَ، وَيُدْفَعُ عَنْهُ مَنْ يُدْفَعُ،
فَيُحْرَمُهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/491)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}
[الذاريات: 9] قَالَ ابْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ: «يُوفَى،
أَوْ يُؤْفَنُ» ، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا وَقَالَ
الْحَارِثُ: يُؤْفَنُ، بِغَيْرِ شَكٍّ
(21/491)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ
الْحَسَنِ، {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 9]
قَالَ: «يُصْرَفُ عَنْهُ مَنْ صُرِفَ»
(21/491)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
أُفِكَ} [الذاريات: 9] «فَالْمَأْفُوكُ عَنْهُ الْيَوْمَ،
يَعْنِي كِتَابَ اللَّهِ»
(21/491)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 9] قَالَ: «يُؤْفَكُ
عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ»
(21/492)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ
سَاهُونَ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ
عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 11] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: لُعِنَ الْمُتَكَهِّنُونَ الَّذِينَ يَتَخَرَّصُونَ
الْكَذِبَ وَالْبَاطِلَ فَيَتَظَنَّنُونَهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ {قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ
بِهِ الْمُرْتَابُونَ
(21/492)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] يَقُولُ: «لُعِنَ
الْمُرْتَابُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِالَّذِي
قُلْنَا فِيهِ
(21/492)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي
قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَوْلَهُ: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] قَالَ:
«الْكَهَنَةُ»
(21/492)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
[ص:493] الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا
وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] قَالَ: "
الَّذِينَ يَتَخَرَّصُونَ الْكَذِبَ كَقَوْلِهِ فِي عَبَسَ
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ} [عبس: 17] " وَقَدْ حَدَّثَنِي كُلُّ
وَاحِدٍ، مِنْهُمَا بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْهُ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات:
10] قَالَ: " الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نُبْعَثُ وَلَا
يُوقِنُونَ "
(21/492)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] : «أَهْلُ الظُّنُونِ»
(21/493)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] قَالَ: " الْقَوْمُ
الَّذِينَ كَانُوا يَتَخَرَّصُونَ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ طَائِفَةٌ:
إِنَّمَا هُوَ سَاحِرٌ، وَالَّذِي جَاءَ بِهِ سِحْرٌ وَقَالَتْ
طَائِفَةٌ: إِنَّمَا هُوَ شَاعِرٌ، وَالَّذِي جَاءَ بِهِ
شِعْرٌ؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا هُوَ كَاهِنٌ،
وَالَّذِي جَاءَ بِهِ كَهَانَةٌ؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ
{أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى
عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5] يَتَخَرَّصُونَ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
(21/493)
وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ
سَاهُونَ} [الذاريات: 11] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةِ الضَّلَالَةِ وَغَلَبَتِهَا
عَلَيْهِمْ مُتَمَادُونَ، وَعَنِ الْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ
اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سَاهُونَ، قَدْ لَهَوْا عَنْهُ [ص:494] وَبِنَحْوِ الَّذِي
قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ وَإِنِ
اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ فِي الْبَيَانِ عَنْهُ
(21/493)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {الَّذِينَ هُمْ
فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 11] يَقُولُ: «فِي
ضَلَالَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ»
(21/494)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {الَّذِينَ هُمْ فِي
غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 11] قَالَ: «فِي غَفْلَةٍ
لَاهُونَ»
(21/494)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {الَّذِينَ هُمْ فِي
غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 11] يَقُولُ: «فِي غَمْرَةٍ
وَشُبْهَةٍ»
(21/494)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات:
11] قَالَ: «فِي غَفْلَةٍ»
(21/494)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فِي
غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 11] قَالَ: " سَاهُونَ عَمَّا
أَتَاهُمْ، وَعَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِمْ، وَعَمَّا أَمَرَهُمُ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا}
[المؤمنون: 63] الْآيَةَ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى الشَّيْءَ
إِذَا أَخَذْتَهُ ثُمَّ غَمَرْتَهُ فِي الْمَاءِ "
(21/494)
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، [ص:495] عَنْ مُجَاهِدٍ، {فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ}
[الذاريات: 11] : «قَلْبُهُ فِي كِنَانَةٍ»
(21/494)
وَقَوْلُهُ: {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ
الدِّينِ} [الذاريات: 12] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَسْأَلُ
هَؤُلَاءِ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ مَتَى
يَوْمُ الْمُجَازَاةِ وَالْحِسَابِ، وَيَوْمُ يُدِينُ اللَّهُ
الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ
(21/495)
كَمَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي
قَوْلِهِ: {أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12] قَالَ:
«الَّذِينَ كَانُوا يَجْحَدُونَ أَنَّهُمْ يُدَانُونَ، أَوْ
يُبْعَثُونَ»
(21/495)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات:
12] قَالَ: " يَقُولُونَ: مَتَى يَوْمُ الدِّينِ، أَوْ يَكُونُ
يَوْمُ الدِّينِ "
(21/495)
وَقَوْلُهُ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
يَوْمَ هُمْ عَلَى نَارِ جَهَنَّمَ يُفْتَنُونَ وَاخْتَلَفَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ {يُفْتَنُونَ}
[التوبة: 126] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ
عَنَى بِهِ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ
(21/495)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ
هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يَقُولُ:
«يُعَذَّبُونَ»
(21/495)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {يَسْأَلُونَ
أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] قَالَ: «فِتْنَتُهُمْ أَنَّهُمْ
سَأَلُوا عَنْ يَوْمِ الدِّينِ وَهُمْ مَوْقُوفُونَ عَلَى
النَّارِ» {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: 14] «فَقَالُوا حِينَ وُقِفُوا» :
{يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ} [الصافات: 20] ،
وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ
الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [الصافات: 21]
(21/496)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] قَالَ: «كَمَا
يُفْتَنُ الذَّهَبُ فِي النَّارِ»
(21/496)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنِي
هُشَيْمُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}
[الذاريات: 13] قَالَ: «يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ،
يُحْرَقُونَ فِيهَا، أَلَمْ تَرَ أَنَّ الذَّهَبَ إِذَا
أُلْقِيَ فِي النَّارِ قِيلَ فُتِنَ»
(21/496)
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ:
ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]
قَالَ: «يُعَذَّبُونَ»
(21/496)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ
الْيَرْبُوعِيُّ قَالَ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ
مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يَقُولُ: «يُنْضَجُونَ
بِالنَّارِ»
(21/496)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ
[ص:497] {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات:
13] قَالَ: «يُحْرَقُونَ»
(21/496)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يَقُولُ: «يُحْرَقُونَ»
(21/497)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي {يَوْمَ هُمْ عَلَى
النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] قَالَ: «يُطْبَخُونَ،
كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ»
(21/497)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]
قَالَ: «يُحْرَقُونَ بِالنَّارِ»
(21/497)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {يَوْمَ هُمْ عَلَى
النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] قَالَ: «يُحْرَقُونَ»
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُكْذَّبُونَ
(21/497)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ:
أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ
فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}
[الذاريات: 13] يَقُولُ: «يُطْبَخُونَ» وَيُقَالُ أَيْضًا
{يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يُكَذَّبُونَ كُلُّ هَذَا
يُقَالُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ
الْيَوْمَ فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]
(21/497)
فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ:
نُصِبَتْ عَلَى الْوَقْتِ وَالْمَعْنَى فِي {أَيَّانَ يَوْمُ
الدِّينِ} [الذاريات: 12] : أَيْ مَتَى يَوْمُ الدِّينِ،
فَقِيلَ لَهُمْ: فِي {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}
[الذاريات: 13] ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمٌ طَوِيلٌ
فِيهِ الْحِسَابُ، وَفِيهِ فِتْنَتُهُمْ عَلَى النَّارِ
وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: إِنَّمَا نُصِبَتْ
{يَوْمَ هُمْ} [غافر: 16] لِأَنَّكَ أَضَفْتَهُ إِلَى
شَيْئَيْنِ، وَإِذَا أُضِيفَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ إِلَى
اسْمٍ لَهُ فِعْلٌ، وَارْتَفَعَا نُصِبَ الْيَوْمُ، وَإِنْ
كَانَ فِي مَوْضِعٍ خَفْضٍ أَوْ رَفْعٍ إِذَا أُضِيفَ إِلَى
فَعَلَ أَوْ يَفْعَلُ أَوْ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَرَفْعُهُ
فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ، وَخَفْضُهُ فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ
يَجُوزُ: فَلَوْ قِيلَ {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] فَرَفَعَ يَوْمَ، لَكَانَ
وَجْهًا، وَلَمْ يَقْرَأْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ
وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: إِنَّهَا نَصَبَ {يَوْمَ هُمْ عَلَى
النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] لِأَنَّهُ إِضَافَةٌ
غَيْرُ مَحْضَةٍ فَنُصِبَ، وَالتَّأْوِيلُ رَفْعٌ، وَلَوْ
رَفَعَ لَجَازَ لِأَنَّكَ تَقُولُ: مَتَى يَوْمُكَ؟ فَتَقُولُ:
يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالرَّفْعُ
الْوَجْهُ، لِأَنَّهُ اسْمٌ قَابَلَ اسْمًا فَهَذَا الْوَجْهُ
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ:
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]
قَوْلُ مَنْ قَالَ: يُعَذَّبُونَ بِالْإِحْرَاقِ، لِأَنَّ
الْفِتْنَةَ أَصْلُهَا الِاخْتِبَارُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ:
فَتَنْتُ الذَّهَبَ بِالنَّارِ: إِذَا طَبَخْتَهَا بِهَا
لِتَعْرِفَ جَوْدَتَهَا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَوْمَ هُمْ
عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] يُحْرَقُونَ بِهَا
كَمَا يُحْرَقُ الذَّهَبُ بِهَا، وَأَمَّا النَّصْبُ فِي
الْيَوْمِ فَلِأَنَّهَا إِضَافَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ عَلَى مَا
وَصَفْنَا مِنْ قَوْلِ قَائِلِ ذَلِكَ
(21/498)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تَسْتَعْجِلُونَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ
ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 15] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ
بِقَوْلِهِ: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] يُقَالُ
لَهُمْ: ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ وَتَرَكَ يُقَالُ لَهُمْ
لِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا
(21/499)
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {فِتْنَتَكُمْ}
[الذاريات: 14] : عَذَابَكُمْ وَحَرِيقَكُمْ وَاخْتَلَفَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بُغْضُهُمْ بِالَّذِي
قُلْنَا فِيهِ
(21/499)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14]
قَالَ: «حَرِيقَكُمْ»
(21/499)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}
[الذاريات: 14] : «ذُوقُوا عَذَابَكُمْ» {هَذَا الَّذِي
كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: 14]
(21/499)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] يَقُولُ: "
يَوْمَ يُعَذَّبُونَ، فَيَقُولُ: ذُوقُوا عَذَابَكُمْ "
(21/499)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] يَقُولُ: «حَرِيقَكُمْ»
(21/499)
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات:
14] يَقُولُ: «[ص:500] احْتِرَاقَكُمْ»
(21/499)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] قَالَ: «ذُوقُوا
عَذَابَكُمْ» وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ: ذُوقُوا
تَعْذِيبَكُمْ أَوْ كَذِبَكُمْ
(21/500)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي
قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَوْلَهُ: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] يَقُولُ:
«تَكْذِيبَكُمْ»
(21/500)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] يَقُولُ: «حَرِيقَكُمْ»
وَيُقَالُ: كَذِبَكُمْ
(21/500)
وَقَوْلُهُ: {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
يُقَالُ لَهُمْ: هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي تُوَفَّوْنَهُ
الْيَوْمَ، هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تَسْتَعْجِلُونَ فِي الدُّنْيَا
(21/500)
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ
مَعَاصِيهِ فِي الدُّنْيَا فِي بَسَاتِينَ وَعُيُونِ مَاءٍ فِي
الْآخِرَةِ
(21/500)
وَقَوْلُهُ: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ
رَبُّهُمْ} [الذاريات: 16] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
عَامِلِينَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ مُؤَدِّينَ
فَرَائِضَهُ
(21/500)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: [ص:501]
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ
رَبُّهُمْ} [الذاريات: 16] قَالَ: «الْفَرَائِضُ»
(21/500)
وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ
ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 16] يَقُولُ: إِنَّهُمْ
كَانُوا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضَ
مُحْسِنِينَ، يَقُولُ: كَانُوا لِلَّهِ قَبْلَ ذَلِكَ
مُطِيعِينَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/501)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي عُمَرَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 16]
قَالَ: «قَبْلَ الْفَرَائِضِ مُحْسِنِينَ يَعْمَلُونَ»
(21/501)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 18] اخْتَلَفَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
لَا يَهْجَعُونَ، وَقَالُوا: «مَا» بِمَعْنَى الْجَحْدِ
(21/501)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثَنَا يَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدِ [ص:502]
بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] قَالَ: «يَتَيَقَّظُونَ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ
هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ
وَالْعِشَاءِ» حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ الشَّحْبِ قَالَ:
ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بِنَحْوِهِ
(21/501)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ
الْمُثَنَّى، قَالَا: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا
بُكَيْرُ بْنُ أَبِي السَّمِيطِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «كَانُوا
لَا يَنَامُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الْعَتَمَةَ»
(21/502)
قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، فِي
قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] قَالَ: «قَلَّ لَيْلَةٌ أَتَتْ عَلَيْهِمْ
إِلَّا صَلُّوا فِيهَا»
(21/502)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] «قَلَّ لَيْلَةٌ
تَأْتِي عَلَيْهِمْ لَا يُصَلُّونَ فِيهَا لِلَّهِ إِمَّا مِنْ
أَوَّلِهَا، وَإِمَّا مِنْ وَسَطِهَا»
(21/502)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ يَمَانٍ قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ
الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا [ص:503]
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «لَمْ يَكُنْ يَمْضِي
عَلَيْهِمْ لَيْلَةٌ إِلَّا يَأْخُذُونَ مِنْهَا وَلَوْ
شَيْئًا»
(21/502)
قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: «كَانُوا يُصِيبُونَ فِيهَا حَظًّا»
(21/503)
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ
الْكِنْدِيُّ قَالَ: ثَنَا حَفْصُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي
الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «لَا يَنَامُونَ
بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ»
(21/503)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
حَكَّامٌ، وَمِهْرَانُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ،
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:
17] قَالَ: «كَانُوا يُصِيبُونَ مِنَ اللَّيْلِ حَظًّا»
(21/503)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ
عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ
مُطَرِّفٍ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «قَلَّ لَيْلَةٌ
أَتَتْ عَلَيْهِمْ هَجَعُوهَا كُلَّهَا»
(21/503)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ: «كَانَ لَهُمْ قَلِيلٌ مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ،
كَانُوا يُصَلُّونَهُ»
(21/503)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ
عُلَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ، يَقُولُ فِي
قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] قَالَ: «كَانُوا قَلِيلًا مَا يَنَامُونَ
لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَّاحِ»
(21/504)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي
قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] قَالَ: «قَلِيلٌ مَا يَرْقُدُونَ لَيْلَةً
حَتَّى الصَّبَّاحِ لَا يَتَهَجَّدُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ:
بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
يَهْجَعُونَ، وَوَجَّهُوا «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] إِلَى أَنَّهَا صِلَةٌ
(21/504)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ
الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «كَابَدُوا قِيَامَ اللَّيْلِ»
(21/504)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ
يَقُولُ: «لَا يَنَامُونَ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا»
(21/504)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، عَنِ
الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «لَا يَنَامُونَ مِنَ
اللَّيْلِ إِلَّا أَقَلَّهُ»
(21/504)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «قَلَّ
لَيْلَةٌ أَتَتْ عَلَيْهِمْ هُجُوعًا»
(21/505)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ: «كَانُوا لَا يَنَامُونَ إِلَّا قَلِيلًا»
(21/505)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَرَأَ
هَذِهِ الْآيَةَ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «لَسْتُ مِنْ أَهْلِ
هَذِهِ الْآيَةِ»
(21/505)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ
الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «قِيَامُ اللَّيْلِ»
(21/505)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ
قَالَ: «نَشِطُوا فَمَدُّوا إِلَى السَّحَرِ»
(21/505)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ: «مَدُّوا فِي الصَّلَاةِ وَنَشِطُوا، حَتَّى
كَانَ الِاسْتِغْفَارُ بِسَحَرَ»
(21/505)
قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ [ص:506] الْحَسَنِ
قَالَ: «كَانُوا لَا يَنَامُونَ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا
قَلِيلًا»
(21/505)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ يَقُولَانِ: «كَانُوا
كَثِيرًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يُصَلُّونَ» وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ
تَكُونَ {مَا} [الحجر: 17] عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي
مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ: كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ هُجُوعُهُمْ؛ وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ
{مَا} [الحجر: 17] صِلَةً، فَإِنَّهُ لَا مَوْضِعَ لَهَا؛
وَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى مَذْهَبِهِ كَانُوا
يَهْجَعُونَ قَلِيلَ اللَّيْلِ، وَإِذَا كَانَتْ {مَا} [الحجر:
17] صِلَةً كَانَ الْقَلِيلُ مَنْصُوبًا بِيَهْجَعُونَ
(21/506)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
قَالَ: «مَا يَنَامُونَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى
ذَلِكَ: كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ، وَعَلَى هَذَا
التَّأْوِيلِ {مَا} [الحجر: 17] فِي مَعْنَى الْجَحْدِ
(21/506)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ
سَمَّاهُ قَتَادَةَ قَالَ: صَلَاةُ الْعَتَمَةِ " [ص:507]
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: كَانَ هَؤُلَاءِ
الْمُحْسِنُونَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضُ
قَلِيلًا مِنَ النَّاسِ، وَقَالُوا الْكَلَامَ بَعْدَ قَوْلِهِ
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 16]
كَانُوا قَلِيلًا مُسْتَأْنَفٌ بِقَوْلِهِ: {مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ
{مَا} [الحجر: 17] عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِمَعْنَى
الْجَحْدِ
(21/506)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ:
ثَنَا عُبَيْدٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
يَقُولُ: «إِنَّ الْمُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا، ثُمَّ
ابْتُدِئَ فَقِيلَ» {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] «كَمَا
قَالَ» : {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ
هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد: 19] ثُمَّ قَالَ:
{وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19] "
(21/507)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّبَيْرِ،
عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «كَانُوا
مِنَ النَّاسِ قَلِيلًا»
(21/507)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ
عَدِيٍّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، فِي قَوْلِهِ:
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:
17] قَالَ: «كَانُوا قَلِيلًا مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُ
ذَلِكَ»
(21/507)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ،
عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمِ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ [ص:508] النَّاسِ إِذْ ذَاكَ»
(21/507)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا
مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] " قَالَ
اللَّهُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}
[الذاريات: 15] إِلَى {مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 16] كَانُوا
قَلِيلًا، يَقُولُ: الْمُحْسِنُونَ كَانُوا قَلِيلًا، هَذِهِ
مَفْصُولَةٌ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: {مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] "
(21/508)
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {يَهْجَعُونَ}
[الذاريات: 17] فَإِنَّهُ يَعْنِي: يَنَامُونَ، وَالْهُجُوعُ:
النَّوْمُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ
(21/508)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] يَقُولُ:
«يَنَامُونَ»
(21/508)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: «يَنَامُونَ» حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ
(21/508)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ [ص:509] الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مِنَ
اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] " الْهُجُوعُ:
النَّوْمُ "
(21/508)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:
17] قَالَ: " كَانُوا قَلِيلًا مَا يَنَامُونَ مِنَ اللَّيْلِ
قَالَ: ذَاكَ الْهَجْعُ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذَا
سَافَرَتِ اهْجَعْ بِنَا قَلِيلًا قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ لِأَبِي: يَا أَبَا أُسَامَةَ صِفَةٌ لَا
أَجِدُهَا فِينَا، ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
قَوْمًا فَقَالَ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] " وَنَحْنُ وَاللَّهِ قَلِيلًا
مِنَ اللَّيْلِ مَا نَقُومُ؛ قَالَ: فَقَالَ أَبِي: طُوبَى
لِمَنْ رَقَدَ إِذَا نَعَسَ؛ وَأَلْقَى اللَّهَ إِذَا
اسْتَيْقَظَ " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ فِي
تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ هُجُوعُهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ مَدْحًا لَهُمْ،
وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِهِ، فَوَصَفَهُمْ بِكَثْرَةِ
الْعَمَلِ، وَسَهَرِ اللَّيْلِ، وَمُكَابَدَتِهِ فِيمَا
يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ وَيُرْضِيهِ عَنْهُمْ أَوْلَى وَأَشْبَهُ
مِنْ وَصْفِهِمْ مِنْ قِلَّةِ الْعَمَلِ، وَكَثْرَةِ
النَّوْمِ، مَعَ أَنَّ الَّذِيَ اخْتَرْنَا فِي ذَلِكَ هُوَ
أَغْلَبُ الْمَعَانِي عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ
(21/509)
وَقَوْلُهُ: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] اخْتَلَفَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ:
وَبِالْأَسْحَارِ يُصَلُّونَ
(21/509)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ:
أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ
فِي قَوْلِهِ: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
[الذاريات: 18] يَقُولُ: «يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ» ، [ص:510]
يَقُولُ: «كَانُوا يَقُومُونَ وَيَنَامُونَ، كَمَا قَالَ
اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» :
{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ
ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ} [المزمل: 20] «فَهَذَا نَوْمٌ،
وَهَذَا قِيَامٌ» {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}
[المزمل: 20] «كَذَلِكَ يَقُومُونَ ثُلُثَا وَنِصْفًا
وَثُلُثَيْنِ» : يَقُولُ: «يَنَامُونَ وَيَقُومُونَ»
(21/509)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، قَوْلَهُ: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] قَالَ: «يُصَلُّونَ»
(21/510)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]
قَالَ: «يُصَلُّونَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ
أَنَّهُمْ أَخَّرُوا الِاسْتِغْفَارَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ إِلَى
السَّحَرِ
(21/510)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «مَدُّوا فِي
الصَّلَاةِ وَنَشِطُوا، حَتَّى كَانَ الِاسْتِغْفَارُ
بِسَحَرَ»
(21/510)
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]
قَالَ: «هُمُ الْمُؤْمِنُونِ» قَالَ: «وَبَلَغَنَا أَنَّ
نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقُوبَ
[ص:511] حِينَ سَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ» {قَالُوا
يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [يوسف: 97] {قَالَ
سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98] قَالَ: " قَالَ
بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهُ أَخَّرَ الِاسْتِغْفَارَ
إِلَى السَّحَرِ " قَالَ: " وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ
أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ: السَّحَرُ "
(21/510)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: "
السَّحَرُ: هُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ "
(21/511)
وَقَوْلُهُ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ
لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: وَفِي أَمْوَالِ هَؤُلَاءِ الْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ
وَصَفَ صِفَتَهُمْ حَقٌّ لِسَائِلِهِمُ الْمُحْتَاجِ إِلَى مَا
فِي أَيْدِيهِمْ وَالْمَحْرُومِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا
فِي مَعْنَى السَّائِلِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَهُمْ فِي
مَعْنَى الْمَحْرُومِ مُخْتَلِفُونَ، فَمِنْ قَائِلٍ: هُوَ
الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ
(21/511)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، سَأَلْتُهُ عَنِ السَّائِلِ، وَالْمَحْرُومِ قَالَ:
" السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ، وَالْمَحْرُومُ:
الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ وَهُوَ مُحَارَفٌ
"
(21/511)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] قَالَ: "
[ص:512] الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ "
(21/511)
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ
قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: " السَّائِلُ: السَّائِلُ. وَالْمَحْرُومِ:
الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ "
(21/512)
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ:
ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "
الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي
الْإِسْلَامِ سَهْمٌ "
(21/512)
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ
قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] قَالَ: " السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ،
وَالْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ " حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى
قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ قَيْسِ بْنِ
كُرْكُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ
(21/512)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: الْمَحْرُومِ قَالَ: «الْمُحَارَفُ» وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ
(21/512)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] : «هُوَ الرَّجُلُ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَا
يَكُونُ لَهُ مَالٌ إِلَّا ذَهَبَ، قَضَى اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ»
(21/513)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كُرْكُمٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ
عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] قَالَ: " السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ،
وَالْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي
الْإِسْلَامِ سَهْمٌ "
(21/513)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ: ثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ
سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ:
" الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ "
(21/513)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ فِي الْمَحْرُومِ: «هُوَ
الْمُحَارَفُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَحَدٌ يَعْطِفُ عَلَيْهِ،
أَوْ يُعْطِيهِ شَيْئًا»
(21/513)
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنِي
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ،
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: " جَاءُ سَيْلٌ بِالْيَمَامَةِ،
فَذَهَبَ بِمَالِ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا
الْمَحْرُومُ "
(21/513)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ
عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: "
الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ "
(21/514)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "
الْمَحْرُومُ: الْمُحَارَفُ "
(21/514)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ
الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الْمَحْرُومُ: هُوَ
الْمُحَارَفُ "
(21/514)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ
سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ الْمَحْرُومِ، فَلَمْ يَقُلْ
فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ عَطَاءٌ: «هُوَ الْمَحْدُودُ
الْمُحَارَفُ» وَمِنْ قَائِلٍ: هُوَ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي
لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا
(21/514)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي
نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ
بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَحْرُومِ فَقَالَ: «الْمُحَارَفُ»
(21/514)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَفِي
أَمْوَالِهِمْ [ص:515] حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] «هَذَانِ فَقِيرَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ،
سَائِلٌ يَسْأَلُ فِي كَفِّهِ، وَفَقِيرٌ مُتَعَفِّفٌ،
وَلِكِلَيْهِمَا عَلَيْكَ حَقٌّ يَا ابْنَ آدَمَ»
(21/514)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]
قَالَ: " السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُ، وَالْمَحْرُومُ:
الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ "
(21/515)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ قَالَ: قَالَ مَعْمَرٌ، وَحَدَّثَنِي
الزُّهْرِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ
التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالْأَكْلَةُ وَالْأَكْلَتَانِ»
، قَالُوا فَمَنِ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
«الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى، وَلَا يُعْلَمُ بِحَاجَتِهِ
فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ الْمَحْرُومُ»
(21/515)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] قَالَ: " السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ
بِكَفِّهِ، وَالْمَحْرُومُ: الْمُتَعَفِّفُ، وَلِكِلَيْهِمَا
عَلَيْكَ حَقٌّ يَا ابْنَ آدَمَ " وَقَائِلٌ: هُوَ الَّذِي لَا
سَهْمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ
(21/515)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
مُحَمَّدٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَغَنِمُوا، فَجَاءَ قَوْمٌ
[ص:516] يَشْهَدُونَ الْغَنِيمَةَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]
(21/515)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ
مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ:
" بُعِثَتْ سَرِيَّةٌ فَغَنِمُوا، ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ
بَعْدِهِمْ قَالَ: فَنَزَلَتْ {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] "
(21/516)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ
الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أُنَاسًا، قَدِمُوا عَلَى
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْكُوفَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ
الْجَمَلِ، فَقَالَ: «اقْسِمُوا لَهُمْ» قَالَ: «هَذَا
الْمَحْرُومُ»
(21/516)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ،
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ " أَنَّ قَوْمًا فِي زَمَانِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابُوا
غَنِيمَةً، فَجَاءَ قَوْمٌ بَعْدُ، فَنَزَلَتْ {وَفِي
أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:
19] "
(21/516)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
حَكَّامٌ قَالَ: ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " الْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا فَيْءَ لَهُ
فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُحَارَفٌ مِنَ النَّاسِ "
(21/516)
قَالَ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، قَوْلَهُ: {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
[الذاريات: 19] قَالَ: " الْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا يَجْرِي
عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْفَيْءِ، وَهُوَ مُحَارَفٌ مِنَ
النَّاسِ " وَقَائِلٌ: هُوَ الَّذِي لَا يُنْمَى لَهُ مَالٌ
(21/516)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
أَبُو السَّائِبِ قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ
قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ، عَنِ السَّائِلِ،
وَالْمَحْرُومِ،؟ قَالَ: " السَّائِلُ: الَّذِي يَسْأَلُكَ،
وَالْمَحْرُومُ: الَّذِي لَا يُنْمَى لَهُ مَالٌ " وَقَائِلٌ:
هُوَ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ ثَمَرُهُ وَزَرْعُهُ
(21/517)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ
زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] قَالَ: " الْمَحْرُومُ:
الْمُصَابُ ثَمَرُهُ وَزَرْعُهُ "، وَقَرَأَ {أَفَرَأَيْتُمْ
مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ} [الواقعة: 64]
حَتَّى بَلَغَ {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: 67]
وَقَالَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ: {إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ
نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [القلم: 26]
(21/517)
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ
قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَفِي
أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:
19] قَالَ: " لَيْسَ ذَلِكَ بِالزَّكَاةِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ
مِمَّا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ إِخْرَاجِ
الزَّكَاةِ، وَالْمَحْرُومُ: الَّذِي يُصَابُ زَرْعُهُ أَوْ
ثَمَرُهُ أَوْ نَسْلُ مَاشِيَتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ حَقٌّ عَلَى
مَنْ لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قَالَ
لِأَصْحَابِ الْجَنَّةِ حِينَ أَهْلَكَ جَنَّتَهُمْ " قَالُوا:
{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: 67] وَقَالَ أَيْضًا:
{لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}
(21/517)
وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ فِي ذَلِكَ
مَا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ
ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: «أَعْيَانِي أَنْ
أَعْلَمَ مَا الْمَحْرُومُ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي
ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ الَّذِي قَدْ حُرِمَ الرِّزْقَ
وَاحْتَاجَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِذَهَابِ مَالِهِ
وَثَمَرِهِ، فَصَارَ مِمَّنْ حَرَمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ، وَقَدْ
يَكُونُ بِسَبَبِ تَعَفُّفِهِ وَتَرْكِهِ الْمَسْأَلَةَ،
وَيَكُونُ بِأَنَّهُ لَا سَهْمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ
لِغَيْبَتِهِ عَنِ الْوَقْعَةِ، فَلَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ
أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ أَنْ تَعُمَّ، كَمَا قَالَ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19]
(21/518)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي
أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ
وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 21] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
وَفِي الْأَرْضِ عِبَرٌ وَعِظَاتٌ لِأَهْلِ الْيَقِينِ
بِحَقِيقَةِ مَا عَايِنُوا وَرَأَوْا إِذَا سَارُوا فِيهَا
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ
(21/518)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَفِي الْأَرْضِ
آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] قَالَ: يَقُولُ:
«مُعْتَبَرٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ»
(21/518)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَفِي
الْأَرْضِ آيَاتٌ [ص:519] لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20]
«إِذَا سَارَ فِي أَرْضِ اللَّهِ رَأَى عِبَرًا وَآيَاتٍ
عِظَامًا»
(21/518)
وَقَوْلُهُ: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ:
وَفِي سَبِيلِ الْخَلَاءِ وَالْبَوْلِ فِي أَنْفُسِكُمْ
عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَدَلِيلٌ لَكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ، أَفَلَا
تُبْصِرُونَ إِلَى ذَلِكَ مِنْكُمْ
(21/519)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: ثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ
الْمُرْتَفِعِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ:
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]
قَالَ: «سَبِيلُ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ»
(21/519)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْمُرْتَفِعِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}
[الذاريات: 21] قَالَ: «سَبِيلُ الْخَلَاءِ وَالْبَوْلِ»
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَفِي تَسْوِيَةِ
اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَفَاصِلَ أَبْدَانِكُمْ
وَجَوَارِحِكُمْ دَلَالَةٌ لَكُمْ عَلَى أَنْ خُلِقْتُمْ
لِعِبَادَتِهِ
(21/519)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ
زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ
(21/519)
مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بِشْرٌ
تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20] قَالَ: «وَفِينَا آيَاتٌ
كَثِيرَةٌ، هَذَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَاللِّسَانُ
وَالْقَلْبُ، لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا هُوَ أَسْوَدُ أَوْ
أَحْمَرُ، وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي يَتَلَجْلَجُ بِهِ،
وَهَذَا الْقَلْبُ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ، إِنَّمَا هُوَ مُضْغَةٌ
فِي جَوْفِهِ، يَجْعَلُ اللَّهُ فِيهِ الْعَقْلَ، أَفَيَدْرِي
أَحَدٌ مَا ذَاكَ الْعَقْلُ، وَمَا صِفَتُهُ، وَكَيْفَ هُوَ؟»
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى
ذَلِكَ: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَيْضًا أَيُّهَا النَّاسُ آيَاتٌ
وَعِبَرٌ تَدُلُّكُمْ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ صَانِعِكُمْ،
وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ، إِذْ كَانَ لَا شَيْءَ
يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَ خَلْقِهِ إِيَّاكُمْ
{أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] يَقُولُ: أَفَلَا
تَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ فَتَتَفَكَّرُوا فِيهِ، فَتَعْلَمُوا
حَقِيقَةَ وَحْدَانِيَّةِ خَالِقِكُمْ
(21/520)
وَقَوْلُهُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ}
[الذاريات: 22] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي السَّمَاءِ:
الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ اللَّذَانِ بِهِمَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ
رِزْقَكُمْ، وَقُوتَكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالثِّمَارِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
(21/520)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: ثَنَا
النَّضْرٌ قَالَ: ثَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي
قَوْلِهِ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22]
قَالَ: «الْمَطَرُ»
(21/520)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثَنَا
ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ،
فِي قَوْلِهِ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}
[الذاريات: 22] قَالَ: «الثَّلْجُ، [ص:521] وَكُلُّ عَيْنٍ
ذَائِبَةٍ مِنَ الثَّلْجِ لَا تَنْقُصُ»
(21/520)
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى
قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ: فِي «السَّحَابِ فِيهِ وَاللَّهِ رِزْقُكُمْ،
وَلَكِنَّكُمْ تُحْرَمُونَهُ بِخَطَايَاكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»
(21/521)
قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: أَحْسَبُهُ أَوْ غَيْرَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ
رَجُلًا وَمُطِرُوا، يَقُولُ: وَمُطِرْنَا بِبَعْضِ عَثَانِينِ
الْأَسَدِ، فَقَالَ: «كَذَبْتَ، بَلْ هُوَ رِزْقُ اللَّهِ»
(21/521)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَفِي السَّمَاءِ
رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] قَالَ:
«رِزْقُكُمُ الْمَطَرُ»
(21/521)
قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ،
{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22] قَالَ:
«رِزْقُكُمُ الْمَطَرُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى
ذَلِكَ: وَمِنْ عِنْدِ اللَّهِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ
رِزْقُكُمْ، وَمِمَّنْ تَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ وَاصِلٌ
الْأَحْدَبُ
(21/521)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: " قَرَأَ وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ
هَذِهِ الْآيَةَ {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رِزْقِي فِي
السَّمَاءِ وَأَنَا أَطْلُبُهُ فِي الْأَرْضِ، فَدَخَلَ
خَرِبَةً فَمَكَثَ ثَلَاثًا لَا [ص:522] يُصِيبُ شَيْئًا،
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ إِذَا هُوَ دَوْخَلَّةُ
رُطَبٍ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ أَحْسَنُ نِيَّةً مِنْهُ، فَدَخَلَ
مَعَهُ، فَصَارَتَا دَوْخَلَّتَيْنِ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ
دَأْبُهُمَا حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَهُمَا "
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ:
{وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَا تُوعَدُونَ مِنْ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ
(21/521)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، {وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] قَالَ: «وَمَا
تُوعَدُونَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»
(21/522)
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] يَقُولُ: «الْجَنَّةُ فِي
السَّمَاءِ، وَمَا تُوعَدُونَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ» وَقَالَ
آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَا تُوعَدُونَ مِنَ
الْجَنَّةِ وَالنَّارِ
(21/522)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: ثَنَا
النَّضْرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ،
فِي قَوْلِهِ: {وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] قَالَ:
«الْجَنَّةُ وَالنَّارُ»
(21/522)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]
مِنَ «الْجَنَّةِ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي
ذَلِكَ عِنْدِي الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ، لِأَنَّ
اللَّهَ عَمَّ الْخَبَرَ بِقَوْلِهِ: {وَمَا تُوعَدُونَ}
[الذاريات: 22] عَنْ كُلِّ مَا وَعَدَنَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ
شَرٍّ، وَلَمْ يُخَصِّصْ بِذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ،
فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا عَمَّهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ
(21/523)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ
مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ مُقْسِمًا لِخَلْقِهِ بِنَفْسِهِ: فَوَرَبِّ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكُمْ أَيُّهَا
النَّاسُ: إِنَّ فِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
لَحَقٌّ، كَمَا حَقٌّ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
(21/523)
وَقَدْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ
الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:
23] قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ أَقْوَامًا
أَقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ»
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لِلْجَمْعِ بَيْنَ «مَا» وَ «أَنَّ» فِي
هَذَا الْمَوْضِعِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ نَظِيرُ جَمْعِ الْعَرَبِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مِنَ
الْأَسْمَاءِ وَالْأَدَوَاتِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فِي
الْأَسْمَاءِ:
(21/523)
مِنَ النَّفْرِ اللَّائِي الَّذِينَ إِذَا
هُمُ ... يَهَابُ اللِّئَامُ حَلْقَةَ الْبَابِ قَعْقَعُوا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللَّائِي وَالَّذِينَ، وَأَحَدُهُمَا
مُجْزِئٌ مِنَ الْآخَرِ؛ وَكَقَوْلِ الْآخَرِ فِي
الْأَدَوَاتِ:
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِهَ ... كَالْيَوْمِ
طَالِيَ أَيْنُقٍ جُرْبِ
فَجَمَعَ بَيْنَ «مَا» وَبَيْنَ «إِنْ» ، وَهُمَا جَحْدَانِ
يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْآخَرُ: فَهُوَ
لَوْ أَنَّ ذَلِكَ أُفْرِدَ بِمَا، لَكَانَ خَبَرًا عَنْ
أَنَّهُ حَقٌّ لَا كَذِبٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنِيَّ بِهِ
وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ: أَنَّهُ لَحَقٌّ كَمَا حَقٌّ أَنَّ
الْآدَمَيَّ نَاطِقٌ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَكَ: أَحَقٌّ
مَنْطِقُكَ، مَعْنَاهُ: أَحَقٌّ هُوَ أَمْ كَذِبٌ، وَأَنَّ
قَوْلَكَ أَحَقٌّ أَنَّكَ تَنْطِقُ مَعْنَاهُ لِلِاسْتِثْبَاتِ
لَا لِغَيْرِهِ، فَأُدْخِلَتْ «أَنَّ» لَيُفْرَقَ بِهَا بَيْنَ
الْمَعْنَيَيْنِ قَالَ: فَهَذَا أَعْجَبُ الْوَجْهَيْنِ
إِلَيَّ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ:
{مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ} [الذاريات: 23] فَقَرَأَ ذَلِكَ
عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ {مِثْلَ مَا}
[الذاريات: 23] نَصْبًا بِمَعْنَى: إِنَّهُ لَحَقٌّ حَقًّا
يَقِينًا كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوهَا إِلَى مَذْهَبِ الْمَصْدَرِ
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبُهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ
الْعَرَبَ تَنْصِبُهَا إِذَا رَفَعَتْ بِهَا الِاسْمَ،
فَتَقُولُ: مِثْلُ مَنْ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ
مِثْلُكَ، وَأَنْتَ مِثْلُهُ، وَمِثْلُهُ رَفْعًا وَنَصْبًا
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصَبَهَا عَلَى مَذْهَبِ
الْمَصْدَرِ، إِنَّهُ لَحَقٌّ كَنُطْقِكُمْ وَقَرَأَ ذَلِكَ
عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
رَفْعًا (مِثْلُ مَا أَنَّكُمْ)
(21/524)
عَلَى وَجْهِ النَّعْتِ لِلْحَقِّ
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا
قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ،
مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ
الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
(21/525)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا
قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ
فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 25] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يُخْبِرُهُ أَنَّهُ مُحِلٌّ بِمَنْ تَمَادَى فِي
غَيِّهِ، وَأَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ، فَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ مِنْ
كُفَّارِ قَوْمِهِ، مَا أَحَلَّ بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ
الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَمُذَكِّرًا قَوْمَهُ مِنْ قُرَيْشٍ
بِإِخْبَارِهِ إِيَّاهُمْ أَخْبَارَهُمْ وَقِصَصَهُمْ، وَمَا
فَعَلَ بِهِمْ، هَلْ أَتَاكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ ضَيْفِ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ الْمُكْرَمِينَ
(21/525)
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {الْمُكْرَمِينَ} [يس:
27] أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَارَّةُ
خَدَمَاهُمْ بِأَنْفُسِهِمَا وَقِيلَ: إِنَّمَا قِيلَ
{الْمُكْرَمِينَ} [يس: 27]
(21/525)
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات:
24] قَالَ: «أَكْرَمُهُمْ إِبْرَاهِيمُ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ
لَهُمْ بِالْعِجْلِ حِينَئِذٍ»
(21/525)
وَقَوْلُهُ: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ}
[الحجر: 52] يَقُولُ: حِينَ دَخَلَ ضَيْفُ إِبْرَاهِيمَ
عَلَيْهِ، [ص:526] فَقَالُوا لَهُ سَلَامًا: أَيْ أَسْلِمُوا
إِسْلَامًا قَالَ: سَلَامٌ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي
قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ قَالَ: {سَلَامٌ} [الأنعام: 54]
بِالْأَلِفِ بِمَعْنَى قَالَ: إِبْرَاهِيمُ لَهُمْ سَلَامٌ
عَلَيْكُمْ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ
(سِلْمٌ) بِغَيْرِ أَلِفٍ، بِمَعْنَى قَالَ: أَنْتُمْ سَلْمٌ
(21/525)
وَقَوْلُهُ: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الحجر:
62] يَقُولُ: قَوْمٌ لَا نَعْرِفُكُمْ، وَرَفَعَ {قَوْمٌ
مُنْكَرُونَ} [الحجر: 62] بِإِضْمَارِ أَنْتُمْ
(21/526)
وَقَوْلُهُ: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ}
[الذاريات: 26] يَقُولُ: عَدَلَ إِلَى أَهْلِهِ وَرَجَعَ
وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: الرَّوْغُ وَإِنْ كَانَ عَلَى
هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يُنْطَقُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ
صَاحِبُهُ مُخْفِيًا ذَهَابَهُ أَوْ مَجِيئَهُ، وَقَالَ: أَلَا
تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ قَدْ رَاغَ أَهْلُ مَكَّةَ وَأَنْتَ
تُرِيدُ رَجَعُوا أَوْ صَدَرُوا، فَلَوْ أَخْفَى رَاجَعَ
رُجُوعَهُ حَسُنَتْ فِيهِ رَاغَ وَيَرُوغُ
(21/526)
وَقَوْلُهُ: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}
[الذاريات: 26] يَقُولُ: فَجَاءَ ضَيْفَهُ بِعِجْلٍ سَمِينٍ
قَدْ أَنْضَجَهُ شَيْئًا
(21/526)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {فَرَاغَ
إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 26]
قَالَ: «كَانَ عَامَّةُ مَالِ نَبِيِّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ
عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَقَرَ»
(21/526)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ
بِغُلَامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
فَصَكَّتْ
(21/526)
وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}
[الذاريات: 28] وَقَوْلُهُ: {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ
أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: 27] وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ
اسْتُغْنِيَ بِدِلَالَةِ الظَّاهِرِ عَلَيْهِ مِنْهُ وَهُوَ
فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ، فَأَمْسَكُوا عَنْ أَكْلِهِ، فَقَالَ:
أَلَا تَأْكُلُونَ؟ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ، يَقُولُ: فَأَوْجَسَ
فِي نَفْسِهِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ضَيْفِهِ خِيفَةً
وَأَضْمَرَهَا {قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ
عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] يَعْنِي: بِإِسْحَاقَ، وَقَالَ:
عَلِيمٌ بِمَعْنَى عَالِمٌ إِذَا كَبِرَ، وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ
أَنَّ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ كَانَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ
لِلْعِلْمِ مُنْتَظَرًا قِيلَ: إِنَّهُ لَعَالِمٌ عَنْ قَلِيلٍ
وَغَايَةٍ، وَفِي السَّيِّدِ سَائِدٌ، وَالْكَرِيمُ كَارِمٌ
قَالَ: وَالَّذِي قَالَ حَسَنٌ قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا كَلَامٌ
عَرَبِيُّ حَسَنٌ قَدْ قَالَهُ اللَّهُ فِي عَلِيمٍ وَحَكِيمٍ
وَمَيْتٍ
(21/527)
وَرُوِي عَنْ مُجَاهِدِ فِي قَوْلِهِ:
{بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الحجر: 53] مَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى،
وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا
وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الحجر: 53]
قَالَ: «إِسْمَاعِيلُ» وَإِنَّمَا قُلْتُ: عَنَى بِهِ
إِسْحَاقَ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ كَانَتْ بِالْوَلَدِ مِنْ
سَارَّةَ، وَإِسْمَاعِيلُ لِهَاجَرَ لَا لِسَارَّةَ
(21/527)
قَوْلُهُ: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي
صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] يَعْنِي: سَارَّةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
إِقْبَالُ نُقْلَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، وَلَا
تَحَوُّلٌ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَإِنَّمَا هُوَ
كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَقْبَلَ يَشْتُمُنِي، بِمَعْنَى: أَخَذَ
فِي شَتْمِي وَقَوْلُهُ: {فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29]
يَعْنِي: فِي صَيْحَةٍ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ
قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/528)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فِي صَرَّةٍ}
[الذاريات: 29] يَقُولُ: «فِي صَيْحَةٍ»
(21/528)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَأَقْبَلَتِ
امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29]
" يَعْنِي بِالصَّرَّةِ: الصَّيْحَةَ "
(21/528)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {فِي
صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] قَالَ: «صَيْحَةٍ»
(21/528)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ:
{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] :
«أَيْ أَقْبَلَتْ فِي رَنَّةٍ»
(21/528)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] قَالَ: «أَقْبَلَتْ
تَرِنُّ»
(21/529)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ
الْكَرِيمِ الْيَامِيِّ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، قَوْلَهُ:
{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] قَالَ:
«فِي صَيْحَةٍ»
(21/529)
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] قَالَ:
" الصَّرَّةُ: الصَّيْحَةُ "
(21/529)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فِي صَرَّةٍ}
[الذاريات: 29] يَعْنِي: " صَيْحَةٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ:
إِنَّ تِلْكَ الصَّيْحَةَ أَوَّهْ مَقْصُورَةُ الْأَلِفِ "
(21/529)
وَقَوْلُهُ: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا}
[الذاريات: 29] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى
صَكِّهَا، وَالْمَوْضِعِ الَّذِي ضَرَبَتْهُ مِنْ وَجْهِهَا،
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى صَكِّهَا وَجْهَهَا: لَطْمِهَا
إِيَّاهُ
(21/529)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَصَكَّتْ
وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] يَقُولُ: «لَطَمَتْ» وَقَالَ
آخَرُونَ: بَلْ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا جَبْهَتَهَا تَعَجُّبًا
(21/529)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ
قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: " لَمَّا
بِشَّرَ جِبْرِيلُ سَارَّةَ بِإِسْحَاقَ، وَمِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ، ضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا عَجَبًا، فَذَلِكَ
قَوْلُهُ: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] "
(21/530)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] قَالَ:
«جَبْهَتَهَا»
(21/530)
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ
الْكَرِيمِ الْيَامِيِّ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، قَوْلَهُ:
{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] قَالَ: «قَالَتْ
هَكَذَا» . وَضَرَبَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ
(21/530)
قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ،
{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] «وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى
جَبْهَتِهَا تَعَجُّبًا» وَالصَّكُّ عِنْدَ الْعَرَبِ: هُوَ
الضَّرْبُ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ صَكَّهَا وَجْهَهَا، أَنْ
جَمَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَضَرَبْتُ بِهَا جَبْهَتَهَا
(21/530)
{وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات:
29] يَقُولُ: وَقَالَتْ: أَتَلِدُ وَحُذِفَتْ أَتَلِدُ
لِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَبِضَمِيرِ أَتَلِدُ
رُفِعَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، وَعَنَى بِالْعَقِيمِ: الَّتِي لَا
تَلِدُ
(21/530)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ
الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ:
ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُشَاشٍ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ،
يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات: 29]
قَالَ: «لَا تَلِدُ»
(21/531)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
خُرَاسَانَ مِنَ الْأَزْدِ، يُكْنَى أَبَا سَاسَانَ قَالَ:
سَأَلْتُ الضَّحَّاكَ، عَنْ قَوْلِهِ: {عَقِيمٌ} [الحج: 55]
قَالَ: «الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ»
(21/531)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ
الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ} [الذاريات: 31] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ
مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ لِزَوْجَتِهِ إِذْ
قَالَتْ لَهُمْ، وَقَدْ بَشَّرُوهَا بِغُلَامٍ عَلِيمٍ:
أَتَلِدُ عَجُوزٌ عَقِيمٌ {قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ}
[الذاريات: 30] يَقُولُ: هَكَذَا قَالَ رَبُّكِ: أَيْ كَمَا
أَخْبَرْنَاكِ وَقُلْنَا لَكِ: {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ
الْعَلِيمُ} [الذاريات: 30] وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ:
«إِنَّهُ» مِنْ ذِكْرِ الرَّبِّ، هُوَ الْحَكِيمُ فِي
تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، الْعَلِيمُ بِمَصَالِحِهِمْ، وَبِمَا
كَانَ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ
(21/531)
وَقَوْلُهُ: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ
أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ} [الحجر: 57] يَقُولُ: قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِضَيْفِهِ: فَمَا شَأْنُكُمْ أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ} [الحجر: 58] قَدْ أَجْرَمُوا لِكُفْرِهِمْ
بِاللَّهِ
(21/531)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ
مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ [ص:532] لِلْمُسْرِفِينَ
فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
[الذاريات: 34] {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ}
[الذاريات: 33] يَقُولُ: لِنُمْطِرَ عَلَيْهِمْ مِنَ
السَّمَاءِ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ {مُسَوَّمَةً} [هود: 83]
يَعْنِي: مُعَلَّمَةً
(21/531)
كَمَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ
قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {مُسَوَّمَةً
عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} [الذاريات: 34] قَالَ: "
الْمُسَوَّمَةُ: الْحِجَارَةُ الْمَخْتُومَةُ، يَكُونُ
الْحَجَرُ أَبْيَضَ فِيهِ نُقْطَةٌ سَوْدَاءُ، أَوْ يَكُونُ
الْحَجَرُ أَسْوَدَ فِيهِ نُقْطَةٌ بَيْضَاءُ " فَذَلِكَ
تَسْوِيمُهَا عِنْدَ رَبِّكَ يَا إِبْرَاهِيمُ
لِلْمُسْرِفِينَ، يَعْنِي لِلْمُتَعَدِّينَ حُدُودَ اللَّهِ،
الْكَافِرِينَ بِهِ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ
(21/532)
{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 35] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِي قَرْيَةِ سَدُومَ، قَرْيَةِ
قَوْمِ لُوطٍ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَهُمْ لُوطٌ
وَابْنَتَاهُ، وَكَنَى عَنِ الْقَرْيَةِ بِقَوْلِهِ: {مَنْ
كَانَ فِيهَا} [الذاريات: 35] وَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذَلِكَ
قَبْلَ ذَلِكَ
(21/532)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ
يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذاريات: 37] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا وَجَدْنَا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ
الَّتِي أَخْرَجْنَا مِنْهَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ
بَيْتُ لُوطٍ
(21/532)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {فَمَا
وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[الذاريات: 36] قَالَ: «لَوْ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ
ذَلِكَ لَأَنْجَاهُمُ اللَّهُ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ [ص:533]
الْإِيمَانَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْفُوظٌ لَا ضَيْعَةَ عَلَى
أَهْلِهِ»
(21/532)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ {فَمَا وَجَدْنَا
فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36]
قَالَ: «هَؤُلَاءِ قَوْمُ لُوطٍ لَمْ يَجِدُوا فِيهَا غَيْرَ
لُوطٍ»
(21/533)
حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْفٍ قَالَ: ثَنَا
الْمُعْتَمِرُ قَالَ: ثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: ثَنَا أَبُو
الْمُثَنَّى، وَمُسْلِمٌ أَبُو الْحِيَلِ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ
اللَّهُ: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 36] " لُوطًا وَابْنَتَيْهِ قَالَ:
فَحَلَّ بِهِمُ الْعَذَابُ قَالَ اللَّهُ ": {وَتَرَكْنَا
فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}
[الذاريات: 37]
(21/533)
وَقَوْلُهُ: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً
لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الذاريات: 37]
يَقُولُ: وَتَرَكْنَا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي
أَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةً،
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً}
[الذاريات: 37] وَالْمَعْنَى: وَتَرَكْنَاهَا آيَةً لِأَنَّهَا
الَّتِي ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا، فَهِيَ الْآيَةُ، وَذَلِكَ
كَقَوْلِ الْقَائِلِ: تَرَى فِي هَذَا الشَّيْءِ عِبْرَةً
وَآيَةً؛ وَمَعْنَاهَا: هَذَا الشَّيْءُ آيَةٌ وَعِبْرَةٌ،
كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ
وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] وَهُمْ كَانُوا
الْآيَاتِ وَفِعْلُهُمْ، وَيَعْنِي بِالْآيَةِ: الْعِظَةَ
وَالْعِبْرَةَ، لِلَّذِينَ يَخَافُونَ عَذَابَ اللَّهِ
الْأَلِيمَ فِي الْآخِرَةِ
(21/533)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَفِي مُوسَى إِذَ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ
[ص:534] بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ
سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: 39] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ؛ وَفِي مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ
إِلَى فِرْعَوْنَ بِحُجَّةٍ تَبِينُ لِمَنْ رَآهَا أَنَّهَا
حُجَّةٌ لِمُوسَى عَلَى حَقِيقَةِ مَا يَقُولُ وَيَدْعُو
إِلَيْهِ
(21/533)
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ:
{إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الذاريات: 38]
يَقُولُ: «بِعُذْرٍ مُبِينٍ»
(21/534)
وَقَوْلُهُ: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ}
[الذاريات: 39] يَقُولُ: فَأَدْبَرَ فِرْعَوْنُ كَمَا
أَرْسَلْنَا إِلَيْهِ مُوسَى بِقَوْمِهِ مِنْ جُنْدِهِ
وَأَصْحَابِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ قَائِلِيهِ
فِيهِ
(21/534)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَتَوَلَّى
بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39] يَقُولُ «لِقَوْمِهِ، أَوْ
بِقَوْمِهِ، أَنَا أَشُكُّ»
(21/534)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39] قَالَ:
«بِعَضُدِهِ وَأَصْحَابِهِ»
(21/534)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39] «غَلَبَ
عَدُوُّ اللَّهِ عَلَى قَوْمِهِ»
(21/535)
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39]
قَالَ: «بِجُمُوعِهِ الَّتِي مَعَهُ» ، وَقَرَأَ {لَوْ أَنَّ
لِيَ بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:
80] قَالَ: «إِلَى قُوَّةٍ مِنَ النَّاسِ إِلَى رُكْنٍ
أُجَاهِدُكُمْ بِهِ» ؛ قَالَ: «وَفِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ
وَمَنْ مَعَهُ رُكْنُهُ» ؛ قَالَ: «وَمَا كَانَ مَعَ لُوطٍ
مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ» ؛ قَالَ: «وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ أَنْ
يُنْكِحَهُمْ بَنَاتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْهُمْ
عَضُدٌ يُعِينُهُ، أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ» ، وَقَرَأَ
{هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78] قَالَ:
«يُرِيدُ النِّكَاحَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ» ، وَقَرَأَ قَوْلَ
اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي
بَنَاتِكِ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود:
79] " أَصْلُ الرُّكْنِ: الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ الَّتِي
يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَيُقْوَى بِهَا "
(21/535)
وَقَوْلُهُ: {وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ
مَجْنُونٌ} [الذاريات: 39] يَقُولُ: وَقَالَ لِمُوسَى: هُوَ
سَاحِرٌ يَسْحَرُ عُيُونَ النَّاسِ، أَوْ مَجْنُونٌ، بِهِ
جُنَّةٌ وَكَانَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى يَقُولُ: «أَوْ»
فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي
لِلْمُوَالَاةِ، لِأَنَّهُمْ قَدْ قَالُوهُمَا جَمِيعًا لَهُ،
وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ [ص:536] بَيْتَ جَرِيرٍ الْخَطَفَى:
أَثَعْلَبَةَ الْفَوَارِسَ أَوْ رِيَاحًا ... عَدَلْتَ بِهِمْ
طُهَيَّةَ وَالْخِشَابَا
(21/535)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي
الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: فَأَخَذْنَا فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ بِالْغَضَبِ
مِنَّا وَالْأَسَفِ {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [القصص:
40] يَقُولُ فَأَلْقَيْنَاهُمْ فِي الْبَحْرِ،
فَغَرَّقْنَاهُمْ فِيهِ {وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142]
يَقُولُ: وَفِرْعَوْنُ مُلِيمٌ، وَالْمُلِيمُ: هُوَ الَّذِي
قَدْ أَتَى مَا يُلَامُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِعْلِ
(21/536)
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا:
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ،
عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40]
«أَيْ مُلِيمٌ فِي نِعْمَةِ اللَّهِ»
(21/536)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40] قَالَ: «مُلِيمٌ
فِي عِبَادِ اللَّهِ» وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ
عَبْدِ اللَّهِ «فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُ»
(21/536)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا
جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42][ص:537] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَفِي عَادٍ} [الذاريات: 41] أَيْضًا،
وَمَا فَعَلْنَا بِهِمْ لَهُمْ آيَةٌ وَعِبْرَةٌ {إِذْ
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41]
يَعْنِي بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ: الَّتِي لَا تُلْقِحُ
الشَّجَرَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/536)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "
الرِّيحُ الْعَقِيمُ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي لَا
تُلْقِحُ شَيْئًا "
(21/537)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي، ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {الرِّيحُ الْعَقِيمُ}
[الذاريات: 41] قَالَ: «لَا تُلْقِحُ الشَّجَرَ، وَلَا تُثِيرُ
السَّحَابَ»
(21/537)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، هَذَا
الرِّيحُ الْعَقِيمُ قَالَ: «لَيْسَ فِيهَا رَحْمَةٌ وَلَا
نَبَاتٌ، وَلَا تُلْقِحُ نَبَاتًا»
(21/537)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
سُلَيْمَانُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
شاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
{الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] قَالَ: «لَا [ص:538]
تُلْقِحُ»
(21/537)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا
هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ
مِنَ الْأَزْدِ، وَيُكْنَى أَبَا سَاسَانَ قَالَ: سَأَلْتُ
الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {الرِّيحَ
الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] قَالَ: «الرِّيحُ الَّتِي لَيْسَ
فِيهَا بَرَكَةٌ وَلَا تُلْقِحُ الشَّجَرَ»
(21/538)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْهِلَالِيُّ قَالَ: ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ قَالَ:
ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ
يَقُولُ: {الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] «الْجَنُوبَ»
(21/538)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ:
ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ،
عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: "
الْعَقِيمَ: يَعْنِي: الْجَنُوبَ "
(21/538)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَفِي عَادٍ
إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات:
41] «إِنَّ مِنَ الرِّيحِ عَقِيمًا وَعَذَابًا حِينَ تُرْسَلُ
لَا تُلْقِحُ شَيْئًا، وَمِنَ الرِّيحِ رَحْمَةٌ يُثِيرُ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا السَّحَابَ، وَيُنَزِّلُ
بِهَا الْغَيْثَ» وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا
وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ» حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ:
ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِهِ
(21/539)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] قَالَ:
«الرِّيحُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ»
(21/539)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {الرِّيحَ
الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] «الَّتِي لَا تُلْقِحُ شَيْئًا»
(21/539)
حَدَّثَنِي ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ {الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
[الذاريات: 41] «الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا»
(21/539)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَفِي
عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
[الذاريات: 41] قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
يُرْسِلُ الرِّيحَ بُشْرًا [ص:540] بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ،
فَيُحْيِي بِهِ الْأَصْلَ وَالشَّجَرَ، وَهَذِهِ لَا تُلْقِحُ
وَلَا تُحْيِي، هِيَ عَقِيمٌ لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ
شَيْءٌ، إِنَّمَا هِيَ عَذَابٌ لَا تُلْقِحُ شَيْئًا، وَهَذَا
تُلْقِحُ» ، وَقَرَأَ {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}
[الحجر: 22]
(21/539)
وَقَوْلُهُ: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ
أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات:
42] وَالرَّمِيمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: مَا يَبِسَ مِنْ
نَبَاتِ الْأَرْضِ وَدِيسَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/540)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَإِنِ
اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ بِالْعِبَارَةِ عَنْهُ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي
قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَوْلَهُ: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا
جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] قَالَ: «كَالشَّيْءِ
الْهَالِكِ»
(21/540)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] قَالَ: «كَالشَّيْءِ
الْهَالِكِ»
(21/540)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {كَالرَّمِيمِ}
[الذاريات: 42] «رَمِيمِ [ص:541] الشَّجَرِ»
(21/540)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42]
قَالَ: «كَرَمِيمِ الشَّجَرِ»
(21/541)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا
حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الذاريات: 44] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي ثَمُودَ أَيْضًا لَهُمْ عِبْرَةٌ
وَمُتَّعَظٌ، إِذْ قَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ، يَقُولُ:
فَتَكَبَّرُوا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَعَلَوُا اسْتِكْبَارًا
عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ
(21/541)
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو
قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلَهُ: {فَعَتَوْا} [الذاريات: 44] قَالَ: «عَلَوْا»
(21/541)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الذاريات: 44] قَالَ ":
الْعَاتِي: الْعَاصِي التَّارِكُ لِأَمْرِ اللَّهِ "
(21/541)
وَقَوْلُهُ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}
[النساء: 153] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَأَخَذَتْهُمْ
صَاعِقَةُ [ص:542] الْعَذَابِ فَجْأَةً وَبِنَحْوِ الَّذِي
قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/541)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الذاريات: 44] «وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ،
وَذَلِكَ أَنَّ ثَمُودَ وُعِدَتِ الْعَذَابَ قَبْلَ نُزُولِهِ
بِهِمْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجُعِلَ لِنُزُولِهِ عَلَيْهِمْ
عَلَامَاتٌ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ، فَظَهَرَتِ الْعَلَامَاتُ
الَّتِي جُعِلَتْ لَهُمُ الدَّالَّةُ عَلَى نُزُولِهَا فِي
تِلْكَ الْأَيَّامِ، فَأَصْبَحُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ
مُوقِنِينَ بِأَنَّ الْعَذَابَ بِهِمْ نَازِلٌ، يَنْتَظِرُونَ
حُلُولَهُ بِهِمْ» وَقَرَأَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ خَلَا
الْكِسَائِيَّ {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} [الذاريات: 44]
بِالْأَلِفِ وَرُوِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ (فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّعْقَةُ) بِغَيْرِ أَلِفٍ
(21/542)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّعْقَةُ)
[ص:543] وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ , وَبِالْأَلِفِ
نَقْرَأُ الصَّاعِقَةَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ
الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا
(21/542)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا
مُنْتَصِرِينَ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا
قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الذاريات: 46] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ دِفَاعٍ لِمَا نَزَلَ
بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَلَا قَدَرُوا عَلَى نُهُوضٍ
بِهِ
(21/543)
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ:
{فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ} [الذاريات: 45] يَقُولُ:
«مَا اسْتَطَاعَ الْقَوْمُ نُهُوضًا لِعُقُوبَةِ اللَّهِ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى»
(21/543)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {فَمَا
اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ} [الذاريات: 45] قَالَ: «مِنْ
نُهُوضٍ» وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ:
مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ}
[الذاريات: 45] فَمَا قَامُوا بِهَا قَالَ: لَوْ كَانَتْ فَمَا
اسْتَطَاعُوا مِنْ إِقَامَةٍ، لَكَانَ صَوَابًا، وَطُرِحَ
الْأَلِفُ مِنْهَا كَقَوْلِهِ: {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
نَبَاتًا} [نوح: 17]
(21/543)
وَقَوْلُهُ: {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ}
[الذاريات: 45] يَقُولُ: وَمَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ
[ص:544] يَسْتَقِيدُوا مِمَّنْ أَحَلَّ بِهِمُ الْعُقُوبَةَ
الَّتِي حَلَّتْ بِهِمْ
(21/543)
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي تَأْوِيلِ
ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ:
ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ}
[الذاريات: 45] قَالَ: «مَا كَانَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ قُوَّةٍ
يَمْتَنِعُونَ بِهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
(21/544)
وَقَوْلُهُ: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الذاريات: 46]
اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَقَوْمَ
نُوحٍ} [الفرقان: 37] نَصْبًا وَلِنَصْبِ ذَلِكَ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ عَطْفًا عَلَى الْهَاءِ
وَالْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}
[النساء: 153] إِذْ كَانَ كُلُّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ تُسَمِّيهِ
الْعَرَبُ صَاعِقَةً، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ:
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَخَذَتْ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ
قَبْلُ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِمَعْنَى
الْكَلَامِ، إِذْ كَانَ فِيمَا مَضَى مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ
قَبْلُ دِلَالَةٌ عَلَى الْمُرَادِ مِنَ الْكَلَامِ، وَأَنَّ
مَعْنَاهُ: أَهْلَكْنَا هَذِهِ الْأُمَمَ، وَأَهْلَكْنَا
قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يُضْمَرَ لَهُ
فِعْلًا نَاصِبًا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَاذْكُرْ
لَهُمْ قَوْمَ نُوحٍ، كَمَا قَالَ: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ} [العنكبوت: 16] وَنَحْوُ ذَلِكَ، بِمَعْنَى
أَخْبِرْهُمْ وَاذْكُرْ لَهُمْ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ
(21/544)
قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ
(وَقَوْمِ نُوحٍ) بِخَفْضِ الْقَوْمِ عَلَى مَعْنَى: وَفِي
قَوْمِ نُوحٍ عَطْفًا بِالْقَوْمِ عَلَى مُوسَى فِي قَوْلِهِ:
{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ}
[الذاريات: 38] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ
أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَةِ
الْأَمْصَارِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ،
وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ خَفْضًا وَفِي
قَوْمِ نُوحٍ لَهُمْ أَيْضًا عِبْرَةٌ، إِذْ أَهْلَكْنَاهُمْ
مِنْ قَبْلِ ثَمُودَ لَمَّا كَذَبُوا رَسُولَنَا نُوحًا
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [النمل: 12] يَقُولُ:
إِنَّهُمْ كَانُوا مُخَالِفِينَ أَمْرَ اللَّهِ، خَارِجَيْنِ
عَنْ طَاعَتِهِ
(21/545)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا
لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ
الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: 48] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
وَالسَّمَاءَ رَفَعْنَاهَا سُقُفًا بِقُوَّةٍ وَبِنَحْوِ
الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/545)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَالسَّمَاءَ
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] يَقُولُ: «بِقُوَّةٍ»
(21/545)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، [ص:546]
قَوْلَهُ: {بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ: «بِقُوَّةٍ»
(21/545)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {وَالسَّمَاءَ
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] «أَيْ بِقُوَّةٍ»
(21/546)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
مَنْصُورٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَالسَّمَاءَ
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ: «بِقُوَّةٍ»
(21/546)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ:
«بِقُوَّةٍ»
(21/546)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا
بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] قَالَ: «بِقُوَّةٍ»
(21/546)
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}
[الذاريات: 47] يَقُولُ: لَذُو سَعَةٍ بِخَلْقِهَا وَخَلْقِ
مَا شِئْنَا أَنْ نَخْلُقَهُ وَقُدْرَةٍ عَلَيْهِ وَمِنْهُ
قَوْلُهُ: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ
قَدَرُهُ} [البقرة: 236] يُرَادُ بِهِ الْقَوِيَّ
(21/546)
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ مَا:
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ:
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}
[الذاريات: 47] قَالَ: «أَوْسَعَهَا [ص:547] جَلَّ جَلَالُهُ»
(21/546)
وَقَوْلُهُ: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا}
[الذاريات: 48] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالْأَرْضَ
جَعَلْنَاهَا فِرَاشًا لِلْخَلْقِ {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}
[الذاريات: 48] يَقُولُ: فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ لَهُمْ نَحْنُ
(21/547)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
لَعَلَّكُمْ تَذْكُرُونَ} [الذاريات: 49] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: وَخَلَقْنَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا
زَوْجَيْنِ، وَتَرَكَ خَلَقْنَا الْأُولَى اسْتِغْنَاءً
بِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى
{خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49] فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
عَنَى بِهِ: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا نَوْعَيْنِ
مُخْتَلِفَيْنِ كَالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ وَالْهُدَى
وَالضَّلَالَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ
(21/547)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ
قَالَ: ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ، فِي
قَوْلِهِ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}
[الذاريات: 49] قَالَ: «الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ،
وَالشَّقَاوَةَ وَالسَّعَادَةَ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالَةَ،
وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ،
وَالْإِنْسَ وَالْجِنَّ»
(21/547)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ
بْنُ مُعَاوِيَةَ [ص:548] الْفَزَارِيُّ قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ،
عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا
زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49] قَالَ: «الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ»
وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِالزَّوْجَيْنِ: الذِّكْرَ
وَالْأُنْثَى
(21/547)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ
زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا
زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49] قَالَ: «ذَكَرًا وَأُنْثَى، ذَاكَ
الزَّوْجَانِ» ، وَقَرَأَ {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}
[الأنبياء: 90] قَالَ: «امْرَأَتَهُ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ
فِي ذَلِكَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى، خَلَقَ لِكُلِّ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ ثَانِيًا
لَهُ مُخَالِفًا فِي مَعْنَاهُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
زَوْجٌ لِلْآخَرِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
وَإِنَّمَا نَبَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ
عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ خَلْقَهُ مِنْ
شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي شَأْنُهَا
فِعْلُ نَوْعٍ وَاحِدٍ دُونَ خِلَافِهِ، إِذْ كُلُّ مَا
صِفَتُهُ فِعْلُ نَوْعٍ وَاحِدٍ دُونَ مَا عَدَاهُ كَالنَّارِ
الَّتِي شَأْنُهَا التَّسْخِينُ، وَلَا تَصْلُحُ
لِلتَّبْرِيدِ، وَكَالثَّلْجِ الَّذِي شَأْنُهُ التَّبْرِيدُ،
وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّسْخِينِ، فَلَا
(21/548)
يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِالْكَمَالِ،
وَإِنَّمَا كَمَالُ الْمَدْحِ لِلْقَادِرِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ
مَا شَاءَ فِعْلَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ
وَالْمُتَّفِقَةِ
(21/549)
وَقَوْلُهُ: {لَعَلَّكُمْ تَذْكُرُونَ}
[الأنعام: 152] يَقُولُ: لِتَذْكُرُوا وَتَعْتَبِرُوا
بِذَلِكَ، فَتَعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ
أَنَّ رَبَّكُمُ الَّذِي يَسْتَوْجِبُ عَلَيْكُمُ الْعِبَادَةَ
هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ الشَّيْءِ وَخِلَافِهِ،
وَابْتِدَاعِ زَوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا مَا لَا
يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ
(21/549)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ
نَذِيرٌ مُبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ
إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 51] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاهْرُبُوا أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ
عِقَابِ اللَّهِ إِلَى رَحْمَتِهِ بِالْإِيمَانِ بِهِ،
وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ {إِنِّي لَكُمْ
مِنْهُ نَذِيرٌ} [الذاريات: 50] يَقُولُ: إِنِّي لَكُمْ مِنَ
اللَّهِ نَذِيرٌ أُنْذِرُكُمْ عِقَابَهُ، وَأُخَوِّفُكُمْ
عَذَابَهُ الَّذِي أَحَلَّهُ بِهَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّذِينَ
قَصَّ عَلَيْكُمْ قِصَصَهُمْ، وَالَّذِي هُوَ مُذِيقُهُمْ فِي
الْآخِرَةِ وَقَوْلُهُ: {مُبِينٌ} [البقرة: 168] يَقُولُ:
يُبَيِّنُ لَكُمْ نِذَارَتَهُ
(21/549)
وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الذاريات: 51] يَقُولُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: وَلَا تَجْعَلُوا أَيُّهَا النَّاسُ مَعَ
مَعْبُودِكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مَعْبُودًا آخَرَ سِوَاهُ،
فَإِنَّهُ لَا مَعْبُودَ تَصْلُحُ لَهُ الْعِبَادَةُ غَيْرُهُ
{إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50]
يَقُولُ: إِنِّي لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ نَذِيرٌ مِنْ
عِقَابِهِ عَلَى عِبَادَتِكُمْ إِلَهًا غَيْرَهُ، مُبِينٌ قَدْ
أَبَانَ لَكُمُ النِّذَارَةَ
(21/549)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا
بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53] يَقُولُ
تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَمَا كَذَّبَتْ قُرَيْشٌ نَبِيَّهَا
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ: هُوَ
شَاعِرٌ، أَوْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، كَذَلِكَ فَعَلَتِ
الْأُمَمُ الْمُكَذِّبَةُ رُسُلَهَا، الَّذِينَ أَحَلَّ
اللَّهُ بِهِمْ نِقْمَتَهُ، كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ،
وَفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، مَا أَتَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ
الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ قَبْلِهِمْ، يَعْنِي مِنْ قَبْلِ
قُرَيْشٍ قَوْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا: سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، كَمَا
قَالَتْ قُرَيْشٌ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(21/550)
وَقَوْلُهُ: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ
قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
أَأَوْصَى هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ
مِنَ الْحَقِّ أَوَائِلُهُمْ وَآبَاؤُهُمُ الْمَاضُونَ مِنْ
قَبْلِهِمْ، بِتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَبِلُوا ذَلِكَ عَنْهُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي
قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/550)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ
مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ
قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53] قَالَ: «أَوْصَى أُولَاهُمْ
أُخْرَاهُمْ بِالتَّكْذِيبِ»
(21/550)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ:
{أَتَوَاصَوْا بِهِ} [الذاريات: 53] «أَيْ كَانَ الْأَوَّلُ
قَدْ أَوْصَى الْآخِرَ بِالتَّكْذِيبِ»
(21/550)
وَقَوْلُهُ: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}
[الذاريات: 53] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا أَوْصَى
هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ آخِرَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ
قَوْمٌ مُتَعَدُّونَ طُغَاةٌ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، لَا
يَأْتَمِرُونَ لَأَمْرِهِ، وَلَا يَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ
عَنْهُ
(21/551)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
[الذاريات: 55] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَلَّ يَا
مُحَمَّدُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ
قُرَيْشٍ، يَقُولُ: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ
فِيهِمْ أَمْرُ اللَّهِ، يُقَالُ: وَلَّى فُلَانٌ عَنْ
فُلَانٍ: إِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ، كَمَا قَالَ
حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمٍ:
أَمَّا بَنُو عَبْسٍ فَإِنَّ هَجِينَهُمْ ... وَلَّى
فَوَارِسُهُ وَأَفْلَتَ أَعْوَرَا
وَالْأَعْوَرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الَّذِي عَوِرَ فَلَمْ
تُقْضَ حَاجَتُهُ، وَلَمْ يُصِبْ مَا طَلَبَ وَبِنَحْوِ
الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/551)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [الذاريات: 54]
قَالَ: «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ»
(21/551)
وَقَوْلُهُ: {فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}
[الذاريات: 54] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَمَا أَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ بِمَلُومٍ، [ص:552] لَا يَلُومُكَ رَبُّكَ عَلَى
تَفْرِيطٍ كَانَ مِنْكَ فِي الْإِنْذَارِ، فَقَدْ أَنْذَرْتَ،
وَبَلَّغْتَ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا
فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/551)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ:
ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ
قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ
بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54] قَالَ: «مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
(21/552)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54]
قَالَ: «قَدْ بَلَّغْتَ مَا أَرْسَلْنَاكَ بِهِ، فَلَسْتَ
بِمَلُومٍ» قَالَ: «وَكَيْفَ يَلُومُهُ، وَقَدْ أَدَّى مَا
أُمِرَ بِهِ»
(21/552)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54] " ذُكِرَ
لَنَا أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، اشْتَدَّ
عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَرَأَوْا أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَأَنَّ
الْعَذَابَ قَدْ حَضَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى
تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] "
(21/552)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: خَرَجَ عَلِيُّ مُعْتَجِرًا
بِبُرْدٍ، مُشْتَمِلًا بِخَمِيصَةٍ، فَقَالَ " لَمَّا نَزَلَتْ
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} [الذاريات: 54]
أَحْزَنَنَا ذَلِكَ وَقُلْنَا: أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ [ص:553] يَتَوَلَّى عَنَّا
حَتَّى نَزَلَ {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ
الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] "
(21/552)
وَقَوْلُهُ: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى
تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] يَقُولُ: وَعِظْ يَا
مُحَمَّدُ مَنْ أُرْسِلْتَ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعِظَةَ
تَنْفَعُ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ
(21/553)
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ:
ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ
الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] قَالَ: «وَعِظْهُمْ»
(21/553)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ
أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 57] اخْتَلَفَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَا خَلَقْتُ
السُّعَدَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِلَّا لِعِبَادَتِي،
وَالْأَشْقِيَاءَ مِنْهُمْ لِمَعْصِيَتِي
(21/553)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، {وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]
قَالَ: «مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الشَّقَاءِ
وَالسَّعَادَةِ» [ص:554] حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ:
ثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِنَحْوِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ
الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ قَالَ: ثنا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ
مُوْسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِمِثْلِهِ
(21/553)
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ
الْخَرَّازُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ قَالَ: ثَنَا ابْنُ
جُرَيْجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ: {وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
[الذاريات: 56] قَالَ: «جَبَلَهُمْ عَلَى الشَّقَاءِ
وَالسَّعَادَةِ»
(21/554)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] قَالَ:
«مَنْ خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى
ذَلِكَ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيُذْعِنُوا لِي بِالْعُبُودَةِ
(21/554)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]
«إِلَّا لِيُقِرُّوا بِالْعُبُودَةِ طَوْعًا وَكَرْهًا»
[ص:555] وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ
الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ: مَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِعِبَادَتِنَا،
وَالتَّذَلُّلِ لِأَمْرِنَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ
كَفَرُوا وَقَدْ خَلَقَهُمْ لِلتَّذَلُّلِ لَأَمْرِهِ؟ قِيلَ:
إِنَّهُمْ قَدْ تَذَلَّلُوا لِقَضَائِهِ الَّذِي قَضَاهُ
عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ قَضَاءَهُ جَارٍ عَلَيْهِمْ، لَا
يَقْدِرُونَ مِنَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ،
وَإِنَّمَا خَالَفَهُ مَنْ كَفَرَ بِهِ فِي الْعَمَلِ بِمَا
أَمَرَهُ بِهِ، فَأَمَّا التَّذَلُّلُ لِقَضَائِهِ فَإِنَّهُ
غَيْرُ مُمْتَنِعٍ مِنْهُ
(21/554)
وَقَوْلُهُ: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ
رِزْقٍ} [الذاريات: 57] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا
أُرِيدُ مِمَّنْ خَلَقْتُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ
رِزْقٍ يَرْزُقُونَهُ خَلْقِي
(21/555)
{وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}
[الذاريات: 57] يَقُولُ: وَمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ قُوتٍ
أَنْ يَقُوتُوهُمْ، وَمِنْ طَعَامٍ أَنْ يُطْعِمُوهُمْ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ
(21/555)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ:
ثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي
الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ
مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونَ} [الذاريات: 57]
قَالَ: «يُطْعِمُونَ أَنْفُسَهُمْ»
(21/555)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِينُ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ
ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} [الذاريات: 59]
(21/555)
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ
هُوَ الرَّزَّاقُ خَلْقَهُ، الْمُتَكَفِّلُ بِأَقْوَاتِهِمْ،
ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي
قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] فَقَرَأَتْهُ
عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ خَلَا يَحْيَى بْنَ وَثَّابٍ
وَالْأَعْمَشَ: {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]
رَفْعًا، بِمَعْنَى: ذُو الْقُوَّةِ الشَّدِيدُ، فَجَعَلُوا
الْمَتِينَ مِنْ نَعْتِ ذِي، وَوَجَّهُوهُ إِلَى وَصْفِ
اللَّهِ بِهِ وَقَرَأَهُ يَحْيَى وَالْأَعْمَشُ (الْمَتِينِ)
خَفْضًا، فَجَعَلَاهُ مِنْ نَعْتِ الْقُوَّةِ، وَإِنَّمَا
اسْتَجَازَ خَفْضَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ بِالْخَفْضِ،
وَيُصَيِّرُهُ مِنْ نَعْتِ الْقُوَّةِ، وَالْقُوَّةُ
مُؤَنَّثَةٌ، وَالْمَتِينُ فِي لَفْظِ مُذَكَّرٍ، لِأَنَّهُ
ذَهَبَ بِالْقُوَّةِ مِنْ قَوِي الْحَبْلِ وَالشَّيْءِ
الْمُبْرَمِ الْفَتْلِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَى هَذَا
الْمَذْهَبِ: ذُو الْحَبْلِ الْقَوِيِّ وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ
أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ أَنْشَدَهُ:
لِكُلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثْؤُبَا ... مِنْ رَيْطَةٍ
وَالْيُمْنَةَ الْمُعَصَّبَا
فَجَعَلَ الْمُعَصَّبَ نَعْتَ الْيُمْنَةِ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ
فِي اللَّفْظِ، لِأَنَّ الْيُمْنَةَ ضَرْبٌ وَصِنْفٌ مِنَ
الثِّيَابِ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَيْهِ وَالصَّوَابُ مِنَ
الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا {ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] رَفْعًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ صِفَةِ
اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ
الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ نَعْتِ
الْقُوَّةِ
(21/556)
لَكَانَ التَّأْنِيثُ بِهِ أَوْلَى، وَإِنْ
كَانَ لِلتَّذْكِيرِ وَجْهٌ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/557)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] يَقُولُ: «الشَّدِيدُ»
(21/557)
وَقَوْلُهُ: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا
ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونَ}
[الذاريات: 59] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِنَّ لِلَّذِينَ
أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ ذَنُوبًا،
وَهِيَ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ، وَهُوَ السَّجْلُ أَيْضًا
إِذَا مُلِئَتْ أَوْ قَارَبَتِ الْمِلْءَ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ
بِالذَّنُوبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الْحَظَّ وَالنَّصِيبَ؛
وَمِنْهُ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَدَةَ:
وَفِي كُلِّ قَوْمٍ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمَةٍ ... فَحُقَّ
لِشَأْسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ
أَيْ نَصِيبٌ، وَأَصْلُهُ مَا ذَكَرْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
الرَّاجِزِ:
لَنَا ذُنُوبٌ وَلَكُمْ ذُنُوبٌ ... فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلَنَا
الْقَلِيبُ
وَمَعْنَى الْكَلَامِ: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ
عَذَابِ اللَّهِ نَصِيبًا وَحَظًّا نَازِلًا بِهِمْ، مِثْلَ
نَصِيبِ أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ
الْأُمَمِ، عَلَى مِنْهَاجِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ، فَلَا
يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ [ص:558] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(21/557)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ،
عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَإِنَّ
لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا} [الذاريات: 59] يَقُولُ:
«دَلْوًا»
(21/558)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات:
59] قَالَ: «يَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا مِثْلَ
عَذَابِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونَ»
(21/558)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، {ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ
أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: 59] فَلَا يَسْتَعْجِلُونَ:
«سَجْلًا مِنَ الْعَذَابِ»
(21/558)
قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ
قَالَ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ سَرِيعَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي
قَوْلِهِ: {ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات:
59] قَالَ: «دَلْوًا مِثْلَ دَلْوِ أَصْحَابِهِمْ»
(21/558)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ:
ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
{ذَنُوبًا} [الذاريات: 59] قَالَ: «سَجْلًا»
(21/558)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {فَإِنَّ
لِلَّذِينَ ظَلَمُوا [ص:559] ذَنُوبًا} [الذاريات: 59]
«سَجْلًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ»
(21/558)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ:
ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
قَوْلَهُ: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ
ذُنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: 59] قَالَ: «عَذَابًا
مِثْلَ عَذَابِ أَصْحَابِهِمْ»
(21/559)
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ
أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: 59] قَالَ: يَقُولُ: «ذَنُوبًا مِنَ
الْعَذَابِ» قَالَ: «يَقُولُ لَهُمْ سَجْلٌ مِنْ عَذَابِ
اللَّهِ، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا بِأَصْحَابِهِمْ مِنْ
قَبْلِهِمْ، فَلَهُمْ عَذَابٌ مِثْلُ عَذَابِ أَصْحَابِهِمْ
فَلَا يَسْتَعْجِلُونَ»
(21/559)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، {ذَنُوبًا مِثْلَ ذُنُوبِ أَصْحَابِهِمْ}
[الذاريات: 59] قَالَ: «طَرَفًا مِنَ الْعَذَابِ»
(21/559)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ
الَّذِي يُوعَدُونَ} [الذاريات: 60] يَقُولُ تَعَالَى
ذِكْرُهُ: فَالْوَادِي السَّائِلُ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ
وَصَدِيدٍ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَجَحَدُوا
وَحْدَانِيَّتَهُ مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ فِيهِ
نُزُولَ عَذَابِ اللَّهِ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَاذَا
يَلْقَوْنَ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْجَهْدِ
(21/559)
|