حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي
قَوْلِ اللَّهِ: {أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ: «هِيَ
شَتَّى مُتَتَابِعَةٌ مُجْتَمِعَةٌ»
(24/629)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:
الْأَبَابِيلُ: «الْكَثِيرَةُ»
(24/629)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
قَالَ: [ص:630] الْأَبَابِيلُ: «الْكَثِيرَةُ»
(24/629)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {طَيْرًا
أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] يَقُولُ: «مُتَتَابِعَةً بَعْضُهَا
عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ»
(24/630)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ: " الْأَبَابِيلُ:
الْمُخْتَلِفَةُ، تَأْتِي مِنْ هَاهُنَا، وَتَأْتِي مِنْ
هَاهُنَا، أَتَتْهُمْ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ " وَذُكِرَ
أَنَّهَا كَانَتْ طَيْرًا أُخْرِجَتْ مِنَ الْبَحْرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ. ثُمَّ
اخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَتْ
بَيْضَاءَ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَتْ سَوْدَاءَ. وَقَالَ
آخَرُونَ: كَانَتْ خَضْرَاءَ، لَهَا خَرَاطِيمُ
كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ
(24/630)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ
عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
سِيرِينَ، فِي قَوْلِهِ: {طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3]
قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هِيَ طَيْرٌ، وَكَانَتْ
طَيْرًا لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ،
وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ» حَدَّثَنِي الْحَسَنُ
بْنُ خَلَفٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ وَرَوْحُ
بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ ابْنِ [ص:631] عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ
سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ
(24/630)
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا
هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
فِي قَوْلِهِ: {طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ:
كَانَتْ طَيْرًا خَرَجَتْ خُضْرًا، خَرَجَتْ مِنَ
الْبَحْرِ، لَهَا رُءُوسٌ كرُءُوسِ السِّبَاعِ "
(24/631)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ
عُمَيْرٍ، {طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ: «هِيَ
طَيْرٌ سُودٌ بَحْرِيَّةٌ، فِي مَنَاقِرِهَا
وَأَظْفَارِهَا الْحِجَارَةُ»
(24/631)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: {طَيْرًا
أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ: «سُودٌ بَحْرِيَّةٌ، فِي
أَظَافِيرِهَا وَمَنَاقِيرِهَا الْحِجَارَةُ»
(24/631)
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ خَارِجَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَهَا خَرَاطِيمُ
كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ»
(24/631)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ
الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي
قَوْلِهِ: {طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] قَالَ: طَيْرٌ
خُضْرٌ، لَهَا مَنَاقِيرُ صُفْرٌ، تَخْتَلِفُ عَلَيْهِمْ "
(24/632)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «طَيْرًا
سُودًا تَحْمِلُ الْحِجَارَةَ فِي أَظَافِيرِهَا
وَمَنَاقِيرِهَا»
(24/632)
وَقَوْلُهُ: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ
سِجِّيلٍ} [الفيل: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَرْمِي
هَذِهِ الطَّيْرُ الْأَبَابِيلُ الَّتِي أَرْسَلَهَا
اللَّهُ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيلِ، بِحِجَارَةٍ مِنْ
سِجِّيلِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى سِجِّيلٍ فِي مَوْضِعٍ
غَيْرِ هَذَا، غَيْرَ أَنَّا نَذْكُرُ بَعْضَ مَا قِيلَ
مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، مِنْ أَقْوَالِ مَنْ
لَمْ نَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
(24/632)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ
حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ
السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
{حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82] قَالَ: «طِينٌ فِي
حِجَارَةٍ»
(24/632)
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الذَّارِعُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا
سَعِيدٌ، عَنْ [ص:633] قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}
[الفيل: 4] قَالَ: «مِنْ طِينٍ»
(24/632)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ
السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
{حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82] قَالَ: «سَنْكِ
وَكِلْ»
(24/633)
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الذَّارِعُ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي
قَوْلِهِ: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}
[الفيل: 4] قَالَ: «مِنْ طِينٍ»
(24/633)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ
شَرْقِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ:
{تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 4]
قَالَ: «سِنْكِ وَكِلْ»
(24/633)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا
هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
قَالَ: " كَانَتْ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مَعَهَا، قَالَ:
فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ خَرَجَ بِهِ الْجُدَرِيُّ،
قَالَ: كَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ رُؤِيَ فِيهِ الْجُدَرِيُّ؛
قَالَ: لَمْ يُرَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا بَعْدَهُ
"
(24/633)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي
عَائِشَةَ، قَالَ: ذَكَرَ أَبُو الَكَنُودِ قَالَ: «دُونَ
الْحِمِّصَةِ وَفَوْقَ الْعَدَسَةِ»
(24/633)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ
أَبِي [ص:634] عَائِشَةَ، قَالَ: «كَانَتِ الْحِجَارَةُ
الَّتِي رَمَوْا بِهَا أَكْبَرَ مِنَ الْعَدَسَةِ
وَأَصْغَرَ مِنَ الْحِمِّصَةِ» قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ
الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُوسَى
بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عِمْرَانَ، مِثْلَهُ
(24/633)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " سِجِّيلٍ
بِالْفَارِسِيَّةِ: سَنْكِ وَكِلْ، حَجَرٌ وَطِينٌ "
(24/634)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَابِطٍ،
قَالَ: " هِيَ بِالْأَعْجَمِيَّةِ: سِنْكِ وَكِلْ "
(24/634)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " كَانَتْ
مَعَ كُلِّ طَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ: حَجَرَانِ فِي
رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ، فَجَعَلَتْ
تَرْمِيهِمْ بِهَا "
(24/634)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
{حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82] قَالَ: «هِيَ مِنْ
طِينٍ»
(24/634)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
قَالَ: " هِيَ طَيْرٌ بِيضُ، خَرَجَتْ مِنْ قِبَلِ
الْبَحْرِ، مَعَ كُلِّ طَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ:
حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ،
وَلَا يُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا هَشَمَهُ "
(24/634)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ
بْنِ [ص:635] يَعْقُوبَ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ
أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ «الطَّيْرَ الَّتِي رَمَتْ
بِالْحِجَارَةِ، كَانَتْ تَحْمِلُهَا بِأَفْوَاهِهَا،
ثُمَّ إِذَا أَلْقَتْهَا نَفِطَ لَهَا الْجِلْدُ» وَقَالَ
آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ
سَمَاءِ الدُّنْيَا
(24/634)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ
مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 4] قَالَ: " السَّمَاءِ
الدُّنْيَا، قَالَ: وَالسَّمَاءُ الدُّنْيَا اسْمُهَا
سِجِّيلٌ، وَهِيَ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ
عَلَى قَوْمِ لُوطٍ "
(24/635)
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي هِلَالٍ، أَنَّهُ " بَلَغَهُ أَنَّ الطَّيْرَ
الَّتِي رَمَتْ بِالْحِجَارَةِ، أَنَّهَا طَيْرٌ تَخْرُجُ
مِنَ الْبَحْرِ، وَأَنَّ سِجِّيلَ: السَّمَاءُ الدُّنْيَا
" وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ لَا
نَعْرِفُ لِصِحَّتِهِ وَجْهًا فِي خَبَرٍ وَلَا عَقْلٍ،
وَلَا لُغَةٍ، وَأَسْمَاءُ الْأَشْيَاءِ لَا تُدْرَكُ
إِلَّا مِنْ لُغَةِ سَائِرِةِ، أَوْ خَبَرٍ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَكَانَ السَّبَبُ الَّذِي مِنْ
أَجْلِهِ حَلَّتْ عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَصْحَابِ
الْفِيلِ، مَسِيرَ أَبْرَهَةَ الْحَبَشِيِّ بِجُنْدِهِ
مَعَهُ الْفِيلُ، إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ
لِتَخْرِيبِهِ. وَكَانَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ
فِيمَا:
(24/635)
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ:
" أَنَّ أَبْرَهَةَ بَنَى كَنِيسَةً بِصَنْعَاءَ، وَكَانَ
نَصْرَانِيًّا، فَسَمَّاهَا الْقُلَّيْسَ؛ لَمْ يُرَ
مِثْلُهَا فِي زَمَانِهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ؛
وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ [ص:636] مَلِكِ الْحَبَشَةِ:
إِنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كَنِيسَةً،
لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا لِمَلِكٍ كَانَ قَبْلَكَ، وَلَسْتُ
بِمُنْتَهٍ حَتَّى أَصْرِفَ إِلَيْهَا حَاجَّ الْعَرَبِ.
فَلَمَّا تَحَدَّثَتِ الْعَرَبُ بِكِتَابِ أَبْرَهَةَ
ذَلِكَ لِلنَّجَاشِيٍّ، غَضِبَ رَجُلٌ مِنَ النَّسَأَةِ
أَحَدُ بَنِي فُقَيْمٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي مَلِكٍ،
فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ، فَقَعَدَ فِيهَا،
ثُمَّ خَرَجَ فَلَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ أَبْرَهَةُ
بِذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا؟ فَقِيلَ: صَنَعَهُ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي تَحُجُّ
الْعَرَبُ إِلَيْهِ بِمَكَّةَ، لَمَّا سَمِعَ مِنَ
قَوْلِكَ: أَصْرِفُ إِلَيْهِ حَاجَّ الْعَرَبِ، فَغَضِبَ،
فَجَاءَ فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ
بِأَهْلٍ؛ فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ، وَحَلَفَ
لَيَسِيرَنَّ إِلَى الْبَيْتِ فَيَهْدِمَهُ، وَعِنْدَ
أَبْرَهَةَ رِجَالٌ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ قَدِمُوا عَلَيْهِ
يَلْتَمِسُونَ فَضْلَهُ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ
خُزَاعِيِّ بْنِ حُزَابَةَ الذَّكْوَانِيُّ، ثُمَّ
السُّلَمِيُّ، فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، مَعَهُ أَخٌ لَهُ
يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ خُزَاعِيِّ؛ فَبَيْنَمَا هُمْ
عِنْدَهُ، غَشِيَهُمْ عَبْدٌ لِأَبْرَهَةَ، فَبَعَثَ
إِلَيْهِمْ فِيهِ بِغِذَائِهِ، وَكَانَ يَأْكُلُ الْخُصَى؛
فَلَمَّا أَتَى الْقَوْمَ بِغِذَائِهِ، قَالُوا: وَاللَّهِ
لَئِنْ أَكَلْنَا هَذَا لَا تَزَالُ تَسُبُّنَا بِهِ
الْعَرَبُ مَا بَقِينَا، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ
خُزَاعِيٍّ، فَجَاءَ أَبْرَهَةَ فَقَالَ: أَيُّهَا
الْمَلِكُ، إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ لَنَا، لَا نَأْكُلُ
فِيهِ إِلَّا الْجُنُوبَ وَالْأَيْدِي، فَقَالَ لَهُ
أَبْرَهَةُ: فَسَنَبْعَثُ إِلَيْكُمْ مَا أَحْبَبْتُمْ،
فَإِنَّمَا أَكْرَمْتُكُمْ بِغِذَائِي، لِمَنْزِلَتِكُمْ
عِنْدِي. ثُمَّ إِنَّ أَبْرَهَةَ تَوَّجَ مُحَمَّدَ بْنَ
خُزَاعِيٍّ، وَأَمَّرَهُ عَلَى مُضَرَ، أَنْ يَسِيرَ فِي
النَّاسِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى حَجِّ الْقُلَّيْسِ،
كَنَيسَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا، فَسَارَ مُحَمَّدُ بْنُ
خُزَاعِيٍّ، حَتَّى إِذَا نَزَلَ بِبَعْضِ أَرْضِ بَنِي
كِنَانَةَ، وَقَدْ بَلَغَ أَهْلَ تِهَامَةَ أَمْرُهُ،
وَمَا جَاءَ لَهُ، بَعَثُوا إِلَيْهِ رَجُلًا مِنْ
هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ حِيَاضٍ
الْمِلَاصِيُّ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ؛ وَكَانَ
مَعَ [ص:637] مُحَمَّدِ بْنِ خُزَاعِيٍّ أَخُوهُ قَيْسُ
بْنُ خُزَاعِيٍّ، فَهَرَبَ حِينَ قُتِلَ أَخُوهُ، فَلَحِقَ
بِأَبْرَهَةَ فَأَخْبَرَهُ بِقَتْلِهِ، فَزَادَ ذَلِكَ
أَبْرَهَةَ غَضَبًا وَحِنْقًا، وَحَلَفَ لَيَغْزُوَنَّ
بَنِي كِنَانَةَ، وَلَيَهْدِمَنَّ الْبَيْتَ. ثُمَّ إِنَّ
أَبْرَهَةَ حِينَ أَجْمَعَ السَّيْرَ إِلَى الْبَيْتِ،
أَمَرَ الْحُبْشَانَ فَتَهَيَّأَتْ وَتَجَهَّزَتْ،
وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْفِيلِ، وَسَمِعَتِ الْعَرَبُ
بِذَلِكَ، فَأَعْظَمُوهُ، وَفَظِعُوا بِهِ، وَرَأَوْا
جِهَادَهُ حَقًّا عَلَيْهِمْ، حِينَ سَمِعُوا أَنَّهُ
يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ، بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ،
فَخَرَجَ رَجُلٌ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْيَمَنِ
وَمُلُوكِهِمْ، يُقَالُ لَهُ ذُو نَفْرٍ، فَدَعَا قَوْمَهُ
وَمَنْ أَجَابَهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ، إِلَى حَرْبِ
أَبْرَهَةَ، وَجِهَادِهِ عَنْ بَيْتِ اللَّهِ، وَمَا
يُرِيدُ مِنْ هَدْمِهِ وَإِخْرَابِهِ، فَأَجَابَهُ مَنْ
أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَعَرَضَ لَهُ، وَقَاتَلَهُ،
فَهُزِمَ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، وَأُخِذَ لَهُ ذُو
نَفْرٍ أَسِيرًا؛ فَلَمَّا أَرَادَ قَتْلَهُ، قَالَ ذُو
نَفْرٍ: أَيُّهَا الْمَلِكُ لَا تَقْتُلْنِي، فَإِنَّهُ
عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَائِي مَعَكَ خَيْرًا لَكَ مِنْ
قَتْلِي؛ فَتَرَكَهُ مِنَ الْقَتْلِ، وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ
فِي وَثَاقٍ. وَكَانَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا حَلِيمًا. ثُمَّ
مَضَى أَبْرَهَةُ عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ يُرِيدُ مَا
خَرَجَ لَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَرْضِ خَثْعَمَ،
عَرَضَ لَهُ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيُّ فِي
قَبِيلَيْ خَثْعَمَ: شَهْرَانِ، وَنَاهِسٍ، وَمَنْ مَعَهُ
مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَقَاتَلَهُ فَهَزَمَهُ
أَبْرَهَةُ، وَأُخِذَ لَهُ أَسِيرًا، فَأُتِيَ بِهِ؛
فَلَمَّا هَمَّ بِقَتْلِهِ، قَالَ لَهُ نُفَيْلٌ: أَيُّهَا
الْمَلِكُ لَا تَقْتُلْنِي، فَإِنِّي دَلِيلُكَ بِأَرْضِ
الْعَرَبِ، وَهَاتَانِ يَدَايَ لَكَ عَلَى قَبِيلَيْ
خَثْعَمَ شَهْرَانَ، وَنَاهِسٍ، بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ؛
فَأَعْفَاهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَخَرَجَ بِهِ [ص:638]
مَعَهُ، يَدُلُّهُ عَلَى الطَّرِيقِ؛ حَتَّى إِذَا مَرَّ
بِالطَّائِفِ، خَرَجَ إِلَيْهِ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ
فِي رِجَالِ ثَقِيفٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ،
إِنَّمَا نَحْنُ عُبَيْدُكَ، سَامِعُونَ لَكَ مُطِيعُونَ،
لَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا خِلَافٌ، وَلَيْسَ بَيْتُنَا هَذَا
بِالْبَيْتِ الَّذِي تُرِيدُ، يَعْنُونَ اللَّاتَ،
إِنَّمَا تُرِيدُ الْبَيْتَ الَّذِي بِمَكَّةَ، يَعْنُونَ
الْكَعْبَةَ، وَنَحْنُ نَبْعَثُ مَعَكَ مَنْ يَدُلُّكُ،
فَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ، وَبَعَثُوا مَعَهُمْ أَبَا رِغَالٍ؛
فَخَرَجَ أَبْرَهَةُ وَمَعَهُ أَبُو رِغَالٍ حَتَّى
أَنْزَلَهُ الْمُغَمِّسَ، فَلَمَّا أَنْزَلَهُ بِهِ مَاتَ
أَبُو رِغَالٍ هُنَاكَ، فَرَجَمَتِ الْعَرَبُ قَبْرَهُ،
فَهُوَ الْقَبْرُ الَّذِي تَرْجُمُ النَّاسُ
بِالْمُغَمِّسِ. وَلَمَّا نَزَلَ أَبْرَهَةُ الْمُغَمِّسَ،
بَعَثَ رَجُلًا مِنَ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهُ
الْأَسْوَدُ بْنُ مَقْصُودٍ، عَلَى خَيْلٍ لَهُ حَتَّى
انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ، فَسَاقَ إِلَيْهِ أَمْوَالَ
أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، وَأَصَابَ
فِيهَا مِائَتَيْ بَعِيرٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ
هَاشِمٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ كَبِيرُ قُرَيْشٍ
وَسَيِّدُهَا؛ وَهَمَّتْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَهُذَيْلٌ
وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ بِالْحَرَمِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ
بِقِتَالِهِ، ثُمَّ عَرَفُوا أَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ
بِهِ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ، وَبَعَثَ أَبْرَهَةُ حُنَاطَةَ
الْحِمْيَرِيَّ إِلَى مَكَّةَ، وَقَالَ لَهُ: سَلْ عَنْ
سَيِّدِ هَذَا الْبَلَدِ وَشَرِيفِهِمْ، ثُمَّ قُلْ لَهُ:
إِنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ آتِ
لِحَرْبِكُمْ، إِنَّمَا جِئْتُ لِهَدْمِ الْبَيْتِ، فَإِنْ
لَمْ تَعْرِضُوا دُونَهُ بِحَرْبٍ فَلَا حَاجَةَ لِي
بِدِمَائِكُمْ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ حَرْبِي فَأْتِنِي
بِهِ. فَلَمَّا دَخَلَ حُنَاطَةُ مَكَّةَ، سَأَلَ عَنْ
سَيِّدِ قُرَيْشٍ وَشَرِيفِهَا، فَقِيلَ: عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ
قُصَيٍّ، فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ
أَبْرَهَةُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: وَاللَّهِ
مَا نُرِيدُ حَرْبَهُ، وَمَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ طَاقَةٍ؛
هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، [ص:639] وَبَيْتُ
خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ كَمَا
قَالَ، فَإِنْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ،
وَإِنْ يُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَوَاللَّهِ مَا
عِنْدَنَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ عَنْهُ، أَوْ كَمَا قَالَ؛
فَقَالَ لَهُ حُنَاطَةُ: فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَلِكِ،
فَإِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِكَ. فَانْطَلَقَ
مَعَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَمَعَهُ بَعْضُ بَنِيهِ،
حَتَّى أَتَى الْعَسْكَرَ، فَسَأَلَ عَنْ ذِي نَفْرٍ،
وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا، فَدُلَّ عَلَيْهِ، فَجَاءَهُ
وَهُوَ فِي مَحْبَسِهِ، فَقَالَ: يَا ذَا نَفْرٍ، هَلْ
عِنْدَكَ غَنَاءٌ فِيمَا نَزَلَ بِنَا؟ فَقَالَ لَهُ ذُو
نَفْرٍ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا: وَمَا غَنَاءُ رَجُلٍ
أَسِيرٍ فِي يَدَيْ مَلِكٍ، يَنْتَظِرُ أَنْ يَقْتُلَهُ
غُدُوًّا أَوْ عَشِيًّا؟ مَا عِنْدِي غَنَاءٌ فِي شَيْءٍ
مِمَّا نَزَلَ بِكَ، إِلَّا أَنَّ أُنَيْسًا سَائِقَ
الْفِيلِ لِي صَدِيقٌ، فَسَأُرْسِلُ إِلَيْهِ، فَأُوصِيهِ
بِكَ، وَأُعْظِمُ عَلَيْهِ حَقَّكَ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ
يَسْتَأْذِنَ لَكَ عَلَى الْمَلِكِ، فَتُكَلِّمَهُ بِمَا
تُرِيدُ، وَيَشْفَعُ لَكَ عِنْدَهُ بِخَيْرٍ، إِنْ قَدَرَ
عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: حَسْبِي، فَبَعَثَ ذُو نَفْرٍ إِلَى
أُنَيْسٍ، فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: يَا أُنَيْسُ إِنَّ
عَبْدَ الْمُطَّلِبِ سَيِّدُ قُرَيْشٍ، وَصَاحِبُ عِيرِ
مَكَّةَ، يُطْعِمُ النَّاسَ بِالسَّهْلِ، وَالْوُحُوشَ فِي
رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَقَدْ أَصَابَ الْمَلِكُ لَهُ
مِائَتَيْ بَعِيرٍ، فَاسْتَأْذِنْ لَهُ عَلَيْهِ،
وَانْفَعْهُ عِنْدَهُ بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَقَالَ:
أَفْعَلُ. فَكَلَّمَ أُنَيْسٌ أَبْرَهَةَ، فَقَالَ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ، هَذَا سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِبَابِكَ،
يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، وَهُوَ صَاحِبُ عِيرِ مَكَّةَ،
يُطْعِمُ النَّاسَ بِالسَّهْلِ، وَالْوُحُوشَ فِي رُءُوسِ
الْجِبَالِ، فَأْذَنْ لَهُ عَلَيْكَ، فَلْيُكَلِّمْكَ
بِحَاجَتِهِ، وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ
أَبْرَهَةُ، وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ رَجُلًا عَظِيمًا
وَسِيمًا جَسِيمًا؛ فَلَمَّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أَجَلَّهُ
وَأَكْرَمَهُ أَنْ يَجْلِسَ تَحْتَهُ، وَكَرِهَ أَنْ
تَرَاهُ الْحَبَشَةُ يُجْلِسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِ
مُلْكِهِ، فَنَزَلَ أَبْرَهَةُ عَنْ سَرِيرِهِ، فَجَلَسَ
عَلَى [ص:640] بِسَاطِهِ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَيْهِ
إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ
مَا حَاجَتُكَ إِلَى الْمَلِكِ؟ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ
التَّرْجُمَانُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
حَاجَتِي إِلَى الْمَلِكِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ
بَعِيرٍ أَصَابَهَا لِي؛ فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ،
قَالَ أَبْرَهَةُ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: قَدْ كُنْتَ
أَعْجَبَتْنِي حِينَ رَأَيْتُكَ، ثُمَّ زَهِدْتُ فِيكَ
حِينَ كَلَّمْتَنِي، أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ
أَصَبْتُهَا لَكَ، وَتَتْرُكَ بَيْتًا هُوَ دِينُكَ
وَدِينُ آبَائِكَ، قَدْ جِئْتُ لِهَدْمِهِ فَلَا
تُكَلِّمُنِي فِيهِ؟ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
إِنِّي أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ، وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا
سَيَمْنَعُهُ، قَالَ: مَا كَانَ لِيُمْنَعَ مِنِّي، قَالَ:
فَأَنْتَ وَذَاكَ، ارْدُدْ إِلَيَّ إِبِلِي. وَكَانَ
فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ ذَهَبَ مَعَ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى أَبْرَهَةَ، حِينَ بَعَثَ
إِلَيْهِ حُنَاطَةَ، يَعْمَرُ بْنُ نُفَاثَةَ بْنِ عَدِيِّ
بْنِ الدِّيلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ
كِنَانَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي كِنَانَةَ،
وَخُوَيْلِدُ بْنُ وَاثِلَةَ الْهُذَلِيُّ وَهُوَ
يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ هُذَيْلٍ، فَعَرَضُوا عَلَى أَبْرَهَةَ
ثُلُثَ أَمْوَالِ تِهَامَةَ، عَلَى أَنْ يَرْجِعَ
عَنْهُمْ، وَلَا يَهْدِمَ الْبَيْتَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ أَبْرَهَةَ، قَدْ رَدَّ عَلَى
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْإِبِلَ الَّتِي أَصَابَ لَهُ،
فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ انْصَرَفَ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ،
وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ، وَالتَّحَرُّزِ
فِي شَعَفِ الْجِبَالِ وَالشِّعَابِ، تَخَوُّفًا
عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ؛ ثُمَّ قَامَ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، بَابِ
الْكَعْبَةِ، وَقَامَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ
يَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَسْتَنْصِرُونَهُ عَلَى أَبْرَهَةَ
وَجُنْدِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ آخِذٌ
حَلْقَةَ بَابِ الْكَعْبَةِ [ص:641]:
[البحر الرجز]
يَا رَبِّ لَا أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا ... يَا رَبِّ
فَامْنَعْ مِنْهُمُ حِمَاكَا
إِنَّ عَدُوَّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا ... امْنَعْهُمُ
أَنْ يُخْرِبُوا قُرَاكَا
وَقَالَ أَيْضًا:
[البحر الكامل]
لَاهُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْ ... نَعُ رَحْلَهُ
فَامْنَعْ حِلَالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ ... وَمِحَالُهُمْ غَدْوًا
مِحَالَكْ
فَلَئِنْ فَعَلْتَ فَرُبَّمَا ... أَوْلَى فَأَمْرٌ مَا
بَدَا لَكْ
وَلَئِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّهُ ... أَمْرٌ تُتِمُّ بِهِ
فَعَالَكْ
وَقَالَ أَيْضًا:
[البحر الوافر]
وَكُنْتُ إِذَا أَتَى بَاغٍ بِسَلْمٍ ... نُرَجِّي أَنْ
تَكُونَ لَنَا كَذَلِكْ
فَوَلَّوْا لَمْ يَنَالُوا غَيْرَ خِزْيٍ ... وَكَانَ
الْحَيْنُ يُهْلِكُهُمْ هُنَالِكْ
وَلَمْ أَسْمَعْ بِأَرْجَسَ مِنْ رِجَالٍ ... أَرَادُوا
الْعِزَّ فَانْتَهَكُوا حَرَامَكْ
جَرُّوا جُمُوعَ بِلَادِهِمْ ... وَالْفِيلَ كَيْ يَسْبُوا
عِيَالَكْ
ثُمَّ أَرْسَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حَلْقَةَ بَابِ
الْكَعْبَةَ، وَانْطَلَقَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ
قُرَيْشٍ إِلَى شَعَفِ الْجِبَالِ، فَتَحَرَّزُوا فِيهَا،
يَنْتَظِرُونَ مَا أَبْرَهَةُ فَاعِلٌ بِمَكَّةَ إِذَا
دَخَلَهَا؛ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبْرَهَةُ تَهَيَّأَ
لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَهَيَّأَ فِيلَهُ، وَعَبَّأَ
جَيْشَهُ، وَكَانَ اسْمُ الْفِيلِ مَحْمُودًا،
وَأَبْرَهَةُ مُجْمِعٌ لِهَدْمِ الْبَيْتِ، ثُمَّ
الِانْصِرَافِ إِلَى الْيَمَنِ. فَلَمَّا وَجَّهُوا
الْفِيلَ، أَقْبَلَ نُفَيْلُ بْنُ [ص:642] حَبِيبٍ
الْخَثْعَمِيُّ، حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ
أَخَذَ بِأُذُنِهِ فَقَالَ: ابْرُكْ مَحْمُودُ، وَارْجِعْ
رَاشِدًا مِنْ حَيْثُ جِئْتَ، فَإِنَّكَ فِي بَلَدِ
اللَّهِ الْحَرَامِ؛ ثُمَّ أَرْسَلَ أُذُنَهُ، فَبَرَكَ
الْفِيلُ، وَخَرَجَ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ يَشْتَدُّ
حَتَّى أَصْعَدَ فِي الْجَبَلِ. وَضَرَبُوا الْفِيلَ
لِيَقُومَ فَأَبَى، وَضَرَبُوا فِي رَأْسِهِ
بِالطَّبَرْزِينَ لَيَقُومَ، فَأَبَى، فَأَدْخَلُوا
مَحَاجِنَ لَهُمْ فِي مَرَاقِّهِ، فَبَزَغُوهُ بِهَا
لِيَقُومَ، فَأَبَى، فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إِلَى
الْيَمَنِ، فَقَامَ يُهَرْوِلُ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى
الشَّامِ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى
الْمَشْرِقِ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى
مَكَّةَ فَبَرَكَ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا
مِنَ الْبَحْرِ، أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ، مَعَ كُلِّ
طَيْرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يَحْمِلُهَا: حَجَرٌ فِي
مِنْقَارِهِ، وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ مِثْلُ
الْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ، لَا يُصِيبُ مِنْهُمْ أَحَدًا
إِلَّا هَلَكَ، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ أَصَابَتْ، وَخَرَجُوا
هَارِبِينَ يَبْتَدِرُونَ الطَّرِيقَ الَّذِي مِنْهُ
جَاءُوا، وَيَسْأَلُونَ عَنْ نُفَيْلِ بْنِ حَبِيبٍ،
لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ
نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ حِينَ رَأَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
بِهِمْ مِنْ نِقْمَتِهِ:
[البحر الرجز]
أَيْنَ الْمَفَرُّ وَالْإِلَهُ الطَّالِبْ ...
وَالْأَشْرَمُ الْمَغْلُوبُ غَيْرُ الْغَالِبْ
فَخَرَجُوا يَتَسَاقَطُونَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَيَهْلِكُونَ
عَلَى كُلِّ مَنْهَلٍ، فَأُصِيبَ أَبْرَهَةُ فِي جَسَدِهِ،
وَخَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ، فَسَقَطَتْ أَنَامِلُهُ
أُنْمُلَةً أُنْمُلَةً، كُلَّمَا سَقَطَتْ أُنْمُلَةٌ
أَتْبَعَتْهَا مِدَّةٌ تَمُثُّ قَيْحًا وَدَمًا، حَتَّى
قَدِمُوا بِهِ صَنْعَاءَ، وَهُوَ مِثْلُ فَرْخِ الطَّيْرِ،
فَمَا مَاتَ حَتَّى انْصَدَعَ [ص:643] صَدْرُهُ عَنْ
قَلْبِهِ فِيمَا يَزْعُمُونَ "
(24/635)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبِ بْنِ
عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، أَنَّهُ
حَدَّثَ، أَنَّ أَوَّلَ مَا رُؤِيَتِ الْحَصْبَةُ
وَالْجُدَرِيُّ بِأَرْضِ الْعَرَبِ ذَلِكَ الْعَامَ،
وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَا رُؤِيَ بِهَا مُرَارُ الشَّجَرِ:
الْحَرْمَلُ وَالْحَنْظَلُ وَالْعُشَرُ ذَلِكَ الْعَامَ "
(24/643)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " {أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:
1] " أَقْبَلَ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ مِنَ الْحَبَشَةِ
يَوْمًا وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عِدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ،
إِلَى بَيْتِ اللَّهِ لِيَهْدِمَهُ مِنْ أَجْلِ بِيعَةٍ
لَهُمْ أَصَابَهَا الْعَرَبُ بِأَرْضِ الْيَمَنِ،
فَأَقْبَلُوا بِفِيلِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا
بِالصِّفَاحِ بَرَكَ؛ فَكَانُوا إِذَا وَجَّهُوهُ إِلَى
بَيْتِ اللَّهِ أَلْقَى بِجِرَانِهِ الْأَرْضَ، وَإِذَا
وَجَّهُوهُ إِلَى بِلَدِهِمِ انْطَلَقَ وَلَهُ هَرْوَلَةٌ،
حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةَ الْيَمَانِيَّةِ بَعَثَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا بِيضًا أَبَابِيلَ.
وَالْأَبَابِيلُ: الْكَثِيرَةُ، مَعَ كُلِّ طَيْرٍ
ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ: حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، وَحَجَرٌ
فِي مِنْقَارِهِ، فَجَعَلَتْ تَرْمِيهِمْ بِهَا حَتَّى
جَعَلَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ؛
قَالَ: فَنَجَا أَبُو يَكْسُومٍ وَهُوَ أَبْرَهَةُ،
فَجَعَلَ كُلَّمَا قَدِمَ أَرْضًا تَسَّاقَطَ بَعْضُ
لَحْمِهِ، حَتَّى أَتَى قَوْمَهُ، فَأَخْبَرَهُمُ
الْخَبَرَ ثُمَّ هَلَكَ "
(24/643)
وَقَوْلُهُ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ
مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ:
فَجَعَلَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْفِيلِ كَزَرْعٍ أَكَلَتْهُ
الدَّوَابُّ فَرَاثَتْهُ، فَيَبِسَ وَتَفَرَّقَتْ
أَجْزَاؤُهُ؛ شَبَّهُ تَقَطُّعَ [ص:644] أَوْصَالِهِمْ
بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِهِمْ، وَتَفَرُّقَ
آرَابِ أَبْدَانِهِمْ بِهَا، بِتَفَرُّقِ أَجْزَاءِ
الرَّوْثِ، الَّذِي حَدَثَ عَنْ أَكْلِ الزَّرْعِ. وَقَدْ
كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْعَصْفُ: هُوَ الْقِشْرُ
الْخَارِجُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى حَبِّ الْحِنْطَةِ مِنْ
خَارِجٍ، كَهَيْئَةِ الْغُلَافِ لَهَا.
(24/643)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ وَرَقُ
الزَّرْعِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا
أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلُهُ: {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] قَالَ: «وَرَقُ
الْحِنْطَةِ»
(24/644)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
{كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] قَالَ: «هُوَ التِّبْنُ»
(24/644)
وَحُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ،
قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
{كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] «كَزَرْعٍ مَأْكُولٍ»
(24/644)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ
الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا زُرَيْقُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ:
ثنا هُبَيْرَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ
الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل:
5] قَالَ: هُوَ الْهَبُورُ بِالنَّبَطِيَّةِ، وَفِي
رِوَايَةٍ: الْمَقْهُورُ "
(24/644)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] قَالَ:
«وَرَقُ الزَّرْعِ وَوَرَقُ الْبَقْلِ، إِذَا أَكَلَتْهُ
الْبَهَائِمُ فَرَاثَتْهُ، فَصَارَ رَوْثًا»
(24/645)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ قِشْرُ
الْحَبِّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني
أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}
[الفيل: 5] قَالَ: الْبُرُّ يُؤْكَلُ وَيُلْقِي عَصْفَهُ
الرِّيحُ وَالْعَصْفُ: الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْبُرِّ:
هُوَ لِحَاءُ الْبُرِّ "
(24/645)
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ
أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ:
{كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] قَالَ: «كَطَعَامٍ
مَطْعُومٍ»
(24/645)
سُورَةُ قُرَيْشٍ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا
أَرْبَعٌ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(24/646)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِّنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ
مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 2] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي
قِرَاءَةِ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} [قريش: 1]
فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ بِيَاءٍ
بَعْدَ هَمْزَةِ {لِإِيلَافِ} [قريش: 1] ، {إِيلَافِهِمْ}
[قريش: 2] سِوَى أَبِي جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ وَافَقَ
غَيْرَهَ فِي قَوْلِهِ {لِإِيلَافِ} [قريش: 1] فَقَرَأَهُ
بِيَاءٍ بَعْدَ هَمْزَةٍ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ
{إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2] فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ
يَقْرَؤُهُ: (إِلْفِهِمْ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ
أَلِفَ يَأْلَفُ إِلْفًا، بِغَيْرِ يَاءٍ، وَحَكَى
بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ (إِلَافِهِمْ)
بِغَيْرِ يَاءٍ مَقْصُورَةَ الْأَلِفِ. وَالصَّوَابُ مِنَ
الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: مَنْ قَرَأَهُ:
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} [قريش: 1] بِإِثْبَاتِ
الْيَاءِ فِيهِمَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ، مِنْ آلَفْتُ
الشَّيْءَ أُولِفُهُ إِيلَافًا، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ
مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَلِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ
لُغَتَانِ: آلَفْتُ، وَأَلِفْتُ، فَمَنْ قَالَ: آلَفْتُ
بِمَدِّ الْأَلِفِ قَالَ: فَأَنَا أُؤَالِفُ إِيلَافًا
وَمَنْ قَالَ: أَلِفْتُ بِقَصْرِ الْأَلِفِ قَالَ: فَأَنَا
آلَفُ إِلْفًا، وَهُوَ رَجُلٌ آلِفٌّ إِلْفًا
(24/646)
وَحُكِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ
يَقْرَأُ ذَلِكَ: «لِتَأَلُّفِ قُرَيْشٍ إِلْفَهُمْ
رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ» حَدَّثَنِي بِذَلِكَ
أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَكِينٍ،
عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ مَا
(24/647)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ
حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقْرَأُ: «إِلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ»
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى
الْجَالِبِ هَذِهِ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ} [قريش: 1] فَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي
الْبَصْرَةِ يَقُولُ: الْجَالِبُ لَهَا قَوْلُهُ
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] فَهِيَ فِي
قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ لِقَوْلِهِ جَعَلَهُمْ،
فَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَنْ يَكُونَ مَعْنَى
الْكَلَامِ: فَفَعَلْنَا بِأَصْحَابِ الْفِيلِ هَذَا
الْفِعْلَ، نِعْمَةً مِنَّا عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ،
وَإِحْسَانًا مِنَّا إِلَيْهِمْ، إِلَى نِعْمَتِنَا
عَلَيْهِمْ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ،
فَتَكُونُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ {لِإِيلَافِ} [قريش: 1]
بِمَعْنَى إِلَى كَأَنَّهُ قِيلَ: نِعْمَةً لِنِعْمَةٍ
وَإِلَى نِعْمَةٍ، لِأَنَّ إِلَى مَوْضِعُ اللَّامِ،
وَاللَّامُ مَوْضِعُ إِلَى. وَقَدْ قَالَ مَعْنَى هَذَا
الْقَوْلِ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ [ص:648] ذِكْرُ مَنْ
قَالَ ذَلِكَ
(24/647)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي
قَوْلِهِ: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}
[قريش: 2] قَالَ: «إِيلَافِهِمْ ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ
عَلَيْهِمْ رِحْلَةُ شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ»
(24/648)
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى
السُّدِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، "
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى
قُرَيْشٍ " حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
الْهِلَالِيُّ قَالَ: ثنا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي
الْمُغَرَاءِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ
(24/648)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
ثنا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ،
قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش:
1] قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ " وَكَانَ بَعْضُ
نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ: قَدْ قِيلَ هَذَا
الْقَوْلُ وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
عَجَّبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: اعْجَبْ يَا مُحَمَّدُ لِنِعَمِ اللهِ عَلَى
قُرَيْشٍ، فِي إِيلَافِهِمْ [ص:649] رِحْلَةَ الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ. ثُمَّ قَالَ: فَلَا يَتَشَاغَلُوا بِذَلِكَ
عَنِ الْإِيمَانِ وَاتِّبَاعِكَ، يَسْتَدِّلُ بِقَوْلِهِ
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتَ} [قريش: 3] وَكَانَ
بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يُوَجِّهُ تَأْوِيلَ قَوْلَهُ
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] إِلَى أُلْفَةِ
بَعْضِهِمْ بَعْضًا
(24/648)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللهِ: " {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}
[قريش: 1] فَقَرَأَ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ
بِأَصْحَابِ الْفِيلِ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ: هَذَا
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، صَنَعْتُ هَذَا بِهِمْ لِأُلْفَةِ
قُرَيْشٍ، لِئَلَّا أُفَرِّقَ أُلْفَتَهُمْ
وَجَمَاعَتَهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ صَاحِبُ الْفِيلِ
لِيَسْتَبِدَّ حَرِيمَهُمْ، فَصَنَعَ اللهُ ذَلِكَ "
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ
يُقَالَ: إِنَّ هَذِهِ اللَّامَ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ ,
وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: اعْجَبُوا لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَتَرْكِهِمْ
عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ
هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ
وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ، وَالْعَرَبُ إِذَا جَاءَتْ
بِهَذِهِ اللَّامِ، فَأَدْخَلُوهَا فِي الْكَلَامِ
لِلتَّعَجُّبِ اكْتَفَوْا بِهَا دَلِيلًا عَلَى
التَّعَجُّبِ مِنْ إِظْهَارِ الْفِعْلِ الَّذِي
يَجْلُبُهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
أَغَرَّكَ أَنْ قَالُوا لَقُرَّةَ شَاعِرًا ...
فَيَالِأَبَاهُ مِنْ عَرِيفٍ وَشَاعِرِ
(24/649)
فَاكْتَفَى بِاللَّامِ دَلِيلًا عَلَى
التَّعَجُّبِ مِنْ إِظْهَارِ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا
الْكَلَامُ: أَغَرَّكَ أَنْ قَالُوا: اعْجَبُوا لِقُرَّةَ
شَاعِرًا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِإِيلَافِ} [قريش: 1]
وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ مَنْ حَكَيْنَا
قَوْلَهُ، أَنَّهُ مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُمْ
كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ
كَذَلِكَ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِإِيلَافِ بَعْضُ أَلَمْ
تَرَ وَأَنْ لَا تَكُونَ سُورَةً مُنْفَصِلَةً مِنْ أَلَمْ
تَرَ، وَفِي إِجْمَاعِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى
أَنَّهُمَا سُورَتَانِ تَامَّتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الْأُخْرَى، مَا يُبَيِّنُ
عَنْ فَسَادِ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ
ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}
[قريش: 1] مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ
مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] لَمْ تَكُنْ أَلَمْ تَرَ تَامَّةً
حَتَّى تُوصَلَ بِقَوْلِهِ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش:
1] لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِانْقِضَاءِ
الْخَبَرِ الَّذِي ذُكِرَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(24/650)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني
مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي
قَوْلِهِ: " {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] يَقُولُ: لُزُومُهُمْ "
(24/650)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: "
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] قَالَ: نَهَاهُمْ عَنِ
الرِّحْلَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ، وَكَفَاهُمُ الْمُؤْنَةَ، وَكَانَتْ
رِحْلَتُهُمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلَمْ يَكُنْ
لَهُمْ رَاحَةٌ فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ، فَأَطْعَمَهُمْ
بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جُوعٍ، [ص:651] وَآمَنَهُمْ مِنْ
خَوْفٍ، وَأَلِفُوا الرِّحْلَةَ، فَكَانُوا إِذَا شَاءُوا
ارْتَحَلُوا، وَإِذَا شَاءُوا أَقَامُوا، فَكَانَ ذَلِكَ
مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِمْ "
(24/650)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى،
قَالَ ثني ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا دَاوُدُ،
عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: " كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ أَلِفُوا
بُصْرَى وَالْيَمَنَ، يَخْتَلِفُونُ إِلَى هَذِهِ فِي
الشِّتَاءِ وَإِلَى هَذِهِ فِي الصَّيْفِ {فَلْيَعْبُدُوا
رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش: 3] فَأَمَرَهُمْ أَنْ
يُقِيمُوا بِمَكَّةَ "
(24/651)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، " {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2]
قَالَ: كَانُوا تُجَّارًا، فَعَلِمَ اللهُ حُبَّهُمْ
لِلشَّامِ "
(24/651)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ
ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، "
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] قَالَ: عَادَةُ قُرَيْشٍ
عَادَتُهُمْ رِحْلَةُ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ "
(24/651)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ " {لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ} [قريش: 1] كَانُوا أَلِفُوا الِارْتِحَالَ فِي
الْقَيْظِ وَالشِّتَاءِ " وَقَوْ لِهِ: {إِيلَافِهِمْ}
[قريش: 2] مُخْفُوضَةٌ عَلَى الْإِبْدَالِ، كَأَنَّهُ
قَالَ: لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ لِإِيلَافِهِمْ، رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَأَمَّا الرِّحْلَةُ فَنُصِبَتْ
بِقَوْلِهِ {إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2] وَوُقُوعِهِ
عَلَيْهَا
(24/651)
وَقَوْلُهُ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] يَقُولُ: رِحْلَةَ قُرَيْشٍ
الرِّحْلَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا [ص:652] إِلَى الشَّامِ فِي
الصَّيْفِ، وَالْأُخْرَى إِلَى الْيَمَنِ فِي الشِّتَاءِ
(24/651)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: "
{رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] قَالَ:
كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ: الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ،
وَالشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ فِي التِّجَارَةِ، إِذَا
كَانَ الشِّتَاءُ امْتَنَعَ الشَّأْمُ مِنْهُمْ لِمَكَانِ
الْبَرْدِ، وَكَانَتْ رِحْلَتُهُمْ فِي الشِّتَاءِ إِلَى
الْيَمَنِ "
(24/652)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، " {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] قَالَ: كَانُوا تُجَّارًا "
(24/652)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ
الْكَلْبِيِّ " {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش:
2] قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ: رِحْلَةٌ فِي
الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ، وَرِحْلَةٌ فِي الصَّيْفِ
إِلَى الشَّامِ "
(24/652)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
ثنا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ،
قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}
[قريش: 2] قَالَ: كَانُوا يَشْتُونَ بِمَكَّةَ،
وَيَصِيفُونَ بِالطَّائِفِ "
(24/652)
وَقَوْلُهُ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ} [قريش: 3] يَقُولُ: فَلْيُقِيمُوا
بِمَوْضِعِهِمْ وَوَطَنِهِمْ مِنْ مَكَّةَ، وَلْيَعْبُدُوا
رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، يَعْنِي بِالْبَيْتِ: الْكَعْبَةَ
(24/652)
كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُغِيرَةُ، عَنْ [ص:653] إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَلَّى الْمَغْرِبَ
بِمَكَّةَ، فَقَرَأَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1]
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ
هَذَا الْبَيْتِ} [قريش: 3] أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى
الْبَيْتِ "
(24/652)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
ثنا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ،
قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ " {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ} [قريش: 3] قَالَ الْكَعْبَةُ " وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: أُمِرُوا أَنْ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ
مَكَّةَ كَإِلْفِهِمُ الرِّحْلَتَيْنِ
(24/653)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ، قَالَ: ثنا
مَرْوَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " {لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ} [قريش: 1] قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَأْلَفُوا
عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، كَإِلْفِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ "
(24/653)
وَقَوْلُهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ
جُوعٍ} [قريش: 4] يَقُولُ: الَّذِي أَطْعَمَ قُرَيْشًا
مِنْ جُوعٍ
(24/653)
كَمَا حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا
أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ} [قريش: 4] " يَعْنِي: قُرَيْشًا أَهْلَ
مَكَّةَ، بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ
الثَّمَرَاتِ} [إبراهيم: 37]
[ص:654] " {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] "
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ:
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ أَمَّنَهُمْ مِمَّا يَخَافُ
مِنْهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، مِنَ
الْغَارَاتِ وَالْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ، وَالْأُمُورِ
الَّتِي كَانَتِ الْعَرَبُ يَخَافُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ
(24/653)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني
مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] حَيْثُ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا
الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: 35] "
(24/654)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَوْلُهُ: " {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] قَالَ:
أَمَّنَهُمْ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ "
(24/654)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ:
{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2] قَالَ:
«كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ تُجَّارًا، يَتَغَاوَرُونَ ذَلِكَ
شِتَاءً وَصَيْفًا، آمِنَيْنِ فِي الْعَرَبِ، وَكَانَتِ
الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، لَا
يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَهُ مِنَ
الْخَوْفِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ
لَيُصَابُ فِي حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَإِذَا
قِيلَ حَرَمِيٌّ خُلِّيَ عَنْهُ وَعَنْ مَالِهِ،
تَعْظِيمًا لِذَلِكَ فِيمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ
الْأَمْنِ»
(24/654)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] قَالَ: " كَانُوا
يَقُولُونَ: نَحْنُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ، فَلَا يَعْرِضُ
لَهُمْ أَحَدٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ،
وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ إِذَا خَرَجَ
أُغِيرَ عَلَيْهِ "
(24/655)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] قَالَ: كَانَتِ
الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَيَسْبِي
بَعْضُهَا بَعْضًا، فَأَمِنُوا مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ
الْحَرَمِ، وَقَرَأَ: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا
آمَنَّا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص:
57] " وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: وَآمَنَهُمْ
مِنَ الْجُذَامِ
(24/655)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
قَالَ: قَالَ الضَّحَّاكُ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}
[قريش: 4] قَالَ: «مِنْ خَوْفِهِمْ مِنَ الْجُذَامِ»
(24/655)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفِ}
[قريش: 4] قَالَ: «مِنَ الْجُذَامِ وَغَيْرِهِ»
(24/655)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: قَالَ
وَكِيعٌ: سَمِعْتُ {أَطْعَمَهُمُ مِنْ جُوعٍ} [قريش: 4] ،
قَالَ: " الْجُوعُ {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4]
الْخَوْفُ: الْجُذَامُ "
(24/655)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
ثنا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ،
قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] قَالَ: "
الْخَوْفُ: الْجُذَامُ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي
ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ
أَخْبَرَ أَنَّهُ {آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4]
وَالْعَدُوُّ مَخُوفٌ مِنْهُ، وَالْجُذَامُ مَخُوفٌ
مِنْهُ، وَلَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ الْخَبَرَ عَنْ أَنَّهُ
آمَنَهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ دُونَ الْجُذَامِ، وَلَا مِنَ
الْجُذَامِ دُونَ الْعَدُوِّ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ
بِذَلِكَ؛ فَالصَّوَابُ أَنْ يَعُمَّ كَمَا عَمَّ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ، فَيُقَالَ: أَمَّنَهُمْ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ
كِلَيْهِمَا
(24/656)
سُورَةُ الْمَاعُونَ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا سَبْعٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(24/657)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يُكَذِّبُ بِالدِّينِ
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى
طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ
هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ
بِقَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}
[الماعون: 1] أَرَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ الَّذِي يُكَذِّبُ
بِثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ، فَلَا يُطِيعُهُ فِي
أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي
ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(24/657)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني
عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يُكَذِّبُ
بِالدِّينِ} [الماعون: 1] قَالَ: «الَّذِي يُكَذِّبُ
بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
(24/657)
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا
الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
{يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} [الماعون: 1] قَالَ:
«بِالْحِسَابِ» [ص:658] وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي
قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَرَأَيْتَ الَّذِيَ يُكَذِّبُ
الدِّينَ» فَالْبَاءُ فِي قِرَاءَتِهِ صِلَةٌ، دُخُولُهَا
فِي الْكَلَامِ وَخُرُوجُهَا وَاحِدٌ.
(24/657)
وَقَوْلُهُ: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعًّ
الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] يَقُولُ: فَهَذَا الَّذِي
يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْيَتِيمَ
عَنْ حَقِّهِ، وَيَظْلِمُهُ. يُقَالُ مِنْهُ: دَعَعْتُ
فُلَانًا عَنْ حَقِّهِ، فَأَنَا أَدُعُّهُ دَعًّا.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ
التَّأْوِيلِ
(24/658)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني
عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}
[الماعون: 2] قَالَ: «يَدْفَعُ حَقَّ الْيَتِيمِ»
(24/658)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي
قَوْلِ اللَّهِ: {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] قَالَ:
«يَدْفَعُ الْيَتِيمَ فَلَا يُطْعِمُهُ»
(24/658)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فَذَلِكَ الَّذِي
يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] «أَيْ يَقْهَرُهُ
وَيَظْلِمُهُ»
(24/658)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ:
{يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] قَالَ: يَقْهَرُهُ
وَيَظْلِمُهُ "
(24/659)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يَدُعُّ
الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] قَالَ: «يَقْهَرُهُ»
(24/659)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، فِي قَوْلِهِ: {يَدُعُّ
الْيَتِيمَ} [الماعون: 2] قَالَ: «يَدْفَعُهُ»
(24/659)
وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ
الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 34] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ:
وَلَا يَحُثُّ غَيْرَهُ عَلَى إِطْعَامِ الْمُحْتَاجِ مِنَ
الطَّعَامِ
(24/659)
وَقَوْلُهُ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ
مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ جَهَنَّمَ لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ
يُصَلُّونَ، لَا يُرِيدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
بِصَلَاتِهِمْ، وَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ إِذَا
صَلُّوهَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى
قَوْلِهِ: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ
يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا، فَلَا يُصَلُّونَهَا
إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا
(24/659)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ
الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سَكَنُ بْنُ نَافِعٍ
الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خَلَفِ بْنِ
حَوْشَبٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُصْعَبِ
بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي، أَرَأَيْتَ قَوْلَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ} [الماعون: 5] أَهِيَ تَرْكُهَا؟ قَالَ: «[ص:660]
لَا، وَلَكِنْ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا»
(24/659)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ
الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ،
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعْدٍ:
{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]
أَهُوَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ أَحَدُنَا نَفْسَهُ فِي
صَلَاتِهِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّ السَّهْوَ أَنْ
يُؤَخِّرَهَا عَنْ وَقْتِهَا»
(24/660)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ
بْنِ سَعْدٍ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] قَالَ: " السَّهْوُ: التَّرْكُ عَنِ
الْوَقْتِ "
(24/660)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا عِمْرَانُ بْنُ تَمَّامٍ الْبُنَانِيُّ، قَالَ: ثنا
أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «الَّذِينَ
يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا»
(24/660)
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى {فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] قَالَ: «الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ
الْمَكْتُوبَةَ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الْوَقْتِ أَوْ عَنْ
وَقْتِهَا»
(24/660)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ،
{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:
5][ص:661] قَالَ: «التَّرْكُ لِوَقْتِهَا»
(24/660)
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثني
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ
مَسْرُوقٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «تَضْيِيعُ
مِيقَاتِهَا»
(24/661)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
الضُّحَى " {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]
قَالَ: تَرْكُ الْمَكْتُوبَةِ لِوَقْتِهَا "
(24/661)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ،
قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ زَحْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] «الَّذِينَ يُضَيِّعُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا»
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ
يَتْرُكُونَهَا فَلَا يُصَلُّونَهَا
(24/661)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني
مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي
قَوْلِهِ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] «فَهُمُ
الْمُنَافِقُونَ كَانُوا يُرَاءُونَ النَّاسَ
بِصَلَاتِهِمْ إِذَا حَضَرُوا، وَيَتْرُكُونَهَا إِذَا
غَابُوا، وَيَمْنَعُونَهُمُ الْعَارِيَةَ بُغْضًا لَهُمْ،
وَهُوَ الْمَاعُونَ»
(24/661)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ
[ص:662] أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «هُمُ
الْمُنَافِقُونَ يَتْرُكُونَ الصَّلَاةَ فِي السِّرِّ،
وَيُصَلُّونَ فِي الْعَلَانِيَةِ»
(24/661)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]
قَالَ: «التَّرْكُ لَهَا» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ
بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَهَاوَنُونَ بِهَا،
وَيَتَغَافَلُونَ عَنْهَا وَيَلْهَوْنَ
(24/662)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ:
ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا
الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «لَاهُونَ»
(24/662)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] «غَافِلُونَ»
(24/662)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
{عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «سَاهٍ
عَنْهَا لَا يُبَالِي صَلَّى أَمْ لَمْ يُصَلِّ»
(24/662)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{الَّذِينَ [ص:663] هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] «يُصَلُّونَ، وَلَيْسَتِ الصَّلَاةُ مِنْ
شَأْنِهِمْ»
(24/662)
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا
ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي
قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ
قَالَ: «يَتَهَاوَنُونَ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي
ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ بِقَوْلِهِ: سَاهُونَ
لَاهُونَ يَتَغَافَلُونَ عَنْهَا؛ وَفِي اللَّهْوِ عَنْهَا
وَالتَّشَاغُلِ بِغَيْرِهَا، تَضْيِيعُهَا أَحْيَانًا،
وَتَضْيِيعُ وَقْتِهَا أُخْرَى. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ
كَذَلِكَ صَحَّ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ
بِذَلِكَ تَرْكُ وَقْتِهَا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ
بِهِ تَرْكُهَا، لَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ فِي السَّهْوِ
عَنْهَا الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْتُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ
خَبَرَانِ يُؤَيِّدَانِ صِحَّةَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ:
أَحَدُهُمَا مَا:
(24/663)
حَدَّثَنِي بِهِ، زَكَرِيَّا بْنُ أَبَانَ
الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، قَالَ:
ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ {الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] قَالَ: «هُمُ
الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا»
وَالْآخَرُ مِنْهُمَا مَا:
(24/663)
حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ:
ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ
النَّحْوِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: ثني
رَجُلٌ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ
[ص:664] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] «اللَّهُ أَكْبَرُ
هَذِهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ لَوْ أُعْطِيَ كُلُّ
رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا؛ هُوَ الَّذِي
إِنْ صَلَّى لَمْ يَرْجُ خَيْرَ صَلَاتِهِ، وَإِنْ
تَرَكَهَا لَمْ يَخَفْ رَبَّهُ»
(24/663)
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ
الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ
عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي قَالَ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ} [الماعون: 5] " وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ
اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُ فِي الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ
رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُحْتَمَلٌ عَنْ مَعْنَى السَّهْوِ عَنِ
الصَّلَاةِ
(24/664)
وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}
يَقُولُ: الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ النَّاسَ
بِصَلَاتِهِمْ إِذَا صَلُّوا، لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ
رَغْبَةً فِي ثَوَابٍ، وَلَا رَهْبَةً مِنْ عِقَابٍ،
وَإِنَّمَا يُصَلُّونَهَا لَيَرَاهُمُ الْمُؤْمِنُونَ
فَيَظُنُّونَهُمْ مِنْهُمْ، فَيَكُفُّونَ عَنْ سَفْكِ
دِمَائِهِمْ، وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ، وَهُمُ
الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَبْطِنُونَ
الْكُفْرَ، وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، كَذَلِكَ قَالَ
أَهْلُ التَّأْوِيلِ
(24/664)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ
بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، وَمُؤَمَّلٌ، قَالَا:
ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي [ص:665] نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] قَالَ: «هُمُ الْمُنَافِقُونَ» حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
مِثْلَهُ
(24/664)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ:
يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ قَالَ: «يُرَاءُونَ
بِصَلَاتِهِمْ»
(24/665)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ
هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ
يُرَاءُونَ} «يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ»
(24/665)
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو
صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُمُ الْمُنَافِقُونَ؛ كَانُوا
يُرَاءُونَ النَّاسَ بِصَلَاتِهِمْ إِذَا حَضَرُوا،
وَيَتْرُكُونَهَا إِذَا غَابُوا»
(24/665)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثني ابْنُ زَيْدٍ: «وَيُصَلُّونَ،
وَلَيْسَ الصَّلَاةُ مِنْ شَأْنِهِمْ رِيَاءً»
(24/665)
وَقَوْلُهُ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
[الماعون: 7] يَقُولُ: وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ مَنَافِعَ
مَا عِنْدَهُمْ، [ص:666] وَأَصْلُ الْمَاعُونِ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ مَنْفَعَتُهُ؛ يُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ
مِنَ السَّحَابِ: مَاعُونٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي
ثَعْلَبَةَ:
[البحر المتقارب]
بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَاعُونِهِ ... إِذَا مَا سَمَاؤُهُمُ
لَمْ تُغَمْ
وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ سَحَابًا:
[البحر الوافر]
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الْمَاعُونَ صَبَّا
وَقَالَ عُبَيْدٌ الرَّاعِي:
[البحر الكامل]
قَوْمٌ عَلَى الْإِسْلَامِ لَمَّا يَمْنَعُوا ...
مَاعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُوا التَّهْلِيلَا
يَعْنِي بِالْمَاعُونِ: الطَّاعَةَ وَالزَّكَاةَ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عُنِيَ بِهِ
مِنْ مَعَانِي الْمَاعُونِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ
(24/665)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رِضَى
اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
[الماعون: 7] قَالَ: «الزَّكَاةَ»
(24/666)
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
{الْمَاعُونَ} [سورة: الماعون، آية رقم: 7] «الزَّكَاةَ»
(24/666)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ
حُمَيْدٍ، [ص:667] قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ،
عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
«الزَّكَاةَ»
(24/666)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
قَالَ: «يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ»
(24/667)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ،
وَأَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ
السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
قَالَ: «الزَّكَاةَ»
(24/667)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ: «الزَّكَاةَ»
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ
(24/667)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: "
{الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ "
(24/667)
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ [ص:668] مُجَاهِدٍ: {وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: «هِيَ الزَّكَاةُ»
(24/667)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
الزَّكَاةَ "
(24/668)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ،
عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ
عُمَرَ: عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، قَالَ: «هُوَ
الْمَالُ الَّذِي لَا يُؤَدَّى حَقُّهُ» قَالَ: قُلْتُ:
إِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقُولُ: هُوَ الْمَتَاعُ
الَّذِي يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: «هُوَ
مَا أَقُولُ لَكَ»
(24/668)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ
عُمَرَ، عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، فَقَالَ: «هُوَ
مَنْعُ الْحَقِّ»
(24/668)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ
بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سُئِلَ
ابْنُ عُمَرَ عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، فَقَالَ:
«هُوَ الَّذِي يُسْأَلُ حَقَّ مَالِهِ وَيَمْنَعُهُ» ،
فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: هُوَ الْقِدْرُ
وَالدَّلْوُ وَالْفَأْسُ، قَالَ: «هُوَ مَا أَقُولُ
لَكُمْ»
(24/668)
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ إِدْرِيسَ
الْأَصَمُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ
قَوْلِ اللَّهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
قَالَ: " الَّذِي يَسْأَلُ مَالَ اللَّهِ فَيَمْنَعُهُ،
فَقَالَ الَّذِي سَأَلَهُ، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ
يَقُولُ: هُوَ الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ:
«هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ» [ص:669] حَدَّثَنَا ابْنُ
حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ
خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَأَلَ
رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْمَاعُونِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
(24/668)
حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ
بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثني
سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
الْمُغِيرَةِ: رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون:
7] ؟ قَالَ: هُوَ مَنْعُ الْحَقِّ "، قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ
مَسْعُودٍ قَالَ: هُوَ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالدَّلْوِ
قَالَ: «هُوَ مَنْعُ الْحَقِّ»
(24/669)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ،
عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «هِيَ
الزَّكَاةُ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ
(24/669)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا جَابِرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ
رِفَاعَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
الزَّكَاةَ "
(24/669)
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ،
قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ: "
الْمَاعُونَ: الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ "
(24/669)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنِ
ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «هِيَ
الزَّكَاةُ»
(24/669)
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ:
سَمِعْتُ [ص:670] الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ:
«الزَّكَاةَ»
(24/669)
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ: «هُمُ
الْمُنَافِقُونَ يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ»
(24/670)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،
قَالَ: {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] «الزَّكَاةَ
الْمَفْرُوضَةَ» حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،
مِثْلَهُ
(24/670)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: " {وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ: «مَنَعُوا صَدَقَاتِ
أَمْوَالِهِمْ، فَعَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»
(24/670)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، " {الَّذِينَ
هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: «هُوَ
الْمُنَافِقُ الَّذِي يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ، فَإِنْ
صَلَّى رَاءَى، وَإِنْ فَاتَتْهُ لَمْ يَأْسَ عَلَيْهَا»
(24/670)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: «هِيَ
الزَّكَاةُ» وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ
النَّاسُ بَيْنَهُمْ مِنْ مِثْلِ الدَّلْوِ وَالْقِدْرِ
وَنَحْوِ ذَلِكَ
(24/670)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثنا
ابْنُ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي
الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ:
أَخْبِرْنِي عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ؟ قَالَ:
«هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ»
(24/671)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ
الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ،
يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي
تَمِيمٍ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَسْأَلُ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ
يُعَرِّفُ لَهُ، فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ
{الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "
إِنَّ مِنَ الْمَاعُونِ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ
وَالدَّلْوِ، خَصْلَتَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ؛
قَالَ شُعْبَةُ: الْفَأْسُ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ "
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ،
قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي
الْعُبَيْدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ
(24/671)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ
الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ
الْجَزَّارِ، أَنَّ أَبَا الْعُبَيْدَيْنِ: رَجُلًا مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ، كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، سَأَلَ ابْنَ
مَسْعُودٍ عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، فَقَالَ: "
هُوَ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالدَّلْوِ، أَوْ قَالَ: مَنْعُ
الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ "
(24/671)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى
بْنِ الْجَزَّارِ، أَنَّ أَبَا الْعُبَيْدَيْنِ سَأَلَ
ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ،
قَالَ: هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ،
الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ "
(24/672)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ
الرَّمَادِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْجَوَّابِ، عَنْ
عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، " كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ
نُحَدِّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ: الْقِدْرُ وَالْفَأْسُ
وَالدَّلْوُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو
الْجَوَّابِ، وَخَالَفَهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
فِيمَا:
(24/672)
حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَنُ الْأَشْيَبُ،
قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ
حَارِثَةَ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ أَبِي
الْعُبَيْدَيْنِ وَسَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ، قَالَ: " كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ:
الدَّلْوُ وَالْفَأْسُ وَالْقِدْرُ، لَا يُسْتَغْنَى
عَنْهُنَّ "
(24/672)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عِيَاضٍ - قَالَ أَبُو
مُوسَى: هَكَذَا قَالَ غُنْدَرٌ - عَنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: "
إِنَّ مِنَ الْمَاعُونِ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ
وَالْقِدْرُ " [ص:673] حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى
قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ،
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ
عِيَاضٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. قَالَ: ثنا أَبُو
دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عِيَاضٍ يُحَدِّثُ عَنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
مِثْلَهُ
(24/672)
حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
النَّضْرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ
مُضَرِّبٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ: " {الْمَاعُونُ} [الماعون: 7] : الْقِدْرُ
وَالْفَأْسُ وَالدَّلْوُ "
(24/673)
حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
النَّضْرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي
الْعُبَيْدَيْنِ، وَكَانَتْ بِهِ زَمَانَةٌ، وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ يَعْرِفُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا الْمَاعُونُ؟ قَالَ: «مَا
يُتَعَاطَى النَّاسُ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفَأْسِ
وَالْقِدْرِ وَالدَّلْوِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ»
(24/673)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ،
عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ
سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7]
، فَقَالَ: «مَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ»
(24/673)
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنِ الْحَسَنِ
وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ،
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ
وَالْقِدْرُ وَأَشْبَاهُهُ» [ص:674] حَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ
بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ
سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] فَذَكَرَ نَحْوَهُ
(24/673)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ
سُوَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «الْفَأْسُ
وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ»
(24/674)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "
{الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] مَنْعُ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ
وَالدَّلْوِ "
(24/674)
حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،
أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ {الْمَاعُونِ} [الماعون: 7] ، قَالَ:
" مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمُ: الْفَأْسُ
وَالدَّلْوُ وَشَبَهُهُ "
(24/674)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:
«الدَّلْوُ وَالْفَأْسُ وَالْقِدْرُ»
(24/674)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: "
{الْمَاعُونُ} [الماعون: 7] : الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ
وَالدَّلْوُ "
(24/674)
حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثنا
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ {الْمَاعُونِ}
[الماعون: 7] ، قَالَ: «مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ
بَيْنَهُمْ، الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ [ص:675] وَالدَّلْوُ
وَشَبَهُهُ»
(24/674)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا
هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ " هُوَ عَارِيَةُ النَّاسِ:
الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ وَنَحْوُ ذَلِكَ،
يَعْنِي الْمَاعُونَ " حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ:
ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِهِ. قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ، قَالَ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ
(24/675)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي
ثَابِتٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
الْعَارِيَةَ "
(24/675)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «هُوَ
الْعَارِيَةُ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى،
قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ [ص:676] مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
مِثْلَهُ
(24/675)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ،
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]
قَالَ: «مَتَاعَ الْبَيْتَ»
(24/676)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
إِسْمَاعِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،
أُرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، شَكَّ أَبُو كُرَيْبٍ،
{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ:
«الْمَتَاعَ»
(24/676)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ
عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هُوَ مَتَاعُ
الْبَيْتِ»
(24/676)
حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو
صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «يَمْنَعُونَهُمُ الْعَارِيَةَ،
وَهُوَ الْمَاعُونَ»
(24/676)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ: " اخْتَلَفَ النَّاسُ
فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ
الزَّكَاةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ
الطَّاعَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ
الْعَارِيَةَ "
(24/676)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ
عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
[الماعون: 7] قَالَ: لَمْ يَجِئْ أَهْلُهَا بَعْدُ "
(24/676)
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "
{الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] مَا يُتَعَاطَى النَّاسُ
بَيْنَهُمْ "
(24/677)
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " {الْمَاعُونُ} [الماعون:
7] : مَنْعُ الزَّكَاةِ وَالْفَأْسِ وَالدَّلْوِ
وَالْقِدْرِ "
(24/677)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ
حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
قَالَ: " {الْمَاعُونُ} [الماعون: 7] : الْعَارِيَةُ "
(24/677)
حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: ثنا عَبْثَرٌ، قَالَ:
ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: "
{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] قَالَ:
الدَّلْوَ وَالْقِدْرَ وَالْفَأْسَ "
(24/677)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ
عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقُولُ: {الْمَاعُونُ}
[الماعون: 7] : مَنْعُ الدَّلْوِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ "
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَاعُونُ: الْمَعْرُوفُ
(24/677)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: ثنا
أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، يَقُولُ: "
{الْمَاعُونُ} [الماعون: 7] : الْمَعْرُوفُ " وَقَالَ
آخَرُونَ: الْمَاعُونُ: هُوَ الْمَالُ
(24/678)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: "
الْمَاعُونُ، بِلِسَانِ قُرَيْشٍ: الْمَالُ "
(24/678)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
قَالَ: " الْمَاعُونُ: بِلِسَانِ قُرَيْشٍ: الْمَالُ "
وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا
بِالصَّوَابِ، إِذْ كَانَ الْمَاعُونُ هُوَ مَا وَصَفْنَا
قَبْلُ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ
الْقَوْمِ، وَأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ النَّاسَ، خَبَرًا
عَامًا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا،
أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ
يَمْنَعُونَ النَّاسَ مَا يَتَعَاوَرُونَهُ بَيْنَهُمْ،
وَيَمْنَعُونَ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ مَا
أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنَ
الْحُقُوقِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ
الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
(24/678)
سُورَةُ الْكَوْثَرِ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ
(24/679)
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}
[الكوثر: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ} [الكوثر: 1] يَا مُحَمَّدُ {الْكَوْثَرَ}
[الكوثر: 1] وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى
الْكَوْثَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَهْرٌ فِي
الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(24/679)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا
هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ،
عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ
قَالَ: " الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ
مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ
وَالْيَاقُوتِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ،
وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ "
(24/679)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ
الْبَاهِلِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ: «نَهْرٌ
فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ الذَّهَبُ، وَمَجْرَاهُ عَلَى
الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ
الثَّلْجِ، وَأَشَدُّ حَلَاوَةً مِنَ الْعَسَلِ،
وَتُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»
(24/679)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ [ص:680] ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "
الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ مِنْ
ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَجْرِي عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ،
مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ
الْعَسَلِ "
(24/679)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ
شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَقِيقٍ، أَوْ مَسْرُوقٍ،
قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ،
وَمَا بُطْنَانُ الْجَنَّةِ؟ قَالَتْ: " وَسَطُ
الْجَنَّةِ: حَافَّتَاهُ قُصُورُ اللُّؤْلُؤِ
وَالْيَاقُوتِ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَحَصْبَاؤُهُ
اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ "
(24/680)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ
الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، وَشَبَابَةُ،
قَالَا: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: " الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ لَيْسَ
أَحَدٌ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَّا
سَمِعَ خَرِيرَ ذَلِكَ النَّهْرِ "
(24/680)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
سُرَيْجٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ،
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ
"
(24/680)
قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، دُرٌّ
مُجَوَّفٌ»
(24/680)
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ،
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ: " [ص:681] الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ،
عَلَيْهِ مِنَ الْآنِيَةِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ "
(24/680)
قَالَ ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
الرَّازِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ
الْكَوْثَرِ، فَلْيَجْعَلْ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ»
(24/681)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا
مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «نَهْرٌ فِي
الْجَنَّةِ، شَاطِئَاهُ الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ»
(24/681)
قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ
عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " الْكَوْثَرُ:
نَهْرٌ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، وَسَطِ الْجَنَّةِ،
فِيهِ نَهْرٌ شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، فِيهِ مِنَ
الْآنِيَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِثْلُ عَدَدِ نُجُومِ
السَّمَاءِ "
(24/681)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ: «نَهْرٌ أَعْطَاهُ
اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْجَنَّةِ»
(24/681)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ،
قَالَ: ثنا مَسْعَدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: " الْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ،
تُرَابُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ، وَمَاؤُهُ الْخَمْرُ "
(24/681)
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ:
ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ،
عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ:
«نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ»
(24/681)
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ
شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ
مَالِكٍ، يُحَدِّثُنَا، قَالَ: " لَمَّا أُسْرِيَ
بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَضَى
بِهِ جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا هُوَ
بِنَهْرٍ، عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ،
فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ،
فَقَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا النَّهْرُ؟» قَالَ:
هُوَ الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ " وَقَالَ
آخَرُونَ: عُنِيَ بِالْكَوْثَرِ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ
(24/682)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ، قَالَ: ثني هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو
بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي
الْكَوْثَرِ: «هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي
أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ» ؛ قَالَ أَبُو بِشْرٍ:
فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ نَاسًا
يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ:
فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ، مِنَ
الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ
(24/682)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْكَوْثَرِ؟ قَالَ:
قُلْتُ: قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " هُوَ الْخَيْرُ
الْكَثِيرُ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ "
(24/682)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ
بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ "
(24/682)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ
الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: " هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ
الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ، فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّا
كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ:
هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ "
(24/683)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثني
عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي
بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: " {إِنَّا
أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ: الْخَيْرَ
الْكَثِيرَ "
(24/683)
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا
مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ
أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: «هُوَ
النُّبُوَّةُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ
إِيَّاهُ»
(24/683)
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا
حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِ
اللَّهِ: " {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:
1] قَالَ: الْخَيْرَ الْكَثِيرَ، وَالْقُرْآنَ
وَالْحِكْمَةَ "
(24/683)
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ
عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ،
عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: " الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ
الْكَثِيرُ "