تفسير مقاتل بن سليمان

الباب الثامن كيفية نزول القرآن
1- آراء ثلاثة فى كيفية نزول القرآن:
الاول: راى الجمهور.
والثاني: راى مقاتل.
والثالث: راى الشعبي.
ترجيح راى الجمهور.
2- راى مقاتل فى نزول القرآن.
3- راى الشعبي فى نزول القرآن.
4- راى آخر لمقاتل.
5- مدة نزول القرآن عند مقاتل.
6- راى للشيخ الخضرى وتعقيب عليه.

(5/263)


- 1- كيفية نزول القرآن

1- تمهيد:
فى القرآن الكريم آيات تفيد ان نزول القرآن كان جملة واحدة:
قال تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ «1» .
وقال سبحانه: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ «2» .
وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «3» .
والواقع المشاهد ان نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استمر ثلاثة وعشرين عاما قال تعالى:
وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا «4» .
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن انه قال فى قول الله عز وجل وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا «5» قال: كان ينزل آية وآيتين وآيات، جوابا عما يسألون، وردا على النبي صلى الله عليه وسلم «6» .
قال ابن قتيبة: «ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التي أنزله الله بها، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين، وعلى من أراد الدخول فى الدين، ولبطل معنى التنبيه، وفسد معنى النسخ، لان المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده، وكيف يجوز ان ينزل القرآن فى وقت واحد: افعلوا كذا، ولا تفعلوا؟» «7» .

2- للعلماء فى كيفية نزول القرآن آراء ثلاثة:
الرأي الاول: - وهو راى الجمهور- ان القرآن نزل الى سماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك منجما فى ثلاث وعشرين سنة «8» .
والرأي الثاني: - وهو راى مقاتل بن سليمان- انه نزل الى سماء الدنيا
__________
(1) سورة البقرة الآية 185.
(2) سورة الدخان الآية 3.
(3) سورة القدر الآية 1.
(4) سورة الاسراء الآية 106.
(5) سورة الفرقان الآية 32.
(6) فى تفسير الطبري 19/ 8، وتاويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 184.
(7) تاويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 180.
(8) واصحاب هذا الرأي يذهبون الى ان للقرآن تنزلات ثلاثا:

(5/265)


فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة. ينزل الله فى كل ليلة قدر ما قدر انزاله فى تلك السنة. ثم ينزل به جبريل منجما على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرأي الثالث: - وهو راى الشعبي- انه ابتدا انزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى اوقات مختلفة من سائر الأزمان على النبي صلى الله عليه وسلم «9» .
وقد ساق السيوطي فى الإتقان هذه الآراء، ونقل عن ابن حجر ان الاول هو الصحيح المعتمد، كما ذكر هذه الآراء الزركشي فى البرهان ثم قال: «والقول الاول أشهر وأصح، واليه ذهب الأكثرون، ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال: انزل الله القرآن جملة واحدة الى سماء الدنيا فى ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين» «10» .

- 2- راى مقاتل فى نزول القرآن
ذهب مقاتل الى ان القرآن نزل الى السماء الدنيا فى ثلاث وعشرين ليلة قدر، ينزل فى كل ليلة قدر منها ما يقدر الله انزاله فى تلك السنة، ثم ينزل بعد ذلك منجما فى جميع السنة، على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ردد مقاتل هذا القول فى تفسيره لآيات نزول القرآن، فى ثلاثة مواضع:
(ا) عند تفسيره لقوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ.. «11»
__________
التنزل الاول الى اللوح المحفوظ قال تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.
والتنزل الثاني من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا. ودليله قوله سبحانه:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
والتنزل الثالث: من سماء الدنيا إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منجما فى ثلاث وعشرين سنة، ودليله قوله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا.
(9) انظر البرهان: 1/ 228، والإتقان: 1/ 40، والفرقان فى علوم القرآن للزرقاني: 1/ 39، وتفسير ابن كثير: 1/ 215- 216. وتفسير مقاتل بن سليمان مخطوط احمد الثالث: 1/ 28 ب، وانظر تحقيقي له مجلد 1/ 161، ونفس التفسير، مخطوطة احمد الثالث 2/ 226 ا. وتحقيقي له مجلد 4 563.
(10) البرهان: 1/ 228. وانظر السيوطي فى الإتقان: 1/ 40. فقد ساق جملة من الأحاديث الصحيحة فى تأييد الرأي الاول، وهي أحاديث صحيحة موقوفة على ابن عباس، غير ان لها حكم المرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم، لما هو مقرر من ان قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، ولم يعرف بالأخذ عن الاسرائيليات- حكمه حكم المرفوع.
ونزول القرآن الى بيت العزة من انباء الغيب التي لا تعرف الا من المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وابن عباس لم يعرف بالأخذ عن الاسرائيليات.
(11) سورة البقرة الآية 185. وانظر تفسيرها فى تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث 1/ 28 ب، وانظر تحقيقي له مجلد 1/ 161.

(5/266)


(ب) وعند تفسيره لقوله تعالى: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «12» .
(ج) وعند تفسيره لقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «13» .
وقد ذهب الى هذا القول ايضا الامام: ابو عبد الله الحليمي فى المنهاج «14» والماوردي فى تفسيره «15» .
وقد ذكره الامام فخر الدين الرازي مجوزا له. فقال: «يحتمل انه كان ينزل فى كل ليلة قدر ما يحتاج الناس الى انزاله الى مثلها من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا» «16» .
ثم توقف الرازي: هل هذا اولى او الاول اولى؟.
قال ابن كثير: «وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبي عن مقاتل بن حيان، وحكى الإجماع على انه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا» «17» .
ونلاحظ ان ابن كثير نقل عن القرطبي نزول القرآن فى 23 ليلة قدر الى مقاتل ابن حيان «18» .
والمشهور ان هذا قول مقاتل بن سليمان، وهو موجود فى تفسير مقاتل ابن سليمان الذي حققته.
فاما ان يكون هناك تحريف فى النقل، فكتبت مقاتل بن حيان بدلا من مقاتل ابن سليمان، الذي حققته.
فاما ان يكون هناك تحريف فى النقل، فكتبت مقاتل بن حيان بدلا من مقاتل ابن سليمان، او ان يكون هذا القول قد ذهب اليه مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان معا، وقد كانا متعاصرين وكلاهما من بلخ.
وقد سئل مقاتل بن حيان أنت اعلم ام مقاتل بن سليمان؟، فقال: ما وجدت
__________
(12) أول سورة الدخان، وانظر تفسير مقاتل لهذه الآيات فى مخطوطة احمد الثالث 2/ 146 ب، وتحقيقي له مجلد 3 ص 817.
(13) سورة القدر، وهي فى تفسير مقاتل 2/ 226 ا، وتحقيقي له مجلد 4 ص 1783. [.....]
(14) هو ابو عبد الله حسين بن الحسن الحليمي الجرجاني المتوفى سنة 403 هـ وكتابه المنهاج فيه احكام كثيرة، ومسائل فقهية مما يتعلق بأصول الايمان، رتبه على سبعة وسبعين بابا، على ان للايمان بضعا وسبعين شعبة. (كشف الظنون 1871) .
(15) انظر تفسير الماوردي بدار الكتب المصرية، قسم المخطوطات.
(16) الإتقان: 1/ 41.
(17) المرجع السابق.
(18) مقاتل بن حيان هو ابو بسطام النبطي البلخي الحراز، قال يحيى بن معين ثقة، وقال الدارقطني صالح الحديث. وكان يلي الولايات واعمالا بخراسان، مع قدرته عند بنى امية، وكان ناسكا فاضلا. هرب ايام ابى مسلم الى كابل، وكان رجلا صالحا. روى له الجماعة الا البخاري.
(الكمال فى اسماء الرجال للمقدسي الجزء الرابع، مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 56 «مصطلح الحديث» ) .

(5/267)


علم مقاتل بن سليمان فى علم الناس الا كالبحر الأخضر فى سائر البحور «19» .
وكان بعض الناس يلتبس عليهم مقاتل بن سليمان بمقاتل بن حيان «20» .
فالسيوطي نقل عن ابن كثير انه نقل عن القرطبي ان مقاتل بن حيان ذهب الى نزول القرآن فى 23 ليلة قدر «21» .
اما الزركشي فقد نسب هذا القول فى البرهان الى مقاتل دون ان يذكر لقبه «22» .
وعند تحقيق كتاب البرهان ذهب الأستاذ ابو الفضل ابراهيم فى فهارس الاعلام ان المراد بكلمة مقاتل هو مقاتل بن سليمان «23» .
واكثر المراجع المتداولة والمخطوطة إذا أطلقت اسم مقاتل- انصرف الذهن الى مقاتل بن سليمان، لشهرته عند المفسرين والمحدثين دون سائر من سمى بمقاتل.
والذي يعنينا أخيرا هو ان مقاتل بن سليمان ذهب الى ان نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا كان فى ثلاث وعشرين ليلة قدر، ينزل فى كل ليلة قدر منها ما يقدر الله انزاله فى كل السنة.
وقد ذهب معه الى هذا القول ابو عبد الله الحليمي، والماوردي، وذكر بعضهم ان مقاتل بن حيان ايضا قد ذهب الى هذا الرأي.
- 3- راى الشعبي «24» فى نزول القرآن
ويذهب الشعبي وغيره: الى ان ابتداء نزول القرآن كان فى ليلة القدر، ثم نزل القرآن بعد ذلك منجما فى سائر الأوقات.
والشعبي يجمع فى هذا الرأي بين قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، حيث يكون تأويلها عنده «انه ابتدا نزول القرآن فى ليلة القدر» ، وبين قوله تعالى:
__________
(19) تاريخ بغداد: 13/ 162، تهذيب التهذيب: 10/ 279.
(20) تهذيب التهذيب ص 278. 279.
(21) الإتقان: 1/ 41.
(22) البرهان: 1/ 228.
(23) البرهان: 4/ 492 (فهارس الاعلام) .
(24) الشعبي: هو عامر بن شراحيل، ويكنى أبا عمرو. اكبر شيوخ ابى حنيفة، واحد المشهود لهم بالامانة فى الحديث والفقه. روى عن على بن ابى طالب وسعد بن ابى وقاص، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله. وغيرهم. وقال: انه أدرك مائة من الصحابة، وروى عنه الأعمش وقتادة وابو الزناد وغيرهم. توفى سنة 109 هـ.

(5/268)


وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ، فالقرآن قد ابتدا نزوله فى ليلة القدر، ثم استمر نزوله نجوما بعد ذلك- متدرجا مع الوقائع والاحداث.
ورغم ان لكل راى من الثلاثة وجهة نظر تؤيده، أراني أميل الى راى الشعبي.
وانا اعترف بان الرأي الاول هو راى الجمهور، وان أسانيده متعددة وصحيحة، ولكن هذا الرأي يذهب الى ان للقرآن تنزلات ثلاثا، وهذه التنزلات من عالم الغيب الذي لا يؤخذ فيه الا بما تواتر يقينا فى الكتاب والسنة. اما صحة الأسانيد فى هذا القول فهي لا تكفى وحدها لوجود اعتقاده، كيف اذن وقد نطق بخلافه؟.
ان كتاب الله قد صرح بتدرج الوحى ونزوله مفرقة. كما صرح بانزاله فى ليلة القدر. ويمكن ان نحمل الانزال هنا على ابتداء النزول، فنجمع بين المعنيين.
وكثيرا ما احتفلنا بليلة القدر، ورويت للجمهور الآراء المتعددة فى نزول القرآن بيد ان راى الشعبي يظل أيسرها وأبقاها تعلقا فى أذهان الجمهور.
ان هذا الرأي يعتمد على القرآن بالدرجة الاولى، ولا يصنع اكثر من ان يوفق بين ما ظاهره التعارض من آياته.

- 4- راى آخر لمقاتل
ذكر العلماء قولا رابعا فى نزول القرآن، هو انه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وان الحفظة نجمته على جبريل فى عشرين ليلة، وان جبريل نجمه على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة «25» .
وقد ذكر مقاتل بن سليمان هذا القول فى تفسيره مرة واحدة، عند تفسيره لسورة الدخان، بعد ان ذكر القول المشهور عنه، الذي كرره فى تفسيره.
ويمكننا ان نقول ان لمقاتل فى نزول القرآن رأيين، راى يرجحه، وهو نزول القرآن فى ثلاث وعشرين ليلة قدر، من اللوح المحفوظ الى سماء الدنيا، ينزل فى كل ليلة قدر منها ما يقدر الله انزاله فى كل السنة، ثم ينزل بعد ذلك منجما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جميع السنة.
وراى يجيزه، وقد عبر عنه بقوله:
(نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ إلى السفرة فى ليلة واحدة «هي» ليلة
__________
(25) الإتقان للسيوطي: 1/ 41- وذكر ان هذا القول قد حكاه الماوردي، وذكر السيوطي انه ايضا غريب، وقال ابو شامة كان صاحب هذا القول أراد الجمع بين القولين الاول والثاني. ثم ساق السيوطي رواية تؤيد هذا الرأي، أخرجها ابن ابى حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس.

(5/269)


القدر، فقبضه جبريل صلى الله عليه وسلم من السفرة في عشرين شهرا، وأداه إلى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عشرين سنة «26» .
ولا ارى داعيا لمناقشة هذا الرأي، إذ يكفى ان فيه تقولا على الغيب بدون يقين!.
ونحن نؤمن بان الله انزل القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم فى مدة رسالته، وان الله شرف ليلة القدر بنزول القرآن فيها على نحو ما، ثم نفوض العلم بحقيقة المراد الى الله سبحانه وتعالى.
قال الالوسى فى تفسير قوله تعالى:
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ: واللوح المحفوظ هو الذي فيه جميع الأشياء ونحن نؤمن به، ولا يلزمنا البحث عن ماهيته، وكيفية كتابته، ونحو ذلك) .

- 5- مدة نزول القرآن
يذهب مقاتل الى ان مدة نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عشرين عاما «27» ، وقد سار فى جميع تفسيره على هذا الرأي، على حين ذهب آخرون الى ان مدة نزول الوحى كانت ثلاثة وعشرين عاما. وذهب فريق ثالث الى ان هذه المدة كانت خمسة وعشرين عاما.
وتبدا مدة نزول الوحى من مبدا البعثة النبوية، وتنتهي بقرب انتهاء حياته الشريفة صلى الله عليه وسلم.
وأساس الخلاف فى هذه المدة: هل هي 20 او 23 او 25 عاما، يرجع الخلاف فى مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة: هل كانت عشر سنين، او ثلاث عشرة، او خمس عشرة سنة؟.
اما مدة إقامته بالمدينة فعشر سنين اتفاقا «28» .
__________
(26) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث 2/ 146 ب (تفسير أول سورة الدخان) وانظر تحقيقي له مجلد 3 ص 817.
ويوجد ذلك بتغيير بسيط فى الإتقان للسيوطي: 1/ 42.
(27) انظر تفسير مقاتل لاول سورة الدخان 3/ 817، وسورة القدر: 4/ 771. [.....]
(28) انظر البرهان: 1/ 232، والإتقان: 1/ 42.

(5/270)


قال الزركشي:
(وكان بين أول نزول القرآن وآخره عشرون او ثلاث وعشرون او خمس وعشرون سنة. هو مبنى على الخلاف فى مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة، فقيل عشر، وقيل ثلاث عشرة، وقيل خمس عشرة. ولم يختلف فى مدة إقامته بالمدينة انها عشر) «29» . وكان كلما انزل عليه شيء من القرآن امر بكتابته، ويقول:
فى مفترقات الآيات. «ضعوا هذه فى سورة كذا» ، وكان يعارضه جبريل بالقرآن فى شهر رمضان كل عام مرة، وعام مات مرتين.
وفى صحيح البخاري قال مسروق عن عائشة عن فاطمة رضى الله عنهما: أسر النبي صلى الله عليه وسلم الى «ان جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة (مرة) ، وانه عارضني (هذا) العام مرتين، ولا أراه الا حضور اجلى» «30» .
وبعض محققي تاريخ التشريح الإسلامي يذكر ان مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة هي: اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما، من السابع عشر من رمضان سنة 41 من مولده الشريف الى أول ربيع الاول سنة 54 منه.
اما مدة إقامته فى المدينة بعد الهجرة فهي تسع سنوات وتسع أشهر وتسعة ايام، من أول ربيع الاول سنة 54 من مولده الى التاسع ذى الحجة سنة 63 منه.
ويوافق ذلك سنة عشر من الهجرة. وهذا التحقيق قريب من القول بان مدة إقامته صلى الله عليه وسلم فى مكة ثلاث عشرة سنة، وفى المدينة عشر سنين. وان مدة الوحى بالقرآن ثلاثة وعشرون عاما «31» .
وإليك جدولا بتاريخ الميلاد النبوي والرسالة والهجرة ووفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب ما حققه محمود باشا الفلكي:
__________
(29) البرهان: 1/ 232، وقارن بالإتقان: 1/ 42.
(30) البرهان: 1/ 232.
(31) الفرقان للزرقاني: 1/ 45. ويعترض على هذا التحقيق بانه أهمل باكورة الوحى اليه صلى الله عليه وسلم عن طريق الرؤيا الصادقة ستة أشهر، على حين انها ثابتة فى الصحيح. ثم جرى على ان ابتداء نزول القرآن كان ليلة السابع عشر من رمضان وهي ليلة القدر على بعض الآراء.
والمشهور الذي يؤيده الصحيح انها فى العشر الأواخر من رمضان.
وانظر تاريخ التشريع للخضري. موضوع القرآن والسنة ص 8 ط 6.

(5/271)


الموضوع/ التاريخ العربي/ التاريخ الميلادى ميلاد النبي (ص) / 9 ربيع الاول (عام الفيل) / 20 نيسان (ابريل) 571 م «32» بدء الرسالة/ 9 ربيع الاول سنة 13 قبل الهجرة/ 1 شباط (فبراير) 610 م «33» .
بدء الوحى/ 17 رمضان سنة 13 قبل الهجرة/ تموز (يوليو) سنة 610 م «34» الهجرة النبوية:
(ا) وصول قباء/ 2 ربيع الاول سنة 1 هـ/ 20 أيلول (سبتمبر) سنة 622 م «35» (ب) وصول المدينة/ 6 ربيع الاول سنة 1 هـ/ 24 أيلول (سبتمبر) سنة 622 م «36» وفاة النبي (ص) / 13 ربيع أول سنة 11 هـ/ 8 حزيران (يونيو) 633 م «37»

- 6- راى للشيخ الخضرى وتعقيب عليه
قال المرحوم الشيخ محمد الخضرى: وعهد نزول القرآن ينقسم الى مدتين متمايزتين:
الاولى: مدة مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة، وهي اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما من 17 من رمضان سنة 41 الى أول ربيع الاول سنة 54 من ميلاده، وما نزل فيها يقال له المكي.
الثانية: ما بعد الهجرة وهي تسع سنوات وتسعة أشهر وتسعة ايام، من أول
__________
(32) شرح نور اليقين للخضري ص 6 طبعة حلب.
(33) المرجع السابق ص 21، وكان بدء الرسالة بالرؤيا الصادقة ستة أشهر.
(34) نفس المرجع.
(35) المرجع السابق ص 68، ولما أراد المسلمون وضع التاريخ فى خلافة امير المؤمنين عمر بن الخطاب جعلوا مبدأه من هذه الهجرة الشريفة. ولعدم المخالفة بين مبدا الهجرة وبدا السنة الهلالية قدموا ميعاد الهجرة شهرين وأياما، وجعلوا بدء الهجرة من محرم من سنتها.
(36) نفس المرجع.
(37) شرح نور اليقين للخضري طبعة حلب ص 243، وزاد: فيكون عمره عليه السلام 63 سنة قمرية كاملة وثلاثة ايام. واحدى وستين شلسة واربعة وثمانين يوما. صلى الله عليه وسلم.

(5/272)


ربيع الاول سنة 54 الى تاسع ذى الحجة سنة 63 من ميلاده، وستة عشر من الهجرة وما نزل من القرآن فيها يقال له المدني.
ومكي القرآن نحو 19/ 30 منه، ومدنية نحو 11/ 30 منه «38» .

تعقيب:
1- أهمل استاذنا الخضرى مدة الرؤيا الصادقة من حساب الوحى المكي. وهي ستة أشهر. وفى صحيح البخاري ومسلم عن عائشة (رضى الله عنها) : أول ما بدا صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة فى النوم، فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح.
فإذا أضفنا ستة أشهر الى مدة نزول الوحى بمكة عند الخضرى وهي 12 سنة، 5 أشهر، 13 يوما، صارت: 12 سنة، 11 شهرا، 13 يوما.
2- كما اعتبرنا ان آية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، التي نزلت فى التاسع من ذى الحجة سنة 10 هجرية آخر ما نزل من الوحى، وقد عاش النبي بعد نزول هذه الآية 81 يوما.
وقد ثبت ان آخر آية نزلت هي قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ «39» . وعاش النبي بعدها تسعة ايام فقط.
فالخضرى قد أسقط اذن 72 يوما من حساب الوحى المدني هي الفرق بين 81 يوما وتسعة ايام.
فإذا أضفنا 72 يوما الى: 9 سنوات، 9 أشهر، 9 ايام، مدة الوحى المدني عند الخضرى، صارت مدة نزول الوحى المدني: 9 سنوات، 11 شهرا، 21 يوما.
ومن التحقيق الدقيق الذي قدمناه لك، ترى ان الراجح هو ان مدة نزول الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت ثلاثة وعشرين عاما على وجه التقريب.
وان مدة نزول الوحى فى مكة 13 عاما «40» . وان مدة نزول الوحى فى المدينة 10 أعوام «41» .
والحمد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لولا ان هدانا الله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
__________
(38) تاريخ التشريع ص 8 ط 6 مطبعة السعادة بمصر.
(39) اخرج النسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس، وكذلك اخرج ابن ابى حاتم قال: آخر ما انزل من القرآن كله وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ الآية.. وعاش النبي بعد نزولها تسع ليال ثم مات لليلتين خلتا من ربيع الاول.
وانظر مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 96- 98.
(40) هذه المدة بالتحديد: 12 سنة، 11 شهرا، 13 يوما.
(41) وهذه المدة بالتحديد: 9 سنوات، 11 شهرا، 21 يوما. [.....]

(5/273)