أسباب النزول ت الحميدان

سُورَةُ الْجَاثِيَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} {14} .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: يُرِيدُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَاصَّةً، وَأَرَادَ بِالَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ نَزَلُوا فِي غَزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَلَى بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا الْمُرَيْسِيعُ، فَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ غُلَامَهُ لِيَسْتَقِيَ الْمَاءَ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: غُلَامُ عُمَرَ قعد على قفّ الْبِئْرِ فَمَا تَرَكَ أَحَدًا يَسْتَقِي حَتَّى مَلَأَ قِرَبَ النَّبِيِّ وَقِرَبَ أَبِي بَكْرٍ وَمَلَأَ لِمَوْلَاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَمَا قِيلَ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاشْتَمَلَ بِسَيْفِهِ يُرِيدُ التَّوَجُّهَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(1) - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثعالبي قال: أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَّوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن زيادة الْيَشْكُرِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (2) (3) قَالَ يَهُودِيٌّ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ "فِنْحَاصُ": احْتَاجَ رَبُّ مُحَمَّدٍ قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ بِذَلِكَ اشْتَمَلَ عَلَى سَيْفِهِ وَخَرَجَ فِي طَلَبِهِ، فَجَاءَ
_________
(1) - إسناده هالك, بسبب اليشكري (تقريب التهذيب: 2/162 - رقم: 226) (ديوان الضعفاء والمتروكين للذهبي: 273 - رقم: 3718) فهو كذاب, والعجب من السيد أحمد صقر كيف سكت عنه؟.
(2) سورة البقرة: الآية 245.
(3) سورة الحديد: الآية 11.

(1/378)


جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ لَكَ: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} وَاعْلَمْ أَنَّ عُمَرَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى سَيْفِهِ وَخَرَجَ فِي
طَلَبِ الْيَهُودِيِّ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَلَبِهِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: "يَا عُمَرُ ضَعْ سَيْفَكَ"، قَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أُرْسِلْتَ بِالْحَقِّ قَالَ: "فَإِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} " قَالَ: لَا جَرَمَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا يُرَى الْغَضَبُ فِي وَجْهِي.

(1/379)


سُورَةُ الْأَحْقَافِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} الْآيَةَ {9} .
قَالَ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ يُهَاجِرُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَمَاءٍ، فَقَصَّهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ وَرَأَوْا فِيهَا فَرَجًا مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَكَثُوا بُرْهَةً لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى نُهَاجِرُ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي رَأَيْتَ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} يَعْنِي لَا أَدْرِي أَخْرُجُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي أَوْ لَا؟ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي مَا أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ".
قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} الْآيَةَ {15} .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَلِكَ أَنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَسُولُ اللَّهِ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ فِي التِّجَارَةِ، فَنَزَلُوا مَنْزِلًا فِيهِ سِدْرَةٌ، فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ظِلِّهَا وَمَضَى أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَاهِبٍ هُنَاكَ يَسْأَلُهُ عَنِ الدِّينِ، فَقَالَ لَهُ: مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي فِي ظِلِّ السِّدْرَةِ؟ فَقَالَ: ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
_________
(1) - قد علمت أن هذا الإسناد واهٍ بمرّة، بغض النظر عمن أخرجه.

(1/380)


قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ، وَمَا اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا أَحَدٌ بَعْدَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ إِلَّا مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللَّهِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِ أَبِي بَكْرٍ الْيَقِينُ وَالتَّصْدِيقُ، فَكَانَ لَا يُفَارِقُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَسْفَارِهِ وَحُضُورِهِ، فَلَمَّا نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَبُو بَكْرٍ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً أَسْلَمَ وَصَدَّقَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ
أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (1) .
_________
(1) سورة النمل: الآية 19.

(1/381)


سُورَةُ الْفَتْحِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي قال: أخبرنا وَالِدِي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الحراني قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا: نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} {1} .
أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ السَّامَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الفامي قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثقفي قال: أخبرنا أَبُو الأشعث قال: أخبرنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ نُسُكِنَا فَنَحْنُ بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، أَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا كُلِّهَا".
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْيَهُودَ شَتَمُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ لَمَّا
_________
(1) - أخرجه الحاكم (المستدرك: 2/ 459) والبيهقي (دلائل النبوة: 4/159) من طريق ابن إسحاق عن الزهري به.
وفيه عنعنة ابن إسحاق, وباقي رجاله ثقات, ويتقوى بشواهده الكثيرة في الصحيحين وغيرهما (فتح الباري: 7/ 441, 442) (8/583) .

(1/382)


نَزَلَ قَوْلُهُ: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} (1) وَقَالُوا: كَيْفَ نَتَّبِعُ رَجُلًا لَا يَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}
(2) - قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} الْآيَةَ {5} .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بن محمد المقري قال: أخبرنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَدِينِيُّ قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّقَطِيُّ قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الْآيَةَ.
(3) - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ أَبِي حَفْصٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الموصلي قال: أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ زريع قال: أخبرنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس قال: أنزلت هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ نَزَلَتْ وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُونَ الْحُزْنَ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نُسُكِهِمْ وَنَحَرُوا الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعِهَا"، فَلَمَّا تَلَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَنَا مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} الْآيَةَ.
_________
(1) سورة الأحقاف: الآية 9.
(2) - أخرجه البخاري (فتح الباري: 7/ 450 - ح: 4172) والإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/276 - ح: 428) والترمذي (5/386) وابن جرير (26/ 44) والبيهقي في "الدلائل" (4/158) من طريق همام عن قتادة عن أنس به ويشهد له: الرواية الآتية:
(3) - أخرجه ابن جرير (26/ 44) من طريق سعيد به, وإسناده صحيح.

(1/383)


(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الْآيَةَ {24} .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمْ أُسَرَاءَ فَاسْتَحْيَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}
(2) - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ فَثَارُوا فِي وُجُوهِنَا، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَبْصَارِهِمْ وَقُمْنَا إِلَيْهِمْ فَأَخَذْنَاهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "هَلْ جِئْتُمْ فِي عَهْدِ أَحَدٍ؟ وَهَلْ جَعَلَ لَكُمْ أَحَدٌ أَمَانًا؟ " فَقَالُوا: اللَّهُمَّ لَا، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الْآيَةَ.
_________
(1) - أخرجه مسلم (3/1442 - ح: 1808) والإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/276 - ح: 429) وأ بو داود (3/137 - ح: 2688) والترمذي (5/386 - ح: 3264) وابن جرير (26/59) وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه (فتح القدير: 5/25) والبيهقي في "الدلائل" (4/141) من طريق حماد عن ثابت عن أنس به. ويشهد له: الرواية الآتية:
(2) - أسنده الإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/277 - ح: 430) وابن جرير (26/58) والحاكم (المستدرك: 2/ 460) والنسائي وابن مردويه وأبو نعيم (فتح القدير: 5/52) عن عبد الله بن مغفل به, وإسناده جيّد.

(1/384)