أسباب النزول ت الحميدان سُورَةُ الْوَاقِعَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} {28} .
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ: نَظَرَ
الْمُسْلِمُونَ إِلَى وَجٍّ - وَهُوَ وَادٍ مُخْصِبٌ
بِالطَّائِفِ - فَأَعْجَبَهُمْ سِدْرُهُ، فَقَالُوا: يَا
لَيْتَ لَنَا مِثْلَ هَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
هَذِهِ الْآيَةَ.
(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ
وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} {13} .
قَالَ عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}
بَكَى عُمَرُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ
وَصَدَّقْنَاكَ وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ مَنْ يَنْجُو مِنَّا
قَلِيلٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} فَدَعَا رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ فَقَالَ:
"يَا عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا
قُلْتَ، فَجَعَلَ ثُلَّةً مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةً مِنَ
الْآخِرِينَ" فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا عَنْ رَبِّنَا
وَنُصَدِّقُ نَبِيَّنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "مِنْ آدَمَ إِلَيْنَا ثُلَّةٌ،
وَمِنِّي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُلَّةٌ، وَلَا
يَسْتَتِمُّهَا إِلَّا سُودَانٌ مِنْ رُعَاةِ
_________
(1) 1 - أخرجه ابن عساكر (لباب النقول: 203) من طريق عروة بن
رويم عن جابر رضي الله عنه قال: لما نزلت "ثلة من الأولين
وقليل من الآخرين" قال عمر: يا رسول الله, ثلة من الأولين
وقليل منا؟ فأمسك آخر السورة سنة, ثم نزلت (ثلة من الأولين
وثلة من الآخرين) . قال الحافظ ابن كثير: في إسناده نظر (تفسير
ابن كثير: 284 / 4) وتبعه السيوطي (لباب النقول: 203) ويشهد
له:
* ما أخرجه الإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/293 - ح: 450) وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه (فتح القدير: 5 /151) عن أبي
هريرة رضي الله عنه بمعناه وضعفه الهيثمي (مجمع الزوائد: 7
/118) والسيوطي (لباب النقول: 203) .
(1/403)
الْإِبِلِ مِمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ".
(1) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ} {82} .
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَذِّنُ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا
حَمْدَانُ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ
قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رسول الله عليه وسلم:
"أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، قَالُوا:
هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا"، فَنَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَاتُ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}
حَتَّى بَلَغَ {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ
الْعَظِيمِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- خَرَجَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلُوا مَنْزِلًا وَأَصَابَهُمُ
الْعَطَشُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ
لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
"أَرَأَيْتُمْ إِنْ دَعَوْتُ لَكُمْ فَسُقِيتُمْ فَلَعَلَّكُمْ
تَقُولُونَ سُقِينَا هَذَا الْمَطَرَ بِنَوْءِ كَذَا؟ "
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا بِحِينِ
الْأَنْوَاءِ، قَالَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهَاجَتْ رِيحٌ ثُمَّ هَاجَتْ سَحَابَةٌ
فَمُطِرُوا، حَتَّى سالت الأودية، وملأوا الْأَسْقِيَةَ، ثُمَّ
مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِرَجُلٍ يَغْتَرِفُ بِقَدَحٍ لَهُ وَهُوَ يَقُولُ: سُقِينَا
بِنَوْءِ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ
سُبْحَانَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ
الزَّاهِدُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ الْجِيزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ
سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى
وَعَمْرُو بْنُ
_________
(1) 2 - أخرجه مسلم (1/ 84 - ح: 73) والطبراني (المعجم الكبير:
198 /12 - ح: 12882) وابن المنذر وابن مردويه (فتح القدير:
5/163) من طريق عكرمة بن عمار به.
(1/404)
سَوَّادٍ السَّرْحِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بن وهب قالوا: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ
يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ
رَبُّكُمْ؟ قَالَ: مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ
نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فريق بها كافر، يقول: الكوكب
وبالكوكب"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَرْمَلَةَ وَعَمْرِو بْنِ
سَوَّادٍ.
(1/405)
سُورَةُ الْحَدِيدِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ
مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الْآيَةَ {10} .
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ هَذِهِ
الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَةَ
بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلِيطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ
آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا
النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ
وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلَيْهِ عباءة قد خلها
عَلَى صَدْرِهِ بِخِلَالٍ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ
عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَقْرَأَهُ مِنَ اللَّهِ السَّلَامَ
وَقَالَ: "يا محمد مالي أَرَى أَبَا بَكْرٍ عَلَيْهِ عباءة قد
خلها عَلَى صَدْرِهِ بِخِلَالٍ؟ " فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ
أَنْفَقَ مَالَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ عَلَيَّ"، قَالَ:
"فَأَقْرِئْهُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: أَرَاضٍ
أَنْتَ عَنِّي فِي فَقْرِكَ هَذَا أَمْ سَاخِطٌ؟ فَالْتَفَتَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَبِي
بَكْرٍ فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكَ
مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ السَّلَامَ، يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ:
أَرَاضٍ أَنْتَ عَنِّي فِي فَقْرِكَ هَذَا أَمْ سَاخِطٌ؟ "
فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ عَلَى رَبِّي أَغْضَبُ؟ أَنَا
عَنْ رَبِّي رَاضٍ، أَنَا عَنْ رَبِّي رَاضٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الْآيَةَ {16} .
قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ
بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا
سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا
عما في التوارة، فَإِنَّ فِيهَا الْعَجَائِبَ، فَنَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: نَزَلَتْ فِي
الْمُؤْمِنِينَ.
(1/406)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ
طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا
خَلَّادُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ
الْمُلَائِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ
سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَلَاهُ
عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ
قَصَصْتَ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {نَحْنُ
نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (1) فَتَلَاهُ
عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ
حَدَّثَتْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} (2) قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ
بِالْقُرْآنِ، قَالَ خَلَّادٌ: وَزَادَ فِيهِ آخَرُ قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ ذَكَّرْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ
قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} .
_________
(1) سورة يوسف: الآية 3.
(2) سورة الزمر: الآية 23.
(1/407)
|