أسباب النزول ت الحميدان سُورَةُ الْقَدْرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وقوله تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} الآية {1 - 3} .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بن حبان، أخبرنا أَبُو يحيى الرازي، أخبرنا سهل
العسكري، أخبرنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ذَكَرَ
النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَلْفَ شَهْرٍ، فَتَعَجَّبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} قَالَ: خَيْرٌ
مِنَ الَّتِي لَبِسَ فِيهَا السِّلَاحَ ذَلِكَ الرجل.
(1/461)
سورة إذا زلزلت
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو
بْنُ مطر، أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذهلي، أخبرنا
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
وَهْبٍ، عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ؟ نَزَلَتْ: {إِذَا
زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} وَأَبُو بَكْرٍ
الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَاعِدٌ، فَبَكَى أَبُو
بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - "مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ " قَالَ:
أَبْكَانِي هَذِهِ السُّورَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لَوْ أَنَّكُمْ لَا
تُخْطِئُونَ وَلَا تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهِ أُمَّةً مِنْ
بَعْدِكُمْ يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا
يَرَهُ} {7 - 8} .
قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا
يَأْتِيهِ السَّائِلُ فَيَسْتَقِلُّ أن يعطيه الثمرة
وَالْكِسْرَةَ وَالْجَوْزَةَ، وَيَقُولَ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ،
وَإِنَّمَا نُؤْجَرُ عَلَى مَا نُعْطِي وَنَحْنُ نُحِبُّهُ،
وَكَانَ الْآخَرُ يَتَهَاوَنُ بالذنب اليسير الكذبة
وَالْغِيبَةِ وَالنَّظْرَةِ وَيَقُولُ: لَيْسَ عَلَيَّ مِنْ
هَذَا شَيْءٌ، إِنَّمَا أَوْعَدَ اللَّهُ بِالنَّارِ عَلَى
الْكَبَائِرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -
يُرَغِّبُهُمْ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ
يُوشِكُ أَنْ يَكْثُرَ، وَيُحَذِّرَهُمُ الْيَسِيرَ مِنَ
الذَّنْبِ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَكْثُرَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} إِلَى آخِرِهَا.
(1/462)
سُورَةُ الْعَادِيَاتِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ مُقَاتِلٌ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً إِلَى حَيٍّ مِنْ كِنَانَةَ
وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو
الْأَنْصَارِيَّ، فَتَأَخَّرَ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ
الْمُنَافِقُونَ: قُتِلُوا جَمِيعًا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ
تَعَالَى عَنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} يَعْنِي: تِلْكَ الْخَيْلَ.
(1) - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد البستي، أخبرنا
مُحَمَّدٍ بن مكي، أخبرنا إِسْحَاقُ بن إبراهيم، أخبرنا
أَحْمَدُ بن عبدة، أخبرنا حَفْصُ بن جميع، أخبرنا سِمَاكٌ عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث خيلا فأسهبت شَهْرًا
لَمْ يَأْتِهِ مِنْهَا خَبَرٌ، فَنَزَلَتْ: {وَالْعَادِيَاتِ
ضَبْحًا} ضَبَحَتْ بِمَنَاخِرِهَا، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ،
وَمَعْنَى أَسْهَبَتْ: أَمْعَنَتْ فِي السُّهُوبِ: وَهِيَ
الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ جَمْعُ سَهْبٍ.
_________
(1) - أخرجه الحاكم (لباب النقول: 234) والبزار وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه (فتح القدير: 5 / 484) من طريق سماك
عن عكرمة به, ورواية سماك عن عكرمة مضطربة, كما سبق بيانه.
(1/463)
سُورَةُ التَّكَاثُرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقَابِرَ} {1 - 2} .
قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي حَيَّيْنِ مِنْ
قُرَيْشٍ: بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي سهم كان بينهم لحاء
فتعاند السَّادَةَ وَالْأَشْرَافَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ، فَقَالَ
بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ: نَحْنُ أَكْثَرُ سَيِّدًا وَأَعَزُّ
عَزِيزًا وَأَعْظَمُ نَفَرًا، وَقَالَ بَنُو سَهْمٍ مِثْلَ
ذَلِكَ، فَكَثَرَهُمْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، ثُمَّ قَالُوا:
نَعُدُّ مَوْتَانَا حَتَّى زَارُوا الْقُبُورَ، فَعَدُّوا
مَوْتَاهُمْ فَكَثَرَهُمْ بَنُو سَهْمٍ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا
أَكْثَرَ عَدَدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، قَالُوا: نَحْنُ
أَكْثَرُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ أَكْثَرُ مِنْ
بَنِي فُلَانٍ، أَلْهَاهُمْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا ضُلَّالًا.
سُورَةُ الْفِيلِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَقَصْدِهِمْ
تَخْرِيبَ الْكَعْبَةِ، وَمَا فَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ
مِنْ إِهْلَاكِهِمْ وَصَرْفِهِمْ عَنِ الْبَيْتِ وَهِيَ
مَعْرُوفَةٌ.
(1/464)
سُورَةُ قُرَيْشٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نَزَلَتْ فِي قُرَيْشٍ وَذِكْرِ مِنَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ:
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إسماعيل الهاشمي، أخبرنا
سَوَادَةُ بن عليّ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بكر الزهري،
أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بن ثابت، أخبرنا عُثْمَانُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ هَانِئِ
بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ قُرَيْشًا
بِسَبْعِ خِصَالٍ لم يعطها أحد قَبْلَهُمْ ولا يعطيها أحد
بَعْدَهُمْ: إِنَّ الْخِلَافَةَ فِيهِمْ، وإن الْحِجَابَةَ
فِيهِمْ، وَإِنَّ السِّقَايَةَ فِيهِمْ، وَإِنَّ النُّبُوَّةَ
فِيهِمْ، وَنُصِرُوا عَلَى الْفِيلِ، عبدوا اللَّهَ سَبْعَ
سِنِينَ لم يعبده أحدًا غَيْرُهُمْ، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ
سُورَةٌ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا أَحَدٌ غَيْرُهُمْ {لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ}
سُورَةُ الْمَاعُونِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}
{1 - 2} .
قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ
وَائِلٍ السَّهْمِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ
يَنْحَرُ كُلَّ أُسْبُوعٍ جَزُورَيْنِ، فَأَتَاهُمْ يَتِيمٌ
فَسَأَلَهُ شَيْئًا فَقَرَعَهُ بِعَصَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ
الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}
(1/465)
سُورَةُ الْكَوْثَرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ
يَدْخُلُ، فَالْتَقَيَا عِنْدَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ
وَتَحَدَّثَا وَأُنَاسٌ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فِي
الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَاصُ قَالُوا لَهُ:
مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ؟ قَالَ: ذَاكَ الْأَبْتَرُ،
يعني النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، وَكَانَ قَدْ تُوُفِّيَ
قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ خَدِيجَةَ، وَكَانُوا
يُسَمُّونَ مَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ: أَبْتَرَ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى هذه السورة.
(1) - وأخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بن الفضل، أخبرنا
مُحَمَّدُ بن يعقوب، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عبد الجبار، أخبرنا
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:
حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ قَالَ: كَانَ الْعَاصُ بْنُ
وَائِلٍ السَّهْمِيُّ إِذَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ
رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ
ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
فِي ذَلِكَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} إِلَى آخِرِ
السُّورَةِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْعَاصُ بْنُ
وَائِلٍ يَمُرُّ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَشْنَؤُكَ وَإِنَّكَ
لَأَبْتَرُ مِنَ الرِّجَالِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ.
_________
(1) - مرسل, ويشهد له: ما أخرجه ابن جرير (30/212) عن سعيد بن
جبير وقتادة مرسلاً مثله, وإسناده صحيح إليهما.
(1/466)
|