أسباب النزول ت زغلول

سُورَةُ الْحِجْرِ
[273] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ.
[24] .
«552» - أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْوَاعِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرازي، قال: أَخْبَرَنَا] سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الطَّاحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
__________
(552) أخرجه الترمذي في التفسير (3122) وقال: وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه ولم يذكر فيه عن ابن عباس وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح.
وأخرجه النسائي في المجتبى (2/ 118) وفي التفسير (293) وابن ماجة (1046) والحاكم في المستدرك (2/ 353) وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني في الكبير (12/ 171) .
وأخرجه ابن جرير (14/ 18) من طريق جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء، ولم يذكر ابن عباس، وهي الرواية التي أشار إليها الترمذي. وأخرجه ابن جرير (14/ 18) عن ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في السنن (3/ 98) .
وزاد السيوطي نسبته في الدر (4/ 96) للطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه.

(1/281)


كَانَتْ تُصَلِّي خلف النبي صلى اللَّه عليه وسلم امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ فِي آخر النساء، فكان بَعْضُهُمْ يَتَقَدَّمُ إِلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، فَإِذَا رَكَعَ قَالَ هَكَذَا- وَنَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبِطِهِ- فَنَزَلَتْ: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ.
«553» - وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: حَرَّضَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَنُو عُذْرَةَ دُورُهُمْ قَاصِيَةٌ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا:
نَبِيعُ دُورَنَا وَنَشْتَرِي دُورًا قَرِيبَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
[274] قَوْلُهُ تَعَالَى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ.... [47] .
«554» - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ الفحام قال: أخبرنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، [أَنَّهُ] قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: إِنَّ فُلَانًا حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي اللَّه عنهما:
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ قَالَ: وَاللَّهِ إنها لفيهم أنزلت [وَفِيمَنْ تَنْزِلُ إِلَّا فِيهِمْ؟] قُلْتُ: وَأَيُّ غِلٍّ هُوَ؟ قَالَ: غِلُّ الْجَاهِلِيَّةِ، إِنَّ بَنِي تَيْمٍ وَعَدِيٍّ وَبَنِي هَاشِمٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ [غِلٌّ] ، فَلَمَّا أَسْلَمَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ تَحَابُّوا فَأَخَذَتْ أَبَا بَكْرٍ الْخَاصِرَةُ، فَجَعَلَ عَلِيٌّ يُسَخِّنُ يَدَهُ فَيُكَمِّدُ بِهَا خَاصِرَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
[275] قَوْلُهُ تَعَالَى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. [49] .
__________
(553) مرسل.
(554) في إسناده كثير النواء: ضعيف [تقريب 2/ 131] وعزاه السيوطي في الدر (4/ 101) لابن أبي حاتم وابن عساكر.

(1/282)


«555» - رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:
طَلَعَ عَلَيْنَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِنَ الباب الذي يدخل مِنْهُ، بَنُو شَيْبَةَ، وَنَحْنُ نَضْحَكُ، فَقَالَ: أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ! ثُمَّ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحِجْرِ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، فَقَالَ: إِنِّي لَمَّا خَرَجْتُ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَقُولُ اللَّه تعالى عَزَّ وَجَلَّ: لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي؟ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
[276] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ. [87] .
«556» - قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: إِنَّ سَبْعَ قَوَافِلَ وَافَتْ مِنْ بُصْرَى وَأَذْرِعَاتٍ لِيَهُودِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْبَزِّ وَأَوْعِيَةُ الطِّيبِ وَالْجَوَاهِرِ وَأَمْتِعَةُ الْبَحْرِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لَنَا لَتَقَوَّيْنَا بِهَا فَأَنْفَقْنَاهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وقال: لَقَدْ أَعْطَيْتُكُمْ سَبْعَ آيَاتٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ من هذه السبع الْقَوَافِلِ. وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هذا قوله تعالى عَلَى أَثَرِهَا: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ الْآيَةَ.
__________
(555) ذكره المصنف بدون إسناد، وقد أخرجه ابن جرير (14/ 102) بإسناده من طريق ابن المبارك عن مصعب بن ثابت.
ومصعب بن ثابت: قال الحافظ في التقريب: لين الحديث وعلى ذلك يكون الإسناد ضعيف.
وعزاه في الدر (4/ 102) لابن جرير وابن مردويه.
(556) مرسل.

(1/283)


سُورَةُ النَّحْلِ
[277] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ الْآيَةَ. [1] .
«557» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَرُبَتْ، فَأَمْسِكُوا عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حَتَّى نَنْظُرَ مَا هُوَ كَائِنٌ. فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ شَيْءٌ قَالُوا:
مَا نَرَى شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ فَأَشْفَقُوا وَانْتَظَرُوا قُرْبَ السَّاعَةِ. فَلَمَّا امْتَدَّتِ الْأَيَّامُ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَرَى شَيْئًا مِمَّا تُخَوِّفُنَا بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فوثب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ورفع الناس رؤوسهم، فَنَزَلَ: فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ فَاطْمَأَنُّوا. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ- وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ- إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي.
«558» - وَقَالَ الْآخَرُونَ: الْأَمْرُ هَاهُنَا: الْعَذَابُ بِالسَّيْفِ. وهذا جواب النضر بْنِ الْحَارِثِ حِينَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ يَسْتَعْجِلُ الْعَذَابَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
__________
(557) بدون إسناد.
(558) بدون إسناد.

(1/284)


[278]
قَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. [4] .
«559» - نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ حِينَ جَاءَ بِعَظْمٍ رَمِيمٍ إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتُرَى اللَّهَ يُحيِي هذا بعد ما قَدْ رَمَّ؟
نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ يس: أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، نَازِلَةٌ فِي هَذِهِ القصة.
[279] قوله عز وجل: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ الْآيَةَ. [38] .
«560» - قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ:
كَانَ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دَيْنٌ، فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَكَانَ فِيمَا تَكَلَّمَ بِهِ: وَالَّذِي أَرْجُوهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُ: وَإِنَّكَ لتزعم أنك تُبعث بَعْدَ الْمَوْتِ، فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآية.
[280] قوله عز وجل: وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا الْآيَةَ. [41] .
«561» - نَزَلَتْ فِي أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، بِمَكَّةَ: بِلَالٍ، وَصُهَيْبٍ، وخَبَّاب، وعمّار، و [أبي] جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ، أَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ فَعَذَّبُوهُمْ وَآذَوْهُمْ، فَبَوَّأَهُمُ اللَّهُ تعالى المدينة بَعْدَ ذلك.
__________
(559) بدون إسناد.
(560) مرسل، وأخرجه ابن جرير (14/ 73) وعزاه في الدر (4/ 118) لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
وانظر رقم (610) .
(561) بدون إسناد.

(1/285)


[281]
قوله عز وجل: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ... الْآيَةَ.
[43] .
«562» - نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، أَنْكَرُوا نبوة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، وَقَالُوا: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا، فَهَلَّا بَعَثَ إِلَيْنَا مَلَكًا!. 2) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا} الْآيَةَ {75} .
«563» - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فِي هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ سِرًّا وَجَهْرًا، وَمَوْلَاهُ أَبُو الْجَوْزَاءِ، الَّذِي كَانَ يَنْهَاهُ. وَنَزَلَتْ: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ.
فَالْأَبْكَمُ مِنْهُمَا الْكَلُّ عَلَى مَوْلَاهُ، هُوَ: أُسَيْدُ بْنُ أَبِي الْعِيصِ. وَالَّذِي يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ هُوَ: عُثْمَانُ بْنُ عفان.
__________
(562) ذكره المصنف بدون إسناد، وقد أخرجه ابن جرير (14/ 75) بإسناده فيه عن ابن عباس. وفي إسناده عنده بشر بن عمارة وهو ضعيف، ومن طريق الضحاك عن ابن عباس، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
وعزاه في الدر (4/ 118) لابن جرير وابن أبي حاتم.
(563) في إسناده وهيب بن خالد ثقة ثبت تغيّر قبل موته.
وعزاه في الدر (4/ 135) لابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر. [.....]

(1/286)


قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الْآيَةَ {90} .
«564» - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قال: حدثنا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عبدان، قال: أخبرنا أَبُو الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَيْنَمَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسًا، إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فكَشَرَ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: أَلَا تَجْلِسُ؟ فَقَالَ: بَلَى. فَجَلَسَ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلَهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَظَرَ سَاعَةً وَأَخَذَ يَضَعُ بَصَرَهُ حَتَّى وَضَعَ عَلَى يَمِينِهِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ تَحَرَّفَ عَنْ جَلِيسِهِ عُثْمَانَ إِلَى حَيْثُ وَضَعَ بَصَرَهُ، فَأَخَذَ يُنْغِضُ رَأْسَهُ كَأَنَّهُ يَسْتَفْقِهُ مَا يُقَالُ لَهُ، ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا شَخَصَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى فِي السَّمَاءِ، وَأَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ كَجِلْسَتِهِ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَا كُنْتُ أُجَالِسُكَ وَآتِيكَ، مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ فَعْلَتَكَ الْغَدَاةَ. قَالَ: وما رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ شَخَصَ بَصَرُكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعْتَهُ حِينَ وَضَعْتَهُ عَلَى يَمِينِكَ، فَتَحَرَّفْتَ إِلَيْهِ وَتَرَكْتَنِي، فَأَخَذْتَ تُنْغِضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَسْتَفْقِهُ شَيْئًا يُقَالُ لك. قال: أوَفَطِنْتَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ عُثْمَانُ:
نَعَمْ. قَالَ: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ جِبْرِيلُ آنِفًا وَأَنْتَ جَالِسٌ. [قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ:
نَعَمْ] قَالَ: فَمَاذَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: قَالَ لِي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [قال عثمان] : فذلك حِينَ اسْتَقَرَّ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي، وأحببت محمداً صلى اللَّه عليه وسلم.
__________
(564) إسناده حسن: أخرجه أحمد (1/ 318) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 48) وقال: رواه أحمد والطبراني وشهر وثّقه أحمد وجماعة وفيه ضعف لا يضر وبقية رجاله ثقات. وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وقال عنه: إسناد جيد متصل قد بين فيه السماع المتصل.
وزاد السيوطي نسبته في الدر (4/ 128) للبخاري في الأدب المفرد والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه.
والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 27) و (10/ 333) .

(1/287)


[284]
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ. [101] .
«565» - نَزَلَتْ حِينَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَسْخَرُ بِأَصْحَابِهِ، يَأْمُرُهُمُ الْيَوْمَ بِأَمْرٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ غَدًا، أَوْ يَأْتِيهِمْ بِمَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِمْ، وَمَا هُوَ إلا مفتر يقولُه مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا.
[285] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ... الْآيَةَ [103] .
«566» - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ الزَّاهِدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ لَنَا غُلَامَانِ نَصْرَانِيَّانِ مِنْ أَهْلِ عَيْنِ التَّمْرِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا: يَسَارٌ، وَالْآخَرُ جَبْرٌ، وَكَانَا [صَيْقَلَيْنِ] يَقْرَآنِ كُتُبًا لَهُمَا بِلِسَانِهِمَا، وَكَانَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَمُرُّ بِهِمَا فيسمع قراءتهما، فكان الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: يَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَكْذَبَهُمْ: لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.
[286] قوله عز وجل: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ.... الْآيَةَ. [106] .
«567» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوهُ
__________
(565) بدون إسناد.
(566) أخرجه ابن جرير (14/ 120) ، وذكره الحافظ في الإصابة (2/ 447) في ترجمة عبيد اللَّه بن مسلم الحضرمي، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص 163) ومدار هذا الأثر على حصين بن عبد الرحمن: قال الحافظ في التقريب: ثقة تغير حفظه في الآخر.
(567) أخرجه ابن جرير (14/ 122) من طريق العوفي عن ابن عباس والعوفي هو عطية بن سعد وهو صدوق يخطئ كثيراً كان شيعياً مدلساً.
وعزاه في الدر (4/ 131) لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

(1/288)


وَأَبَاهُ يَاسِرًا، وَأُمَّهُ سُمَيَّةً، وَصُهَيْبًا، وَبِلَالًا، وَخَبَّابًا، وَسَالِمًا-[فَعَذَّبُوهُمْ] فَأَمَّا سُمَيَّةُ فَإِنَّهَا رُبِطَتْ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ وَوُجِئَ قُبُلُهَا بِحَرْبَةٍ، وَقِيلَ لَهَا: إِنَّكِ أَسْلَمْتِ مِنْ أَجْلِ الرِّجَالِ. فَقُتِلَتْ، وَقُتِلَ زَوْجُهَا يَاسِرٌ، وَهُمَا أَوَّلُ قَتِيلَيْنِ قُتِلَا فِي الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا عَمَّارٌ فَإِنَّهُ أَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا بِلِسَانِهِ مكرهاً، فأخبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِأَنَّ عَمَّارًا كَفَرَ، فَقَالَ:
كَلَّا إن عماراً مليء إِيمَانًا مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ، وَاخْتَلَطَ الْإِيمَانُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ! فَأَتَى عَمَّارٌ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وَهُوَ يَبْكِي، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السلام يمسح عينيه ويقول: «إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لَهُمْ بِمَا قُلْتَ» ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
«568» - وقال مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ آمَنُوا، فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ: أَنْ هَاجِرُوا، فَإِنَّا لَا نَرَاكُمْ مِنَّا حَتَّى تُهَاجِرُوا إِلَيْنَا. فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَدْرَكَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالطَّرِيقِ فَفَتَنُوهُمْ مُكْرَهِينَ. وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
[287] قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ... الْآيَةَ [110] .
«569» - قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا يقبل منهم إسلام حَتَّى يُهَاجِرُوا، كَتَبَ بِهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى أَصْحَابِهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ ذَلِكَ خَرَجُوا، فَلَحِقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَرَدُّوهُمْ. فَنَزَلَتْ: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ فَكَتَبُوا بِهَا إِلَيْهِمْ. فَتَبَايَعُوا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا، فَإِنْ لَحِقَ بَهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَاتَلُوهُمْ حتى ينجوا أو يلحقوا بِاللَّهِ، فَأَدْرَكَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَقَاتَلُوهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ وَمِنْهُمْ مَنْ نَجَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا.
[288] قوله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ...
الْآيَةَ. [125] .
__________
(568) مرسل.
(569) مرسل.

(1/289)


«570» - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ قَتْلَى أُحُدٍ، انْصَرَفَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَرَأَى مَنْظَرًا سَاءَهُ، وَرَأَى حَمْزَةَ: قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَاصْطُلِمَ أَنْفُهُ، وَجُدِعَتْ أُذُنَاهُ. فَقَالَ: لولا أن تحزن النِّسَاءُ أَوْ تَكُونَ سُنَّةٌ بَعْدِي، لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ، لَأَقْتُلَنَّ مَكَانَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ. ثُمَّ دَعَا بِبُرْدَةٍ فَغَطَّى بِهَا وَجْهَهُ فَخَرَجَتْ رِجْلَاهُ، فَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْإِذْخِرِ، ثُمَّ قَدَّمَهُ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ وَحَمْزَةُ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلَاةً، وَكَانَ الْقَتْلَى سَبْعِينَ. فَلَمَّا دُفِنُوا وَفُرِغَ مِنْهُمْ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ إلى قوله تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ فَصَبَرَ وَلَمْ يُمَثِّلْ بِأَحَدٍ.
«571» - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
__________
(570) ضعيف: إسماعيل بن عياش إذا حدث عن الشاميين حديثه مستقيم وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين خلط ما شئت، وفي هذا الحديث يروي عن عبد الملك وهو من أصبهان فتكون الرواية ضعيفة، وهناك علة ثانية في هذا الحديث وهي: الحكم بن عتيبة: قال الحافظ في التقريب (1/ 192) ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس.
والحديث أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (3/ 287) وابن سعد (3/ 1/ 7) من طريق مقسم عن ابن عباس وليس عندهما سبب النزول، وأخرجه الدارقطني (4/ 116) وابن سعد (3/ 1/ 8) والبغوي في شرح السنة (5/ 369) من حديث أنس وليس عندهم سبب النزول.
(571) فات المصنف رحمه اللَّه وضع ترجمة هنا، والحديث في إسناده صالح بن بشير المري قال الحافظ في التقريب: ضعيف [تقريب 1/ 358] .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 197) وسكت عليه وقال الذهبي: صالح واه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 119) وقال: رواه البزار والطبراني وفيه صالح بن بشير المزني وهو ضعيف.
وزاد السيوطي نسبته في الدر (4/ 135) لابن سعد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

(1/290)


أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أشرف النبي صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ فَرَآهُ صَرِيعًا، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا كَانَ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، وَقَالَ: واللَّه لأقتلن بك سَبْعِينَ مِنْهُمْ. فَنَزَلَتْ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: بل نصبر يا رب.
«572» - أَخْبَرَنَا أَبُو حَسَّانَ الْمُزَكِّي، قال: حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ] قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنِ [ابْنِ] أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ: لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ فَقَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبِّ.
«573» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا رَأَوْا مَا فَعَلَ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلَاهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ تَبْقِيرِ الْبُطُونِ وَقَطْعِ الْمَذَاكِيرِ وَالْمُثْلَةِ السَّيِّئَةِ، قَالُوا حِينَ رَأَوْا ذَلِكَ: لَئِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَنَزِيدَنَّ عَلَى صَنِيعِهِمْ، وَلَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ قَطُّ، وَلَنَفْعَلَنَّ وَلَنَفْعَلَنَّ. وَوَقَفَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَلَى عَمِّهِ حَمْزَةَ وَقَدْ جَدَعُوا أَنْفَهُ [وَأُذُنَهُ] وَقَطَعُوا مَذَاكِيرَهُ وَبَقَرُوا بَطْنَهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ قِطْعَةً مِنْ كَبِدِهِ فَمَضَغَتْهَا ثُمَّ اسْتَرَطَتْهَا لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَلْبَثْ فِي بَطْنِهَا حَتَّى رَمَتْ بِهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ نبيَّ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهَا لَوْ أَكَلَتْهَا لَمْ تَدْخُلِ النَّارَ أَبَدًا، حَمْزَةُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ
__________
(572) في إسناده ثلاثة علل: منقطع: الحكم لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث وعدها يحيى القطان وهذا ليس فيها [تهذيب التهذيب 2/ 373] الحماني متهم بسرقة الحديث [تقريب 2/ 352] .
قيس بن الربيع: صدق تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.
وعزاه في الدر (4/ 135) لابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.
(573) يتفق مع ما سبق.

(1/291)


أَنْ يُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ النَّارَ. فَلَمَّا نَظَرَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إِلَى حَمْزَةَ، نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ لَمْ يَنْظُرْ [قَطُّ] إِلَى شَيْءٍ كَانَ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، إنك كنت مَا عَلِمْتُ: وَصُولًا لِلرَّحِمِ، فَعَّالًا لِلْخَيْرَاتِ، وَلَوْلَا حُزْنُ مَنْ بَعْدَكَ عَلَيْكَ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الْآيَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "بَلْ نَصْبِرُ"، وَأَمْسَكَ عَمَّا أَرَادَ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: ونحتاج أن نذكرها هنا مَقْتَلَ حَمْزَةَ:
«574» - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن إسماعيل الجُعْفِيّ، قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بْنُ عبد اللَّه حدثنا حُجَيْنُ بن الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأموي، قال: حدثني أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عيّاش بن أبي رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ:
خَرَجْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَمَرَرْنَا بِحِمْصَ، فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا قَالَ لِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ وَحْشِيًّا نَسْأَلُهُ كَيْفَ كَانَ قَتْلُهُ حَمْزَةَ؟ فَقُلْتُ لَهُ:
إِنْ شِئْتَ [فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْهُ] فَقَالَ لَنَا رَجُلٌ: أَمَا إِنَّكُمَا سَتَجِدَانِهِ بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَهُوَ رَجُلٌ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَمْرُ، فَإِنْ تَجِدَاهُ صَاحِيًا تجدا رجلًا عريباً [وتجدا] عِنْدَهُ بَعْضَ مَا تُرِيدَانِ. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، قُلْنَا: جِئْنَاكَ لِتُحَدِّثَنَا عَنْ قَتْلِكَ حَمْزَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمَا كَمَا حَدَّثْتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حِينَ سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ: كُنْتُ غُلَامًا لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ عَمُّهُ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ قَدْ أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا سَارَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لِي جُبَيْرُ بْنُ
__________
(574) أخرجه البخاري في المغازي (4072) وأحمد في مسنده (3/ 501) .

(1/292)


مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ فَأَنْتَ عَتِيقٌ. قَالَ: فَخَرَجْتُ وَكُنْتُ حَبَشِيًّا أَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَذْفَ الْحَبَشَةِ قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا شَيْئًا، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ خَرَجْتُ أَنْظُرُ حَمْزَةَ [وَأَتَبَصَّرُهُ] حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي عُرْضِ الْجَيْشِ مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَوْرَقِ يَهُدُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ هَدًّا مَا يَقُومُ له شيء، فو اللَّه إِنِّي لَأَتَهَيَّأُ لَهُ وَأَسْتَتِرُ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ لِيَدْنُوَ مِنِّي، إِذْ تَقَدَّمَنِي إِلَيْهِ سِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: هَا [هُنَا] يَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، قَالَ: ثم ضربه فو اللَّه مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ، وَهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتَّى إِذَا [مَا] رَضِيتُ مِنْهَا دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَوَقَعَتْ فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ نحوي فغُلب وتركته حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى النَّاسِ فَقَعَدْتُ فِي الْعَسْكَرِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِغَيْرِهِ حَاجَةٌ، إِنَّمَا قَتَلْتُهُ لِأُعْتَقَ- فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ أُعْتِقْتُ، فَأَقَمْتُ بِهَا حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ فَأَرْسَلُوا إِلَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رُسُلًا، وَقِيلَ لِي: إِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ [لِي] أَنْتَ وَحْشِيٌّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ بَلَغَكَ، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي. [فَخَرَجْتُ] قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ- قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لعلي أقتله فأكافىءَ بِهِ حَمْزَةَ. فَخَرَجْتُ مَعَ الناس، وكان مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.

(1/293)