إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج الباب الثامن
والعشرون
هذا باب ما جاء في التنزيل عقيب اسمين كني عن أحدهما اكتفاء
بذكره عن صاحبه وقد ذكر ذلك سيبويه في «الكتاب» «1» ، واحتج
بأبيات، وربما أسوقها لك بعد البداية بآي التنزيل.
فمن ذلك قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ
وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) «2» ، ولم يقل: وإنهما- اكتفاء بذكر
«الصلاة» عن ذكر «الصبر» ، وقد ذكرنا أنهم قالوا: إن الهاء
للاستعانة.
ومن ذلك قوله: (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ
امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) «3» .
وقال: (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ
بِهِ بَرِيئاً)
«4» ، فهذا على القياس المستمر، لأن التقدير: وإن كان أحد هذين
و: من يكسب أحد هذين، لأن «أو» لأحد الشيئين.
ولو صرح بهذا لصح وجاد: «له» و «به» .
فكذلك إذا قال بلفظة: أو ما.
__________
(1) الكتاب (1: 37) .
(2) البقرة: 45.
(3) النساء: 12.
(4) النساء: 112.
(2/609)
فأما قوله: (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ
فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما) «1» .
وقوله: (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا
رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى
الْكافِرِينَ) «2» .
فهذا على قياس الآيتين المتقدمتين، حقهما: فالله أولى به،
وحرمه ولكنه جاء على قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين على معنى
أنه يجوز له مجالستهما.
ومثل هذا قد جاء في الشعر، أنشدوا لرجل من هذيل «3» :
/ وكان سيان ألا يسرحوا نعماً ... أو يسرحوه بها واغبرت السوح
«4»
وأنت تقول: سيان زيد وعمرو، ولكنه قال: أو يسرحوه، على ما
ذكرنا.
ومن ذلك قوله: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها) «5» ولم يقل: ينفقونهما.
وقال: (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) «6» ،
ولم يقل: أكلهما.
وقال: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) «7» ،
والتقدير: والله أحق أن يرضوه، ورسوله أحق أن يرضوه.
__________
(1) النساء: 135.
(2) الأعراف: 50.
(3) هو أبو ذؤيب. (المغني 1-: 60) .
(4) الضمير في «بها» يعود للسنة المجدية. والسوح: جمع ساحة.
(5) التوبة: 34.
(6) الأنعام: 141.
(7) التوبة: 62.
(2/610)
وقال: (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ
يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) «1» فيمن قرأ بالتاء. ولم يقل:
يخيلان.
وقال: (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا
إِلَيْها) «2» ولم يقل: إليهما.
وأنشد للأنصاري:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف «3»
ولم يقل: بما عندنا راضون اكتفاء بالثاني عن الأول.
وقال:
رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئاً ومن أجل الطوى رماني «4»
وقال:
... وكان وأنت غير غدور «5»
فأحفظها.
__________
(1) طه: 66.
(2) الجمعة: 11.
(3) البيت لقيس بن الخطيم. (الكتاب 1: 38) . [.....]
(4) البيت لابن أحمر. (المصدر السابق) .
(5) جزء من بيت للفرزدق، وهو براية سيبويه (الكتاب 1: 38) :
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى ... وأبي فكان وكنت غير غدور
قال الأعلم: هذه الأبيات المتقدمة في حذف خبر الأول لدلالة
الثاني عليه.
(2/611)
|