إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج الباب التاسع
والثلاثون
هذا باب ما جاء في التنزيل نصباً على المدح ورفعاً عليه وذلك
إذا جرى صفات شتى على موصوف واحد، يجوز لك قطع بعضها عن بعض،
فترفعه على المدح أو تنصبه، وكذلك في الشتم تقول: مررت بالرجل
الفاضل الأديب الأريب، وبالرجل الفاسق الخبيث اللئيم. يجوز لك
أن تتبعها الأول، وأن تنصب على المدح، وترفع.
فمن ذلك قوله تعالى: (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) «1» ، إلى قوله: (وَالْمُوفُونَ
بِعَهْدِهِمْ) «2» . والتقدير: هم الموفون. (وَالصَّابِرِينَ)
أي: أمدح الصابرين.
وقيل: إن قوله «والموفون» رفع عطف على «من آمن» .
ومن ذلك/ قوله تعالى: (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ
وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) «3» .
أي: وامدح المقيمين. (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) «4» . أي: وهم
المؤتون، وكذلك: (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) «5» .
وقيل إن قوله: «والمقيمين» جر وعطف على قوله: «منهم» وهذا خطأ،
لأنه لم يعد لفظة «من» .
وأما قوله: (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا
مَلْعُونِينَ) «6» ، فنصب على الذم، أي: أذم الملعونين.
__________
(2- 1) البقرة: 177.
(5- 4- 3) النساء: 162.
(6) الأحزاب: 60 و 61.
(2/741)
وقيل: هو حال من الضمير في
(لَنُغْرِيَنَّكَ) ، «1» أي: لنغرينك بهم ملعونين.
ومن ذلك قوله تعالى: (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) «2» . فيمن نصب على
تقدير: أذم حمالة الحطب، فيكون قوله:
«وامرأته» رفعاً عطفاً على الضمير في «يصلى» ، أي: يصلى هو
وامرأته.
وأما من رفع «حمالة الحطب» فيكون «وامرأته» مبتدأة، ويكون
«حمالة الحطب» خبره. وإن رفعته بالعطف كان التقدير: هي حمالة
الحطب، وكل ما ذكرنا فى «الذي» و «الذين» : إذا جاز كونهما
وصفاً لما قبلهما، فإن نصبهما ورفعهما على المدح جائز.
وأما قوله تعالى: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ) ، «3» فقد
يكون من هذا الباب، وقد يكون جراً جرياً على قوله: (لِلَّذِينَ
اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ.... الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا
... الصَّابِرِينَ) «4» .
ومن ذلك قوله: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) «5» ، أي: أذمهم.
وأما قوله: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) «6» فيكون على الذم، ويكون
على الحال من (الْمُعَوِّقِينَ) ، «7» أي: يعوقون هاهنا عند
القتال ويشحون عن الإنفاق على فقراء المسلمين. وإن شئت من
(وَالْقائِلِينَ) «8» وإن شئت (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ
إِلَّا قَلِيلًا) ، «9» ويكون على الذم.
__________
(1) الأحزاب: 60.
(2) المسد: 3.
(3) آل عمران: 17.
(4) آل عمران: 15- 17.
(5) النساء: 143.
(6) الأحزاب: 19. [.....]
(9- 8- 7) الأحزاب: 18.
(2/742)
|