إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج

الباب الخامس والخمسون
باب ما جاء في التنزيل في جواب الأمر فمن ذلك قوله تعالى: (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا) «1» ف «يخرج لنا» جزم، لأن التقدير: ادع لنا ربك وقل له أخرج يخرج لنا مما تنبت الأرض.
ومنه قوله: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ) «2» أي: أخرجها تخرج.
وقال: (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) «3» ، ففي «يقيموا» ثلاثة أقوال:
الأول: أن يكون جواب «قل» ، لأنه يتضمن معنى: مرهم بالصلاة يفعلوا، لأنهم آمنوا.
والثاني: أن «قل» تقتضى مقولا، وذلك المقول هاهنا «أقيموا» ، فالتقدير: قل لهم أقيموا الصلاة يقيموها، أي: إن قلت أقيموا أقاموا، لأنهم يؤمنون، فيكون جواب أمر محذوف دل عليه الكلام.
والثالث: أن يكون بحذف اللام من فعل أمر الغائب، على تقدير:
قل لهم ليقيموا الصلاة. وجاز حذف اللام هنا، ولا يجوز ابتداء مع الجزم، لأن لفظ الأمر هاهنا صار عوضا من الجازم، وفي أول الكلام لا يكون له عوض إذا حذف «4» .
__________
(1) البقرة: 61.
(2) النمل: 12.
(3) إبراهيم: 31.
(4) البحر (5: 426) . الكتاب (1: 408) .

(3/811)


وفي «التذكرة» في قوله: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) «1» إلى قوله (يَغْفِرْ لَكُمْ) «2» قيل: «تؤمنون» على إرادة «أن» فلما حذفت رفع، كأنه: هل أدلكم على أن تؤمنوا، على أنه بدل من «تجارة» فلما حذف رفع، فيكون المعنى معنى «أن» ، وإن حذفت، وأن يكون بمعنى «آمنوا» / أقوى، لانجزام قوله «يغفر» ، ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون جوابا لقوله: (هَلْ أَدُلُّكُمْ) ، أو يكون جواب «آمنوا» ، فلا يكون جواب «هل أدلكم» لأنه ليست المغفرة تقع بالدلالة، إنما تقع بالإيمان، فإذا لم يمتنع أن يكون جوابا له ثبت أنه بمعنى الأمر. هذا قول سيبويه «3» .
وقال قوم: إن قول الفراء أجود، وذا كأن «تؤمنوا» لا يقتضى جوابا مجزوما، لأنه مرفوع والاستفهام يقتضيه، وإذا وجب بالإجماع حمل الكلام على المعنى، فأن يقدر «هل تؤمنوا يغفر» أولى، لارتفاع «تؤمنون» ، ولكون المعنى عليه، ويكون «تؤمنون» بدلا من «أدلكم» .
قال أبو عثمان في قوله: (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) «4» : التقدير في «يقولوا» : «قولوا» ، لأنه إذا قال «قل» فقوله لم يقع بعد، فوقوع «يفعل» في موضع «افعلوا» غير متمكنٍ في الأفعال، فلما وقع التمكن وقع «افعلوا» وهكذا تقول في قوله:
إذا الدين أودى بالفساد فقل له ... يدعنا ورأساً من معدٍّ نصارمه
أي: دعنا. وهذا لا يرتضيه أبو علي، لأن الموجب للبناء في الاسم الواقع موقع المبني لا يكون مثل ذلك في الأفعال، وإنما يكون فى الأسماء.
__________
(1) الصف: 10 و 11.
(2) الصف: 12. [.....]
(3) الكتاب (1: 448) .
(4) الإسراء: 53.

(3/812)