(1/103)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
ذكر اخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي فَاتِحَة الْكتاب
1 - اخْتلفُوا فِي قَوْله {مَالك يَوْم الدّين} 4 فِي إِثْبَات
الْألف وإسقاطها
فَقَرَأَ عَاصِم وَالْكسَائِيّ {مَالك يَوْم الدّين} بِأَلف
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {ملك} بِغَيْر ألف
وَلم يمل أحد الْألف من {ملك}
وَحجَّة من قَرَأَ {مَالك} قَوْله {مَالك الْملك} آل عمرَان 26
وَلم يقل ملك الْملك
و {مَالك} أمدح من {ملك} لِأَنَّهُ يجمع الِاسْم وَالْفِعْل
وَقَالَ أَبُو حمدون عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو {ملك} يجمع
مَالِكًا و {ملك} لَا يجمع ملكا
و {مَالك يَوْم الدّين} إِنَّمَا هُوَ ذَلِك الْيَوْم
بِعَيْنِه و / ملك يَوْم الدّين / ملك ذَلِك الْيَوْم بِمَا
فِيهِ
وَحجَّة من قَرَأَ {ملك} قَوْله (ملك النَّاس) النَّاس 2
وَقَوله {الْملك القدوس} الْحَشْر 22
وَقد رويا جَمِيعًا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حَدثنِي مَدين بن شُعَيْب عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب الْجرْمِي
عَن أبي
(1/104)
معمر عَن عبد الْوَارِث عَن أبي عَمْرو
أَنه قَرَأَ {ملك} سَاكِنة اللَّام
وروى غَيره عَن عبد الْوَارِث عَن أبي عَمْرو {ملك} مَكْسُورَة
الْمِيم وساكنة اللَّام
قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا من اختلاس أبي عَمْرو الَّذِي ذكر
أَنه كَانَ يَفْعَله كثيرا وَهُوَ كَقَوْل الْعَرَب فِي كبد
كبد يسكنون وسط الِاسْم فِي الضَّم وَالْكَسْر استثقالا
2 - وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {الصِّرَاط} فِي السِّين وَالصَّاد
وَالزَّاي والإشمام
فَقَرَأَ ابْن كثير / السراط / بِالسِّين فِي كل الْقُرْآن فِي
رِوَايَة القواس وَعبيد بن عقيل عَن شبْل
وروى البزي وَعبد الْوَهَّاب بن فليح عَن أصحابهما عَن ابْن
كثير بالصَّاد فِي كل الْقُرْآن
وروى عبيد بن عقيل عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ يقْرَأ / السراط
/ بِالسِّين
وروى هرون الْأَعْوَر عَن أبي عَمْرو
أَنه كَانَ رُبمَا قَرَأَ بِالسِّين وَرُبمَا قَرَأَ بالصَّاد
وروى الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ / الزراط /
(1/105)
بالزاي خَالِصَة وروى اليزيدي وَعبد
الْوَارِث بالصَّاد عَنهُ فِي جَمِيع الْقُرْآن
وروى عُرْيَان بن أبي سُفْيَان عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ
يقْرَأ بَين الصَّاد وَالزَّاي مثل حَمْزَة
الْبَاقُونَ {الصِّرَاط} بالصَّاد غير أَن حَمْزَة كَانَ يشم
الصَّاد فيلفظ بهَا بَين الصَّاد وَالزَّاي وَلَا يضبطها
الْكتاب
وَقَالَ الْكسَائي عَن حَمْزَة إِنَّه كَانَ يفعل ذَلِك
بالصَّاد الساكنة خَاصَّة وَلَا يَفْعَله بالمتحركة كَانَ
يقْرَأ / الزراط / بالزاي وَيقْرَأ {صِرَاط الَّذين} بالصَّاد
وَكَانَ سليم يحْكى ذَلِك فِي الساكنة والمتحركة
قَالَ خلف وَكَذَلِكَ إِذا سكنت وَأَتَتْ بعْدهَا دَال مثل
{قصد السَّبِيل} النَّحْل 9 و {يصدر الرعاء} الْقَصَص 23 و
{يصدفون} الْأَنْعَام 46 و {المصيطرون} الطّور 37 و {بمصيطر}
الغاشية 22
وَكَانَ الْفراء يحْكى عَن حَمْزَة / الزراط / بالزاي خَالِصَة
ويحكى ذَلِك فِي الصَّاد الساكنة فَقَط فَإِذا تحركت لم يقلبها
زايا
حَدثنِي حسن الْجمال قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى
الْأَصْبَهَانِيّ
(1/106)
قَالَ حَدثنَا خَلاد قَالَ لم يقْرَأ سليم
{الصِّرَاط} إِلَّا بالصَّاد إِلَّا أَن سليما كَانَ يقْرَأ
فِي الصَّلَاة بشبه الزَّاي فِي هَذِه وَحدهَا وَلم يكن يشم
الصَّاد الزَّاي فِي الْقُرْآن كُله غَيرهَا ويصفى الصَّاد فِي
الْقُرْآن كُله
وَكَانَ الْكسَائي يُتَابع حَمْزَة فِي {قصد} و {يصدر الرعاء}
وَمَا كَانَ مثل ذَلِك
وحَدثني مُحَمَّد بن يحيى الْكسَائي عَن خلف قَالَ سَمِعت
الْكسَائي يَقُول السِّين فِي {الصِّرَاط} أَسِير فِي كَلَام
الْعَرَب وَلَكِنِّي أَقرَأ بالصَّاد أتبع الْكتاب الْكتاب
بالصَّاد
وَأما الْبَاقُونَ فكلهم يصفى الصَّاد فِي ذَلِك كُله
وَاخْتلف عَن الْكسَائي فِي {المصيطرون} و {بمصيطر}
وَسَتَأْتِي فِي موَاضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَالسِّين الأَصْل وَالْكتاب بالصَّاد وَإِنَّمَا كتبت
بالصَّاد ليقربوها من الطَّاء لِأَن الطَّاء لَهَا تصعد فِي
الحنك وَهِي مطبقة وَالسِّين مهموسة وَهِي من حُرُوف الصفير
فثقل عَلَيْهِم أَن يعْمل اللِّسَان منخفضا ومستعليا فِي كلمة
وَاحِدَة فقلبوا السِّين إِلَى الصَّاد لِأَنَّهَا مؤاخية
للطاء فِي الإطباق ومناسبة للسين فِي الصفير ليعْمَل اللِّسَان
فيهمَا متصعدا فِي الحنك عملا وَاحِدًا
(1/107)
وَأما إمالة الصَّاد إِلَى الزَّاي فَلِأَن
الصَّاد وَإِن كَانَت من حُرُوف الإطباق فَهِيَ مهموسة والطاء
مجهورة فقلبت الصَّاد إِلَى حرف مجهور مثلهَا مؤاخ للصاد
بالصفير ليَكُون مجهورا كالطاء
وَكَذَلِكَ القَوْل فِي {قصد} و {يصدر} و {يصدفون} من نحا بهَا
نَحْو الزَّاي فلعلة الهمس والجهر
3 - وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {عَلَيْهِم}
فَقَرَأَ {عَلَيْهِم} بِضَم الْهَاء حَمْزَة وَكَذَلِكَ
{إِلَيْهِم} و {لديهم}
هَذِه الثَّلَاثَة الأحرف بِالضَّمِّ وَإِسْكَان الْمِيم
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {عَلَيْهِم} وَأَخَوَاتهَا بِكَسْر
الْهَاء
الِاخْتِلَاف فِي صلَة مِيم الْجمع بواو وَفِي ضم ضمير الْهَاء
قبلهَا وكسره
وَاخْتلفُوا فِي الْمِيم فَكَانَ ابْن كثير يصل الْمِيم بواو
انضمت الْهَاء قبلهَا أَو انْكَسَرت فَيَقُول {عَلَيْهِم غير
المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَاتِحَة الْكتاب 7 و
{على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى أَبْصَارهم غشاوة} الْبَقَرَة
7
وَاخْتلفُوا عَن نَافِع فِي الْمِيم فَقَالَ إِسْمَاعِيل بن
جَعْفَر وَابْن جماز وقالون والمسيبي الْهَاء مَكْسُورَة
وَالْمِيم مَرْفُوعَة أَو منجزمة أَنْت فِيهَا مُخَيّر
وَقَالَ أَحْمد بن قالون عَن أَبِيه كَانَ نَافِع لَا يعيب رفع
الْمِيم فَهَذَا يدل
(1/108)
على أَن قِرَاءَته كَانَت بالإسكان
وَالَّذِي قَرَأت بِهِ الإسكان
وَقَالَ ورش الْهَاء مَكْسُورَة وَالْمِيم مَوْقُوفَة إِلَّا
أَن تلقاها ألف أَصْلِيَّة فَإِذا لقيتها ألف أَصْلِيَّة وصلت
الْمِيم بواو فِي الْوَصْل مثل قَوْله {سَوَاء عَلَيْهِم
أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} الْبَقَرَة 6
وَكَانَ أَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَابْن عَامر وَالْكسَائِيّ
يكسرون الْهَاء ويسكنون الْمِيم فَإِذا لقى الْمِيم حرف سَاكن
اخْتلفُوا فَكَانَ عَاصِم وَنَافِع وَابْن كثير وَابْن عَامر
يمضون على كسر الْهَاء ويضمون الْمِيم إِذا لقيها سَاكن مثل
قَوْله {عَلَيْهِم الذلة} الْبَقَرَة 61 و {من دونهم
امْرَأتَيْنِ} الْقَصَص 23 وَمَا أشبه ذَلِك
وَكَانَ أَبُو عَمْرو يكسر الْهَاء أَيْضا وَيكسر الْمِيم
فَيَقُول {عَلَيْهِم الذلة} {إِلَيْهِم اثْنَيْنِ} يس 14 وَمَا
أشبه ذَلِك
وَكَانَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ يضمان الْمِيم وَالْهَاء مَعًا
فَيَقُولَانِ {عَلَيْهِم الذلة} و {من دونهم امْرَأتَيْنِ}
وَمَا أشبه ذَلِك
وكل هَذَا الِاخْتِلَاف فِي كسر الْهَاء وَضمّهَا إِنَّمَا
هُوَ فِي الْهَاء الَّتِي قبلهَا كسرة أَو يَاء سَاكِنة فَإِذا
جَاوَزت هذَيْن لم يكن فِي الْهَاء إِلَّا الضَّم
وَإِذا لم يكن قبل الْمِيم هَاء قبلهَا كسرة أَو يَاء سَاكِنة
لم يجز فِيهَا إِلَّا الضَّم أَو التسكين مثل قَوْله {مِنْكُم}
و {أَنْتُم}
فَأَما من كسر الْهَاء وَوصل الْمِيم بواو وَهُوَ قَول ابْن
كثير وَنَافِع فِي أحد قوليه فَإِنَّهُ استثقل ضمة الْهَاء بعد
الْيَاء {فَأتى} بالكسرة لِأَن الكسرة من جنس الْيَاء
وَالْهَاء مؤاخية للياء لِأَن الْهَاء قد تقع فِي موقع الْيَاء
فِي
(1/109)
بعض القوافي وَهِي حرف خَفِي فأتبعوا
الْيَاء الكسرة فِي الْهَاء وَأتوا بِالْمِيم مَوْصُولَة بواو
الْجمع لِأَنَّهُ أصل الْكَلِمَة أَلا ترى أَنَّك إِذا ثنيت
الْهَاء قلت عَلَيْهِمَا فَأتيت بِأَلف التَّثْنِيَة كَذَلِك
إِذا جمعت قلت عليهمو فَأتيت بواو الْجمع كَمَا تَقول قَامَ
وقاما وَقَامُوا
وَأما من كسر الْهَاء وأسكن الْمِيم وَهُوَ قَول عَاصِم وَأبي
عَمْرو وَابْن عَامر وَالْكسَائِيّ فَإِنَّهُم أمنُوا اللّبْس
إِذْ كَانَت الْألف فِي التَّثْنِيَة قد دلّت على الِاثْنَيْنِ
وَلَا مِيم فِي الْوَاحِد فَلَمَّا لَزِمت الْمِيم الْجمع
حذفوا الْوَاو وأسكنوا الْمِيم طلبا للتَّخْفِيف إِذْ كَانَ
لَا يشكل
وَأما الضمة فِي الْهَاء من {عَلَيْهِم} وَهُوَ قَول حَمْزَة
فَهِيَ أصل الْهَاء لِأَنَّهَا إِذا ابتدأت كَانَت مَضْمُومَة
كَقَوْلِك هم فَتركت على حَالهَا
وَأما من ترك الْهَاء مَكْسُورَة وَضم الْمِيم عِنْد لقائها
السَّاكِن فَلِأَن الْمِيم لَا بُد من حركتها للساكن الَّذِي
لقيها
فَردَّتْ لما احْتِيجَ إِلَى حركتها إِلَى أصل قد كَانَ لَهَا
وَهُوَ الضَّم وَتركُوا الْهَاء على حَال كسرهَا إِذْ لم
تَدعهُمْ إِلَى ردهَا إِلَى الأَصْل ضَرُورَة كَمَا دعت إِلَى
ضم الْمِيم وَلِأَن الْهَاء إِنَّمَا تبِعت الْيَاء لِأَنَّهَا
شبهت بهَا وَلم تتبعها الْمِيم لبعدها مِنْهَا
وَالَّذين كسروا الْمِيم للساكن الَّذِي لقيها وَالْهَاء
مَكْسُورَة فَإِنَّهُم أتبعوا الْكسر الْكسر لثقل الضَّم بعد
الْكسر
كَمَا استثقلوا ضمة الْهَاء بعد الْكسر كَذَلِك استثقلوا ضمة
الْمِيم بعد كسرة الْهَاء
وَأما من كسر الْهَاء إِذا لم يلق الْمِيم سَاكن وَضمّهَا إِذا
لَقِي الْمِيم
(1/110)
سَاكن وَهُوَ قَول الْكسَائي فَإِنَّهُ لما
رد الْمِيم إِلَى أَصْلهَا رد الْهَاء أَيْضا إِلَى أَصْلهَا
وأتبع الضَّم الضَّم استثقالا لِلْخُرُوجِ من الْكسر إِلَى
الضَّم
وَأما حَمْزَة فِي قَوْله فِي ضم الْهَاء من {عَلَيْهِم} و
{إِلَيْهِم} و {لديهم} فَإِنَّهُ إِذا جَاوز هَذِه الثَّلَاثَة
الأحرف وَلَقي الْهَاء وَالْمِيم سَاكن ضمهما فَإِذا لم يلق
الْمِيم سَاكن كسر الْهَاء فَيَقُول {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ}
الْأَنْفَال 16 {برَبهمْ يعدلُونَ} الْأَنْعَام 1
وَمثل السَّاكِن {عَن قبلتهم الَّتِي} الْبَقَرَة 142
وَإِنَّمَا خص حَمْزَة هَذِه الأحرف الثَّلَاثَة بِالضَّمِّ
أَعنِي {عَلَيْهِم} و {لديهم} و {إِلَيْهِم} من بَين سَائِر
الْحُرُوف لِأَنَّهُنَّ إِذا وليهن ظَاهر صَارَت ياءاتهن ألفات
وَلَا يجوز كسر الْهَاء إِذا كَانَ قبلهَا ألف فعامل الْهَاء
مَعَ المكنى مُعَاملَة الظَّاهِر إِذْ كَانَ مَا قبل الْهَاء
إِذا صَار ألفا لم يجز كسر الْهَاء
وَلَو كَانَ مَكَان الْهَاء وَالْمِيم كَاف وَمِيم لم يجز
كسرهما إِلَّا فِي لُغَة قَليلَة لَا تدخل فِي الْقِرَاءَة
لبعد الْكَاف من الْيَاء
4 - وَاخْتلفُوا فِي قَوْله {غير المغضوب عَلَيْهِم}
قَرَأَ {غير المغضوب عَلَيْهِم} بخفض الرَّاء نَافِع وَعَاصِم
وَأَبُو عمر وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ
وَاخْتلفُوا عَن ابْن كثير فَحَدثني أَبُو حَمْزَة الأنسي أنس
بن خَالِد بن عبد الله بن أبي طَلْحَة بن مُوسَى بن أنس بن
مَالك قَالَ
(1/111)
حَدثنَا نصر بن عَليّ قَالَ خبرنَا بكار بن
عبد الله بن يحيى العوذي عَن الْخَلِيل بن أَحْمد قَالَ سَمِعت
عبد الله بن كثير الْمَكِّيّ أَنه كَانَ يقْرَأ {غير المغضوب
عَلَيْهِم} وَقَالَ الْخَلِيل وَهِي جَائِزَة على وَجه الصّفة
للَّذين أنعم الله عَلَيْهِم يَعْنِي بِالصّفةِ الْقطع من ذكر
الَّذين
وَيجوز أَن يكون نصب غير على الْحَال
وَقد قَالَ الْأَخْفَش نصب غير على الِاسْتِثْنَاء وَهَذَا غلط
وروى غَيره عَن ابْن كثير الْكسر مثل قِرَاءَة الْعَامَّة
وَمن كسر غير فَلِأَنَّهُ نعت للَّذين
وَيجوز على التكرير {صِرَاط} {غير المغضوب عَلَيْهِم}
قَالَ أَبُو بكر استطلت ذكر الْعِلَل بعد هَذِه السُّورَة
وكرهت أَن يثقل الْكتاب فَأَمْسَكت عَن ذَلِك وأخبرت
بِالْقِرَاءَةِ مُجَرّدَة
(1/112)
ذكر الْإِدْغَام وَاخْتِلَافهمْ فِيهِ
مَذْهَب نَافِع
قَالَ أَبُو بكر كَانَ نَافِع لَا يكَاد يدغم إِلَّا مَا كَانَ
إِظْهَاره خُرُوجًا من كَلَام الْعَرَب إِلَّا حروفا يسيرَة
فمما أَجمعت عَلَيْهِ الروَاة عَنهُ أَنه أدغمه
(1/113)
الذَّال إِذا سكنت ولقيتها التَّاء من كلمة
وَاحِدَة كَقَوْلِه {اتخذتم} الْبَقَرَة 51 و {أَخَذْتُم} آل
عمرَان 81 و {لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} الْكَهْف 77
وَاخْتلفُوا عَنهُ فِي {عذت} غَافِر 27 فَقَالَ ابْن جماز
وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَنهُ الذَّال مدغمة
وَقَالَ الْمسَيبِي وَأَبُو بكر بن أبي أويس وورش وقالون عذت
غير مدغمة
وَاخْتلفُوا عَنهُ فِي دَال قد مَعَ الضَّاد فروى أَحْمد بن
صَالح عَن ورش وقالون وَالْقَاضِي عَن قالون {قد ضللت}
الْأَنْعَام 56 و {قد ضلوا} النِّسَاء 167 {وَلَقَد ضربنا}
الرّوم 58 بِالْإِدْغَامِ وقرأت على ابْن عَبدُوس عَن أبي عمر
عَن إِسْمَاعِيل عَن نَافِع بالإظهار
وَقَالَ الْمسَيبِي أَيْضا {قد ضللت} غير مدغمة
وروى أَبُو عمَارَة عَن الْمسَيبِي عَن نَافِع الدَّال مَعَ
الضَّاد مدغمة خلاف مَا رَوَاهُ غَيره
وَأَجْمعُوا أَنه أدغم لَام قل فِي الرَّاء مثل {قل رب}
الْمُؤْمِنُونَ 93 إِلَّا شَيْئا رَوَاهُ أَبُو عون بن عَمْرو
بن عون عَن أَحْمد بن يزِيد الْحلْوانِي عَن قالون عَنهُ أَنه
لم يدغم وَالْأَشْبَه بِهِ الْإِدْغَام
وَكَذَلِكَ لَام بل فِيهَا مَا فِي لَام قل وهم لم
يَخْتَلِفُوا فِي {بل رَفعه الله إِلَيْهِ} النِّسَاء 158 أَنه
مدعم
وَاخْتلفُوا فِي لَام {بل ران} المطففين 14 فَقَالَ
إِسْمَاعِيل بن
(1/114)
جَعْفَر عَن نَافِع مدغمة
وَكَذَلِكَ قَالَ خلف عَن الْمسَيبِي عَنهُ
وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن أَبِيه اللَّام غير مدغمة
وروى أَحْمد بن صَالح عَن ورش وقالون {وَلَقَد ذرأنا}
الْأَعْرَاف 179 مدغمة
وقرئت عَنهُ غير مدغمة والإدغام الْوَجْه
وَكَذَلِكَ {قَالَ لقد ظلمك} ص 24 مدغم
وَقَالَ الْمسَيبِي غير مدغم وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيل
عَنهُ
وَأما مَا لَا يجوز إِظْهَاره فَقَوله {قد تبين} الْبَقَرَة
256 {وَلَقَد تركنَا} العنكبوت 35 {وَقَالَت طَائِفَة} آل
عمرَان 72 و {هَمت طَائِفَتَانِ} آل عمرَان 122 وَمَا أشبه
ذَلِك مدغم كُله لَا يجوز إِلَّا ذَلِك
على أَن ابْن الْمسَيبِي قد روى عَن أَبِيه {قد تبين}
بِإِظْهَار الدَّال عِنْد التَّاء
وَهَذَا مِمَّا أَخْبَرتك أَن إِظْهَاره خُرُوج من كَلَام
الْعَرَب وَهُوَ ردىء جدا لقرب الدَّال من التَّاء وأنهما
بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فثقل الْإِظْهَار وَكَذَلِكَ التاءات
الساكنة لَا يجوز إظهارها سَاكِنة عِنْد الدَّال فِي مثل
{فَلَمَّا أثقلت دعوا الله} الْأَعْرَاف 189 و {أجيبت دعوتكما}
يُونُس 89 الْإِدْغَام لَا غير
وروى عَنهُ {أجيبت دعوتكما} بالإظهار
مَذْهَب ابْن كثير
وَأما ابْن كثير فَكَانَت قِرَاءَته الْإِظْهَار أَيْضا إِلَّا
مَا ذكرت أَن إِظْهَاره خُرُوج من كَلَام الْعَرَب وَكَانَ
يدغم {بل ران} و {قل رب} وبل
(1/115)
رَفعه الله) وَمَا كَانَ مثله
وَأما {قد تبين} {وَقَالَت طَائِفَة} فَلَا اخْتِلَاف بَينهم
فِي إدغامه إِلَّا مَا ذكر عَن الْمسَيبِي عَن نَافِع أَنه
قَرَأَ {قد تبين} غير مدغمة
وَيظْهر ابْن كثير سَائِر مَا ذكرت أَن نَافِعًا يدغمه
مَذْهَب عَاصِم
وَكَانَ عَاصِم لَا يدغم وَلَا يرى الْإِدْغَام إِلَّا فِيمَا
لَا يجوز إِظْهَاره ويدغم اللَّام من {بل ران} فِي رِوَايَة
أبي بكر
وَقَالَ حَفْص عَن عَاصِم {بل ران} يقف على اللَّام وَقْفَة
خَفِيفَة و {من راق} الْقِيَامَة 25 يقف على النُّون وَهُوَ
فِي ذَلِك يصل
وَقْفَة خَفِيفَة ويدغم {اتخذتم} و {أَخَذْتُم} و {اتَّخذت}
فِي رِوَايَة أبي بكر
وَحَفْص يظْهر الذَّال فِي ذَلِك أجمع
وَأما أَبُو بكر فروى عَن عَاصِم {من راق} مدغمة النُّون فِي
الرَّاء من غير سكتة و {بل ران} مدغمة اللَّام مَكْسُورَة
الرَّاء
مَذْهَب أبي عَمْرو
وَكَانَ أَبُو عَمْرو إِذا التقى الحرفان وهما من كَلِمَتَيْنِ
على مِثَال وَاحِد متحركين أسكن الأول وأدغمه فِي الثَّانِي
وَلَا يُبَالِي أَكَانَ مَا قبل الأول سَاكِنا أَو متحركا بعد
أَن لَا يكون من المضاعف مثل {أحل لكم} الْبَقَرَة
(1/116)
187 - و {مس سقر} الْقَمَر 48 و {كن نسَاء}
النِّسَاء 11 فَإِنَّهُ لم يكن يدغم هَذَا الْجِنْس لِأَن
فِيهِ إدغاما
فَإِذا سكن الأول مِنْهُمَا وهما على مِثَال وَاحِد لم يكن فِي
قَوْله وَقَول غَيره إِلَّا الْإِدْغَام إِلَّا إِن كَانَ
الأول منونا لم يدغم لِأَن التَّنْوِين فاصل
وَكَانَ يدغم اللَّام فِي اللَّام وَالْبَاء فِي الْبَاء
وَالتَّاء فِي التَّاء والثاء فِي الثَّاء وَكَذَلِكَ حُرُوف
المعجم كلهَا متحركها وساكنها إِلَّا الْوَاو المضموم مَا
قبلهَا وَهِي سَاكِنة مثل {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا
وَالنَّصَارَى} الْبَقَرَة 62 وَمَا كَانَ مثله
فَإِذا انْفَتح مَا قبل الْوَاو الساكنة أدغمها فِي مثلهَا
كَقَوْلِه {عصوا وَكَانُوا} الْبَقَرَة 61 و {حَتَّى عفوا
وَقَالُوا} الْأَعْرَاف 95 وَكَذَلِكَ الْيَاء المكسور مَا
قبلهَا وَهِي سَاكِنة كَقَوْلِه {فِي يتامى النِّسَاء}
النِّسَاء 127 و {فِي يُوسُف} يُوسُف 7 و {الَّذِي يدع}
الماعون 2
وَأما الْألف فَلَا تُدْغَم فِي شَيْء وَلَا يدغم فِيهَا شَيْء
وَكَانَ لَا يدغم التَّاء من {أَنْت} فِي قَوْله تَعَالَى
{أفأنت تهدي} يُونُس 43 لقلَّة حُرُوف الِاسْم وَكَذَلِكَ
اللَّام فِي قَوْله {إِلَّا آل لوط} الْحجر 59 وَلَا التَّاء
فِي {كنت ترجو} الْقَصَص 86 و {كدت تركن} الْإِسْرَاء 84 لما
نقص من {كنت} وَمن {كدت}
والناقص من {كنت} وَاو هِيَ عين الْفِعْل وَمن {كدت} يَاء
وَهِي عين الْفِعْل أَيْضا
كَانَ الأَصْل فِي {كنت} كونت وَفِي {كدت} كيدت
وَيدخل فِي قِيَاس
(1/117)
ذَلِك {جِئْت شَيْئا} مَرْيَم 27 لِأَن
جِئْت نَاقص الْعين وَلَا يَنْبَغِي أَن يدغم قِيَاسا
وَكَانَ يدغم الْحَرْف فِي المقارب لَهُ فِي الْمخْرج إِذا
كَانَا من كَلِمَتَيْنِ فيدغم الْمِيم فِي الْبَاء إِذا تحرّك
مَا قبل الْمِيم مثل {بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} الْأَنْعَام
53 فَإِن سكن مَا قبلهَا لم يدغم مثل {إِبْرَاهِيم بنيه}
الْبَقَرَة 132 و {الْيَوْم بجالوت} الْبَقَرَة 249 و
{الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام} الْبَقَرَة 194
ويدغم النُّون فِي اللَّام إِذا تحرّك مَا قبلهَا مثل {لن نؤمن
لَك} الْبَقَرَة 55 {وَتبين لكم} إِبْرَاهِيم 45 فَإِن سكن مَا
قبلهَا لم يدغم مثل قَوْله {وَتَكون لَكمَا} يُونُس 78 و {قد
كَانَ لكم} آل عمرَان 13 ويدغم الْبَاء فِي الْمِيم فِي قَوْله
{ويعذب من يَشَاء} فِي كل الْقُرْآن لكسر مَا قبل الْبَاء
ويدغم الْقَاف فِي الْكَاف وَالْكَاف فِي الْقَاف إِذا كَانَا
من كَلِمَتَيْنِ وَمَا قبلهمَا متحرك وَلَا يدغم إِذا كَانَا
فِي كلمة وَاحِدَة إِلَّا {خَلقكُم} فِي كل الْقُرْآن و
{رزقكم} فِي جَمِيع الْقُرْآن و {طَلَّقَكُن} التَّحْرِيم 5 و
{مَا سبقكم بهَا} الْأَعْرَاف 80
ويدغم الدَّال فِي الذَّال إِذا سكن مَا قبل الدَّال وَكَانَ
الْحَرْف فِي مَوضِع خفض مثل قَوْله {من بعد ذَلِك} الْبَقَرَة
52 وَلَا يدغم فِي النصب مثل قَوْله {فَمن تولى بعد ذَلِك} آل
عمرَان 82
وَكَذَلِكَ الدَّال فِي
(1/118)
الضَّاد مثل قَوْله تَعَالَى {من بعد ضراء}
يُونُس 21 وَلَا يدغم فِي النصب مثل قَوْله تَعَالَى {نعماء
بعد ضراء} هود 10
قَوْله فِي إدغام الْحُرُوف الَّتِي لَا تعرف لَهَا حَرَكَة
وَهِي الدَّال من قد والذال من إِذْ وَاللَّام من هَل وبل وتاء
التَّأْنِيث وَنون الْإِعْرَاب
فَكَانَ يدغم دَال قد فِي التَّاء كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَقَد
تركناها} الْقَمَر 15 وَفِي الذَّال مثل {وَلَقَد ذرأنا}
الْأَعْرَاف 179 وَفِي الزَّاي مثل {وَلَقَد زينا السَّمَاء}
الْملك 5 وَفِي السِّين مثل {قد سمع} المجادلة 1 وَفِي الشين
مثل {قد شغفها} يُوسُف 30 وَفِي الصَّاد مثل قَوْله {وَلَقَد
صرفناه} الْفرْقَان 50 وَفِي الضَّاد كَقَوْلِه {وَلَقَد
ضربنا} الرّوم 58 وَفِي الظَّاء كَقَوْلِه {لقد ظلمك} ص 24
وَفِي الْجِيم مثل {قد جَاءَكُم} النِّسَاء 170
وَكَانَ يدغم ذال إِذْ فِي التَّاء كَقَوْلِه {إِذْ تسوروا} ص
21 وَفِي الزَّاي كَقَوْلِه {وَإِذ زين} الْأَنْفَال 48 وَفِي
السِّين كَقَوْلِه {إِذْ سمعتموه} النُّور 12 وَفِي الصَّاد
كَقَوْلِه {وَإِذ صرفنَا} الْأَحْقَاف 29 وَفِي الظَّاء
كَقَوْلِه {إِذْ ظلمتم} الزخرف 39 وَفِي الدَّال كَقَوْلِه
{إِذْ دخلت جنتك} الْكَهْف 39 وَفِي الْجِيم كَقَوْلِه {إِذْ
جاؤوكم} الْأَحْزَاب 10 وَلم يدغم أحد من الْقُرَّاء الذَّال
فِي الْجِيم غير أبي عَمْرو
وَكَانَ يدغم تَاء التَّأْنِيث الْمُتَّصِلَة بِالْفِعْلِ فِي
أحد عشر حرفا فِي الطَّاء كَقَوْلِه {وَقَالَت طَائِفَة} آل
عمرَان 72 وَلَا خلاف فِي ذَلِك بَين النَّاس وَفِي الظَّاء
كَقَوْلِه تَعَالَى {كَانَت ظالمة} الْأَنْبِيَاء 11 وَفِي
الصَّاد كَقَوْلِه
(1/119)
{حصرت صُدُورهمْ} النِّسَاء 90 وَفِي
السِّين مثل {أنبتت سبع} الْبَقَرَة 261 وَفِي الْجِيم مثل
{نَضِجَتْ جُلُودهمْ} النِّسَاء 56 وَفِي الزَّاي مثل {خبت
زدناهم} الْإِسْرَاء 97 وَفِي الثَّاء مثل {بِمَا رَحبَتْ
ثمَّ} التَّوْبَة 25 وَفِي الدَّال مثل {أجيبت دعوتكما} يُونُس
89 وَفِي الضَّاد والشين والذال
وَكَانَ يدغم لَام هَل فِي التَّاء فِي موضِعين فِي سُورَة
الْملك قَوْله {هَل ترى من فطور} وَفِي سُورَة الحاقة قَوْله
{فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة} وروى هرون الْأَعْوَر عَنهُ
الْإِدْغَام فِي قَوْله {هَل تعلم لَهُ سميا} مَرْيَم 65 و
{هَل ثوب الْكفَّار} المطففين 36
روى ذَلِك عَليّ بن نصر عَن هرون عَنهُ
وَعَن يُونُس بن حبيب عَن أبي عَمْرو {هَل ثوب الْكفَّار} مدغم
وروى عبيد بن عقيل عَن هرون عَن أبي عَمْرو قَالَ إِن شِئْت
أدغمت مَا كَانَ مثل هَذَا وَإِن شِئْت بيّنت
وَكَانَ يدغم لَام بل فِي الرَّاء كَقَوْلِه {بل رَفعه الله}
النِّسَاء 158 و {بل ران} المطففين 14
وَأما لَام قل فَلَا يدغمها إِلَّا فِي الرَّاء مثل قَوْله
{وَقل رب} طه 114
وَلَام قل مُفَارقَة للام هَل وبل لِأَن لَام قل يتَغَيَّر
سكونها فَتَقول قَالَ وَيَقُول يَا هَذَا وَلَام هَل وبل لَا
تتغيران وَلَا تتحرك لَا ماهما لِأَن سُكُون لَام هَل وبل
لَازم وَسُكُون لَام قل غير لَازم
وَكَانَ يدغم تَاء التَّأْنِيث الَّتِي فِي الْجمع فِي السِّين
كَقَوْلِه تَعَالَى {وَعمِلُوا الصَّالِحَات سندخلهم}
النِّسَاء 57 وَفِي الصَّاد كَقَوْلِه {وَالصَّافَّات صفا}
وَفِي الضَّاد كَقَوْلِه {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} العاديات 1
وَفِي الزَّاي
(1/120)
كَقَوْلِه (فالزاجرات زجرا) (الصافات) 2
وَفِي الذَّال مثل (والذريت ذَروا) الذاريات 5 فالملقيت ذكرا
المرسلات 5 وَفِي الثَّاء كَقَوْلِه {بِالْبَيِّنَاتِ ثمَّ}
الْبَقَرَة 92 وَفِي الْجِيم مثل {وَعمِلُوا الصَّالِحَات
جنَاح} الْمَائِدَة 93
وَكَانَ يدغم الرَّاء فِي اللَّام تحركت أَو سكنت مثل {هن أطهر
لكم} هود 78 و {إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا} النَّحْل 70
والساكنة مثل قَوْله {يغْفر لكم} نوح 4 و {يسْتَغْفر لكم}
المُنَافِقُونَ 5 وَمَا كَانَ مثله
وَكَانَ يدغم الْبَاء الساكنة فِي الْفَاء مثل قَوْله أَو يغلب
فَسَوف النِّسَاء 74 وَلَا يدغم الْفَاء الساكنة فِي الْبَاء
مثل قَوْله {إِن نَشأ نخسف بهم} سبأ 9 وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن
فَاء سَاكِنة بعْدهَا بَاء إِلَّا هَذَا الْحَرْف
وَكَانَ لَا يدغم مَا التقى من الحرفين المثلين فِي كلمة وَإِن
كَانَ مِمَّا يدغمه إِذا انفصلا وَكَانَا من كَلِمَتَيْنِ
إِلَّا قَوْله {سلككم} المدثر 42 و {مَنَاسِككُم} الْبَقَرَة
200
وَأما {وُجُوههم} آل عمرَان 106 و {إكراههن} النُّور 33 و
{أتحاجوننا} الْبَقَرَة 139 وَمَا أشبهه فَلَا يدغم شَيْئا من
ذَلِك إِلَّا أَن يكون قد أدغم فِي الْكتاب مثل {مَا مكني
فِيهِ} الْكَهْف 95 و {تأمروني أعبد} الزمر 64
وَكَانَ لَا يدغم {خلقك} الْكَهْف 37 وَلَا يدغم الحرفين إِذا
لم يَكُونَا على مِثَال وَاحِد فِي مَوضِع النصب إِذا سكن مَا
قبلهمَا كَقَوْلِه وَلَا يحزنك
(1/121)
قَوْلهم) يُونُس 65 {وَتَرَكُوك قَائِما}
الْجُمُعَة 11 و {هدنا إِلَيْك قَالَ} الْأَعْرَاف 156 كل
هَذَا بالإظهار
وَكَانَ يشم الْحَرْف الأول إِذا أدغم إعرابه فِي الْإِظْهَار
من الرّفْع والخفض فِي كل مَا أدغم إِلَّا فِي الْمِيم مَعَ
الْمِيم وَالْبَاء مَعَ الْبَاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم
وَالْمِيم مَعَ الْبَاء وَلَا يشم فِي النصب
وَهَذَا قَول اليزيدي عَن أبي عَمْرو
وَقَالَ عَبَّاس بن الْفضل عَن أبي عَمْرو إِنَّه كَانَ يشم
الْمِيم عِنْد الْمِيم وَالْبَاء مَعَ الْبَاء فِي مَوضِع
الرّفْع والخفض وَلَا يشم فِي النصب
وروى أَبُو شُعَيْب السُّوسِي عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو أَنه
كَانَ يدغم {لبَعض شَأْنهمْ} النُّور 62 وَلم يَأْتِ بِهِ
غَيره
وَهَذِه جملَة من جمل الْإِدْغَام عَن أبي عَمْرو اختصرت مَا
حضرني مِنْهَا
مَذْهَب حَمْزَة
وَأما حَمْزَة بن حبيب الزيات فَقَوله فِي الْإِدْغَام فِي
الْحُرُوف الَّتِي لَا حَرَكَة لَهَا قريب من قَول أبي عَمْرو
إِلَّا فِي الذَّال فِي الْجِيم فَإِنَّهُ كَانَ لَا يدغمه
هُوَ وَلَا غَيره من الْقُرَّاء غير أبي عَمْرو
(1/122)
وَأما لَام بل وَهل فَكَانَ حَمْزَة يدغمها
فِي التَّاء والثاء وَالسِّين وَالرَّاء وَاخْتلفُوا عَنهُ فِي
ذال إِذْ مَعَ الزَّاي وَالسِّين وَالصَّاد مثل قَوْله {إِذْ
سمعتموه} النُّور 12 {وَإِذ زاغت} الْأَحْزَاب 10 {وَإِذ
صرفنَا} الْأَحْقَاف 29 فروى خلف عَن سليم عَن حَمْزَة
الْإِظْهَار
وروى خَلاد عَن سليم عَن حَمْزَة الْإِدْغَام وَلم يَأْتِ بِهِ
غَيره
وروى خلف عَن سليم أَنه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ يَعْنِي على
حَمْزَة {بل طبع الله} مدغما فيجيزه
مَذْهَب الْكسَائي
وَكَانَ إدغام الْكسَائي مثل إدغام حَمْزَة فِي هَذِه
الْحُرُوف وَيزِيد عَلَيْهِ فِي لَام بل وَهل إدغامهما فِي
الطَّاء كَقَوْلِه {بل طبع الله} النِّسَاء 155 وَفِي الظَّاء
كَقَوْلِه {بل ظننتم} الْفَتْح 12 وَفِي الضَّاد مثل {بل ضلوا}
الْأَحْقَاف 28 وَفِي النُّون كَقَوْلِه {بل نَحن} الْوَاقِعَة
67 وَفِي الزَّاي كَقَوْلِه {بل زين} الرَّعْد 33
وروى أَبُو الْحَارِث اللَّيْث بن خَالِد عَنهُ إدغام اللَّام
الساكنة للجزم فِي الذَّال فِي قَوْله {وَمن يفعل ذَلِك}
الْبَقَرَة 231 فِي كل الْقُرْآن وروى غير أبي الْحَارِث
بالإظهار
مَذْهَب ابْن عَامر
وَكَانَ ابْن عَامر يدغم {اتخذتم} و {اتَّخذت} و (أَخَذْتُم)
وَمَا أشبه ذَلِك وَيظْهر {عذت} ويدغم {لَبِثت} الْبَقَرَة 259
وَيظْهر الثَّاء فِي {أورثتموها} الْأَعْرَاف 43 والزخرف 72
وَيظْهر الذَّال
(1/123)
فِي
{فنبذتها} طه 96 ويدغم دَال قد فِي الضَّاد مثل {فقد ضل}
الْبَقَرَة 108
وَلَا يسْتَمر على قِيَاس وَاحِد فِي تَاء التَّأْنِيث
الْمُتَّصِلَة بِالْفِعْلِ وَلَا فِي ذال إِذْ
وَكَانَ يدغم {أنبتت سبع} الْبَقَرَة 261 و {نَضِجَتْ
جُلُودهمْ} النِّسَاء 56 و {حملت ظهورهما} الْأَنْعَام 146
ويظهرها عِنْد الْجِيم فِي {وَجَبت جنوبها} الْحَج 36 وَعند
الصَّاد فِي {حصرت صُدُورهمْ} النِّسَاء 90 وَعند السِّين فِي
{مَضَت سنة} الْأَنْفَال 38 {وَجَاءَت سيارة} يُوسُف 19 وَشبه
ذَلِك وَعند الزَّاي فِي {خبت زدناهم} الْإِسْرَاء 97 وَعند
الثَّاء فِي {كذبت ثَمُود} الشُّعَرَاء 141 وَالْقَمَر 23
والحاقة 4 وَالشَّمْس 11 وَلَا يدغمها فِي السِّين إِلَّا فِي
قَوْله {أنبتت سبع} وَحدهَا
وَأما دَال قد فَكَانَ يظهرها عِنْد السِّين من قَوْله {قد
سمع} المجادلة 1 وَعند الشين من قَوْله {قد شغفها} يُوسُف 30
وَعند الصَّاد من قَوْله {لقد صدق} ويدغمها فِي الضَّاد من
قَوْله {فقد ضل} الْبَقَرَة 108 ويظهرها عِنْد الْجِيم من
قَوْله {قد جئْنَاك} طه 47 وَمَا أشبه ذَلِك
ويدغمها فِي الظَّاء مثل {لقد ظلمك} ص 24
وَأما ذال إِذْ فَكَانَ يدغمها فِي الظَّاء مثل قَوْله {إِذْ
ظلمُوا} النِّسَاء 64 وَفِي الزَّاي مثل قَوْله {وَإِذ زاغت}
الْأَحْزَاب 10 وَفِي الدَّال مثل قَوْله {إِذْ دخلت} الْكَهْف
39 ويظهرها فِي
(1/124)
قَوْله {إِذْ دخلُوا} الْحجر 52 ويظهرها
عِنْد الصَّاد مثل قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك} الْأَحْقَاف
29 ويدغمها فِي التَّاء فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ قَوْله {إِذْ
تَقول للْمُؤْمِنين} آل عمرَان 124 ويظهرها فِي قَوْله {إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ} الْأَنْفَال 9 {إِذْ تفيضون فِيهِ} يُونُس 61
وَمَا أشبه ذَلِك
وَيظْهر الْفَاء الساكنة عِنْد الْبَاء مثل قَوْله {إِن نَشأ
نخسف بهم} ويدغم {وَمن يرد ثَوَاب الدُّنْيَا} وَلَا يدغم لَام
هَل وبل فِي شَيْء ويدغم {بل ران} المطففين 14
قَالَ أَبُو بكر والإدغام تقريب الْحَرْف من الْحَرْف إِذا قرب
مخرجه من مخرجه فِي اللِّسَان كَرَاهِيَة أَن يعْمل اللِّسَان
فِي حرف وَاحِد مرَّتَيْنِ فيثقل عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْد
الْخَلِيل إِذا أظهر مثل إِعَادَة الحَدِيث مرَّتَيْنِ أَو
كخطو الْمُقَيد
إدغام المتماثلين
وَاعْلَم أَن الْحَرْف إِذا كَانَ سَاكِنا ولقيه مثله متحركا
لم يكن إِلَّا إدغام الأول فِي الثَّانِي لَا يجوز إِلَّا
ذَلِك مثل قَوْله {يدرككم الْمَوْت} النِّسَاء 78 و {إِذْ ذهب}
الْأَنْبِيَاء 87 و {أَن اضْرِب بعصاك} الْأَعْرَاف 160 وَمَا
أشبه ذَلِك
النُّون الساكنة والتنوين
وَكلهمْ كَانَ يظْهر النُّون الساكنة والتنوين عِنْد الْهمزَة
وَالْهَاء والحاء وَالْخَاء وَالْعين والغين
وروى الْمسَيبِي عَن نَافِع أَنه لم يظْهر النُّون الساكنة
والتنوين
(1/125)
عِنْد الْخَاء والغين مثل {هَل من خَالق
غير الله} فاطر 3
وروى غَيره عَن نَافِع الْإِظْهَار
وتدغم النُّون الساكنة والتنوين فِي الرَّاء وَاللَّام
وَالْمِيم وَالْيَاء وَالْوَاو فالنون تُدْغَم فِي الرَّاء
بِلَا غنة لم يخْتَلف فِي ذَلِك لقرب الرَّاء من النُّون قبل
قَوْله {من ربكُم} الْبَقَرَة 105 وَعند الْيَاء بغنة وَبِغير
غنة مثل قَوْله {وَمن يَأْته مُؤمنا} طه 75 {وَمن يولهم}
الْأَنْفَال 16 {وبرق يجْعَلُونَ} الْبَقَرَة 19 وَذَلِكَ
لِأَن الْيَاء بعيدَة من النُّون قَلِيلا
وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ يدغمانها بغنة وَرَأَيْت
أَصْحَاب حَمْزَة يَخْتَلِفُونَ
وَأما ابْن كثير وَنَافِع فَلم أر أصحابهما يحصلون ذَلِك عِنْد
اللَّام مثل قَوْله {من لَدنه} النِّسَاء 40 و {مسلمة لَا شية
فِيهَا} الْبَقَرَة 71 فَكَانَ قالون والمسيبي يحكيان عَن
نَافِع نونا سَاكِنة فِي {مسلمة} تظهر عِنْد اللَّام وَهَذَا
شَدِيد إِذا رمته وَلَا أَحْسبهُ أَرَادَ الْبَيَان كُله
وَكَانَ أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ يحْكى عَن ورش وقالون
الْإِدْغَام وَذَهَاب الغنة عَن نَافِع
وَكَذَلِكَ أَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ
وَلم أر من قَرَأت عَلَيْهِ عَن ابْن كثير يحصل هَذَا
وَكَانَ ابْن عَامر يذهب إِلَى الْإِدْغَام مَعَ إبْقَاء الغنة
وَعند الْمِيم مثل مِمَّن وَعَمن يدغم وَتبقى غنة النُّون
المدغمة والتنوين مُشَاركَة لغنة الْمِيم المقلوبة للإدغام
لِأَن الْمِيم لَهَا غنة من الْأنف وَمن أجل الغنة أدغمت
النُّون فِي الْمِيم لِأَنَّهَا أُخْتهَا أَلا ترى أَنَّك
تَقول الْمِيم فترى اللَّام وَتقول النُّون فترى اللَّام قد
اندغمت فِي النُّون
وبهذه الغنة يمْتَحن قرب الْحُرُوف من الْحُرُوف فَلَا يقدر
أحد أَن يَأْتِي بعمن بِغَيْر غنة لعِلَّة غنة الْمِيم
وَأما الْوَاو
(1/126)
فَمثل قَوْله {من وَال} الرَّعْد 11 و {حبا
وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} عبس 27 28 29
وَأما أشبه ذَلِك فَكَانَ الْكسَائي يدغم النُّون والتنوين فِي
الْوَاو بغنة وَكَانَ خلف يروي عَن سليم عَن حَمْزَة إدغام
ذَلِك بِغَيْر غنة
وَكَانَ خَلاد يروي عَن سليم عَن حَمْزَة إدغام ذَلِك بغنة
وَأَبُو عَمْرو يدغم ذَلِك بغنة
وَكَذَلِكَ رَأَيْت أَصْحَاب نَافِع يَفْعَلُونَ
وَأما أَصْحَاب عَاصِم فَذَلِك مَعْدُوم الرِّوَايَة فِيهِ عَن
أبي بكر
وَأما أَصْحَاب حَفْص فَلم أحفظ عَن أحد مِنْهُم تَحْصِيل
ذَلِك
وَكَانَ الْكسَائي يَقُول تُدْغَم النُّون والتنوين عِنْد
أَرْبَعَة أحرف وَلم يذكر الْوَاو وَذكرهَا الْأَخْفَش
وَالْقَوْل قَول الْأَخْفَش أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت {من
وَال} فقد شددت الْوَاو وَلَا بُد من تشديدها إِذا وصلت
وَإِنَّمَا التَّشْدِيد لدُخُول النُّون فِيهَا وَكَذَلِكَ
التَّنْوِين فِي قَوْله {حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا
وَنَخْلًا} الْوَاو مُشَدّدَة
(1/127)