المجيد في إعراب القرآن المجيد إعراب الفاتحة
2 - الْحَمْدُ: أل للعهد، أي: الحمد المعروف بينكم، أو
للماهية، كالدينار خير من الدرهم، أي: أيّ دينار كان فهو خير
من أيّ درهم كان. أو لتعريف الجنس فيعمّ الأحمد كلّها
مطابقة.
وحمد مصدر فأصله أن لا يجمع. وحكى ابن الأعرابيّ (1) جمعه على
أحمد، نظر إلى اختلاف أنواعه، قال (2):
وأبلج محمود الثناء خصصته ... بأفضل أقوالي وأفضل أحمدي
ومعناه: الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها (8 أ) باللسان
فقط. ونقيضه الذّمّ، وليس مقلوب مدح بمعناه خلافا لابن
الأنباريّ (3) مستدلّا باستوائهما تصريفا.
وردّ بتعلّق المدح بالجماد (4)، إذ قد يمدح بجوهره (5) دون
الحمد. وهل الحمد بمعنى الشكر، أو الحمد أعمّ، أو الشكر ثناء
على الله بأفعاله والحمد ثناء بأوصافه، ثلاثة أقوال.
وقرأ الجمهور بضمّ الدال على الابتداء، وسفيان بن عيينة
_________
(1) الدر المصون 1/ 38. وابن الأعرابي محمد بن زياد، ت 231 هـ.
(طبقات النحويين واللغويين 195، نور القبس 302).
(2) بلا عزو في تفسير القرطبي 1/ 133 والدر المصون 1/ 38.
(3) أبو بكر محمد بن القاسم، ت 328 هـ. (تاريخ بغداد 3/ 181،
معجم الأدباء 18/ 307). وقوله في البحر 1/ 18.
(4) د: مستدلا بالجماد.
(5) د: لجوهره.
(1/36)
(1) بالنصب على تقدير
فعل، ورجّح الرفع بدلالته على ثبوت الحمد واستقراره لله حمده
وحمد غيره، بخلاف النصب فإنّه بتقدير فعل أي: أحمد أو حمدت،
فيشعر بالتجدّد ويتخصّص بفاعله، وهو في حالة النصب من المصادر
التي حذفت أفعالها وأقيمت مقامها في الإخبار، نحو: شكرا لا
كفرا. وقدّر بعضهم الناصب فعلا غير مشتقّ من الحمد، أي: اقرءوا
أو الزموا، ثم حذف كما حذف من نحو: (اللهمّ ضبعا وذئبا) (2)
وتقديره من لفظه أولى بالدلالة عليه.
وقرأ الحسن (3) بكسر الدال اتباعا لكسرة اللام، وهي لغة تميم
وبعض غطفان.
وحركة الإعراب مقدّرة منع من ظهورها حركة الاتباع، فيحتمل أن
تكون تلك الحركة المقدّرة ضمّة أو فتحة.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة (4) بضمّ لام الجرّ اتباعا لضمّة
الدال، وهي لغة بعض قيس.
وقراءة الحسن باتباع حركة الدال للام الإعراب (5) أعرب من هذه،
لأنّ فيها اتباع حركة إعراب لغيرها بخلاف هذه.
لِلَّهِ: (8 ب) اللام للملك، نحو: المال لزيد، وشبهه نحو: كن
لي أكن لك.
وللتمليك، نحو: وهبت لك دينارا، وشبهه كقوله تعالى: جَعَلَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً (6).
_________
(1) شواذ القرآن 1. وسفيان أبو محمد الهلالي الكوفي، ت 198 هـ.
(ميزان الاعتدال 1/ 170، تهذيب التهذيب 4/ 117).
(2) الكتاب 1/ 129 ودقائق التصريف 477. ومعناه: أرسل في الغنم
ضبعا.
(3) الحسن بن أبي الحسن البصري، ت 110 هـ. (حلية الأولياء 2/
131، وفيات الأعيان 1/ 69).
(4) تابعي، ت 151 هـ. (غاية النهاية 1/ 19، تهذيب التهذيب 1/
142).
(5) ساقطة من د.
(6) الشورى 11.
(1/37)
وللاستحقاق، نحو: السرج للدابة.
وللنسب، نحو: لزيد عمّ.
وللتعليل، نحو: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ (1).
وللتبليغ، نحو: قلت لك.
وللتعجب، نحو (2):
ولله عينا من رأى من تفرّق ... أشتّ وأنأى من فراق المحصّب
وللتبيين، نحو: هَيْتَ لَكَ (3).
وللصيرورة، نحو: لِيَكُونَ لَهُمْ (4).
وللظرفية: إمّا بمعنى (في) كقوله: الْقِسْطَ لِيَوْمِ
الْقِيامَةِ (5)، أو بمعنى (عند) نحو: كتبته لخمس خلون، أو
بمعنى (بعد) كقوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ (6).
وللانتهاء، كقوله تعالى: سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ (7).
وللاستعلاء، كقوله تعالى: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ (8).
واللام في لِلَّهِ للاستحقاق (9).
فإن رفع الحمد لفظا أو تقديرا على قراءة الاتباع فالمجرور وهو
لله في موضع رفع على الخبرية.
وإن نصب الحمد لفظا أو تقديرا فاللام للتبيين، أي: أعني لله.
ولا يكون المجرور في موضع النصب بالمصدر، واللام للتقوية،
لامتناع عمل المصدر فيه نصبا، ولهذا قالوا: سقيا لزيد، ولم
يقولوا:
_________
(1) النساء 105.
(2) بلا عزو في البحر 1/ 18.
(3) يوسف 23.
(4) القصص 8.
(5) الأنبياء 47.
(6) الإسراء 78.
(7) الأعراف 57.
(8) الإسراء 109.
(9) ينظر في معاني اللام: اللامات للزجاجي، واللامات للهروي.
(1/38)
سقيا زيدا. ولو كان في موضع نصب، واللام
للتقوية، لصحّ نصبه بدونها.
رَبِّ: الجمهور بالخفض، وهو مصدر وصف به على أحد الوجوه في
الوصف بالمصدر. أو اسم فاعل حذفت ألفه، وأصله: رابّ، كبارّ
وبرّ.
م: زارد أبو البقاء (1) في جرّه [البدل]. انتهى.
وقرأ (9 أ) زيد بن عليّ (2) بنصبه على المدح. وضعّفت (3) لجرّ
الصفات بعده لامتناع الاتباع بعد القطع إلّا أن يكون الجرّ في
الرَّحْمنِ على البدل فلا ضعف (4)،
لأنّ البدل على نيّة تكرار العامل فكأنّه من جملة أخرى، والبدل
فيه حسن، ولا سيّما على مذهب الأعلم (5)، لأنّه عنده علم.
وأمّا على مذهب غيره (6) فلكونه وصفا خاصا.
وقيل: إنّه ينتصب (7) بفعل دلّ عليه ما قبله، أي: نحمد ربّ
[العالمين]. وضعّف بأنّه على مراعاة التوهم، وهو مختصّ بالعطف
ولا ينقاس.
قلت: بل هو من حذف الفعل للدلالة عليه وليس من التوهم (8).
وقيل: ينتصب على النداء، أي: يا ربّ. وضعّف للفصل ب الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ بينه وبين قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ (9).
_________
(1) التبيان 5.
(2) البحر 1/ 19. وتوفي زيد 358 هـ. (معرفة القراء الكبار 314،
غاية النهاية 1/ 298).
(3) د: وضعف.
(4) د: على الأضعف.
(5) الشنتمري، وقد سلفت ترجمته.
(6) د: أبي عبيدة.
(7) د: ينصب.
(8) بعدها في د: قلت: فيه نظر.
(9) الفاتحة 4.
(1/39)
وحكي عن زيد (1) نصب الثلاثة، أعني رَبِّ
الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) على القطع، وعلى هذا
فلا يلزم الرجوع إلى الاتباع بعد القطع كما لزم في نصب الربّ
وحده.
الْعالَمِينَ: الألف واللام للاستغراق، وهو جمع سلامة مفرده
عالم، اسم جمع، وقياسه أن لا يجمع، وشذّ جمعه أيضا جمع سلامة،
لأنّه ليس بعلم ولا صفة.
م: وذهب ابن مالك (2) في (شرح التسهيل) (3) إلى أنّ عالمين اسم
جمع لمن يعقل، وليس جمع عالم، لأنّ العالم عامّ والعالمين
خاصّ. ولهذا منع س (4) أن يكون الأعراب جمع عرب، لأنّ العرب
للحاضرين والبادين، والأعراب خاصّ بالبادين.
(9 ب) قلت: وفيه نظر، انتهى.
واختلف في مدلوله، فقيل: كلّ ذي روح. وقيل: الملائكة والإنس
والجنّ والشياطين. وقيل: الإنس والجنّ خاصّة.
وقيل: الإنس خاصّة. وقيل: كلّ مصنوع. واختير وقوعه على
المكلفين لقوله تعالى:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (5) وقراءة حفص (6)
لِلْعالِمِينَ بكسر اللام توضّح ذلك.
قلت: وفيه نظر. [انتهى].
_________
(1) البحر 1/ 19.
(2) جمال الدين محمد بن عبد الله، ت 672 هـ. (تذكرة الحفاظ
1491، فوات الوفيات 3/ 407).
(3) شرح التسهيل 1/ 87 - 88.
(4) الكتاب 2/ 89.
(5) كذا في الأصل والبحر 1/ 19. ولعلها: لقوم يعلمون (النمل
52).
(6) البحر 1/ 19. وحفص بن سليمان صاحب عاصم، ت نحو 190 هـ.
(ميزان الاعتدال 1/ 558، تهذيب الكمال 7/ 5).
(1/40)
3 - الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: الجمهور
بخفضهما على أنّهما (1) صفتا مدح لله [تعالى] لا لإزالة
الاشتراك لأنّ (2) الموصوف لم يعرض له اشتراك مخصّص.
وقيل في الرحمن: بدل أو عطف بيان.
وقرأ أبو العالية (3) بنصبهما. وأبو رزين العقيليّ (4)
برفعهما، وكلاهما على القطع.
4 - ملك: السبعة إلّا عاصما (5) والكسائي بكسر اللام وخفض
الكاف، على وزن (فعل)، وهو صفة لما قبله، لأنّه معرفة. وعاصم
والكسائي: مالك على وزن فاعل، وهو أيضا صفة أو بدل. واعترضا:
أمّا الصفة فلأنّه نكرة، لأنّ الظاهر أنّه اسم فاعل بمعنى
الحال والاستقبال، لأنّ اليوم لم يوجد فلا يتعرّف بالإضافة وما
قبله معرفة. وأمّا البدل فلأنّه مشتقّ، والبدل بالمشتقّ ضعيف.
وأجيب بأنّ اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال والاستقبال أو أضيف
إلى معرفة جاز أن ينوى بالإضافة الانفصال وأنّها على نصب فلا
يتعرّف بها، ويقدّر أنّ الموصوف صار معروفا بعد الوصف (10 أ)
وتقييده بالزمان غير معتبر فيتعرّف بها (6).
_________
(1) من د. وفي الأصل: أنه.
(2) ساقطة من د.
(3) رفيع بن مهران الرياحي، ت نحو 93 هـ. (مشاهير علماء
الأمصار 95، معرفة القراء الكبار 60).
(4) مسعود بن مالك الكوفي، ت 85 هـ. (تاريخ يحيى بن معين 2/
561، تقريب التهذيب 2/ 243).
وفي المخطوطتين: أبو زيد.
(5) عاصم بن أبي النجود، أحد السبعة، ت 128 هـ. (معرفة القراء
الكبار 88، غاية النهاية 1/ 346).
(6) (ويقدر أن ... فيتعرف بها): ساقط من د بسبب انتقال النظر،
وهذا يحدث في الجمل المتشابهة النهايات.
(1/41)
وقد قال س (1): وزعم يونس (2) والخليل أنّ
الصفات المضافة التي صارت صفة للنكرة قد يجوز فيهنّ كلّهن أن
يكنّ (3) معرفة، وذلك معروف من كلام العرب، واستثني (4) من ذلك
باب الصفة المشبّهة فقط فإنّها لا تتعرّف بالإضافة أصلا.
وقرأ أبو عمرو (5) في رواية عنه: ملك بسكون اللام، وهي لغة بكر
بن وائل.
م: وهو من تخفيف المكسور كفخذ وكتف، قاله أبو البقاء (6).
انتهى.
وإعرابه كإعراب مُلْكِ، وقد تقدّم.
وقرأ نافع (7) في رواية شاذّة عنه (8): ملكي، باشباع كسر
الكاف، وبابه الشعر.
قلت: ذكر ابن مالك في (شواهد التوضيح) (9) أنّ الإشباع في
الحركات الثلاث لغة معروفة، وجعل منه قولهم: بينا زيد قائم جاء
_________
(1) الكتاب 1/ 213.
(2) يونس بن حبيب البصري، ت 182 هـ. (المعارف 541، إنباه
الرواة 4/ 68).
(3) د: يكون.
(4) د: واستبنى.
(5) أبو عمرو بن العلاء، أحد السبعة، ت 154 هـ. (أخبار
النحويين 46، نور القبس 25).
(6) التبيان 6.
(7) نافع بن عبد الرحمن المدني، أحد السبعة، ت 169 هـ.
(التيسير 4، معرفة القراء الكبار 107).
(8) البحر المحيط 1/ 20، وفي د: في رواية عنه شاذة.
(9) شواهد التوضيح والتصحيح 74 - 76.
(1/42)
عمرو، أي: بين أوقات قيام زيد، فأشبعت فتحة
النون فتولّدت الألف. وحكى الفرّاء (1) عن بعض العرب: (أكلت
لحما شاة)، أي:
لحم شاة (2). وأنشد عليه قول الفرزدق (3):
فظلّا يخيطان الوراق عليهما ... بأيديهما من أكل شرّ طعام
وقوله (4):
فأنت من الغوائل حين ترمى ... ومن ذمّ الرّجال بمنتزاح (11)
وقوله (5):
أقول إذ خرّت على الكلكال ... يا ناقتا ما جلت من مجال
وقوله (6):
تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد
الصياريف
(10 ب) وقوله (7):
وإنّني حوثما يثني الهوى بصري ... من حوثما سلكوا أثني فأنظور
قلت: ومنه (8):
أعوذ بالله من العقراب ... الشائلات عقد الأذناب (11):
_________
(1) المحتسب 1/ 258.
(2) أشبع فتحة الميم فتولدت الألف.
(3) ديوانه 771.
(4) ابن هرمة، ديوانه 87.
(5) بلا عزو في الزاهر 2/ 310 والإنصاف 25.
(6) الفرزدق، ديوانه 570.
(7) ابن هرمة، ديوانه 118. وهنا ينتهي النقل عن شواهد التوضيح.
(8) بلا عزو في عبث الوليد 335 ورسالة الملائكة 213 وضرائر
الشعر 33.
(1/43)
وقرأ أبو حيوة (1) فيما نسبه ابن عطية (2)
إليه: ملك، بكسر (3) اللام ونصب الكاف، على القطع أو النداء،
والقطع أولى لتناسق (4) الصفات لأنّها لا تخرج بالقطع عنها في
المعنى.
وقرأ سعد بن أبي وقاص (5) بكسر اللام ورفع الكاف على القطع.
وقرأ أبو حيوة: ملك، فعلا ماضيا، واليوم: منصوب على المفعولية.
م: على المفعولية أو الظرف. قاله أبو البقاء (6).
وقرأ الأعمش (7): مالك، بنصب الكاف.
م: أبو البقاء (8) على أن يكون بإضمار (أعني)، أو حالا.
وأجاز قوم أن يكون نداء. [انتهى].
وقرأ أبو السّمّال (9): مالكا، بالنصب والتنوين.
وقرئ: مالك، بالرفع والتنوين. وتوجيههما كما ذكر في قراءة غير
التنوين، إلّا أنّك مهما نوّنت نصبت اليوم.
_________
(1) شريح بن يزيد الحضرمي مقرئ الشام، ت 203 هـ. (غاية النهاية
2/ 325، تقريب التهذيب 1/ 350).
(2) المحرر الوجيز 1/ 106.
(3) د: بنصب.
(4) د: لناسق.
(5) البحر 1/ 20. وسعد أحد العشرة المبشرين بالجنة، ت 55 هـ.
(خصائص العشرة الكرام البررة 137 - 145، الإصابة 3/ 88).
(6) التبيان 6.
(7) سليمان بن مهران، تابعي، ت 148 هـ. (الجرح والتعديل 2/ 1/
146، غاية النهاية 1/ 315).
وقراءته في إيضاح الرموز 50.
(8) التبيان 6.
(9) قعنب بن أبي قعنب. (غاية النهاية 2/ 27).
(1/44)
وقرأ أبيّ (1): مليك، على وزن (فعيل).
وبعضهم: ملّاك، بتشديد اللام. وكلاهما محوّل من (مالك)
للمبالغة.
وهذه القراءات كلّها بعضها راجع إلى (ملك) بضم الميم، وبعضها
إليه بكسر الميم (2).
قال الأخفش: يقال: ملك بيّن الملك، بضم الميم. ومالك بيّن
الملك، بكسر الميم وفتحها. ومعناها الشدّ والرّبط. وجميع
تقاليب (ملك) مستعمل (11 أ) ويرجع إلى معنى القوّة، وهو قدر
مشترك بينهما، ويسمّى هذا بالاشتقاق الأكبر. ولم يذهب إليه غير
ابن جنّيّ (3)، وكان الفارسيّ (4) يأنس به في بعض المواضع.
وزعم الفخر (5) أنّ (ملك) منها مهمل، وليس كذلك لما أنشده
الفرّاء (6)
فلمّا رآني قد حممت ارتحاله ... تملّك لو يجدي عليه التّملّك
يَوْمِ: لم يجيء مما فاؤه ياء وعينه واو إلّا يوم. قيل: ويوح،
_________
(1) أبيّ بن كعب، صحابي، ت نحو 20 هـ. (حلية الأولياء 1/ 250،
معرفة القراء الكبار 28).
(2) ينظر: السبعة 104، الحجة للقراء السبعة 1/ 7، المبسوط في
القراءات العشر 86، حجة القراءات 77، التبصرة 54، الكشف عن
وجوه القراءات السبع 1/ 25، إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي 201،
شرح شعلة على الشاطبية 69، إبراز المعاني 70.
(3) الخصائص 1/ 13. وأبو الفتح عثمان بن جني، ت 392 هـ. (إنباه
الرواة 2/ 335، معجم الأدباء 12/ 81).
(4) أبو علي النحوي الحسن بن أحمد، ت 377 هـ. (إنباه الرواة 1/
273، البلغة 53).
(5) ينظر: التفسير الكبير 1/ 237 - 238. والفخر الرازي محمد بن
عمر، ت 606 هـ. (طبقات المفسرين للسيوطي 115، طبقات المفسرين
للداودي 2/ 213.
(6) بلا عزو في البحر المحيط 1/ 21.
(1/45)
اسم للشمس.
وقيل: هو بوح، بالباء الواحدة من أسفل، وأضيف إليه اتساعا، وهو
بمعنى اللام لا بمعنى (في) خلافا لمن أثبتها فهو من باب (1):
طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل أي: أنّ الطبخ واقع على الساعات
مجازا، وكذلك الملك أو المالك واقع على اليوم مجازا، ومتعلّق
الإضافة في الحقيقة هو الأمر، أي: ملك أو مالك الأمر، إلّا
أنّه لمّا كان اليوم ظرفا للأمر جاز أن يتّسع فيه فيسلّط عليه
الملك أو الملك، لأنّ الاستيلاء على الظرف استيلاء على
المظروف.
وقال ابن السراج (2): معنى مالك يوم، أي: يملك مجيئه، فالإضافة
إلى اليوم على قوله إضافة إلى المفعول به على الحقيقة لا على
الاتّساع.
الدِّينِ: مصدر دنته بفعله دينا ودينا، بفتح الدال (11 ب)
وكسرها: جزيته.
وقيل: بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم.
5 - إِيَّاكَ (3): (إيّا) تلحقه الياء للمتكلّم والكاف للمخاطب
والهاء للغائب.
واختلف فيه فقيل: (إيّا) اسم ظاهر أضيف إلى لواحقه [أعني الياء
والكاف والهاء، وهو مذهب الزجّاج (4).
_________
(1) البيت لجبار بن جزء في خزانة الأدب 4/ 237. وينظر ديوان
الشماخ 389.
(2) المحرر الوجيز 1/ 112. وابن السراج محمد بن السريّ، ت 316
هـ. (إنباه الرواة 3/ 145، بغية الوعاة 1/ 109).
(3) ينظر في إياك: سر صناعة الإعراب 312، منثور الفوائد 49،
الإنصاف 695.
(4) معاني القرآن وإعرابه 1/ 11.
(1/46)
وقيل: مضمر أضيف إلى لواحقه] ولا يعرف مضمر
أضيف غيره (1)، وهو مذهب الخليل (2).
إضافته إلى الظاهر نادر كقوله: (وإيّا الشّوابّ) (3)، أو ضرورة
كقوله (4):
دعني وإيّا خالد ... فلأقطعنّ عرى نياطه
وقيل: مضمر غير مضاف، واللواحق حروف تبيّن من هو له، كالتاء في
(أنت)، وهو مذهب س.
وقيل: لواحقه هي المضمرات وزيدت (إيّا) لتتصل بها الضمائر، وهو
مذهب الكوفيين.
وقيل: مجموعه مضمر.
وذهب أبو عبيدة (5) إلى أنّ (أيّا) مشتقّ، وهو ضعيف، ولم يكن
يحسن النحو وإن كان إماما في اللغة وأيام العرب.
وعلى أنّه مشتقّ فقيل: من لفظه، أو كقوله (6):
فأوّه لذكراها إذا ما ذكرتها
فيكون من باب قوّة، ووزنه: إفعل، وأصله: إئوو، أو فعيل
_________
(1) (وهو مذهب ... أضيف غيره): ساقط من د.
(2) الكتاب 1/ 141.
(3) القول لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وتمامه: (إذا بلغ
الرجل الستين فإيّاه وإيّا الشّواب). وهو في الكتاب 1/ 141
ومعاني القرآن وإعرابه 1/ 11.
(4) أبو عيينة في ديوانه 32.
(5) معمر بن المثنى، ت نحو 210 هـ. (مراتب النحويين 44، معجم
الأدباء 19/ 154). وينظر:
مجاز القرآن 1/ 24.
(6) بلا عزو في الخصائص 2/ 89، والمحتسب 1/ 39، وعجزه:
ومن بعد أرض بيننا وسماء
(1/47)
فأصله: أويو، أو فعول فأصله: إووو، أو فعلى
فأصله: أووى.
وقيل: من لفظة (آية) كقوله (1):
لم يبق هذا الدهر من آيائه ... غير أثافيه وأرمدائه
ووزنه إفعل، وأصله: إأيي، أو فعيل وأصله: إأييّ، أو فعول
وأصله: إيوي، أو فعلى وأصله: أييا.
م: أبو عبيد (2): من الأوى، لما فيه من معنى القصد، فوزنه:
إفعل: إئوي (12 أ) أو فعيل: أويي، أو فعلى: إويى مقلوبا مدغما.
من الغزنوي. انتهى. وكلّها أقوال ضعيفة.
وقرأ الجمهور بكسر الهمزة وتشديد الياء.
وقرأ الفضل الرقاشيّ (3) بفتح الهمزة وتشديد الياء.
وقرأ أبيّ بكسر الهمزة وتخفيف الياء.
م: أبو البقاء (4): والوجه فيه أنّه حذف إحدى الياءين استثقالا
للتكرير في حرف العلة. وقد جاء ذلك في الشعر، قال الفرزدق (5):
تنظّرت نصرا والمساكين أيهما ... عليّ من الغيث استهلّت مواطره
وقالوا في أمّا: أيما، فقلبوا الميم ياء كراهية التضعيف.
انتهى.
وقرئ (6) بإبدال الهمزة المكسورة هاء وبإبدال المفتوحة هاء.
وهو
_________
(1) بلا عزو في أدب الكاتب 587 والاقتضاب 3/ 419.
(2) القاسم بن سلام، ت 224 هـ. (مراتب النحويين 93، إنباه
الرواة 3/ 12). وفي د: أبو عبيدة.
(3) شواذ القرآن 1 والبحر المحيط 1/ 23.
(4) التبيان 7.
(5) ديوانه 347. وفي الأصل: نسرا.
(6) د: وقرأ.
(1/48)
مفعول مقدّم بنعبد. والزمخشريّ (1) يقول:
قدّم للاختصاص، وقد ذكر في بِسْمِ اللَّهِ، ويستعمل تحذيرا
فيتحمل ضميرا مرفوعا يجوز أن يتبع بمرفوع، نحو: إيّاك أنت
نفسك.
نَعْبُدُ: أي: نذلّ. والجمهور بفتح النون. وقرئ بكسرها، وهي
لغة. وقرئ:
يعبد، بالياء مبنيا للمفعول، واستشكلت لأنّ أيّا ضمير نصب، ولا
ناصب له، وخرّجت على أنّ ضمير النصب وضع موضع ضمير الرفع، أي
(أنت)، ثمّ التفت بالإخبار عنه إخبار الغائب، فقيل: يعبد،
واستغرب وقوعه في جملة واحدة. ويشبهه قوله (2):
أأنت الهلاليّ الذي كنت مرّة ... سمعنا به والأرحبيّ المعلّف
(12 ب) قلت: وفي رواية: أحمد بن صالح (3) عن ورش (4): نعبدو
إيّاك، بإشباع ضمّة الدال. نقلها ابن مالك في (شواهد التوضيح)
(5).
نَسْتَعِينُ:
استفعل له اثنا عشر معنى (6):
للطلب: ومنه: نستعين.
وللاتخاذ: كاستعبده.
وللتحول: كاستنسر (7).
_________
(1) الكشاف 1/ 61.
(2) بلا عزو في رصف المباني 26 والدر المصون 1/ 59 وفيهما:
المغلب.
(3) أبو جعفر المصري، ت 248 هـ. (معرفة القراء الكبار 184،
غاية النهاية 1/ 62).
(4) عثمان بن سعيد المصري، لقب بورش لشدة بياضه، ت 197 هـ.
(معرفة القراء الكبار 152، غاية النهاية 1/ 502).
(5) شواهد التوضيح والتصحيح 75.
(6) ينظر في معاني استفعل: الممتع 194، البحر 1/ 23، الدر
المصون 1/ 59.
(7) د: كاستبشر.
(1/49)
ولإلفاء الشيء، بمعنى ما صيغ منه:
كاستعظمه.
ولعدّه لذلك، وإن لم يكنه: كاستحسنه.
ولمطاوعة أفعل: كاستشلى، مطاوع أشلى.
ولموافقته: كاستبلّ، موافق أبل.
ولموافقة تفعّل: كاستكبر، موافق تكبّر.
ولموافقة افتعل: كاستعصم، موافق اعتصم.
ولموافقة فعل المجرّد، بكسر العين: كاستغنى، موافق غني.
وللإغناء عنه: كاستبدّ.
وعن فعل، بفتح العين: كاستعان، أي حلق عانته.
وقرأ الجمهور بفتح نون نستعين، وهي لغة الحجاز، وهي الفصحى.
والأعمش بكسرها، وهي لغة قيس وتميم وأسد وربيعة.
وقال أبو جعفر الطوسي (1): هي (2) لغة هذيل.
وكذا حكم حروف المضارعة في الأفعال.
م: السجاونديّ (3): إلّا نستعين، لاستثقال (4) الكسرة في
الياء. أبو البقاء (5):
وأصله نستعون، من العون فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى
العين، ثمّ قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. انتهى.
6 - اهْدِنَا: لفظه لفظ الأمر، ومعناه: الدعاء، وهو مبنيّ عند
_________
(1) التبيان في تفسير القرآن 1/ 37. والطوسي محمد بن الحسن، ت
460 هـ. (لسان الميزان 5/ 135، طبقات المفسرين للداودي 2/
126).
(2) ساقطة من د.
(3) محمد بن طيفور السجاوندي الغزنوي، ت 560 هـ. (طبقات
المفسرين للسيوطي 101 وللداودي 2/ 155). وقد سلف ذكره باسم
الغزنوي.
(4) د: لاستقلال.
(5) التبيان 7.
(1/50)
البصريين، وحذف الياء علامة السكون الذي هو
بناء، ومعرب عند الكوفيين، وعلامة الإعراب حذفها، والأصل فيه
أن يتعدّى إلى ثاني معموليه باللام (13 أ) كقوله تعالى:
يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (1)، أو إلى، كقوله لَتَهْدِي
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (2). ثمّ يتّسع فيه (3) فيتعدّى
بنفسه، ومنه: اهْدِنَا الصِّراطَ، و (نا) ضمير المفعول الأول،
وهو للمتكلم، ومعه غيره. ويكون للمعظّم قدره.
الصِّراطَ: الطريق، وأصله السين من السّرط، وهو اللّقم، ولهذا
(4) سمّي الطريق لقما. وقراءة قنبل (5) بالسين على الأصل،
والجمهور بالصاد بدلا من السين لتجانس (6) الطاء في الإطباق،
وهي الفصحى، وهي لغة قريش. وأبو عمرو بزاي
خالصة في رواية الأصمعي عنه (7). وقال أبو جعفر الطوسي (8): هي
لغة لعذرة وكعب وبني القيس. وقرأ حمزة (9) بإشمامها زاء.
م: أبو البقاء (10): ومن أشمّ الصاد زاء قصد أن يجعلها بين
الجهر والإطباق.
انتهى.
ويذكّر عند بني تميم، وهو الأكثر، كالسبيل والزقاق والسوق.
والحجازيون يؤنثون الجميع.
ويجمع في الكثرة على صرط، ككتاب وكتب، وقياسه في القلّة
_________
(1) الإسراء 9.
(2) الشورى 52.
(3) ساقطة من د.
(4) د: لذا.
(5) محمد بن عبد الرحمن المكيّ، ت 291 هـ. (معرفة القراء
الكبار 230، غاية النهاية 2/ 166).
(6) د: لمجانسة.
(7) الحجة للقراء السبعة 1/ 49.
(8) التبيان في تفسير القرآن 1/ 42.
(9) حمزة بن حبيب الزيات، أحد السبعة، ت 156 هـ. (التيسير 6،
غاية النهاية 1/ 261).
(10) التبيان 8.
(1/51)
إذا ذكّر: أصرطة، كحمار وأحمرة، وإذا أنّث
فأفعل كذراع وأذرع.
وقرأ الحسن: اهدنا صراطا مستقيما كقوله تعالى: وَإِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (1).
(المستقيم): استقام: استفعل، بمعنى الفعل المجرّد من الزوائد،
وهو أحد معاني استفعل، وقد تقدّمت في نستعين.
م: وأجاز أبو البقاء (2) أن يكون هنا بمعنى (13 ب) القويم أو
القائم، أي (3) الثابت.
7 - صِراطَ بدل شيء من شيء، وهما لعين واحدة، وكلاهما معرفة،
وجيء به هنا للبيان، لأنّه لمّا ذكر، قيل: اهْدِنَا الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ (6)، كان فيه (4) بعض إبهام فعيّنه بقوله:
صِراطَ الَّذِينَ.
الَّذِينَ: اسم موصول، والأفصح كونه بالياء في الأحوال الثلاث،
وبعض العرب يجعله بالواو (في) حالة الرفع، واستعماله بحذف
النون جائز، وخصّ ذلك بعضهم بالضرورة إلّا أن يكون لغير تخصيص
فيجوز لغير ضرورة، كقوله:
وخضتم كالذي خاضوا وسمع حذف (ال) منه فقالوا: الذين، وتعريفه
بالصلة، وقيل: بأل. ويختصّ بالعقلاء بخلاف (الذي) فإنّه ينطلق
على العاقل وغيره. وموضع الذين خفض بإضافة (5) صراط إليه، وبني
لشبهه بالحرف.
أَنْعَمْتَ: الهمزة في أفعل زائدة، وتجيء لأربعة وعشرين معنى
(6):
_________
(1) الشورى 52.
(2) التبيان 8.
(3) ساقطة من د.
(4) ساقطة من د.
(5) د: بالإضافة.
(6) ينظر في معاني أفعل: الممتع 186، البحر 1/ 26، الدر المصون
1/ 68.
(1/52)
لجعل الشيء صاحب ما صيغ منه، كأنعمته، أي:
جعلته صاحب نعمة، إلّا أنّه ضمّن هنا معنى التفضّل فعدّي بعلى
وأصله أن يتعدّى بنفسه.
وللتعدية: أدنيته.
وللكثرة: أظبى المكان (1).
وللصيرورة: أغدّ البعير (2).
وللإعانة: أحلبني أي أعني.
وللتعريض: أقتلته (3).
وللسّلب: أشكيت الرجل.
ولإصابة الشيء بمعنى ما صيغ منه، نحو: أحمدت فلانا.
ولبلوغ عدد، نحو: أعشرت الدراهم. أو زمان، نحو: أصبحنا. أو
مكان، نحو:
أشأم القوم.
(14 أ) ولموافقة ثلاثيّ: أحزنه بمعنى حزنه.
وللإغناء عنه: أرقلت الدابة، أي: أسرعت.
ولمطاوعة فعل: كأقشع السحاب، مطاوع (4) قشع الريح السحاب.
ولمطاوعة فعّل: كأفطر مطاوع فطّرته.
وللهجوم: أطلعت عليهم، أي: هجمت (5).
ولنفي الغريزة: أسرع (6).
_________
(1) أي كثر ظباؤه.
(2) أي صار ذا غدّة.
(3) أي عرضته للقتل.
(4) من د. وفي الأصل: مضارع.
(5) وأمّا طلعت عليهم فبدوت.
(6) من د. وفي الأصل: انتزع. (ينظر: الممتع 187 وشرح الشافية
1/ 87).
(1/53)
وللتسمية: أخطأته، أي: سمّيته مخطئا.
وللدعاء: أسقيته، أي: دعوت له بالسّقيا.
وللاستحقاق: أحصد الزّرع (1).
وللوصول: أغفلته، أي: وصلت غفلتي إليه.
وللاستقبال: أففته، أي: استقبلته بأفّ. وذكر بعضهم أنّ أفّف
فعّل، ومثّل الاستقبال بقولهم: أسقيته، [أي] استقبلته بقولك:
سقيا.
وللمجيء بالشيء: أكثرت، أي: جئت بالكثير.
وللتفرقة، نحو: أشرقت الشمس، أي: أضاءت، وشرقت: طلعت.
والتاء المتصلة بأنعم (2) ضمير الفاعل، وهي للمخاطب المذكّر
المفرد، وتكون حرفا في أنت، والضمير أن (3).
عَلَيْهِمْ: على حرف جرّ عند الأكثر، إلّا إذا جرّت ب (من)،
كقوله (4):
غدت من عليه ... ... ...............
أو إذا لزم تعدّي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل، كقوله
(5):
هوّن عليك فإنّ الأمور ... بكفّ الإله مقاديرها
فإنّها في هذين الموضعين اسم.
_________
(1) من د. وفي الأصل: استحصد. (ينظر: الممتع 188 والبحر 1/
26).
(2) د: بأنعمت.
(3) البحر 1/ 26.
(4) مزاحم العقيلي، شعره: 120، وتمامه:
.... بعد ما تمّ خمسها ... تصلّ وعن قيض ببيداء مجهل
(5) الأعور الشني، شعره: 12.
(1/54)
ونسب إلى س (1) أنّها من الأسماء الظرفية
إذا جرّت ما بعدها مطلقا، لأنّه لم
يعدّها في حروف الجرّ، ووافقه جماعة من المتأخّرين.
ومعناها الاستعلاء (2)، حقيقة كقوله تعالى: (14 ب) كُلُّ مَنْ
عَلَيْها فانٍ (26) (3)، أو مجازا كقوله تعالى: فَضَّلْنا
بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ (4).
وتكون بمعنى (عن)، نحو: بعد عليّ كذا.
وبمعنى الباء، كقوله تعالى: حَقِيقٌ عَلى (5).
وبمعنى (في)، كقوله تعالى: عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ (6).
وبمعنى (من) كقوله تعالى: حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ
(7).
وللمصاحبة، كقوله تعالى: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ (8).
وللتعليل، كقوله تعالى: عَلى ما هَداكُمْ (9).
وتكون زائدة، كقوله (10):
أبى الله إلّا أنّ سرحه مالك ... على كلّ أفنان العضاه تروق
أي تروق كلّ أفنان العضاه.
وألف (على) تقلب ياء مع المضمر في الأشهر، وإقرارها معه لغة، و
(هم) ضمير جمع غائب مذكّر عاقل، ويكون في موضع رفع، كقوله
تعالى: فَإِذا هُمْ قِيامٌ [يَنْظُرُونَ] (11)، وفي موضع نصب،
نحو: أكرمتهم، وفي موضع جرّ كما في (عليهم).
_________
(1) الكتاب 1/ 209.
(2) ينظر في معاني (على): التسهيل 146، جواهر الأدب 462، الجنى
الداني 444، مغني اللبيب 152.
(3) الرحمن 26.
(4) البقرة 253.
(5) الأعراف 105.
(6) البقرة 102.
(7) المؤمنون 5 - 6، المعارج 29 - 30.
(8) البقرة 177.
(9) البقرة 185.
(10) حميد بن ثور، ديوانه 41. وفي الأصل: القضاة، والعضاه: شجر
له شوك.
(11) الزمر 68.
(1/55)
وفيه مع (على) عشر لغات، وكلّها قرئ بها
(1):
فمع ضمّ الهاء خمس: سكون الميم، وقرأ بها حمزة. وضمّها بواو
بعدها، وقرأ بها الأعرج (2). وضمها بلا واو، ونسبت لابن هرمز
(3). وكسرها موصولة بياء وبغير ياء، وقرئ بهما.
ومع كسر الهاء خمس: سكون الميم، وقرأ بها الجمهور. وكسرها
موصولة بياء، وقرأ بها الحسن. وبلا ياء، وقرأ بها ابن فائد
(4). وضمّها موصولة بواو، وقرأ بها ابن كثير (5)، وقالون (6)
بخلاف عنه. وبلا واو، وقرأ بها الأعرج.
م (15 أ): ووجهها ملخّص من كلام أبي البقاء (7) أنّ الأصل في
ميم الجمع الضمّ والواو بعدها، لأنّ الميم للزيادة على الواحد،
فإن أريد اثنان، زيد ألف، وإن أريد جمع مذكّر زيد واو، لأنّ
علامة الجمع في المؤنث حرفان، نحو: عليهنّ، وهي نون مشدّدة من
حرفين. وكذا (8) ينبغي في المذكر وهي الميم والواو.
فمن قرأ بميم موصولة بواو فعلى الأصل.
ومن حذف الواو اكتفى بدلالة الضمة عليها.
_________
(1) ينظر: السبعة 108، الحجة للقراء السبعة 1/ 57، الكشف 1/
35.
(2) عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ت 117 هـ. (أخبار النحويين
البصريين 16، غاية النهاية 1/ 381).
(3) هو الأعرج السابق، ولا بد من الإشارة إلى أن حميد بن قيس
لقب بالأعرج أيضا.
(4) أبو علي الأسواري عمرو بن فائد. (غاية النهاية 1/ 602).
(5) عبد الله بن كثير المكي، أحد السبعة، ت 120 هـ. (التيسير
4، غاية النهاية 1/ 443).
(6) عيسى بن مينا، ت 220 هـ. (ميزان الاعتدال 3/ 327، غاية
النهاية 1/ 615).
(7) التبيان 12.
(8) د: فكذا.
(1/56)
ومن سكّنها فللاستثقال بتوالي الحركات في
بعض المواضع، نحو: ضربهم.
ومن كسر الميم ووصلها بياء قصد اتباعها بحركة الهاء إذا كسرت
ثمّ قلب الواو ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها.
ومن حذف الياء اكتفى بدلالة الكسرة عليها.
ومن كسر الميم مع ضمّ الهاء قبلها راعى (1) الياء التي (2) قبل
الهاء ثمّ قلب الواو ياء لانكسار ما قبلها.
ومن حذفها اكتفى بالكسرة.
وأمّا كسر الهاء فلأجل الياء.
وأمّا ضمّها فلأنّ أصل الياء الألف، وهي تضمّ بعد الألف.
غَيْرِ: مفرد مذكّر في جميع الأحوال.
م: ذكر صاحب الصحاح (3) أنّه يجمع على أغيار. انتهى.
وإذا أريد به المؤنث جاز التذكير حملا على اللفظ، والتأنيث
حملا على المعنى، نحو: غير هند من النساء قام وقامت. ومدلوله
المخالفة بوجه ما، وأصله الوصف، ويستثنى به، وتلزمه الإضافة
لفظا أو معنى، نحو: ليس غير.
م: وذكر (4) ابن مالك (5) في ليس غير (15 ب) الضمّ والفتح،
قال: وقد ينوّن. انتهى.
ولا تدخل عليه الألف واللام، ولا يتعرّف بإضافته إلى معرفة.
_________
(1) من د. وفي الأصل: فراعى.
(2) ساقطة من د.
(3) الصحاح (غير).
(4) مكررة في د.
(5) تسهيل الفوائد 107.
(1/57)
ومذهب ابن السّراج (1) أنّه يتعرّف إذا كان
المغاير واحدا، نحو: الحركة غير السكون.
وعلى مذهب س (2) يتعرّف إذا قصد بإضافته إلى المعرفة التعريف،
وقد تقدّم في (ملك).
وقرأ الجمهور (غير) بالجرّ. وفي إعرابه قولان:
أحدهما: أنّه بدل من (الذين)، قاله أبو علي (3)، أو من الضمير
في (عليهم).
وضعّف بأنّ أصله الوصف فتضعف فيه البدلية.
الثاني: لسيبويه (4): أنّه نعت للذين. وهذا على أصله في أنّ
كلّ ما إضافته غير محضة قد يتمحّض فيتعرّف إلّا الصفة
المشبّهة. ويتخرج أيضا على مذهب ابن السراج (5)، لأنّ (المغضوب
عليهم) ضدّ المنعم عليهم. فالمغاير واحد فيتعرّف.
وقيل: لم يتعرّف، ولكن (الذين) أريد به الجنس فجاز وصفه
بالنكرة كما جاز وصف المعرف بأل الجنسية بالجملة، وهي نكرة،
كقوله (6):
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وردّ بأنّه على خلاف أصلهم، لأنّ
المعرفة لا تنعت إلّا بالمعرفة، والمراعى في ذلك اللفظ لا
المعنى.
_________
(1) الدر المصون 1/ 71.
(2) الكتاب 2/ 135.
(3) الحجة للقراء السبعة 145.
(4) الكتاب 1/ 370. و (لسيبويه): ساقطة من د.
(5) ينظر: الأصول 2/ 77.
(6) شمر بن عمرو الحنفي، وهو من شواهد سيبويه 1/ 416 وعجزه:
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني
(1/58)
وقرأ ابن كثير: (غير)، بالنصب، وفي رواية
الخليل (1) عنه. وفي إعرابه ثلاثة أقوال:
أحدها: للخليل على إضمار أعني.
الثاني: على الحال من [الضمير في (عليهم)، ومن (الذين)، قاله
المهدويّ (2) وغيره. وضعّف بأنّ مجيء الحال من] المضاف إليه
الذي لا موضع له لا يجوز، بخلاف ما له موضع، نحو: عجبت من ضرب
هند قائمة، فإنّ هندا في موضع رفع أو نصب بالمصدر.
الثالث: (16 أ) على الاستثناء المنقطع، لأنّ ما قبله لم
يتناوله. قاله الأخفش (3) والزجّاج (4) وغيرهما.
وردّه الفرّاء (5) بأنّ بعده (لا) زائدة، وهي لا تزاد إلّا إذا
تقدّمها نفي، كقوله (6):
ما كان يرضى رسول الله فعلهم ... والطّيبان أبو بكر ولا عمر
ولم يجز في نصبه غير الحال.
وأجيب بمنع ما ذكره من اشتراط تقدّم النفي، واستدل (7) بقوله
تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ (8)، فهذه زائدة ولم
يتقدمها نفي.
_________
(1) الخليل بن أحمد الفراهيدي، ت 170 هـ. (أخبار النحويين
البصريين 30، نور القبس 56).
(2) أبو العباس أحمد بن عمّار، ت بعد 430 هـ. (جذوة المقتبس
106، معجم الأدباء 5/ 39).
(3) معاني القرآن 18.
(4) معاني القرآن وإعرابه 1/ 16. والزجاج إبراهيم بن السري أبو
إسحاق، ت 311 هـ. (طبقات النحويين واللغويين 121، نور القبس
342).
(5) معاني القرآن 1/ 8.
(6) جرير، ديوانه 263.
(7) من د. وفي الأصل: وأسند.
(8) الأعراف 12.
(1/59)
وبقول الأحوص (1):
ويلحينني في اللهو أن لا أحبّه ... وللهو داع دائب غير غافل
قال الطبري (2): أي: [أن] أحبّه. وبقوله (3):
ابى جوده لا البخل واستعجلت به ... نعم من فتى لا يمنع الجود
نائله
وله أن يجيب عن البيت الأول بأنّ (لا) نافية غير زائدة،
والمعنى: إرادة أن لا أحبّه. وعن الثاني بأنّ (لا) مفعول
بقوله: (أبى)، أي: لا ينطق بلفظة (لا)، ولذلك قال:
(واستعجلت به نعم) فجعلها فاعلة، و (البخل) بدل من (لا) أو
مفعول من أجله.
الْمَغْضُوبِ: اسم مفعول مخفوض بإضافة (غير) إليه. وقدّر بعضهم
مضافا محذوفا، أي: غير صراط المغضوب، وأطلق [هذا التقدير، فلم
يقيّده بجرّ (غير) ولا نصبه] (4)، ولا يتأتّى إلّا بنصبها،
إمّا على أنّها صفة للصراط، وهو ضعيف لتقدّم البدل وهو (صراط
الذين) على الوصف، والأصل العكس، وإما على (16 ب) البدل من
الصراط أو من صراط الذين، وفيه تكرار الأبدال، ولم يذكروه إلّا
في بدل النداء، وإمّا على الحال من الصراط الأول أو الثاني.
عَلَيْهِمْ: في موضع رفع على أنه مفعول لم يسمّ فاعله
بالمغضوب، وفي إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل إذا حذف خلاف.
م: والصحيح جوازه وعلى أنّه لا يقام فالمقام ضمير في المغضوب
يعود على المصدر [والله أعلم].
_________
(1) شعره: 179. وفي الأصل: أبي الأحوص.
(2) تفسير الطبري 1/ 81. والطبري أبو جعفر محمد بن جرير، ت 310
هـ. (تذكرة الحفاظ 710، طبقات المفسرين للداودي 2/ 106).
(3) بلا عزو في الخصائص 2/ 35 والأمالي الشجرية 2/ 228.
(4) من البحر 1/ 30، والدر المصون 1/ 74 وبها يستقيم الكلام.
(1/60)
وَلَا الضَّالِّينَ: (لا) حرف، ولا تكون
اسما خلافا للكوفيين، وتجيء للنفي، نحو: لا رجل في الدار.
وللطلب، نحو: لا تضرب زيدا. وزائدة، كما هنا، وفائدتها تأكيد
معنى النفي، كأنّه قيل: لا المغضوب عليهم ولا الضّالّين،
وتعيّن هنا (1) دخولها لئلا يتوهم عطف (الضّالين) على (الذين).
وقرأ أبيّ (2): وغير الضّالّين، وروي عنه في (غير) الموضعين
النصب والخفض.
وتأكيد النفي بغير أبعد، وبلا أقرب.
ولتقارب معنى (غير) و (لا) أتى الزمخشري (3) بمسألة يتبيّن بها
ذلك فقال: وتقول:
أنا زيدا غير ضارب، لأنّه بمنزلة: أنا زيدا لا ضارب. وامتنع:
أنا زيدا مثل ضارب.
يريد أنّ العامل إذا كان مضافا إليه لم يتقدّم معموله عليه ولا
على المضاف. وإنّما أجازوا تقديم (4) معمول ما أضيف إليه (غير)
على المضاف حملا لها على (لا).
واعترض بأنّ ما ذهب إليه (5) في (غير) مذهب ضعيف جدّا، وأنّه
بناه على جواز التقديم في (لا).
وفيه ثلاثة مذاهب: الجواز والمنع والتفضيل (17 أ) بين أن تكون
جواب قسم فيمتنع التقدير أوّلا فيجوز، وبأنّ كون اللفظ يقارب
اللفظ في المعنى لا يقضى بأن تجري أحكامه عليه، فلا يثبت إذ
الجواز في غير السماع، ولم يسمع. وقد ردّ الأصحاب قول من ذهب
إليه (6).
_________
(1) ساقطة من د.
(2) المحرر الوجز 1/ 131.
(3) الكشاف 1/ 73.
(4) د: تقدم.
(5) ساقطة من د.
(6) البحر 1/ 30.
(1/61)
الضَّالِّينَ: الجمهور بالألف دون همز.
وقرئ شاذّا بإبدال الألف همزة فرارا من التقاء الساكنين.
وحكى أبو زيد (1): دأبة وشأبة في باب الهمزة.
وجاءت منه ألفاظ ومضوا على أنّه لا ينقاس إذ لم يكثر.
قال أبو زيد (2): سمعت عمرو بن عبيد (3) يقرأ: فَيَوْمَئِذٍ لا
يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39) (4) فظننته
لحن، حتى سمعت من العرب: دأبة.
قال ابن جنيّ (5): وعلى هذه اللغة قول كثير (6):
إذا ما الغواني بالعبيط احمأرّت وقول الآخر (7):
وللأرض أمّا سودها فتجلّلت ... بياضا وأمّا بيضها فادهأمّت
وعلى قول ابن جنيّ: إنّه لغة، ينبغي أن (8) ينقاس.
(آمين) (9):
م: أبو البقاء (10): هو اسم فعل، ومعناه (11): استجب، وبني
لوقوعه موقع المبني. يعني فعل الأمر.
_________
(1) سعيد بن أوس الأنصاري، ت 215 هـ. (إنباه الرواة 2/ 30،
وفيات الأعيان 2/ 378).
(2) البحر 1/ 30.
(3) أبو عثمان البصري المعتزلي، ت 144 هـ. (الفرق بين الفرق
120، الملل والنحل 1/ 48).
(4) الرحمن 39.
(5) الخصائص 3/ 126.
(6) ديوانه 294 وروايته:
وأنت ابن ليلى خير قومك مشهدا ... إذا ما احمأرّت بالعبيط
العوامل
(7) كثير أيضا، ديوانه 323.
(8) د: أنه.
(9) ينظر في (آمين): تفسير غريب القرآن 12، الزينة في الكلمات
الإسلامية العربية 2/ 127، الزاهر 1/ 161، زاد المسير 1/ 17.
(10) التبيان 11.
(11) د: بمعناه.
(1/62)
قلت: أو بني لتضمنه لام الأمر، على قول،
وحرّك بالفتح لسكون الياء، والفتح فيه أقوى، لأنّ قبل الياء
كسرة، فلو كسرت النون على الأصل لوقعت الياء بين كسرتين.
وفيه لغتان: القصر، وهو الأصل، والمدّ.
قلت: ذكر القاضي عياض (1) في (التنبيهات) (2) أنّ المعروف فيه
المدّ وتخفيف الميم، وأنّ ثعلبا (3) حكى فيه القصر، وأنكره ابن
درستويه (4) قال: وإنّما ذلك في (17 ب) ضرورة الشعر. قال
القاضي: وحكى الداودي (5): آمين، بالمدّ وتشديد الميم، وقال:
إنّها لغة شاذّة، وذكر ثعلب أنها خطأ. انتهى.
قال أبو البقاء (6): وليس من الأبنية العربية بل من العجمية
كهابيل وقابيل.
وذكر السجاونديّ عن أبي عليّ أن وزنه (فعيل) والمدّ للإشباع،
كقوله (7):
قد قلت إذ خرّت على الكلكال لأنّه ليس في الكلام (إفعيل) ولا
(أفاعيل) ولا (فيعيل) [والله أعلم بالصواب].
_________
(1) عياض بن موسى السبتي، ت 544 هـ. (قلائد العقيان 222، وفيات
الأعيان 3/ 483). وينظر:
مشارق الأنوار 1/ 110.
(2) اسمه: التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة.
(3) الزاهر 1/ 161.
(4) عبد الله بن جعفر، ت 347 هـ. (الفهرست 68، تاريخ العلماء
النحويين 46).
(5) أحمد بن نصر، له كتاب تفسير الموطأ، ت 402 هـ. (فهرسة ابن
خير 87).
(6) التبيان 11.
(7) سلف تخريجه.
(1/63)
|