المحكم في نقط المصاحف

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله بارئ النسم ومسبغ النعم ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام والتفضل والإنعام وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم الْأَنْبِيَاء وَسيد الأصفياء وعَلى آله الطيبين وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ
هَذَا كتاب علم نقط الْمَصَاحِف وكيفيته على صِيغ التِّلَاوَة ومذاهب الْقِرَاءَة فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ وعَلى مَا سنه الماضون وَاسْتَعْملهُ الناقطون وَمَا يُوجِبهُ قِيَاس الْعَرَبيَّة وتحققه طَرِيق اللُّغَة مشروحا ذَلِك بأصوله وفروعه مُبينًا بعلله ووجوهه مَعَ ذكر السّنَن الْوَارِدَة عَن السّلف الماضين والائمة الْمُتَقَدِّمين فِي النقط وَمن ابْتَدَأَ بِهِ أَولا وَمن كرهه مِنْهُم وَمن ترخص فِيهِ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا ينضاف إِلَيْهِ ويتصل بِهِ من ذكر رسم فواتح السُّور ورؤوس الْآي والخموس والعشور وَمن أَبى ذَلِك وَمن أجَازه
وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين على بُلُوغ الأمل وإياه نسْأَل التَّوْفِيق للصَّوَاب فِي القَوْل وَالْعَمَل وَهُوَ حَسبنَا وَإِلَيْهِ ننيب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم

(1/1)


بَاب ذكر الْمَصَاحِف وَكَيف كَانَت عَارِية من النقط وخالية من الشكل وَمن نقطها أَولا من السّلف وَالسَّبَب فِي ذَلِك
حَدثنَا فَارس بن أَحْمد بن مُوسَى الْمُقْرِئ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا الْفضل بن شَاذان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ أخبرنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنَا الاوزاعي قَالَ سَمِعت يحيى بن ابي كثير يَقُول كَانَ الْقُرْآن مُجَردا فِي الْمَصَاحِف فَأول مَا أَحْدَثُوا فِيهِ النقط على الْيَاء وَالتَّاء وَقَالُوا لَا بَأْس بِهِ هُوَ نور لَهُ ثمَّ أَحْدَثُوا فِيهَا نقطا عِنْد مُنْتَهى الْآي ثمَّ أَحْدَثُوا الفواتح والخواتم
حَدثنَا فَارس بن أَحْمد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْمُقْرِئ قَالَ حَدثنَا احْمَد بن يزِيد قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد قَالَ ثَنَا فديك من أهل قيسارية قَالَ حَدثنَا الاوزاعي قَالَ سَمِعت قَتَادَة يَقُول بدؤوا فنقطوا ثمَّ خمسوا ثمَّ عشروا
قَالَ أَبُو عَمْرو هَذَا يدل على أَن الصَّحَابَة وأكابر التَّابِعين رضوَان الله عَلَيْهِم هم المبتدئون بالنقط ورسم الخموس والعشور لِأَن حِكَايَة قَتَادَة لَا تكون

(1/2)


إِلَّا عَنْهُم إِذْ هُوَ من التَّابِعين وَقَوله بدؤوا الى آخِره دَلِيل على أَن ذَلِك كَانَ عَن اتِّفَاق من جَمَاعَتهمْ وَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ أَو أَكْثَرهم فَلَا شكول فِي صِحَّته وَلَا حرج فِي اسْتِعْمَاله وَإِنَّمَا أخلى الصَّدْر مِنْهُم الْمَصَاحِف من ذَلِك وَمن الشكل من حَيْثُ أَرَادوا الدّلَالَة على بَقَاء السعَة فِي اللُّغَات والفسحة فِي الْقرَاءَات الَّتِي أذن الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي الْأَخْذ بهَا وَالْقِرَاءَة بِمَا شَاءَت مِنْهَا فَكَانَ الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن حدث فِي النَّاس مَا أوجب نقطها وشكلها
وَذَلِكَ مَا حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الانباري قَالَ ثَنَا ابي قَالَ حَدثنَا أَبُو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي كتب مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى زِيَاد يطْلب عبيد الله ابْنه فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ كَلمه فَوَجَدَهُ يلحن فَرده إِلَى زِيَاد وَكتب إِلَيْهِ كتابا يلومه فِيهِ وَيَقُول أمثل عبيد الله يضيع فَبعث زِيَاد إِلَى ابي الْأسود فَقَالَ يَا أَبَا الْأسود إِن هَذِه الْحَمْرَاء قد كثرت وأفسدت من ألسن الْعَرَب فَلَو وضعت شَيْئا يصلح بِهِ النَّاس كَلَامهم ويعربون بِهِ كتاب الله تَعَالَى فَأبى ذَلِك أَبُو الْأسود وَكره إِجَابَة زِيَاد إِلَى مَا سَأَلَ
فَوجه زِيَاد رجلا فَقَالَ لَهُ اقعد فِي طَرِيق أبي الْأسود فَإِذا مر بك فاقرأ شَيْئا من الْقُرْآن وتعمد اللّحن فِيهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا مر بِهِ أَبُو الاسود رفع الرجل صَوته فَقَالَ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} فاستعظم ذَلِك أَبُو الْأسود وَقَالَ عز وَجه الله أَن يبرأ من رَسُوله ثمَّ رَجَعَ

(1/3)


من فوره إِلَى زِيَاد فَقَالَ يَا هَذَا قد أَجَبْتُك إِلَى مَا سَأَلت وَرَأَيْت أَن أبدأ بإعراب الْقُرْآن إِلَيّ ثَلَاثِينَ رجلا فأحضرهم زِيَاد فَاخْتَارَ مِنْهُم أَبُو الْأسود عشرَة ثمَّ لم يزل يخْتَار مِنْهُم حَتَّى اخْتَار رجلا من عبد الْقَيْس فَقَالَ خُذ الْمُصحف وصبغا يُخَالف لون المداد فَإِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف وَإِذا ضممتهما فَاجْعَلْ النقطة إِلَى جَانب الْحَرْف وَإِذا كسرتهما فَاجْعَلْ النقطة فِي أَسْفَله فَإِن اتبعت شَيْئا من هَذِه الحركات غنة فانقط نقطتين
فابتدأ بالمصحف حَتَّى أَتَى على آخِره ثمَّ وضع الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بعد ذَلِك

(1/4)


أخبرنَا يُونُس بن عبد الله قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ نَا أَحْمد بن خَالِد قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا حجاج عَن هَارُون عَن مُحَمَّد بن بشر عَن يحيى بن يعمر وَكَانَ أول من نقط الْمَصَاحِف
أخبرنَا عبد بن أَحْمد بن مُحَمَّد فِي كِتَابه قَالَ نَا احْمَد بن عَبْدَانِ قَالَ نَا مُحَمَّد بن سهل قَالَ نَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ قَالَ حُسَيْن بن الْوَلِيد عَن هَارُون بن مُوسَى أول من نقط الْمُصحف يحيى بن يعمر
أخبرنَا خلف بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمُقْرِئ فِي الْإِجَازَة قَالَ نَا مُحَمَّد بن عبد الله

(1/5)


الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ أخْبرت عَن أبي بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْفضل التسترِي قَالَ نَا مُحَمَّد بن سهل بن عبد الْجَبَّار قَالَ نَا أَبُو حَاتِم قَالَ قَرَأَ يَعْقُوب على سَلام أبي الْمُنْذر وَقَرَأَ سَلام على أبي عَمْرو وَقَرَأَ أَبُو عمر على عبد الله بن ابي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ وعَلى نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ وَنصر أول من نقط الْمَصَاحِف وعشرها وخمسها
قَالَ أَبُو عَمْرو يحْتَمل أَن يكون يحيى وَنصر أول من نقطاها للنَّاس بِالْبَصْرَةِ وأخذا ذَلِك عَن أبي الْأسود إِذْ كَانَ السَّابِق إِلَى ذَلِك والمبتدئ بِهِ وَهُوَ الَّذِي جعل الحركات والتنوين لَا غير على مَا تقدم فِي الْخَبَر عَنهُ ثمَّ جعل الْخَلِيل بن احْمَد الْهَمْز وَالتَّشْدِيد وَالروم والإشمام وَقفا النَّاس فِي ذَلِك أثرهما وَاتبعُوا فِيهِ سنتهما وانتشر ذَلِك فِي سَائِر الْبلدَانِ وَظهر الْعَمَل بِهِ فِي كل عصر وَأَوَان وَالْحَمْد لله على كل حَال
حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ نَا ابْن الْأَنْبَارِي قَالَ نَا ابي عَن عمر بن شبة عَن الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت أَبَا عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى يَقُول أول من وضع النَّحْو أَبُو الْأسود الدولي ثمَّ مَيْمُون الاقرن ثمَّ عَنْبَسَة الْفِيل ثمَّ عبد الله بن ابي إِسْحَاق
قَالَ أَبُو عَمْرو وكل هَؤُلَاءِ قد نقطوا وَأخذ عَنْهُم النقط وَحفظ وَضبط وَقيد وَعمل بِهِ وَاتبع فِيهِ سنتهمْ واقتدى فِيهِ بمذاهبهم
قَالَ مُحَمَّد بن تزيد الْمبرد لما وضع أَبُو الْأسود الدؤَلِي النَّحْو قَالَ ابغوا لي رجلا وَليكن لقنا فَطلب الرجل فَلم يُوجد إِلَّا فِي عبد الْقَيْس فَقَالَ أَبُو الْأسود إِذا رَأَيْتنِي لفظت بالحرف فضممت شفتي فَاجْعَلْ أَمَام الْحَرْف نقطة فَإِذا ضممت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين فَإِذا رَأَيْتنِي قد كسرت شفتي

(1/6)


فَاجْعَلْ أَسْفَل الْحَرْف نقطة فَإِذا كسرت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين فَإِذا رَأَيْت قد فتحت شفتي فَاجْعَلْ على الْحَرْف نقطة فَإِذا فتحت شفتي بغنة فَاجْعَلْ نقطتين قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فَلذَلِك النقط بِالْبَصْرَةِ فِي عبد الْقَيْس إِلَى الْيَوْم
قَالَ وَأخذ عَن ابي الْأسود مَيْمُون الأقرن وَأخذ عَن مَيْمُون الاقرن الْخَلِيل بن أَحْمد وَزَاد الْخَلِيل فِي ذَلِك فَجعل على الْحَرْف المشدد ثَلَاث شُبُهَات وَأَخذه من أول شَدِيد فَإِذا كَانَ خَفِيفا جعل عَلَيْهِ خاء وَأَخذه من أول خَفِيف
وَقَالَ أَبُو الْحسن بن كيسَان قَالَ مُحَمَّد بن يزِيد الشكل الَّذِي فِي الْكتب من عمل الْخَلِيل وَهُوَ مَأْخُوذ من صور الْحُرُوف فالضمة وَاو صَغِيرَة الصُّورَة فِي أَعلَى الْحَرْف لِئَلَّا تَلْتَبِس بِالْوَاو الْمَكْتُوبَة والكسرة يَاء تَحت الْحَرْف والفتحة ألف مبطوحة فَوق الْحَرْف
وَقَالَ أَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد أصل النقط لعبد الله بن ابي اسحق الْحَضْرَمِيّ معلم ابي عَمْرو بن الْعَلَاء أَخذه النَّاس عَنهُ قَالَ وَيُقَال أول من نقط الْمَصَاحِف نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ قَالَ والنقط لأهل الْبَصْرَة أَخذه النَّاس كلهم عَنْهُم حَتَّى أهل الْمَدِينَة وَكَانُوا ينقطون على غير هَذَا النقط فَتَرَكُوهُ ونقطوا نقط أهل الْبَصْرَة
قَالَ أَبُو عَمْرو هَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو حَاتِم من أهل الْمَدِينَة أخذُوا النقط عَن أهل الْبَصْرَة صَحِيح وَذَلِكَ أَن أَحْمد بن عمر القَاضِي حَدثنَا قَالَ ثَنَا مُحَمَّد

(1/7)


ابْن أَحْمد بن مُنِير قَالَ حَدثنَا عبد الله بن عِيسَى قَالَ ثَنَا قالون قَالَ فِي مصاحف الْمَدِينَة بالسود إِلَّا بهمزتين فِي الْكتاب يَعْنِي نقطها أَلا ترى أَن أهل الْمَدِينَة لَا يجمعُونَ بَين همزتين بل قد كَانَ بَعضهم وَهُوَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن العقعقاع الْقَارئ يسهلهما مَعًا وَهِي لُغَة قُرَيْش فَدلَّ مَا استعملوه فِي نقط مصاحفهم من تحقيقهما وإثباتهما مَعًا بالصفرة الَّتِي جعلوها لنقط الْهَمْز الْمُحَقق خلافًا لقِرَاءَة أئمتهم وَمذهب سلفهم على أَنهم اخذوا ذَلِك عَن غَيرهم وَأَنَّهُمْ اتبعُوا فِي ذَلِك أهل الْبَصْرَة إِذْ كَانُوا المبتدئين بالنقط والسابقين إِلَيْهِ كَمَا تقدم ذَلِك فِي الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَن السّلف
ثمَّ أَخذ ذَلِك عَن أهل الْمَدِينَة عَامَّة أهل الْمغرب من الاندلسيين وَغَيرهم ونقطوا بِهِ مصاحفهم وجمعوا بَين الهمزتين وضموا ميمات الْجمع قَالَ قالون أهل الْمَدِينَة يشكلون مصاحفهم بِرَفْع الميمات كلهَا وَجعلُوا النبرات بالصفرة والحركات نقطا بالحمرة وَلم يخالفوهم فِي شَيْء جرى استعمالهم عَلَيْهِ من ذَلِك وَمن غَيره
وَقد تَأَمَّلت مَصَاحِفنَا الْقَدِيمَة الَّتِي كتبت فِي زمَان الْغَازِي بن قيس صَاحب نَافِع بن ابي نعيم وراوية مَالك بن أنس فَوجدت جَمِيع ذَلِك مثبتا فِيهَا مُقَيّدا على حسب مَا أثبت وهيئة مَا يُقيد فِي مصاحف أهل الْمَدِينَة وَكَذَلِكَ رَأَيْت ذَلِك فِي سَائِر الْمَصَاحِف العراقية والشامية ونقاطهم على ذَلِك إِلَى الْيَوْم وَكَذَلِكَ نقاط أهل مَكَّة على أَن سلفهم كَانُوا على غير ذَلِك قَالَ ابْن أشته

(1/8)


رَأَيْت فِي مصحف إِسْمَاعِيل الْقسْط إِمَام أهل مَكَّة الضمة فَوق الْحَرْف والفتحة قُدَّام الْحَرْف ضد مَا عَلَيْهِ النَّاس
قَالَ أَبُو عَمْرو وَأول من صنف النقط ورسمه فِي كتاب وَذكر علله الْخَلِيل بن احْمَد ثمَّ صنف ذَلِك بعده جمَاعَة من النَّحْوِيين والمقرئين وسلكوا فِيهِ طَرِيقه وَاتبعُوا سنته وَاقْتَدوا بمذاهبه مِنْهُم أَبُو مُحَمَّد يحيى بن الْمُبَارك اليزيدي وَابْنه أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن ابي مُحَمَّد وَأَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد السجسْتانِي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى الْأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن احْمَد بن جَعْفَر بن الْمُنَادِي وَأَبُو بكر احْمَد بن مُوسَى بن مُجَاهِد وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن اشته وَأَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن بشر مقرئ أهل بلدنا وَجَمَاعَة غَيره غير هَؤُلَاءِ
وَمِمَّنْ اشْتهر من الْمُتَقَدِّمين بالنقط واقتدي بِهِ فِيهِ من الْمَدَنِيين عِيسَى بن مينا قالون رِوَايَة نَافِع ومقرىء أهل الْمَدِينَة وَمن الْبَصرِيين بشار بن أَيُّوب أستاذ يَعْقُوب بن اسحق الْحَضْرَمِيّ وَمعلى بن عِيسَى صَاحب الجحدري وَمن الكوفين صَالح بن عَاصِم الناقط صَاحب الْكسَائي وَمن الاندلسيين حَكِيم بن عمرَان صَاحب الْغَازِي بن قيس وسنأتي بِجَمِيعِ مَا رُوِيَ لنا من اتِّفَاقهم وَاخْتِلَافهمْ بعلله ومعانيه فِي موَاضعه إِن شَاءَ الله وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَعَلِيهِ التكلان

(1/9)


بَاب ذكر من كره نقط الْمَصَاحِف من السّلف
حَدثنَا خلف بن احْمَد بن ابي خَالِد القَاضِي قَالَ نَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن اللؤلئي قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن حميد قَالَ نَا مُحَمَّد بن يحيى بن سَلام قَالَ نَا أبي قَالَ نَا عُثْمَان عَن ابْن 000 عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره نقط الْمَصَاحِف قَالَ عُثْمَان وَكَانَ قَتَادَة يكره ذَلِك
حَدثنَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا احْمَد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ قَالَ نَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا إِسْحَاق الْأَزْرَق عَن سُفْيَان عَن سَلمَة ابْن كهيل عَن أبي الزَّعْرَاء عَن عبد الله قَالَ جردوا الْقُرْآن وَلَا تخلطوه بِشَيْء
حَدثنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن عَليّ قَالَ نَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ نَا سُلَيْمَان بن يحيى قَالَ نَا مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ نَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك قَالَ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود جردوا الْقُرْآن
حَدثنَا الخاقاني خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ بن

(1/10)


عبد الْعَزِيز قَالَ نَا الْقَاسِم بن سَلام قَالَ نَا هشيم قَالَ أَنا مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يكره نقط الْمَصَاحِف وَيَقُول جردوا الْقُرْآن وَلَا تخلطوا بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ
نَا خلف بن إِبْرَاهِيم قَالَ نَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ نَا عَليّ قَالَ نَا أَبُو عبيد قَالَ نَا يزِيد عَن هِشَام عَن الْحسن وَابْن سِيرِين انهما كَانَا يكرهان نقط الْمَصَاحِف
حدثت عَن الْحسن بن رَشِيق قَالَ نَا أَبُو الْعَلَاء مُحَمَّد بن أَحْمد الذهلي قَالَ لنا أَبُو بكر بن ابي شيبَة قَالَ أَنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي رَجَاء قَالَ سَأَلت مُحَمَّدًا عَن نقط الْمَصَاحِف فَقَالَ إِنِّي أَخَاف أَن يزِيدُوا فِي الْحُرُوف أَو ينقصوا
حَدثنِي عبد الْملك بن الْحُسَيْن قَالَ نَا عبد الْعَزِيز بن عَليّ قَالَ نَا الْمِقْدَام ابْن تليد قَالَ نَا عبد الله بن عبد الحكم قَالَ قَالَ أَشهب سُئِلَ مَالك فَقيل لَهُ أَرَأَيْت من استكتب مُصحفا الْيَوْم أَتَرَى أَن يكْتب على مَا أحدث النَّاس من الهجاء الْيَوْم فَقَالَ لَا أرى ذَلِك وَلَكِن يكْتب على الكتبة الأولى قَالَ مَالك وَلَا يزَال الْإِنْسَان يسألني عَن نقط الْقُرْآن فَأَقُول لَهُ أما الإِمَام من الْمَصَاحِف فَلَا أرى أَن ينقط وَلَا يُزَاد فِي الْمَصَاحِف مَا لم يكن فِيهَا وَأما الْمَصَاحِف الصغار الَّتِي يتَعَلَّم فِيهَا الصّبيان وألواحهم فَلَا أرى بذلك بَأْسا قَالَ عبد الله وَسمعت مَالِكًا وَسُئِلَ عَن شكل الْمَصَاحِف فَقَالَ أما الْأُمَّهَات فَلَا أرَاهُ وَأما الْمَصَاحِف الَّتِي يتَعَلَّم فِيهَا الغلمان فَلَا بَأْس

(1/11)