تأويل مشكل القرآن

باب دخول حروف الصّفات مكان بعض

«في» مكان «على»
قوله تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه: 71] ، أي على جذوع النخل.
قال الشاعر «1» :
وهم صلبوا العبديّ في جذع نخلة ... فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا
وقال عنترة «2» :
بطل كأنّ ثيابه في سرحة ... يحذى نعال السّبت ليس بتوأم
أي على سرحه من طوله.

«الباء» مكان «عن»
قال الله تعالى: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً [الفرقان: 59] ، أي عنه.
قال علقمة بن عبدة «3» :
__________
(1) البيت من الطويل، وهو لسويد بن أبي كاهل في ملحق ديوانه ص 45، والأزهية ص 268، وشرح شواهد المغني 1/ 479، ولسان العرب (عبد) ، (شمس) ، ولامرأة من العرب في الخصائص 2/ 313، وشرح المفصل 8/ 21، ولسان العرب (فيا) ، وتاج العروس (فيا) ، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 506، ورصف المباني ص 389، ومغني اللبيب 1/ 168، والمقتضب 2/ 319، وتفسير البحر المحيط 6/ 261، وتفسير الطبري 16/ 141، والصاحبي في فقه اللغة ص 128، والكامل 2/ 71.
(2) البيت من الكامل، وهو في ديوان عنترة ص 212، وأدب الكاتب ص 506، والأزهية ص 267، وجمهرة اللغة ص 521، 1315، وخزانة الأدب 9/ 485، 490، وشرح شواهد المغني 1/ 479، والمنصف 3/ 17، ولسان العرب (سرح) ، وشرح القصائد العشر ص 199، والكامل 1/ 55، والعمدة 1/ 288، وأمالي المرتضى 2/ 15، والمعاني الكبير 1/ 488، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 312، ورصف المباني ص 389، وشرح الأشموني 2/ 292، وشرح المفصل 8/ 21، ومغني اللبيب 1/ 169، وتفسير البحر المحيط 2/ 258.
(3) البيت من الطويل، وهو لعلقمة الفحل (علقمة بن عبدة) في ديوانه ص 35، وأدب الكاتب

(1/298)


فإن تسألوني بالنّساء فإنّني ... بصير بأدواء النّساء طبيب
أي عن النساء.
وقال ابن أحمر «1» :
تسائل بابن أحمر من رآه ... أعارت عينه أم لم تعارا

«عن» مكان «الباء»
قال الله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) [النجم: 3] ، أي بالهوى.
والعرب تقول: رميت عن القوس، أي رميت بالقوس.

«اللام» مكان «على»
قال الله تعالى: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ [الحجرات: 2] أي لا تجهروا عليه بالقول.
والعرب تقول: سقط فلان لفيه، أي على فيه. قال الشاعر «2» :
__________
ص 508، والأزهية ص 284، والجنى الداني ص 41، وحماسة البحتري ص 181، والدرر 4/ 105، والمقاصد النحوية 3/ 16، 4/ 105، وهمع الهوامع 2/ 22، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 49، ورصف المباني ص 144.
(1) يروى البيت بلفظ:
وربّت سائل عنّي حفيّ ... أعارت عينه أم لم تعارا
والبيت من الوافر، وهو لابن أحمر في ديوانه ص 76، وأدب الكاتب ص 508، والأزهية ص 262، وجمهرة اللغة ص 68، وشرح شواهد الشافية ص 353، ولسان العرب (عور) ، (غور) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 382، وجمهرة اللغة ص 77، 1066، وخزانة الأدب 5/ 198، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 99، وشرح المفصل 10/ 75، ولسان العرب (عور) ، والمنصف 1/ 260، 3/ 42.
(2) صدر البيت:
تناوله سريعا بالرمح ثم اتّنى له
والبيت من الطويل، وهو لجابر بن حني في شرح اختيارات المفضل ص 955، وشرح شواهد المغني 2/ 562، وللأشعث الكندي في الأزهية ص 288، ولربيعة بن مكدم في الأغاني 16/ 32، ولعصام بن المقشعر في معجم الشعراء ص 270، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 511، والجنى الداني ص 101، ورصف المباني ص 221، وشرح الأشموني 2/ 291، ومغني اللبيب 1/ 212، وتفسير البحر المحيط 6/ 10، 88.

(1/299)


فخرّ صريعا لليدين وللفم
قال الآخر «1» :
معرّس خمس وقّعت للجناجن

«إلى» مكان «مع»
قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ [النساء: 2] ، أي مع أموالكم. ومثله:
مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آل عمران: 52] ، أي مع الله.
والعرب تقول: الذّود إلى الذّود إبل «2» ، أي مع الذّود.
قال ابن مفرّغ «3» :
شدخت غرّة السّوابق فيهم ... في وجوه إلى اللّمام الجعاد
أراد مع اللّمام الجعاد.

«اللام» مكان «إلى»
قال الله تعالى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (5) [الزلزلة: 5] ، أي أوحى إليها.
قال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا [الأعراف: 43] ، أي إلى هذا.
يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [النحل: 68] وقوله:
وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل: 121] .

«على» مكان «من»
قال الله تعالى: إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) [المطففين: 2] ، أي مع الناس.
__________
(1) صدر البيت: كأنّ مخوّاها على ثفناتها والبيت من الطويل، وهو للطرماح في ديوانه ص 491، والاقتضاب في شرح أدب الكاتب ص 439، والمعاني الكبير 2/ 1190، وأمالي المرتضى 2/ 25، 4/ 3، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 511، ورصف المباني ص 222.
(2) انظر المثل في مجمع الأمثال 1/ 288، ولسان العرب (ذود) .
(3) البيت من الخفيف، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص 118، وأدب الكاتب ص 516، والأزهية ص 273، والإنصاف ص 266، ولسان العرب (شدخ) ، (لمم) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 578. [.....]

(1/300)


وقال صخر الغيّ «1» :
متى ما تنكروها تعرفوها ... على أقطارها علق نفيث
أي من أقطارها.
ومنه قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ [المائدة: 107] ، أي منهم.

«من» مكان «الباء»
قال الله تعالى: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد: 11] أي بأمر الله.
وقال تعالى: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ [غافرة: 15] ، أي بأمره.
وقال: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ [القدر: 4، 5] ، أي بكل أمر.

«الباء» مكان «من»
تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا، أي من ماء كذا.
قال الله تعالى: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) [المطففين: 28] وعَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ [الإنسان: 6] . ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها.
قال الهذليّ وذكر السّحائب «2» :
شربن بماء البحر ثم ترفّعت ... متى لجج خضر لهنّ نئيج
أي شربن من ماء البحر.
__________
(1) البيت من الوافر، وهو لأبي المثلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 264، والأزهية ص 276، ولصخر الغي في خزانة الأدب 2/ 199، وتاج العروس (نفث) ، ولسان العرب (نفث) .
(2) البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية ص 201، والأشباه والنظائر 4/ 287، وجواهر الأدب ص 99، وخزانة الأدب 7/ 97- 99، والخصائص 2/ 85، والدرر 4/ 179، وسرّ صناعة الإعراب ص 135، 424، وشرح أشعار الهذليين 1/ 129، وشرح شواهد المغني ص 218، ولسان العرب (شرب) ، (مخر) ، (متى) ، والمحتسب 2/ 114، والمقاصد النحوية 3/ 249، وديوان الهذليين 1/ 51، والاقتضاب ص 447، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص 515، والأزهية ص 284، وأوضح المسالك 3/ 6، والجنى الداني ص 43، 505، وجواهر الأدب ص 47، 378، ورصف المباني ص 151، وشرح الأشموني ص 284، وشرح ابن عقيل ص 352، وشرح عمدة الحافظ ص 268، وشرح قطر الندى ص 250، والصاحبي في فقه اللغة ص 175، ومغني اللبيب ص 105، وهمع الهوامع 2/ 34.

(1/301)


وقال عنترة «1» :
شربت بماء الدّحرضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الدّيلم
وقال عز وجل: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ [هود: 14] ، أي من علم الله.

«من» مكان «في»
قال الله تعالى: أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ [فاطر: 40] ، أي في الأرض.

«من» مكان «على»
قال الله تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ [الأنبياء: 77] ، أي على القوم.

«عن» مكان «من»
قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ [الشورى: 25] ، أي من عباده.
وتقول: أخذت هذا عنك، أي منك.

«من» مكان «عن»
تقول: لهيت من فلان، أي عنه. و: حدثني فلان من فلان.
أي عنه.

«على» بمعنى «عند»
قال الله تعالى: وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ [الشعراء: 14] ، أي عندي.

«الباء» مكان «اللام»
قال الله تعالى: ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الدخان: 39] أي للحق.
__________
(1) البيت من الكامل، وهو في ديوان عنترة ص 201، وأدب الكاتب ص 515، والأزهية ص 283، وجمهرة اللغة ص 872، 1170، وسر صناعة الإعراب 1/ 134، ولسان العرب (نبت) ، (حرض) ، (وسع) ، (وشع) ، (ولم) ، والمحتسب 2/ 89، وتاج العروس (دلم) ، والبيت بلا نسبة في رصف المباني ص 151، وشرح المفصل 2/ 115.

(1/302)


وجدت في آخر كتاب المشكل تفسير بعض ما فيه من الأحاديث والأمثال فألحقته به «1» .
1-
قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «النّاس كإبل مائة ليس فيها راحلة» «2» .
الإبل المائة: هي الرّاعية، وإنما يجتمع منها في المرعى الواحد مائة، فتقام المائة مقام القطيع. يقال: لفلان إبل مائة. وهي أيضا هنيدة «3» . وإذا كان الإبل مائة ليست فيها راحلة تشابهت في المناظر، لأن الراحلة تتميز منها بالتمام وحسن المنظر.
فأراد: أنهم سواء في الأحكام وفي القصاص، ليس لشريف فضل على غيره.
وهذا مثل
قوله عليه السلام: النّاس سواء كأسنان المشط «4» .
والعرب تقول في هذا المعنى: هم سواء كأسنان الحمار.
2-
وقوله: إنّ ممّا ينبت الرّبيع ما يقتل حبطا أو يلمّ «5» .
فالحبط: أن تأكل الناقة في المرعي فتكثر حتى تنتفخ بطنها. ولذلك قيل لقوم من العرب: الحبطات، لأن أباهم كان أكل صمغا حتى حبط بطنه فسمى: الحبط. وهو الحارث بن تميم.
وقوله: أو يلمّ، يعني يقارب أن يقتل.
وإنما نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الاستكثار من الدنيا ومن غضارتها وحسنها إذا كان في ذلك ما يهلك. فضرب استكثار البهيمة من العشب في الربيع حتى يقلتها حبطا مثلا لذلك.
3-
وقوله للضّحّاك بن سفيان: إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبيا «6» .
يراد: أقم ولا تحدث شيئا كأنك ظبي قد استقر في الكناس.
__________
(1) هذا من قول ناسخ الكتاب، بعد فراغه من نسخه في جمادى الأولى سنة 532 هـ.
(2) تقدم الحديث مع تخريجه.
(3) هنيدة: اسم للمائة من الإبل خاصة.
(4) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7/ 57، وابن الجوزي في الموضوعات 3/ 80، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 5/ 1099، وميزان الاعتدال 2/ 217، والعجلوني في كشف الخفاء 2/ 326، والدولابي في الكنى 1/ 168.
(5) تقدم الحديث مع تخريجه.
(6) تقدم الحديث مع تخريجه.

(1/303)


4-
وقوله: الكاسيات العاريات لا يدخلن الجنّة «1» .
يعني النساء اللّواتي يلبسن رقاق الثّياب، فهنّ كاسيات إذا لبسن، عاريات إذا كن لا يسترهنّ.
5-
وقوله في كتاب صلح: وإنّ بيننا وبينهم عيبة مكفوفة «2» .
يريد: صدرا نقيّا من الغلّ والعداوة، منطويا على الوفاء. والعرب تسمي الصّدور: العياب. قال الشاعر «3» :
وكادت عياب الودّ منّا ومنكم ... وإن قيل أبناء العمومة تصفر
تصفر: تخلو من المحبة.
والمكفوفة: المشرجة: يقال: أشرج صدره على كذا، أي طوى. قال الشّمّاخ «4» :
وكادت غداة البين ينطق طرفها ... بما تحت مكنون من الصّدر مشرج
6-
وقوله صلّى الله عليه وسلم: «أجد نفس ربّكم من قبل اليمن» «5» .
يريد: أجد الفرج يأتيني من قبل اليمن- فأتاه الله من جهة الأنصار.
وكذلك
قوله: لا تسبّوا الرّيح فإنها من نفس الرحمن «6» .
يريد: أن الله ينفّس بها، ويفرّج بها. وقد فرّج الله بها عنه ليلة الأحزاب، قال الله جل اسمه: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها [الأحزاب: 9] .
وقال: اللهم نفّس عني الكرب، ونفّس عني الأذى. كما قال: فرّج عني.
__________
(1) تقدم الحديث مع تخريجه.
(2) تقدم الحديث مع تخريجه.
(3) البيت من الطويل، وهو لبشر بن أبي خازم في أساس البلاغة (عيب) ، وليس في ديوانه، وللكميت في ديوانه 1/ 169، والمعاني الكبير ص 527، وبلا نسبة في لسان العرب (عيب) ، (كفف) ، وتاج العروس (عيب) ، (كفف) ، وتهذيب اللغة 3/ 236، وكتاب العين 2/ 294.
(4) البيت من الطويل، وهو في ديوان الشماخ ص 8.
(5) تقدم الحديث مع تخريجه. [.....]
(6) روي الحديث بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/ 19، 10/ 217، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين 5/ 103، والسيوطي في الدر المنثور 1/ 165، وابن ماجه حديث 3727، والحاكم في المستدرك 2/ 272.

(1/304)


ومما يزيد ذلك وضوحا تقول عمر رضي الله عنه: الريح من روح الله فلا تسبّوها «1» .
7- وقول أبي بكر رضي الله عنه: نحن حفنة من حفنات الله «2» .
يريد: نحن وإن كنا كثيرا في العدد قليل عند الله، كالحفنة، والحفنة: ما حفنه الرجل بيده فألقاه. يقال: حفن له من المال، إذا أعطاه بكفّه.
8- وقول عمر رضي الله عنه للعريف الذي أتاه بالمنبوذ: عسى الغوير أبؤسا «3» .
فقال بعضهم: هو تصغير غار. وهو مثل للعرب. ويقال: إن أول من قاله بيهس الذي يلقب بالنّعامة في حمقه، وكان قد وجد قاتلي إخوته في غار فهجم عليهم في ذلك الغار فقتلهم، فهو أحد من طلب بثأر فلحقه. وإنما عسى أن يكون الغوير أضمر لنا وأخفى أبؤسا، وهو جمع بائس. ويقال: الغوير: ماء.
9-
وقول عليّ كرم الله وجه: من يطل هن أبيه ينتطق به «4» .
يريد: من كثر إخوته عزّ بهم فامتنع. وضرب النّطاق مثلا لذلك، لأنه يشدّ الظهر. ومثله قول الشاعر «5» :
فلو شاء ربي كان أير أبيكم ... طويلا كأير الحارث بن سدوس
والحارث بن سدوس من شيبان، وكان له أحد وعشرون ذكرا.
10- وقول عمر رضي الله عنه: أيّما رجل بايع عن غير مشاورة، فلا يؤمّر واحد منهما تغرّة أن يقتلا «6» .
__________
(1)
روي الحديث بلفظ: «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فلا تسبوها» . أخرجه أبو داود حديث 5097، وأحمد في المسند 2/ 268، 518، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 361، والحاكم في المستدرك 4/ 285، والهيثمي في موارد الظمآن 1989، والبغوي في شرح السنة 4/ 392، والتبريزي في مشكاة المصابيح 1516، والسيوطي في الدر المنثور 1/ 165، والشافعي في مسنده 82، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 167.
(2) تقدم الحديث مع تخريجه.
(3) تقدم الحديث مع تخريجه.
(4) تقدم الحديث مع تخريجه.
(5) البيت من الطويل، وهو للسرادق السدوسي في تاج العروس (أبر) ، وبلا نسبة في لسان العرب (أبر) ، (نطق) ، (هنا) ، وتهذيب اللغة 15/ 329، وثمار القلوب ص 143، وتاج العروس (نطق) .
(6) تقدم الحديث مع تخريجه.

(1/305)


يريد: إذا بايع الرجل رجلا عن غير مشاورة الناس، يعني مبايعة الإمرة، فلا يؤمّر واحد منهما، لا المبايع ولا المبايع حتى يكون ذلك عن اجتماع ملإ من الناس، لأنه لا يؤمن أن يقتلا جميعا.
وتغرّة هاهنا: مصدر غررت به تغرّة وتغريرا، مثل عللّته تعلّة وتعليلا. وهذا قول أبي عبيدة.
11- والعرب تقول: حور في محارة «1» .
والحور، النّقصان. والمحارة: المنقصة، وهذا كما يقول الناس: هذا نقصان في نقصان، وخسران في خسران.
12- وقولهم: جري المذكّيات غلاب «2» .
فالمذكّيات: الخيل المسانّ. والغلاء: أن تتغالى في الجري، أي كأنها تتبارى في ذلك، وليست كالصغيرة التي لا تتغالى. وقد يروى: «غلاب» مكان «غلاء» .
13- وقوله: عيل ما هو عائله «3» ، مثل.
ومعنى عيل: أي أثقل. يقال: عالني الشيء أي أثقلني. كأنه قال: أثقل ما هو مثله. كأنه يدعى له ويدعى على الذي أثقله.
قال ابن مقبل يصف فرسا «4» :
خدى مثل خدي الفالجيّ ينوشني ... بخبط يديه عيل ما هو عائله
14- وقولهم: وإنّه لشرّاب بأنقع «5» .
قاله الحجّاج لأهل العراق: إنكم يا أهل العراق شاربون بأنقع.
وأصله في الطير، وذلك أن الطائر إذا كان حذرا منكرا لم يرد المياه التي يردها الناس-: لأن الأشراك تنصب عندها. - وورد النّقاع، والمناقع التي في الفلوات.
15- وقولهم: عاط بغير أنواط «6» .
__________
(1) تقدم المثل مع تخريجه.
(2) تقدم المثل مع تخريجه.
(3) تقدم المثل مع تخريجه.
(4) البيت من الطويل، وهو في ديوان ابن مقبل ص 251، ولسان العرب (عول) ، وتهذيب اللغة 3/ 195، والمخصص 12/ 206، وتاج العروس (عول) .
(5) تقدم المثل مع تخريجه.
(6) تقدم المثل مع تخريجه.

(1/306)


العاطي: المتناول. ويقال عطوت: إذا تناولت، أعطو. ومنه قول الشاعر في صفة الظبية «1» :
وتعطو بظلفيها إذا الغصن طالها
والأنواط: المعاليق، واحد نوط. أراد أن هذا يصعب عليه ما يرومه كمن تناول بغير معلاق.
16- وقوله: إلّا ده فلا ده «2» .
يريدون: إن لم يكن هذا الأمر لم يكن غيره. وهو مثل قول رؤبة «3» :
وقوّل إلّا ده فلا ده يروي أهل العربية أن الدال فيه مبدلة من ذال، كأنهم أرادوا: إن لم تكن هذه لم تكن أخرى.
17- وقولهم: النّفاض يقطّر الجلب «4» .
النّفاض: الفقر، يقال: أنفض القوم وأنفدوا: إذا ذهب ما عندهم.
وقولهم: يقطّر الجلب، يريدون: أنهم يجلبون من البادية إلى المصر، ليبيعوها من فقرهم.
18- وقولهم: به داء ظبي «5» .
يريدون: أنه صحيح لاداء به، كما أن الظبي لا داء به.
19- وقولهم: أراك بشر ما أحار مشفر «6» .
يريدون: بشرة البعير- ومشفره: سمته- تدلك على جودة أكله، وأحار. ردّ إلى جوفه.
__________
(1) الشطر من الطويل، ولم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي. [.....]
(2) تقدم المثل مع تخريجه.
(3) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 166، ولسان العرب (قول) ، (دهده) ، (دها) ، وتهذيب اللغة 5/ 355، 356، ومقاييس اللغة 2/ 262، وتاج العروس (قول) ، (دهده) .
(4) تقدم المثل مع تخريجه.
(5) تقدم المثل مع تخريجه.
(6) تقدم المثل مع تخريجه.

(1/307)


20- وقولهم: أفلت فلان بجريعة الذّقن «1» .
يريدون: أنه أفلت نفسه فيه، كما قال الهذليّ «2» :
نجا سالم والنّفس منه بشدقه ... ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا
21- وقولهم: غبار ذيل المرأة الفاجرة يورث السّلّ «3» .
يريدون: من اتبع الفواجر ذهب ماله. ضرب السل في البدن مثلا لذهاب المال.
22- وقولهم: كبارح الأرويّ «4» .
يريدون أنه مشؤوم من وجهتيه، وذلك أن الأروي يتشاءم بها من حيث أتت. وإذا برحت كان أعظم لشؤمها.
23- وقولهم: عبد وخلى في يديه «5» .
وهذا مثل يضرب للئيم البطر. والخلى: وهو «6» ...
عندهم الكلأ خصبوا، والعبد لئيم، فإذا وقع في الخصب بطر وهذا مثل قوله «7» :
قوم إذا نبت الرّبيع لهم ... نبتت عداوتهم مع البقل
وقال آخر «8» :
يا ابن هشام أفسد النّاس اللّبن ... فكلّهم يمشي بقوس وقرن
24- وقولهم: رمّدت الضّأن فربّق ربّق، ورمدّت المعزى فرنّق رنّق «9» .
__________
(1) تقدم المثل مع تخريجه.
(2) البيت من الطويل، وهو لحذيفة بن أنس الهذلي في شرح أشعار الهذليين 2/ 558، والعقد الفريد 5/ 244، ولسان العرب (جفن) ، ولأبي خراش الهذلي في لسان العرب (نفس) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 526، وجمهرة اللغة ص 1319، ورصف المباني ص 86، والصاحبي في فقه اللغة ص 136، ولسان العرب (نجا) ، والمعاني الكبير ص 972، والمقرب 1/ 167.
(3) تقدم المثل مع تخريجه.
(4) تقدم المثل مع تخريجه.
(5) تقدم المثل مع تخريجه.
(6) بياض بالأصل مقدار ثلاث كلمات.
(7) البيت من السريع، وهو للحارث بن دوس الإيادي في المعاني الكبير 2/ 895، 996، ولسان العرب (بقل) .
(8) الرجز لرؤبة في كتاب الصناعتين ص 291، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب (قرن) ، وتهذيب اللغة 9/ 90، وجمهرة اللغة ص 794، ومقاييس اللغة 5/ 76، والمخصص 10/ 179، وتاج العروس (قرن) ، وإصلاح المنطق ص 54.
(9) تقدم المثل مع تخريجه. [.....]

(1/308)


الترميد: نزول اللّبن في الضّرع.
وقولهم في الضأن: أي هي الأرباق لأولادها.
والأرباق: عرا تجعل في حبال وتدخل في أعناق الصغار لئلا تتبع الأمهات في المرعى، وهي الرّبق أيضا، واحدها ربقة. ومنه قيل: من فعل كذا وكذا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
وإنما أراد أن الضأن ترمّد، أي تنزل اللبن في ضروعها في وقت وضع الحمل.
والمعزى ترمّد في أول الحمل.
يقول: رنّق رنّق، أي انتظر، يقال: رنّق الطائر في الهواء: إذا دار في طيرانه ولم يجر ورنّقت السفينة: إذا دارت مكانها ولم تسر.
25- وقولهم: أفواهها مجاسّها «1» .
يريد: أنها إذا كانت كثيرة الأكل أغنتك بذلك عن أن تجسها فتعرف: كيف هي؟
لأن كثرة الأكل تدل على السّمن.
26- وقولهم: نجارها نارها «2» .
النار هاهنا: السّمة. ويقال لكل شيء وسم بالمكوى: نار.
قال الشاعر «3» :
حتى سقوا آبالهم بالنّار ... والنار قد تشفي من الأوار
الأوار: العطش. وسقيهم آبالهم النار تريد أنهم قدموها على هو اسمها في الشرب. فقدموا الأعزّ منها فالأعزّ أربابا.
والنّجار: الطبيعة والجوهر، فأراد أن سماتها تدلك على جواهرها.
تمّ كتاب مشكل القرآن وتفسير المشكل والأمثال التي فيه، بحمد الله ومنّه وحسن توفيقه، سلخ جمادى الأولى من شهور.
سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
__________
(1) تقدم المثل مع تخريجه.
(2) تقدم المثل مع تخريجه.
(3) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (أور) ، (نور) ، وشرح شواهد المغني 1/ 309، 316، ومغني اللبيب 1/ 103، وتاج العروس (نور) ، (ورى) ، ومقاييس اللغة 1/ 40، ومجمل اللغة 1/ 215، وتهذيب اللغة 15/ 231.

(1/309)