تحبير التيسير في القراءات العشر (بَاب ذكر الْمَدّ وَالْقصر)
اعْلَم أَن الْهمزَة إِذا كَانَت مَعَ حرف الْمَدّ واللين فِي
كلمة وَاحِدَة سَوَاء توسطت أَو تطرفت فَلَا خلاف [بَينهم] فِي
تَمْكِين حرف الْمَدّ زِيَادَة وَذَلِكَ نَحْو قَوْله
تَعَالَى: (_ أُولَئِكَ [وَشاء اللَّهِ] وَالْمَلَائِكَة ويضيء
وهاؤم اقْرَءُوا - 5) وَشبهه [فَإِذا] كَانَت الْهمزَة أول
كلمة وحرف الْمَدّ [آخر] كلمة أُخْرَى فَإِنَّهُم
يَخْتَلِفُونَ فِي زِيَادَة التَّمْكِين [لحروف] الْمَدّ
[هُنَا] ، فَابْن كثير وَأَبُو جَعْفَر وَيَعْقُوب وقالون
بِخِلَاف عَنهُ أَي
(1/207)
[من] قِرَاءَته على أبي الْفَتْح، وَأَبُو
شُعَيْب وَغَيره عَن اليزيدي يقصرون حرف الْمَدّ (فَلَا
[يزيدونه] تمكينا على مَا فِيهِ من الْمَدّ - 2) الَّذِي لَا
يُوصل إِلَيْهِ إِلَّا بِهِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله [تَعَالَى]
: (بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك وَفِي آيَاتنَا،
وَيَا أَيهَا النَّاس، وَهَؤُلَاء، وَقَالُوا آمنا) وَشبهه،
وَهَؤُلَاء أقصر مدا فِي الضَّرْب الأول الْمُتَّفق عَلَيْهِ،
وَالْبَاقُونَ يطولون حرف الْمَدّ فِي ذَلِك زِيَادَة، وأطولهم
مدا فِي الضربين جَمِيعًا ورش وَحَمْزَة ودونهما عَاصِم ودونه
ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ وَخلف ودونهم أَبُو عَمْرو من طَرِيق
أهل الْعرَاق، أَي الدوري، وَقَرَأَ بِهِ على الْفَارِسِي،
وقالون من طَرِيق أبي نشيط بِخِلَاف عَنهُ [قَرَأَ] [بِهِ على]
أبي الْحسن، وَهَذَا كُله على التَّقْرِيب من غير إفراط،
وَإِنَّمَا هُوَ على مِقْدَار مذاهبهم فِي التَّحْقِيق والحدر
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
(8) - قلت فَأن وَقع بعد حرف الْمَدّ سَاكن لَازم أَي فِي
الْحَالين، اتَّفقُوا على مده [مشبعا] نَحْو: (الضَّالّين
وأتحاجوني وألم ون وحم) قدرا وَاحِدًا وَإِن عرض [السّكُون]
للْوَقْف جَازَ لكل مِنْهُم الإشباع والتوسط وَالْقصر نَحْو
(الرَّحِيم وَالْكتاب ويؤمنون) (وَالله الْمُوفق - 8) .
(1/208)
(فصل)
وَإِذا أَتَت الْهمزَة قبل [حُرُوف] الْمَدّ سَوَاء كَانَت
مُحَققَة أَو ألْقى حركتها على سَاكن قبلهَا أَو أبدلت نَحْو
قَوْله تَعَالَى: (آدم وآزر وآمن وَلَقَد آتَيْنَا ولإيلاف
قُرَيْش إيلافهم وللإيمان ويستهزؤن وَمن أُوتى وَهَؤُلَاء
آلِهَة) وَشبهه فَإِن أهل الْأَدَاء / من مشيخة المصريين
الآخذين بِرِوَايَة أبي يَعْقُوب [عَن ورش] يزِيدُونَ فِي
تَمْكِين حرف الْمَدّ فِي ذَلِك زِيَادَة متوسطة على مِقْدَار
التَّحْقِيق قَرَأَ [بِهِ] على ابْن خاقَان وَأبي الْفَتْح،
واستثنوا من ذَلِك [قَوْله تَعَالَى] : (إِسْرَائِيل) حَيْثُ
وَقع فَلم يزِيدُوا فِي تَمْكِين الْيَاء فِيهِ، وَاتَّفَقُوا
على اسْتثِْنَاء [يُؤَاخذ كَيفَ] وَقع وَأَجْمعُوا على ترك
الزِّيَادَة إِذا سكن مَا قبل الْهمزَة وَكَانَ سَاكن غير حرف
مد ولين نَحْو: (مسئولا ومذءوما والقراءن والظمآن وَشبهه
وَكَذَلِكَ [إِن كَانَت] الْهمزَة مجتلبة للابتداء نَحْو:
(أؤتمن، ائْتِ بقرآن ائْذَنْ لي) وَشبهه، وَالْبَاقُونَ لَا
يزِيدُونَ [فِي] إشباع حرف الْمَدّ [بعْدهَا لكَونهَا عارضة
وَهَذَا الْمَذْهَب أَقْرَأَنِي الخاقاني وَأَبُو الْفَتْح فِي
رِوَايَة أبي يَعْقُوب عَن ورش وَالْبَاقُونَ لَا يزِيدُونَ
فِي إشباع] حرف الْمَدّ فِيمَا تقدم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
(1/209)
|